تصنیف البحث: الأدب العربي
من صفحة: 226
إلى صفحة: 245
النص الكامل للبحث: PDF icon 180528-231929.pdf
خلاصة البحث:

من الروائع الادبیة التي ترکت صدیً واسعا و­أثرا­کبیرا في من أنشد بالعربیة من سائر الشعوب، هي قصیدة "لامیة العرب" للشنفری حیث نُسِجت علی غرارها لامیات عدّة ک«لامیة العجم»، و­لامیة الهنود، و­لامیة الممالیک، و­لامیة الترک و­لامیة الکرد التی هی محطة اهتمام هذا البحث. و من خلال بحثنا عن لامیات الکرد ظهرت أمامنا أربع لامیات و أشهرها لامیة عبدالحمید العرفان السنندجي التي نظمها فی مدح "أمیر نظام گروسي". نستهدف في هذه الورقة دراسة القصیدة من حیث المضمون و الأسلوب معتمدین علی المنهج الوصفي- التحلیلي فی إشارة الی ما فیها من مضامین وخصائصها الأسلوبیة في مستویاتها الثلاث:الإیقاعي، و الدلالي، و الترکیبي. فمن حصاد هذه الورقة ینکشف أمام القاريء ما للشاعر من براعة فائقة فی نظم الشعر و میزان تأثیره علی المتلقي من خلال مکنوناته فهو یستخدم الموسیقی الداخلیة و الخارجیة بأفانینها الرائعة التي تلعب دورها، ناهیك عن تجسید الدلالة الشعریة و ضروب الصور البلاغیة المتموجة التي تطفو علی شعره. کل هذا لم یدفع بالشاعر أن یهمل الجانب النحوي لقصیدته متدارکا ألّا تغیب عن باله جمالیة النص.

Abstract:

The reflection of a broad and significant impact on the Arabic literary masterpieces that had a chorus of other nations, is an ode to Lamyeh Alarab Shnfara. Lamyeh onthe same frequency so that it was written as Lamyeh Alajam, Lamyeh Alhnud, LamyAlmamalyk, Lamyeh Al-Turki and Lamyeh Alkrud. This poem is the concern of thisresearch. During their research, the authors have found that most Alkurd Lameyhknown four odes which the most important of them is Abdul-Hamid Erfan SanandajiLamyeh Alkurd that has written in praise of Amir Nezam Garousi. In this paper, weattempt to study this ode with analytical _descriptive method in terms of theme andstyle in  three levels: musical, reasoning and compounding. Among many findingsduring this  research, it can be said that the owner of the ode of Lamyeh Alkurd hasthe prominent ability of poetry in Arabic language so that with the use of beautifulmusic in both internal and external levels,and proper  recruitment of vocabulary reasoning level denoting  the array of literary terms such as simile,metaphor,irony,metonymy,...and their impact oaudiences. All this has notprevented the poet by the way (mix) lyrics to trash it and serve it as text itselfis beautiful.

البحث:

المقدّمة

لما اعتنق الأکراد دین الإسلام جعلوا خدمة الثقافة الإسلامیّة و حضارتها نصب أعینهم، ومن مظاهرها جهودهم التی بذلوها للّغة العربیة و آدابها. فأسهموا بدورهم فی تطور اللغة العربیة و إغنائها و قد أحرزوا قصب السبق  فی بعض المجالات من الآخرین. لذلک تظهر علی مرّ العصور أسماء ذائعة الصیت و رفیعة المنزلة ازدهرت فی سماء العلم و الأدب، منهم ابن الحاجب النحوی الشهیر، و­ابن خلکان، وابن الأثیر، و ملّا أبوبکر المصنّف، و الشیخ المعروف النودهی و العلّامة البیتوشیّ و غیرهم ممن یصعب علینا عدّهم فضلا عن الشعراء و الأدباء الذین  طغت العربیة عندهم علی الکردیة غیر أنّهم یشیرون إلی نسبهم الکردي ، فمنهم أمیر الشعراء أحمد شوقي حیث یقول:

سمعتُ بأذني مِن أبي و هو قائل
 

 

مِن الکرد أصلي جئتُ فی العُرب ناشئا
 

 

(خورشا،1388ش: 77)

وهذا هو عباس محمود العقاد فی معرض ردّه علی مراسل صحیفة "روز الیوسف" حیث سأله عن مسقط رأسه؟ فیجیب قائلا: لستُ مصریا، انا الکردي و أبي من منطقة دیار بکر لکردستان ترکیة حالیاً فهاجرنا إلی القاهرة و أصبحتُ کاتبا عربیاً(نیشاني،1361:7). دون أدنی شک أنجبت الأمة الکردیة المئات من الکبار و المشاهیر في میادین السیاسیة و الفکر و العلم و الأدب، منهم قاسم أمین قائد الحرکة النسویّة،و محمد تیمور رائد القصّة القصیرة، و­جمیل صدقی الزهاوي، و­معروف الرصافی وآخرون...(الصویریکی،2005م: 3) هنا تجدر الإشارة الی أنّ المتعلمین من الأکراد قد نشأوا علی العربیةبفضل المراکز الدینیة و المساجد و الحجرات (الحجرة)فقد درسوا و تعلّموا فی الحلقات العلمیّة التقلیدیة المتبعة فیها الأدب العربي و روائعه کالمعلقات السبع، و أطواق الذهب، و نهج البلاغة، و المقامات و قصائد لامیة العرب و لامیة العجم و البردة للبوصیري، فضلا عن مادة الصرف و النحو و البلاغة. وقد برز و ازدهر فی هذه المعاهد التي أقیمت بجانب المساجد، شخصیات عدیدة أمثال "ألأستاذ بدیع الزّمان کردستاني" و الأستاذ " أحمد ترجاني زاده " شارح المعلّقات باللغة الفارسیة و الأستاذ بجامعة تبریز و "آیة الله مردوخ الکرستاني" و کثیرممن کانت لهم قریحة شعریة في نظم الأشعار بالعربیة. و الحدیث عن الآثار و المکتوبات و الأشعار التي ترکها الأکراد یحتاج الی مصنفات عدیدة و من کلّ هذا الغیض وقع اختیارنا علی  قصیدة لامیة الکرد لعبد الحمید العرفان. و تهدف الدراسة هذه إلی الکشف عن هذه المخبوءة و تعریفها الی هواة الأدب العربی ضمن الإجابة عن الأسئلة التالیة:

1.کم هو عدد اللامیات الکردیة و من هم ناظموها؟

2. ما مضمون قصیدة لامیة الکرد لعبد الحمید العرفان؟

3. ماأهم السمات الأسلوبیة فی المستوی الإیقاعي و الدلالي والترکیبي "للامیة الکرد".

خلفية البحث

فیما یتعلق بهذا البحث حسب معرفتنا لم تُکتب عنها حتی الآن دراسة کاملة علمیة مستقلّة و هذا لا تغیب عنّا دراسات جاءت حول من أنشد بالعربیة من الأکراد:

1.خاکپور، حسام الدین، فی رسالة للماجیستر(جامعة طهران، 1392ش) بعنوان« عربی سرایان معاصر کُرد» و فیها قُمتُ بجمع أشعارهم و شرحها و ترجمتها.

2.رسول نژاد، عبدالله فی رسالته (1381ش، جامعة طهران) تحت عنوان « بررسی احوال و آثار دو ادیب بزرگ بیتوشي و نودهي» قام بدراسة آثارهما و أشعارهما العربیة.

3.قرنی، آهنی فی رسالته المقدّمة (للجامعة الحرّة فی تبریز، 1388ش) بعنوان « عربی سرایان کرد در سه قرن اخیر» بحث عن  الأشعار العربیة للبیتوشي و النودهي و مولانا خالد الشهرزوري و بدیع الزمان السنندجي. لذلک لم یوجد البحث العلمی فی قصیدة "لامیة الکرد" و هذا هو الذی نحن بصدده فی مقالتنا هذه. 

شعراء العربية من الأكراد

کما أشرنا آنفاً قد ظهر فی کردستان شعراء و أدباء کثیرون خلّفوا أعمالاً أدبیة باللغة العربیة فضلاً عن الآثار و الأشعار التی دوّنوها بالکردیة فی ظلال بیئتهم العلمیة، من هؤلاء صاحب لامیة الکرد_ عبد الحمید عرفان_ و شیخ سلیم التختی المعروف بامرئ القیس کردستان و بدیع الزمان السنندجي.عندما نمعن النظر فی معطیاتهم العربیة نری هذه الممیّزات فی آثارهم:

- إنّهم ألّفوا آثاراً کثیرة فی علوم الصرف و النحو و البلاغة نظما و نثرا، علی نحو ما نری عن العلامة البیتوشي حیث له منظومات علمیة رائعة فی علم الصرف و النحو فمنها " کفایة المُعاني في حروف المعاني " في 674 بیتا و زیّنها بشواهد و أمثلة تغزلیّة جمیلة و له "مثلثات الأسماء و الأفعال" في 78 بیتا و له "الموائد المبسوطة في الفوائد الملقوطة" في 150بیتا حول موضوعات متبعثرة متعددة في الصرف و النحو و غیرهم من الأدباء کشیخ المعروف النودهي و له منظومات و مؤلفات منها "ترصیف المباني في نظم تصریف الزنجاني" في 470 بیتا" و "الإغراب فی نظم قواعد الإعراب" في 800 بیتاً و "کفایة الطالب في نظم کافیة ابن الحاجب" في 1770بیتا و "غیث الربیع في علم البدیع" نظمها في علم البدیع(رسول نژاد، سرباز، عبدالله، حسن،1388ش:صص24و25).

- فقد نظم معظم هؤلاء الشعراء أشعارهم و قصائدهم علی منوال روائع الادب العربي كلامیة العرب و بانت سعاد و بردة البوصیری و... هذا هو ملا عبدالصمد الجوانرودی نسج قصیدة علی وزن "بانت سعاد" لکعب بن زهیر فی البحر البسیط« مستفعلن  فاعلن مستفعلن فعلن » و فیها یشتکی عن ألم فراق المحبوب و هی بعض أبیاتها:

بانَت حُمَیراء و دمعي الیوم مِدرارُ
بانت و نار الهوی فی القلب تشتعل
علیّ مِن مــحَنٍ لم یستطــع أحــدٌ
أدمی حشای و أضنانی و أدنفنی
و کلّما عاهدت بالوصل قد غدرت
                             .......
أضحتْ حُمَیراء بأرضٍ لا یُبَلّغها

 

 

و القلب مُلتَهِب و الـرُّوح طَیّـار
و العقل فی خبلٍ و الجسم منهار
بِحَملِها لا و لا فلــــک و أقمــــــــــار
هوی حدیثــــــــــة عهدٍ هجرها النّار
لا غـــــــروَ إنّ حدیثـــــة العهد غدّار
.......
منّی حدیث جوی الهجران دیّار

 

 

(روحانی،13662، 85)

کما یقول کعب:

أمست سعاد بأرضٍ لا یُبلّغها
 

 

إلّا العتاق النجیبات المراسیلُ
 

 

(خاکپور،1392: 147)

و هذا هو جمال الدین محمد مردوخ المعروف بـ" آية الله مردوخ" فقد حذا في مديحته الشهيرة حذو الامام البوصيري في بردته، و جابت صيت تلك المديحة الآفاق الي درجة أن الأكراد كانوا يغنّونها تغنية:

ما أطْرَبَ النَّاسَ مِنْ شَـابٍ و مِـنْ هَرِمٍ
مــا لـِلْـهَوَی نـارُه فی قَلْبِنا اضْطَرَمَتْ
أ فَــاحَ رِیــحُ الصَّـبَـا مِـنْ نَحْوِ کاظِمَةٍ
أم آیَــةُ الوَجْدِ مِـن عَرْشِ الهَوَی نَزَلَتْ
خـَیْـرُ الخَلایِـقِ مِـن إنْـسٍ و مِنْ مَلَکٍ
نــورُ الهِدایةِ، مِصْـبـاحُ الـدّرایة مِیـــ

 

 

و هَیَّــجَ الشَّــوْقَ بِــالمِــزْمَــارِ و النِّغَـمِ
و مــا یَـقُـولُ لِـسَـانُ الـمِزمَــرِ البِــکَمِ
أو أشْــرَقَ الشَّـمْـسُ فـی الظَّلْمَاءِ مِن إضَمِ
لِـذِکْـرِ مَــوْلِــدِ مَــن فـی الخَلْقِ کالعَلَمِ
فَخْـرُالبَـریّة مِــنْ عُــرْبٍ و مِــنْ عَـجَـمِ
زانُ العــنـایةِ بَحْــرُ العِــلْــمِ و الحِـکـَمِ

 

 

(مردوخ، د.ت: 33)

هناک قصائد متعدّدة فی الادب الکردي العربي[1] نُسِجَ علی منهج روائع الادب العربي فمِنها  لامیات الکرد و سنتطرّق الیهاو إلی لامیة الکرد لعبد الحمید عرفان علی وجه الخصوص. 

- و أغراضهم الشعریة هي الاغراض التقلیدیة نفسها کالمدح و­الرّثاء،و­الوصف، و­التّغزّل و... إلا في المواضع المعدودة التي لها الصبغة الرومانسیّة أو الإجتماعیة...(خاکپور، 1392ش: 184

- ثمة ملمعات في أشعارهم التي شطر منها باللغة العربیّة و الآخر بالکردیة أو الفارسیة، منها ملمع لباقي  الموصليّ الکُردي و هو تخمیس في نهایة الروع و الجمال علی غزلٍ للحافظ الشیرازيّ بهذا المطلع:

حمـاماتُ اللِّوی ناحَتْ فَقُمْ بِالنَّوْحِ ساجِلْها
وسَلْـسِـلْ دورَها صرفاً و للجاماتِ جامِلْها

 

 

وعَالِجْ فی كُؤوسِ الرّاحِ أرواحاً و عاجِلْها
ألا یـا ایُّـهـا الـسّاقي أدِر کأساً و ناوِلْها

 

 

و ما بَیْنَ النّدامی مِن أهالي العِشْقِ داوِلْها

(المصدر نفسه،173)

لاميات الكرد

قبل أن نتطرّق الی أشهر اللامیات الکردیّة و هي لامیة عبدالحمید العرفان لابدّ من وقفة قصیرة علی لامیات الکرد ،فهناک مجموعة متمیّزة من القصائد فی الادب الکردي العربي تُعرَف بلامیات الکرد  الّتي سنقوم بجمعها و تعریفها فی دراساتنا الآتیة و هي من نفیس الشعر و فاخره. لنا الفضل في تقدیمها و تحلیلها علمیّا و المقصود منها قصائد تُختَمُ برويّ اللام و ناظمها شخصٌ کردیٌّ نظمها علی غرار لامیة العرب أو لامیة العجم غالبا فنشیر إلیها بصورة موجزة فیما یلي و سنمهّد الطریق للباحثین و الهواة  للخوض في هذا المجال.

لامية الكرد لبديع الزّمان السنندجي

بدیع الزمان مهي السنندجي  من أفذاذ العلماء و الأدباء وُلد في سنة 1324ه.ق بمدینة سنندج، ترعرع و انشغل في تعلّم اللغة العربیة فی المدارس و الحوزات الدینیة و تتلمذ عند أساتذة عظماء و نال إجازة التدریس و الإفتاء من جانب أستاذ حبیب الله مدرّس الکاشتري، ثمّ وُظِّف في وزارة التعلیم و بعد سنواتٍ أُنتقل إلی طهران فأصبح أستاذ الأدب العربی بدعوة أستاذ "فروزانفر" زعیم کلیة الآداب بجامعة طهران. سُمّی بدیع الزمان لذکائه و نبوغه المفرط. خلّف آثاراً قیّمة في اللغة العربیّة و آدابها فمِن أهمّها 1-نور النبراس بجمع أسماء الهرماس 2-کتاب قيد الأوابد3-مجموعة قصیرة من القصائد بالعربیّة4-بدايع الفوايد5- مخزن الأدب فی أشعار العجم والعرب و... (مدرّس ، 1369:صص 515 و 516) منها قصیدة رائعة بعنوان لامیة الکرد إلّا أن هذه القصيدة و مع شديد الأسف لاتزال مخطوطة و لم تطبع بعدُ، و لم نعرف أن أحدا تمكن من الحصول عليها ولكنّنا نأمل أن نحصل عليها في القريب العاجل إن شاء الله...فمطلعها کما تأتی:

سقی الحيا أربُعا فی کورة الجبل
 

 

ومربَعا لًائحا کالوشم والخللِ
 

 

(مرادی، 1382:23)

لامية الكرد لزين العابدين البرزنجيّ

من خلال دراساتنا وجدنا کتابا کان قد جمعه الکاتب الفاضل _محمد علی القرداغي_ بعض الآثار المخطوطة التي خلّفها الأکراد و الکاتب قام بطبعها و شرحها. یقول فی قسم من کتابه « واجهتُ قصیدة لامیة الکرد بین المخطوطات کُتب تحته مِن "زین العابدین أفندی الگورانی" و لنا فی الادب الکردي شخصان باسم زین العابدین، أحدهما زین العابدین جعفر البرزنجی و هو المعروف بابن الفارض لعصره و الثانی زین العابدین المشهور ب"گورانی زاده" الذی کان مفتیّا ببغداد سنة 1065ه»(قرداغی، 2002م،206) و أغلب الظن أنّ هذه القصیدة لزین العابدین البرزنجي، حیث نظمها علی وزن لامیة العجم فی البحر البسیط"مستفعلن فاعلن مستفعلن فعلن" و هذا هو بعض من أبیاتهالاولی:

بَراعَةُ الفَضْـلِ ساقتْـني عَلـی المُقَلِ
أضْـحی العُلی بِکَماً لیُناصِب العلمُ
الدّهرُ فی حولٍ و النّاس فی سُرَحٍ
إنّ المـطالبَ أقسـامٌ و قـد قُضِیَتْ

 

 

و هِمّةُ النّضْلِ شاقتْني إلی النّقلِ
ظلَّ الهُدی بِکلامي رایجَ العملِ
ناهیک مِن ألَمٍ في مَسرَحِ الأمَلِ
و النّـیلُ مُنبَعُثٌ عن قِسْمة الأزلِ

 

 

(المصدر نفسه، صص168إلی 170)

لامية الكرد للشيخ سليم السنندجي

وُلد الشیخ سلیم السنندجيّ بسنة 1274(ه.ق) في سنندج و ترعرع فی بیت عفاف و صلاح و علم، فختم القرآن و شرع بقراءة الکتب الأدبیة و العلمیة.و کان له قریحة شعریة فریدة عالیة بالغة الرّوع في نظم الأشعار العربیة لذلک سُمِّي عند العلماء و الأدباء بامري القیس الأکراد(مدرس، 1369: 165). و من جملة أشعاره العربیة التي تتمیز بجمالها و طلاوتها هي التي نظمها الشاعر فی مدح مرشده و مراده "الشیخ نجم الدین بن شیخ ضیاءالدین" و ابتدأ علی غرار القدماء بأبیات تغزلیة ثم تخلّص فی صلب موضوعه إلی مدح الشیخ نجم الدین و بیان خصاله الأخلاقیة و یتضمّنه بذکر الألقاب الفاخرة لأب الممدوح و جدّه المکرّم. من غیر شک أن من یمعن فی أبیات هذه اللامیة یری أنّها معارضة جمیلة رائعة لمعلّقة "قفا نبک"لامري القیس في نفس الوزن والقافیة  علی البحر الطّویل "فعولن مفاعیلن فعولن مفاعیلن" کما اقتبس من أبیات قصیدة"قفا نبک" بعض الأبیات، هذا هو الشیخ سلیم السنندجي و هو یتغزّل بممدوحه:

إذا قام قامت من قیام قیامتي
 

 

و یبعُثُني من ذاک ریّا قرنفل
 

 

و جاء في معلّقة إمري القیس:

إذا قامتا تضوّع المسک منهما
 

 

نیسم الصّبا جاءت بریّا قرنفل
 

 

(خاکپور، 1392،44)

و هذه هي الأبیات الأولی من القصیدة:

فُتـِنـْتُ بِـفَـتّـانَیْ فَـتَـیً ذی تَـدَلُّلِ
سَبی القَلْبَ مِنّی بَعْد ما سَبی الحِجَی
و أوثَـقَـنی بَـعْدَ إنطِـلاقِيَ سـائِـراً
و مـهما مشـی هَوناً مشی بمشاعري

تَـولّـی إذا ولّـی سـروري و أقْبَلَتْ
إذا إهـتـزّ بـانُ القـَدِّ مـِنـه یهُـزّني
إذا قـامَ قـامَتْ مِن قـیـامٍ قـیـامتي
إذا صـدَّ عـنّـي سـدَّ عـنّي مذاهبي

 

 

أغَـنَّ غـضیـضَ الـطَّرْفِ أعیَنَ أکْحَلِ
بِـطَـرْفٍ خَـفِـیٍّ أو بِـجیـدٍ مُـعَطَّـلِ
عـلـی أحـرُفِ الـدّنـیا بقیـدٍ مُسَلْسَلِ
و إن آب أوْبـاً آبَ نـحْوي تَعَقّـلـي
إلـیّ مَـسَـرّاتـي إذا کـانَ مُـقـبِـلـي
تَـمـایُـلُـه مِثْـلُ القَـنـا الـمُـتَزَلْـزِلِ
و یـبـعُـثُني مِـن ذاک ریّـا قَـرَنـفُـلِ
و إن یَـلْـتَفـِتْ لي أنْجُ مِن کُلِّ مُعْضَلِ

 

 

(مدرس، ، 1385:صص 544 الی 545)

عبد الحميد العرفان السنندجي و قصيدة لامية الكرد

العالم الفرید "حاج شیخ عبد الحمید" المتخلص ب"عرفان" ابن شیخ عبدالکریم ابن شیخ أحمد من الطائفة المعروفة ب"کانیمشکاني"، وُلد في رمضان المبارک بسنة (1273ه.ق) في سنندج. فبدأ دراساته الإبتدائیّة عند أبیه و أخیه الشیخ معتمد الإسلام ثم واصل دراساته إلی مدینة" بینجوین" في خدمة ملا عبدالرحمن البینجوینیّ.فنال إجازة التدریس و الإفتاء ببغداد عند  العلامة حسین الصبری في مدرسة الأعظمیه في بغداد. ثم ذهب إلی الحجاز فرجع الی سنندج و اشتغل بتدریس و تعلیم الطلاب إلی نهایة حیاته فی المسجد و المدرسة "رشید قلعه بیگي". کان عبد الحمید فقیها متفرّدا و أدیبا لائقا و شاعرا حسن القریحة في نظم العربیّة و نثره فنظم بالفارسیة و العربیة و الکردیة. کان له براعة کاملة في أیّام شبابه في الفروسیّة و الرّمایة و لذلک نستطیع أن نلقّبه بربّ السیف و القلم فی الأدب الکردیّ العربیّ کما لُقِّب محمود سامي البارودي بهذا اللقب في الأدب العربي المعاصر.(روحاني،ج2:صص131و132). له آثار و أشعار و تألیفات و حواشي کثیرة و لم یبق منها إلّا قلیلا. تُوفّي بسنة (1334ه.ق) بقریة "رژاو" بمنطقة أورامان. من أشعاره العربیّة قصیدتان إحداهما قصیدة في مدح شیخ حسن البرزنجي الذی وقف بوجه هجمات و غارات الروس و ما یلي عدد من تلک الأبیات:

حبّــذا فیْـلَـقٌ و حَـبَّ اللِّــواءُ
رایـةٌ کــالعُـقابِ یَخْفَقُ مِن هِزّ
فـیْلَـقٌ کـالـلّیـوثِ یـومَ نِـزالٍ
رُجَّتِ الأرضُ مِن سیولِ خیولٍ

 

 

حِـزْبُ حـقٍّ یــَهابُه الأعـــداءُ
تِـهِ النّـسـرُ فـی السّما و السّماءُ
أُسْـدُ غـابٍ فریسُـهـا الرّؤسـاءُ
ضاقَ عنها الفَلا وضاقَ الفَضـاءُ

 

 

(المصدر نفسه، ص132)

و أخیرا یمدح القائد شیخ محمود البرزنجي و القصیدة الأخری المسمّاة بلامیة الکرد.

مضمون قصيدة لامية الكرد

ممّا دفع الشاعر لنظم هذه القصیدة أنّه أُثیرت الإضطرابات و الفتن و الفوضی حوالي سنة 1313و1314ه في کردستان و خاصة في سنندج و ساد القلق و الإضطراب في المنطقة فبعثت الحکومة آن ذاک شخصا باسم"حسن علي خان امیر نظام گروسي" الذي کان مدبّرا فاضلا حسن القصد  محیطا بأوضاع کردستان لإخماد نیران الفتن التي قد أُشتُعِلت بمنطقة کردستان. فأحلّ الأمن و النظم في مدة عاجلة فنظم الشاعر هذه القصیدة تکریما لخدماته الی الأکراد حامداً مکانته العلمیة و الأدبیة. لمّا نُمعن النظر فی مضمون هذه القصیدة الرائعة نری ضمن الموضوع الرئیسی و هو المدح لأمیر نظام بعض الموضوعات الأخری کما أنّ الشاعر إبتدأ القصیدة بالمقدّمة شبه الطللیة القصیرة بذکر بعض المصطلحات الطللیة و فیها یشیر إلی أنّ خلف الجدب و القحط سترت سحائب الخیر و البرکة السهل و الجبل و الأمکنة بأجمعها و یُشبّه أیام الفتن و الإضطرابات إلی الجدب و القحط کما یشبّه دخول الحاکم بسحائب الخیر التی استوعبت بقاع المنطقة کلها. ثم یشیر إلی المصائب التي أحدثها المفسدون و المشاغبون و قد أوجدت هذه النوائب صعوبات و أخطار کالفرقة فی الدین و ضیاع الصبر و اشتعال النار فی القلب و البکاء علی الفتن...

أهـلاً بِرَبْعٍ سـَقَاهُ الـوَابِـلُ الــهَـطــــــــِلُ
سحائب الخیرِ أغْشَـتْ کُـلَّ مُنتَجَعٍ
کـادتْ تُداوِلُه أیْــدي النَّوائبِ مِن
تُـزاوِلُ الفتـنةَ الــدّهـْواءَ مِن هِمَــمٍ
مُلِمـّةٌ هُیِّـجَـتْ یـا بئـسَـما حَدَثـــتْ
الـدّینُ مُـنـْثَـلِمٌ و الصــــــّبرُ مُنصـَرِمٌ

 

 

و خَلْفَ جَدْبٍ تَروّی السّهلُ و الجبلُ
مِـن طلِّها ابتَـــــلَّ دِمـنُ الحیِّ و الطّلَلُ
سَعـلاة بیـدٍ هـواها الخَتْـلُ و الخَــــــبَلُ
طـِوالُـها مثـلُ إبـهـامِ القــــــــــطـا مَثَـــــــــــلُ
و فِتـنةٌ أحـجَـــــــبَتْ نــــــــــــــاراً بِـــها ثَـکـَلُ
و القـلبُ مُضـطَرِمٌ و الدّمـعُ منهَـمِـــلُ

 

 

ثم یذکر الشاعر أن الله تعالی باقتضاء سُنّته و تدبیره أحدث الیسر بعد العسر بدخول الحاکم فی المنطقة و یُشبّه الممدوح بآیة الرحمة التي استوعبت نعمُه و سوابغُه کلّ الناس و یُشبّهه بالنّبي موسی ( عليه السلام ) لما رجع إلی قومه و أحلّ السلم و الأمان بینهم و یستطرد فی مدحه بأنّه استقرّ نظام العدالة و أنّه من العظماء و رئیس الرؤساء و أنّه معروف النسب أیضا...

فَأحـدَثَ اللهُ یُــسـراً بعـد ما عُسرٍ
و آیة الرّحمة إمــتَـدَّتْ سـوابغُـها
عـاد الأمـیرُ بِـبـَــــأسٍ لا مَـــرَدَّ لَـه
هو الأمیرُ نِظـامُ العــدْلِ لِلمَلِـکِ
وجهُ الوجوهِ و سیفُ المُلکِ وابن جلا
نـورُ الإمـارةِ مِـن سـیـماه یَلتَمِعُ
 

 

و آمَـنَ النّـاسُ مِنْ خـوفٍ إذا وُجِلوا
ظـلّت تُظِـلُّ بِـذَیْـلِ العـفْـوِ ینسَـدِلُ
کَعَـوْدِ موسـی علی قَـوْمٍ لَهـم زَجَـلُ
رکْـبُ الکِـرامِ لِنـادي عزّةٍ إرتحَـلُـوا
صـدرُ الصّـدورِ إلیـه یَنْـتـهـي الأمَـلُ
فـی جنْـبِ رفْعتـِه یُستَخْفـَضُ زُحَـلُ
 

 

و یستطرد فی ما أنجز الممدوح لإحلال الأمان فی تعذیب الأشرار فأصبحوا صماً بکماً عمیاً، کما هو قرّب و خصّص الأبرار بالعزّة و الإحسان و أصفی القلوبَ من الحزن و... فی الأبیات التالیة:

فسکـّنَ الفتنةَ اللّـأواءَ ذاتَ لِظَـیً
واخضرّتِ السّنةُ الشّهباءُ مِن دیمٍ
کان الرّبیعُ خریفاً إذ قَضی المُلْکُ
آوی مَعَایِـش َ کردستانَ في دَعَةٍ
آذی الشّـرارَ فباتوا فی مَکانِـهم
دانَ الخیارَکما دانُوا و خَصَّصَهم
کم مِن صُدورٍکُمُـودٍ فی غشا صَدَإٍ
کـم أصْلَحَ التُّلــمَ اللّاتي تُـواظِبُها
کم خُرِّبَتْ مِنه عمرانَ الفواحِشِ وال
و کم له آیـــةً مِن سَطْوَةٍ نَسَخَتْ

 

 

أثـارَها الغَـمْرُ و الجُـهّالُ و السّـفَـلُ
سَجْـماءَ جـودِه نَـهـلاً بعـده عَـلَـلُ
عـاد الخـریـفُ ربیـعاً جـوُّه خَضِـلُ
تـسـامَـرَت ْ بِمَـزایاه العُلـَی الـدُّولُ
صُمّاً و بُکْماً و عُـمْیاً ما لَـهم شُـغُـلُ
عـــــــزّاً و قـُـــــرْباً و بـــــرّاً مـا لـه خَـطَـلُ
تَصَـیْقَلَـتْ بَعـدَ ما لـم تبـدُ تَنْـصَقِلُ
أیـدي الّلِئـامِ و نـارُ البُـؤسِ تَشـتَعِلُ
فَـحشاءُ کـذا عُمـِرَ الأدیـانُ والمـِلَلُ
آیـاتُ بَـغْيٍ و عُـدوانٍ إذا إقـتَتـَلوا

 

 

ثم یذکر الشاعر المحامد الأخری لممدوحه و یصفه بأن لا یستطیع أیُّ لسنٍ مدح علوّه و أنّ جوده ضِعفُ ما یطلب السائل و أنّه ملجأ الکرام و سبب استئصال الطاغیات و یستطرد فی وصفه بأنّ ارسطو کان مغترفاً من عین علمه و یکفي له أن یحبّه الأبرار و العلماء و یبغضه الجهّال و الأشرار و یذکر الخصال الممدوحة الأخری التي یصفها الشاعر و یختم القصیدة بالدّعاء لشأن الممدوح فی قوله:

عـلیاءُه فــوقَ ما یرقي له لَـسِنٌ
یُؤوي الکِـرامَ و یلوي کلَّ طاغیةٍ
مِن عَیْنِ عِلْمِه رسطالیس مُغتَرِفٌ
بِحـسبِـه حبّـُه الأخــــیارَ والعُلــــماء
نَوالُه لِلوری یـوم النّدی السُّحُبُ
و النّاسُ فی راحةٍ مِنْ بَسْطِ راحتِه
یومَ الکَریهةِ لِلبـاغین حین لُقُوا
یا کعبةَ الحاجِ و الآمالِ و الأرَبِ
أوجَبْتَ شُکراً علی نَعماک إذْ تَرِبَت
دُمْ یا عزیزُ بِمصرِ الـعزِّ و استَقِمْ
وابْشِرْ بِخیرٍ و إسعافٍ و نَیْلَ مُنیً
بُعْداً لِعادیک و المثْوی له جَدَثٌ
لازِلْتَ ناعِمَ عَیشٍ فـی ذُری رُتَبٍ

 

 

و بـذْلُه ضِـعفُ مـا یهـواه مُـبتَـذِلُ
إنّ الأصـیلَ لـه النَّعـمـاءُ و الجـدلُ
مِـن حاء حِلـمِه حـرفُ القاف مُنعَزِلُ
أجـراً کَبُغْضِـهم الأجـلافُ و السِّفَلُ
و بأسُـه لِلعِـدی یـومَ الوغْیِ الأجَلُ
آیــــــاتُ برمـکَ مِـن آیـاتِه خَـطَلُ
لیـثٌ هصُـورٌ هِـزَبْرٌ باسـلٌ بـطلُ
فِناءَ بابِـک رکــــــــــبُ الکُـــــــمـّلِ نـَزَلُوا
یَـــــــــدُ الأنـامِ فَـمازالوا إذ إشْـتَغَـلوا
إلیـک تُرفَعُ حـاجاتٌ لهـا ثَقـِـلُ
یُسـاعِدُ الجَـدُّ و الإقـبالُ و الجَذَلُ
تـبّاً لِشـانیک و الرّمْـسُ لـه نُـزُلُ
ما شبّـبَ الصَّـبُ بالغزلانِ و الغَزِلُ

 

 

هناك تساؤلات و إبهامات حول مضمون القصیدة،منها هل کان الشاعر صادقا فی مدحه؟ هل الأمیر جدیر لهذا المدح بما فیه من ذکر المحاسن و الخصال الحمیدة بشأنه، یعني هل الباحث فی حیاة الممدوح یری هذه الخصائص و المحاسن فی شخصیة الممدوح؟ و البعض من التساؤلات الأخری تحتاج إلی دراسة لیست لما نحن فیه و سنُرجیها إلی مقالة أخری.

التحليل الأسلوبي للقصيدة

إختلف الباحثون فی تحدید مفهوم الأسلوبیة فذهبوا مذاهب عدّة، منهم یعرف الأسلوبیة بقوله:« فأسلوبیّة الیوم هي دراسة للغة و هي أیضا دراسة للکائن المتحول باللغة و هي کذلک دراسة للعمل الإبداعی».(بومصران،2011م، 8) و منهم من یقول:« مدرسة لغویة تعالج النص الأدبی من خلال عناصره و مقوّماته الفنّیة و أدواته الإبداعیّة، متّخذة من اللغة و البلاغة جسرا تصف به النّص الأدبی و قد تقوم أحیانا بتقییمه من خلال منهجها القائم علی الإختیار و التّوزیع مراعیة في ذلک الجانب النفسی و الإجتماعی للمرسل و المتلقی».(ابوالعبدوس، 2010م، 51) و منهم من یقول أن الأسلوبیة « نوع من الحوار الدّائم بین القاري و الکاتب من خلال نصٍّ معین».(مطلوب، 2002م، 126)

إذن نشاهد أنّ الباحثین مختلفون فی فهمهم عن الأسلوب و لکنّهم أجمعوا علی أنّه طریقة التعبیر الخاصة للأدیب و المنهج الأسلوبي یعني دراسة الموضوع ضمن مستویات التحلیل الأسلوبی و هي: المستوی الإیقاعي، و المستوی الدلالي أو البلاغیّ و المستوی الترکیبي أو النحوي. هذا و بعد تلك الاضاءات نقوم بتحليل القصيدة في المستويات الثلاثة المذكورة.

المستوى الإيقاعي

یُعَدّ الإیقاع من المفاهیم التي استعصت علی التعریف النهائي و لکن المقصود منه في هذا المجال، الموسیقی الخارجیة و الموسیقی الداخلیة.

الموسيقى الخارجية:

و یُقصد بها الموسیقی المتأتیة من نظام الوزن العروضي و الّتي یخضع إطرادها لتنوّع منتظم في آخر کل بیت و یحکمه العروض وحده متمثّلا في مستویین إیقاعیین هما: الأوزان و القوافي.(الطرابلسي، 1981م: 15)

أُنشِدت هذه القصیدة في البحر البسیط علی وزن لامیة العجم و التفاعیل کاملة و الأبیات تامّة و الوزن متناسب للمضمون  المدحي:

أهـلاً بِـرَبْعٍ سَـقاه الوابلُ الهَـطِـلُ
 

 

وخلْفَ جدْبٍ تَرَوّی السَّهْلُ والجَبَلُ
 

 

--U-     -U-     --U-     -UU          --U-     -U-     --U-     -UU

مستفعلن  فاعلـــــــــــــن  مستفعلـــــــــــــن  فعلــــــــــــــــــــن          مستفعلن  فاعلـــــــــــن  مستفعلـــــــــن  فعلـــــــــــــــــــــــــن

 

زحاف الخبن           

زحاف الخبن           

و لکن فیها بعض الزحافات جاءت في الحشو و العروض و الضرب  لیخرجها من الرتابة و التکرار الممل، علی غرار ما نلاحظ في البيت التالي:

 

سحائب الخیر أغشت کل منتجع
 

 

من طلّها ابتلّ دمنُ الحیِّ و الطّللُ
 

 

الحشو=مستفعلن                     مفاعلن،العروض و الضرب= فاعلن                      فَعِلن

و أما بالنّسبة إلی قافیة اللّام فهي من القوافي الشائعة الإستعمال و حرف اللام من الحروف المجهورة و من الحروف المسمّاة في فن القافیة ب"الذّلول"أي التي یکثر رکوب الشعراء لقافیتها نظراً لکثرة ألفاظ المعجم التي تصلح القوافي لها و هي عکس القوافی "الحرون" کالضاد و الظاء و الغین و والخاء و هي قوافٍ یتحاشی رکوبها الشعراء فلذلک حرف اللّام من القوافی المناسبة لنظم القصائد الطویلة فیها.(الربداوی،د.ت: 90).

و الملفت للنظر في هذه القصيدة هو تكرار حرف اللام في كافة اجزاء القصيدة و حضورها المكرور، وهي کما قد وقعت فی حرف الرويّ لها أکثر تواترا في القصیدة کلّها بالنّسبة إلی الحروف الأخری کما نری في هذا الجدول تواتر الحروف التي لها التکرار الکثیر:

الجدول1:تواتر الحروف التي لها التکرار أکثر من خمسین

الرقم

الحروف

التواتر

النسبة المئویة(%)

1

ل

206

15,5

2

الف

163

12,3

3

أ

111

8,3

4

م

104

7,8

5

ی

92

6,9

6

ب

71

5,3

7

ن

67

5,06

8

ر

65

4,9

9

ت

59

4,4

10

مجموع حروف

1322

100

 

 

عيوب القافية:

لم نشاهد من عیوب القافیة شیئاً في القصیدة و هذا یدلّ علی أنّ الشاعر محیط بدقائق العروض و القافیة و زوایاها الغامضة.

الموسيقى الداخلية

تحکمه قیم صوتیة و المادّة الصوتیة الموظفة في النصوص الشعریة توظیفا متنوعا تحدُث من خلال تکرار الحروف و المفردات و الطباق و الجناس و توازن الجمل و توازیها و تلک الحروف و المفردات تنتج من حسن اختیار المنشیء لألفاظه و جودة ترتیبه لها داخل العبارت بما یتلائم مع المعانی لرفع قیمتها التعبیریّة و التأثیریة فی آن واحد.(الحسینی، 2004م: 29)

التکرار:

من خلال قراءة القصیدة نلاحظ الاتي:

_إعتمد الشاعرعلی تکرار المصوّتات فی عدّة أبیات من القصیدة فهذا التکرار أضفی علی القصيدة روعة و جمالا کما نشاهدُ في المطلع تکرار مصوّت الفتحة (_َ) و­مصوت الکسرة ( ـِـ) مما البس على القصيدة لباس الفرح و الانفراج و الارتياح:

أَهـلَاً بِـرَبْعٍ سَـقاه الوَابِلُ الهَـطِلُ
 

 

وَخَلْفَ جَدْبٍ تَرَوَّی السَّهْلُ والجَبَلُ
 

 

- کما وظّف الشاعر تکرار الحروف فی غیر واحد من أبیات قصیدته:

علی شاکلة ما نری عن تکرار حرف «الصاد» في البیت 19منح القصیدة جمالا بالغا و نُحِسُّ منه أنّ الشاعر کان یعاني من الحزن و القلق الذینِ یثقلان علیه و لکن بعد مجیء الحاکم انجلی الهم و القلق عن قلبه و أحسّ بالراحة و التیام آلامه:

کم مِن صُدورٍ کُمُـودٍ فی غشا صَدَإٍ
 

 

تَصَـیْقَلَـتْ بَعـدَ ما لـم تبـدُ تَنْـصَقِلُ
 

 

أشرنا إلی  تکرار حرف اللّام في مواضع عدیدة من القصیدة کما جاء في بیت المطلع و البیت 20 بصورة واضحة:

کـم أصْلَحَ الثُّلــمَ اللّاتی تُـواظِبُها
 

 

أیـدی الّلِئـامِ و نـارُ البُـؤسِ تَشـتَعِلُ
 

 

وتکرار حروف الحلق  في البیت 25 أعطی القصیدة روعة و نوعا من الثقل، کما یخطر ببالنا لعب الشاعر بالحروف لاستخدام التوریة و هذا نوع من التکلّف و التصنّع: 

مِن عَیْنِ عِلْمِه رسطالیس مُغتَرِفٌ
 

 

مِـن حاء حِلـمِه حـرفُ القاف مُنعَزِلُ
 

 

و من الطریف تکرار حرف الکاف و الباء فی هذا البیت:

یا کعبةَ الحاجِ و الآمالِ و الأرَبِ
 

 

فِناءَ بابِـک رکـبُ الکُمـّلِ نـَزَلُوا
 

 

-تكرار الكلمة و التركيبات:

نری تکرار الکلمات في بعض المواضع من القصیدة کما جاء في هذا البیت:

دانَ الخیارَکما دانُوا و خَصَّصَهم
 

 

عـزّاً و قـُرْباً و بـرّاً مـا لـه خَـطَـلُ
 

 

و الإتیان ببعض الترکیبات الإضافیّة المتتابعة منحت القصیدة إیقاعاً جمیلا في البیت 11:

وجهُ الوجوهِ و سیفُ المُلکِوابن جلا
 

 

صـدرُ الصّـدورِ إلیـه یَنْـتـهـی الأمَـلُ
 

 

-الجناس

هناک بعض أنواع الجناس فی قصیدتنا هذه کما یُلاحَظ فی الأبیات التالیة جناس الإشتقاق بین کلمتی (ظلّت و تظلّ)،و­(عُمِر و عمران) و­(الغزلان و الغزل):

و آیة الرّحمة إمــتَـدَّتْ سـوابغُـها
کم خُرِّبَتْ مِنه عمرانَ الفواحِشِ وال
لازِلْتَ ناعِمَ عَیشٍ فـي ذُری رُتَبٍ
 

 

ظـلّت تُظِـلُّ بِـذَیْـلِ العـفْـوِ ینسَـدِلُ
فَـحشاءُ کـذا عُمـِرَ الأدیـانُ والمـِلَلُ
ما شبّـبَ الصَّـبُ بالغزلانِ و الغَزِلُ
 

 

و الجناس التّام في البیت 28 بین کلمتي(راحة_ راحته)و الراحة الأولی هي الرغد و الرفاهیة و الثانیة هي کف الید:

و النّاسُ فی راحةٍ مِنْ بَسْطِ راحتِه
 

 

آیـاتُ برمـکَ مِـن آیـاتِه خَـطَلُ
 

 

و یُشاهد الجناس اللاحق في کلمتي(یؤوي-یلوي) و (یسر – عسر):

یُؤوي الکِـرامَ و یلوي کلَّ طاغیةٍ
فَأحـدَثَ اللهُ یُــسـراً بعـد ما عُسرٍ

 

 

إنّ الأصـیلَ لـه النَّعـمـاءُ و الجـدلُ
و آمَـنَ النّـاسُ مِنْ خـوفٍ إذا وُجِلوا

 

 

-الطّباق

نلاحظ طباق الإیجاب في البیت 7و20و24و28:

فَأحـدَثَ اللهُ یُــسـراً بعـد ما عُسرٍ
کم خُرِّبَتْ مِنه عمرانَ الفواحِشِ وال
بِحـسبِـه حبّـُه الأخـیارَ والعُلماء
یُؤوي الکِـرامَ و یلوي کلَّ طاغیةٍ

 

 

و آمَـنَ النّـاسُ مِنْ خـوفٍ إذا وُجِلوا
فَـحشاءُ کـذا عُمـِرَ الأدیـانُ والمـِلَلُ
أجـراً کَبُغْضِـهم الأجـلافُ و السِّفَلُ
إنّ الأصـیلَ لـه النَّعـمـاءُ و الجـدلُ

 

 

و هناک محسنات لفظیة أخری في القصیدة یمکننا أن نندرجها  ضمن المستوی الإیقاعي و هي کالعکس والموازنة والسجع و التسمیط کما نری في قوله علی الترتیب:

کان الرّبیعُ خریفاً إذ قَضی المُلْکُ
وجهُ الوجوهِ و سیفُ المُلکِ وابن جلا
کـادتْ تُداوِلُه أیْــدي النَّوائبِ مِن
الـدّینُ مُـنـْثَـلِمٌ و الصـّبرُ مُنصـَرِمٌ

 

 

عـاد الخـریـفُ ربیـعاً جـوُّه خَضِـلُ
صـدرُ الصّـدورِ إلیـه یَنْـتـهـی الأمَـلُ
سَعـلاة بیـدٍ هـواها الخَتْـلُ و الخَـبَلُ
و القـلبُ مُضـطَرِمٌ و الدّمـعُ منهَـمِلُ

 

 

و في النهایة نذکر الإیقاع الحاصل من الترصیع الجمیل في البیت الذی نری الألفاظ کلَّها في الشطر الثاني لها التوازن مع ألفاظ  الشطر الأول حیث یتساوی المصراعان مبنی و معنی.   

بُعْداً لِعادیک و المثْوی له جَدَثٌ
 

 

تـبّاً لِشـانیک و الرّمْـسُ لـه نُـزُلُ
 

 

المستوی الدّلالي(البلاغي):

هناک علاقات وطیدة بین البلاغة و الأسلوب حیث تتقلّص الأسلوبیة أحیاناً حتّی لا تعدو أن تکون جزءاً من نموذج التواصل البلاغی و تنفصل أحیانا عن هذا النموذج و تتّسع حتی لتکاد تمثّل البلاغة کلَّها باعتبارها "بلاغة مختزلة" و یصدق مثل هذا القول علی العلاقة بین البلاغة و الأسلوبیة الشعریة من جهة أخری.(بلیت، 1999م: 19) فالصورة هي أساس البناء الشعری و الأدبي و عماده الذي یقوم علیه و الخیال هو المنبع الذی یستمدّ منه الشاعر صوره بکلّ أبعاده و هو الذی یهب الشاعر علی الإنزیاح من التصویر المألوف إلی تصویر فني.(محمود، 1984م: 105) من هذا المنطلق نسعی في هذا القسم إلی البحث عن الدلالة الکامنة وراء النّص بوصفه العنصر الرئیس من عناصر العملیة الإتّصالیة و الأهم لنا دراسة المحسنات البیانیة و المحسنات المعنویة لدورها في بیان مقصود الشاعر مشیرین إلی بعض المواصفات الأخری.

و قبل أن نسبر في ثنایا تلک الصور البیانیة في القصیدة نذکرها علی وجه الاجمال و الاقتضاب في الجدول التالی:

الجدول 2، تواتر الصور البیانیة فی القصیدة

الصور البلاغیة

عدد التواتر

النسبة المئویة

     التشبیه

4

16%

    الإستعارة

14

56%

    الکنایة

2

8%

    المجاز

5

20%

   المجموع

25

100%

 

-التشبیه

أُستخدم التشبیه أربع مرّات أثناء القصیدة کما نشاهد في البیت الأول حیث یشبّه الشاعر همة الأشرار بإبهام القطا في القصر و هو من نوع التشبیه المفرد،و المرسل و المجمل و إبهام القطا مثل في القصر في اللغة العربیة و یشبّهون الأشیاء القصیرة به کما شبّه رجوع الأمیر بشدّة و شجاعة لنجاة النّاس برجوع النّبي موسی  عليه السلام  إلی قومه فی التشبیه المرکب،و المرسل و المجمل في البیت التاسع. هناک في البیت 27 تشبیه جود الممدوح بالسّحب الممطرة و غضبِه بالأجل العاجل للعدی في صورة التشبیه القریب المبتذل.

-الإستعارة

الإستعارة أبلغ من التشبیه و أشدّ وقعاً في نفس المخاطب لذلک استفاد الشاعر من الإستعارة أکثر من الصور البیانیة الأخری. استخدم الإستعارة المکنیة أکثر من الإستعارة المصرحة (المکنیة 10 مرّة و المصرّحة 4 مرات) و أمّا المصرحة توجد في البیت الأول حیث حُذِف المشّبه و هو الممدوح و ما یتعلّق به و ذُکِر المشبه به و هو الوابل الهطل کما حُذف المشبه و هو أوضاع منطقة کردستان قبل مجيء الأمیر و ذُکر المشبه به و هو الجدب و في البیت 30 شبّه الشاعر الممدوح إلی الکعبة و المشبّه محذوف و في البیت 32 المشبه محذوف و هو الأمیر الممدوح و المشبِه به مذکور و هو "عزیز" (ملوک مصر القدیمة)  أمّا بالنسبة إلی الإستعارة المکنیة فالشاعر وظّف الإستعارة المکنیة فی صورة الترکیب الإضافي في الترکیبات التالیة، نکتفي بذکرها و عدّها علی وجه الإجمال و هي: سحائب الخیر، أیدی النّوائب، ذیل العفو،نور الإمارة، سجماء جوده، نار البؤس، عمران الفواحش، عین علمه، مصر العز.وإنّ الشاعر فقد وظّف الاستعارات المستخدمة في الادب العربي طبقا لنظرية تأثير الثقافات علی استخدام نوع الاستعارات في الادب، بحيث لانری صبغة من الثقافة الكردية في استعاراته كما في شعراء الكرد الآخرين. 

-الکنایة

ما استخدم الكناية في القصيدة الا مرتین، المرة الأولی هي في البيت 17 و هي قوله: صما بكما عميا مما يكنی به عن السكوت و عدم الفهم و المرة الثانية هي في بيت 31 و هي قوله: تربت يد الانام مما يكنی به عن الفقر و المعوزة.

-المجاز

هناک المجاز في عدّة مواضع من القصیدة و هي فی قوله "دمن الحیّ" و المجاز في کلمة "دمن" حیث ذُکر الجزء و أُرید منه الکلّ و في البیت 16 في قوله"تسامرت بمزایاه العلی الدّول" و المجاز فی کلمة"الدّول" بعلاقة المحلّیة حیث ذُکر المحل و أُرید منه الحال و هناک مجاز عقلي في الشطر الثاني من البیت 33 حیث أُسند الجد و... الی غیر ما هو له.

المحسّنات المعنوية

استخدم الشاعر بعض المحسنات المعنویة کالتقابل و مراعاة النظیر و التوریة بصورة رائعة فی مواضع من القصیدة و هي کالآتي:

التقابل موجود في البیت 26و27 بین الکلمات التي تحتها خط:

بحـسبِـه حبّـُه الأخـیارَ والعُلماء
نَوالُه لِلوری یـوم النّدیالسُّحُبُ
 

 

أجـراً کَبُغْضِـهم الأجـلافُ و السِّفَلُ
و بأسُـه لِلعِـدی یـومَ الوغْیِ الأجَلُ
 

 

هناک مراعاة النظیر في کلمات (الربع/الجدب/السهل/الجبل)فی البیت الأول  و فی (الدمن/ الحیّ/ الطلل) و في (السحائب/ طلّ/ ابتلّ) في البیت الثانی، و فی البیت 30 بین کلمات (الحاج/ الآمال / الأرب). تمّ استخدام التوریة في البیت 25 فی کلمة (عین) و العین لها معنیان، الأوّل الحرف الهجائي و هو المعنی القریب و الثاني الینبوع و هو المعنی البعید المراد.

مِن عَیْنِ عِلْمِه رسطالیس مُغتَرِفٌ
 

 

مِـن حاء حِلـمِه حـرفُ القاف مُنعَزِلُ
 

 

إنّ المتعمق في هذا البیت یستنبط جانبینِ مختلفینِ من شعره، من جانب یری الشاعرَ بارعاً في استخدام المحسنّات المعنویّة بشکلٍ مثیرٍ للإعجاب و یتسائل القاریء کیف استطاع هذا الشاعر الکردي أن یخلق شعراً مملوءً من الصور البلاغیة و لیست اللغة العربیة لغته الأمّ؟ و من جانب آخر یخطر بباله أمثال أشعار شعراء العصر الترکی و ما في أشعارهم من الصور البلاغیة کالتوریة و نوعا من التصنّع فی اللعب بالشعر کصنع الألغاز و ما إلی ذلک من الخصائص التي نراها فی أشعار الشعراء الکرد کصاحب لامیات الکرد.  

أما بالنّسبة إلی استخدامه الترکیباتِ فنلاحظ أنّ الشاعر استفاد من الترکیب الإضافي 65 مرة بینما وظّف الترکیب الوصفي 6مرّة و لم یوظّف الترکیب المزجي و الإسنادي.

المستوی الترکیبي (النحوي)

المستوی الترکیبی یستنبط من خلال الجملة المنطوقة أو المکتوبة علی المستوی التحلیلط أو الترکیبي و یطلق علی هذا النوع من الدلالة الوظائف النحویة أو المعاني النحویة.(حسان، 1998م: 178) و جانب آخر من المستوی یمکن أن یستنبط من المعانی العامة للجمل و الأسالیب الدالة علی الخبر أو الإنشاء، و الإثبات أو النفی و التأکید و الطلب کالأستفهام و الأمر و النهی و العرض و التخصیص و التمني و الترجي و النداء و الشرط باستخدام الأدوات الدالة علی هذه الأسالیب(عوض حیدر، 1419ق: 43).

دراسة الجمل:

الجملة هی عنصر الکلام الأساسی، إذ یحصل بواستطها الفهم و الإفهام بین مختلف المنتفعین باللغة و یُحوّل المنتفع مادة فکره إلی کلام معبّر بواسطة الجمل و یتکلم و یتواصل بواسطتها کذلک و اعتبر علماء الألسنیة الجملة، الصورة الصغری للکلام المقیّد أی الکلام الذي یخضع لمتطلّبات اللغة و نوامیسها(الحسینی، 2004: 195) فالناظر في نظام الجملات لهذه القصیدة یری أنّ تواتر الجملة الفعلیة أکثر من الإسمیة و الشاعر استخدم النوعین كليهما لیُعبّر عمّا في نفسه تجاه الممدوح.

الجدول3، تواتر الجملة الإسمیّة و الفعلیة

  الجملة

  عدد التواتر

النسبة المئویّة

الفعلیّة

    48

     60%

الإسمیة

     32

      40%

المجموع

     80

      100%

 

تدل الجملة الفعلية علي التجدد و الحدوث و الشاعر قد وظّف الجملة الفعلية ليفيد التجدد في صفات ممدوح الحسنة، غير أن الجملة الاسمية اذا كانت في مقام المدح أو الذم لأفاد التجدد، و الملاحظ في نظام الجملات یری أن قسما كبيرا من الجمل الاسمية في هذه القصيدة ليس إلا لافادة التجدد إذ أنها في مقام المدح، علی نحو ما نری في هذا البيت و غيره من الأبيات:

نواله للوری یوم الندی السحب
 

 

و بأسه للعدی یوم الوغی الأجل
 

 

و اما الجملة الاسمية التي تفيد الثبوت قوله:

الدین منثلم و الصبر منصرم
 

 

و القلب مضطرم و الدمع منهمل
 

 

و اعتمد الشاعر علی الفعل الماضي 35مرّة و علی المضارع 14مرّة و علی الأمر 3 مرّات و في بعض الأحیان خرجت الأفعال عن مدلولها الأصلي کما جاء فی البیت الآخر و الفعل الماضی جاء لیدلّ علی الدعاء:

لازِلْتَ ناعِمَ عَیشٍ فـی ذُری رُتَبٍ
 

 

ما شبّـبَ الصَّـبُ بالغزلانِ و الغَزِلُ
 

 

التوکید: إن المراد من التأکید ترسیخ الأمر في ذهن السامع، و إزالة الشک و توضیح المقصود و للتأکید أدوات و تراکیب إلّا أنّنا لا نری شیئا من تلک المؤکدات إلّا یسیرا مما قد یدل علی أن الشاعر کان علی علم من مخاطبیه و عدم مریتهم فی مدح هذا الممدوح الکریم:

یُؤوي الکِـرامَ و یلوي کلَّ طاغیةٍ
 

 

إنّ الأصـیلَ لـه النَّعـمـاءُ و الجـدلُ
 

 

الشطر الثانی توکید للمصراع الأوّل و فیه إطناب من نوع التذییل و صار البیت الثاني جارٍ مجری المثل. و للتکرار أیضا نوع من التأکید کما نری في أوائل الشطر 19،20،21،22 و هو تکرار کلمة"کم" لیؤکّد المعنی و یستقرّه في ذهن السامع.

التقدیم و التأخیر

یمثّل التقدیم و التأخیر واحداً من أبرز مظاهر العدول في الترکیب اللغوي و هو یحقّق غرضاً نفسیّاً دلالیاً ، و یقوم بوظیفة جمالیّة باعتباره ملمحاً أسلوبیاً خاصاً، و یتمّ عن طریق کسر العلاقات الطبیعیة المألوفة بین المسند و المسند إلیه في الجملة لیضعها في سیاق جدید و علاقة متمیّزة.(المصدر نفسه، 233) نشاهد التقدیم و التأخیر في القصیدة لأغراض عدّة، نشیر إلی بعض منها حیث یقول:

کم خُرّبت منه عمران الفواحش و ال
 

 

فحشاء کذا عِمر الأدیان و الملل
 

 

قُدِّم " منه" لإفادة الحصر فی الممدوح و لا غیره، کما نری تقدیم ما حقّه التأخیر لیفید الحصر فی الأبیات 25و 26و 27 و قُدّم "له" في البیت 24 للإحتفاظ علی وزن الشعر و الفصل بین المبتدأ و الخبر المعرفتین:

یُؤوي الکِـرامَ و یلوي کلَّ طاغیةٍ
 

 

إنّ الأصـیلَ لـه النَّعـمـاءُ و الجـدلُ
 

 

و المتعمّق في هذه القصیدة یلاحظ فیها  موضوعات أخری مرتبطة بعلم المعانی کظاهرة الحذف حیث جاء فی البیت 31 فی الکلمة "إذ اشتغلوا" حیث حُذف الجار و المجرور  و هو کلمة "بالشکر" بقرینته السابقة و الإحتفاظ علی وزن الشعر و أیضا حُذف المسند إلیه" هو" من صدر البیت 11 لتعیّنه:

وجهُ الوجوهِ و سیفُ المُلکِ وابن جلا
 

 

صـدرُ الصّـدورِ إلیـه یَنْـتـهـی الأمَـلُ
 

 

استخدم الشاعر الإیجاز و الإطناب و تنکیر المسندإلیه و... فنُکّر المسند إلیه مثلا في البیت الخامس و المسوّغ لذلک کونه موصوفاً و التنوین للتفخیم و التهویل:

مُلِمـّةٌ هُیِّـجَـتْ یـا بئـسَـما حَدَثتْ
 

 

و فِتـنةٌ أحـجَـبَتْ نـاراً بِـها ثَـکـَلُ
 

 

أشرنا إلی بعض مواصفات المستوی النحوي بإیجاز و لکن فیها جمالیات نحویّة أخری نغض الطرف عنها اختصارا للمقال و إتقاء للاطالة.

التناص

تُلاحظ ظاهرة التناص بأنماطه المختلفة من التناص الدینی،و التّناص الأدبی،و التناص التاریخی فی مواضع من القصیدة:

_ التّناص الدینی:و المقصود من التناص الدینی هو حضور النص القرآنی و الحدیث النبوی فی نصّ آخر، فاستخدم الشاعر التناص الدینی فی قوله:

آذی الشّـرارَ فباتوا فی مَکانِـهم
 

 

صُمّاً و بُکْماً و عُـمْیاً ما لَـهم شُـغُـلُ
 

 

و فی هذا الشطر تناص مع الآیة "...صمٌ بکمٌ عمیٌ فهُم لايرجعون" (البقرة/18).کما اقتبس من هاتین الآیتین " إنّ مع العسر يُسری" (الإنشراح/5) " الذی أطعمهُم مِن جوعٍ و آمَنَهم مِن خوفٍ" (قریش/4) فی قوله:

فَأحـدَثَ اللهُ یُــسـراً بعـد ما عُسرٍ
 

 

و آمَـنَ النّـاسُ مِنْ خـوفٍ إذا وُجِلوا
 

 

_التناص الأدبی: یندر أن یجد الباحث شاعراً من شعراء العربیة للأکراد لم یتّصل علی نحو من الأنحاء بشاعر من شعراء التراث العربی أو یتقاطع معه أو مع أحد من نصوصه أو بعض أبیاته تقاطعا مضمونیاً أو لغویاً أو إیقاعیاً، أو کلّ ذلک فی بعض حالات الأحتذاء أو المعارضات الشعریّة. هذا و هو الشاعر فی البیت التالی:

وجهُ الوجوهِ و سیفُ المُلکِ وابن جلا
 

 

صـدرُ الصّـدورِ إلیـه یَنْـتـهـی الأمَـلُ
 

 

و فی قوله "ابن جلا" التناص مع هذا البیت لِسُحَيْمُ بْنُ وَثِيلٍ الرِّيَاحِي و هو یقول:

أَنَـا ابـنُ جَــلَا وطَــلَّاعُ الثَّنَـايَـا
 

 

مـتَــى أضَـــعُالعمـامَـةَ تَعـرِفُـونـي
 

 

_التناص التاریخی: یتّخذ التناص مع التاریخ أشکالاً عدّة منها؛ استدعاء الشخصیة(رمزاً أو قناعاً أو مرآة) أو معادلا موضوعیّا و فی هذه القصیدة نری الشاعر یستدعی بعض الشخصیات کالنبیّ"موسی" عليه السلام  و "عزیز مصر"و "رسطالیس" أو الأُسَر ک"آل برمک" أو... لیُعبّر عمّا فی نفسه بالنسبة إلی شخصیة الممدوح.

حصاد البحث

ففی ختام البحث ندوّن أبرز النتائج التي أسفر عنها البحث و من أهمّها:

1.کان للامیة العرب و لامیة العجم اثر بالغ فی شعراء العربیة من الأکراد بحیث نری الشعراء الکرد الکثیرین الذین نظموا لامیات علی منوال هاتین القصیدتین کلامیة الکرد لعبد الحمید العرفان السنندجي و هي من أشهر لامیات الکرد.

2.نظم عبد الحمید العرفان هذه القصیدة فی مدح "أمیر نظام گروسي" الذی انقذ مدینة سنندج من الفتن  المحیطة بها.

3. الباحث في الأشعار العربیة للأکراد یری المیزات المشترکة بینها و بین أشعار شعراء العصر الترکی، کاستخدام الصور البیانیة بکثرة و التوریة و مادة التاریخ و الألغاز الشعریة و... کما شاهدنا بعض هذه الخصائص في قصیدة لامیة الکرد.

4. یکون المستوی الإیقاعي لهذه القصیدة فی درجة عالیة لأن الشاعر استفاد من الخصائص الإیقاعیة کالتکرار الصوتی، و الجناس، و الطباق، و السجع، و الموازنة و...

5. بالنّسبة إلی المستوی الدلالي , استخدام الشاعر للصور البلاغیة کالتشبیه و الإستعارة و المجاز و الکنایة و التوریة و...فنری فیها جمالیات کثیرة غیر أنّه فی بعض الأحیان یخطر ببالنا نوع من التصنع و التکلف کما أشیر إلیه ضمن المقالة.

6. نشاهد براعة الشاعر في المستوی الترکیبي بحسن الإستخدام للجمل، و التقدیم و التأخیر، و الحذف و التنکیر و التعریف للمسند إلیه و...

7. أیضا هناک إقتراحات بالنسبة إلی مثل هذا الموضوع الذی فتحنا بابه، منها: بإمکان الباحثین دراسة تحلیلیة أخری فی مجموعة لامیات الأمم، علاوة علی دراسة و تحلیل فی اللامیات الکردیة المنسوبة إلی شعراء العربیة من الأکراد، أیضا یمکننا دراسة تطبیقیة بین اللامیات المختلفة و....

المصادر و المراجع

-أبو العبدوس، یوسف، الأسلوبیة الرؤیة و التطبیق، عمان، دار السیرة، 2007م.

-بلیت، هنریش، البلاغة و الأسلوبیة نحو نماذج سیمیائیة لتحلیل النص، المترجم محمد العمری، بیروت، الدار البیضاء،1999م.

-بومصران،نبیل،بنیات الأسلوبفی قصیدة مآتم و أعراس لعبد الله البردونی، الجزائر،جامعة قاصدی مرباح، ورقلة، 2001م.

-حسان، تمام، اللغة العربیة معناها و مبناها، القاهرة، عالم الکتاب، ط 2، 1998م.

-الحسینی، راشد بن حمد بن هاشل، البنی الأسلوبیة، فی النص الشعری، لندن، دار الحکمة، الطبعة الأولی،2004م.

-خاکپور، حسام الدین، عربی سرایان معاصر کرد(مضامین و درون­مایه­ها)، دانشگاه تهران، 1392ش.

-خورشا ، صادق ، المدارس الادبیه ،تهران ، سمت ، چاپ اول ، 1388ش.

-الربداوی، محمود، مجلة التراث العربی، العدد 83-84، دمشق، د.ت.

-رسول نژاد، سرباز، عبدالله، حسن،طرح پژوهشی با عنوان نقش کردها در پیشرفت زبان وادبیات عربی در دوره­ی عثمانی، دانشگاه کردستان، 1388ش.

-روحانی، بابا مردوخ ، تاریخ مشاهیر کُرد، تهران، سروش، چاپ اول، 1366ش.

-الصّویریکی، محمد علی،معجم أعلام الکرد فی التاریخ الاسلامی والعصر الحدیث فی کردستان وخارجها، سلیمانیه، بنکه­ی ژین،چاپ اول، 2005م.

-الطرابلسی، محمد الهادی، خصائص الأسلوب فی الشوقیات، منشورات الجامعة التونسیة، تونس،1981م.

-عوض الحیدر، فرید، علم الدلالة دراسة نظریة و تطبیقیة، القاهرة، مکتبة النهضة المصریة القاهرة، ط2، 1419ق.

-القرداغی،محمد علی، ورود الکرد فی حدیقة الورد، اربیل، آراس، الطبعة الاولی، 2002م.

-محمود، الخالق، شعر ابن فارض فی ضوء النقد الأدبی الحدیث، القاهره، دار المعارف، ط 3، 1984م.

-مدرس، عبدالكريم، يادى مه ردان، سنندج، انتشارات كردستان ،چاپ اول ، 1385.

-مدرس،عبدالکریم، دانشمندان کرد در خدمت علم ودین، ترجمه احمد حواری نسب، تهران، مؤسسه اطلاعات، چاپ اول.1369ش.

-مرادی، محمد رئوف، زندگی نامه وخدمات علمی وفرهنگی عبد الحمید بدیع الزمانی کردستانی، تهران، انجمن آثار ومفاخر فرهنگی، چاپ اول، 1382ش.

-مردوخ کردستانی، آیه الله ، نسخه خطی از دیوان اشعار ایشان، در کتابخانه­ی شخصی سیّد صباح حسینی.

-مطلوب، أحمد، فی المصطلح النقدی، بغداد، منشورات المجمع العلمی،  2002م.
 

 

[1]- المقصود من الأدب الکردي العربي، الأدب المنسوب إلی الأکراد باللغة العربیة نظما ونثرا.