محاضرات فقه المجتمع - المحاضرة 36 - مسائل وتفريعات
مسائل وتفريعات
وهنا مسائل:
المسألة الأولى: للعامة في أسلوب الإرث طرق وطريقهم في التوريث أنهم يقسمون الورثة أولاً إلى قسمين الرجال والنساء.
فالوارث من الرجال عندهم عشرة الأب وأبوه وإن علا، والابن وابن الابن وإن نزل والأخ وابن الأخ لا من الأم والعم لا من الأم وابنه والزوج والمعتق ولا يرث عندهم غير هؤلاء من الرجال فلا يرث ابن البنت وابن الأم وابن الأخت وابن الأخ من الأم والخال وابن الخالة والعم من الأم.
ومن النساء سبعة: الأم وبنت الابن وإن نزلت والجدة والأخت والمعتقة ولا يرث عندهم غيرهن من النساء فلا ترث بنت ولا بنت أخ وبنت أخت وبنت عم وعمة خالة إلى غير ذلك.
وقد جمع صاحب المستند وبين هذه الطرق وهي لا تخفى على من راجع كتبهم أيضاً وبذلك يتبين أنهم لا يعطون الإرث لجماعة من الأقرباء مع أنهم داخلون في مضمون آية أولي الأرحام وغيرها كما أنهم إذا زادت عن أصحاب الفروض أعطوا الزائد للعصبة لا أنهم يرجعون الزائد إلى من ورث كما يفعله الشيعة حيث يردون المال الزائد إلى من أعطوه أولاً على تفصيل تجده في الكتب المفصلة من الفقه.
- لا ترد الزيادة على طوائف:
المسألة الثانية: لا ترد الزيادة على طوائف من أصحاب الفروض والسهام.
الأولى: الزوجة فتأخذ فرضها ويرد الباقي على غيرها من الطبقات حتى الإمام عليه السلام إجماعاً ونصوصاً مستفيضة ففي صحيح بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) (في رجل مات وترك امرأة؟ قال لها الربع ويرفع الباقي إلينا). بناءً على عدم وجود طبقات الإرث كما لا يخفى وألا يكون الميراث لسائر الطبقات الأخرى.
الثانية: الزوج يعطى نصيبه ويرد الباقي على غيره أيضاً للإجماع والنصوص المستفيضة ففي معتبرة أبي بصير (قال قرأ عليّ أبو عبد الله (عليه السلام) فرائض علي (عليه السلام) فإذا فيها الزوج يحوز المال إذا لم يكن غيره).
وغيره أيضاً عن أبي جعفر (عليه السلام) (في امرأة توفيت وتركت زوجها قال المال كله للزوج) يعني إذا لم يكن لها وارث غيره إلى غير ذلك من الروايات فبناءً على هذا يعطى الزوج نصيبه ويرد الباقي على غيره إلا مع انحصار الوارث بالزوج فحينئذٍ يرد الباقي إليه مضافاً إلى نصيبه ولا يرد شيء إلى الإمام (عليه السلام) وذلك لصحيح أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) (في امرأة ماتت وتركت زوجها لا وارث لها غيره قال إذا لم يكن غيره فله المال والمرأة لها الربع وما بقي فللإمام) إلى غير ذلك من الروايات مضافاً إلى الإجماع.
الثالث: الأم مع وجود الحاجب فيعطى السدس لها ويرد الباقي على الأب كما تقدم في بحث الحجب فيرد الزائد على الأب دون الأم والأخوة من الأم لما مرّ في الثالث من حجب النقصان ولا يعطى للأخوة شيء سوى أن وجودهم مانع من توفير نصيب الأم الأعلى كما هو واضح.
الرابعة: الأخوة من الأم فقط مع وجود واحد من الأجداد من قبل الأب فيرد الزائد على الأب دون الأخوة من الأم وذلك لصحيح عبد الله بن سنان (قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) رجل ترك أخاه لأمه ولم يترك وارثاً له قال المال له قلت فإن كان للأخ مع الأم جد قال يعطى الأخ للأم السدس ويعطى الجد الباقي قلت فإن كان الأخ لأب وجد قال المال بينهما سواء).
ولا يخفى أن المراد من الجد هنا الجد من قبل الأب بقرينة الإجماع ولما يأتي في ميراث الأنساب إن شاء الله.
الخامسة: أحد الأخوة من الأبوين أو الأب فقط مع الأخوة من الأم فقط فلا يرد الزائد على الأخوة من الأم وإنما يعطى لهم نصيبهم المفروض لما تقدم من أن نصيب الواحد منهم السدس بالأدلة الثلاثة على ما مرّ فيرد عليهم نصيبهم والباقي للأخوة من قبل الأب أو الأبوين للذكر مثل حظ الأنثيين.
- ميراث العامة بحسب العول والتعصيب:
المسألة الثالثة: يجوز أخذ الميراث بالتعصيب أو بالعول لو حكم بهما العامة لقول أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في معتبرة محمد بن مسلم (تجوز على كل ذوي دين ما يستحلون) وفي رواية عبد الله بن محرز (قال قالت لأبي عبد الله (عليه السلام) رجل ترك ابنته وأخته لأبيه وأمه فقال المال كله لابنته وليس للأخت من الأب والأم شيء قلت فأنا قد احتجنا إلى هذا والميت رجل من هؤلاء الناس وأخته مؤمنة عارفة قال فخذ لها النصف خذوا منهم كما يأخذون منكم في سنتهم وقضاياهم قال ابن أذينة فذكرت ذلك لزرارة فقال أن على ما جاء به ابن محرز لنوراً ).
مضافاً إلى ذلك يدل عليه قاعدة الإلزام التي مفادها (الزموهم بما الزموا به أنفسهم) وأخذ الميراث بالعول يتحقق من فساد القسمة فإن سهم الزوج مثلاً على مذهبهم أخذ من مجموع السهام وإن كان سهمه أيضاً ناقص إلا أنه وقع من مال الغير حسب مذهبنا في يده ومن ذلك يعرف إذا ما يكون الميت سنياً أو شيعياً ولكل أربع صور لأن الأخ والبنت مثلاً أما شيعيان أو سنيان أو بالاختلاف ، بأن يكون الأخ شيعياً والبنت سنية أو بالعكس وقد ظهر من ذلك حال ما إذا كان الميت كافراً وكان في مذهبنا لا يرث هذا القريب وكان في مذهبهم يرث فإنه يحق له أخذ ما يعطونه بل له الترافع به كما إذا كان دينهم يعطي الجار أو الذي تزوج بها ولو بعد طلاقها وانقضاء عدتها أو ما أشبه ذلك مما يدور بحثه فهي التعصيب والكلام فيه طويل جداً ذكره الفقهاء في الكتب المفصلة.
- إذا اجتمع وارث بالفرض مع الوارث بالقرابة:
المسألة الرابعة: إذا اجتمع الوارث بالفرض مع الوارث بالقرابة كما مرّ من العمومات الدالة على ذلك مثل قوله تعالى: (و أولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) فلو اجتمع الأبوان مع الأولاد الذكور والإناث ـ مثلاً ـ نصيب الأبوين وهو الثلثان والباقي للأولاد بالقرابة يقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين وكذا لو كان الوارث الأبوين فللأم السدس مع وجود الحاجب والثلث مع عدم وجود الحاجب فرضاً والباقي للأب قرابة ولو اجتمعت الأخت أو الأخوات من الأبوين مع الأجداد من قبل الأم فالفرض للأخت أو الأخوات والباقي للأجداد وهكذا.
- الإرث بالقرابة يختص بجماعة:
المسألة الخامسة: الإرث بالقرابة يختص بجماعة وهم الذكور من الأولاد وكذا الإناث مع وجود الذكور وكذا الأب إن لم يكن للميت ولد أو الجدود للأب مطلقاً والأخوة من الأبوين أو الأب بشرط وجود ذكور فيهم وكذا جميع الأصناف من الطبقة الثالثة من العمومة والخؤولة وأولادهم لعدم ذكر نصيب لهم في الكتاب والسنة كما تقدم فيكون إرثهم بالقرابة للآية المباركة والسنة المستفيضة والإجماع.
نعم الجد الأمي ورد له نصيب وهو الثلث نصاً وإجماعاً واحداً كان الجد أو متعدداً.
المبحث الرابع: في ميراث الأنساب:
هو جمع نسب ويقابله الميراث بسبب الزوجية كما ستعرفه.
- مراتب الأنساب:
والأنساب ثلاث مراتب حسب التقسيم العقلي إذ لا رابع في البين:
المرتبة الأولى: الأبوان والأولاد وإن نزلوا فإنه لا يتقدمهم أحد من الأرحام كتاباً وسنة وإجماعاً قال تعالى: ((يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ ِمنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ)).
وفي رواية يونس بن عمار (قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) أن زرارة قد روى عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه لا يرث مع الأم والأب والابن والبنت أحد من الناس شيئاً إلى زوج أو زوجة فقال أبو عبد الله (عليه السلام) أما ما روى زرارة فعن أبي جعفر (عليه السلام) فلا يجوز أن ترده وأما في الكتاب في سورة النساء فإن الله عز وجل يقول (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين).
ولا يخفى أن التقييد بالأبوين بحسب الواسطة لخروج الجد فإن إرث الجد في المرتبة الثانية لما مر من أن القاعدة (أن الأقرب يمنع الأبعد) ولا فرق في الأولاد أن يكونوا بلا واسطة أو مع الواسطة كولد الولد وإن نزل الأقرب إلى الميت.
المرتبة الثانية: الأخوة وأولادهم ويعبر عنهم بالكلالة المأخوذة من الاكليل وهو شبه عصابة مزينة بالجوهر ذلك لأن الوارث يحيطون به من جوانبه كإحاطة الاكليل بالرأس ولعله مأخوذ من الكل وهو الثقل وكيف كان فهم الوارثون الذين ليس فيهم ولد ولا والد فيطلق على الميت وعلى الوارث بهذا الشرط ولا فرق في الأخوة والأخوات أن يكونوا لأب أو لأم أو لهما كما أن الأجداد مطلقاً أيضاً في هذه المرتبة لما تقدم من أنها تشمل الجد والجدة والعالي منهما أو غيره بلا فرق بينهما أبداً.
وعليه فلا يرث واحد منهم مع وجود واحد من الطبقة السابقة لما تقدم من قاعدة (الأقرب يمنع الأبعد) المستندة إلى الآية الشريفة ((وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ)) وغيرها مضافاً إلى السنة فلا يرث أخ من المرتبة الثانية مع أحد من الأبوين والأولاد الوارثين ومع فقد المرتبة الأولى يرثون ولا يتقدم عليهم أحد من غيرهم فإذا فقد الأبوان والأولاد وأولادهم يكون الإرث للأخوة والأخوات فلا يرث معهم غير الجدود والزوجين الذي يرثان مع كل طبقة كما ستعرف.
- الأعمام والأخوال:
المرتبة الثالثة: الأعمام والأخوال ولا يرث أحد منهم مع وجود أحد من الطبقة السابقة لما عرفته مكرراً وهم يرثون بالرحم وبالقرابة فيدخلون في الآية الشريفة ((وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ)).
والظاهر أنه لم يرد نص في الكتاب بخصوصهم ولهذا كان إرثهم بعد فقد الأخوة وأولادهم والأجداد فصاعداً.
مسائل المرتبة الأولى:
وكيف كان فإن لكل مرتبة من المراتب مسائل:
أما المسائل المتفرعة على المرتبة الأولى فهي كما يلي:
- لو انفرد الأب:
المسألة الأولى: لو انفرد الأب فالمال له قرابة لقوله تعالى: ((وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ)) هذا إذا لم يشاركه أحد الزوجين وإلا يكون لكل منهما نصيبه والباقي يكون للأب فإن الزوجين يشاركان الأولاد والأبوين وكذا الأم لها الثلث فرضاً في صورة الانفراد والباقي يرد عليها لما تقدم من أن الثلث لها بالفرض والباقي بالقرابة إن لم يشاركها الزوج أو الزوجة كما مرّ في الأب خلافاً للعامة فإنهم ردوا الباقي إلى العصبة، فلو اجتمعا فللأم الثلث فرضاً والباقي للأب نصوصاً مستفيضة في صورة عدم حجب الأم فنصيب الأم بالفرض دون الأب في صورة الاجتماع كما لو كان للميت أخوة حاجبون مع حياة الأب ففي معتبرة أبان بن تغلب (في رجل مات وترك أبوين قال للأم الثلث وما بقي فللأب).
وعنه (عليه السلام) أيضاً (هي من ثلاثة أسهم للأم سهم وللأب سهمان).
إلى غير ذلك من الروايات وإلا فإنه على صورة وجود الحاجب يكون للأم السدس والباقي يكون للأب نصاً وإجماعاً فعن الصادق (عليه السلام) (فإن كان له أخوة - أي الميت - فلأمه السدس وللأب خمسة أسداس ولا يرث الأخوة شيئاً وإن حجبوا الأم عن الأكثر) وذلك لما بيناه من تأخر طبقة الأخوة فلا شأن لهم في المقام إلا الحجب أي تنزيل حصة الأم من الثلث إلى السدس مع الشروط التي بيناها سابقاً.
- لو انفرد الابن أو البنت:
المسألة الثانية: لو انفرد الابن فالمال له بالقرابة ولو كان أكثر من واحد فهم سواء ولو انفردت البنت فلها النصف فرضاً والباقي يرد عليها وكذا لو كانت بنتان فصاعداً فلهن الثلثان والباقي يرد عليهن وإذا اجتمع الذكور والإناث فالمال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين.
- إذا اجتمع الأولاد مع أحد الأبوين:
المسألة الثالثة: إذا اجتمع الأولاد مع أحد الأبوين فلكل واحد من الأبوين السدس للآية الشريفة والباقي للأولاد بالسوية إن كانوا ذكوراً وكذا لو كان ذكراً واحداً وأما لو كان الولد بنتاً واحدة فلها النصف فرضاً ولأحد الأبوين السدس كذلك للأدلة التي تقدمت مكرراً الباقي يرد على البنت أرباعاً لقول الصادق (عليه السلام) في رواية سلمة بن محرز (في بنت وأب قال للبنت النصف وللأب السدس وبقيت أخماس فما أصاب ثلاثة أسهم منها فللبنت وما أصاب سهماً فللأب) والفريضة أربعة أسهم ثلاثة أرباع وللأب الربع والتركة تقسم أسداساً ثلاثة أسداس للبنت وواحد منها للأب والزائد يقسم أيضاً على أربعة ثلاثة منها للبنت وواحد للأب ولا شيء للعصبة عندنا. ولو كن بنتين فصاعداً يرد عليهن الثلثان كما يرد على أحد الأبوين السدس فرضاً ويرد الثلث الفاضل عليهم جميعاً أخماساً على نسبة السهام فأربعة منها للبنتين أو البنات وواحد منها لأحد الأبوين فلو فرضنا أن الفريضة ثلاثون فعشرون للبنات بالفرض وأربعة بالرد ولأحد الأبوين خمسة بالفرض وواحد بالرد وهكذا.
- لو اجتمع الأولاد مع الأبوين مع عدم الحاجب:
المسألة الرابعة: لو اجتمع الأولاد مع الأبوين ولم يكن للأم حاجب من الأخوة وكان الولد بنتاً واحدة فالفريضة خمسة ، ثلاثة أخماس للبنت وخمسين للأبوين مناصفة فرضاً وإن كان للأم حاجب فالسدس لها فرضاً والبقية تقسم بين الأب والبنت أرباعاً ردّاً لأن الأم نصيبها السدس لوجود الحاجب فيقسم الزائد حسب السهام ولا عصبة عندنا فإن سهم البنت ثلاثة أخماس الثلاثين وهي خمسة عشر وللأبوين الثلث أي للأم السدس وهو خمسة وكذا الأب فيبقى سدس يقسم بين الأب والبنت أرباعاً ثلاثة منها للبنت وواحد للأب ولا شيء للعصبة وإن كان الأولاد إناثاً فقط فالثلثان للأبوين والبقية لهم تقسم بينهن بالتساوي وكذا لو كان الأولاد ذكوراً فقط أو كان ذكراً واحداً فيأخذ الأبوان الثلث لكل منهما السدس والباقي للأولاد ولو اختلفوا ذكوراً وإناثاً فللذكر ضعف الأنثى.
- لو اجتمع الأب مع أحد الزوجين:
المسألة الخامسة: لو اجتمع الأب واحد الزوجين فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى وقد مر أن النصيب الأعلى للزوج هو النصف لفرض عدم الولد والنصيب الأعلى للزوجة هو الربع إن لم يكن للزوج ولد كما هو المفروض وعليه فإن الزوج يأخذ نصيبه الأعلى والباقي يكون للأب قرابة ولو اجتمعت الأم مع أحدهما يكون الباقي لها فرضاً وردّاً لأن لها الثلث فرضاً والباقي لها بالقرابة إن لم يكن لها حاجب ولو اجتمع الأبوان واحد الزوجين فلأحد الزوجين نصيبه الأعلى وللأم الثلث من التركة مع عدم الحاجب وإلا فلها السدس والباقي يكون للأب.
- إذا اجتمع الأولاد مع أحد الزوجين:
المسألة السادسة: إذا اجتمع الأولاد مع أحد الزوجين فلأحدهما نصيبه الأدنى كالربع أو الثمن والباقي للأولاد للذكر ضعف الأنثى إن كانوا مختلفين وإلا فبالسوية كما تقدم بيانه.
المسألة السابعة: لو اجتمع أحد الأبوين والأولاد واحد الزوجين فإن كان الولد بنتاً واحدة كان للزوج نصيبه الأدنى وهو الربع للزوج والثمن للزوجة لفرض وجود الأولاد هنا والباقي يقسم بينهم أرباعاً ربع لأحد لأبوين والباقي للبنت ولو كانوا بنتين فصاعداً فإن كان أحد الزوجين هو الزوج فله الربع ولأحد الأبوين السدس والبقية للبنتين فصاعداً ليدخل النقص على البنتين فصاعداً بعد اخراج الربع والسدس لعدم العول عندنا.
والحاصل أن النقص لا يتحقق إلا إذا كان الوارث أبوين وبنتين مع الزوج أو الزوجة أو بنتاً وأبوين مع الزوج أو بنتين واحد الأبوين والزوج ولا يتحقق في غير هذه الموارد الثلاثة والنقص يرد على البنتين فصاعداً دون الأبوين والزوج لما تقدم من أن نصيبهما الأدنى والأعلى معلوم ولا ينقص عنهما وكذا الزوج والزوجة والأخوة من الأم على ما تقدم بيانه.
وأما إن كانت الزوجة فلها الثمن والباقي يقسم بينهم أخماساً فللبنتين الثلثان ولأحد الأبوين سدس والثمن للزوجة والباقي من التركة سهم يوزع على خمسة أقسام أربعة منها للبنتين وواحد لأحد الأبوين فتقسم التركة حينئذٍ إلى أربعة وعشرين سهماً ست عشر للبنات وثلاثة منها للزوجة وأربعة منها لأحد الأبوين ويبقى سهم واحد يقسم إلى خمسة أجزاء أربعة منها تضاف إلى ستة عشرة للبنتين وواحد للأبوين ولا يرد الزائد على الزوجة وإن كان ذكراً واحداً أو متعدداً أو ذكوراً وإناثاً فلأحد الأبوين السدس من أصل التركة ولأحد الزوجين نصيبه الأدنى والباقي للأولاد بالتساوي ومع الاختلاف فللذكر مثل حظ الأنثيين.
- إذا اجتمع الأبوان والأولاد مع أحد الزوجين:
المسألة الثامنة: إذا اجتمع الأبوان والأولاد واحد الزوجين فإن كان الأولاد بنتاً واحدة للزوج الربع وللأبوين السدسان والباقي للبنت والنقص يرد عليها أيضاً وكذا لو كان الولد بنتاً واحدة مع الأبوين والزوجة فللزوجة الثمن وتقسم سائر التركة بين الورثة أخماساً إن لم يكن للأم حاجب عن الثلث وإلا فللأم السدس والباقي يقسم بين الأب والبنت أرباعاً.
- الأحفاد يقومون مقام الآباء:
المسألة التاسعة: أولاد الأولاد وإن نزلوا يقومون مقام آبائهم عند عدمهم للأدلة الثلاثة أما الكتاب فلقوله تعالى: ((يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ)).
فإن أولاد الأولاد أولاد ذكوراً كانوا أو إناثاً.
كما اطلق على الابن وبنت البنت كما في قوله تعالى: ((حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ)).
ومن السنة ما تقدم مستفيضاً من الروايات.
وأما الإجماع فهو مسلم بين الفقهاء أيضاً سواء كان أبوا الميت موجودين أو أحدهما لاطلاق الآية الشريفة: ((وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ)).
فإن الولد يشمل ولد الولد أيضاً هذا مضافاً إلى الأخبار فعن الإمام الصادق (عليه السلام) في معتبرة عبد الرحمن (ابن الابن إن لم يكن من صلب الرجل أحد قام مقام الابن).
وعن أبي جعفر (عليه السلام) فيما سمعه علي بن زرارة (وإن لم يكن ولد وكان ولد الولد ذكوراً كانوا أو إناثاً وولد البنين بمنزلة البنين يرثون ميراث البنين وولد البنات بمنزلة البنات يرثون ميراث البنات يحجبون الأبوين والزوجين عن سهامهم الأكثر وإن سفلن ببطنين وثلاثة وأكثر يرثون ما يرث الولد الصلب ويحجب ما يحجب الولد الصلب)
ثم أن أولاد البنت لو كانوا من جنس واحد يقتسمون بالسوية ومع الاختلاف فللذكر مثل حظ الأنثيين وكذا أولاد الابن لاطلاق قوله تعالى ((يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ)).
ولو اجتمع أولاد الابن وأولاد البنت فلأولاد الابن الثلثان ولأولاد البنت الثلث لأن ذلك هو فرض آبائهم وأمهاتهم ومع وجود أحد الزوجين فله نصيبه الأدنى والباقي يكون للمذكرين لأولاد البنت الثلث لأنه حصة البنت ولأولاد الابن الثلثان لأنه حصة الابن وقد يرد عليهم بالقرابة أيضاً.
- الحبوة ومسائلها:
ويتفرع على ما تقدم مسألة الحبوة:
والحبوة بمعنى العطاء بدون من أو جزاء هكذا في اللغة (1) وفي اصطلاح الروايات والفقهاء اعطاء الولد الأكبر شيئاً من التركة كما ستعرفه والظاهر أن العامة لم يرتضوها ولذا قال في الجواهر (أنها من منفردات الإمامية ومعلومات مذهبهم) بل لعل ذلك هو المعروف من الشيعة حتى أن مخالفيهم يعرفون منهم باعتبار كونه من منفرداتهم فضلاً عنهم.
والظاهر إنه لا مجال للاعتراض على الشيعة في هذا بأنه مخالف لاطلاق الكتاب وذلك للنقص بأن عدم إرث الأنبياء أيضاً خلاف صريح الكتاب فكيف منعوه كما أنهم يجيزون نسخ القرآن بالدليل فلماذا يمنع تخصيص عام القرآن أو تقييد مطلق القرآن بالدليل هنا.
وكيف كان فإن الأدلة المخصصة للعمومات أو الاطلاقات الكتابية تكفي في إثبات الحبوة للولد الأكبر والنصوص في ذلك متواترة منها صحيح ربعي بن عبد الله عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال (إذا مات الرجل فسيفه ومصحفه وخاتمه مكتبه ورحله وراحلته وكسوته لأكبر ولده فإن كان الأكبر بنتاً فللأكبر من الذكور).
وفي صحيحه الآخر عنه (عليه السلام) قال (إذا مات الرجل فللأكبر من ولده ) كما لا يخفى على من راجع الأدلة.
ثم أن الفقهاء اختلفوا في أن الحبوة هل هي واجبة مثلها مثل الإرث فلاحق لبقية الورثة في الامتناع عنها أو هي مستحبة فللورثة الامتناع فإذا امتنعوا صارت كسائر التركة بين الكل؟
المحكي عن الشيخين والشهيدين وغيرهم (قدست أسرارهم) أنهم على الأول.
وفي المسالك أنه للأكبر وفي الرياض أدعي عليه الشهرة لحد الاستفاضة.
وفي الجواهر أن عليه الشهرة محصلة وعن الحلي أن عليه الإجماع وعن السرائر أنه المجمع عليه بين أصحابنا المعمول به وفتاواهم في عصرنا هذا، وهو سنة ثمان وثمانين وخمسمائة عليه بلا خلاف بينهم.
وذهب جمع آخر إلى الثاني وهم كما في المستند السيد والاسكافي والاصلاح والرسالة النصيرية من الفرائض.
وظاهر الواقي وهو صريح المختلف والكفاية ونسب إلى الحلبي (قده) وظاهر المسالك والمفاتيح الترقب، ومقتضى الأدلة لأن (اللام) للملك فإن الملك هو الظاهر عند قولهم (لفلان كذا) حتى أن الاستعمال في غيره بحاجة إلى القرينة.
وكيف كان فإن الكلام فيها تارة في الحكم التكليفي وأخرى في الحكم الوضعي وثالثة في المحبو له ورابعة فيما يتعلق بالحبوة.
والظاهر أن مقتضى الأصل وعمومات الكتاب والسنة هو عدم اختصاص أحد من الورثة بشيء من التركة إلا أن يدل دليل على الاختصاص مبين من كل جهة والحبوة من الموارد التي دل الدليل الخاص عليها.
- أدلة وجوب الحبوة:
أما الحكم التكليفي وهو الوجوب واستدلوا عليه بأمور:
الأول: الشهرة المحققة بل الإجماع بين الإمامية كما عرفت.
الثاني: الروايات الدالة على ذلك وهي كثيرة منها ما تقدم في صحيح ربعي ومنها ما عن أحدهما (عليه السلام) في معتبرة ابن أذينة (أن الرجل إذا ترك سيفاً وسلاحاً فهو لابنه فإن كان له بنون فهو لأكبرهم).
وفي موثق أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) (الميت إذا مات فلابنه الأكبر السيف والرمح والثياب ، ثياب جلده).
إلى غير ذلك من الروايات ولا يخفى أن قوله (عليه السلام) (فلابنه) أو (لابنه) فإن هذه اللام ليست ظاهرة في الحقية والاستحقاق بل هي ظاهرة في الملك كما بينا.
الثالث: أنه يظهر من بعض الفقهاء أن الحبوة للولد الأكبر فـي مقابـل وجـوب قضـاء ما فات عن الميت على الولد الأكبر من صلاة وصيام وحج وما أشبه ذلك فيكون في الحبوة شبه معاوضة فإنه يجب على الولد الأكبر القضاء عما فات عن الميت فتجب الحبوة له إلا أن الظاهر أن هذا فيه نوع من الاستحسان ويصلح أن يكون حكمة لا علة للحكم.
وكيف كان فيكفينا ما تقدم من الأدلة في الدلالة على الوجوب.
- أدلة استحباب الحبوة:
وأما من استدل على ندبها فتمسك بأمور:
الأول: اختلاف الأخبار في مقدار ما يحبى به وهو قرينة الاستحباب؟
الثاني: عمومات أدلة الإرث الدالة على اشتراك غير الولد الأكبر في الحبوة.
الثالث: ذهاب بعض الفقهاء إلى الاستحباب.
إلا أن جمعا من الفقهاء ناقشوا في أدلة الاستحباب منهم السيد السبزواري (قده) في مهذب الأحكام حيث أشكل على الدليل الأول للاستحباب وأكد على أنه لا يدل على أصل الحكم إلا إذا كانت في البين قرينة خارجية تدل على الاستحباب.
الثاني: أنه لابد من تخصيص العمومات الدالة على الإرث بما تقدم من الأدلة الخاصة في الحبوة كما هو القاعدة في كل عام وخاص.
وأما الثالث فإن القول بذهاب الفقهاء إلى الاستحباب أول الدعوى فالمدعي مطالب بالدليل فيتعين القول بالوجوب.
ويؤيده أو يدل عليه أنه من شعائر مذهب الإمامية وقد عرفوا بذلك بين سائر المذاهب الإسلامية، وهذا ما ذهب إليه جمع من الفقهاء المعاصرين أيضاً ومنهم سماحة السيد الشيرازي دام ظله في الفقه فتشمله أدلة الشعائر هذا من ناحية الحكم التكليفي.
- هل الحبوة حق؟
وأما من ناحية الحكم الوضعي فالمستفاد من ظواهر الأدلة ثبوت حق للولد الأكبر في الحبوة التي هي له ففي موثق أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) التعبير باللام فإنه (عليه السلام) يقول فإن (لابنه الأكبر) وذلك يفيد ثبوت حق في الجملة فيدل على أن الحبوة إرث خاص للولد الأكبر وامتياز له فللولد الأكبر نحو حق بالمال المحبو به ولا وجه للمعارضة بين أدلة الحبوة وأدلة الإرث ومقتضى ما تقدم من الأدلة تحقق الحق لا محالة فأدلة الحبوة خاص وأدلة الإرث عامة والخاص يخصص العام.
- المحبو له:
وأما الجهة الثالثة: في المحبو له فالمشهور والمجمع عليه أن الحبوة للولد الأكبر من الذكور من أولاد الميت ويدل عليه الروايات المستفيضة أيضاً كما عرفته من صحيح ربعي عن الصادق (عليه السلام) (لأكبر ولده فإن كان الأكبر ابنة فللأكبر من الذكور) ومثله غيره أيضاً وعليه لا تكون الحبوة للأنثى مطلقاً وهناك بعض الفروع التي ستعرفها فيما يأتي.
- المقصود من الحبوة:
وأما الكلام في الجهة الرابعة: وهي المحبو به فالمشهور بين الفقهاء أنها أربعة: وهي ثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه وخاتمه وكتبه ورحله وراحلته وكسوته لأكبر ولده) وفي خبر أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) (الميت إذا مات فإن لولده الأكبر السيف والرحل والثياب ثياب الجلد).
إلى غير ذلك من الروايات المعتبرة.
ولكن في بعض الروايات أقل من هذه كما في رواية ابن أذينة عن أحدهما ( ان الرجل إذا ترك سيفا وسلاحا فهو لابنه فإن كان له بنون فهو لأكبرهم ) لكن الرواية من باب ذكر الأقل للإكتفاء بالأكثر كما هو الشايع وليست من باب الحصر الحقيقي .
وكيف كان فما زاد على الأكثر على الأربع فيمكن حمله على مطلق الرجحان بالنسبة للورثة بأن يعطوا الولد الأكبر الدرع والرحل والكتب مجانا فبها والا رد علمه الى أهله والإقتصار على ما ذهب اليه المشهور وهي الأربعة المشهورات فيقتصر فيها على موضع اليقين كما اكتفى بذلك المششهور ولا يعتبر فغي هذه الأعيان أن تكون لائقة بحال الولد أو غير لائقة وذلك لعمومات الأدلة إلا إذا أعدت للتجارة فلا تشملها الأدلة حينئذ لأن المنساق منها غيرها و المستفد من الحبوة هو ما كان من شؤون الميت الخاصة لا من وسائل عملة كما لا يخفى
ثم إن الحبوة مجانية لا أن تكون عوضاً عن قضاء ما فات عن الأب الواهب على الولد الأكبر للأصل والعمومات والاطلاقات وظواهر النصوص الخاصة.
وكيف كان فإن الولد الأكبر يحبى من تركة أبيه بثياب بدنه وخاتمه وسيفه ومصحفه وتختص بالأكبر من الذكور للنصوص والإجماعات فلا حبوة للأنثى مطلقاً ولا للخنثى المشكل بناء على ثبوته.
- شرائط الحبوة:
ويشترط في الحبوة أمور:
الأول: أن يكون الولد من الصلب فلا حبوة لولد الولد وإن كان أكبر الذكور.
الثاني: أن لا يبتلى المحبو بموانع الإرث المتقدمة.
الثالث: أن لا يكون الولد الأكبر من المخالفين الذين لا يعتقدون بالحبوة على المشهور وذلك لمعاملته بقاعدة الالزام حينئذٍ حيث أنه يرى عدم استحقاقها ويرى أن الحبوة لجميع الورثة فيمنع منها الزاماً بما التزم به على نفسه.
فلا تشمله اطلاقات أدلة الحبوة.
نعم لو كان من المخالفين واعتقد الحبوة كما ينسب إلى بعضهم بحسب مذهبه يحبى حينئذٍ لاطلاقات أدلة الحبوة.
وهذا ولا يشترط في الولد الأكبر أن يكون عاقلاً حتى يحبى بل يحبى ولو كان مجنوناً لأنها من الموارد التي دل الدليل الشرعي عليها. فحينئذٍ تعطى لوليه كما لا يشترط خلو الولد عن السفاهة لما بينا ، لكن ربما يمكن أن يقال بالتأمل في هذا لأن الحبوة إنما أعطيت للولد الأكبر لأنه بمنزلة الأب عرفاً حيث أن الأب هو رئيس العائلة والقائم بشؤونها وبعد فقده تبقى العائلة بلا رئيس وقيم فالشارع الأقدس جعل أكبر أولاده الذكور بمقتضى الحباء رئيساً للعائلة حتى لا يتشتت أمرهم بل يكونون تحت إشرافه وهذه هي الحكمة من الحباء.
ومن الواضح أن هذه الحكمة لو صحت فإنها تلازم العقل وعدم السفاهة على تأمل في المسألة إلا أن الظاهر هو أن طريق الاحتياط في هذه المسألة واضح وهو العمل بمقتضى التكليف كما لا يخفى.
كما لا يعتبر في الولد الأكبر البلوغ فيعطى الصغير حينئذٍ كل ذلك لاطلاقات الأدلة ولا يعتبر في كونه منفصلاً حياً حين موت الأب وذلك للأصل وما مرّ من أن الحمل يعزل نصيبه من الميراث حتى يتبين الحال وكذا في المقام فإذا انفصل الولد ذكراً حياً ولم يكن غيره من الذكور يحبى ولو كان أنثى أو كان ذكراً ومات قبل الانفصال فتقسم الحبوة بين بقية الورثة.
الرابع: أن يكون المحبو منه الأب فلا حبوة من تركة غير الأب ولا يشترط إيمان الأب وإسلامه للأصل والاطلاق.
والخامس: أن يخلف الميت مالاً غير الحبوة فلو لم يخلف مالاً غير الحبوة لم يختص الولد الكبر بشيء منها على المشهور لأنه حينئذٍ يكون إجحاف وظلم لبقية الورثة والشارع لا يرضى به ولظواهر ما تقدم من الأدلة المشتملة بأنها من متاع بيته، فلو كان المتاع منحصراً بها وزعت على جميع الورثة فلا تشمله الأدلة حينئذٍ ولو كان مال الحبوة له قيمة كبيرة اضعاف قيمة المتاع كما في بعض أقسام الخواتم أو السيف فيشكل شمول الحكم له أيضاً كما تقدم من الأصل بعد الشك فإن المستفاد من ظواهر الأدلة فيما إذا كان متعارفاً وهذا خارج عنه فيقسم بين الورثة في هذه الصورة.
- الدين المستغرق لا يمنع الحبوة:
وهنا مسائل:
المسألة الأولى: لا يمنع الدين المستغرق للتركة من الحبوة وأن لزم المحبو ما قابلها من الدين وكذا في غير المستغرق فإنها لا تحسب من الدين على المشهور لاطلاق أدلة الحبوة وإن الدين يخرج من سائر التركة كما في تجهيزات الوفاة إلا إذا كان إجحاف في البين فيخرج منها أيضاً وإن كان الأحوط للولد الأكبر أن يعطي من الحبوة للدين بالنسبة لاحتمال تقسيم الدين على جميع التركة على وجه مشاع وانصراف أدلة الحبوة عن مثل هذه الصورة ؟
ولو زاحمت الحبوة التجهيزات قدمت التجهيزات الواجبة لما قدمناه من أن التجهيزات مقدمة على الإرث نصاً وإجماعاً من التكفين والتغسيل ونحو ذلك.
ولو كان بعض أعيان الحبوة أو كلها مرهونة بالدين على الميت فك الدين من تمام التركة لأنه دين والدين يخرج من أصل المال نصاً وإجماعاً.
- لو لم تكن الحبوة في التركة:
المسألة الثانية: لو لم تكن الحبوة أو بعضها من التركة لا يعطى قيمتها وكذا لو خرجت عن الاسم كما لو أحدث فيها حدثاً أخرجها عنه مثل إذا كسر السيف أو الخاتم على وجه لا يطلق عليه السيف أو الخاتم حينئذٍ لقاعدة انتفاء الحكم بانتفاء عنوانه واسمه كما بينه الفقهاء في باب الطهارة ولو نقص عن هذه الأعيان بعضها كما في المصحف فلو كان المصحف مما يوجب زوال الاسم فلا تكون من الحبوة وإلا كان من الحبوة.
- لو تعددت الحبوة:
المسألة الثالثة: لو تعدد المال المحبو به يقتصر على الواحد منه إلا في الثياب، فالثياب التي يحباها هي ثياب بدن الميت بأجمعها سواء لبسها أم أعدها للبس أما الثياب التي هي للتجارة فلا تكون من الحبوة لعدم شمول الادارة لذلك مضافاً إلى الإجماع وكذا ما أدخره من الثياب للفخر أو للتبرك كما لو كان عنده عمة بعض أولياء الله أو عباءته مثلاً فلا فرق في الثياب بين الواحد والمتعدد جديدة ومستعملة مخيطة لم تلبس بعد أو غير ذلك.
- و اختلف زي الوالد والولد:
ولو كان لباس الميت مخالفاً لزي الولد الأكبر كما لو كان الميت مصمماً ولكن الولد الأكبر كان زيه غير ذلك أو بالعكس فيحبى الولد الأكبر لأدلة الحبوة ولو كان الميت ممن يجب دفنه بثيابه كالشهيد في المعركة فلا تكون تلك الثياب من الحبوة لأنها بمنزلة الكفن والكفن مقدم على الميراث كما بيناه ولو كان الثوب مما يحتاج إلى التفصيل والخياطة ولم يتحقق كل منهما لا يكون من الحبوة لعدم صدق الاسم لغة عرفاً فينتفي الحكم لا محالة ولا يخفى أن المدار في تعيين الثياب والكسوة هو العرف فيدخل القميص والبدلة والعمامة والسراويل والعباءة فيها أيضاً ولا يدخل الحذاء والرباط المتعارف في هذه الاعصار ولا لباس الحرب ولا ما أعد للعمل في أوقات خاصة كل ذلك لعدم الصدق في الثاني والصدق في الأول كما يدخل حلية السيف وجفنه وسيوره وبيت المصحف كل ذلك للتبعية العرفية.
- لو كان بعض الحبوة ما يحرم استعماله:
المسألة الرابعة: لو كان بعض اجزاء الحبوة مما يحرم استعماله على الرجل كالخاتم من الذهب أو الثوب من الحرير فلا يدخل في الحبوة للشك في شمول الأدلة لذلك ولعدم معهودية استعمال ذلك عند الشارع فضلاً عن أن المنساق من الأدلة هو ما كان مورد الاستعمال عرفاً والظاهر أن هذا لم يكن كذلك في زمن الشارع.
- لو اختلف تكليف الميت مع تكليف الولد:
المسألة الخامسة: أو اختلف تكليف الميت مع تكليف المحبو اجتهاداً أو تقليداً في كمية الحبوة أو كيفيتها فالمناط على تكليف المحبو لأنه هو المكلف بالتكليف الشرعي فعلاً ولأن الحق انتقل من الميت إليه فصار أجنبياً، فالمدار يكون على تكليف المحبو حينئذٍ ولو اختلف تكليف المحبو مع تكليف الورثة في كمية الحبوة فلابد من الأخذ بالمتيقن لدوران الأمر بين الأقل والأكثر فيأخذ بالمتيقن ويجري الأصل في غيره نعم لو دار الأمر بين المتنافيين فلابد من التصالح حينئذٍ ولو حصلت منازعة في البين فلابد من الرجوع إلى الحاكم الشرعي والحكم حينئذٍ يكون بحسب موازين القضاء والاحتياط في التصالح حسن على كل حال لأن (الصلح خير).
- يستحب إطعام الأبوين التركة
المسألة السادسة: لا يرث الجد ولا الجدة مع أحد الأبوين لأب كانا أو لأم لكن يستحب أن يطعم كل من الأبوين أبويه سدس أصل التركة لو زاد نصيبه من السدس كما لو خلف أبويه وجداً وجدة لأب أو لأم يستحب للأم أن تطعم أباها وأمها السدس بالسوية وهو نصف نصيبها فإن نصيبها الثلث كما تقدم وكذا للأب يستحب أن يطعم أباه وأمه سدس أصل التركة وهو ربع نصيبه الثلثين فإن التركة من ستة أسداس سدس للأم وسدس لأبويها الجد والجدة للميت من أمه وثلاث أسداس لأب الميت وسدس لأبويه الجد والجدة للميت من أبيه كما هو واضح وتدل على ذلك الروايات المستفيضة مضافاً إلى الإجماع وربما يستظهر ذلك من قوله تعالى ((وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ)) بقرينة الروايات الخاصة الدالة على استحباب إطعام الجد والجدة من أهل التركة والمستفاد من لفظ الطعمة الوارد في الروايات اعتبار زيادة نصيب المطعم على السدس على المشهور فلو لم يحصل لأحدهما أزيد من السدس كالأب والأم مع الأخوة والزوج لم تستحب الطعمة للإجماع ولأن المستفاد من الروايات ما إذا كان هناك زيادة للمطعم عن نصيبه ولا فرق في الزيادة أن تكون بقدر السدس أو أقل أو أكثر كما عن المشهور فلو اجتمع الأبوان أو أحدهما مع البنات كانت الزيادة خمس الواحد وهو الباقي لها بعد السدس حينئذٍ.
والمراد من السدس سدس أصل التركة للإجماع وظهور ذلك من لفظ السدس الوارد في الروايات المتقدمة بل ذلك صريح رواية إسحاق بن عمار بن الصادق (عليه السلام) (في أبوين وجدة لأم قال (عليه السلام) للأم السدس وللجدة السدس وما بقى وهو الثلث أن للأب).
ويعتبر في الجد والجدة أن لا يكون فيهما شيء من موانع الإرث كما تقدم.
ولا فرق في اطعام السدس للجد والجدة بين المتحد منهما والمتعدد من طرف واحد أو من طرفين فيشترك الجميع حينئذٍ للاطلاق والإجماع ولعدم ترجيح أحدهما على الآخر.
نعم تختص الجد والجدة بالقريبين فلا يشمل البعيدين للأصل ولأنه المنصرف من الروايات ولتبادر القريب منها كما يختص استحباب الطعمة في صورة عدم الولد للأصل في غيره مع عدم الدليل فيقتصر على المتيقن مضافاً إلى الإجماع وفي مرسل الكليني (أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أطعم الجد السدس مع الأب ولم يطعمه مع الولد فلا طعمة مع الولد ولا مع ولد الولد).
ـــــــــــــــــ
الهامش
1- لسان العرب، ج14،162، حبا