نظرية التحول في الخطاب القرآني
ان من المستكره ان لا يتلائم كلام البشر العاديين, ولا يتربط في معاني كلماته,ولا شك في ان القرآن الكريم هو كلام الله المعجز في نظمه وتأليفه وتربط كلماته ووحدة موضوعه.
ومن الغريب ان يلحظ المطلع - توهما - عدم التربط بين كلمات الآية الواحدة في موضوعها, فأول الآية يتحدث عم موضوع, واوسطها او في آخرها يتحدث عن موضوع آخر, الامر الذي يسبب ارباكا للوهلة الاولى في فهم المتلقي, ويصعب عليه ادراك سبب ذلك, فكان لابد للدارسين والمتخصصين في الدراسات القرآنية ان يبينوا الاسباب التي تزيل الاستغراب من المطلع اللبيب ؛ لان الهدف من الخطاب القرآني وغيره هو لإفهام من هو متهيء للفهم.
وهو الامر الذي شجعني على اختيار هذا البحث والموسوم بـ(نظرية التحول في الخطاب القرآني) في محاولة لإيجاد الاسباب التي دعت الى هذا التحول, وما مدى تأثيره في المعنى المراد.
والجدير بالذكر ان هذه الدراسة لا تعني تفسيرا جديدا اتيت به - معاذ الله – فذلك شرف لم انله ولا ادعيه لنفسي الامارة بالسوء, وانما هي وجهة نظر في بيان ما غفل عنه جميع المفسرين- على حد اطلاعي -ومحاولة لرفد المكتبة العلمية بالمعرفة في دراسة جديدة في موضوعها, اذ لم يسبق ان كتب احد من الباحثين في مثل هذا الموضوع.
Abstract
That of Almstl not suit the words of ordinary mortals, nor Aterbt in the meanings of words, there is no doubt that the Koran is the word of God in miraculous organized and authored and linking words and the unity theme.
It is curious to notice familiar - Tohma - Non Mooring between a single verse in the theme words, the first verse speaks uncle the subject, and the middle one, or at most recently talking about another topic, which would cause confusion at first glance in the understanding of the receiver, and is difficult for him to realize the reason for that, was to be for scholars and specialists in Koranic studies that demonstrate the reasons that removes puzzlement of insider Allbeb; because the goal of the speech and other Quranic is to make clear who is unprepared to understand.
Something that encouraged me to choose this research and marked (b transformation theory in the Quranic discourse) in an attempt to find the reasons for this shift, and the extent of its effect on the intended meaning.
It is worth mentioning that this study does not mean a new interpretation come by - God forbid - it is an honor not Anlh not Abssi myself emirate as bad, but are the point of view in a statement that anonymous him all Mufsrin- to limit my knowledge -omaholh to supplement the scientific library of knowledge in a new study in theme, has never, as one of the researchers in this subject, such as books.
مقدمة:
الحمد لله فوق حمد الحامدين والصلاة والسلام على سادة الخلق اجمعين محمد واله الطيبين الطاهرين وعلى من والاهم وتبرأ من اعدائهم الى يوم الدين.
وبعد:
لا شك في أن حسن الكلام إنما يكون بالتناسب القائم بين أجزائه والارتباط بين مقاطعه. والقرآن الكريم هو كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهو سفر العربية الفريد وكنزها الثمين الذي أذهل بلغاءها وأعجز فصحاءها. فقد جاء في بناء محكم السرد, متماسك السبك متين الأسلوب, متصل بعضه ببعض, كأنه عقد منتظم تناسقت حروفه وائتلفت كلماته وجمله وآياته, والتحمت معانيه في انسجام تام حتى جاء أوله مرتبطاً بآخره, وآخره مؤتلفاً مع أوله في نظام لا يرقى إليه أي كلام أو نظم أبداً.
وتمثل الآية القرآنية اللبنة الأساسية في تكوين السورة, وترتبط أجزاؤها سواء أكانت مفردات أم جملاَ بروابط تشد بعضها إلى بعض فتأتي المفردات بعناية وكل في مكانها المناسب ما يشكل ترابطاً وثيقاً بين اللفظ والمعنى فالألفاظ لا تتفاضل من حيث هي ألفاظ بل(الفضيلة وخلافها في ملائمة معنى اللفظة لمعنى التي تليها أو ما أشبه ذلك مما لا تعلق له بصريح اللفظ)([1]).
ومن المستكره أن لا يتلاءم كلام البشر العاديين ولا تتناسق أجزاؤه ولا تترابط فيما بينها مما ويجعل المتلقي في حالة من التشويش الذي ينسحب إلى الفهم الخاطئ والتوهم. وهذا الأمر أدركته العرب أهل اللسان والبيان بقول الجاحظ (ت 255هـ): (إذا كان الشعر مستكرها وكانت ألفاظ البيت من الشعر لا يقع بعضها مماثلاً لبعض كان بينها من التنافر ما بين أولاد العلاَت وإذا كانت الكلمة ليس موقعها إلى جنب أختها مرضياً موافقاً كان اللسان عند انشاد ذلك الشعر مؤونه)([2]).
وهذا الرماني (ت 386هـ) كان قد قسم التأليف على ثلاثة أوجه بناءً على تلاؤمه وتجانسه: (متنافر, ومتلائم من الطبقة الوسطى, ومتلائم من الطبقة العليا, والمتلائم من الطبقة العليا القرآن كله وذلك مبين لمن تأمله)([3]).
وما لفت نظري وآثار انتباهي وجود ما يوهم ظاهره بعدم الملائمة في التأليف في آيات القرآن الكريم! فتجد الكلام في الآية الواحدة يتحدث في أولها عن موضوع ما, وفي وسطها يتحول الخطاب إلى موضوع آخر أو حتى في آخرها, وهو ما يؤكده الأمام الباقر عليه السلام في قوله: "يا جابر أن للقرآن بطناً وللبطن بطنا- إلى أن يقول:- أما الآية يكون أولها في شيء وأوسطها في شيء وهو كلام متصل متصرف على وجوه"([4]). فكان هذا هو سبب اختياري للبحث الموسوم (نظرية التحول في الخطاب القرآني).
وصرت استقراَ الآيات في القرآن الكريم التي يكون فيها الخطاب متحولاً ومتنقلاً من موضوع إلى آخر محاولاً إحصاؤها وتسليط الضوء عليها واستنكاءُ معانيها وأسباب وجود هذا التحول في الخطاب القرآني وما تأثيره على المعنى ما يشكل مشكلة للبحث.
وجدير بالذكر اني تعمدت عدم احصاء كل موارد نظرية التحول في القران الكريم وذلك؛ لابقي الباب مفتوحا امام الباحثين لإيجاد موارده واستكناء معانيه وفوائده, ايمانا مني ان درر القرآن العظيم كثيرة لا تنقضي وان كل درة يستخرجها الباحث تختلف روعة وبهاء عما استخرجه الذي قبله. وقد احصيت في اربع عشرة سورة من القرآن الكريم التحول في الخطاب في سبعة وعشرين موضعا, ذكرت منها في هذه الدراسة اثنى عشر فقط تيمنا بعدد الائمة المعصومين من بعد النبي صلى الله عليه وآله .وسوف لن اذكر بقية المواضع للعلة نفسها. وليس احتكارا للمعلومة مما قد يظنه البعض.
والغريب في الأمر- على حد اطلاعي- أني لم أجد عند المفسرين من الفريقين ما يبرر هذا التحول أو يلفت النظر إليه, ولعل ذلك بسبب عدم الانتباه أو التغاضي أو غير ذلك مما يكون الله تعالى به أعلم.
والجدير بالذكر أن هذه النظرية عنيت بدراسة التحول في الخطاب القرآني وتأثيره على المعنى فحسب, من دون الدخول في بيان معناها اللغوي فذاك أمرٌ قد كفانا المفسرون واللغويون مؤونته.
وأيضاً فان الدراسة هنا اقتصرت على بيان التحول في الخطاب داخل الآية الواحدة فقط وليس في السورة القرآنية بعيداً عن المثبتين للوحدة الموضوعية في القرآن الكريم والنافين لها, رعاية للاختصار وتدقيقاً في الاختيار.
وقد اقتضت الخطة لهذه الدراسة أن تكون على ثلاثة مباحث تسبقها مقدمة وتختمها النتائج فقائمة المصادر.
وقد عنى المبحث الأول ببيان مفاهيم مفردات العنوان, وجاء المبحث الثاني ليتناول اثبات وجود الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم من خلال استعراض أدلة المتثبتين والنافين لها ومناقشتهم, وجاء مسك الختام في المبحث الثالث فعنى ببيان أسس وفوائد هذه النظرية من خلال التطبيقات العملية على بعض الآيات التي استقرأناها من السور القرآنية المباركة.
وأخيراً فان هذه النظرية إنما تمثل وجهة نظر الباحث وليست هي من المسلمات العقلية, فهي إذا معرضة للنقد والتقويم من أهل العلم والعلماء, ولا تمثل تفسيراً جديداً لآيات الكتاب المبين فأن القول بالرأي في تفسير القرآن هو أمر مذموم أبعدنا الله تعالى عن عواقبه وهو أمر لا أدعيه لنفسي الإمارة بالسوء.
المبحث الاول: مفاهيم ذات صلة:
1- مفهوم النظرية:
أن لفظ النظرية في اللغة العربية مشتق من النظر الذي يحمل في دلالاته معنى التأمل العقلي([5]).
وفي الاصطلاح فقد تعددت تعريفاتها واختلفت ألفاظها مع توحد المعنى فقيل هي: (القضية التي تحتاج إلى برهان لإثبات صحتها)([6]). وقيل هي: (طائفة من الآراء التي تحاول تفسير الوقائع العلمية والظنية أو البحث في المشكلات القائمة على العلاقة بين الشخص والموضوع أو السبب والمسبب)([7]). وقيل هي: (هي بناء أو نسق متدرج من الأفكار يتم فيه الانتقال من المقدمات إلى النتائج)([8]).
وإجمال ما تقدم يكون مفهوم النظرية:هو أعطاء حكم أو التعبير عن وجهة نظر ما, مما يعني أنها تفكير في قضية معينة. هذا التصور لمفهوم النظرية يجعل النظر في مقابل الفعل والعمل. فهي عبارة عن مجموعة من المفاهيم والتعريفات والافتراضات التي تعطينا نظرة منظمة لظاهرة ما عن طريق تحديد العلاقات المختلفة بين المتغيرات الخاصة بتلك الظاهرة بهدف تفسير تلك الظاهرة والتنبؤ بها مستقبلاً.
2- مفهوم التحول:
لغة: (الحول والتحول واحد, قال تعالى: (لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً) عليه السلام فمعناه لا يبغون عنها تحولا,)([9]), (وحال الشئ حولاً وحؤولا. وأحال, والأخيرة عن أبن الإعرابي كلاهما تحول. وفي الحديث: " من أحال دخل الجنة"([10]), يريد من أسلم, لأنه تحول من الكفر عما كان يعيد إلى الإسلام)([11]).
وفي الاصطلاح, فالتحول أو الاستحالة: (هي تبدل صورة نوعية وانتقال الماهية إلى صورة أخرى واكتساب اسم مباين للأول)([12]). وقيل:ان التحول هو: (تحول الشيء من حالة إلى أخرى على النحو الذي يجعله شيئاً آخر)([13]).
ويرد على التعريف الاول: انه لم يفرق بين التبديل والتحول,اذ ان هذه الالفاظ مع تقاربها في المعنى على نحو الظاهرالا ان الفرق بين التبديل والتحويل: هو أن يجعل مكان الشيء شيء آخر أو تحول صفته إلى صفة أخرى, والتحويل لا يستعمل في تبديل ذات بذات أخرى([14]), او انتقال الماهية الى صورة اخرى, وإنما يبقى الموضوع واحداً ضمن الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم وربما يصرف المعنى إلى معنى آخر.
وبمعنى اخص, ان الارتباط بين كلمات الآية باق في نظرية التحول الا انه غير ظاهر, والذي يتغير ظاهرا هو صفة الالفاظ والمعاني,وغاية هذه النظرية هو ايجاد هذا الترابط وتسليط الضوء عليه ومعرفة اسبابه ومدى تاثيره في المعنى.
ويرد على التعريف الثاني: انه اجمل الكلام في لفظة (الشيء),مما يسمح بدخول الماهية ايضا, فيرد عليه ما اوردناه على التعريف الاول.
ويمكن لنا ان نعرف المراد بالتحول المزمع بيانه في هذه الدراسة بانه: تغيير اللفظ وانتقال المعنى من موضوع الى آخر مع الابقاء على الوحدة الموضوعية للخطاب المتوجه لإفهام من هو متهيء للفهم.
وقد يتبادر إلى البعض أن التحول هو نفسه الالتفات المذكور في علم المعاني عند أهل اللغة, والحق أن التحول في الخطاب شيء و أسلوب الالتفات شيء آخر. فالمطلع سيلمس أن التحول إنما يعنى بتحول الخطاب القرآني وإظهار السبب في هذا التحول من خلال متابعة المعنى واستقراء السياق في الآية الواحدة أو في الآيات المتعددة. فالتحول يدرس معنى الآية وأسباب التحول في الخطاب إن وجد فيها.
وأما صنعة الالتفات فهي تعنى بالحروف والكلمات من جهة المعنى اللغوي فحسب ولا علاقة له بالمعنى السياقي للآية وهذا واضح من تعريفاتهم له, إذ يذكر صاحب فقه اللغة أن الالتفات هو: (أن تذكر الشيء وتتم معنى الكلام به, ثم تعود لذكره كأنك تلتفت إليه)([15]). و يضرب لذلك مثلاً قوله تعالى: (لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى) ويعلق على ذلك بقوله: (فنهى عن الافتراء ثم وعد عليه فقال: " وقد خاب من افترى"([16]).
فتجد أن الالتفات هنا إنما عني بلفظة (افترى) و (لا تفتروا) من دون بيان المعنى المراد أو السبب في هذا.
بينما في نظرية التحول سوف يلمس المطلع إمعان النظر وإعمال الفكر في استكناء المعنى من الجملة المعترضة, ووضع الأسباب التي تجلي الاستغراب من وجوده, وقطع الكلام به وافتراض كيفية المعنى لو لم يكن التحول في الخطاب.
وفي خزانة الأدب تعريف للالتفات: (هو أن يكون المتكلم آخذاً في معنى فيعترضه إما شك فيه أو ظن أن رادا يرده عليه,أو سائلاً يسأله عن سبب فيلتفت إليه بعد فراغه منه, فأما أن يجلي الشك أو يؤكده أو يذكر سببه)([17]).
وهذا التفسير بعيدُ عن كلام الله تعالى وعن الخطاب القرآني, بل أن وجود التحول في الخطاب ضمن نظرية التحول, هو لإرساء المعاني وتطمين حال المتلقي بإيصال الفهم إليه من خلال التحول في الخطاب, لا أن الله تعالى يشك أو يظن, ثم أنه سبحانه لا يحتاج إلى التبرير لذلك ؛ لأنه أوكل لنبيه محمد صلى الله عليه وآله تبين القرآن الكريم فالأمر إذا لا يتعلق بالذات الإلهية بقدر ما يتعلق بالوحدة الموضوعية في فهم الخطاب لدى المتلقي.
وأما صاحب كتاب البليغ في المعاني فيذكر أقساماً ستة للالتفات وكالاتي:
1- من المتكلم إلى المخاطب نحو: (ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون) ومقتضى الظاهر (أرجع).
2- من التكلم إلى الغيبة نحو: (أنا أعطيناك الكوثر. فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر) ومقتضى الظاهر (فصل لنا).
3- ومن الخطاب إلى التكلم, نحو قول الشاعر:
طحا بك قلب في الحسان طروب |
|
يعيد الشباب عصر حان مشيب |
ومقتضى الظاهر (يكلفك).
4- ومن الخطاب إلى الغيبة نحو: " حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم" والظاهر (بكم).
5- ومن الغبية إلى التكلم نحو:(اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ) و الظاهر (فسافه).
6- من الغيبة إلى الخطاب: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. إِيَّاكَ نَعْبُدُ) والظاهر (إياه).
فتجد في جميع الأمثلة السالفة أن الالتفات لم يعالج قضية المعنى او الاعتناء بالسياق من الآيات التي سبقت هذه الآية ذات المثل. أو التي تلتها, وإنما اقتصر الأمر على الجمع والمفرد في المثال الأول وعلى الضمير في الأمثلة الباقية. مما يمكن أجابته بأنه من عادة العرب (الرجوع من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة)([18]), في حين ان نظرية التحول المزمع بيانها في هذه الدراسة تعنى ببيان انتقال الخطاب وتحوله من موضوع إلى آخر وسبب هذا التحول في الخطاب وما مدى تأثيره في المعنى؟
3- مفهوم الخطاب القرآني:
جاء معنى الخطاب في اللغة بأنه الكلام بين اثنين يقال: خاطبه يخاطبه خطاباً([19]). (والخطب سبب الأمر. تقول: ما خطبك)([20]). وجمعها خطوب([21]).
ولا يخرج معناه الاصطلاحي عنه في اللغة فقد عرفه المحقق الحلي (ت 676هـ): (هو الكلام الذي قصد به مواجهة الغير)([22]), وعرفه الآمدي (ت 1250 هـ) بأنه: (اللفظ المتواضع عليه المقصود به إفهام من هو متهيء لفهمه)([23]).
ونفهم من ذلك ان المراد بالخطاب القرآني, هو الدلالات التي دلً عليها القرآن الكريم,من حيث المفهوم,والفحوى والظاهر والاشارة.
ولهذا فان (ما لا يفهمه المخاطب لا يكون خطاباً معه)([24]), ذلك لأن الكلام من الأفعال الاختيارية للإنسان فلا بد أن يكون له غاية عقلانية من كلامه, وهي بطبيعة الحال إرادة إفهام الغير وإعلامه بما في الضمير, فكلامه إنما صدر منه بداعي الإفهام, وليس مما يستعمل فيه اللفظ استعمالاً إنشائياً.
وما نريد إثباته هنا أن الله تعالى - وهو سيد العقلاء- لابد أن يكون خطابه للمخلوقين على نحو الإفهام لهم, ومسألة تحول الخطاب في آياته المباركة,لابد وأن تكون لغاية مهمة, يجب على المتخصصين إظهارها وبيان ماهيتها ومدى تأثيرها على المعنى المراد, كي لا يقع المتلقي بشبكة الأوهام, أو التناقض الموهوم في آيات القرآن الكريم.
المبحث الثاني: نظرية التحول وعلاقتها بالوحدة الموضوعية في القرآن الكريم:
لنظرية التحول –موضوع البحث- اثر بالغ في اثبات الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم فقد اختلفت الآراء حول وجود وحده موضوعية تمثل الترابط بين أجزاء القرآن الكريم ما بين مثبت لوجودها وبين ناف لحقيقتها أصلاً ولكل أدلته التي سوف استعرضها في ادناه.
الفريق الأول:
يرى هذا الفريق أن السورة القرآنية تمثل نصاً متكاملاً مترابط الأجزاء, مساقة لغرض واحد, يظهر من خلال ائتلاف المقاطع مع بعضها والتحام الآيات, وهي تشكل وحدة موضوعية تتضمن أجزاء متناسقة فيما بينها تجتمع هذه الأجزاء وتتشابك لتصب في هذه الوحدة, لذا لا يمكن النظر إلى كل جزء أو آية على أنها منفصلة ولا علاقة لها بالأجزاء الأخرى, وعلاقة هذه الأجزاء جميعاً بوحدة الفكرة والموضوع ؛لأن هذا يجعل النص القرآني مبعثراً فاقداً لوحدته الفكرية والموضوعية التي استهدفها([25]). يقول العلامة الطباطبائي: (كل سورة مسوقه لبيان معنى خاص ولغرض محصل لاتتم السورة الا بتمامة). وهذا الأمر هو ما جعل نظرية المحتوى الدلالي أو(المعنى بالذات) تفشل في فهم الخطاب القرآني كونها لا تعنى بالوحدة الموضوعية وشمولية الخطاب القرآني بل تبحث في الكلمة ومدلولها في معاجم اللغة([26]).
ومن أدلتهم على وجود الوحدة الموضوعية في السورة الواحدة:
1- توقيفية ترتيب السور والآيات القرآنية:
من المعلوم أن جمع القرآن الكريم وترتيبه كان قد تم بأمر من النبي صلى الله عليه وآله في حياته([27]). فكانت الآيات والسور من القرآن الكريم,تنزل تدريجياً طيلة (ثلاث وعشرين) سنة وكان صلى الله عليه وآله يأمر كتاب الوحي بوضع الآيات النازلة في الموضع الذي يحدده لهم. كما حصل في قوله تعالى:(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء)(النحل/90) إذ قال صلى الله عليه وآله : (أتاني جبرائيل فاخبرني أن أضع هذه الآية هذا الموضوع من السورة)([28]).
فمع أن الآية لم تنزل متصلة مع الآيات التي قبلها أو التي بعدها إلا أن وضعها هنا أمراً توقيفياً اقتضته الحكمة الإلهية, ولا بد أن يكون فيها من الموضوع ما يتعلق بالآيات التي سبقتها أو التي تلتها.
وهكذا الحال مع آيات نزلت متفرقة جاءت متأخرة في نزولها مع الآيات التي وضعت معها. وهذا الأمر يدلنا على الحكمة الإلهية التي اقتضت أن تكون تلك الآيات في ذاك الموضع وأنه لابد أن يكون هناك موضوعاً جامعاً تدور حوله الآيات الموضوعية في موضع واحد من السورة. ومثال ذلك قوله تعالى: (وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ)(البقرة/281), إذ أنها من أواخر الآيات التي نزلت قبيل وفاة النبي صلى الله عليه وآله ومع هذا نجدها وضعت مع آية (الربا)([29]), وآية (الدين)([30]), بإشارة من النبي صلى الله عليه وآله فقد جاء عن ابن عباس أنه قال: (أنها آخر ما نزل من القرآن فقال جبرائيل: ضعها مع رأس الثمانين والمئتين)([31]).
ولو لم يكن الأمر خاضعاً لترتيب يراعى فيه اتصال الموضوعات بعضها ببعض ودورانها حول المحور العام للسورة كاملة, لكان وضعها هنا معيباً, وفيه من المؤونة ما لا يخفى على المطلع اللبيب.
2- الدليل النقلي:
فقد تكاثرت الروايات الواردة عن الأئمة المعصومين عليهم السلام التي تبين وتصرح بأهمية مراعاة الارتباط بين أجزاء القرآن الكريم بعضها ببعض وصولاً إلى فهم وتفسير صحيحين لمراد الله سبحانه وتعالى ومن هذه الروايات:
اولا- قال جابر بن عبد الله الجعفي:" سالت أبا جعفر عليه السلام عن شيء من التفسير فأجابني, ثم سألته ثانية فأجابني بجواب آخر. فقلت: جعلت فداك كنت قد اجبتني في هذه المسالة بجواب غير هذا قبل اليوم. فقال عليه السلام : يا جابر أن للقرآن بطنا وللبطن بطنا... يا جابر ليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن, أن الآية يكون أولها في شيء وأوسطها في شيء وهو كلام متصل متصرف على وجوه"([32]).
فالرواية تؤكد أن الآية الواحدة تتناول موضوعات متعددة يبدو للمطلع لأول وهلة أنها مختلفة, فأولها في شيء, وآخرها في شيء, وأوسطها في شيء, لكنها في الحقيقة كلام واحد رصين ومترابط الأجزاء, وإنما القصور في عقول الناس, فهي فقيرة عن أدراك حقيقة القرآن وبيان الاتصال في كلماته. وهو الأمر الذي نروم إثباته في هذا المبحث وجعل الاتصال بين مفردات الآية واضحاً كالشمس في وضح النهار.
ثانيا- جاء في حديث طويل عن الأمام الصادق عليه السلام عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: (واعلموا رحمكم الله أنه من لم يعرف من كتاب الله عز وجل الناسخ من المنسوخ والخاص والعام.. والمبهم من القرآن في ألفاظه المنقطعة والمؤتلفة... والابتداء والانتهاء والسؤال والجواب.. والقطع والوصل والمستثنى منه والجاري فيه والصفة لما قبل ما يدل على ما بعد والموصول من الألفاظ والمحمول على قبله وعلى ما بعده فليس بعالم بالقرآن)([33]).
فتجد أن الأمام عليه السلام يؤكد في هذه الرواية على أهمية معرفة اتصال الألفاظ بعضها ببعض, وأن هناك مسائل لابد من الإحاطة بها لمعرفة المراد من كلامه سبحانه, وأن لا غريب يذكر بين كلمات القرآن, لكنما القصور في عدم معرفة هذه المسائل يؤدي إلى هذا الفهم الخاطئ في عدم الوحدة الموضوعية للقرآن الكريم.
3- الدليل العقلي:
أن الذوق الإنساني الرفيع يستكره عدم ملائمة كلام البشر العاديين وربما عدوا صاحبه بالحمق أو الجنون فلابد للكلام الفصيح من أن تتلاءم كلماته,وتتناسق أجزاؤه, وأن لا يدخلها الغريب عن موضوعها العام, لئلا يؤدي ذلك إلى الفهم الخاطئ للمتلقي والارتباك في الذهن وعدم التركيز في المعنى. قال الجاحظ (ت 255 هـ): (إذا كانت الكلمة ليس موقعها إلى جنب أختها مرضياً موافقاً كان على اللسان عند أنشاد ذلك الشعر مؤونة)([34]).
فالكلام المترابط بعضه ببعض يؤثر في متلقيه بينما يفقد هذه الخصوصية لو كان مشتتاً (وربما يحط عندك قدر خطيب مصقع أتى بفنون من البلاغة وأثر في النفوس بخلابة بيانه لمحض أنه ذهل عن ربط الكلام فهام من واد إلى واد, مع أنه معذور, لأنه ألقى خطبته ارتجالا ولم يعمل فيها النظر والروية وما مؤاخذتك لذلك الخطيب إلا لأن الكلام البليغ لا يحتمل سوء الترتيب)([35]).
فإذا كان الأمر كذلك مع البشر الخطائين فكيف يكون الحال مع القرآن الذي صرح بأنه: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ), (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً) (النساء/84) وقد ثبت إعجاز القرآن في نظمه وإحكام ترتيبه وتناسق آياته وسوره ما يؤكد على الوحدة الموضوعية فيه.
4- العناية بالوحدة الموضوعية عند جمع من العلماء
كانت قضية الوحدة الموضوعية أساساً في تفاسير بعض المفسرين والدارسين المتخصصين بالقرآن الكريم, فقد شكلت لديهم البناء الأساسي الذي تقوم عليه ترابط الآيات فيما بينها حتى وصف بعضهم القرآن الكريم كالكلمة الواحدة([36]).
وتناول بعض الباحثين هذه القضية في القرآن الكريم بدراسات منفصلة فيما تناولها بعضهم في ثنايا كلامهم عن التفسير الموضوعي للقرآن الكريم([37]).
وأكد هذا المعنى بعض الأصوليين الذين أشاروا إلى الترابط بين أجزاء السور القرآنية وعدها كلاماً واحداً لا تنفصل أجزاؤه بعضها عن بعض([38]).
مناقشه ورأي:
مع أيماني بضرورة وجود الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم, لأنه كتاب سماوي تعهد الله تعالى بحفظة وتكفل بتعظيمه وإظهاره وأمر بإتباعه وبيانه, من جهة. وأنه موضوع بحثي الذي أروم إثباته من جهة أخرى, إلا أنني لا أجد الرصانة في الأدلة التي استند إليها القائلون بالوحدة الموضوعية, ما خلا الترتيب التوقيفي لآيات وسور القرآن الكريم مع أنها مسألة خلافية عند علماء المسلمين.
وإما الدليل النقلي فالروايتان المتقدمتان, لا تسعفان إثبات الوحدة الموضوعية, إذ تؤكد الرواية الأولى على التفسير الباطني للآيات, وأن الأمام عليه السلام كان قد فسر لجابر تفسيراً ظاهراً ثم اعقبه بتفسير باطن, بل أن الرواية تؤكد على عدم الوحدة الموضوعية؛ ذلك لأن أولها يكون في شيء وأوسطها في شيء وأخرها في شيء, مع أنه (كلام متصل) في إشارة إلى إلاعجاز في نظم القرآن الكريم.
والرواية الثانية لم تبين إلا مسائل من الضروري لمن يروم أن يسبر غور التفسير أن يحيط بها, مبينة أصناف الآيات القرآنية ولا علاقة لها بالوحدة الموضوعية لا من قريب ولا من بعيد.
وأما الدليل العقلي فلا تعين كثرة الدراسات للوحدة الموضوعية على إثباتها لأن في مقابل هذا دراسات نفت وجود هذه الوحدة وما هو إلا أدعاء يحتاج إلى الدليل العلمي. فتأمل.
الفريق الثاني:
ويرى هؤلاء أن آيات القرآن لا يجمعها جامع ولا يرتبط بعضها ببعض, وأن كل سورة تحمل موضوعات متفرقة وضعت مع بعضها ضمن إطارها, بل أن بعضهم أنحى باللائمة على الفريق الأول واعتبر القول بالوحدة الموضوعية تكلفا لا طائل منه, فقد جاء عن الشوكاني (ت 1250هـ) أنه قال: (وأعلم أن كثيراً من المفسرين جاؤوا بعلم متكلف, وخاضوا في بحر لم يكلفوا سباحته, واستغرقوا أوقاتهم في فن لا يعود عليهم بفائدة, بل أوقعوا أنفسهم في التكلم بمحض الرأي المنهي عنه في الأمور المتعلقة بكتاب الله سبحانه, وذلك أنهم أرادوا أن يذكروا المناسبة بين الآيات القرآنية المسرودة على هذا الترتيب في المصحف فجاؤوا بتكلفات وتعسفات يتبرأ منها الأنصاف ويتنزه عنها البلغاء فضلاً عن كلام الرب سبحانه)([39]).
واستدلوا على مدعاهم هذا بأدلة منها:
1- النزول المنجم لآيات القرآن الكريم وسوره:
فهم قد استبعدوا وجود ترابط بين أجزاء السورة الواحدة نظراً إلى أن النزول كان متفرقاً بحسب الحوادث, وأن كثيراً من السور لم تنزل دفعة واحدة, (وأن القرآن نزل في نيف وعشرين سنة في أحكام مختلفة..)([40]) وأن من يربط بين آياته يتكلف أمراً (لا يقدر عليه إلا بربط ركيك يصان به حسن الحديث فضلاً عن أحسنه)([41]).
2- تحديد المحور في الاجتهاد العام للسورة:
يرى النافون لقضية الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم, أن تحديد المحور العام أو العنوان الرئيس الذي تتناوله السورة أمر يرجع إلى اجتهادات المفسرين, وبذلك تتعدد المحاور أو عناوين موضوعات السور بحسب كل مفسر وبحسب ما تمليه عليه ثقافته ومعطياته الفكرية والعقدية, فيتعدد تحديد الموضوع لكل سورة عند المفسرين. لأن كلاً منهم (يجعل للسورة الكريمة هدفاً ينتزعه من ملاحظة معانيها ثم ينزل الآيات المتعددة في السورة لتحقيق هذا الهدف)([42]).
3- إهمال الموضوعات الثانوية في السورة:
يرى هذا الفريق أن تحديد السورة بموضوع واحد أو إطار عام قد يهمل موضوعات جانبية أخرى وردت في السورة مما لا يتفق مع العنوان الرئيس أو الإطار العام الذي حدده المفسر([43]).
اذ ان من المعلوم أن السور القرآنية اشتملت على كثير من الموضوعات مما لا يمكن حصرها في عنوان واحد, فإذا حصل هذا الحصر فإن كثيراً من الموضوعات الأخرى سوف تضيع بسبب هذا الإدعاء الذي أسمه الوحدة الموضوعية.
مناقشة ورأي:
أن ما ذكره أصحاب هذا الرأي من أدلة لا تصمد أمام الدليل ولا يمكن أن تنفي حقيقة الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم. فالدليل الأول فيه: أنه يجب التفريق بين الوحدة الموضوعية والوحدة العضوية. فالوحدة العضوية على رأي الأستاذ على آل موسى([44]), يعني تماسك الآيات وتلاحمها, واما (الوحدة الموضوعية تعني أن تتشابك آيات السورة بحيث تنتج موضوعاً متكاملاً, وتقاطعه مع الموضوعات الأخرى في السورة إنما يتم بقدر ما يخدم الموضوع الأصلي لا بما يسد جميع الموضوعات التفصيلية الأخرى في القران الكريم)([45]).
فالوحدة الموضوعية (تبحث موضوعاً ما فتشبعه فكرة وتمحيصاً وإضاءة وتنتقل إلى موضوع آخر يرتبط نظماً وسياقاً بالموضوع الأول,ويتقدم الموضوع الثالث من السورة كياناً مستقلاً ولكنه يتعلق بوجه ما بالموضوع السابق, ويتبلور الموضوع الرابع فتمسكه فكرة قائمة بذاتها لكنها متصلة بالموضوع الخامس)([46]) هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فإن اعتماد أصحاب هذا الرأي على النزول المتفرق فيمكن القول أن القرآن الكريم وان تضمن معاني عديدة وآياتها نزلت في ظروف زمانية منفصلة وفي وقائع وإحداث مختلفة, إلا أنها ملتئمة مع بعضها ومتناسقة ومنتظمة فهي (وان كانت بعد تنزيلها قد جمعت عن تفريق فقد كانت في تنزيلها مفرقة عن جمع كمثل بنيان كان قائماً على قواعده فلما أريد نقله بصورته إلى غير مكان, قدرت أبعاده ورقمت لبناته ثم فرقت أنقاضاً فلم تلبث كل لبنة منه عرفت مكانها المرقوم وإذا البنيان قد عاد مرصوصاً يشد بعضه بعضاً)([47]).
وإما الدليل الثاني ففيه: أن تحديد المحور للسورة لا يقدح في ترابط السورة الواحدة, إذ أن تحديد الموضوع وان اختلف فيه إلا أنه لا يعني أن ليس هناك موضوعاً تتناوله السورة. بالإضافة إلى أن تحديد الموضوع يحتاج إلى تعمق وفهم دقيقين في كل مفصل من مفاصل السورة. يقول محمد عبد الله دراز: (أنه يصعب في بعض السور التميز بين الفكرة الرئيسية والأفكار الثانوية أو اكتشاف العلاقة بين الأفكار بعضها مع بعض, أو بينها وبين النواة المركزية للسورة)([48]). لذا لا يعد هذا الأمر سبباً في عدم وجود الوحدة الموضوعية فإثبات الشيء في تحديد المحور للسورة لا ينفي ما عداه من المواضيع الأخرى.
والدليل الثالث الذي أورده أصحاب هذا الرأي, فأنه أدعاء يخلو من الصحة ويفتقر إلى الدليل إذ أن تحديد موضوع السورة في محور ما لا يعني إهمال الموضوعات الجانبية, بل لابد لهذه الموضوعات من أن ترتبط من جهة ما بالمحور الرئيسي للسورة.
وخلاصة ما تقدم يرى الباحث أنه لابد من وجود الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم لسبب عقلي واضح وبسيط, وهو أن العقلاء كلهم متفقون على قبح الكلام غير المترابط, وأن من المستحسن أن يكون الكلام مترابطاً متناسقاً وكلام الله تعالى لابد أن يكون كذلك, وذلك لأنه أعجز العرب وهم أئمة الفصاحة وأرباب البلاغة في أن يأتوا بمثله وقد أبهرهم حسن نظمه وإلى يوم القيامة فوحدة موضوعة موجودة ظاهرة للعيان المتأملين, وهذا الأمر هو ما نريد إثباته من هذه الدراسة في أن التحول في الخطاب القرآني لابد وأن يكون له سبب يربط موضوعة بالوحدة الموضوعية داخل الآية الواحدة وداخل السورة فالقرآن ككل.
المبحث الثالث: فوائد نظرية التحول وتطبيقاتها:
أن النظرية الجيدة في نظر الباحثين هي تلك النظرية التي تستوفي شرطين أساسين هما:
الأول:- أن تكون قادرة على وصف مجموعة من الوقائع في ضوء نموذج يرتكز على عدد قليل من المصادرات أو العناصر العشوائية, وهي القضايا التي يتم التسليم بها من غير إقامة الدليل على صحتها. وإنما يتم قبولها لاستحالة الحكم عليها, لا بأنها صحيحة ولا بأنها خاطئة.
والآخر:- أن تكون قادرة على التكهن بنتائج الملاحظات المستقبلية, وهذا الأمر حرصنا على إثباته هنا في نظرية التحول في الخطاب القرآني من خلال وصف مجموعة من الآيات القرآنية ورصد التحول في الخطاب فيها وبيان فوائدها, وهي كالآتي:
1- قوله تعالى: (أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ)(البقرة/91).
ومحل الشاهد في هذه الآية قوله تعالى:" والله محيط بالكافرين" فالخطاب في هذه الآية متوجه إلى ضرب مثل للمنافقين الذين استضاؤا بضوء إقرارهم بالإسلام مع استسرارهم الكفر, كمثل موقد نار يستضيء بضوء ناره في ليلة ظلماء([49]). فعن أبن عباس: (أنه شبه المطر المنزل من السماء بالقرآن, وما فيه من الظلمات بما في القرآن من الابتلاء, وما فيه من الرعد بما في القرآن من الزجر, وما فيه من البرق بما في القرآن من البيان, وما فيه من الصواعق بما في القرآن من الوعيد آجلاً والدعاء إلى الجهاد عاجلاً)([50]).
ثم تحول الخطاب إلى الإحاطة بالكافرين, فقال: " والله محيط بالكافرين", ولم يتطرق المفسرون إلى بيان سبب هذا التحول, إلا أنهم قالوا: (وهذه الجملة اعتراض)([51]), وقالوا في تفسيرها أمران([52]):
الأول: أنه عالم بهم, فيعلم سرائرهم.
والأخر: المقتدر عليهم, ولا يستطيعون الخروج عن قدرته.
الفائدة:- لو لم تكن هذه الجملة الاعتراضية التي تحول إليها الخطاب لتوهم بعضهم أن وضع الأصابع مفيد, وأنه بإمكان الإنسان أن يحذر من الموت فالكلام يعد تاماً إذا وقف الخطاب على قوله تعالى: (حذر الموت), إلا أن الجملة هذه وقفت حائلاً عن ذلك التصور لتخيب آمال المنافقين في عدم الخلاص من قدرة الله تعالى وقضائه فهو محيط بهم. وأيضاً فقد أبانت أن المنافقين والكافرين سواء, والله أعلم.
2- قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْراً فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ)(البقرة/61).
قال الشيخ الطوسي (ت 460هـ) في تفسير هذه الآية: (واذكروا إذ قلتم يا معشر بني إسرائيل لن نطيق حبس أنفسنا على طعام واحد, وذلك الطعام هو ما أخبر الله عز وجل إذ أطعمهم في تيههم وهو السلوى في قول أهل التفسير. وفي قول ابن منبه: الخبز النقي مع اللحم)([53]).
وذكر المفسرون,ان الله تعالى اعطى لبني اسرائيل ما طلبوه من أنواع الطعام تكريما لهم وتثبيتا للحجة عليهم. ثم أستأنف حكم الذين اعتدوا في السبت ومن قتل الأنبياء فقال: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ) ([54]). واستدلوا بهذه الاية على (إباحة أكل الثوم والبصل وماله رائحة كريهة)([55]).
والذي يبدو من كلام المفسرين: أن الله عز وجل اسبغ نعمه على بني إسرائيل وأنه كان قد أعطائهم طعاماً لذيذاً- السلوى- فاستبدلوه بطعام غيره أقل فائدة من الأول, وأنه قد استفيد من هذه الآية على إباحة أكل الطعام الذي طلبه بنو إسرائيل. وأن تحويل الخطاب هو استئناف لبيان حكم الذين اعتدوا في السبت من بني إسرائيل, لا هؤلاء الذي كانوا مع موسى وطلبوا ما طلبوا.
وأرى أن هذا الكلام فيه نظر يمكن توضيحه من خلال نظرية التحول, إذ أن هذه الجملة الاعتراضية لو لم تأت لتحويل الخطاب بعد قوله تعالى:(لكم ما سألتم), لتبادر إلى الذهن أن الله تعالى راضِ عن اليهود بما أعطاهم من مننه على حسب طلبهم فجاءت هذه الآية (وضربت عليهم الذلة..) لتوضح أن اليهود لازموا الذلة وأن كانوا جبابرة في الأرض, فإنما (الغنى غنى النفس) وهم فقراء في أنفسهم,لأنهم خالون من الأيمان. ولا يمكن أن يكون الكلام استئنافاً لبيان حكم غير هؤلاء من بني إسرائيل, فالسياق لا يعين في ذلك خاصة مع وجود قوله تعالى معاتباً إياهم (اتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير) فهذا الخطاب متوجه إليهم أذاً. وأنه تعالى غير راضِ عنهم بل جاء بتوبيخهم في الخطاب المحول. والله أعلم.
3- قوله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ)(البقرة/87).
ومحل الشاهد في هذه الآية قوله تعالى:(أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى...)
ذكر المفسرون في تفسير هذه الاية ان الخطاب فيها (متوجه الى بني اسرائيل وكانه قال: يا معشر يهود بني إسرائيل لقد آتينا موسى التوراة وتابعنا من بعده الرسل اليكم وآتينا عيسى ابن مريم الحجج والبينات اذ بعثناه اليكم وايدناه بروح القدس, وانتم كلما جاءكم رسول من رسلي بغير الذي تهواه أنفسكم استكبرتم عليهم تجبرا وبغياً وكذبتم منهم بعضاً وقتلتم بعضاً)([56]).
فتلاحظ أن المفسرين لم يلحظوا سبب هذا التحول في الخطاب في آية (أفكلما جاءكم رسول…).
الفائدة: أن الفائدة المرجوة من تحويل الخطاب في آية (أفكلما جاءكم رسول...)هي لكي يتصل الخطاب بالآية التي تبعتها وهي قوله تعالى: (وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ). وكان لابد من تحويل الخطاب هنا,من إرسال الرسل إلى توبيخ أولئك الذين يقتلون الرسل من بني إسرائيل كما صرحت بذلك الآية محل الشاهد. فلو لم يكن هذا التحول في الخطاب لأصبح سياق الآيتين هكذا: (ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده الرسل وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس-.....- وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلاً ما يؤمنون) وللسامع أو القارئ أن يتبادر إلى ذهنه معنى غير المعنى المقصود فهناك مدح للرسل وهنا ذم, خاصة وأن السياق يعين على هذا التوهم لأن الآية الثانية تصدرت بـ(وقالوا) والكلام في الأولى عن مجموع الرسل. فكان لابد من الآتيان بهذه الجملة المحولة للخطاب ليتضح أن المراد بهم هم الكفار الذين يقولون: (قلوبنا غلف...) ولتتصل الآية بالآية في وحدة متناسقة متكاملة, ثم ان عمل المشركين من امة محمد صلى الله عليه وآله مشابه لعمل الكفار من امة سيدنا موسى عليه السلام فجاء التحول في الخطاب ليذكر من عاصر النبي صلى الله عليه وآله بفعل اسلافهم وناسب هذا التحول في الخطاب للمشابهة بين السلف والخلف من الكفار في الافعال. والله تعالى أعلم.
4- قوله تعالى: (وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (البقرة/ 195).
ومحل الشاهد هنا هو قوله تعالى:(وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)
جاء في تفسير هذه الآية: (أمر الله تعالى جميع المكلفين المتمكنين بالإنفاق في سبيل الله: أن ينفقوا في سبيله, وسبيل الله هو كل طريق شرعه الله تعالى لعباده, يدخل فيه الجهاد والحج وعمارة القناطر والمساجد ومعاونة المساكين والأيتام وغير ذلك)([57]).
وفي فقه القرآن ذكر انه استفيد من هذه الاية حكم (النهي عن ترك الانفاق في سبيل الله لأنه سبب الهلاك, وعن ترك الغزو الذي هو تقوية للعدو)([58]).
وغاية ما حصروه في معنى الآية أن الامتناع عن الأنفاق يؤدي إلى التهلكة([59]) من دون ملاحظة التحول في الخطاب القرآني في قوله تعالى: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ).
الفائدة:- أن هذه الجملة الاعتراضية جاءت لتبين الخطر المحدق بالإسلام إذا ترك الناس الجهاد والانفاق في وقت الحرب, ولو لم يكن هذا التحول في الخطاب القرآني لأصبح حكم الانفاق في الآية على نحو الاستحباب, وبتحويل الخطاب هنا توضح المعنى الأعمق في الآية الذي يكاد يكون فيه الانفاق هنا واجباً([60]) لا مستحباً في حال الجهاد, بقرينة السياق في الوقوع في التهلكة و إلا فلو رفعنا هذا التحول لأصبح منطوق الآية كالآتي: (وأنفقوا في سبيل الله-.....- وأحسنوا ان الله يحب المحسنين) فالمعنى تام كما تلاحظ, إلا أنه ليس هو مراد الله تعالى فأنه عز وجل أراد أن يعظم أمر ترك الانفاق بأن حول الخطاب إلى قضية خطيرة جداً وهي التهلكة فحذرهم من الوقوع فيها. والله أعلم.
5- قوله تعالى: (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ) (آل عمران / 28).
ومحل الشاهد في هذه الآية قوله تعالى: (ويحذركم الله نفسه).
ظاهر الآية على ما قرره المفسرون في مطاوي تفاسيرهم, أنها نهت عن موالاة ومصادقة الكفار, وأن الذي يواليهم فهو خالِ من الإيمان, وأنه يقطع علاقته مع الله عز وجل تماماً. ثم جعلت الاستثناء في مبدأ التقية([61]),فأنه إذا اقتضت الضرورة موالاتهم فللمسلمين أن يظهروا الصداقة لغير المؤمنين, الذين يخشون منهم على حياتهم.
وإما جملة (ويحذركم الله نفسه) فأنهم يمرون عليها مرور الكرام ليذكروا أن معناها: تحذيرهم من العقاب الذي يأتي من قبله, ويصدر عن أمره, وأن الله تعالى يخوف عباده بعقوبته([62]) حتى أن بعضهم فسر الآية بأنها (دعوة إلى التوحيد العياني, لئلا يكون خوفكم من غيره)([63]).
الفائدة:- أن في هذه الجملة الاعتراضية التي تحول فيها الخطاب دلالة على أنه لا يجوز ملاطفة الكفار, فهي قد نهت عن موالاتهم,ولو رفعنا الخطاب التحويلي في الآية وأصبح الخطاب كالآتي: (لاَّ يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُوْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تُقَاةً-.....- وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ), لأعطت نفس الأمر بالنهي, ولكن قد يؤول إلى الكراهية (وكل مكروه جائز)([64]), باعتبار حكم الاستثناء الوارد (إلا أن تتقوا منهم تقاه), أو قد يتوهم أحدهم فيفسر قوله تعالى: (فَلَيْسَ مِنَ اللّهِ فِي شَيْءٍ) أي لا مانع من ذلك والأمر محمول على الإباحة خاصة وأن السياق يكون معينا على ذلك باعتبار قوله تعالى في ذيل الآية (والى الله المصير) اذ ان معناها: ان الجزاء يقع على الله تعالى اما الجنة واما النار ولم تبين عقوبة موالاة الكافرين. وبتحويل الخطاب بأن أضاف التحذير إلى نفسه تعالى, بيان لسوء عاقبة من يوالي الكافرين, وتحذيرٌ من العقاب الذي يأتي من قبله حصراً لأنه يكون أبلغ ألماً وأشد مضضا, لا العقاب الذي يجريه تعالى على أيدي الناس ويقع من جهة الجبابرة والظالمين. والله أعلم.
6- قوله تعالى: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران / 97).
محل الشاهد هنا قوله تعالى: (ومن كفر فأن الله غني عن العالمين).
ذكر المفسرون أن الآية تتحدث- كما هو الظاهر- عن تعظيم بيت الله تعالى وفضائل تفضيله على سواه فهو أول بيت وضع للعبادة, وأنه مبارك كثير النفع لمن حجه, وأن فيه مقام إبراهيم – في إشارة على تعظيمه على بيت المقدس الذي كان اليهود يتفاخرون به على المسلمين ويفضلونه على مكة – وأن من دخله كان أمناً على نحو الإنشاء لا الأخبار, لأن كثيراً ممن لجأ إلى الحرم قتلوا فيه وأخيفوا مع المقام به, ولو كان ذلك خبراً لكان يجب أن يكون على ما أخبر به. وأن الحج فرض واجب على جميع المكلفين المستطيعين. ومن كفر ولم يحج فالله تعالى مستغن عنه وعن جميع العالمين([65]). فترى أنهم لم يلتفتوا إلى تحويل الخطاب وسبب وجوده. فتأمل.
الفائدة: أن تحويل الخطاب في قوله تعالى: (ومن كفر فأن الله غني...) الذي جاء بعد أن بين سبحانه كرامات بيته وأن فيه آيات بينات, ضروري لربط الآيات السابقة لهذه الآية محل الشاهد مع الذي تبعتها فلو لم يكن هذا التحول في الخطاب ورفعنا قوله تعالى: (ومن كفر) لكان من المستهجن أن نقرأ الآيتين: (فيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً ----. قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَاللّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ), فلا تجد المناسبة بين الآيتين وهناك حلقة مفقودة لا تخفى على المطلع اللبيب فصار لابد من تحويل الخطاب إلى الكفار وهم أهل الكتاب الذين لا يؤمنون بمكة قبلةَ للمسلمين ليصل معنى الآية محل الشاهد بالآية التي تبعتها. والله أعلم.
7- قوله تعالى: (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران /110).
محل الشاهد هنا قوله تعالى: (ولو آمن أهل الكتاب لكان خيراً لهم..)
في هذه الآية هناك أمتان, أمة مدحها سبحانه بأنها خير الأمم وأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. وأمة فاسقة والثانية واضحة من هي فقد صرح بذلك الخطاب القرآني وهم أهل الكتاب. وإما الثانية فقد أختلف في تحديدها (فقال قوم هم الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وآله ([66]), وقال عكرمه: (أنها نزلت في أبن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل)([67]), وقال الضحاك: (هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله خاصة)([68]). وقيل: هم الأئمة المعصومون بقراءة (كنتم خير أئمة)([69]).
وعلى أية حال فالذي يهمنا من هذا, هو تحول الخطاب من المدح في أول الآية إلى الذم في نهايتها.
الفائدة:- أن الآية تصدرت بالمدح لكي تتصل الآية بما قبلها يقول الشيخ الطوسي (ت 460 هـ): (وجه اتصال الآية بما قبلها اتصال المدح على الفعل الذي تقدم به الأمر, لأنه قد تقدم إيجاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ثم مدح على قبوله والتمسك به)([70]), وأن ما بعد هذه الآية جاءت بالذم على أعداء الإسلام وأنهم لا يضروا المسلمين, وأنهم أن قاتلوا المسلمين يولون الأدبار.
وهنا صار لابد من تحويل الخطاب إلى المعنيُ بالآية التي تلت هذه الآية- محل الشاهد- ليناسب الاتصال بها. وإلا فلو تركت من دون هذا التحول في الخطاب لصار سياق الآيات كالآتي: (كنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ-.....- لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ) وهنا يكون الإبهام وارداً, فمن هؤلاء الذين لا يضرونا وأن قاتلونا يهربون؟! هل هم من مدحهم في صدر الآية أم ماذا؟ وهنا يتبين للمطلع اللبيب ضرورية التحول في الخطاب القرآني في هذه الآية لرفع التعارض وتوضيح المراد من ان المتوجه اليهم الخطاب هم اهل الكتاب.
8- قوله تعالى: (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً) (النساء / 128).
ومحل الشاهد في الآية المباركة قوله تعالى: (وأحضرت الانفس الشح).
يذكر صاحب كنز العرفان أنها: (جملة معترضة أيضاً ولذلك لم يجانس ما قبلها و الجملة الأولى مرغبة في الصلح والثانية لتمهيد العذر في المماكسة)([71]).
قيل في سبب نزول هذه الآية: أن بنت محمد بن سلمه كانت عند رافع بن خديج, وكانت قد دخلت في السن, وكان متزوجاً أيضاً بامرأة شابة فطلق زوجته الأولى تطليقة حتى إذا بقي من أجلها يسير قال: أن شئت راجعتك وصبرت على الأثرة([72]), وأن شئت تركتك؟ قالت: بل راجعني وأصبر على الأثرة. فراجعها. فذلك الصلح الذي بلغنا أن الله تعالى أنزل في هذه الآية([73]).
فالآية هنا وضحت حكم نشوز الرجل عن أمراته, ورفع الجناح عنهما أن يصطلحاً بينهما. وفائدة المفعول المطلق في الآية (يصلحاً صلحاً): هو أن يكون الأمر في ما بينهما, ولا يدخل من يصلح بينهما فالأمر شخصي للغاية لا يسمح بدخول شخص آخر. إذ المرأة تتنازل عن حقها الشخصي في الزواج وهو أن يضاجعها زوجها يوماً كل أربعة أيام. وأن يجامعها مرة كل أربعة أشهر. والرجل يوافق على ذلك بأن يجعلها على ذمته وينفق عليها ولو كان كارهاً لذلك.
وفي قوله تعالى: (وأحضرت الأنفس الشح) - محل الشاهد - يقول الشريف الرضي: (ت 406 هـ): (وهذه استعارة. وليس المراد أن محضراً أحضر الأنفس شخصها, ولكن الشح لما كان غير مفارق لها ولا متباعد عنها كان كأنه قد أحضرها وحمل على ملازمتها)([74]). ولم تتعد كلمات المفسرين هذا المعنى وأن اختلفت الفاظهم([75]).
الفائدة:- جاءت هذه الجملة الاعتراضية وتحول الخطاب إليها لتبين حالة الجبلة لدى الإنسان فطبع الإنسان: أن يحب ذاته ويستجلب الخير لنفسه, ومسألة ترك المرأة حقها أو الرجل في أنفاقه على من لا يحب أمر يعاكس الجبلة (فأن الشح حاضر في الأنفس حتى ساعة البذل, وأن اللوعة التي يحس بها الباذل ويخفيها عندما يبذل هي الشح بالذات)([76]), فالشح من الغرائز الإنسانية التي جبلها الله عليها لتحفظ به منافعها وتصونها عن الضياع.
ثم تستدرك الآية لغرض عدم استغلال هذا الأمر فوجهت الخطاب إلى فعل الخير والتزام التقوى, وأن الله تعالى يراقب أعمالهم دائماً فليحذروا الانحراف عن جادة الصواب. وتحويل الخطاب هنا جاء ليعتذر لكلا الزوجين أن الذي هم شاعرون به طبع إنسان وهم مجبولون عليه.
ومع هذا فالاستدراك في ذيل الآية يجعل هذا الاعتذار مشروطاً بالإحسان و التقوى وأن لا يغفلوا مراقبة الله تعالى لهم.
ولو رفعنا الجملة الاعتراضية التي تحول فيها الخطاب لأصبح معنى الآية ناقصاً وموهماً ومشوشاً على المتلقي, ويكون سياقها كالآتي: (وأن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو أعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحاً بينهما صلحاً والصلح خير-....- وأن تحسنوا وتتقوا فأن الله كان بما تعلمون خبيراً), اذ يبدو من ظاهر الكلام أن الصلح في هذه المسألة خير من أعطاء الحقوق في الحياة الزوجية, هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فأن الآية تتحدث عن رفع الجناح أو الإثم في مسألة التنازل عن الحقوق. والجملة الشرطية في (وأن تحسنوا) تفيد أن فعلهم غير حسن وأنه معارض لمضمون الجملة الشرطية. ولازمية هذا, تحويل الخطاب إلى الجبلة الإنسانية وأعذار الزوجين فيما فعلا من الصلح, وأن الإحسان في الجملة الشرطية هو في إصلاح الحالة الاجتماعية وإعطاء كل ذي حق حقه بتذكر التقوى. والله أعلم.
9- قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ) (المائدة /1).
ومحل الشاهد في هذه الآية المباركة: (أوفوا بالعقود), وهي تختلف عن سابقاتها في قضية التحول في الخطاب, أنها لا تؤثر في المعنى ان رفعناها فيمكن الابتداء بـ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ - - أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ...), فلماذا جاءت في بداية السورة وليس لها تعلقاً بموضوع الآية وما فائدتها؟ هذا ما سأحاول بيانه بتوفيقه تعالى.
اختلف المفسرون في تأويل العقود التي أمر الله تعالى بالوفاء بها في هذه الآية. (فقال قوم: هي العهود التي أخذ الله عباده بالأيمان به وبطاعته فيما أحل لهم أو حرم عليهم, وقال قوم: بل هي العقود التي يتعاقدها الناس فيما بينهم ويعقدها المرء على نفسه كعقد الإيمان وعقد النكاح... وعن أبن عباس أن معناه: أوفوا بعقود الله التي أوجبها عليكم وعقدها فيما أحل لكم وحرم وألزمكم فرضه وبين لكم حدوده)([77]). (وعن قتادة في قوله تعالى: (أوفوا بالعقود) قال: بالعهود وهي عقود الجاهلية)([78])- وهو أمر غريب حقاً سيأتي بيانه- والأغرب منه قول النسفي (ت 537هـ), بعد أن بين أن المعنى هو العقود: (وأنه كلام قدم مجملاً ثم عقب بالتفصيل وهو قوله: (أحلت لكم بهيمة الإنعام)([79]).
وهنا أتساءل: أين العقود هنا ؟ والعقد فيه إيجاب وقبول, وإنما هي إحكام وأوامر ونواهي جاءت في هذه الآية. وعلى الرغم من ذلك فهم قد أكدوا على أن (أوفوا بالعقود) جملة غريبة عما بعدها فقالوا: (ثم ابتدأ سبحانه كلاماً آخر فقال: " أحلت لكم بهيمة الأنعام ")([80]). فكيف تكون العقود مجملة ثم فصلت فيما بعد؟ فتأمل !.
الفائدة: هذه الآية جاءت لتعطي فائدة عقائدية أكثر مما هي تفسيرية وبيان أحكام الآيات الواردة فيها, فهي تحاكي عقيدة المسلم في إيمانه بأصل من أصول الدين وهو الإمامة. فقد جاء عن أبي جعفر الثاني عليه السلام أنه قال: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله عقد عليهم لعلي عليه السلام في عشرة مواطن ثم أنزل الله: " يا أيها الذين أمنوا أوفوا بالعقود")([81]) التي عقدت لأمير المؤمنين. و قال جمع من المفسرين:أن هذه السورة هي أخر ما نزل على صدر نبينا محمد صلى الله عليه وآله . فكان لابد من التذكير بالعقود والعهود التي عقدوها على أنفسهم. فتحول الخطاب من الأصول إلى الفروع, وربما استفيد من هذا أن الوفاء بالعهود والعقود أهم من الأحكام التي سوف تتلى عليهم.
ويمكن الاستدلال على هذا بقوله تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ) (المائدة / 12).
وحيث أن القرآن نزل بلغة (إياك أعني وأسمعي يا جارة)([82]), فهذا الخطاب يشمل المسلمين أيضاً في حفاظهم على العهد وأن الله تعالى أخذ العهد عليهم يوم غدير خم حين أمر نبيه بقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (المائدة /67), فقام رسول الله صلى الله عليه وآله خطيباً يومها فقال: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه)([83]), وهو ما صرحت به آية التصدق بالخاتم في قوله تعالى:" إنما وليكم الله ورسوله والذين أمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون" وتصريح الآية (أثنى عشر نقيباً) فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وآله : (الأئمة من بعدي بعدد نقباء بني إسرائيل وكانوا أثني عشر, ثم وضح يده على صلب الحسين عليه السلام وقال: (تسعة من صلبه والتاسع مهديهم)([84]).
فتجد أن الآيات كانت واضحة في إثبات حق أمير المؤمنين في الخلافة بتوجيب طاعته لا أن كل مؤمن يطاع؛ لأن من المؤمنين من يرتكب المحارم خلسة ومنهم من شرب الخمر خفية ثم تاب من بعد ذلك, فهل يأمر الله تعالى بطاعة هؤلاء: (لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) (البقرة / 124), وذكرت الآية الثانية أن نقباء بني إسرائيل أثنا عشر وجاءت السنة لتبين أن الأئمة من بعد النبي صلى الله عليه وآله بعددهم.
فالواضح أن هذا الأمر مهم جداً ولذا جاء التأكيد عليه في بداية أخر سورة نزلت على نبينا صلى الله عليه وآله واما تحول الخطاب فمن الأصول إلى الفروع. والله أعلم.
ومسألة اشتمال سورة النساء على أكثر من العقود صريحاً وضمنا فناسب أن تعقب سورة النساء بسورة مفتتحة بالأمر بالوفاء بالعقود([85]). مردود: لأنه لم يبين سبب تحول الخطاب إلى احلال بهيمة الأنعام وليس فيها ما يشير إلى العهود والعقود المأمور بالوفاء بها.
نعم يصح هذا الكلام لو كانت الآية مستقلة بذاتها لا أنها مضافة إلى كلام آخر (أحلت لكم بهيمة الإنعام). والله أعلم.
10- قوله تعالى: (قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) (الأنعام /12).
ومحل الشاهد في هذه الآية قوله تعالى:(الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ)
ذكر المفسرون أن الله أمر نبيه أن يحاجج الكفار بقوله لمن ما في السموات والأرض قل لله الذي كتب على نفسه الرحمة وأنه جامع الناس في يوم القيامة وهو من مظاهر عدالته ورحمته إذ يجازي كل مكلف بعمله. وأنه أوجب على نفسه الانعام على خلقه. وجملة (الذين خسروا أنفسهم) لاختيارهم الكفر فهم لا يصدقون بالحق فأهلكوها بارتكاب الكفر والعناد.
ولم يلتفتوا إلى التحول في الخطاب في هذه الجملة إلا على نحو الإشارة في جعل الجملة في موضوع الابتداء على رأي الزجاج الذي قال: (ان قوله: الذين خسروا أنفسهم) رفع بالابتداء وقوله (فهم لا يؤمنون) خبره([86]).
الفائدة: أن الآية أثبتت الرحمة لله تعالى وأثبتت المعاد الذي يكفر به الكافرون والمعاندون, وأن الله جامع الناس في يوم القيامة ولا ريب في ذلك. ولو وقف الخطاب القرآني على (لا ريب فيه) لكان موهماً أن في يوم القيامة لا توجد سوى الرحمة ولا فرق بين الكافر والمؤمن فكلاهما ستناله رحمه الله يوم ذاك, وحين جاء بقوله: (الذين خسروا) تحول الخطاب من الرحمة العامة إلى الاستثناء من تلك الرحمة وهم (الذين خسروا أنفسهم) بارتكاب المعاصي, ثم أن هذا التحول في الخطاب جاء ليفصل بين هذه الآية محل الشاهد والآية التي تبعتها رفعاً للتوهم الذي قد يحصل إذا لم يكن هذا التحول, ولنقرأ إلايتين من دون التحول في الخطاب: (قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِلّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيه -- ---وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
فتلاحظ أن الآية مطمئنة للكافر أنه سيساوي المؤمن في الثواب فحسب ولا مكان للعقاب هناك وهو مناف للعدل الإلهي, فكان لابد من تحويل الخطاب لإثبات المعنى المراد. والله أعلم.
11- قوله تعالى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمُ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) (الأنعام /20).
محل الشاهد: (الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون)
قال المفسرون في تفسير هذه الآية: (لابد أن تكون مخصوصة بجماعة من أهل الكتاب وهم الذين عرفوا التوراة والإنجيل فعرفوا صحة نبوة محمد صلى الله عليه وآله بما كانوا عرفوه من صفاته المذكورة ودلائله الموجودة في هذين الكتابين كما عرفوا أبناءهم([87]), وأن جملة (الذين كفروا) مرفوعة على الابتداء لأنها معترضة وهي غريبة عما قبلها([88]), ولم يتطرقوا أيضاً إلى سبب هذا التحول في الخطاب كعادتهم.
والفائدة: أن هذه الآية جاءت لتبين وضوح نبوة محمد صلى الله عليه وآله , وأنها أكثر تأكيداً من معرفة الإنسان بابنه, فأن الآباء لا يعلمون ما أحدثت زوجاتهم وأهل الكتاب يعرفون أحقية نبوة النبي صلى الله عليه وآله ‘ لأن الله تعالى أنزل في كتبهم صفاته وأوصافه ومبعثه ومهاجرته وصفة أصحابه.
ولو سكت الخطاب القرآني على قوله تعالى: (أبناءهم) لكان في هذا السكوت مدحاً لأهل الكتاب, فهم وحدهم الذين يعرفون النبي صلى الله عليه وآله أكثر مما يعرفون أبناءهم, وتعد هذه منقبة لهم. ولكن حين تحول الخطاب إلى الخسران تبين أن هذه المعرفة لشخص النبي صلى الله عليه وآله ونبوته لم تنفعهم, إذ خسروا أنفسهم بإنكارهم لنبوته. والله أعلم.
12- قوله تعالى: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ) (الأنعام /90).
محل الشاهد قوله تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرأ أن هو إلا ذكرى للعالمين), ذكر المفسرون أن الضمير (أولئك) يعني بهم الأنبياء الذين سبقوا النبي محمد صلى الله عليه وآله , وأن الله تعالى هداهم إلى الصبر, فأجر يا محمد وأقتدي بهم في الصبر على أذى قومك, وقيل: الأمر بالاقتداء في استدلالهم على التوحيد والاحتجاج به على الكفار, وأنه لا يريد من المشركين أجراً على هذه الرسالة وعلى القرآن الكريم, فإنما هو موعظة للعالمين([89]). وسكتوا عن التحول في الخطاب في ذيل الآية.
الفائدة:- أن الآيات السابقة لهذه الآية كانت تتحدث عن الأنبياء الذين سبقوا نبينا الأكرم في رفع درجاتهم وأنهم من الصالحين وأنهم مفضلون على العالمين, وأمر نبينا بالاقتداء بهم. وجاءت الآية التي تلت الآية - محل الشاهد- في قوله تعالى: (وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (الأنعام / 91).
ولو سكت الخطاب القرآني عند قوله: (فبهداهم اقتده), لتعارض مفهوم سياق الآيات السالفة مع الآية (91) من سورة الأنعام, وإلا فالتوهم والتشويش يكون نصيب كثيراً من المتلقين حين نقرأ الآيات من دون التحول في الخطاب الأنف ذكره وكالآتي: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ-.....- وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ...), فهنا يكون التساؤل من هؤلاء الذين ما قدروا الله حق قدره؟ أهم الأنبياء الذين مدحهم الله تعالى وأمر خاتمهم صلى الله عليه وآله بالاقتداء بهم؟ والسياق يعين على هذا المعنى. أم هم الكفار ولا قرينة مقاليه أو حالية تدل على ذلك ؟
وهنا صار من الضروري أن يتحول الخطاب من مدح الأنبياء (صلوات الله عليهم) إلى قوم النبي صلى الله عليه وآله ليكونوا هم المعنيون بقوله: (قل لا أسألكم عليه أجراً), وهم الذين ما قدروا الله حق قدره فيرتفع الاشتباه ويناسب سياق الآية في موضوع موحد. والله أعلم.
الخاتمة واهم النتائج
ها انذا اصل الى نهاية هذه الرحلة الشيقة في بستان المعرفة,لأقطف ثمارها واحدد انواعها واتذوق طعمها الذي رزقنيه ربي عز وجل, في نتائج اجدها مهمة من وجهة نظري القاصر, ولا ادعي لهذا الجهد المتواضع صفة الكمال او الترفع عن نقده وانتقاده من العلماء والباحثين, ان يتفضلوا علي بتقويمه وتوجيهه خدمة للعلم والمعرفة.
وهذه اهم النتائج:
- ان حسن الكلام عند العرب الفصحاء, انما يكون بالتناسب بين اجزائه والارتباط بين مقاطعه, وقد مثل كلام القرآن اعجازا بلاغيا رائعا, فقد جاء في بناء محكم السرد متماسك السبك متين الاسلوب متصل بعضه ببعض.
- ان الالفاظ لا تتفاضل من حيث هي الفاظ بل الفضيلة في بلاغة معنى اللفظة واتصالها بمعنى التي تليها, والقرآن العظيم جاء بكلتا الفضيلتين:جزالة اللفظ ورصانة المعنى وترابطه, فلا توجد في آيات القرآن معان غير مترابطة مما قد تبدو للوهلة الاولى توهما.
- ان معنى النظرية هو التعبير عن وجهة نظر ما, او اعطاء حكم في قضية معينة على وفق اسس علمية بعيدا عن الاهواء والاراء الشخصية, وهو ما حرصنا عليه في هذه الدراسة.
- ان معنى التحول في اللغة وفي الاصطلاح واحد فكلاهما يعني: الانتقال من حالة الى حالة سواء كان في الصفة او في الالفاظ و المعاني.
- ان التحول يباين التبديل في انه لا يستعمل في تبديل ذات بذات اخرى, بل يستعمل في تحويل الصفة الى صفة اخرى او تحويل المعنى الى معنى اخر.
- ان التحول يباين اسلوب الالتفات عند اللغويين, ذلك لان الاخير يدرس تبديل الحروف والكلمات والضمائر من جهة المعنى اللغوي فحسب, ولا علاقة له بالمدلول السياقي للآية, وهو انما ُيبنى على الشك او الظن او توقع السؤال. في حين ان نظرية التحول ترصد تحول الخطاب القرآني من موضوع الى اخر مع ابقاء صفة الترابط وبيان اسبابه وتاثير ذلك في المعنى المراد بملاحظة السياق والتناسب بين الآيات القرآنية.
- ان نظرية التحول في الخطاب القرآني جاءت لإثبات الوحدة الموضوعية بين كلمات القرآن الكريم في آياته المباركة. فالله سبحانه هو سيد العقلاء ولابد من ان يكون خطابه للمكلفين على نحو الافهام لهم, ومسالة تحول الخطاب ضمن نظرية التحول لابد وان تكون لغاية مهمة يجب على المتخصصين اظهارها. وهنا اسجل استغرابي من عدم التفات المفسرين الى هذا التحول في الخطاب وعدم تبينهم لاثره في تفسير النص القرآني والوصول الى المعنى المراد.
- ان نظرية التحول اعطت فوائد تفسيرية مهمة يمكن حصرها بما ياتي:
- دفع التوهم في امكانية الحذر من الموت المحتوم.
- توضيح وتثبيت الموقف الالهي من اليهود ودحر مقولتهم بانهم شعب الله المختار.
- اثبات الاتصال بين الآيات القرآنية على وفق السياق القرآني, وتحديد المقصود بالمدح او بالذم في الخطاب القرآني.
- بيان معنى المعنى من خلال قراءة ما وراء الالفاظ وتحديد الحكم الشرعي الخاص بالموضوع.
- مراعاة تناسق الكلمات وترابط الآيات وتماسك معانيها واثبات ذلك من خلال فرض (ماذا لو رفعنا التحول في الخطاب).
- محاكاة جبلة الانسان وعدم اغفالها والاعتذار بها في توضيح المعنى المراد.
- التأكيد على عقيدة المسلم وضرورة ايمانه بالاصول قبل الفروع ووجوب الوفاء بعهد الله ومواثيقه فهي اهم من الفروع وعليها يتوقف صحة عمل المكلف.
- اثبات مبدا العدل الالهي من خلال اثبات المعاد في يوم القيامة وعم تساوي الكافر مع المؤمن في الجزاء.
- ابانت هذه النظرية ان معرفة النبي وحده لا تكفي ولا تنجي من الهلكة, بل لا بد من الايمان بنبوته واتباع اوامره واجتناب ما نهى عنه.
واخيرا فاني احمد الله على توفيقه الذي غمرني به ولم يزل حتى اكملت هذه النظرية التي ابتدات كفكرة منذ سنتين محاولا اخراجها للوجود لعلها تنال رضا اهل العلم الاجلاء, داعيا منه تعالى ان تكون في ميزان حسناتي القليلة النادرة وان يغفر لي ذنوبي التي اثقلت ظهري وما زالت وان يوفقني لتأليف كتاب في هذا الموضوع.
قائمة المصادر والمراجع
• القرآن الكريم.
1- الاتقان في علوم القران:السيوطي عبد الرحمن بن ابي بكر (ت:911هـ), تحقيق: محمد ابو
2- الفضل ابراهيم,طبعة الهئية العامة المصرية للكتاب – 1354هـ/ 1975م.
3- الاحكام في اصول الاحكام:الامدي علي بن محمد (ت:631هـ), تعليق:عبد الرزاق عفيفي, ط2 مطبعة مؤسسة النور, المكتب الاسلامي,دمشق-1402هـ.
4- احكام القرآن:ابن العربي ابو بكر محمد بن عبد الله القاضي (ت:543هـ) تحقيق:علي محمد البيجاوي ،دار الفكر,مصر-1929م.
5- احكام القرآن:الجصاص ابو بكر احمد بن علي الرازي (ت:370هـ), ضبط وتخريج:عبد السلام محمد علي شاهين,ط1.دار الكتب العلمية,بيروت 1415هـ/1994م.
6- اسباب النزول:الواحدي علي بن احمد النيسابوري(ت:468هـ), دار احمد الباز, مكة المكرمة -1388هـ/1968م.
7- اضواء البيان في تفسير القران: الشنقيطي,محمد الامين بن محمد المختار(ت1293هـ) تحقيق مركز البحوث والدراسات,ط1,دار الفكر للطباعة والنشر-بيروت/1415هـ/1995م.
8- الامثل في تفسير كتاب الله المنزل:الشيرازي ناصر مكارم,ط1,لا.ت.
9- املاء ما من به الرحمن من وجوه الاعراب والقراءات: العكبري ابو البقاء عبد الله بن الحسين بن عبد الله (ت:616هـ), دار الكتب العلمية, بيروت-1399هـ/1978م.
10- بحار الانوار الجامعة لدرر اخبار الائمة الاطهار:المجلسي محمد باقر (ت:1111هـ), ط2, مطبعة ونشر دار الوفاء بيروت -1403هـ/1983م.
11- البرهان في علوم القرآن:الزركشي بدر الدين محمد بن عبد الله (ت:794هـ), تحقيق:محمد ابو الفضل ابراهيم,ط1,مطبعة ونشر دار احياء الكتب العربية, القاهرة -1376هـ.
12- البليغ في المعاني والبيان والبديع:الشيرازي احمد امين, ط1,مطبعة مؤسسة النشر الاسلامي,نشر:اتشارات فروع قرآن- 1422هـ.
13- البلاغة الحديثة في ضوء المنهج الاسلامي:البستاني, الدكتور محمود,ط1,دار الفقه للطباعة, قم/1382هـ.
14- البيان في تفسير القران: الخوئي ابو القاسم علي اكبر (ت:1413هـ), ط30, مؤسسة احياء تراث الامام الخوئي, ايران / قم – 1424هـ/2003م.
15- البيان والتبيين:الجاحظ ابو عثمان عمرو بن بحر(ت 255هـ),ط1,نشر:المطبعة التجارية – 1926م.
16- تاريخ القرآن:الزنجاني عبد الكريم, ط1,منظمة الاعلام الاسلامي, طهران. ايران,لا.ت.
17- التبيان في تفسير القرآن: الطوسي ابو جعفر محمد بن الحسن (ت:460هـ), تحقيق:احمد حبيب قصير, ط1, مطبعة ونشر مكتبة للاعلام الاسلامي, دار احياء التراث العربي – بيروت,لا, ت.
18- التدبر الموضوعي في القرآن الكريم قراءة في المنهجين التجميعي والكشفي:علي آل موسى,ط1,دار كميل للطباعةوالنشر,بيروت. لبنان/2009م.
19- التعليقة على رياض المسائل:اللاري آية الله السيد عبد الحسين(ت1264هـ),نشر مؤسسة المعارف الاسلامية, مطبعة باسدار اسلام – قم/1418هـ.
20- تفسير الاصفى في تفسير القرآن:الفيض الكاشاني محمد محسن(ت:1091هـ),تقديم وتصحيح:مهدي الانصاري, ط2,مطبعة سرور, دارنشر اللوح المحفوظ, طهران-1423هـ.
21- تفسير ابي السعود المسمى ارشاد العقل السليم الى مزايا القرآن الكريم:اب السعود محمد بن محمد العمادي(ت951هـ),ط1, نشر دار احياء التراث العربي, بيروت,لا.ت.
22- تفسير روح المعاني:الآلوسي ابو الثناء شهاب الدين بن محمود (ت:1270هـ), المطبعة المنيرية, مصر – 1323هـ.
23- تفسير البحر المحيط:ابو حيان,اثير الدين, محمد بن يوسف (ت754هـ)مطبعة السعادة, القاهرة /1382هـ.
24- تفسير البيضاوي (انوار التنزيل واسرار التاويل):البيضاوي ناصر الدين ابي الخير عبد الله بن عمر بن محمد الشافعي(ت691هـ),تحقيق:محمد عبد الرحمن المرعشلي,ط1,دار احياء التراث العربي,بيروت- لبنان/1998م.
25- تفسيرالكشف والبيان المسمى بـ(تفسير الثعلبي):الثعلبي ابو اسحاق احمد (ت:427هـ), تحقيق: ابو محمد بن عاشور, طبع ونشر دار احياء التراث العربي – 2002م.
26- تفسير السمرقندي:السمرقندي ابو الليث نصر بن محمد بن ابراهيم(ت383هـ), تحقيق:د.محمود مطرجي,ط1, دار الفكر, بيروت,لا.ت.
27- تفسير السمعاني:السمعاني,ابو المظفر منصور بن محمد المروزي الشافعي(ت562هـ) ط1, نشر دار احياء التراث العربي, بيروت,لا.ت.
28- التفسير الكاشف:محمد جواد مغنية(1400هـ),ط3,دار العلم للملايين,بيروت- لبنان/1981م.
29- تفسير العياشي: العياشي ابو النظر محمد بن مسعود بن عياش السلمي (ت:320هـ),تحقيق: هاشم الرسولي المحلاتي, ط1, مطبعة ونشر المكتبة العلمية الاسلامية, طهران,لا,ت.
30- تفسير القرآن العظيم:ابن كثير ابو الفداء اسماعيل الدمشقي (ت:774هـ), تقديم د. يوسف عبد الرحمن المرعشلي, ط1, مطبعة ونشر دار المعرفة, بيروت -1412هـ.
31- تفسير القمي:القمي ابو الحسن علي بن ابراهيم (ت:329هـ), تصحيح:طيب الجزائري, ط3, مطبعة ونشر مؤسسة دار الكتاب, قم-1404هـ.
32- تفسير النسفي المسمى(مدارك التنزيل وحقائق التاويل):النسفي ابو البركات عبد الله بن احمد بن محمود(ت537هـ). مطبعة السعادة, القاهرة /1382هـ.
33- تلخيص البيان في مجازات القرآن:الشريف الرضي(406هـ),تحقيق:عبد الغني حسن,ط1,دار احياء الكتب العربية,نشر عيسى البابي الحلبي وشركاؤه,القاهرة/1955م.
34- الجامع لاحكام القرآن: القرطبي ابو عبد الله محمد بن احمد الانصاري (ت:671هـ), ط2, مطبعة ونشر دار احياء التراث العربي,بيروت -1405هـ/1985م.
35- جوامع الجامع: الطبرسي ابو علي الفضل بن الحسن (ت:560هـ),ط1, مؤسسة النشر الاسلامي / قم -1418هـ.
36- خزانة الادب: الحموي تقي الدين ابي بكر علي بن عبد الله (ت:837هـ), تحقيق: عصام شعيتو,ط1, دالر ومكتبة اهلال, بيروت-1978م.
37- الدر المنثور: السيوطي جلال الدين (ت:911هـ), ط1. مطبعة الفتح, دار المعرفة للطباعة والنشر, بيروت – 1365هـ.
38- دلائل الاعجاز:الجرجاني عبد القاهر(ت471هـ),تصحيح:محمد عبده ومحمد محمود الشنقيطي, تعليق:محمد رشيد رضا,ط3, دار المعرفة, بيروت – لبنان/2001م
39- دلائل النظام:الهندي عبد الحميد الفراهي(1349هـ),جمع وترتيب:بدر الدين الاصلاحي,ط1, المطبعة الحميدية, الهند/1388هـ.
40- زاد المسير في علم التفسير: ابن الجوزي جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد (ت: 597هـ), تحقيق: محمد بن عبد الرحمن بن محمد, ط1, مطبعة ونشر دار الفكر, بيروت- 1407هـ.
41- الزاهر في معاني كلمات الناس:ابن الانباري ابو بكر محمد بن القاسم بن محمد بن بشار (328هـ), تعليق:د.يحيى مراد,ط1,,نشر محمد علي بيضون,دار الكتب العلمية,بيروت – لبنان/1424هـ.
42- زبدة التفاسير:الكاشاني فتح الله بن شكر الله الشريف(ت988هـ)تحقيق:مؤسسة المعارف الاسلامية,ط1,مطبعة:عترت, نشرمؤسسة المعارف الاسلامية, قم/1423هـ.
43- عوالي اللئالي العزيزة في الاحاديث الدينية: الاحسائي ابن ابي الجمهور (ت: 880هـ),تحقيق:السيد المرعشي, ومجتبى العراقي,ط1, مطبعة سيد الشهداء, قم – 1403هـ/1983م.
44- فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير: الشوكاني محمد بن علي بن محمد (ت:1250هـ), مطبعة ونشر عالم الكتب, لا, ت.
45- فقه القرآن:الراوندي قطب الدين سعيد بن هبة الله (ت: 573هـ), تحقيق احمد الحسيني,ومحمود المرعشي, ط2, مطبعة اولاية,قم-1405هـ.
46- فقه اللغة: المبارك عبد الحسين, مطبعة جامعة البصرة, لا, ت.
47- قواعد التفسير لدى الشيعة والسنة: المبيدي, محمد فاكر,مركز التحقيقات والدراسات العلمية,مجمع التقريب بين المذاهب الاسلامية,ط1, طهران /2007م.
48- الكافي: الكليني ابو جعفر محمد بن يعقوب (ت:329هـ), تحقيق: علي اكبر غفاري, ط4, مطبعة الحيدري, دار الكتب الاسلامية,قم -1365هـ.
49- كنز الدقائق وبحر الغرائب:المشهدي محمد بن محمد بن رضا القمي(ت1125هـ)تحقيق:حسن دركاهي,ط1, مؤسسة الطبع والنشر وزارة الثقافة والارشاد الاسلامي /1407هـ.
50- كنز العرفان في فقه القرآن: الحلي المقداد السيوري (ت:826هـ), مطبعة القضاء, النجف.لا,ت.
51- لسان العرب: ابن منظور ابو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم الافريقي المصري (ت:711هـ), ط1, مطبعة دار احياء التراث العربي, الناشر أدب الحوزة – 1405هـ.
52- المبادىء العامة لتفسير القرآن الكريم: أ.اول المتمرس الصغير محمد حسين, ط2, مكتب الاعلام الاسلامي -1413هـ.
53- مجمع البيان في تفسير القرآن: الطبرسي ابو علي الفضل بن الحسن (ت:548هـ), تحقيق: لجنة من العلماء زالمحققين, ط1, تقديم محسن الامين, مؤسسة الاعلمي, بيروت – 1415هـ/ 1995م.
54- مختارالصحاح: الرازي محمد بن ابي بكر بن عبد القادر (ت:721هـ), تحقيق: احمد شمس الدين,ط1, مطبعة ونشر دار الكتب العلمية, بيروت – 1415هـ/ 1994م.
55- مسند احمد بن حنبل مسند احمد: احمد بن حنبل (ت 238 هـ), مصر, المطبعة الميمنية – 1313هـ
56- المستصفى من علم الاصول: الغزالي ابو حامد محمد بن محمد (ت:505هـ),ط1, مطبعة مصطفى محمد,القاهرة -1937م.
57- المدخل الى التفسير الموضوعي:عبد الستار فتح الله سعيد, دار الطباعة والنشر الاسلامية,القاهرة,ط1/1986م.
58- المدخل الى القرآن الكريم:محمد عبد الله دراز,دار القلم, الكويت.لا.ت.
59- معارج الاصول: المحقق الحلي ابو القسم جعفر بن الحسن الهذلي(ت:676هـ), ط1, نشر مؤسسة ال البيت عليهم السلام , مطبعة سيد الشهداء,قم – 1403هـ.
60- معجم اصطلاحات المنطق:الحسيني محمد باقر,ط1, مطبعة البقيع,دار الاعتصام,لا.ت.
61- معحم المصطلحات والالفاظ الفقهية:د.محمود بن عبد الرحمن بن عبد المنعم,ط1,جامعة القاهرة,دار الفضيلة.لا.ت.
62- معجم مقاييس اللغة:ابو الحسين احمد بن فارس بن زكريا (395هـ)تحقيق:عبد السلام محمد هارون,ط1,مكتب الاعلام الاسلامي/1404هـ.
63- مقتنيات الدرر وملتقطات الثمر: الحائري علي بن الحسين بن يونس (ت:1353ه), ط1, مطبعة الحيدري, دار الكتب الاسلامية, طهران – 1379هـ.
64- مناقب ال ابي طالب: ابن شهر اشوب مشيرالدين ابي عبد اله محمد بن علي (ت: 588هـ), تصحيح وشرح: لجنة من ا ساتذة النجف,ط1, مطبعة محمد كاظم الحيدري, النجف الاشرف – 1276هـ.
65- المنتخب من تفسيرالقرآن والنكت المستخرجةمن كتاب التبيان:الحلي ابو عبد الله محمد بن احمد بن ادريس(598هـ)تحقيق:مهدي رجائي,ط1,مطبعة سيد الشهداء مكتبة اية الله المرعشي/1409هـ.
66- الموافقات: الشاطبي ابراهيم بن موسى الغرناطي (ت:790هـ),ط2, ضبطه:محمدعبد الله دراز, مطبعة جار المعرفة للطباعة والنشر, بيروت -1359هـ/ 1975م.
67- النبا العظيم,مدخل الى القرآن العظيم:محمد عبد الله دراز,دار القلم,الكويت,لا.ت.
68- نظريات تشكل الخطاب:المصطفوي السيد محمد, نشر مركز الحضارة لتنمية الفكر الاسلامي,ط2,بئر حسن- بيروت/2010م.
69- النكت في اعجاز القرآن:الرماني ابو الحسن علي بن عيسى (386هـ)تحقيق:محمد خلف الله احمد و د.محمد زغلول,ط5,دار المعارف, القاهرة, /2008م.
70- نهايةالارب في فنون الادب: النويري شهاب الدين احمد بن عبد الوهاب(733هـ)ط1,نشر وزارة الثقافة والارشاد القومي, مصر لا.ت.
71- النهاية في غريب الحديث:ابن الاثير المبارك بن محمد الاحزري (ت606هـ), تحقيق: طاهر احمد الراوي,ومحمود محمد الطناحي, ط4, مؤسسة اسماعيليان, قم - 1406هـ.
72- الوحدة الموضوعية في القران الكريم: محمد محمود حجازي, -مصر – 1390هـ.
-[1] دلائل الأعجاز, الجرجاني, ص 48 .
[2]- البيان والتبيين, الجاحظ, 1، 55 .
[3]- النكت في الإعجاز القرآن, الرماني, 95 .
[4]- المحاسن, البرقي, 2/ 207 .
[5]- ( ظ) العين, الفراهيدي, 3/ 40, مختار الصحاح, الرازي/ 21, نهاية الأدب في فنون الأدب, النويري, 2/ 44 .
[6]- معجم الاصطلاحات المنطق, السيد جعفر الحسيني/ 325 .
[7]- Lhttp;\ ar. Wikipdoa.ore\wiki.موقع الانترنت
[8]- https;\ ar- com\ Alnazerah. موقع الانترنت
[9]- الزاهر في معاني كلمات الناس, أبن الانباري/ 459. والآية / 108 من سورة الكهف .
[10]- النهاية في غريب الحديث, أبن الأثير, 1 / 463 .
[11]- لسان العرب, أبن منظور: 11/ 188 .
[12]- معجم المصطلحات و الألفاظ الفقهية: 1/ 420
[13]- معجم ألفاظ الفقه الجعفري, 45 .
[14]- معجم المصطلحات و الألفاظ الفقهية: 1/ 420 .
[15]- فقه اللغة وسر العربية, المبارك/ 366 .
[16]- م. ن .
[17]- خزانة الأدب, الحموي 59 .
[18]- أملاء ما من به الرحمن, العكبري: 1/ 6, (ظ) زبدة التفاسير, الكاشاني: 1/ 29 .
[19]- (ظ) معجم مقاييس اللغة, أبن فارس: 2/ 198 .
[20]- مختار الصحاح, الرازي/ 101 .
[21]- م. ن .
[22]- معارج الأصول, المحقق الحلي/ 49 .
[23]- الأحكام, الآمدي:/1/ 136 .
[24]- المستصفى, الغزالي: 1/ 56 .
[25]- (ظ) البلاغة الحديثة في ضوء القرآن, البستاني: 166 .
[26]- (ظ), نظريات تشكل الخطاب, محمد مصطفوي, ص 36 .
[27]- تدارست كثير من المصادر مسألة جمع القرآن منها على سبيل المثال: البرهان, الزركشي: 1/ 183, والاتقان, السيوطي: 97, وتاريخ القرآن, الزنجاني وغيرها ولعل أفضل من فصل الكلام فيها السيد الخوئي (1) في كتابه البيان في تفسير القرآن إذ أورد جميع روايات جمع القرآن وترتيبه وناقشتها بشكل موضوعي مفصل تحت عنوان ( فكره عن جمع الفرآن: 239- 259)اثبت من خلالها أن الجمع والترتيب الذي عليه آيات وسور القرآن هو توقيفي عن النبي 9.
[28]- مسند احمد بن حنبل: 4/ 218 .
[29]- البقرة/ 275 .
[30]- البقرة / 282.
[31]- مجمع البيان الطبرسي:2 / 214.
[32]- المحاسن, البرقي: 2/ 207, (ظ) تفسير العياشي: 1/ 11 .
[33]-بحار الأنوار, المجلسي: 19/ 196 .
[34]- البيان والتبيين, الجاحظ:1 / 55 .
[35]- دلائل النظام, الهندي/ 39 .
[36]- (ظ) البرهان, الزركشي: 1/ 49 .
[37]- ومنهم: محمود حجازي في كتابه الوحدة الموضوعية في القران الكريم, وعبد الله درازي, النبا العظيم .
[38]- (ظ) الموافقات, الشاطي: 3/ 309- 311 .
[39]- فتح القدير, الشوكاني: 1/ 72 .
[40]- البرهان, الزركشي: 1/ 50 و (ظ) قواعد التفسير, المبيدي/ 317 .
[41]- م. ن .
[42]- المدخل إلى إلى التفسير الموضوعي, عبد الستار فتح الله / 24 .
[43]- (ظ) التدبر الموضوعي, علي آل موسى: 213 .
[44]- م. ن .
[45]- م. ن .
[46]- المبادئ العامة لتفسير القرآن الكريم.د . محمد حسين الصغير / 157 .
[47]- النبأ العظيم, محمد عبد الله دراز / 154 .
[48]- المدخل إلى القرآن الكريم, محمد عبد الله دراز / 122 .
[49]-) (ظ) موقع الإنترنيت: معايير صلاحية النظرية: https;llar-coml Alnazerah .
[50]- جوامع الجامع, الطبرسي: 1/ 80 .
[51]- م. ن .
[52]- ( ظ) تفسير التبيان: 1/ 92, تفسير الأصفى, الفيض: 1/ 18, كنز الدقائق, المشهدي: 1/ 224, تفسير البحر المحيط,: 1/ 78 على سبيل المثال لا الحصر .
[53]- التبيان: 1/ 275, و (ظ) جميع البيان, الطبرسي: 1/ 233, البحر المحيط أبن هيان: 1/ 377, تفسير أبن كثير: 1/ 104, الدر المنثور, السيوطي: 1/ 72 .
[54]- مجمع البيان, الطبرسي: 1/ 240.
[55]- مقتنيات الدرر, الحائري:1/ 184 .
[56]- البيان, الطوسي: 1/ 341 و (ظ) على سبيل المثال: مجمع البيان, الطبرسي: 1/ 295, تفسير القرطبي: 2/ 23, تفسير البيضاوي: 1/ 92 و غيرها .
[57]- التبيان, الطوسي: 2/ 151 و (ظ) مجمع البيان: 1 / 87, مقتنيات الدرر الحائري: 2 / 34, الأمثل, الشيرازي: 2/ 35 وغيرها.
[58]- فقه القرآن, الراوندي: 1/ 235 .
[59]- (ظ) على سبيل المثال التبيان: 2/ 151, تفسير الثعلبي: 2 / 90, زاد المسير, أبن الجوزي: 1/ 183 .
[60]- ذكر أبن العربي في إحكام القرآن: 1 / 164 ثلاثة أقوال في النفقة منها: ( أنها واجبة لقوله تعالى: ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة).
[61] - التقية: هي ( الإظهار باللسان خلاف ما ينطوي عليه القلب للخوف على النفس, إذا كان ما ببطنه هو الحق) التبيان, الطوسي: 2 / 434 .
[62]- ( ظ) على سبيل المثال لا الحصر: تفسير السمرقندي: 1/ 231, التبيان, الطوسي: 2/ 434, جمع البيان, الطبرسي: 2/ 274, الأمثل: 1/ 231, التبيان, الطوسي: تفسير أضواء البيان, الشنقيطي: 1/ 413.
[63]- تفسير الآلوسي: 3/ 141 .
[64]- التعلقية على رياض المسائل, عبد الحسين اللاري/ 63 .
[65]- (ظ) من كتب التفسير: التبيان, الطوسي: 2 / 536, مجمع البيان, الطبرسي: 2/ 350, إحكام القرآن, الجصاص: 1/ 88, زبدة التفاسير, الكاشاني: 1/ 529, على سبيل المثال .
[66]- التبيان, الطوسي: 2 / 558 .
[67]- م. ن. و (ظ) مجمع البيان: 2 / 362, تفسير السمعاني: 1/ 348 .
[68]- مجمع البيان, الطبرسي: 2/ 362, و (ظ) مقتنيات الدرر, الحائري: 2/ 249 .
[69]- تفسير القمي: 1/ 10 .
[70]- التبيان, الطوسي: 2/ 556 . و (ظ) زاد المسير, أبن الجوزي: 5 / 148 .
[71]- كنز العرفان: المشهدي: 2/ 217. والمكس: انتفاض الثمن في البياعة. والمحاكة في البيع: انتفاض الثمن واستحاطه . وهو هنا يعني: انتفاض حصة الزوجة . ( ظ) لسان العرب: 6/ 220.
[72]- والأثرة: التفصيل والإكرام . وهي تعني: تفضيل الزوجة الثانية على الأولى ( ظ), لسان العرب: 4 / 7 .
[73]- (ظ) مجمع البيان, الطبرسي: 3 / 205, أسباب النزول, الواحدي/ 123 .
[74]- تلخيص البيان في مجازات القرآن, الشريف الرضي / 128 .
[75]- (ظ) من كتب التفسير: التبيان, الطوسي: 7/ 83, مجمع البيان: 3/ 204, تفسير الثعلبي: 3/ 393, تفسير السمعاني: 1/ 486, تفسير القرطبي: 5/ 403, مقتنيات الدرر الحائري: 3/ 194, الميزان, الطباطبائي: 5/ 101. على سبيل المثال .
[76]- تفسير الكاشف, محمد جواد مغنية: 2/ 453 .
[77]- تفسير السمرقندي: 1/ 388, المنتخب في تفسير القرآن, أبن إدريس: 1/ 335.
[78]- تفسير السمعاني: 2/ 65 .
[79]- تفسير النفسي: 1/ 266 (ظ) تفسير أبي السعود: 3/ 2, و( ظ) زبدة التفاسير, الكاشاني: 2/ 208 .
[80]- مقتنيات الدرر, الحائري: 3 / 229 .
[81]- الحديث أخرجه القمي في تفسيره: 1/ 160, عن الحسين بن محمد عن عامر العلي عن محمد البصري عن أبي عمير عن أبي جعفر الثاني ( الحديث).
[82]- عوالي اللباني, أبن أبي الجهور: 4/ 115 .
[83]- الكافي, الكليني: 1/ 287 .
[84]- الحديث أخرجه أبن شهر أشوب في مناقبه: 1 / 254, عن سلمان المحمدي (رض).
[85]- ( ظ), تفسير الآلوسي: 6/ 48 .
[86]- التبيان, الطوسي: 4/ 86, و (ظ) من كتب التفسير: مجمع البيان, الطبرسي: 4/ 16, تفسير أبن زمنين: 4/ 61, تفسير الثعلبي: 4/ 122, تفسير السمعاني: 2/ 19, تفسير النفسي: 1/ 315, مقتنيات الدرر, الحائري: 4/ 141, تفسير الكاشف, محمد جواد مغنية: 3/ 165, الميزان, الطباطبائي: 7/ 25, على سبيل المثال لا الحصر .
[87]- التبيان, الطوسي: 4/ 95 .
[88]- ( ظ) من كتب التفسير: مجمع البيان, الطبرسي: 1/ 426, مقتنيات الدرر, الحائري: 4/ 144, الميزان, الطباطبائي: 7/ 27, الأمثل, الشيرازي: 4/ 226. على سبيل المثال .
[89]- (ظ) من كتب التفسير: أحكام القرآن, الجصاص: 3/ 5, تفسير السمرقندي: 1/ 485, التبيان, الطوسي: 4/ 189, الميزان, الطباطبائي: 4/ 374. على سبيل المثال.