محاضرات العقائد2 - المحاضرة 21 - الإمامة
- الإمامة:
حديث المنزلة قطعي السند والدلالة:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى..
أو: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي.
المنزلة مذكورة في كلا الحديثين: والمسالة تتعلّق بمواطن عديدة منها غزوة تبوك حيث خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقتال المشركين وترك علياً (عليه السلام) مع النساء والصبيان.
المنافقون لما اطلعوا على خروج (صلى الله عليه وآله وسلم) وتخلّف عليٌّ (عليه السلام) في المدينة المنورة، بدأوا يشيعون الدعايات الفارغة، وأن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يسمح لعلي (عليه السلام) بالاشتراك في هذه الغزوة أو في هذه الحرب المقدسة. وانتشر هذا الخبر وغطّى كلَّ المدينة المنورة إلى درجة أنه صار كل شخصين يتقابلان أو يتحادثان، يسأل أحدهما الآخر عن هذا الخبر، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غادر المدينة وترك عليّاً (عليه السلام) مع النساء والصبيان في المدينة المنورة..
هذا الجو حدث شيئاً من الجرح لعواطف علي (عليه السلام) ولذلك دمعت عيناه وقابل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه العبارة لدفع الاتهامات المغرضة قال: أتخلّفني مع النساء والصبيان.
فجاء جواب الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): يا علي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى، إلاّ أنه لا نبي بعدي، (عبارات مهمة جداً في بيان أن القائد والخليفة هو الإمام علي (عليه السلام)) لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي.
هذا المضمون روي عن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بشكل متواتر. ذكره المحدّث السيد هاشم البحراني في كتابه غاية المرام وحجّة الخصام، الصفحة 109-126. ذكره حديث المنزلة بمأة سند من المصادر مختلفة، والسيد عبد الحسين شرف الدين بحث في هذا الحديث في كتابه المراجعات.
ونركّز على جملة إلا أنه لا نبي بعدي.. لماذا ذكر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه الجملة؟.
لأن كل المناصب والمزايا التي كانت لهارون (عليه السلام) موجودة لعلي (عليه السلام) إلا مسألة النبوة.
فالمناصب التي كانت لهارون (عليه السلام) عبارة عن:
- أولاً: الوزارة. ويدل عليه قوله تعالى على لسان موسى (عليه السلام): (واجعل لي وزيراً من أهل هارون أخي) طه: 29.
انظر إحقاق الحق مع مطالعة التعليقات للسيد المرعشي النجفي ج5 ص133 إلى 233.
- ثانياً: الرسالة. ويدل عليه قوله تعالى على لسان موسى (عليه السلام): (وأشركه في أمري) طه:32. الأمر هو أمر الرسالة والتبليغ.
- ثالثاً: الدعم والتأييد: (اشدد به أزري) طه: 31.
وجاء الجواب من الله تبارك وتعالى: (وقد أوتيت سؤلك يا موسى) طه 36.
- رابعاً: الخلافة حين يقول موسى لهارون:
(وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي واصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) الأعراف 142.
إذن هذه المناصب كلها باستثناء النبوة موجودة لعلي (عليه السلام) فيكون وزيراً ويكون خليفة. ويكون أخاً ودعماً وتأييداً لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
وبالفعل، قام الإسلام على أموال خديجة وسيف علي (عليه السلام). فحديث المنزلة من ناحية السند متواتر قطعي الصدور.
ومن ناحية الدلالة: التأكيد على خلافة علي (عليه السلام). والحديث نص في مقام الخلافة والولاية والإمامة لعلي (عليه السلام).
هناك مقامات ثلاث لعلي (عليه السلام) كان كل مسلم وكل صحابي يريد ويتمنى أن يكون له شرف واحدة منها.
وتلك المقامات عبارة عن:
1- قول الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لعلي (عليه السلام): يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسى.
2- حينما قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): لأعطين الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله، كرار غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه.
وفي تلك الليلة صار الجميع يتوقعون هذا الفخر العظيم. ولم يحتمل أحد منهم أن علياً (عليه السلام) سيفوز بهذا الوسام. لأن علياً (عليه السلام) كان مريضاَ كان أرمد العين، وعندما أصبح الصباح، قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): علي بعلي. قالوا: إنه يشتكي عينيه، قال (صلى الله عليه وآله وسلم): علي به، فاخذ شيئاً من ماء فمه الطاهر ووضعه على عينّي علي فبرئتا. ثم سلم الراية بيده وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) اذهب يفتح الله على يديك.
3- إنّ عليّاً (عليه السلام) كان بمنزلة نفس النبي: (أنفسنا وأنفسكم) آل عمران:61.