الخطب الوعظية للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في نهج البلاغة دراسة موضوعيه
المقدمة
تعد الخطب الوعظية عند الأمام على عليه السلام من أهم المواضيع إذ أخذت منحيين أساسيين في فلسفتهما وهما الدين والدنيا، وفي كل منهما رأيه، في دينه متشبع بروح الدين والتقوى وفي دنياه، يرغب عنها، لأنها زائلة لا تستقر ولا تدوم أي إنها في إطار سياسي ديني أو بالعكس. ولأهمية هذه الخطب الوعظية في حياتنا اليومية لتصحيح مسير حياتنا، عقدت العزم على أن أكتب في هذا المجال.
وبعد أن استقر الرأي على هذا الموضوع توكلت على الله وبدأت بقراءة خطب الإمام علي بن أبي طالـب عليه السلام لأحدد الخطب الوعظية التي ستقوم الدراسة عليها، والخطب الموثقة في شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد المعتزلي (ت 656 هـ) والتي وثقتها المصادر الأخرى التي اهتمت بخطب الإمام علي مثل البيان والتبيين، وتاريخ الطبري، ومروج الذهب، والبداية والنهاية، وعيون الأخبار، فضلا" عن جمهرة خطب العرب (العصر الإسلامي).
وقد واجهت صعوبات جمة في طريق رحلتي البحثية وهي مراجعتي للمكتبات المتخصصة وفي ظرف استثنائي بسبب زيارة أربعينية الإمام الحسين عليه السلام وصعوبة التنقل وما إلى ذلك من صعوبات معروفة. وبعد التحري والبحث في بطون أمهات الكتب وجدنا إن الوعظ لا يتعدى حدود إسداء النصح والإرشاد ولا يخرج عن إطار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد كرست دراستي للخطب الوعظية عند الإمام علي عليه السلام في (ذم الدنيا، والحث على التقوى).
وقد تكونت الدراسة من مبحثين، اختص الأول بالوعظ في خطب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام والآخر في ذم الدنيا وحبها.
ورغم ما اعترضني من صعوبات، وما واجهت من عناء ـ فلله الحمد ـ استطعت أن اخرج بهذا البحث وحسبه عصارة تلك الجهود، والعمل المضني الدؤوب طيلة تلك المرحلة وتحت وطأة ظروف صحية غير مستقرة.
وختاما" أقول إن وفقت فبفضله، تعالى وكرمه ولا ادعي الكمال، فالكمال للّه وحده، وان أخفقت فمن نفسي، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين أبى القاسم محمّد وعلى اله وصحبه المنتجبين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.
الوعظ في خطب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
بديهيا" إن ما تفرزه كل مرحلة من مراحل الحياة في المجالين، الفكري والعلمي ومن نتاج أدبي، يعد رهين الأحداث السياسية والتطورات الاجتماعية والثقافية لتلك المرحلة، وكان بظهور الدعوة الجديدة، صدى عميقاً يجلجل في دنيا الأحداث وهو أسمى وأجل، ألا وهو ظهور الإسلام والمتتبع لهذا الظهور العظيم في تأريخ أمتنا، يجد أن الخطابة قد أدت دوراً بارزاً إزاء هذا الحدث وما أفرزه من تطورات سياسية أخرى كظهور أفكار سياسية، وكتل المعارضة والأقطاب المؤيدة للدعوة الجديدة، ولما كان سيف هذه المرحلة في الدعوة هو الإقناع والبيان والتشريع إذاً لابد من أن يشمله تطور هائل عبر مراحل التطور الفكري والأدبي للأمة لأسباب كثيرة لا مجال لحصرها، ولكنها بلغت الذروة على عهد الإمام علي عليه السلام لسخونة الأحداث وكثرة الحروب إذ ((ارتقت الخطابة في عهد الإمام علي عليه السلام ارتقاءً واضحاً وصارت سلاحاً قوياً يلجأ إليه الخليفة وخصمه؛ ليثيران بها الأنصار، ويحفزان النفوس إلى الغارة والحروب، ولقد خلّف لنا هذا العصر قدراً كبيراً من الخطب، لم يؤثر مثله طوال عهد الخلفاء الراشدين؛ وليس ذلك بعجيب؛ فإن المسلمين لم يقفوا موقفاً يحتاج إلى الخطابة كهذا الموقف الذي وقفوه أيام الإمام علي عليه السلام ))([1]) فلم يحارب المسلمون، قبل هذه المرحلة بعضهم بعضاً، وإنما وحدوا سيوفهم لمحاربة الكفر والضلالة لنشر راية الإسلام، و إعلاء كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) التي تملأ قلوبهم وتمدهم بالروح المعنوية معززةً الإيمان بالله , والتقوى، وتحدوهم بتلك العقيدة السامية أن لهم إحدى الحسنيين؛ إما النصر وإما الشهادة التي تعني الجنة والنعيم، وكان وازعهم في هذا أو ذاك، قلب يدفعهم وعقيدة تقودهم فما احتاجوا يوماً إلى خطبة رنانة في محاربة الفرس والروم يطول فيها القول المقرون بالسجع والبلاغة وما إلى ذلك، وإنما كان الجهاد هو العامل الوحيد الذي يحفزهم، وتملأ قلوبهم الثقة بالنصر، معتقدين في ذلك أن الله سبحانه وتعالى يمدهم بروح من لدنه، وأن المجاهد منهم تنتظره الجنة، وما يغنمه من العدو من الفيء والغنائم ((أما اليوم فهم مدعوون لحرب قومٍ لا يشركون بالله، ولا ينكرون محمداً، بل هم على دينهم وعقيدتهم، ومن جنسهم وملتهم ولذلك كان الموقف الجديد في حاجة إلى خطيب يبرر حرب المسلم لأخيه المسلم، وقتل العربي بني قومه العرب))([2]) وكان الإمام علي عليه السلام على كثرة مشاغله مع خصومه،وهو المعين للضعيف والجذوة المتقدة للخلفاء الراشدين وهو لا يبخل عليهم في مشورة ٍ أو إبداء رأي في موقف تقتضيه مصلحـــة المسلمين ((وكان الإمام يسير مع الخلفاء الراشدين سيرة الناصح المرشد، المخلص في نصحه وإرشاده، فهو لا يبخل عليهم بعلمه، ولا يكتم رأيه ونصحه))([3]) وذلك لأنه على جانب كبير من العلم والمعرفة وهو ((الزهد والفصاحة وفي الحكمة والخطابة ثمرة منشئه الرفيعة، وبيئته العجيبة، وحياته الخصبة، وتجاربه الجليلة في الحياة، فكان حكيماً تتفجر الحكمة من بيانه، وخطيباً تتدفق البلاغة على لسانه وواعظاً ملأ السمع والقلب))([4]) والأمر لا يقف عند هذا الحد، وإنما يمتد إلى خصال ذاته، التي يتصف بها الإمام عليه السلام من منزلة رفيعة عند الرسول صلى الله عليه وآله والصحابة والمسلمين وقادته، وهو على جانب كبير من التقوى والزهد والورع، ومما حدا به أن ينال خطوة كبيرة لدى الرسول صلى الله عليه وآله والخلفاء.
والمتتبع لخطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يجد فيها أثر الوعظ المقرون بمعاني القرآن الكريم ((التي كان يرغب الخطباء في اقتباسها كما كانوا يرغبون في إرسال الحكم؛ وقد نفخت فيها العاطفة الدينية والحزبية بشدة، واهتم الخطباء للتأثير والإقناع اهتماماً واسعاً))([5]) والمتناول لخطب الإمام علي أغراض خطبه، يجد فيها أثراً للسياسة ومعنى ذلك أنه يساير الناس ويسايسهم دون المساومة في الدين والعقيدة، وبذا ينزع إلى واقع السياسة في إطار ديني شامل ((فإن خطب الإمام علي عليه السلام كانت تتطور بفعل واقعه السياسي، تنزع عنه وتصدر عنه، ممثلة آراءه وعقيدته في ما يطرأ على المسلمين، فهو حيناً يشير وينصح، وحيناً آخر يعظ ويبشر، وفي معظم الأحيان، يحض ويحرض، دون أن يتخلى عن النزعة الدينية، والتي استأثرت بخطبه وارتبطت بها ارتباطها بالأغراض السياسية))([6]) ولم يقف الإمام علي عليه السلام يوماً في إرشاد الناس ووعظهم، بل كان كثيراً ما يميل لإرشاد نفسه وتهديدها خشية الله تعالى، وتهذيب ذاته وسوف نتناول ذلك في أثناء خطبه. و بذا تحتل خطب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام المقام الأول في خطب التراث العربي بعد النبي محمد صلى الله عليه وآله حتى وصفه الدكتور علي الوردي في وعاظ السلاطين بأنه ((أشتهر عن علي أنه كان أول واعظ بليغ في الإسلام))([7]) وجاء في نهج البلاغة منه قوله: ((إن علياً يقوم في التراث العربي مقام سليمان الحكيم، حيث تجمع حول أسمه عدد لا يحصى من الحكم والمواعظ والأمثال، ووجد أسمه محفوراً على كثير من السيوف في القرون الوسطى))([8]) وهو في كل ذلك يرشد الناس إلى سواء السبيل والصراط المستقيم، مبيناً شرع الله تارةً وتارةً يرشدهم إلى طريق النجاة والفوز ممثلا ً بقوله ) وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُم الْمُفْلِحُون(،([9]) ((لأن الذي يقوم به يبين شرع الله للناس ويصلح به دنياهم وآخرتهم، ويربي وجدانهم،ويهذب نفوسهم، ويرشدهم إلى طريق الفوز، والخروج من آلام هذه الحياة))([10]) وعليه فقد جاءت خطبه عليه السلام جامعة شاملة فهي ((تجلو القلوب، وتهذب البصائر، وتسمو بالإنسان إلى أسمى مراتب الكمال، وكان لها التأثير البالغ في نفوس العارفين والمتقين))([11])
والمتتبع في خطب الامام عليه السلام يجد فيها الاهداف واضحة في الوعظ والارشاد ((وهي اصدق صورة لنفس الامام عليه السلام اودعها اعطرما في قلبه من التقوى والحقيقة المرتكزة على ايمان وثيق بالله، واعجاب بمخلوقاته وكمالاته، وزهد بالخيرات الزائلة، وايمان الامام علي عليه السلام ناطق في كل موعظة من مواعظه، فهي معطرة بذكر الله، تتصاعد منها صلوات حارة جميلة))([12])
وكيف لايكون كذلك وهو المتربي في كنف الرسول محمّد صلى الله عليه وآله فهوعلى جانب كبير من الخصال الحميدة، في دينه ودنياه فقد حمل ما حمله الرسول صلى الله عليه وآله وكان حريا" بأن تنعكس تلك الخصال الحميدة جملة" وتفصيلا" على كل ما يقوله الامام عليه السلام صور الوعظ والارشاد، وان تطبع بصماتها على خطبة ورسائله (فهو لايرى رأيا"، ولا يقضي بحكم، حتى يكون مشبعا" بروح الدين، يفيد منه للوعظ وبث روح التقوى، واقامة السنن، ولئن كان معظم خطبه يرجح بين الدين والسياسة، فأن ثمة خطب دينية، زهدية خالصة، ينصرف فيها الى تعظيم شأن الخالق، داعيا" المؤمنين للتخلي عن قناع الدنيا لايغرهم بها الغرور، ولا يخادعهم طيفها وسرابها، فهي مدبرة مولية حائلة، زائلة))([13])
وكان عليه السلام يتفاعل مع التأريخ وأحداثه تفاعلا "حيا" ايجابيا" في اصدار خطبه الوعظيه ((لا كمؤرخ، وانما بأعتباره رجل عقيدة ورسالة، ورجل دولة حاكما"، ولم يكن يستخدم التأريخ كمادة وعظية فقط وانما يستهدف أيضا" منه، النقد السياسي والتربية السياسية لمجتمعه والتوجيه الحضاري لهذا المجتمع))([14])
وكان يهدف من خلال كل ذلك الى ان يكون المسلمون مجتمعا" مثاليا" يخلو من الأحقاد والضغائن وتسوده المحبة والمودة والالتزام المطلق بالاسلام وتعاليمه السمحة لتكون حياتهم في الدنيا حياة عمل وقولا" الى دار الاخرة والاستقرار في الجنة بعد الحياة الدنيا التي كانت دار عمل واختبار.
ذم الدنيا وحبها
والمتتبع لخطب الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام يجد فيها تراثاً ثراً وإن هذه الخطب تعقد اللواء بين المتضاداتٍ التي تلازم حياة المؤمن في رحلته في الحياة الدنيا، وتنظم العلاقة بين العبد والمعبود، وتجعله يتكيف مع الحياة، ويتأقلم معها في إطار تلك المبادئ التي تؤكد في جوهرها مبدأ الثواب والعقاب.
فقد ذم الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الحياة الدنيا ونبذ مغرياتها ومباهجها، فالذي يتعلق بأوامر الله سبحانه وتعالى، رب العرش العظيم، ونواهيه، أيما تعلق، وكانت النتيجة أن اقترنت تلك الهوامش بخطبه، وتركت بصماتها واضحة جلية على كل ما قاله في المناسبات كافة، فلقد طلق الحياة الدنيا ثلاثاً، وطلب منها أن تغر غيره، فلا يغتر بها، ولا يعتد بها ومن خطبه عليه السلام ما يؤكد ذلك وصفه إياها بأنها ((دارٌ بالبلاء محفوفة، وبالغدر معروفة، لا تدوم أحوالها، ولا يسلم نزالها، أحوال مختلفة، وتارات متصرفة، العيش فيها مذموم، والأمان منها معدوم، وإنما أهلها فيها أغراض مستهدفة، ترميهم بسهامها، وتفنيهم بحمامها، وأعلموا عباد الله أنكم وما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى قبلكم، ممن كان أطول منكم أعماراً، وأعمر دياراً، وأبعد آثاراً، أصبحت أصواتهم هامدة، ورياحهم راكدة، وأجسامهم بالية، وديارهم خالية، وآثارهم عافية، فاستبدلوا بالقصور المشيدة والنمارق الممهدة؛ الصخور والأحجار المسندة، والقبور اللاطئة الملحدة، والتي قد بني على الخراب فناؤها، وشيد بالتراب بناؤها، فمحلها مقترب، وساكنها مغترب، بين أهل محلة موحشين؛ وأهل فراغ متشاغلين، لا يستأنسون بالأوطان، ولا يتواصلون تواصل الجيران، على ما بينهم من قرب الجوار، ودنو الدار، وكيف يكون بينهم تزاور، وقد طحنهم بكلكله البلى وأكلتهم الجنادل والثرى ! وكأن قد صرتم إلى ما صاروا إليه، وأرتهنكم ذلك المضجع، وضمكم ذلك المستودع. فكيف بكم لو تناهت بكم الأمور، وبعثرت القبور))([15]): )هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُون(([16]) هذه الدار.. هذه الدنيا حفت بالمكارة والبليات، وضربت الآلام والآفات سرا دقها على كل جنباتها، تتغير من حال إلى حال، وكل حالة متغيرة لا تدوم فيها، فالحياة الزاهية فيها تنتهي بالموت، والانتقال إلى دار البقاء، والغنى والثراء اللذان يتباهى بهما الإنسان يؤولان إلى الفقر والفاقة، والصحة تتحول إلى سقم والعافية إلى علل وألم، والإنسان هو لمرصود في كل تلك العلل والحالات، إذا ما أخضر جانب منه، جف وذبل جانب، فلا يأمن جانباً منها، ويتحذر ويرتقب جانباً آخر على مضض ٍ، ترفها، والتمتع بلدانها.. الالتذاذ بشهواتها، مذموم طالما يشغل الإنسان عن التوجه إلى الخالق البارئ، وعن الالتفات والتفكر في الآخرة، حينئذٍ يكون العيش والحياة مدعاة للندم والحسرة، تسوق الإنسان إلى العذاب الشديد)مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخرة إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(([17])ذلك معترك يقتحمه الإنسان بكل ما تحويه من التقلب فيها آمنه وآمانه، في يسره وعسره ((والأمان فيها معدوم لأنها إذا كانت بالبلاء محفوفة، وبالخديعة موصوفة مختلفة الحالات، متصرفة التارات حسبما عرفت تفصيلاً وتوضيحاً فكيف يؤمن من بوائقها، ويطمئن من طوارقها وكيف يسلم من فجعتها ويستراح من خدعتها ويتخلص من غيلتها)([18]) يتقلب فيها النعم والملذات والشهوات، وإن تمتع بها الإنسان، إنما هي متعة في طريقها إلى الزوال لا محال، إذ يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وآله : (يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقول: يا ابن آدم: هل رأيت خيراً قط ؟ هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول: لا والله يا رب !..)([19]) فتلك بصائر للناس، يتداولها الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام يستمد منها الحكم، ويخرجها في منهج إسلامي، وفي إطار ديني متحف ليلقها على كل من وهبه الله تعالى نعمة السمع والبصيرة، حينما يذكرنا بأعمارنا مهما طالت، وبآثارنا مهما شمخت وعلت، فإنها زائلة فانية، تذهب جفاءً إلا من رحم ربي، واستمسك بعروة الدين الحنيف، وأعتبر من دروس العابرين السابقين) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ* الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا الْفَسَاد َ* فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ(([20]) وهذه خلاصة نظرته عليه السلام في دار الفناء، ضمن منظور الإسلام المتطور، وضمن نظرته الشمولية للحياة وللعبد وللآخرة، التي سوف يحاسب المرء على مثقال ذرة خيرٍ أو مثقال ذرة شرٍ. إنما يجاريه الإمام علي عليه السلام والإسلام في تعاليمه و إرشاداته حرياً لا هوادة فيها وهو: أن يجعل المرء هذه الحياة هدفاَ وغاية لا طريقاً ووسيلة. والقرآن الكريم أورد آيات بينات عديدة في هذا المعنى، وفي إطار ذلك المفهوم، وفي ذم الدنيا وصرف الخلق عنها ودعوتهم إلى الآخرة، حينما قال جل جلاله: )اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأموال والأولاد كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلآ مَتَاعُ الْغُرُورِ(([21]) فبعد كل تلك العبر والدروس المستقاة من كلامه عليه السلام ، يترتب على المسلم أن يجعل تلك الدروس والعبر مصباحاً لهداه، ومنهجاً لحياته، ليتسنى له ((أن يفرغ نفسه للتفكير في طريق الخلاص من الهلكة، فيتحرى سبل النجاة من أفعال الخير، والتوبة والندم على الذنوب، والعزم على ترك العوده إليها، والصبر على بلاء الله))([22]).
وبعد أن قرأنا الخطبة ووقفنا على ما جاء في متونها من الوصف بل الولوج في تفاصيل ذلك الوصف وجزيئاته، من الأحوال والأهوال، التي تعتري الإنسان ومشاعره وخواطره ومخيلته في تلك الأهوال والأحوال كافة، ومتى ما اشتركت عواطف الإنسان وقلبه ولبه في الإقرار على ظاهرة، وتم الأقتناع بها، فإنها تترسخ في النفس وهي لا تزول مع العوارض الساذجة البسيطة العارضة، وبذا يكون الإيمان أعمق وأعمق لا يتزعزع أمام مغريات الحياة، ولا يتقلب بتقلب الأحوال، والخطبة تمنحنا فكرة وعقيدة، وترسخ الإيمان بالدين الحنيف من خلال ذلك الوصف المسهب لأحوالنا بعد الرحيل من دار الفناء إلى دار البقاء ((فإن الوعظ يتضمن بالإضافة إلى الفكرة عنصر اقتحام العاطفة الإنسانية والشعور))([23]) وبذا يكون الإمام علي عليه السلام حدد الإطار الشامل للموضوع في رسائله الفكرية والعقلية والتجريبية والتأملية والسلوكية التي عبر عنها بأسلوب علمي وعملي، لذا يمكننا القول: أنه رسم لنا الخط الكبير والعريض الواضح في بيانه والذي يمكننا أن نلخصه إنه ((الأسلوب العملي المتنوع في حركته التعبيرية الذي يدفع بالفكرة إلى الإنسان في محاولة تصحيح ما أنحرف من حياته، أو تقويم ما أعوج من سلوكه،أو فتح ما أغلق من آفاقه في الحياة))([24]) فالمتمعن في أسلوب الخطبة هذه، يجد أن ثمة فكرة عميقة يريد الإمام أن يبين لنا تفاصيلها الدقيقة بأسلوب أدبي مسجوع رائع دون تكلف أو عناء في متون العبارات وفواصلها البليغة دون صنعة،وقوتها ظاهرة حية في ألفاظها وتتجسد في مفرداتها الجودة والصفاء والحسن والبهاء البلاغي النادر مع صحة السبك و توفيق المنشئ من كل ذلك؛ في التراكيب والعبارات وعلاقتها مع بعضها على أمثل ما يكون، ونتلمس منها صدق العاطفة التي تنبع مع عمق الإيمان، وعن نفس فياضة بحب الله تبارك وتعالى والإعراض عن الدنيا وملذاتها وشهواتها، والإقبال إلى ما بعد هذه الدنيا، مما خلع عليها ((قوة تأثيرها، ووصولها إلى قرارة النفوس، و امتلاكها للوجدان، والشعور بوعظها الزاجر، ونصحها البالغ))([25]) ولقد أستوعب الإمام علي معاني القرآن الكريم، ومفاهيم السنة النبوية وتفكر بعمق في الحياة الدنيا فذمها لأن الدنيا دار اختبار وبلاء تتصف بخستها وقلتها وانقطاعها وسرعة فنائها كما قال الله تعالى: )وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأرض فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً * الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً(([26]).ففي خطبة أخرى قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في معرض حديثه عن ذم الدنيا ((أتفتتن بها ثم تذمها ! أنت المتجرم عليها أم هي المتجرمة عليك ! متى استهوتك ,أم متى غرتك ! أ بمصارع آبائك من البلى ,بمضاجع أُمهاتك تحت الثرى ! كم عللت بكفيك,وكم مرضت بيديك، تبتغي لهم الشفاء، وتستوصف لهم الأطباء، غداة لا يغني عنهم دواؤك، ولا يجدي عليهم بكاؤك ! لم ينفع أحدهم إشفاقك، ولم تسعف فيه بطلبتك، ولم تدفع عنه بقوتك، وقد مثلت لك به الدنيا نفسك، وبمصرعه مصرعك، إن الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار عافية لمن فهم عنها، ودار غنى لمن تزود منها، ودار موعظة لمن اتعظ بها – مسجد أحباء الله، ومصلى ملائكة الله، ومهبط وحي الله، ومتجر أولياء الله؛ اكتسبوا فيها الرحمة، وربحوا فيها الجنة فمن ذا يذمها وقد آذنت ببينها، ونادت بفراقها، ونعت نفسها وأهلها، فمثلت لهم ببلائها البلاء، وشوقتهم، بسرورها إلى السرور ؟ راحت بعافية وأبتكرت بفجيعةٍ، ترغيباً وترهيباً وتخويفاً وتحذيراً، فذمها رجال غداة الندامة، وحمدها آخرون يوم القيامة، ذكرتهم الدنيا فتذكروا؛ وحدثتهم فصدقوا، ووعظتهم فأتعظوا))([27]).
ظاهرة ذم الدنيا ليست بدعةٍ أو فن جديد طارئ جاء به الإمام علي عليه السلام فالمتتبع للأدب، يجد ثمة خطباء وشعراء، قديماً وحديثاً قد شكوا من الدنيا وأبدوا تذمرهم منها، وقلما نجد شعراً لشاعر، أو كلاماً لخطيب، يخلو من ذم الدنيا والشكوى من صروفها وظروفها، وهي تلقي على أبصارنا دروساً وعبراً اعتبر بها العاقل اللبيب، وتجاهلها المغفل الأبله من الناس. فالإمام علي عليه السلام يتعرض في خطبته هذه لأفجع المصائب التي تخلفها لنا الدنيا – الموت – الذي لا مهرب منه )كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ والإكرام(([28]).
عندما نلقي نظرة على تلك القبور، قبور آبائنا وأمهاتنا لاستخلاص العبرة والدرس نجد الأبناء في ((مرض الموت حين يتململون من الوجع، ويلتمسون النجاة بكل جزء فيطلب –الابن – علاجهم ويركض وراء الطبيب والدواء لشفائهم فلا يغني عنهم شيئاً))([29]).
وفي معرض ذم الدنيا يتعرض الإمام علي عليه السلام لطرق يمكن الاستفادة منها بصورة صحيحة فهي من شأنها ان تؤازر الإنسان، وتقوده إلى عقبى الدار، وبعد ذلك ضلع الإمام علي على الدنيا – بعد ذمها إياها – جملة صفات حميدة منها (دار صدق ٍ لمن صدقها) و (دار عافية لمن فهم عنها) و (دار غنى لمن تزود منها) و (دار موعظة لمن أتعظ بها) و(مسجد أحباء الله) و (وربحوا فيها الجنة) (وكفى بذلك وسيلة للترهيب عن الشر والترغيب إلى الخير والتخويف والتحذير من ارتكاب المعاصي)([30]). لقد أنشغل الناس بأمور الدنيا وهذا لا يعني مباهجها – بل المستجدات والتداعيات التي ظهرت في هذه المرحلة من عمرها والإرهاصات التي كانت تشغل القائمين بأمور المسلمين، وهذا قد نجم من ارتفاع المستوى المعاشي للفرد في الدولة الإسلامية آنذاك وتحسين الظروف الاقتصادية للدولة فشعر الإمام بأن الحياة الدنيا قد جذبت الناس إليها من خلال زخرفتها وزينتها فانشغلوا بأمور العمران والتفنن به واقتناء الأموال والحرص عليها، وكان حرياً ب أمير الدولة عليه السلام ، أن يدرس تلك الظواهر في محاولة جادة لأعادتهم إلى الطريق الصواب فأفرد لها خطباً قريبة من مسامع الناس في ذم الدنيا، والانصراف إلى أمور الدين والتشريع والقضاء وفق ما تتطلبه الشريعة الإسلامية، وكان الباعث المهم والنافع هو الباعث الديني من خلال الحرص على هذه الأركان وتطبيع الملأ عليها ولقد ((شكل موضوع ذم الدنيا والترهيب منها، بعداً بارزاً في حكم الإمام علي عليه السلام ، إذ أفرد لذلك خطباً خاصة قصر الكلام فيها على الحديث عن الدنيا وأهوائها، وعن الآخرة وأطايبها))([31]) فالإمام علي عليه السلام هو سيد الكلام بعد كلام الله سبحانه وتعالى، وكلام الرسول الأمين محمد صلى الله عليه وآله فيصح أن نسميه كلام الملوك، ملوك الكلام في زهده.. في تقواه.. في جهاده – في ذمه للدنيا.. في حبه لها.. (وإذا قال في ذم الدنيا وأهلها جاءك بالقول الفصل)([32]) ((هذا الفصل كله لمدح الدنيا وهو ينبئ اقتداره عليه السلام على ما يريد من المعاني لأن كلامه كله في ذم الدنيا) وهو الآن يمدحها وهو صادق في ذلك))([33]) فالخطبة شلالاً هادراً من الفلسفة تتداخل في تلك الفلسفة جزيئاتها وتفاصيلها، تنفرد بالإنسان وعلاقته وكيفية تعامله مع أبناء الدنيا بدءاً من الأبوين وانتهاءً بغير ذي الصلة، فهي – الدنيا – في نظر الإمام تسير مع خطى الإنسان، في صدقه، صادقة مع الصادقين مع أنفسهم ومع الله سبحانه وتعالى ودار عافية ويمن ٍ وبركة لمن عرف سبل الخير وأتقى الله في قلبه وعقله وفي عمله وقوله وفي علاقته مع الآخرين، وقد شبهها بمسجد يتعبد فيه الإنسان ليتزود بالتقوى وفيه يتقي بطش ربه وبلائه وهكذا نرى أنها ((تفصح عن جوهر أدبه وبلاغة منطقه وقوة حجته، تميزت بدقة البناء وتميز الوصف، وحسن الديباجة))([34]) فهو عليه السلام يبلور الفكرة في أحاسيس الإنسان وكوامنه التي تختزن في داخله تلك الجوانب التي تتصل إتصالاً مباشراً بالإحساس البشري بحيث لا تتحرك تلك الفكرة بوعي الإنسان من خلال طبيعة الجفاف الفكري أو الأحادي المحض الذي يحيط بالفكرة المجردة ويلملم شملها، بل تحاول أن تتناول بعض التعابير التي لها صلة وثيقة بإحساس الإنسان ومشاعره وعواطفه وخلجاته حيث كانت((تحث الناس على استلهام روح القرآن والسنة في التعبير عن مشاعره))([35]) فأقواله عليه السلام من الدرجة العليا من حيث قوة البيان وروعة الجمال ودقة الأداء في معانيها وألفاظها وتراكيبها وصقلها فهي تمثل أسلوب القرآن والسنة النبوية الشريفة وقد خلعت الظروف عليها الفكرة وعمق العاطفة وسعة الخيال، فعليه تولد الخطبة عنده من تفكير عميق في شتى جوانب الحياة ومتطلباتها ومستجداتها، وتتفجر كلماتها من ينابيع لا تنضب، وتتدفق بلاغتها كل ذلك التدفق الزاخر، ((ويمتاز كلامه بالجزالة في لفظه والمتانة في تركيبه وبالحرارة والجدة في نفسه، وهو إلى التسجيع أميل ولكن في بعدٍ عن الصنعة والتكلف))([36]) والقارئ والسامع على حدٍ سواء يشعر أنه هو المخاطب في خطبه، وبمدلول آخر أنه عليه السلام يخاطب العقل خطاباً مباشراً فتقتحم ألفاظها وأسلوبها وفكرتها القلب والعقل معاً ((حتى لتحسب إنه يعظك أنت بالذات، ويقصدك فيدخل إلى أبعد أبعاد نفسك، من دون الناس وهذه من أكرم ما يؤتاه الإنسان الأديب الحكيم، والذي تستعمله الحياة لتواجه به ناس عصره))([37]) فان هذه الخطبة تعد درساً بليغاً ونافعاً في التربية والفلسفة من خلال الأستفادة من الدنيا وما فيها لأننا نفهم من كلام الإمام أنَّ ما هو خارج عن وجود البشر ينعكس عليه فما يطلبه ويبتغيه فهو درسٌ فيه عظة واعتبار لأن ما يجري فيها من الحوادث يجري على الناس جميعاً وكذلك يبين لنا الوسائل ومنا وسيلة الترهيب للابتعاد عن الشر، ووسيلة الترغيب للتوجيه نحو عمل الخير والتحذير من الوقوع في المعاصي.
وفي خطبة أخرى قال الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في معرض ذم الدنيا: ((الحمد لله غير مقنوطٍ من رحمته، ولا مخلوً من نعمته، ولا ميؤوس من مغفرته،ولا مستنكف عن عبادته،الذي لا تبرح منه رحمة، ولا تفقد له نعمة، والدنيا دار مني لها الفناء، ولأهلها منها الجلاء، وهي حلوةٌ خضرة وقد عجلت للطالب، والتبست بقلب الناظر؛ فارتحلوا منها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد، ولا تسألوا فيها فوق الكفاف، ولا تطلبوا منها أكثر من البلاغ))([38]).
قلب عامر بالإيمان لا تشوبه شائبة، ولا يساوره شك، ولا يعتريه ظن فهو يصف الدنيا على أنها رحمة ونعمة سخرها الله سبحانه وتعالى لعباده )وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ(([39]) وهو )غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ(([40])، هذه الدنيا كتب الله عليها الفناء وعلى أهلها الجلاء عنها فلا بد أن يرحلوا عنها في يوم ما تاركين وراءهم حلوها ومرها فهي تغري طالبها، وتداعب قلب الناظر إليها ومع ذلك تركوها ورحلوا عنها. فأي موعظة يلقيها على أسماعنا لكي لا نطلب منها غير ما يسد حاجتنا ويعيننا على الحياة وعلى العبادة فنحن لا نحتاج فيها إلى أكثر من عبرةٍ وبلاغ ٍ لكي نكون على بينة منها ((لأنه لو أصبحت علاقة الإنسان بهذه الحياة بصورة يكون معها طفيلياً على الحياة تابعاً لها ولمن في يده شيء منها، أصبحت الحياة له موتاً وسموماً ! وحطمت كل ما في نفسه من المثل الإنسانية السامية))([41]) وتشمل هذه الخطبة على شقين: أولهما في الحمد لله سبحانه وتعالى والثناء على آلائه في قوله عليه السلام (الحمد لله غير مقنوط من رحمته) وثانيهما: يتضمن التنفير من الدنيا والتنبيه على في محكم كتابه المبين )كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ(([42]).
وقال جل جلاله في موقع آخر ) كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ (([43]) وهي حلوة في الذوق (خضرة) في النظر يستلذ بها الذائق، ويتمتع بها الناظر، ولكنها (قد عجلت للطالب) فليس لها دوام وثبات حتى يتمتع بها على وجه الكمال (وألبست بقلب الناظر) فاشتبهت لديه حتى غدا مولعاً بحبها، مفتوناً بحضرتها ونظارتها ) كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ(([44]). ((ولما نبه (كرم الله وجهه) على فناء الدنيا، وتعجيل زوالها، أردف ذلك بقوله (فارتحلوا عنها) فهو ينبؤنا لتهيؤ الرحيل استعداداً للموت ونزول الفوت (بأحسن ما بحضرتكم من الزاد) وهو التقوى والأعمال الصالحة (ولا تسألوا فيها فوق الكفاف ولا تطلبوا منها أكثر من البلاغ))([45]).
كان الإمام علي عليه السلام حريصاً على دعوة الناس إلى الهدى في خطبه وحثهم على التزود بالتقوى والورع والزهد فهو واعظ ومرشد مستنير بحكمه، وينم ذلك عن نظراته الثاقبة لهذه الحياة التي احتملت الشيء الكثير من التغير والتبدل فهو ((شديد الإلحاح على الناس في دعوته للورع والتقوى فيما وعظ به الناس من روائع الحكمة وهي تعبر عن موقفه في الحياة الجديدة)([46]) و ((كان ذهنه وعقله ينصرفان إلى كثير من جزئيات وتفاصيل الحياة، تمتد آفاقه إلى مديات أبعد فأبعد فهو يتحدث بمنطق الحكيم الخبير عن أحوال الدنيا وشؤون الناس وطبائع الأفراد والجماعات))([47])، كيف لا وهو إمام المتقين وأمير المؤمنين وقائدهم إلى طاعة الله ورسوله، من تطبعت نفسه على العبادة بتلك المفاهيم على وفق تلك المبادئ، كان حرياً عليه أن ينظر إلى الحياة، كما نظر الإمام علي عليه السلام إليها في متاعها الخادع، ولذاتها الزائلة، تتجاوب نفسه الكريمة معها في منتهى الحكمة والكياسة، صادق في زهده، صادق في كل ما أتت يمينه، صادق في كل السلطان ومباهجه دأب أقرانه على الوصول إليها غاية ((فإذا هو يسكن مع أولاده في بيت متواضع تأوي إليه الخلافة لا الملك وإذا هو يأكل الشعير تطحنه امرأته([48]) يا لها من عظة كريمة يلقيها على أبصار من يملكون البصر والبصيرة النافذة، فقد أبعد الله تبارك وتعالى عن عباده اليأس والقنوط من رحمته في دار الفناء ما داموا أحياءً ونبهنا إلى ذلك في أكثر من آية كريمة في القرآن الكريم كما في قوله تعالى (ورحمتي وسعت كل شيء) ([49]) وكأن الإمام عليه السلام قد أجمل ثلاث نظائر في متونها، ملؤها العبر والدروس والحكمة لا تصافه سبحانه وتعالى بها، وهي: الرحمة والإنعام والمغفرة، والعاقبة لمن أبى وأستكبر وكذب بالحسنى من عباده في عبادته جل شأنه )إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ(([50]) وكقوله تعالى )لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً* فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (([51]) والدرس والعبرة التي يمكننا أن نسوقها من هذه الخطبة هو أن يبقى الإنسان على اتصال دائم ومستمر مع ربه في كل عمل يقدم إليه، بل وفي كل خطوة يخطوها في حياته العريضة الجوانب ومترامية الأطراف لوتحرينا مقصد الخطبة لوجدناها تدعوا إلى ((العمل لإصلاح الدنيا وعمارتها لا العزوف عن العمل واعتزال الدنيا)) ([52]) لأن الاعتزال يعني الانقطاع للنفس والذات دون الذكر، ذكر الله، وبلاغتها لا تكمن فقط في إيراد ألفاظ مسجوعة بليغة بقدر ما تكمن في التوليف المعني في فكرة أو أفكار، فقد جاءت هذه العبارات والتراكيب في توليف ما أنطوى على فكرة دينية حثت على الوعظ والإرشاد. زاهد، مجاهد، متصوف لم يكترث بالملذات لم تغره خزائن الدولة وفي معرض خطبته في ذم الدنيا وهو قائم في محرابه قابض على لحيته ويبكي بكاء الحزين وهو يقول: ((يا دنيا يا دنيا إليك عني، أبي تعرضت، أم إليَّ تشوقت! لا حان حينك، هيهات، غري غيري، لا حاجة لي فيك، وقد طلقتك ثلاثاً، لا رجعة فيها، فعيشك قصير، وخطرك يسير، وأملك حقير، آه من قلة الزاد، وطول الطريق، وبعد السفر، وعظيم المورد!)) ([53]).
وبهذا الأسلوب المستخف بزائف شهوات الدنيا، وبتلك الجمل القصيرة في مساحتها الكبيرة في مؤداها يخاطب الإمام علي عليه السلام الإنسان في مخاطبته نفسه فهو لم يقصد وعظ نفسه فهو أعرف بها ولكنه أراد وعظنا من خلال مخاطبته الدنيا وزينتها مؤكداً نداءها من خلال إعادة الخطاب مرتين يا دنيا، وهكذا كانت المباهج والزخارف حقيرة صغيرة في نظره، لأنها زائلة فانية لا تدوم لأحد )رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وأقام الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ (([54]) فهو قد رسم لنا صورة المؤمن الصادق مع الله ومع نفسه فجعل نفسه سادناً لهذا الدين القيم، ساخراً من الدنيا إذا تعرضت له من نفسه، هزأ بها إذا تزينت له في محاولة بائسة منها لإغرائه ولكنه وصد الباب في وجهها وقال لها انصرفي عني واقصدي غيري فإني لست لك صاحباً لذلك نبذها الإمام علي بل طلقها حين شبهها بامرأة خارجة عن طاعة زوجها فطلقها ثلاثاً فلا رجعة فيها إشارة إلى أن الزوج عندما يطلق زوجته بالثلاث تحرم عليه وبذلك حرم الدنيا على نفسه كحرمة المرأة المطلقة ثلاثا. فالخطبة تتزاحم فيها المواعظ والحكم، يلقيها على مسامعنا بكلمات موجزة، وفقرات محكمة، وبجمل قصيرة، معبرة هادفة )إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى(([55]) وقد ذكر صاحب (زهر الآداب) خبراً في شأن هذه الخطبة مفاده ((إن معاوية طلب من ضرار الصدائي أن يصف علياً فقال: أعفني يا أمير المؤمنين قال: لتصفنه، قال: أما إذا لابد من وصفه فكان ولله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فضلا، ويحكم عدلاً، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها ويأنس بالليل وظلمته، وكان والله غزير الدمعة، طويل الفكرة،يقلب كفه ويخاطب نفسه يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن، كان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا استفتيناه، ونحن مع تقريبه إيانا وقربه منا، لا نكاد نكلمه لهيبته له، يعظم أهل الدين ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، وأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه وقد مثل في محرابه، قابضاً على لحيته يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين ويقول (يا دنيا غري غيري، أبي تعرضت ؟ أم إليَّ تشوقت ؟ هيهات هيهات قدطلقتك ثلاثاً لا رجعة لي فيها، فعمرك قصير، وخطبك يسير، آه من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق، فبكى معاوية وقال: رحم الله أبا الحسن فلقد كان كذلك، فكيف حزنك عليه يا ضرار ؟ قال: حزن من ذبح ولدها في حجرها))([56]) وتتكافأ دمه مع دم النبي صلى الله عليه وآله والخلفاء الراشدين، في إسداء النصح وتقديم المشورة، أحبوه لعلمه وتقواه، أحبهم لعلمهم وتقواهم، وكانت الدماء تتكافأ من أجل هذه الرسالة السماوية الكريمة الهادية ما نستشف من وصف ضرار للإمام علي عليه السلام وما حمل معاوية على ذرف الدموع حينما سمع هذا الوصف، إنما حمل معاوية على البكاء هو قوة شخصية الإمام مع عمق الإيمان وخشية الخالق تبارك وتعالى وعظمة تلك النفس الزكية الأبية، التقية في باطنها وما تخفى تلك الأضلاع بين دفتيها من قلب عامر قريب من الله، مستعد للعطاء وقتما حان حينه فالخطبة تتفجر صدقاً في عاطفتها، وحرارة في إيمانها فهو يعظ المسلمين من خلال نفسه بأسلوب نداء مقرون بالتوكيد اللفظي (يا دنيا يا دنيا) لكي لا يحيد عن هذا الخط المستقيم الذي رسمه له هذا الدين وتلك العقيدة السمحاء، التي تفصح عن همة عالية، مع نظرة إلى المعالي القدسية، مع شدة قواه المعنوية ونواياه الصادقة في الإصلاح وإحلال الخير في المجتمع إذ ((كان يحكم بالعدل لا يخالطه جور وباطل، منبع ذخار للعلم قولا وعملا وبحر ضخم للحكمة من كل ناحية زاهد في الدنيا متنفر عنها يطلب الخلوة والانعزال عن أهل الدنيا فيأوي إلى الليل ووحشته، هذه صفاته المعنوية والعقلية والوجدانية))([57]) ففي خطبة أخرى قال الإمام علي عليه السلام في معرض ذم الدنيا: ((ما اصف من دار أولها عناء، وآخرها فناء ! في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، من استغنى فيه فتن، ومن افتقر فيها حزن، ومن ساعاها فاتته، ومن قعد عنها واتته، ومن أبصر بها بصرته، ومن أبصر إليها أعمته))([58]) كثيرة هي متاعب الحياة ومشاغلها متشعبة ومشكلاتها متنوعة، تبدأ بالعناء والكد والتعب، وتنتهي تلك الرحلة بالرحيل السرمدي، فالإنسان يسعى في مناكبها)إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ ّ ثم ان عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ(([59]) ولكن الإمام عليه السلام يرى أن الكسب الحلال يحاسب عليه الإنسان فيم أنفقه، على أن يكون الانفاق فيما امر الله به ووفق الشرع وما فصل فيه القول في مبادئ الدين الحنيف، وأما الكسب الحرام والذي جاء منافيا للشرع، ففيه عقاب الآخرة، يحاسب عليه الإنسان وفق ما تقتضيه الشريعة السمحاء ) وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ(([60]) من أثراه الله واستغنى فتن بمباهج الحياة، وغرته الحياة الدنيا، ولربما نسى أوجه البر والخير في هذا الدين )إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ(([61]) ومن افتقر فيها، لازمه الحزن والقنوط واليأس فهو يسعى فيها سعيا متواصلا. ويعلق الشيخ محمد تقي التستري على هذه الجملة ((ما اصف من دار أولها عناء، واخرها فناء)) ((حيث إن الإنسان يكد ويجهد في أول عمره حتى يؤمن معاشه بمشقات كثيرة حيث أنه بعد تحصيل الأموال والعلائق، يتركها ويرحل إلى الآخرة))([62]) وقال تعالى )وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ(([63]) ومهما كسب الإنسان وسعى في رحلة حياته، فلا جدوى من ذلك فلابد ان يرحل عن هذه الدنيا والمهم هو ان يفكر الإنسان بما سيلاقيه من مصير محتوم، وان كان الأمر كذلك، اذن فلابد من التمسك بالدين والعمل الصالح فكل شيء يذهب ويبقى العمل الصالح الذي يمثل زاده يوم الحشر ((يظهر ان الدين هو الدافع الهام في ذم الدنيا، مهما أضاع في الدنيا من شيء لا حسرة عليه إذا كان متمسكا بدينه بيد انه لا يفيده فيها من شيء ان ضيع دينه، وذلك لان في الدين قوام الحياة ورشادها))([64]) ولم يقتصر أسلوبه في وصف جانب من الحياة دون الآخرة فإذا تناول الشيء تناول ضده أو قرينه في الوصف وهذا شأنه في أسلوبه في كل خطبه إذ يتناول المتغيرات والإحداث بأسلوب أدبي بليغ يسحر القلوب، ويميز الألباب وجاذبية، وكان ألفاظه تتحاسد في التسابق إلى خواطره، والمعاني تتغاير في الانثيال عليه، مع غرام باللفظ لا يقل عن غرام بالمعنى))([65]) وكما تكشف الخطبة عن حقيقة دفينة قلما يدركها فطن لبيب الا وهي ((إن أكثر الناس واغلبهم مع كونهم تابعين للدنيا راغبين عن الآخرة لا تقع الدنيا في أيديهم، وإن خلعوا عن أعينهم الكرى وطال لهم السهر، وهذا بخلاف التاركين لها والزاهدين فيها زهدا حقيقيا)) ([66]) ومهما يكن من أمر، فإن الإمام علي يلقي على مسامعنا وأبصارنا حقيقة حية تنطوي على معنيين أساسيين: هما كون الحياة ضرورية لأنها دار عمل وفيها المسلم يجمع زاده من العمل الصالح ليهيئ نفسه للحساب والتبصر في الآخرة فهي أشد ضرورة من الدنيا، وعلى هذا المعنى لا بد أن يكون قلب الإنسان يقظاً مبصراً وما عبر الإمام علي به فقد جاء طريقة تعامل الإنسان في الدنيا (ومن أبصر بها بصرته ومن أبصر إليها أعمته) وقد بين لنا الإمام علي عليه السلام ((أن الإنسان الذي يوجه نظره إلى زخرف الدنيا فإنها تهجم عليه لتعشي بصره بكل زخارفها وبريقها ولكن إذا جعل الدنيا عيناً يبصر بها ما في داخلها، فإنها تبصره، وتصرفه طبيعتها وعواقبها ونتائجها)) ([67]) قد يتصور بعضهم أن القيام بالعمل الصالح، وتقواه وما يترتب على ذلك العمل هو الاعتزال عن الدنيا ولكن القرآن الكريم بين لنا خطأ ذلك في قوله تعالى )وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا(([68]) ومن هذا المنطلق تتجلى العبادة على نحو خاص، وفي أنفاسه وتلذذه بنعيم الله سبحانه وتعالى وأطايبه التي فضل ومن على البشرية ونظرة فاحصة لتلك الخطبة نلمس حقيقة أخرى ألا وهي ((لو أن كل إنسان وضع في مخيلته أنه معرض للموت في كل ساعة لأصبح العمل للدنيا قليلاًَ بقدر الضرورة ولأصبح العمل كثيراً لأنه هو الذي سيبقى بعد الموت)) ([69]) وخلاصة القول وعلى الرغم من ان الخطبة مشوبة من السجع أو صور أخر من البلاغة، ولكنها في المحصلة النهائية متآلفة في عباراتها ومنسجمة في معانيها وأفكارها غير متنافرة.
الخاتمة
بعد.. فها نحن قد وصلنا إلى نهاية الرحلة الممتعة الشاقة مع الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام فقد رافقناه متنقلين معه من مسجد إلى مسجد، والى أي منبر أو ربوة ارتقاها ليمتع أسماعنا بأعذب كلمات الوعظ، بالترغيب تارة وبالترهيب تارة أخرى مستخدما في ذلك اسلس الأساليب وابسطها أكثرها تاثيرا في النفس البشرية ليؤثر فيها، لعلها تلتزم بأوامر الله سبحانه وتعالى وتتجنب معاصيه، فهو يعرض الترغيب ويرشد المسلمين الى ادواته لتنال اعمالهم رضا الله ومن ثم الحصول على ثواب الآخرة المتمثل بالجنة، فأن لم ترعو النفس مالت الى الترهيب من خلال تخويفها من عقاب الله اذ يعرض لنا صورا من عقوبات الضالين الخارجين عن ارادة الله سبحانه وتعالى وما آل اليه مصيرهم في نار الخلد، وفي الوقت نفسه مؤكداً ان الدنيا هي دار العمل، ولا عمل الا فيها. وما عليهم الا اغتنام فرصة العمر القصيرة بصالح الاعمال،وان ابرز ما تمحورت به خطب الامام،فهي تلتقي بمحاور عدة، فكان المحور الاول:هو ذم الدنيا فهي دار اختبار وبلاء تتصف بخستها وقلتها وانقطاعها وسرعة فنائها،اما المحور الاخر فهو عليه السلام يصف الدنيا على انها رحمة ونعمة سخرها الله سبحاته وتعالى لعباده (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها) واما المحور الآخر: فنجد هنالك خطب تبتداء بالحمد لله سبحانه وتعالى والثناء كما في قوله عليه السلام (الحمد لله غير مقنوط من رحمته) بينما نجد في خطب اخرى تبداء بالنداء أي الطلب كما في قوله عليه السلام (أتفتتن بها ثم تذمها …) وايضا" في قوله عليه السلام (يادنيا يادنيا اليك عني …)فحقا" كان الامام علي بن ابي طالب عليه السلام سيد الفصحاء والبلغاء بعد رسول الله صلى الله عليه وآله فالى الآن يمكن للمتبحر في خطبه ان يسمع صوته صادحا عبر التاريخ، فهو لم يهدأ، بل ظل طوال حياته الشريفة يعظ المسلمين ارضاء" لله بصفته خليفة المسلمين وارضاء" لنفسه ودينه انطلاقا من قول رسول الله محمد صلى الله عليه وآله (الدين النصيحة) وعلى الرغم من صعوبة الرحلة إلا ان نتائجها كانت مثمرة وممتعة ورائعة.ومن تلك النتائج:
تمتاز تلك الخطب الوعظية بمتانة التركيب، وهي وإن كانت قصيرة الجمل، الا انها كانت واسعة في معانيها، وشاملة في مفاهيمها وصائبة في دلالاتها.
جزالة الالفاظ وفخامتها، ووضوح المعاني في تراكيبها، أي ان المعاني وردت على قدر الالفاظ دون زيادة او نقصان، وهذه صفة من صفات كمال البلاغة.
(المصادر والمراجع)
- القرآن الكريم
- ارشاد المؤمنين الى معرفة نهج البلاغة المبين / السيد يحيى بن إبراهيم الجحاف / تقديم محمد حسين الجلالي / تحقيق محمد جواد الحسيني الجلالي / مطبعة نكارش/ ط 1/ قم/ 1422هـ.
- الإسلام (بحث تأريخي / كلامي / فقهي / أدبي / فلسفي / مستل من دائرة المعارف الإسلامية الكبرى) / إعداد مركز الدراسات الثقافية الدولية معاونية التعليم والثقافة رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية / ترجمة ماجد الغرباوي / مؤسسة الهدى للنشر / إيران / 1420هـ.
- أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (شخصيته وعصره) دراسة شاملة / د. علي محمد الصلابي / دار الإيمان للطبع والنشر / الإسكندرية / 2003م.
- أعلام الدين في صفات المؤمنين / الشيخ الحسن بن أبي الحسن علي بن محمد بن الدليمي من أعلام القرن الثامن الهجري / تحقيق مؤسسة آل البيت لأحياء التراث / مطبعة ستارة / ط2/ قم /1414هـ.
- الامام علي رجل الاسلام المخلد / تأليف عبد المجيد لطفي / مطبعة النعمان / النجف / 1387 هـ - 1967 م.
- الامام علي صوت العدالة الانسانية / جورج جرداق / اختصره وحققه حسن حميد السنيد / مطبعة ليلى / ط1/ قم / 1424 هـ.
- بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة / الشيخ محمد تقي التستري / تحقيق مؤسسة نهج البلاغة / مطبعة سبهر / ط1/ طهران / 1418 هـ - 1997
- تاريخ الادب العربي / حنا الفاخوري/ المطبعة البوليسية / ط2/ بيروت /1.
- التعريف في الادب العربي / رئيف خوري / دار العلم للملايين / ط2 / بيروت 1957 م.
- الحياة الادبية في عصر صدر الاسلام / د. محمد عبد المنعم خفاجي / دار الكتاب اللبناني / ط2/ بيروت / 1980 م.
- حياة امير المؤمنين في عهد النبي / السيد محمد صادق الصدر / مطبعة دار الكتب / ط2/ بيروت – لبنان / 1391هـ - 1972 م.
- الخطابة (اصولها. تاريخها في ازهر عصورها عند العرب) الامام الحافظ محمد ابو زهرة / دار الفكر العربي / ط 1/ القاهرة /1934 م
- خلفاء محمد صلى الله عليه وآله اسماعيل مير علي / بأشراف الدكتور مصطفى غالب / دار حمد و محيو للطبع / ط1/ بيروت / 1973 م.
- دراسات في نهج البلاغة / محمد مهدي شمس الدين / دار الزهراء/ ط3/ بيروت – لبنان / 1392هـ - 1972 م.
- دنيا الشباب / السيد محمد حسين فضل الله / اعداد احمد احمد وعادل القاضي / بيروت / ط2/ 1415 م.
- روائع البيان في خطاب الامام (الجوانب البلاغية واللغوية في بيان امير المؤمنين علي بن ابي طالب) / د. رمضان عبد الهادي / دار احياء التراث العربي / ط1/ بيروت- لبنان / 1423هـ - 2002 م.
- زهر الآداب وثمر الالباب / لابي اسحاق ابراهيم بن علي الحصري القيرواني (ت 453 هـ) / مفصل ومضبوط ومشروح بقلم د. زكي مبارك / حققه وزاد في تفصيله وضبطه وشرحه محمد محيي الدين عبد الحميد / دار الجيل / ط4/ بيروت – لبنان / (د ت).
- شرح نهج البلاغة / ابن ابي الحديد (ت 656 هـ) / تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم / مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه / ط2/ مصر/ 1385 هـ - 1965م.
- الصحاح (تاج اللغة وصحاح العربية) / اسماعيل بن حماد الجوهري (ت 393هـ) / تحقيق احمد عبد الغفور عطار / دار العلم للملايين / ط3/ بيروت – لبنان / 1404هـ
- صحيح مسلم / الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت261هـ) / دار ابن الهيثم / القاهرة / 1421هـ -2001م.
- الصواعق المحرقة (في الرد على أهل البدع والزندقة) المحدث أحمد بن حجر الهيثمي المكي (ت974هـ) خرج أحاديثه وعلق حواشيه وقد م له عبد الوهاب عبد اللطيف / شركة الطباعة الفنية المتحدة / القاهرة/ 1385هـ.
- علي إمام المتقين / الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوي / مؤسسة مدين للطباعة والنشر / مطبعة برستش / ط1/ 1423هـ - 2002.
- علي ميزان الحق / السيد محمد حسين فضل الله / إعداد وتنسيق صادق اليعقوبي / دار الملاك للطباعة والنشر / ط2/ بيروت – لبنان / 1423هـ -2003م.
- في رحاب نهج البلاغة / مرتضى المطهري / ترجمة هادي اليوسفي / دار التعارف للمطبوعات / ط1/ بيروت –لبنان / 1398هـ -1978م.
- فن الخطابة وتطوره عند العرب / ايليا حاوي / دار الثقافة / بيروت – لبنان / (دت).
- مروج الذهب ومعادن الجوهر / أبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي (ت346هـ) تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد / مطبعة السعادة / ط4/ مصر/ 1384هـ- 1964م.
- منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة / العلامة المحقق الحاج ميرز حبيب الله الهاشمي الخوئي / صنفها المحقق الشيخ حسن زادة الآملي / ضبط وتحقيق علي عاشور / دار إحياء التراث العربي / ط1/ بيروت – لبنان / 1424هـ - 2003 م.
- موسوعة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب / باقر شريف القرشي / مطبعة دار الحسنين للطباعة والنشر /ط1/ 1422هـ.
- وعاظ السلاطين / د. علي الوردي / دار كوفان / ط2/ لندن / 1999م
(الرسائل)
- أدب الحكمة في عصر صدر الإسلام / محمد سعيد حسين مرعي / رسالة ماجستير / مقدمة إلى كلية التربية / جامعة بغداد / 1410هـ - 1989 م.
(الدوريات)
- ((الخطابة في عهد علي بن أبي طالب)) / الأستاذ أحمد أحمد بدوي / مجلة الرسالة / العدد 211 / للسنة 1356هـ –1937 م / القاهرة.
[1]- ((الخطابة في عهد علي بن أبي طالب)) / الأستاذ أحمد أحمد بدوي / مجلة الرسالة / العدد 211 / للسنة 1356هـ –1937 م / القاهرة.
[2]- ((الخطابة في عهد علي بن أبي طالب)) / الأستاذ أحمد أحمد بدوي / مجلة الرسالة / العدد 211 / للسنة 1356هـ –1937 م / القاهرة.
[3] - حياة امير المؤمنين في عهد النبي / السيد محمد صادق الصدر / مطبعة دار الكتب / ط2/ بيروت – لبنان / 1391هـ – 1972 م.
[4] - الحياة الادبية في عصر صدر الاسلام / د. محمد عبد المنعم خفاجي / دار الكتاب اللبناني / ط2/ بيروت / 1980 م.
[5] تاريخ الادب العربي / حنا الفاخوري/ المطبعة البوليسية / ط2/ بيروت /1.-
[6] - فن الخطابة وتطوره عند العرب / ايليا حاوي / دار الثقافة / بيروت – لبنان / (دت).
[7] - وعاظ السلاطين / د. علي الوردي / دار كوفان / ط2/ لندن / 1999م
[8] - شرح نهج البلاغة / ابن ابي الحديد (ت 656 هـ) / تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم / مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه / ط2/ مصر/ 1385 هـ – 1965م.
[9] - ال عمران ـ الايه: 104
[10] - الخطابة (اصولها. تاريخها في ازهر عصورها عند العرب) الامام الحافظ محمد ابو زهرة / دار الفكر العربي / ط 1/ القاهرة /1934 م
[11] - موسوعة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب / باقر شريف القرشي / مطبعة دار الحسنين للطباعة والنشر /ط1/ 1422هـ.
[12] - تاريخ الادب العربي / حنا الفاخوري/ المطبعة البوليسية / ط2/ بيروت /1.
[13] - فن الخطابة وتطوره عند العرب / ايليا حاوي / دار الثقافة / بيروت – لبنان / (دت).
[14] - دراسات في نهج البلاغة / محمد مهدي شمس الدين / دار الزهراء/ ط3/ بيروت – لبنان / 1392هـ – 1972 م.
[15] - شرح نهج البلاغة / ابن ابي الحديد (ت 656 هـ) / تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم / مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه / ط2/ مصر/ 1385 هـ – 1965م.
[16] - يونس: 29
[17] - هود: 14
[18] - منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة / العلامة المحقق الحاج ميرز حبيب الله الهاشمي الخوئي / صنفها المحقق الشيخ حسن زادة الآملي / ضبط وتحقيق علي عاشور / دار إحياء التراث العربي / ط1/ بيروت – لبنان / 1424هـ – 2003 م.
[19] - صحيح مسلم / الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت261هـ) / دار ابن الهيثم / القاهرة / 1421هـ –2001م.
[20] - الفجر ـ الايات: 6ـ13
[21] - الحديد ـ الايه: 20
[22] - أعلام الدين في صفات المؤمنين / الشيخ الحسن بن أبي الحسن علي بن محمد بن الدليمي من أعلام القرن الثامن الهجري / تحقيق مؤسسة آل البيت لأحياء التراث / مطبعة ستارة / ط2/ قم /1414هـ.
[23] -دنيا الشباب / السيد محمد حسين فضل الله / اعداد احمد احمد وعادل القاضي / بيروت / ط2/ 1415 م.
[24] -دنيا الشباب / السيد محمد حسين فضل الله / اعداد احمد احمد وعادل القاضي / بيروت / ط2/ 1415 م.
[25] - روائع البيان في خطاب الامام (الجوانب البلاغية واللغوية في بيان امير المؤمنين علي بن ابي طالب) / د. رمضان عبد الهادي / دار احياء التراث العربي / ط1/ بيروت- لبنان / 1423هـ – 2002 م.
[26] -الكهف ـ الايتان: 45ـ46
[27] -شرح نهج البلاغة / ابن ابي الحديد (ت 656 هـ) / تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم / مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه / ط2/ مصر/ 1385 هـ – 1965م.
[28] -الرحمن ـ الايتان: 26ـ27
[29] -منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة / العلامة المحقق الحاج ميرز حبيب الله الهاشمي الخوئي / صنفها المحقق الشيخ حسن زادة الآملي / ضبط وتحقيق علي عاشور / دار إحياء التراث العربي / ط1/ بيروت – لبنان / 1424هـ – 2003 م.
[30] - منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة / العلامة المحقق الحاج ميرز حبيب الله الهاشمي الخوئي / صنفها المحقق الشيخ حسن زادة الآملي / ضبط وتحقيق علي عاشور / دار إحياء التراث العربي / ط1/ بيروت – لبنان / 1424هـ – 2003 م.
[31] -أدب الحكمة في عصر صدر الإسلام / محمد سعيد حسين مرعي / رسالة ماجستير / مقدمة إلى كلية التربية / جامعة بغداد / 1410هـ – 1989 م.
[32] -خلفاء محمد اسماعيل ميرعلي / بأشراف الدكتور مصطفى غالب / دار حمد و محيو للطبع / ط1/ بيروت / 1973 م.
[33] -ارشاد المؤمنين الى معرفة نهج البلاغة المبين / السيد يحيى بن إبراهيم الجحاف / تقديم محمد حسين الجلالي / تحقيق محمد جواد الحسيني الجلالي / مطبعة نكارش/ ط 1/ قم/ 1422هـ.
[34] -روائع البيان في خطاب الامام (الجوانب البلاغية واللغوية في بيان امير المؤمنين علي بن ابي طالب) / د. رمضان عبد الهادي / دار احياء التراث العربي / ط1/ بيروت- لبنان / 1423هـ – 2002 م.
[35] -الإسلام (بحث تأريخي / كلامي / فقهي / أدبي / فلسفي / مستل من دائرة المعارف الإسلامية الكبرى) / إعداد مركز الدراسات الثقافية الدولية معاونية التعليم والثقافة رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية / ترجمة ماجد الغرباوي / مؤسسة الهدى للنشر / إيران / 1420هـ.
[36] - التعريف في الادب العربي / رئيف خوري / دار العلم للملايين / ط2 / بيروت 1957 م
[37] - الامام علي رجل الاسلام المخلد / تأليف عبد المجيد لطفي / مطبعة النعمان / النجف / 1387 هـ – 1967 م.
[38] - شرح نهج البلاغة / ابن ابي الحديد (ت 656 هـ) / تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم / مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه / ط2/ مصر/ 1385 هـ – 1965م.
[39] - النحل ـ الايه: 18
[40] - غافر ـ الايه: 3
[41] - في رحاب نهج البلاغة / مرتضى المطهري / ترجمة هادي اليوسفي / دار التعارف للمطبوعات / ط1/ بيروت –لبنان / 1398هـ –1978م.
[42] - الرحمن ـ الايه: 26
[43] - القصص ـ الايه: 88
[44] - الحديد ـ الايه: 20
[45] - منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة / العلامة المحقق الحاج ميرز حبيب الله الهاشمي الخوئي / صنفها المحقق الشيخ حسن زادة الآملي / ضبط وتحقيق علي عاشور / دار إحياء التراث العربي / ط1/ بيروت – لبنان / 1424هـ – 2003 م.
[46] - علي إمام المتقين / الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوي / مؤسسة مدين للطباعة والنشر / مطبعة برستش / ط1/ 1423هـ – 2002.
[47] - الامام علي صوت العدالة الانسانية / جورج جرداق / اختصره وحققه حسن حميد السنيد / مطبعة ليلى / ط1/ قم / 1424 هـ.
[48] - الامام علي صوت العدالة الانسانية / جورج جرداق / اختصره وحققه حسن حميد السنيد / مطبعة ليلى / ط1/ قم / 1424 هـ.
[49] - الاعراف ـ الايه: 156
[50] - الاعراف ـ الايه: 206
[51] - النساء ـ الايتان: 172ـ173
[52] - علي إمام المتقين / الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوي / مؤسسة مدين للطباعة والنشر / مطبعة برستش / ط1/ 1423هـ – 2002.
[53] - شرح نهج البلاغة / ابن ابي الحديد (ت 656 هـ) / تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم / مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه / ط2/ مصر/ 1385 هـ – 1965م.
[54] - النور ـ الايه: 37
[55] - النازعات ـ الايه: 26
[56] - زهر الآداب وثمر الالباب / لابي اسحاق ابراهيم بن علي الحصري القيرواني (ت 453 هـ) / مفصل ومضبوط ومشروح بقلم د. زكي مبارك / حققه وزاد في تفصيله وضبطه وشرحه محمد محيي الدين عبد الحميد / دار الجيل / ط4/ بيروت – لبنان / (د ت).
[57] - منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة / العلامة المحقق الحاج ميرز حبيب الله الهاشمي الخوئي / صنفها المحقق الشيخ حسن زادة الآملي / ضبط وتحقيق علي عاشور / دار إحياء التراث العربي / ط1/ بيروت – لبنان / 1424هـ – 2003 م.
[58] - شرح نهج البلاغة / ابن ابي الحديد (ت 656 هـ) / تحقيق محمد ابو الفضل ابراهيم / مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاؤه / ط2/ مصر/ 1385 هـ – 1965م.
[59] - الغاشيه ـ الايتان: 25ـ26
[60] - النور ـ الايه: 39
[61] - التغابن ـ الايه: 15
[62] - بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة / الشيخ محمد تقي التستري / تحقيق مؤسسة نهج البلاغة / مطبعة سبهر / ط1/ طهران / 1418 هـ – 1997
[63] - الانعام ـ الايه: 94
[64] - أدب الحكمة في عصر صدر الإسلام / محمد سعيد حسين مرعي / رسالة ماجستير / مقدمة إلى كلية التربية / جامعة بغداد / 1410هـ – 1989 م.
[65] - روائع البيان في خطاب الامام (الجوانب البلاغية واللغوية في بيان امير المؤمنين علي بن ابي طالب) / د. رمضان عبد الهادي / دار احياء التراث العربي / ط1/ بيروت- لبنان / 1423هـ – 2002 م.
[66] - منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة / العلامة المحقق الحاج ميرز حبيب الله الهاشمي الخوئي / صنفها المحقق الشيخ حسن زادة الآملي / ضبط وتحقيق علي عاشور / دار إحياء التراث العربي / ط1/ بيروت – لبنان / 1424هـ – 2003 م.
[67] - علي ميزان الحق / السيد محمد حسين فضل الله / إعداد وتنسيق صادق اليعقوبي / دار الملاك للطباعة والنشر / ط2/ بيروت – لبنان / 1423هـ –2003م.
[68] - القصص ـ الايه: 77
[69] - أسمى المطالب في سيرة أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (شخصيته وعصره) دراسة شاملة / د. علي محمد الصلابي / دار الإيمان للطبع والنشر / الإسكندرية / 2003م.