محاضرات النحو2- المحاضرة 2 - الكلام وما يتألف منه
الكلام وما يتألف منه
كلامنا لفظ مفيد: كاستقم *** واسم، وفعل، ثم، حرف - الكلم
واحده كلمة، والقول عم *** وكلمة بها كلام قد يؤم
الكلام المصطلح عليه عند النحاه عبارة عن " اللفظ المفيد فائدة يحسن السكعليها " فاللفظ: جنس يشمل الكلام، والكلمة، والكلم، ويشمل المهمل ك" ديز " والمستعمل ك" عمرو "، ومفيد: أخرج المهمل، و " فائدة يحسن السكوت عليها " أخرج الكلمة، وبعض الكلم وهو ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر ولم يحسن السكوت عليه - نحو: إن قام زيد. ولا يتركب الكلام إلا من اسمين، نحو " زيد قائم ".
أو من فعل واسم ك" قام زيد " وكقول المصنف " استقم " فإنه كلام مركب من فعل أمر وفاعل مستتر، والتقدير: استقم أنت، فاستغنى بالمثال عن أن يقول " فائدة يحسن السكوت عليها " فكأنه قال: " الكلام هو اللفظ المفيد فائدة كفائدة استقم ". وإنما قال المصنف " كلامنا " ليعلم أن التعريف إنما هو للكلام في اصطلاح النحويين، لا في اصطلاح اللغويين، وهو في اللغة: اسم لكل ما يتكلم به، مفيدا كان أو غير مفيد.
والكلم: اسم جنس واحده كلمة، وهي: إما اسم، وإما فعل، وإما حرف، لانها إن دلت على معنى في نفسها غير مقترنة بزمان فهي الاسم، وإن اقترنت بزمان فهي الفعل، وإن لم تدل على معنى في نفسها بل في غيرها - فهي الحرف. والكلم: ما تركب من ثلاث كلمات فأكثر، كقولك: إن قام زيد. والكلمة: هي اللفظ الموضوع لمعنى مفرد، فقولنا " الموضوع لمعنى " أخرج المهمل كديز، وقولنا " مفرد " أخرج الكلام، فإنه موضوع لمعنى غير مفرد.
ثم ذكر المصنف رحمه الله تعالى! أن القول يعم الجميع، والمراد أنه يقعلى الكلام أنه قول، ويقع أيضا على الكلم والكلمة أنه قول، وزعم بعضهم أن الاصل استعماله في المفرد. ثم ذكر المصنف أن الكلمة قد يقصد بها الكلام، كقولهم في " لا إله إلا الله ": " كلمة الاخلاص ". وقد يجتمع الكلام والكلم في الصدق، وقد ينفرد أحدهما. فمثال اجتماعهما " قد قام زيد " فإنه كلام، لافادته معنى يحسن السكوت عليه، وكلم، لانه مركب من ثلاث كلمات. ومثال انفراد الكلم " إن قام زيد ". ومثال انفراد الكلام " زيد قائم ". ***بالجر والتنوين والندا، وأل ومسند للاسم تمييز حصل ذكر - المصنف رحمه الله تعالى! - في هذا البيت علامات الاسم.
فمنها الجر، وهو يشمل الجر بالحرف والاضافة والتبعية، نحو " مررت بغلام زيد الفاضل " فالغلام: مجرور بالحرف، وزيد: مجرور بالاضافة، والفاضل: مجرور بالتبعية، وهو أشمل من قول غيره " بحرف الجر "، لان هذا لا يتناول الجر بالاضافة، ولا الجر بالتبعية. ومنها التنوين، وهو على أربعة أقسام: تنوين التمكين، وهو اللاحق للاسماء المعربة، كزيد، ورجل، إلا جمع المؤنث السالم، نحو " مسلمات " وإلا نحو " جوار، وغواش " وسيأتي حكمهما. وتنوين التنكير، وهو اللاحق للاسماء المبنية فرقا بين معرفتها ونكرتها، نحو " مررت بسيبويه وبسيبويه آخر ". وتنوين المقابلة، وهو اللاحق لجمع الآمؤنث السالم، نحو " مسلمات " فإنه في مقابلة النون في جمع المذكر السالم كمسلمين. وتنوين العوض، وهو على ثلاثة أقسام: عوض عن جملة، وهو الذي يلحق " إذ " عوضا عن جملة تكون بعدها، كقوله تعالى: ( وأنتم حينئذ تنظرون ) أي: حين إذ بلغت الروح الحلقوم، فحذف " بلغت الروح الحلقوم " وأتى بالتنوين عوضا عنه، وقسم يكون عوضا عن اسم، وهو اللاحق ل" كل " عوضا عما تضاف إليه، نحو " كل قائم " أي: " كل إنسان قائم " فحذف " إنسان " وأتى بالتنوين عوضا عنه ( وقسم يكون عوضا عن حرف، وهو اللاحق ل" جوار، وغواش " ونحوهما رفعا وجرا، نحو " هؤلاء جوار، ومررت بجوار " فحذفت الياء وأتى بالتنوين عوضا عنها. وتنوين الترنم، وهو الذي يلحق القوافي المطلقة بحرف علة، كقوله:
1 - أقلي اللوم - عاذل - والعتابن *** وقولي - إن أصبت -: لقد أصابن
فجئ بالتنوين بدلا من الالف لاجل الترنم، وكقوله:
2 - أزف الترحل غير أن ركابنا *** لما تزل برحالنا وكأن قدن
والتنوين الغالي - وأثبته الاخفش - وهو الذي يلحق القوافي المقيدة، كقوله:
3- * وقاتم الاعماق خاوي المخترقن *
وظاهر كلام المصنف أن التنوين كله من خواص الاسم، وليس كذلك، بل الذي يختص به الاسم إنما هو تنوين التمكين، والتنكير، والمقابلة، والعوض، وأما تنوين الترنم والغالي فيكونان في الاسم والفعل والحرف. ومن خواص الاسم النداء، نحو " يا زيد "، والالف واللام، نحو " الرجل " والاسناد إليه، نحو " زيد قائم ". فمعنى البيت: حصل للاسم تمييز عن الفعل والحرف: بالجر، والتنوين، والنداء، والالف واللام، والاسناد إليه: أي الاخبار عنه. واستعمل المصنف " أل " مكان الالف واللام، وقد وقع ذلك في عبارة بعض المتقدمين وهو الخليل واستعمل المصنف " مسند " مكان " الاسناد له
***