محاضرات العقائد2 - المحاضرة 28 - حقيقة الروح
حقيقة الروح:
الإنسان من الناحية الجسدية له سعة واستيعاب معين.
لكن الروح حيث لا يمكن تقطيعها بالمبضع والتشريح. لا يمكن وزنها ولا يمكن القبض عليها ولا حصرها ولكن من الممكن أن يحملها الشخص آلاف وملايين الأشياء ومع ذلك توجد فيها قدرة على الاستيعاب.
هذا العنصر الذي لا يخضع لمقياس ولا يقسم، والأهم من ذلك أن في انقسام الخلايا تبقى الروح محافظة على وحدتها. فالخلايا تنقسم وتتكاثر والانشطار يحصل ولكن يبقى الروح عنصر معين لا ينشطر ولا ينقسم. يبقى هو بنفسه.
الروح تبقى لغزاً لا يحل، سواء عند الماديين أو عند الفلاسفة الإلهيين.
النوع الثاني: من وجود الإنسان، ليس جزء من أجزاء البدن، لا يمكن قياسه بالأدوات والوسائل المادية ولا يمكن أن يدرك بالحواس الظاهرية هذا الأمر جعل البحث محتدماً بين الفلاسفة الماديين والفلاسفة الإلهيين في أن هل الروح تجلياتها ونشاطاتها من قبيل الإرادة والتصميم والإدراك والفكر والإيمان مستقلة عن المادة ومجرد عنها، بحيث لا تملك طولاً ولا عرضاً، لا زماناً ولا مكاناً ولا تزول بزوال الجسد. ويبقى هذا العنصر هو الذي يحمل صفة الخلود.
هل هذا الذي يراه الفلاسفة الإلهيون صحيحاً أم العكس، وهو ما يراه الفلاسفة الماديون من أن هذه الحقائق مادية جميعاً وتابعة لصحة البدن وسقمه، وهذه الروح تبقى مع الجسد ومرتبطة بخصائص الجسد.
قد أثبت علم التشريح أن الخلايا على أقوى ما تكون من التعويض حينما يكون الإنسان بين الخامسة والعشرين أو السادسة والعشرين سنة تقريباً. دائماً الخلايا تتجدد الخلايا السابقة تندثر وتزول والجسد يتبدل. ولكن مع ذلك تبقى (الأنا) واحدة ثابتة. إذن الروح لا تخضع للمادة.
- هناك نظريات حول أصل الروح. وهي كالتالي:
النظرية الأول: الروح روحانية الحدوث والبقاء.
النظرية الثانية: الروح مادية الحدوث والبقاء.
النظرية الثالثة: الروح مادية الحدوث، روحانية البقاء.
النظرية الرابعة: الروح روحانية الحدوث، مادية البقاء.
هناك روايات وأدلة سمعية كثيرة تؤيد النظرية الأولى. وكذلك الفلاسفة اليونانيون، أفلاطون ومن تبعه، والفلاسفة الإسلاميون ابن سينا، يؤيدون هذه النظرية، إن الروح عنصر غير مادي منذ البداية وسيبقى عنصراً غير مادي حتى النهاية.
النظرية الثانية: هي نظرية الماديين الذين ينكرون وجود كل شيء مجرد.
النظرية الثالثة: التي ابتدأها لأول مرة صدر المتألهين الشيرازي وبعده السبزواري وأتباع مدرسته مثل العلامة الطباطبائي والشهيد مرتضى مطهري والشيخ جوادي آملي وآخرون، لعلهم يميلون إلى هذه النظرية وهي أن بداية الروح كان في تكونها جانب مادي، يعني لم تهبط من عالم أعلى وإنما لحظة حدوث النطفة، فهذا التكون تكون مادي ولكنه تدريجياً نجد أن الإشراقات الروحية أو النفسية تظهر.
النظرية الرابعة: هي أن الروح في بدايتها وبداية تكونها غير مادية لكن في بقائها تخضع لعوامل المادة. يعني أنها عن طريق التناسخ تحل في الأجساد المختلفة.
هناك نظرية تقول انه لا شيء من هذا العالم المادي ومن عالم الجسم بثابت وإنما هو في حالة حركة وتغير مستمر. والتفسير الفلسفي للحركة هو أن الحركة خروج تدريجي من القوة إلى الفعل. والإيمان بهذا التحول والتحرك موجود في طبيعة كل إنسان. وان الحركة قانون عام شامل. وأنها تسيطر على كل مقولة في هذا الكون، إذن هذا العالم الطبيعي كله محكوم بقانون التحول والتغير. وهذا التغير والتحول لا ينطبق على الإدراكات الذهنية والفكر. لأنه لو كان الفكر كالمادة خاضعاً للتحول والتبدل فلا يمكن أن يكون عندنا أي شيء اسمه علم المنطق. لأن ما أردنا أن نثبت به الفكر الصحيح قد تغير وتحول وتبدل وصار شيئاً آخر.
إذن نؤمن بأن قانون الحركة العام في الكون لا ينطبق على الإدراكات الفكرية والفهم.
فمن تغير المخ والخلايا العصبية وكونها متجددة ومن ثبات المدركات الفكرية، نكتشف أن هناك عنصرين مختلفين. عنصر مادي وعنصر غير مادي.