محاضرات العقائد2 - المحاضرة 16 - قصة البراءة
قصة البراءة:
قصة البراءة قصة معروفة في التاريخ الإسلامي.
المسجد الحرام لم يكن بيتاً لعبادة المسلمين فقط وإنما كان المشركون يعيثون في المسجد الحرام وأطراف الكعبة الفساد. وكان يحلو لهم أن يفعلوا ما يريدون من دون وجود ضوابط تمنعهم وتردعهم عن ذلك.
بهذه المناسبة كان الموقف الحاسم من قبل الله تبارك وتعالى تجاه المشركين والبراءة القطعية من أعمالهم حتى ينتهي ذلك الموقف اللامسؤول منهم. لذلك بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) آيات البراءة لتتلى على المشركين بيد أبي بكر. وما كان أبو بكر في منتصف الطريق، إلا وجاءت تعليمات جديدة وهذه التعليمات الجديدة تقضي بان يتولى علي (عليه السلام) تبليغ هذه البراءة للمشركين وليس أبو بكر.
ونجد في نصوص عديدة أن التأكيد كان من قبل الله تبارك وتعالى لرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) انه لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك.ط
يروي السيوطي في الدر المنثور ج3 ص209، عن علي (عليه السلام) يقول:
لما نزلت عشر آيات من سورة براءة على النبي دعا أبا بكر ليقرأها على أهل مكة. ثم دعاني فقال لي: أدرك أبا بكر وحيثما لقيته فخذ الكتاب منه.
ورجع أبو بكر فقال يا رسول الله، نزل في شيء؟ قال لا ولكن جبرائيل جاءني فقال: لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك.
قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) التوبة 119.
يذكر الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج1 ص260، بسنده عن ابن عباس: إن هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) من هم الصادقون؟ قال هم علي وأصحاب علي.
وكذلك يروي الخوارزمي في المناقب الفصل 17، ص198، بإسناده عن ابن عباس في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) يقول هو علي بن أبي طالب خاصة.
نركز على (كونوا) خطاب من الله تبارك وتعالى للذين آمنوا. فهذا أمر من الله تبارك وتعالى بالتزام التقوى. والآية صريحة بالأمر، أمراً للعباد بأن يكونوا مع الصادقين وأن يقتدوا بهم.
والصادق هو الذي يصدق في أقواله وأفعاله ولا يكذب أبداً. ومن كان كذلك فهو المعصوم.
من هنا نجد كيف يقترن اعتقاد الإمامية بأن العصمة شرط أساسي في الإمام.
قوله تعالى: (أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه) هود 17.
الآية تحتوي على ما يلي:
- 1- تبين الآية الذي يكون على بينة من ربه ولا يخفى عليه شيء من أوامر الله تبارك وتعالى. ولا يخفى عليه شيء من الشريعة ومن حقائق الغيب والشهادة وهو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
- 2- ويتلوه الذي يتلو هو الذي يأتي بعد الشيء مباشرة بلا فاصل.
- 3- شاهد منه... منه حيث تقترن بـ لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك، إذن علي (عليه السلام) من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو شاهد منه.
يروي الطبري في تفسيره ج12 ص15، بإسناده عن جابر عن عبد الله بن يحيى والآيتان فقال رجل، فأنت أي شيء نزل فيك، قال علي (عليه السلام): أما تقرأ الآية التي نزلت في هودن ويتلوه شاهد منه.
ويروي الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج1، ص280، رواية بإسناده عن أنس بن مالك قال في قوله عز وجل، أفمن كان على بينه من ربه، قال هو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم). ويتلوه شاهد منه، قال هو علي بن أبي طالب. كان والله لسان رسول الله إلى أهل مكة في نقض عهدهم مع رسول الله. إذن من يستحق أن يكون لساناً معبراً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعتمد عليه بدلاً من غيره يكون شاهداً منه.
قوله تعالى: (إنما أنت منذر ولكل فقوم هاد) الرعد:7.
يروي الحاكم النيسابوري في المستدرك على الصحيحين ج3،ص329.
عن علي (عليه السلام) قوله تعالى إنما أنت منذر ولكل قوم هاد، قال علي: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) المنذر وأنا الهادي.
ويعلق النيسابوري على هذا الحديث بقوله: هذا حديث صحيح الإسناد.
الطبري في تفسيره يذكر الحديث ومحتواه بإسناده عن ابن عباس، يقول: لما نزلت (إنما أنت منذر ولكل قوم هاد)، وضع (صلى الله عليه وآله وسلم) يده على صدره فقال أنا المنذر ولكل قوم هاد، وأومأ بيده إلى منكب علي فقال: أنت الهادي، يا علي بك يهتدي المهتدون بعدي، (يرويه الطبري في ج13 ص108).
قوله تعالى: (وانذر عشيرتك الأقربين) الشعراء: 214.
يقول الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل ج1، ص420، بإسناده عن البراء بن عازب يقول، لما نزلت وانذر عشيرتك الأقربين جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بني عبد المطلب وهم يومئذٍ أربعون رجلاً. الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس، فأمر علياً برجل شاه، ثم قال، ادنو بسم الله، فدنى القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة ثم قال لهم اشربوا بسم الله، فشرب القوم حتى رووا.
فبدرهم أبو لهب فقال هذا ما أسحركم به الرجل. فسكت النبي يومئذٍ فلم يتكلم. ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب.
ثم أنذرهم رسول الله فقال: يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله عز وجل والبشير لما يجيء به أحدكم. جئتكم بالدنيا والآخرة (وفي بعض النصوص جئتكم بخير الدنيا والآخرة) فأسلموا وأطيعوا تهتدوا من يؤاخيني منكم ويوازرني ويكون وليي ووصيي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني، فسكت القوم وأعاد ذلك ثلاثاً كل ذلك يسكت القوم ويقوم علي فيقول أنا. ففي المرة الثالثة يقول له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنت. فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب (عليه السلام)، أطع ابنك فقد أمره عليك.