تطور الاساليب الشعرية في لغة الدراما العالمية (الكلاسيكية انموذجاً)
مقدمة: الشعر و الدراما
عبر قرون خلت تطور الفن بانواع واشكال ودراسات ومواهب حتى اقترنت بالمعنى الواسع للدراما او الروح الدرامي باحتواء أي عمل فني، رسما وشعرا ونحتا وغيرها على حدث وصراع وهدف دون انسيابية تفقده معناه ووظيفته.. واستقلت الدراما، بالمنحى القصصي و الأداء المسرحي بنمو وتفعيل وتماسك وتوتر ومحاكاة الفعل، وعرفت ادبا متكاملا متطورا يبحث عن قدرات فذة فالدراما: " اصطلاح اطلق على شكل من العمل الادبي معد ليؤديه الممثلون امام المشاهدين، تشارك في طبيعتها، العمل الملحمي، او القصصي او القصيدة مادامت تكشف عن حدث، او الشعر الغنائي اذا كان بوحا عاطفيا، واصل الدراما، مختلف عن الفنون الاخرى، قائم على تبادل الافكار في الحوار، والتمثيل، وتطور الحدث ([1])و الانسان في حالتي الصراع ورصد المتناقضات يستطيع، اذا ما اوتي القدرة التعبيرية، ان يقدم الينا انتاجا دراميا من الطراز الاول وان يقيم بناء فلسفيا يفسر لنا فيه الحياة تفسيرا خاصا عند ممارسة مباشرة للحياة و تمثل لها ([2]).
ولقد تطور الشعر قبل مئات السنين لاحتوائه على التراجيديا، وهي اروع مايمكن ان تقدمه المواهب الشعرية العالية " ويحتل الشعر الدرامي مكانة متميزة بين الاجناس الشعرية الاخرى _انه اكمل انواع الشعر وانه شعر الشعر، يجمع بين العالمين الظاهر والباطن، فيمثل التاريخ والطبيعة والنفس، ولا يزدهر الا في ارقى الشعوب حضارة " ([3]) والمسرح "اقوى الوسائل لتعزيز العمل الانساني وتنوير الامة باسرها "([4]) او هو طبقا لراي (برناردشو):" معمل الفكر، وملقن للضمير، وشارح للسلوك الاجتماعي، وترسانة ضد الياس والبلادة، ومعبد لرقي الانسان "([5]) وتبدا الدراما التي " ولدت من وعي شامل مشترك " ([6]) و مثلت الابداع السامي، الواحد، غير المتجزئ، الذي خلق الذهن الانساني ([7]).تبدأ نصاً و نقداً و تفسيراً عند الاغريق. ([8])و لا نعدم بحوثاً و نصوصاً في معرفة ابناء وادي الرافدين للملاحم و القصص ([9]) و محاولات تمثيلية جرت في وادي النيل و في اماكن اخرى من العالم ([10]).
لقد كان فن الشعر لارسطو منطلقاً حقيقياً للنقد و لدراسات متتالية حتى الوقت الحاضر " لان المسائل التي يثيرها في موضوع التراجيديا و الكوميديا و شعر الملاحم ما تزال بالنسبة الينا قائمة تدب فيها الحياة، وذات صلة بما يعرض لنا من مشكلات في هذا المجال، فلا غرابة - اذن – ان رأينا طائفة كبيرة من ابرع النقاد تتناوله و تختلف في تأويله و شرحه ([11])
و للتراجيديا عند ارسطو حبكة و شخصية و فكرة و إن عناصرها هي اللفظ و الايقاع و النغم و ما يقدمه المشهد من تجسيد امام المتفرجين: " و هنا نلاحظ ان المشهد يعتمد على الرؤية البصرية، الرؤية بدورها تنصب على مكان، في حين ان ارسطو قد جعل الشعر كله، بما فية التراجيديا مندمجاً في تتابع زمني، لا في الرؤية المكانية " ([12]). و تقوم نظرية ار سطو على المحاكاه (قوام الشعر) التي تتخذ احدى صورتين: " فهي اما محاكاة بالرواية السردية، او محاكاة بالتمثيل المسرحي و على اساس هذا التقسيم نميز بين الملحمة و المسرحية، اذ المسرحية دون الملحمة، تحاكي الفعل نفسه، و اما الملحمة فتحاكي الفعل بالرواية عنه " ([13]) و الفعل الذي جاءت لتمثله التراجيديا يشترط ان يكون فعلاً كاملاً و اعظم اجزاء التراجيديا نظم الاعمال، فهي ليست محاكاة للأشخاص بل للاعمال و الحياة، الغاية هي فعل و ليست كيفية ما.([14]) و المحاكاة طبقاً لرأي ارسطو، ليست تقليدا ً او نقلاً حرفياً عن الوجود الخارجي، فالشاعر و الرسام و كل صانع صورة قد يحاكي الاشياء الموجودة و قد يحاكي الاشياء التي يقال انها موجودة او الاشياء التي ينبغي ان توجد او الاشياء التي يحبها و يتاثر بها و يعبر عنها في عمله الفني ([15])و لم يقر (ارسطو) التمييز بين الشكل و المضمون، فالمسرحية بناء قائم بذاته واحد موحد، و كان بهذا اول من ارسى نظرية الدراما على انها بناء عضوي. ([16]) و اكد ان العمل الفني خلق يعرض للواقع ويهيئ تصوراًُ امثلاً له قائماً على موقف للمبدع و اضح، وهدف يرمي اليه فيما ينشئ و يقدم اعمالأً فنية و ليس تعبيراً مجرداً ([17]).
وقد مهد الشعراء الاغريق للمدرسة الارسطية في النقد بما جاء في مسرحياتهم من اراء نقدية ومناقشة اعمال الشعراء الاخرين كما فعل (ارستو فانيس) الشاعر في مسرحيته (الضفادع) وهو يوجه نقده اللاذع الساخر لاسلوب ولغة وشخصيات (اسخيلوس) و (يوربيدس). ([18]) وقدسمى احدى مسرحياته (الشعر) وحاول ان يربط الكاتب بفنه وان يفسر الادب من خلال شخصية صاحبه، وان يفهم شخصية الاديب بدراسة ادبه، وهي خطوة واسعة في تاريخ النقد الادبي اليوناني، نلاحظ صداها عند (افلاطون) و (ارسطو). ([19]) لقد ارتبط الشعر بالمسرح وقد مهد (هوميروس) بادبه الملحمي الطريق للشعر المسرحي "وكان كتاب المسرحية في عهد الاغريق شعراء، وظل الامر. كذلك الى العصور الحديثة، وما تزال بعض الاداب الاوربية تسمي المؤلف المسرحي شاعرا، هذا ان كان في كل مسرحياته ناثرا ([20]). ولم يتحدث اورسطو عن غير الشعر فيما عرض له من اجزاء التراجيديا " وبالرغم من ان الادب المسرحي نشأ شعرا عند اليونان القدماء واستمر شعرا عند جميع الكلاسيكين ثم عند عدد كبير من الرومانتيكيين بل عند بعض المحدثين والمعاصرين مثل (رومان رولان و اليوت) الا ان الجدل ما يزال قائما ً حول صلاحية الشعر للادب المسرحي بعد ان طغى عليه النثر حتى كاد يغرقه ([21]).
واذا كان الممثل قدبدا شاعرا، والشاعر قد بدا ممثلا عند الاغريق فان الدراما عدت في التاريخ
الادبي "فرعا من فروع لشعر " ([22]) قبل (يتيس) و (اليوت) بمئات لسنين لطواعية الشعر للتعبير عن الفرد من خلال النوع واحتوائه الخاص والعام برؤية متميزة للشاعر وقدرة على ترتيب الاحداث بعيدة عن النقل الحرفي، تقدم البديل وتضع الحلول في اطار من جو ادبي موحد مكثف، فالشاعر يبدع الواقع صورة فنية تطمح الى الافضل ([23])،"وقد سادت فكرة ان الشخصيات الدرامية يجب ان تكون اكبر من الحياة كما ان اللغة الدرامية يجب ان تكون اكبر من النثر ([24]) واذا كان الشعراء هم الذين أبدعوا التراجيديا اليونانية وان اليونانين هم الذين قدموا فروض الطاعة (لديونيسوس)اله الفن الدرامي لديهم، فان ذلك لاينفي ان مسرحيات عظيمة اخرى لم تكتب نثرا " وكل شاعر درامي عظيم هو ممثل دائما منذ عهداسخيلوس الى موليرمرورا بـ لوب دي فيغا وشيكسبير " ([25])ولايعني هذا ان يعتلي خشبة المسرح ليمثل فعلا ولكن ان تكون له قدرة التقمص والنمثيل الى جانب كونه مبدع مسرحية شعرية. وما اكثر الاعمال الشاعرية في اعمال كتاب المسرح النثري: "أليس تشيخوف شاعرا من ارفع طراز ؟ الا تفيض مسرحية كالنورس بالشاعرية المرسلة ؟ والمتحدثون بهذه الشاعرية ليسوا نبلاء ولا اباطرة ولا الهة ولا انصاف الهة ولكنهم رجال ونساء عاديون وصبية وصبايا يافعون. وحتى (برناردشو) في مسرحه الفكري كثيرا ما نجد فيه روح الشعر، ولعلنا هنا نستطيع ان نستشهد براي قاله (اليوت) في احدى مقالاته النقدية:-
وهو ان لغة النقد الرفيع في المسرح هي كلغة الشعر تماما كلتاهما لغة غنية مكثفة وافرة
الايقاع ([26])، فحينما تكون لغة الادب هي لغة الحياة، تنطوي الفروق بين الشعر والنثر اذ يصلان الى مستوى ادبي يحقق شرط الاساوب المتميز، وللمسرحي ان يختار الشعر او النثر او الاثنين معا طبقا للموقف والفكرة والمشهد" ان المسرح ليس مجرد قطعة من الحياة ولكنه قطعة مكثفة من الحياة، ولذلك فان الشاعرية هي الاسلوب الوحيد للعطاء المسرحي الجديد، والشاعرية هنا لاتعني النظم بحال من الاحوال بل ان الكثير من المسرحيات غير المنظومة فيها قدر من الشاعرية اوفر من بعض المسرحيات المنظومة، ويكفي ان يقرأ الانسان شاعرا معاصرا مثل (يوجين أونيل) ليدرك كيف استطاع ان يقترب من روح الشعر في معظم اعماله المسرحية، رغم انه يكتبها نثرا. وبهذا المعنى وحده يقال ان اونيل هو اقرب الكتاب العالميين الى التراجيديا اليونانية " ([27]) ومسالة كتابة المسرحية بالشعر او النثر نسبية تختلف باختلاف المسرحيين ومواهبهم واساليبهم و باختلاف مفهوم الشعر لدى النقاد والمتلقين، سواء كان تعبيرا فخما بعيدا عن الحياة مليئا بالافتعال والتزويق، اوكان نابعاُ من الواقع سهلا وشفافا ومقبولا. بعد هذا التقديم الموجز عن موضوعة(0الشعر والدراما)،يستعرض الباحث باختصار تطور الاسلوب الشعري واللغة الدرامية وفقا لللاتجاهات الاسلوبية في المسرح العالمي وياخذ المسرح الشعري الكلاسيكي نموذجا مختارا عددا من اعمدته البارزين الذين يمثلون هذا الاتجاه في مختلف العصور والبلدان والمذاهب .
العصر الاغريقي
1- اسخيلوس: (525 ق. م – 456 ق. م)
يتفق جميع الباحثين والنقاد والمختصين على ان الانطلاقة الحقيقية للمسرح الشعري الكلاسيكي ترتبط ارتباطا بالشاعر الاغريقي (اسخيلوس)الذي يعد "مؤسس النزعة الدرامية واول كاتب للمسرحية " ([28]) فمنذ باكورة عطائه الدرامي الاول في التراجيديا (الفرس) حتى ماسيه الشعرية التالية: (الضارعات) و (برومثيوس في الاغلال) و (السبعة ضد طيبة) نجد هذا الشاعر الذي يستمد افكاره ومواضيعه من العالم الاسطوري، والقوى العلوية، والالهة، وتحلق معالجاته حتى في فضاء ذلك الجلال الميتافيزيقي الرصين قد ادرك اهمية ان ينسجم اسلوبه اللغوي مع طبيعة مواضيعه السامية، وهي تؤكد على فكرة الوصول الى الحكمة عن طريق الالم والعذاب " ([29]) وتتلاءم مفردات اسلوبه هذا مع ابعاد شخصياته الاسطورية ذات الافعال الجليلة التامة وهي تنطلق بتلك اللغة التراجيدية الرفيعة. لقد اتسمت لغة اسخيلوس " بفخامة علوية " ([30])تسمو فوق كل ما هو مالوف وتميزت اعماله الفنية الضخمة بجو من العظمة و الابهة، فكان كل شيئ فيها من الحبكة الى الشخصيات، ومن اللغة الى الاوزان قد تمتع بقدر من الرزانة والوقار ([31]).
لقد كانت لغة اسخيلوس رصينة متناسبة مع عالم البطولة التراجيدية الذي تدور فيه احداث ماسيه والتي ترتفع عن مستوى اللغة العادية ارتفاع مستوى (اجامنون)و (برومثييوس) عن مستوى الانسان العادي ولذا فان اسخيلوس يعد مؤسس الاسلوب الرصين في التراجديا، فهو اول شاعر ارتفع بلغتها "وشيد لها صرحاً كساه بعبارات سامية " ([32]) على حد تعبير ارستو فانيس في (ضفادعه) و لذلك لقي هذا الاسلوب الدرامي الادبي الاستجابة و الاستحسان و الاعجاب عند جمهور الماسي الاغريقية الذي تربت ذائقته الادبية على اشعار هوميروس و ايقاعاته البلاغية القوية، " ذلك الجهد، المتحري عن الحقيقة و الذي ينتصر فية واقع اللفظ و الوهمية اللفظية على الواقع الحسي " ([33]) و القادر " على ادراك الاحاسيس العميقة التي تتميز بها الماساة، و المنصت باصغاء شديد للالفاظ الرنانة التي تنشدها الجوقة و كانها على رؤوسها الطير " ([34])اما المجاز و الاستعارة و التشبيهات و ما تخلقه من صور شعرية في مسرحيات اسخيلوس. فهي تتدفق بيسر و سلاسة، و لا يبدو من ورائها عناء المؤلف، بل و كانها تلقائية ([35]) و من البديهي ان يستعير اسخيلوس من سلفه الملحمي (هوميروس) الكثير من الاوصاف المركبة، الا ان شاعر التراجيديا يلبسها ثوباً جديداً بتكرار بعض العبارات بهدف الشرح و التوضيح او التفسير و التعميق و هذا ناتج او متولد من تاثيرات الموروث الملحمي ([36]) . ولنقـرأ في ثلاثية اوريست على لسان (الكورس):
" لك نفس تتعالى كالبروج الشامخات، ولسان يتباهى بجرئ الكلمات، اسكرت روحك خمر كانتشاء القاتلات، وعلى وجهك رمز من دماء قانيات. خضبت منك الجبين.. وبدأ فيك الجنون.. مثل من لم يشف ثاره.. وغلى فيه اوراه، فمضى يرجو القضاء في مزيد من دماء فاعلمى ان لافرار من قصاص ودمار، وخذي كيل الهلاك مثلما كالت يداك: مثل منبوذ قلاه وجفاه اصدقاء..
2- سوفوكلس: (495 ق.م – 406 ق. م).
شهدت التجربة الاسلوبية في المسرح الشعري الكلاسيكي تطوراً كبيراً بظهور ادب هذا الشاعر الذي يعد " صانع مجد المسرح الاغريقي " ([37]) و الذي يجمع في خصائصه الاسلوبية شيئأ من النعومة و السلاسة، جنباً الى جنب مع القوة و الوقار " ([38]) .
و (سوفوكلس) الذي انزل التراجيديا من علياء الالوهية و البطولة الى المستوى البشري، يمتلك قدرة فائقة على نحت عبار ات قوية رصينة، و يهيمن على مفرداته هيمنة ملموسة
، مستخرجاً منها اقصى ما يمكن من المعاني و الالوان، ليكون سيد ادواته التعبيرية اللغوية و هو يصل بها الى مراميه الدرامية بتمكن و براعة.([39]) ان حوار (سوفوكلس)، لا يعدم الصفات المعبرة و الصور الشعرية القوية، و لكنه لا يستخدمها الا في وقتها المناسب، و هذا ما يعطيها اهمية خاصة و يضفي عليها صفة التفرد و التميز. فهو يكثف عدة معان و افكار في كلمة واحدة اسماً كانت او فعلاً، و لا يفضل تراكم التشبيهات التي احبها سلفه (اسخيلوس) و اغرم بها، فبعد ان يورد التشبيه، يواصل الحديث بلغة نصفها مجازي ينسجم مع التشبيه، و نصفها الاخر واقعي يمهد لبقية الحديث، و هو بهذا يخلط الصورة الشعرية بالواقع في سلسلة من الافكار المتتالية، بيد ان الناقد المدقق قد يعثر على بعض تاثيرات التيار الخطابي (البلاغي) المستحدث في مسرحيات سوفوكلس المتاخرة. ([40])و اذا كان القدامى قد وصفوا هذا الشعر ب (النحلة) فقد قال عنه
(ارستوفانس) في مسرحيته (الضفادع): " ان شفتيه تقطران عسلاً " ([41])حيث تجمع لغة
(سوفوكلس) بين عناصر القوة و الجمال، و البساطة و السمو في آن واحد. ([42])و يتميز اسلوبه اللغوي بالايجاز و الدقة و الاحكام، فهو يقتصد في استخدام الصور الشعرية و المجاز " و لا يسرف في اللغة بل يلتزم بما هو ضروري " ([43])مع حرصه على التمييز بين اسلوبه في الاجزاء الحوارية من جهة و اسلوبه في المقطوعات الغنائية من جهه اخرى.
3- يوربيدس: (484 ق. م - 406 ق. م)
اذا كان (اسخيلوس) و (سوفوكلس) صورا الشخصيات تصويراً مثالياً و سامياً بعيداً عن الواقع فان (يور بيدس) هو الشاعر الذي انبثق على يديه " فجر الواقعية " في تاريخ المسرح ([44]) . فهو اول من كتب بلغة العامة الشعبية في عصره ([45]) و هو أول شاعر مسرحي صور الحياة و ما يجري فيها تصويراً واقعياً ([46]) و استطاع ان يضع جلائل المعاني في اغلفة من ابسط الالفاظ ([47]) و ما يسجل لهذا الشاعر في ميدان الاسلوب، هو تجديداته على صعيد " استخدام عدد كبير نسبياً من الكلمات و التعبيرات الحديثة التي لم يستخدمها كاتب اخر قبله، تلك الكلمات و التعبيرات التي استعارها من الحديث العادي المعاصر " ([48]) و على الرغم من ان (يوربيدس) كان اسلوبه متسماً بالبساطة، الا انه كان ثرياً في طاقته التعبيرية و ذلك من خلال قدرته " على التعبير الشعري البليغ عن الجمال الطبيعي بتصويره العواطف و مواقف العذاب و هو ما يتفوق به على كل الشعراء الدراما اليونان " ([49]) حيث وصفه النقاد بــ " السهل الممتنع) ([50]). ولنطالـع هذا النص على لسان الكترا:
الكترا: مرحبا ! ايها المنتصر المجيد، ياابن من حقق النصر تحت اسوار طروادة، تقبل هذا الاكليل لتثبته حول جدائل شعرك. لم يكن عبثا مضيك في سبيلك حتى غايتك فبلغت وطنك من جديد، بل لقد قتلت عدوك، ايجستوس قاتل ابيك. وانت كذلك يابيلاديس، يا ايها الصديق المخلص، يامن تثبت تربيتك اصالة ابيك الحر، تقبل من يدي نهرا، فانت لاتقل عنه نصيبا في هذا التكريم، وهكذا، فاني اصلي، ان يحالفك حسن الحظ الى الابد !
4- ارستو فانس: (448 ق. م ـ 380 ق. م)
يعد من ابرع شعراء الكوميديا في التندر و الاقتباس الساخر و قد عكس اسلوبه المنفرد في مجال الملهاة طبيعية الموضوعات التي يعالجها في كوميدياته اذا استطاع ان يستخدم لـغة مــتعددة
الالوان ([51]) لغة كوميدية خاصة من الكلمات المزدوجة و الايحاءات الخاصة و الالفاظ المركبة تركيباً عجيباً ([52]) و قد اثبت (ارستو فانس) و هو يكتب بهذه اللغة النثرية المتنوعة " انه يهمن على مادته و أدواته التعبيرية و يستخدمها بيسر و سلاسلة حتى تميزت لغة حواره بالتدفق " ([53]) و اتصف رغم نكاته الغليظة و سخريته الجريئة بالطبيعية و الحيوية. ([54])حتى اقتربت هذه اللغة من مستوى حديث الحياة اليومية بالرغم من احداث كوميدياته في اساسها خيالية بعيدة عن الواقع. ([55])و مصدر هذا التميز في اللغة هو ملكات (ارستو فانس) الشعرية من عين نفاذة، و اذن حساسه تمكنه من التقاط كل ما هو عجيب و فخم يميل للمبالغة الساخرة و الخيال المنطلق الى افاق لم يسبقه اليها شاعر من قبل ([56]). هذا الحوار يجسد مامكناه عن لغة ارستوفانس على لسان ديونتيسوس في مسرحية الضفادع:
ديونيسوس: واقسم بالله انهم كانوا ينطلقون من مؤخرات سفنهم في عين الزميل الذي يشد اكثر المجاذيف انخفاضا، ويلوثون بالاوساخ زميل الطعام الصغير، وينزلون الى الشاطئ في مغامرة للسلب، اما الان فهم يخطبون وينازعون ولا يجذفون بل تظل السفينة تتأرجح بهم على غير هدى فوق سطح الماء.
العصر الروماني:
يمثل الشاعر (لوسيوس انا يوس سينكا): (4ق.م – 65 م)، باسلوبه الشعري في مجال التراجيديا الرومانية " المرآة فية التي عكست كل سمات الكتابة الأدبية في عصره،وهو الاسلوب الذي ينتمي الى الادب الفضي في العصر اللاتيني الذي غلبت عليه النزعة الخطابية والميل للمبالغات والصور البلاغية " ([57]).
وقد تجلت قدرات (سينكا) " في ميدانه المختار، ميدان التعبير البياني وتمتعه_ في هذا المضمار _ باكثر من جانب من جوانب المهارة " ([58]) فالفن البياني المصطنع، حل محل الشعر، وحل الاصطناع محل النسيج الحي " وقد وصف حوار(سينكا) بالحوار الملتهب السريع " وذلك لاعتماده في بنيته اللغوية على الجمل القصيرة التي تتمتع بايقاع معين نابع من التناسق في بنيتها ومن تشبعها بالاساليب الخطابية ([59])الموجهة الى عواطف الجمهور " بعبارت مباشرة تتجه الى اهدافها في خط مستقيم "([60]) وتحمل كمية ضخمة من الوعظ المجازي فتثير فيه الحماس والنشوة " وتوقد فيه الشرر " ([61]) وما كان ذلك ليتم لو لم يتمتع (سينكا) بمعجم لغوي وافر الثراء، ووسائل تعبير مجازية بارعة "([62]) ويعد اسلوب سينكا خلاصة لاهواء جمهور المسرح الروماني " الذي كان لايحفل الا قليلا بالجمال الشعري "([63])ؤالذي كان مغرما بالتاثيرات الميلو درامية والطنطنات الخطابية او الاوصاف والموضوعات التي تثير الرعب والفزع، والشخصيات البراقة وغيرها من التاثيرات غير الطبيعية "([64]).
العصر الاليزابيثي:
بعد سقوط الامبراطورية الرومانية ونشاة المسرح الديني في القرون الوسطى – منذ القرن العاشر الميلادي – ومن ثم انتهائه، بدات تجربة المسرح الاليزابيثي التي يمثل الشاعر الدرامي (كريستفرمارلو) اعلى قمة بلاغية خطابية في اسلوبها الدرامي، حيث سنجد الخصائص الاسلوبية لنصوص المسرح الديني ونصوص (مارلو) واضحة البصمات على مجمل تجربة (وليم شكسبير) اللاحقة ([65]).
وليم شكسبير: (1564 م – 1616 م)
تعد التجربة الاسلوبية لهذا الشاعر الدرامي انعطافة هامة وجادة في تاريخ اللغة الدرامية في المسرح العالمي كونها اولا: تجربة ثرة ومثيرة ومتجددة جديرة بالدراسة والتامل، وثانيا:تقوم على الجمع بين الاضداد و المتناقضات، من شعر ونثر، فصيح وعامي في نسيج درامي واحد يتفرد بالكثير من السمات والمعطيات، والخصائص الاسلوبية على الصعيدين الادبي والجمالي.
لقد استطاع (شيكسبير) بحجم تجربته العلمية الطويلة في المسرح مؤلفا وممثلا ومخرجا من صياغة حوار دراماتيكي " بالشعر المسرحي الكامل يوافق الاحتياجات المسرحية " ([66])حيث يتنوع اسلوبه تبعا لتنوع المواضيع والافكار التي طرقها في دراماته التاريخية وماسيه وملاهيه ومسرحياته الرومانسية المتاخرة، والتي اشتملت على كل تجربتة في مجال التاليف الدرامي للمسرح. لقد كتب (شكسبير) مسرحياته المتنوعة وفقا لمقتضيات الشعر المرسل الذي ورثه اسلافه، امثال (كريستوفر مارلو) ذلك الشعر الذي صقلته الموهبة الشكسبيرية واكسبته بحسها الدرامي العميق "المرونة في المادة والروح " ([67]) واكملت ابداعاته " بالتاكيد على الموسيقى الداخلية
التي تتجنب الرتابة التفعيلية عن عمد وترفض القافية، فيدنو الشعر من نبرة الكلام المشحون بطاقة سحرية " ([68]) فالشعر في المسرح الشكسبيري ينبع من الضرورة الدرامية الخاصة " فروعة الشعر وما يكتنزه من طاقات تعبيرية جمالية لابد من ينسجم مع امكانية الشخصية " ([69]) لقد استند الشعر الدرامي في مسرح شكسبير الى الماسي، مقترنا باللغة الرفيعة التي ينطبق بها اولئك الابطال التراجيديون، المحاطون بهالة من التاريخ والاسطورة ([70])كما اقترن الشعر في مسرحه بصفات الرفعة والقوة والاجلال والكتابة، التي تسمو على الواقعية.([71]) وفي هذا الصدد يؤكد "ت.س.اليوت ": "ان شكسبير يحقق اروع اشعاره جمالا في اكثر مناظره درامية " ([72])
_اما النثر فكان له نصيب وافر من الفعالية والحضور، فقد تزاوج النثر واغلبه" من العامي والمحكي " ([73]) مع الشعر في تجربة شكسبير الاسلوبية وتظافرا في وحدة جمالية متلاحمة، حيث يميل شكسبير الى حصر النثر بالموضوعات الشعبية والهزلية والواقعية ([74])، وبالشخصيات المعاصرة التي تتحول الى العامية في حوارها، رغم مايعطيها شكسبير من اسماء كلاسيكية او ايطالية ([75])والظاهر ان استعمال شكسبير لهذه الاساليب، الشعر والنثر في النص الواحد كان عن قصد منه وكان عن محقاً، وانه لم يفكر فيه لاي قاعدة صريحة، بل حسب ما يستلزمه المشهد الخاص " ([76])بيد ان ابرز مايمكن التركيز عليه في تجربة شكسبير الاسلوبية، هو قاعدته العامة في اسناد الكلام المنثور الى الاشخاص من ذوي الحالة العقلية الشـــاذة، ولـــنقرأ ما قالـــه
(ا.س. برادلي)في كتابه (التراجيديا الشكسبيرية) الجزء الثاني:
" وقاعدة شكسبير العامة في اسناد الكلام المنثور الى الاشخاص من ذوي الحالة العقلية الشاذة – وعلى هذا القياس - نجد (هملت) عندما يمثل دور الرجل المجنون يستعمل النثر، ولكنه في المناجاة وفي حديثه مع (هوراشيو) وفي توسله الى امه نراه يتحدث بالشعر (واوفيليا) في جنونها اما ان تغني مقتطفات من الاغاني او تتحدث بالنثر واقوال الملك (لير) بعد ان اصبح مجنونا جنوناً مطبقا تكاد تكون جميعها بالنثر، ولكن حين يصحو من نومه معافى وقد استرد عقله يعود الى الشعر. (وعطيل) في الفصل الرابع، المنظر الاول، يتحدث الشعر الى اللحظة التي يخبره فيها (اياجو) ان (كاسيو) اعترف، فهناك تجئ عشر سطور من النثر، عبارات تعجب وتمتمات رعب حائر، ثم يسقط على الارض مغمى عليه. من الجلي ان الفكرة التي تكمن وراء عادة شكسبير هذه، هي ان الايقاع المنتظم للشعر يكون غير ملائم حين يفترض ان العقل قد فقد وزنه واصبح تحت تاثير انطباعات طارئة انية من الخارج، كما هي الحال مع الملك لير، او ناشئة عن افكار منبعثة عن اعماق الوعي – الواحد اثر الاخر- عبر المنظر الخارجي الجامد، كما حدث لـ (ليدي مكبث) في سيرها اثناء النوم، اذ ليس هناك ارتباط معقول بين تتابع الصور والافكار من خلال مراى الدم على يديها وصوت دقات الساعة تعلن موعد اغتيال (دنكان) وهكذا ([77]).
لقد نجم عن ترجمة الاسلوب الشكسبيري تنويعاتها اللغوية المختلفة تنوعا ثرا في ابتكار مواضيعه التي طرقها في اعماله المسرحية. فمسرحية (تيتوس اندرونيكوس) الني كتبها عام (1952)
وقعت تحت تاثير سلطة سلفه (كريستوفر مارلو) البلاغية، ولذا فقد بدا شيكسبير فيها " مسيطرا على موهبة الشعر النبيل والبلاغة القوية " ([78]) كذلك ملاهيه الاولى هي الاخرى وقعت نحت هذا التاثير البلاغي (لمارلو) " فكانت النتيجة كثيرا من الشعر الفياض المزدحم بالصور والنغم
والقوافي ".([79]) في مسرحية (كوميديا الاخطاء 1594) اعتمد شكسبير على لغة مسرحية صعبة، يدور الهزل فيها كثيرا على التلاعب بالألفاظ. ([80])وفي ملهاته (حلم ليلة صيف 1595) قدم شكسبير قطعة من الخيال الخالص في موضوعها والشعر الخالص في روحها.([81]) وفي (روميو جوليت 1595) ازداد شكسبير حرية في الجمع بين المتناقضات وقد جمع الشعر الرفيع الى جانب النثر الواقعي..([82])
اما في مسرحيته التاريخية (هنري الخامس 1589) يعود (شكسبير) الى طابعه الاول، وهو الطابع البلاغي والخطابي، فنجد فيها " الاستعارات والكنايات والجمل الاعتراضية الطويلة والتلاعب بالالفاظ، مع بروز مشكلة خاصة من طراز جديد وهي الحوار الذي يدور في مواضع عديدة باللغة الفرنسية، او يخلط من الفرنسية و الانكليزية الى غير ذلك من التنوعات اللغوية.([83]) وتعتبر مسرحية (يوليوس قيصر 1599) نقطة الذروة في بلوغ اسلوب (شكسبير) الدرامي قدرا من العمق والتطور والرصانة، بلغ حدا معينا من الكمال، تجلت معالمه بوضوح في الامتلاك السهل لناصية البيان والتناسق التام.
" وربما لا يكون اسلوب شكسبير في أي مكان اخر بمثل هذا الخلو من العيوب " ([84]) من خلال التركيز على الموضوع والاقتصاد في الالفاظ ([85]) وفي مسرحية (هاملت 1602) وهي " اشد ماسي شكسبير صقلا واكملها شكلا واكثرها تنوعا وحشدا "([86]) فقد تضمن اسلوب كتابتها تنوعاً غير عادي.([87]) بحيث نجد الاداتين الاسلوبيتين " الشعر والنثر، على درجة واحدة من الدقة " ([88]) من خلال ايجاد " التباين الذي يستبدل الشعر والنثر لاغراض درامية مختلفة ([89]) وبهذا كانت لغة هاملت لغة سامية غير متكلفة ولا مصطنعة. لقد جمعت لغة الدراما الشكسبيرية الشعر الذي يستطيع التعبير عن اسمى الافكار مع النثر المحكي الدارج بكل مايتصل به من العادي والمالوف والبسيط في تجربة من اهم التجارب الاسلوبية في تاريخ الدراما واكثرها نضجا واشعاعا. ولنستمع الى انطونيو في مسرحية يوليوس قيصر:
انطونيو: لو كان باعينكم دمع فلتستعدوا لذرفه الان.. جميعكم يعرف هذه العباءة. اني اذكر المرة الاولى التي لبسها قيصر فيها. كان ذلك في خيمته في احدى امسيات الصيف، يوم ان قهر جيوش النيرفي. انظروا ! هنا اخترق العباءة خنجر كاسيوس. وانظروا المزق الذي احدثه هنا كاسكا الحقود. وهنا اثر طعنة بروتس الاثير لدى قيصر. واذ انتزع بروتس سيفه اللعين بعد طعنه، تبعه دم قيصر كما ترون، وكأنما خرج ليتاكد مما اذا كان هو بروتس حقا صاحب هذه الطعنة القاسية. فبروتس – كما تعلمون- كان حبيب قيصر.والالهة تنشد على مدى اعزاز قيصر اياه.. كانت طعنته هذه اقسى الطعنات طرا. ذلك انه ما لمحه قيصر الكريم وهو يطعنه، حتى صرعه العقوق ونكران الجميل باشد مما صرعته ايدي الخونة. حينئذ انفطر قلبه الكبير، فغطى وجهه بعباءته، وعند قاعدة تمثال بومبي التي كانت تفيض طيلة الوقت بالدماء، سقط قيصر العظيم. واية سقطة كانت تلك يا بني وطني ! وقتها كانت ايضا سقطتي، وسقطتكم، وسقطتنا جميعا، وتولت زمام امورنا ايدي الخونة المضرجة بالدماء.. اراكم تبكون الان، وتستشعرون الشفقة. وانها لدموع كريمة تلك التي تذرفونها. ولكنكم ايها الكرام انما تبكون ولما تشاهدوا غير اثر الطعنات في عباءة قيصر. لتنظروا هنا ! فهنا قيصر نفسه وقد مزقته كما ترون ايدي الخونة.
المدرسة الكلاسيكية الجديدة في فرنسا:
1- بيار كورنيه: (1606 – 1684):
يعد هذا الشاعر واحداً من ارفع اعمدة الشعر الكلاسيكي الجديد في فرنسا، وقد بلغ بفصاحته ومتانة اسلوبه، مبلغا، جعل النقاد والباحثين يعدون بلاغته " فتحا رائعا في اللغة الفرنسية،
يباري جهود (ماليرب) والاكاديمية الفرنسية " ([90])وهو كشاعر كلاسيكي " تتنازعه متطلبات الاسلوب الرفيع "([91]) يسيطر على ادواته اللغوية ويطوعها في نسخ اسلوبه الرصين تمام السيطرة ويعالجها بيسر وحذق لا يباريان، فجميع التراكيب اللغوية والنحوية وكل ما ينطوي عليه النظم من ضروب الايقاع وكل انواع الحوار، طوع قلمه للتعبير.([92]) فكانت لغته كما وصفها الدارسون والنقاد " هي لغة خطابية يبدو عليها التقادم، عنيفة بعض الشئ، عملية اكثر منها شاعرية، حسية جافة، غير مبتذلة ولا متكلفة، تمتاز بالجاذبية والابهار، ولاتسمح لاي انحراف في الفهم والتأويل، لكونها بليغة تعتمد على الوضوح المنطقي في التراكيب وبالدقة الشائقة في اختيار الكلمات الرنانة، تخلو من التلوين وليس فيها شي من التأثير التصوري، وينظمها ذلك الحس السامي باليقاع المجرد من كل مقومات الغنائية العادية، ككثرة الصور الخيالية ورقة الاجراس، وتمعن هذه اللغة في التجريد حتى تفقدها ابعادها الواقعية وتخلومن تصويرات اللونيات المحلية ([93])وهذه اللغة بقوتها وتظافر عناصرها وتراكيبها تتوازن مع الثقل الدرامي لشخصياته التي تسمو على الطراز البشري المالوف ([94]) وتثبت كفاءتها المطلقة في التصوير وتحليل ما يدور في نفوس هذه الشخصيات من العواطف المشبوهة والنوازع المتعارضة، وخصوصا مايمليه الصراع الرهيب بين العاطفة والواجب
وترتكز لغة الحوار الدرامي في مسرح كورنيه على عنصر (الملاسنة) وهي المغالبة باللسان فصاحة وبلاغة ([95]) وهو الجوهر الاسلوبي الفعال في التخاطب بين شخصياته البطولية السامية، حيث اتسمت لغة (كورنيه) الشعرية المنسوجة من مقاطع شعرية تتحكم فيها تعقيدات الطول والقافية ([96])بالعديد من الخصائص الاسلوبية، كالخطابية والوضوح والمبالغة والاطناب والتحليق في سماء المعاني. ورغم طغيان عبقرية (كورنيه) البلاغية على قدراته الدرامية الاان لغة مسرحه توافرت فيها العناصر الدرامية والحركية حتى وصلت الى مرتبة الكلام المفعم الجامع المانع ([97])ولذا فقد اثبت نجاحه وبراعته في صياغة لغة درامية نبيلة وصفها احد النقاد بانها:" عالية الطبقة في معناها ومبناها، تتوارد فيها الواحدة بعد الاخرى جوامع الكلم الذي اجاد (كورنيه) طريقة سبكها حتى أصبحت علما عليه ([98])
2- جان راسين: (1639 – 1699):
امتازت تجربة (راسين) الاسلوبية بسمات العمق والبساطة والرقة والدقة والعذوبة والتانق، وهي بذلك على النقيض من لغة (كورنيه) الخطابية الخشنة، وقد وصف الناقد والمؤرخ (كليمال بورغال) بانه " من المع صائغي الكلمة، وواحد من ابرع موسيقيي الشعر الفرنسي " ([99])و" ابرع كاتب صور الاساليب الكلاسيكية الفرنسية التي ميزت عصر لويس الرابع عشر " كما ذهب الى ذلك الناقد (الارديس نيكول ) ([100]).
لقد كان (راسين) حاذقا في تسخيره للضرورات الدرامية الخالصة، حين اعتمد في نسج ماسيه على "لغة فصيحة، محدودة، دقيقة ([101]) بعيدة عن الحشو و الاستطراد و تمتاز عباراتها " بالتركيز و تمام الصقل " ([102])ليصح بذلك ما يقوله الناقد (كليمال بورغال) عن شعر راسين بانه:
(غير قابل للفصل عن الدراما " ([103])و تقوم التجربة الاسلوبية في مسرح (راسين) الشعري على تتابع عمليات التوضيح و الصقل و الاقتراب المثابر من الكمال، من تعديل مستمر يجري على البنى لمنحها قوة اكبر و تناسقاً اكثر و تناغماً اوفر وصولاً الى الشعرية ([104]). قد استطاع (راسين) ان يصل بذلك الى مرتبة شعر درامي تصفه اقلام النقاد و الدارسين بانه: شعر موزون، منسجم، متسق دوماً، انيق، يجمع بين بساطة اللغة و بساطة التصوير، و تتوافر فيه الصورة الشعرية الى جانب الحركة الدرامية، و يتوضح في محيط لغة موسيقية متانقة، طيعة، تعتمد اعتماداً دقيقاً على احساس (راسين) الجميل و العميق بموسيقى اللغة الفرنسية، و تنسجم انسجاماً تاماً مع ابعاد شخصياته النسائية – الانيقات الرقيقات – كما ينأى شعر راسين الدرامى عن الحشو و الاستطراد و التفكك و الحذلقة والتزويق و الزخرف، و هو سهل، ممتنع بسيط قريب من الطبيعة بحيث يصل في الكثير من الاحيان الى مستوى النثر الفني، كما نتسجم عباراته انسجاماً تاماً مع طابع العصر، و تتناغم مع احداث مسرحياته التي تشبه الاحداث في الحياة اليومية، اذ ليس ثمة ما يخالف المالوف فيها، و ابراز كل ذلك في صور شعرية يسيرة و لكنها عميقة كل العمق و تعد اسمى نموذج فني للشعر الفرنسي الكلاسيكي ([105]). ونقرا الحوار التالي:
انطيغونا: وحدها ماذا قررت، ايتها الاميرة المنكودة الحظ ؟ بين ذراعيك ماتت امك، افلا تقدرين ان تقتفى خطواتها، وتنهى بالموت مصيرك البائس ؟ اتريدين ان تستبقى نفسك لكوارث جديدة ؟ اخواك ملتحمان، ولا شيئ يمكن ان ينقذهما من اسلحتهما الفاتكة.
انما امثولة تحفزك الى ان تمزقي خاصرتك فانت وحدك من يسكب الدمع اما الاخرون فيسكبون الدماء. ما النهاية المميتة في الامي ؟ بماذا ينبغي ان يستجير عذابي ؟ اعليّ ان اعيش ؟ اعليّ ان اموت ؟ حبيبي يستبقيني، امي تدعوني واراها في ليل القبر تنتظرني فما يدفعني اليه العقل، يأباه الحب عليّ وينتزع مني رغبتي فيه.
ما اكثر الاسباب التي اراها تدعوني لمفارقة العالم لكن وا اسفاه ! ما اشد حرصنا على الحياة حين يكون حبنا قويا الى هذه الدرجة ! بلى ايها الحب، انت من يحتجز روحي الهاربة فانا اعرف صوت من غلبني: مات في قلبي مع ذلك تحيا، وتريد ان احيا انا كذلك، تقول ان حبيبي سيتبعني الى القبر وعليّ ان اصون شعلة ايامي لكي انقذ من احب هيمون، انظر ماللحب عليّ من سلطان: فانا لااريد ان اعيش ولئن شككت يوما بهذا اللهب الامين... لكن هاهو نبأ القتال المشؤوم.
موليير: (1622 – 1673).
تنوع اسلوب ملاهي (موليير) بين النثر الخالص و الشعر الخالص، موظفاً اللغة و الالفاظ توظيفاً مدهشاً في ارساء ملامح تجربتة الاسلوبية، باعتبارها ادق وسيلة من وسائل الاضحاك في مسرحه الكوميدي الرفيع.. فقد كتب مسرحيته البخيل (1659).([106]) بالنثر في خمسة فصول، و كذلك (المتحذلقات المضحكات 1659) و (طرطوف 1664) ثم كتب (المتزمت 1666) بالشعر، ثم (البرجوازي النبيل 1667.) بالنثر، و (النساء العالمات 1672) بالشعر و
(مريض بالوهم، و دون جوان 1673) و كلاهما بالنثر.([107]) و قد حافظت ملاهي (موليير) على مواقع الشعر الى جانب مواقع النثر في عالم الملهاة. و كان يعاب على (موليير ) احيانا ً ان نثره اشبه بالنظم و ان نظمه اقرب الى النثر ([108]) و في كتابه (الدراما) يعلق الناقد (اشلي ديوكس) على ذلك بقوله: " يبدو ان استخدام احد الاسلوبين النثري او الشعري في الملهاة، كان يخضع لارادة المؤلف اكثر من خضوعه لمقتضيات الموضوع نفسه، و لقد ساعدت – بلا شك – الخصائص الصوتية للغة الفرنسية، بما فيها من تكرار مستمر للمقطع الصامت في تقسيم ابيات
الشعر " ([109]) ان لغة (موليير) الدرامية تكسب ثرائها من ثراء الشخصيات المتنوعة التي رسمها بدقة و احكام، فمن هذه الشخصيات من يبلغ اقصى درجات التشاؤم و منها المتفائل الى ابعد
حدود التفاؤل، كما كان فيها الساخر الى ابعد درجات السخرية، و المتحذلق الى ابعد حدود الحذلقة، انها بتعبير ادق: " ثروة ادبية كبيرة، و كنز فريد من الشخصيات " ([110])و كانت لغة حواره تحمل الكثير من معاني الصدق و الدقة و الاصالة، فهو حينما يرسم شخصية ريفية يصطنع لها حديثاً يخيل الى الجمهور عندما يسمعونه، انهم وسط الريف يستمعون الى لغة ريفية في الفاظها و في عباراتها، و نبراتها و اخطائها و في عيوبها النطقية، و حين يرسم شخصية ارستقراطية يصطنع لها حديثاً من نوع اخر، حتى يخيل الى الجمهور انهم وسط القصور يستمعون الى لغة تفيض وقاراً وحشمة و ادباً.([111]) ولقد اثبت (موليير) قدرته الفائقة في رسم شخصياته سالفة الذكر، ليس بالالوان المتفاوتة المختلفة، ولكن بالكلمات والتراكيب الدقيقة الصامتة الموحية، وقد كان هذا الرسم يعتمد اعتمادا قويا على دقة الملاحظة وعمق التامل حتى قال النقاد عنه: " انه رجل مسرح بالمعنى الكامل " وهم لايقصدون من وراء ذلك سوى، انه الكاتب الفنان الذي يستطيع ان يبرز شخصياته في ادق صورة من حيث الملامح والقسمات ولغة الحديث. ([112])ولقد كشف موليير عن مقدرة فنية فذة واصيلة، وثروة لغوية طائلة، ومرونة في الاساليب اللغوية والتعبير الادبي، قلما تتوفر مثلها عند كاتب كوميدي اخر.([113])
فاستطاع بذلك ان ينسج حوارا دراماتيكيا يصفه النقاد بانه " حوار حياة وليس حوارا ادبيا "([114]). ومن مسرحية عدو البشر نطالع هذا الحوار:
السست: اقول لك: هذا امر انتهيت فيه الى الراي الحاسم.
فيلنت: لكن مهما يكن امر هذه الخصومة، هل تستلزم ان تلجئك...
السست: عبثا ما تحاول معي، وعبثا ما ترشدني، فلا شيئ يمكن ان يحيد بي عما قلت، ففي عصرنا الذي نحياه يسيطر فيض من فساد. واريد ان اعتزل الناس بقطع صلاتي بهم، عجبا ! قد راى الناس خصمي في الدفاع يخالف مبادئ الشرف والاستقامة والحياء والقوانين. وفي كل مكان يتحدث الناس في عدل قضيتي، وانما تعتمد نفسي فيها على ايماني بالحق.
وبالرغم هذا اراني خدعت في النتيجة: ففي جانبي العدالة، ثم اخسر الدعوى ! على حين يخرج ظافرا من البهتان المربع خداع يعرف الناس سيرته الفاضحة،÷ وتذعن لخيانته كل اركان العدالة، ويجد وهو يذبحني وسيلة لتصويبه ! ونفاقه يفيض ببهرج التصنع، ولكن له من الاثر ما يطيح بالحق الثابت ويحيد بالعدالة ! ويثبت قواعد اجرامه بحكم قضائي، ولم يكتف بعد ذلك بما نسبوه من خطأ اليّ بل نشر بين الناس كتابا شنيعا جديرا بان تحظر قراءته نفسها، كتاب يستحق ان يعاقب عليه اقسى العقاب ثم تبلغ الوقاحة بهذا المخاتل ان يزعم اني مؤلفه وعلى مشهد من القوم يهمس بذلك " اورونت " محاولا في خبث ان يدعم هذا البهتان له مكانة الرجل السري في القصر، ولم اصنع به اذى سوى اني كنت معه صريحا صادقا اذ تقدم الي بالرغم مني في حماسة مشبوبة يطلب مني رايي في اشعار نظمها فسلكت في حكمي مسلك الاستقامة ولم اشا ان اخدعه لاهو ولا الحقيقة وهاهو ذا يساعد على اعانتي بجريمة وهمية وهاهو ذا اصبح لي اكبر عدو ولن اظفر ابدا من قلبه بعفو لاني لم اجد قصيدته طيبة والناس لعمري على تلك الشاكلة وانما تحملهم الكبرياء الكاذبة على تلك الافعال وهذا هو كل ما يجده المرء لديهم من الصراحة والغيرة على الفضيلة والعدالة والشرف فهيا فقد تجاوز العنت الطاقة مما يخلقون لنا من احزان فهيا نترك هذه الغابة هذه المفازة فما دمتم تعيشون هكذا بين الناس ذئابا في الحقيقة لن تروني ما عشت في صحبتكم ايها الخونة.
المصادر و المراجع
- ابراهيم محمد حمدي، دراسة عن نظرية الدراما الاغريقية، القاهرة: دار الثقافة للطباعة و النشر، 1977 ..
- أرستو فانيس، الضفادع، ترجمة محمد صقر خفاجة، القاهرة الهيئة المصدرية العامة للكتاب، 1974. .
- اسماعيل، عز الدين، الشعر العربي المعاصر، قضاياه و ظواهره الفنية و المعنوية، بيروت دار العودة، ط 3، 1981. .
- البنهاوي، اسماعيل، مقدمة: مسرحيتي، اليكترا و اورستييس، تاليف يورويبيدس، ترجمة و تقديم: البنهاوي، الكويت: سلسلة المسرح العالمي العدد 56 وزارة الاعلام، 1974..
- التكريتي، جميل نصيف، قراءة و تاملات في المسرح الاغريقي، بغداد: دار الحرية للطباعة، 1985..
- الحكيم، توفيق، الادب الفرنسي في العصره الذهبي، دمشق: مكتبة ربيع، 1956. .
- الديب، بدر، مقدمة كوميديا الاخطاء، تاليف، وليم شكسبير، ترجمة و تقديم: بدر الديب، المجلد 3، القاهرة، دار المعارف بمصر، 1968..
- بدران، محمد، مقدمة: تيتوس اندرونيكوس، تاليف: وليم شكسبير، ترجمة: صفية ربيع، المجلد الثاني، القاهرة: دار المعارف بمصر، 1968..
- برادلي، ا.س، التراجيديا الشكسبيرية، الجزء الثاني، ترجمة: حنا الياس، القاهرة: دار الفكر العربي، (د: ت). .
- بنتلي، اريك، نظرية المسرح الحديث، ترجمة يوسف عبد المسيح ثروت، بغداد: 1975. .
- بورغال، كليمال، جان راسين، ترجمة منى النجار، بيروت المؤسسة العربية للدراسات، 1980..
- بيكوك، رونالد، الشاعر في المسرح، ترجمة: ممدوح عدوان، دمشق: منشورات وزارة الثقافة و الارشاد القومي، ط 2، 1978. .
- الخياط، جلال، الاصول الدرامية في الشعر العربي، بغداد: دار الحرية للطباعة، 1982. .
- جاسكوين، بامبر، الدراما في القرن العشرين، ترجمة: محمد فتحي، القاهرة: (د. ت)..
- جبرا ابراهيم جبرا، مقدمة: هاملت، تاليف وليم شكسبير، ترجمة و تقديم: جبرا ابراهيم جبرا، (بيروت: دار القدس للطباعة و النشر، (د: ت)). .
- حاوي، ايليا، اسخيلوس، بيروت دار الكتاب اللبناني للطباعة و النشر، 1981. .
- حسين، مؤنس طه، مقدمة روميو و جوليت، تاليف: و ليم شكسبير، ترجمة و تقديم مؤنس طه حسين، القاهرة: دار المعارف بمصر، (د: ت) .
- درويش، علي، دراسات في الادب الفرنسي، القاهرة: الهيئة المصرية للكتاب، 1973. .
- ديوكس، اشلي، ترجمة محد خيري، القاهرة: مطبعة مخيمر، (د: ت) .
- رشدي، رشاد، نظرية الدراما من ارسطو الى الان، القاهرة، مكتبة الانجلو المصرية، 1968. .
- سكر، ابراهيم، الدراما الاغريقية، القاهرة: المؤسسة المصرية العامة للنشر، المكتبة الثقافية , 1968. .
- سكر، ابراهيم، الدراما الروما نية، القاهرة: دار الكتاب العربي للطباعة و النشر، 1970..
- شعراوي، عبد المعطي، مقدمة، مسرحية، عابدات باخوس، تاليف: يوربيدس ترجمة و تقديم: شعراوي، الكويت: سلسلة المسرح العالمي، العدد 180 وزارة الاعلام، 1984..
- صدقي، عبد الرحمن، المسرح الديني في العصور الوسطى، القاهرة: دار الكتاب العربي، 1965. .
- عامر، عطية، النقد المسرحي عند اليونان، بيروت: 1964..
- عبد الحليم، محمد و فايزه هيكل، مقدمة المنافق، تاليف: موليير، تر: محمد عبد الحليم و فايزه هيكل، القاهرة سلسلة مسرحيات عالمية، 1966. .
- عبد الصبور، صلاح، و تبقى الكلمة، دراسات نقدية، بيروت: دار الحداثة، 1970..
- عثمان، احمد، الشعر الاغريقي تراثاً انسانياً و عالمياً، الكويت، سلسلة عالم المعرفة، 1984. .
- عثمان، احمد، مقدمة: هرقل فوق جبل اويتا، تاليف سينكا، ترجمة و تقديم: احمد عثمان، الكويت: سلسلة المسرح العالمي , 1987..
- عوض، محمد، مقدمة هنري الخامس، تاليف: وليم شكسبير، ترجمة و تقديم: محمد عوض، المجلد 9، القاهرة: دار المعارف بمصر، 1968..
- عون، حسن، مقدمة مدرسة الازواج و ساجاناريل، تاليف موليير، ترجمة و تقديم: حسن عون، القاهرة سلسلة مسرحيات عالمية، 1965. .
- فاضل، عبد الحق، مقدمة يوليوس قيصر، تاليف: وليم شكسبير، ترجمة و تقديم عبد الحق فاضل، المجلد 10، القاهرة: دار المعارف بمصر، 1973..
- محمود، حسن، مقدمة حلم ليلة صيف، تاليف: وليم شكسبير، ترجمة و تقديم حسن محمود، المجلد 5، القاهرة: دار المعارف بمصر، (د: ت)..
- موسى، فاطمة، وليم شكسبير شاعر المسرح، القاهرة، دار الكتاب العربي للطباعة و النشر، 1969. .
- نور، علي، ملامح مصرية في المسرح الاغريقي، القاهرة، الدار القومية للطباعة، (د: ت). .
- نيكول، الارديس، المسرحية العالمية، ج1، ترجمة عثمان نوية، القاهرة، وزارة الارشاد و الثقافة القومي، (د: ت). .
- نيكول، الارديس، المسرحية العالمية، ج 2، ترجمة: د. محمد حامد شوكت، القاهرة: مطبعة الرسالة، (د: ت). .
- نيكول، الارديس، علم المسرحية، ترجمة: دريني خشبة، القاهرة: المطبعة النموذجية، (د: ت). .
- هرلاند، لويس، كورنية، ترجمة: نيرفانا خراز، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات و النشر، 1984..
- هنجلف، ب.، اللامعقول، عبد الواحد لؤلؤة، بغداد: دار الحرية للطباعة، 1979..
- بنتلي، وميليت، فن المسرحية، ترجمة: صدقي حطاب، بيروت دار الثقافة، 1966 .
- جبرا ابراهيم جبرا، حول مشكلة الحوار في المسرحية العربية، مجلة المعرفة، دمشق العدد 34، السنة 3، 1964..
- حمدي، كمال ممدوح، اتجاهات الدراما اليونانية، سوفوكلس، الحلقة 2، مجلة الثقافة، (القاهرة)، العدد 17، السنة الثانية 1975 ..
- شعراوي، عبد المعطي، سوفوكلس و لغة التراجيديا، مجلة العربي، الكويت: العدد 288، السنة 19، 1977..
- واين، جون، طبيعة مسرحيات شكسبير، ترجمة: كمال قاسم نادر، مجلة الثقافة الاجنبية، بغداد العدد 1، 1982. .
الزبيدي، علي، المسرح و الشعر، من بحوث مهرجان المربد الشعري 1974، بغداد: دار الحرية للطباعة، 1974..
[1]- ينظر: د. جلال الخياط، الاصول الدرامية في الشعر العربي، (بغداد: دار الحرية للطباعة، 1982)، ص 11.
[2]- عزالدين اسماعيل، الشعر العربي المعاصر، قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية، (القاهرة: 1967) ص284
[3]- حياة شرارة، بيلنسكي والاجناس الادبية، مجلة الثقافة، العددان 11 و 12 (بغداد) 1979، ص 89.
[4]- اريك بنتلي، نظرية المسرح الحديث، ترجمة يوسف عبد المسيح ثروت، (بغداد)،ص452
[5]- المصدر نفسة،ص167
[6]- اشلي ديوكس، الدراما، ترجمة: محمد خيري، (القاهرة: ب، ت)، ص 5.
[7]- اريك بنتلي، المصدر السابق، ص 309.
[8]- ينظر: د. علي جواد الطاهر، مقدمة في النقد الادبي، الفصل الخاص بالمسرحية، (بيروت: 1979)، ص 187 و ما بعدها.
[9]- ملحمة كلكلمش ، ترجمة د. طه باقر، (بغداد 1971) – هو الذي رأى، عبد الحق فاضل، (بيروت: 1972) – قصائد الجنة و النار في العراق القديم، ساندرسن (لندن: 1971) – رثاء اور، اطروحة في المسرح العراقي القديم، د. عوني كرومي، مجلة الاقلام، العدد، 6، (يغداد، 1979، ص 3 و ما بعدها.سس
[10]- ينظر: د. جلال الخياط، المصدر السابق، ص 13.
[11]- ينظر: د. جلال الخياط، المصدر السابق، ص 15 و ينظر كتاب ارسطو مقدمة زكي نجيب محمود، ص هـ.
[12]- حياة شرارة، بيلنسكي والاجناس الادبية، مجلة الثقافة، العددان،11،12 (بغداد) 1979،ص89.
[13]- ينظر د. جلال الخياط، المصدر السابق، ص 17، و كذلك: يوجر، نظرية ارسطو في ة الشعر و الفن، نيويورك، 1951.
[14]- المصدر نفسه: د. جلال الخياط، المصدر السابق، ص 17.
[15]- ينظر ك د. جلال الخياط، المصدر السابق، ص 17.
[16]- رشاد رشدي، نظرية الدراما من ارسطو الى الان (القاهرة: 1968)، ص 23.
[17]- د. جلال الخياط المصدر السابق، ص 18.
[18]- ارستوفانيس، الضفادع، ترجمة: د. محمد صقر خفاجة، (القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1974)، ص13.
[19]- عطية عامر، النقد المسرحي عند اليونان، (بيروت: 1964)،ص33 وما بعدها.
[20]- توفيق الحكيم، في الادب،ط2 (بيروت: 1973،ص149.
[21]- محمد مندور، مسرحيات شوقي، مهرجان شوقي (القاهرة: 1960)، ص 116.
[22]- ينطر: جلال الخياط،المصدر السابق النص 20.
[23]- ينظر: المصدر نفسة، ص21.
[24]- بامبر جاسكوين، الدراما في القرن العشرين،ترجمة: محمد فتحي، (القاهرة: د، ت)، ص65
[25]- اريك بنتلي، نظرية المسرح الحديث، المصدر السابق نص 310.
[26]- صلاح عبد لصبور، وتبقى الكلمة، دراسات نقدية، (بيروت: دار الحداثة، 1970)،ص 17
[27]- المصدر نفسه، ص 18.
[28]- ينظر الارديس نيكول، المسرحية العالمية،ج1، تر: عثمان نوية (القاهرة: وزارة الثقافة والارشاد القومي د، ت)، ص7.
[29]- د. ابراهيم سكر، الدراما الاغريقية، (القاهرة:المؤسسة المصرية العامة للنشر، المكتبة الثقافية،1968)،ص48
[30]-، 2 احمد عثمان، الشعر الاغريقي تراثا انسانيا عالميا، (الكويت: سلسلة عالم المعرفة، 1984) ص216- 228
[31]- المصدر السابق، ص 216.
[32]- ارستوفانس،الضفادع، المصدر السابق،ص118.
[33]- ايليا حاوي، اسخيليوس، بيروت: دار الكتاب اللباني للطباعة و النشر، 1981)، ص ص 71، 72.
[34]- الادريسي نيكول، المسرحية العالمية، ج 1،المصدر السابق / ص 118.
[35]- د احمد عثمان، الشعر الاغريقي تراثا انسانياً عالمياً، المصدر السابق، 247.
[36]- المصدر نفسه، ص 248.
[37]- ينظر الادريس نيكول، المصدر السابق، 49.
[38]- ينظر د. احمد عثمان،المصدر السابق، ص 288.
[39]- د. عبد المعطي الشعراوي، " سوفوكلس و لغة التراجيديا، مجلة العربي (الكويت)
[40]- كمال ممدوح حمدي، اتجاهات الدراما اليونانية: سوفوكلس "، كجلة الثقافة (القاهرة)،
العدد 17، السنة الثانية، 1975)، ص 44.
[41]- د. احمد عثمان، المصدر السابق نفسه، ص 268.
[42]- د. جميل نصيف التكريتي، قراءة و تاملات في المسرح الاغريقي، (بغداد: دار الحرية للطباعة، 1985)،
ص 220.
[43]- ينظر د. احمد غثمان،المصدر نفسه، ص 289.
[44]- الادريس نيكول، المسرحية العالية، ج 1، المصدر السابق، ص 79.
[45]- علي نور ملامح مصرية في المسرح الاغريقي، القاهرة: الدار القومية للطباعة د: ت)، ص 44
[46]- د. ابراهيم سكر، الدراما الاغريقية، مصدر سالبق، 73.
[47]- علي نور، المصدر السابق نفسه، ص 45.
[48]- د. عبد المعطي شعراوي، مقدمة: مسرحية " عابدات باخوس " تاليف: يوربيدس ترجمة و تقديم: شعراوي
(الكويت: سلسلة الميرح العالمي ، العدد 180 وزارة الاعلام، 1984، ص 5
[49]- اسماعيل (البنهاوي، مقدمة: مسرحيتي " اليكترا و اور ستيس تاليف: يوربيدس، ترجمة و تقديم: البنهاوي
(الكويت: سلسلة (المسرح العالمي العدد 56 وزارة الاعلام، 1974) ص 9.
[50]- د. ابراهيم سكر، الدراما الاغريقية، المصدر السابق، 102.
[51]- د. احمد عثمان، الشعر الاغريقي تراثاً انسانياً و عالمياً، مصدر سابق، ص 349.
[52]- ينظر : محمد حمدي ابراهيم، دراسة عن نظرية الدراما الاغريقية، القاهرة: دار الثقافة للطباعة و النشر، 1977) ص 116
[53]- د. احمد عثمان المصدرالسابق نفسه، 349.
[54]- ينظر: محمد حمدي ابراهيم، المصدر السابق نفسه، ص 116.
[55]- ينظر: الارديسي نيكول، المصدر السابق، ص 144
[56]- ينظر: د. احمد عثمان المصدر السابق، ص 349.
[57]- د. احمد عثمان، مقدمة،هرقل فوق جبل اويتا، تاليف: سينكا، ترجمة وتقديم: د. احمد عثمان (الكويت: سلسلة المسرح العالمي، 1987)،ص97.
[58]-، 5، 6 الارديسي نيكول، المصدر السابق، ص188، 193، 195
[59]- د. احمد عثمان، مقدمة،هرقل فوق جبل اويتا، المصدر السابق، ص 188، 193، 195.
[60]- المصدر نفسه.
[61]- الارديسي نيكول، المصدر السابق، ص 188، 193.
[62]- د. احمد عثمان، المصدر السابق، ص 97.
[63]- ميليت وبنتلي، فن المسرحية، ترجمة: صدقي حطاب، (بيروت دار الثقافة، 1966) ص 182.
[64]- د. ابراهيم سكر، الدراما الرومانية، (القاهرة: دار الكتب العربي للطباعة والنشر، 1970) ص 96.
[65]- ينظر: عبد الرحمن صدقي، المسرح الديني في العصور الوسطى، (القاهرة: طار الكاتب العربي، 1965).
[66]- الارديسي نيكول، علم المسرحية، ترجمة: دريني خشبة، (القاهرة: دار الكتاب العربي د: ت) ص96.
[67]- الارديسي نيكول،المسرحية العالمية ، ج2،ترجمة: د. محمود حامد شوكت، (القاهرة: مطبعة الرسالة د،ت)، ص31
[68]- جبرا ابراهيم جبرا، حول مشكلة الحوار في المسرحية العربية، مجلة المعرفة، (دمشق: العدد34، السنة، 3، 1946)، ص129.
[69]- المصدر نفسه،ص129.
[70]- المصدر نفسه،ص129
[71]- ينظر جوان واين، طبيعة مسرحيات شكسبير، ترجمة، د. كمال قاسم نادر، مجلة الثقافة الاجنبية، (بغداد) العدد 1، 1982، 151.
[72]- د. محمد غنيمي هلال، النقد الادبي الحديث، (بيرون : دار ااعودة 1973)، ص664
[73]- جبرا ابراهيم جبرا، حول مشكلة الحوار في المسرحية العربية، المصدر السابق، ص155.
[74]- جون واين، طبيعة مسرحيات شكسبير ، المصدر السابق، ص129.
[75]- جبرا ابراهيم جبرا، المصدر السابق، ص129.
[76]- الارديسي نيكول، علم المسرحية، المصدر السابق، ص120.
[77]- ينظر: ا.س برادلي، التراجديا الشكسبيررية، الجزء الثاني، ترجمة، حنا الياس،
(القاهرة: دار الفكر العربي ب، ت)، ص190 – 192.
[78]- محمد بدران، مقدمة: تيتوس اندرونيكوس، تاليف وليم شكسبير ى: ترجمة،صفية ربيع، المجلد الثاني، (القاهرة: دار المعارف بمصر، 1968) ص247.
[79]- د. فاطمة موسى، وليم شكسبير شاعر المسرح، (القاهرة: دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، 1969).
[80]- بدر الديب، مقدمة: كوميديا الاخطاء، تاليف وليم شكسبير، ترجمة وتقديم: بدر الديب، المجلد 3 (القاهرة: دار المعارف بمصر، 1968) ص7.
[81]- حسن محمود، مقدمة:حلم ليلة صيف، تاليف:وليم شكسبير، ترجمة وتقديم ، حسن محمود، المجلد 35، (القاهرة: دار المعارف بمصر، د: ت) 226.
[82]- د. مؤنس طه حسين، مقدمة روميوجوليت، تاليف: وليم شكسبير، ترجمة وتقديم: د. مؤنس طه حسين، (القاهرة دار لمعارف بمصر، د، ت) ص10.
[83]- د. محمد عوض، مقدمة هنري الخامس، وليم شكسبير، ترجمة وتقديم : د. محمد عوض، المجلد 9، (القاهرة: دار المعارف بمصر، 1968)، 11.
[84]- ا. س. برادلي التراجيديا الشكسبيرية، ج1: تر حنا الياس، (القاهرة: دار الفكر العربي، د: ت).
[85]- عبد الحق فاضل، مقدمة يوليوس قيصر:تاليف، وليم شكسبير، ترجمة وتقديم: عبد الحق فاضل، المجلد 10، (القاهرة: دار المعارف بمصر، 1973) ص7
[86]- جبرا ابراهيم جبرا،مقدمة: هاملت،تاليف: وليم شكسبير، ترجمة وتقديم: جبرا ابراهيم جبرا ، (بيروت: دار الكتب للطباعة والنشر
[87]- ا.س , برادلي، التراجيديا الشكسبيرية، ج1، المصدر السابق، ص110.
[88]- جون واين طبيعة مسرحيات شكسبير، المصدر السابق، ص155.
[89]- الارديسي نيكول، علم المسرحية، المصدر السابق، ص120.
[90]- يوسف محمد رضا، مقدمة: مسرحية السيد، تاليف كورنيه، ترجمة وتقديم: يوسف محمد رضا، (بيروت دار الكتاب د: ت)، ص41..
[91]- لويس هر لاند، كورنيه، ترجمة: د. نيرفاناخراز، (بيروت المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1984)233.
[92]- يوسف محمد رضا، مقدمة هوراس ، تاليف: كورنيه، ترجمة وتقديم: يوسف محمد رضا، (بيروت: دار الكتاب اللبناني) ص16.
[93]- أنظر مليت وبنتلي، فن المسرحية، مصدر سابق، ص31.
[94]- يوسف محمد رضا، المصدر السابق، ص41.
[95]- ينظر : ب. هنجلف، اللامعقول، ترجمة: د. عبد الواحد لؤلؤة، (بغداد: دار الحرية للطباعة، 1979) ص 77
[96]- لويس هر لاند، كورنيه، المصدر السابق، ص 231
[97]- أنظر مليت وبنتلي، فن المسرحية، مصدر سابق، ص31 وما بعدها.
[98]- كليمان بورغال، جان راسين، ترجمة منى النجار، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات، 1980) ص 21.
[99]-كليمان بورغال، المصدر السابق.
[100]- الادريسي نيكول، المسرحية العالمية، ج 2، المصدر السابق، ص 105.
[101]- رونالدو بيكوك، الشاعر في المسرح، ترجمة ممدوح عدوان، (دمشق: مطبعة وزارة الثقافة،1978) ص154.
[102]- الارديس نيكوول، المصدر السابق نفسه، ص 105.
[103]- كليمال بورغال، جان راسين، المصدر السابق، ص 101
[104]- المصدر نفسه.
[105]- ينظر الارديس نيكول، المسرحية العالمية، ج 2 ص 105 – ميليت وبنتلي، فن المسرحية، 136 – كلمال بورغال، حان راسين، 137 – رياض عصمت البطل التراجيدي في المسرح العالمي، ص 7 – عبد الحميد الدوخلي – مقدمة لمسربح راسين المجلد الاول، ص 42، عبد الحميد الدوخلي – مقدمة بايزيد، المجلد الثالث، ص 14 – عبد الحميد الدوخلي، مقدمة: اتالي، المجلد الرابع، ص 191.
[106]- عرضت البخيل في 9 سبتمبر – 1659، و قد قوبلت بفتور من الجمهور لانها كتبت بالنثر، فخرقت بذلك، كما هو الحال في دون جوان فيما بعد – احدى قواعد المسرح الكلاسيكي اذ كان العرض يقضي بالن تكتب المسرحيات الجادة بالشعر، و ان يترك النثر للمسرحيات الفكاهية.. البخيل ادهشت التقليدين و اثارتهم فصاحو ا قائلين: امجنون موليير هذا، ايعتبرنا حيوانات اذ يفرض علينا خمس فصول بالنثر انظر: د. علي درويش، دراسات في الادب الفرنسي،
(القاهرة الهيئة المصرية للكتاب، 1973) ص 39.
[107]- د. علي درويش، المصدر السابق نفسه، ص 30.
[108]- د. علي الزبيدي، المسرح و الشعر، من بحوث مهرجان المربد الشعري 1974، (بغداد: دار الحرية للطباعة، 1974) ص 17.
[109]- اشلي ديوكس، الدراما، ترجمة: محمد خيري، (القاهرة: مطبعة مخيمر د: ت ص 12)
[110]- د. حسن عون، " مقدمة / مدرسة الازواج و ساجاناريل " تاليف: موليير، ترجمة و تقديم: حسن عون، القاهرة: سلسلة مسرحيات، عالمية، 1965 ) ص 14.
[111]- المصدر السابق نفسه، ص 14.
[112]- د. حسن عون، " مقدمة / مدرسة الازواج و ساجاناريل، المصدر السابق نفسه، ص14.
[113]- المصدر نفسه، ص11.
[114]- د. محمد عبد الحليم ود. فايزة هيكل، مقدمة: المنافق تاليف موليير: تر: د. محمد عبد الحليم وفايزة هيكل،
(القاهرة سلسلة مسرحيات عالمية، 1966)، ص19