من صفحة: 16
إلى صفحة: 44
النص الكامل للبحث: PDF icon 180524-162102.pdf
خلاصة البحث:

تتباين أهتمام السياسات طبقا للأحداث التي تستجد والتي بدورها تبعث على التفكير في مجال آخر يكون وثيق الصلة بنمو المجتمع ورفاهيته ، ومن هنا بدأت الاصوات تتعالى في العراق بعد العام 2003 بضرورة الاهتمام بتوسيع خيارات الناس للوصول الى معدلات مقبولة من التنمية البشرية لاسيما وأن العراق بدأ يتجه الى بناء نظام سياسي واقتصادي جديد بعد التغيير السياسي عام 2003.

وكما هو معروف فـأن هذا التحول السياسي والاقتصادي الحاصل في العراق منذ العام 2003 أتصف بكثير من مظاهر التخبط والتناقضات وكان للأُطر التشريعية دور في ذلك. وعلى أرض الواقع كانت هناك كثير من العوامل المعرقلة لإتجاهات التنمية البشرية ومنها عدم الاستقرار السياسي.

Abstract

Interest of policies different according to events that arise, which in turn give rise to thinking in another area to be closely related to the growth and welfare of society. Thus began the voices resound in Iraq after 2003, the need for interest in expanding people's choices to reach acceptable levels of human development, especially since Iraq began building a political and economic system again after the political change in 2003.

As is known, this political and economic transformation taking place in Iraq since 2003, characterized much of the manifestations of the confusion and contradictions and legislative frameworks had a role in it. On the ground, there were a lot of factors impeding the trends of human development, including political instability.

البحث:

المقدمة:

قبل عقد الثمانينيات من القرن الماضي طـور العـراق بنـية تحتية جيدة ونظـاماً للتعليم والرعـاية الصحـية ونمو أقتصادي واضح من خلال مؤشراته الايجابية. ومنذ ذلك الحيـن، أدت الحـروب المتعـاقبة والنظـام الاقتصـادي المركـزي الذي هيمنت علـيه الدولـة إلى خنـق النمـو والتنـمية وتدهـور حال البنـية الأسـاسـية والخـدمـات الاجتمـاعـية الأسـاسـية المقـدمة للشـعب العـراقي ، كمـا أن العقوبــات الأقتصادية الدولــية التـي فرضت فــي عــام 1991 ألحقـت الأذى بالاقتصــاد. وأصـبح العــراق - على الــرغم من المـوارد الطبيـعية الوفـيرة التي يتـمتع بهـا - يحتل ادنى قائمة مؤشــرات التنــمية البـشرية فــي المنطــقة، حيث لعـبت التــأثيرات السـياسـية والأزمـات المتـلاحقة دوراً فـي إجهـاض كل الخطط التنموية المنشودة. واستمرت الحكومة بتكرار الإخفاقات ، لا بل زادت عليها باتخاذ القرارات المتسرعة التي كلفت العراق الكثير مما قادها إلى الإفلاس السياسي والدخول في متــاهــات غير محسوبة وآخرها حرب عام 2003 والتي أدت إلى احتــلال العراق لتنتهي بذلك مرحلة ســياسية وإدارة حكم لتبدأ مرحلة جديدة من التحول السياسي والاقتصادي.

وبعد التغيير السياسي وفي ظل حكم سلطة الائتلاف المؤقتة والحكومات المتعاقبة والى الوقت الحاضر شهد العراق تزايد لظاهرة بارزة وهي ظاهرة عدم الاستقرار السياسي نتيجة عوامل عدة. ومن الطبيعي فأن هذه الظاهرة – فضلاً عن عوامل أخرى - لها انعكاسات خطيرة على أفاق التنمية البشرية. ومن اجل الإحاطة بالموضوع وتحديد أبعاده تم تقسيمه الى المباحث الآتية:

المبحث الاول: تناول الاطار المفاهيمي لظاهرة عدم الاستقرار السياسي ومظاهرها ، ومفهوم التنمية البشرية المستدامة.

المبحث الثاني: تناول واقع التنمية البشرية في العراق قبل وبعد التغيير السياسي في العراق عام 2003.

المبحث الثالث: تناول مناقشة أنعكاسات ظاهرة عدم الاستقرار السياسي على مؤشرات التنمية البشرية في العراق بعد عام 2003.

المبحث الاول: الاطار المفاهيمي لظاهرة عدم الاستقرار السياسي ومظاهرها ، ومفهوم التنمية البشرية.

نسلط الضوء في هذا المبحث على الاطار المفاهيمي لمتغيري البحث من خلال مطلبين خُصص الاول لتوضيح ظاهرة عدم الاستقرار السياسي ، وأهم مظاهرها في العراق بعد تبي مختصر لأهم العوامل التي دفعت بأتجاه ظهورها الى السطح. بينما نحاول في المطلب الثاني توضيح مفهوم التنمية البشرية المستدامة.

المطلب الاول: مفهوم ظاهرة عدم الاستقرار السياسي ومظاهرها في العراق:

خلال تاريخ العراق الحديث والمعاصر، لم يسبق لهذا المجتمع أن شهد أزمة سياسية داخلية تتمثل في تعرضه لعدم الاستقرار السياسي كما هو الحال في مرحلة ما بعد الغزو الاميركي في عام 2003، صحيح أن العراق الحديث ومنذ تشكله في عام 1921 قد شهد فترات متلاحقة من عدم الاستقرار السياسي تمثل في الانقلابات العسكرية التي لم تكتفي فقط بتغيير شكل النظام السياسي من ملكي إلى جمهوري بل بلغت حد التكرار في الأنقلابات ضمن سياق النظام الجمهوري نفسه وهو ماكان يعبر عن صراع حقيقي على السلطة بين فئات أجتماعية وسياسية مختلفة ، ألا أن المرحلة الراهنة في بناء العراق المعاصر - والتي تمثلت بالرعاية الأميركية للمشروع السياسي في العراق القائم على بناء دولة ديمقراطية مدنية ذات تعددية سياسية يكون فيها الحكم قائماً على أساس الانتخابات الحرة العلنية لتنظيم آلية التداول السلمي للسلطة بعيداً عن الاحتكار الفردي أو الفئوي - قد صاحبتها الكثير من ألازمات التي عكست أشد حالات عدم الاستقرار السياسي في التاريخ العراقي كونها تمثلت بإستخدام العنف كوسيلة لإدارة الصراع الاجتماعي بعيداً عن المؤسسات السياسية والدستورية التي يفترض أن تكون هي الوسيلة لإدارة الصراع.

وبهدف التعرف على الأسباب التي أدت بالعراق إلى الدخول في هذه الأزمة، سعينا في هذا المطلب إلى تبني ما يعنيه عدم الاستقرار السياسي كمفهوم من خلال التطرق إلى وجهات النظر المختلفة التي تناولته بالدراسة والتحليل ، فضلاً عن التعرف على مستوياته وأنماطه.

أولا: مفهوم ظاهرة عدم الاستقرار السياسي:

تعد ظاهرة عدم الاستقرار السياسي من الظواهر الحديثة في دراسة العلوم السياسية على اعتبارها لم تأخذ حيزها من الاهتمام بشكل أكاديمي إلا بعد النصف الثاني من القرن العشرين حيث ظهرت الدول الحديثة الاستقلال في العالم النامي وظهرت معها في الوقت ذاته إشكالات وأزمات عدم الاستقرار السياسي بسبب جملة من العوامل التي ترد إلى طبيعة التكوين الثقافي والاجتماعي لهذه الدول، أضف إلى ذلك أن بعض الدول التي تتميز بدرجة أقل من التنوع (السوسيو- ثقافي) أخذت تعاني أيضاً من مظاهر عدم الاستقرار السياسي وهي في طور الأنتقال من المجتمع التقليدي إلى المجتمع الحديث و(المعصرن).

ومما لاشك فيه أن (عدم الاستقرار) في الظواهر الاجتماعية بشكل عام ومجرد يعبر عن غياب الثبات في خصائص وصفات هذه الظاهرة، بحيث أن الظاهرة تكتسب صفات جديدة وتفقد بعضها وهو ما يعطي الانطباع باستمرارية التحول والتغيير من حالة إلى أخرى خلال فترات زمنية قد تطول أو تقصر تبعاً للعوامل المسببة لظاهرة عدم الاستقرار، وعدم الاستقرار كظاهرة مجتمعية يمكن أن يُقسم إلى عدة انواع: مثل عدم الاستقرار السياسي، عدم الاستقرار الاقتصادي،...الخ، وعلى الرغم من أنه لكل حالة مسبباتها وعواملها الفاعلة ألا أن أكثر من عامل يمكن أن يوجد في أكثر من نوع، كذلك من النادر في بعض الأحيان أن يوجد نوع واحد من عدم الاستقرار لأنه غالباً ما يؤدي وجود أحدهما إلى التأثير في الأخر فعدم الاستقرار الاقتصادي يولد عدم استقرار اجتماعي وهكذا.

وبقدر تعلق الأمر بظاهرة عدم الاستقرار السياسي فهي تعبير عن التبدل المستمر أو غياب الثبات في الإطار المؤسساتي للدولة أو النظام السياسي و/أو غياب الثبات في منظومة السلم الاجتماعي، ألا أن التبدل المستمر قد يكون حالة مرضية وايجابية لكثير من الظواهر الاجتماعية وبالتالي لا يمكن أن نفهم عدم الاستقرار بشكل تجريدي على انه وبشكل دائم أنعكاس للتغيير المستمر أو التحولات بقدر ما يعبر عن تغييرات غير منتظمة في طبيعة النظام السياسي وبما يؤدي إلى استبدال مؤسسات سياسية بأخرى تحل محلها وغالبا ما تجري هذه التغييرات بصورة عنيفة وتحدث نتيجة وجود رفض عام أو جزئي لطبيعة المؤسسات القائمة والنسق الذي تعمل وفقه هذه المؤسسات مع توافر الرغبة لاستبداله بنسق آخر، ويتم التعبير عن هذا الرفض بأساليب عنيفة وليست ضمن الآليات المتفق عليها لإدارة الصراع الاجتماعي.

ومثلما ذكرنا أن عدم الاستقرار على أنواع، وعندما نتحدث عن حدوث عدم استقرار سياسي فأننا نعني أن ثمة خلل أصاب عمل النظام السياسي وبدأ يعرضه لصدمات أو تغييرات ربما تكون متوقعة أو غير متوقعة وبما يعطي نتائج سلبية على أفراد هذا النظام المرتبطين به بوظائف عدة، وبعبارة أخرى، فأن عدم الاستقرار هو تعبير عن الخلل في سير عمل النظام بشكل متسق ومقبول من قبل أغلب أفراد المجتمع.

ويمكن القول أن انواع عدم الاستقرار تتحدد حسب أنواع الأنظمة الموجودة في المجتمع البشري، فهناك نظام سياسي، نظام اقتصادي، نظام اجتماعي وحتى نظام قيمي – فكري. على سبيل المثال عندما نأخذ بنظر الاعتبار النظام الاقتصادي نجد أن هذا النظام مكون من مجموعة مترابطة من الوحدات التي تؤدي عملاً اقتصادياً كأن يكون في صورة صناعة سلعة أو تقديم خدمة أو تاجر سلع غذائية ويحكم العلاقة بين هذه الوحدات مجموعة من القوانين التي تنظمها سياسة تسعى إلى تحقيق منافع المرتبطين بهذا النظام الاقتصادي سواء كانوا منتجين أو مستهلكين، وبالتالي فأن عدم الاستقرار الاقتصادي هو حدوث خلل في سير عمل هذا النظام بشكل متسق ومقبول وبما يؤدي إلى تقلبات مستمرة في حجم الأنتاج ومقدار الدخل ومستوى الأسعار، بحيث أن أطوار الدورة الاقتصادية من (ركود، كساد، أنتعاش ومن ثم تضخم) تعبر عن اختلال في الحياة الاقتصادية ينشأ عنها مصاعب ونتائج سلبية تنعكس على المرتبطين بهذا النظام الاقتصادي. [1]

وفي معرض تكوين إطار مفاهيمي لما يعنيه عدم الاستقرار السياسي، تقتضي الضرورة التعرض للتعريفات المختلفة التي حاولت أن تقدم رؤية نظرية وعملية لهذه الظاهرة وأن اختلفت المعالجات حسب المنطلقات الفكرية، إذ يعرف (ميرسون - Merrison) عدم الاستقرار السياسي بأنه " الحالة التي لم يعد فيها الصراع الاجتماعي منظماً بصورة مناسبة بواسطة آليات مؤسساتية متكاملة للنظام الاجتماعي مما يؤدي إلى أنحسار سريع ومتطرف في بنية العلاقات الاجتماعية. [2]

فيما يرى (داف - Duff) أن عدم الاستقرار السياسي يشير إلى " الطبيعة المتغيرة للنظام الدستوري وكثرة التحديات التي يواجهها حينما يفتقد النظام السياسي للشرعية والفاعلية والأنتظام على التعاقب مما يعكس عدم امتلاكه لا القوة ولا القدرة على مواجهة متطلبات وحاجات المجتمع فضلا عن فقدانه المرونة على التكيف مع الظروف المتغيرة ". [3].

أما (جونسون - Johnson) فيرى " أن عدم الاستقرار السياسي يحصل عندما تكون المؤسسات السياسية في مجتمع معين غير فاعلة في تلبية مطاليب الجماهير أو الاستجابة لامالهم مما يفضي إلى حالة من النفور السياسي بدرجات مختلفة من الشدة "، وتبعا لذلك يعرف (Johnson) عدم الاستقرار السياسي بأنه " حالة من النزاع بين الحكومات والجماعات التي تمثل قوى اجتماعية منافسة لها، وغالباً ما يكون التعبير عن هذا النزاع من خلال أعمال العنف العلنية كدلالة على التطرف السياسي من اجل زعزعة الوضع القائم ". [4]

وضمن السياق ذاته يعرف (كير- Curr) عدم الاستقرار السياسي هو " وضع مرادف للعنف السياسي، والنظام السياسي غير المستقر هو ذلك النظام الذي يفتقد السلم وطاعة القانون والذي تحدث فيه التغييرات السياسية والاجتماعية وتتم عملية اتخاذ القرارات ليس وفقاً لإجراءات مؤسسية دستورية بل تبعاً لإعمال العنف الجماعي"، ويصف (Curr) عدم الاستقرار السياسي بأنه عنف موجه من قبل الأفراد بأتجاه النظام السياسي. [5]

ويُعرف (إكرام عبد القادر بدر الدين) عدم الاستقرار السياسي بأنه " حالة من التغيير السريع غير المنضبط أو المحكوم تتسم بتزايد العنف السياسي وتناقص الشرعية والأنخفاض في قدرات النظام".[6]

ولعله من خلال استعراض هذه التعريفات يمكن القول أن أغلبها ينحو باتجاه تكوين فكرة العنف او عدم الاستقرار السياسي كظاهرة اجتماعية يمكن أن يشخص نظرياً على أنه غياب القدرة للنظام على الاستجابة او التكيف مع التغييرات السياسية، واجرائياً هو لجوء بعض القوى والجماعات الى الاستخدام المتزايد للعنف السياسي وعدم لجوؤها الى الاساليب الدستورية في حل الصراع الاجتماعي القائم وعجز النظام السياسي عن الاستجابة للمطالب الوافدة أليه والنابعة من داخل البيئة الداخلية للنظام أو من البيئة الخارجية له.

ولكن هل يمكن القول فعلاً أن عدم الاستقرار السياسي مصدره تناقص الشرعية التي يفترض أن يحظى بها النظام، أم هو مثلما تشير بعض التعريفات التي تنزع باتجاه رد العنف – باعتباره مؤشر لعدم الاستقرار السياسي - الى فشل النظام السياسي في الاستجابة الى التطلعات البازغة مما يدفع الافراد الى التعبير عن هذا الحرمان بالعنف السياسي ؟، الشيء المتفق عليه هو أن أغلب مظاهر عدم الاستقرار السياسي في العالم النامي كانت تتولد بسبب أحد هذين المصدرين أو كليهما، دون أن ننسى أدبيات التنمية السياسية التي اعتمدت المنهج المقارن في دراسة العالم الثالث ركزت على مجموعة أزمات اعتبرتها عوائق ومعضلات تتسبب في شيوع ظاهرة عدم الاستقرار السياسي، ومن هذه الأزمات (أزمة المشاركة) و(أزمة الأندماج) و(أزمة التوزيع) فضلاً عن (أزمة الهوية)، وعليه عندما يعمد الدارسين والمفكرين الى اعتبار مصادر عدم الاستقرار السياسي بها تعكس (أزمة الشرعية) و(أزمة فاعلية) فأن الكثير من الأزمات السابقة الذكر ترتبط بطريقة أو أخرى بهذين المصدرين، فـ(أزمة الهوية والأندماج) هي امتدادات فرعية (لأزمة الشرعية) و(أزمة التوزيع والتداخل) أيضاً امتداد (لأزمة الفاعلية)، لذا استقر رأي اغلب الباحثين على (الشرعية والفاعلية) هي التي تحدد بشكل عام واقع وحالة النظام السياسي، ويمكن تشخيص الأفكار الرئيسة التي دارت حولها هذه التعريفات بالاتي:-

  1. المؤشر الرئيس لعدم الاستقرار السياسي هو وجود العنف كآلية لإدارة الصراع الاجتماعي، ويكون وجوده مصاحباً للتغييرات التي تطرأ على بنية النظام السياسي، والنسق الاتجاهي الغالب لهذا العنف يكون موجهاً من الأفراد باتجاه النظام السياسي.
  2. فقدان النظام السياسي للشرعية يكون مصدراً لعدم الاستقرار السياسي. وفقدان النظام السياسي للقدرة على تلبية تطلعات الشعب يعد أيضاً مصدراً رئيساً لعدم الاستقرار السياسي.

وبشكل مختصر يمكن توضيح الخصائص التي قد تتوافر كلها او بعضها في إحدى حالات عدم الاستقرار السياسي في مجموعة من النقاط:-

  1. حالة سلبية يمر بها النظام السياسي تتجلى فيها صور من التغيير غير المنتظم أو المتوقع سواء على المستوى الوزاري أو على مستوى تغيير النظام السياسي ككل او على مستوى التغيير المجتمعي حتى مع بقاء المستوى الحكومي او مستوى النظام دون تغيير.
  2. حالة من عدم الرضا الاجتماعي بسبب من فقدان النظام للشرعية والفاعلية وهو ما يعكس عدم استقرار سياسي ساكن.
  3. من الممكن أن يكون عدم الاستقرار السياسي في مظاهر عدة مثل العنف الموجه نحو الدولة والمجتمع بصيغة الارهاب او في شكل الحرب الاهلية او في صيغة ثورة وتمرد شعبي.
  4. اغلب ظواهر عدم الاستقرار السياسي سواء في الدول المتقدمة ام في الدول النامية تنبع من ثلاثة مصادر رئيسة يمكن أن يحتوي النظام بعضها أو كلها وهي (الشرعية، الفاعلية والمشاركة).

ثانيا: مظاهر عدم الاستقرار السياسي في العراق

بداية لابد من أن نشير الى العوامل التي تسببت في ظاهرة عدم الاستقرار السياسي في العراق وبشكل مختصر – قبل الدخول في مظاهرها فيه وهي:

  1. أشكالية الوحدة الوطنية (التنوع الديني والاثني)
  2. ضعف البناء الاجتماعي – السياسي وغياب النضج المؤسساتي.
  3. إشكالية تكوين المؤسسات الامنية.
  4. الازمات الاقتصادية وتعثر التنمية
  5. الوجود الاجنبي وأشكالية القبول والرفض
  6. التدخل الخارجي (الاقليمي والدولي)

وكان لهذه العوامل مجتمعة الدور الحاسم في تفشي ظاهرة عدم الاستقرار السياسي في العراق وكان لهذه الظاهرة مظاهر عدة يمكن أيجازها بالاتي.

  1. الخلافات الحكومية الداخلية:

يمثل هذا المتغير عامل آخر أسهم في تعزيز حالة (اللاإستقرار) السياسي في العراق، بقدر ما تأثر هو بدوره بواقع التدهور الأمني، إذ عمل كلا المتغيرين على تغذية بعضهما للآخر في صورة من الترابط الجدلي، وتبدو هذه نتيجة منطقية إذا علمنا أن عدم الإستقرار السياسي في أحد أوجهه هو أنعدام فاعلية النظام، وعليه حتى وأن حافظ النظام شكلياً على حالة (عدم التغيير الحكومي) إلا أن عدم قدرته على العمل في ظل بيئة غير مؤاتية له يمثل كابحاً لشيوع حالة الإستقرار السياسي، وعليه يعمل عدم الإستقرار والمتمثل بالإرهاب على تعزيز حدة الشلل السياسي الحكومي. ويبدو أن هذا الشلل قد رافق تشكيل النظام السياسي الجديد منذ البداية، فمنذ نقل السيادة في 28 حزير 2004، أخذت الأطراف السياسية المختلفة تتنافس فيما بينها من أجل إعادة توزيع الموارد الإقتصادية – الإجتماعية وعلى أدوات السلطة السياسية، ويبدو بما لا يدع مجالاً للشك أن الصراع السياسي الحكومي عكس وجود مساعي متناقضة متعاكسة في الإتجاه: مساعي لإزالة الحيف وإستعادة إمتيازات وحقوق كانت معدومة وبالمقابل هناك مساعي لإستعادة السلطة والنفوذ. [7]

  1. الارهاب وصراع الفرد مع السلطة:

لسنا بصدد وضع تعريف للأرهاب بل نحاول أن نُبيّن طبيعة ومضمون الظاهرة الإرهابية بإعتبارها أحد مظاهر عدم الإستقرار السياسي في العراق ، وكما هو معلوم هناك عدة أنواع للإرهاب ويمكن نعطي لكل نوع تشخيصاً واضحاً له، وهذه الأنواع هي:

  • إرهاب الدولة: وهو عبارة عن أفعال عنيفة تتضمن (القتل، الملاحقة، السجن) تمارسها الدولة ضمن حدودها السياسية بالضد من المعارضين لها من أجل إثارة الرعب ليس فقط في نفوس هؤلاء المعارضين ولكن أيضاً من أجل منع ظهور معارضين مشابهين في الأمد القريب أو البعيد، وهذا النوع من الأرهاب يوجد بصفة خاصة في الدولة التي تتميز بطابع حكم الحزب الواحد الشمولي والتي تحاول فرض ايديولوجيا معينة وتعتبر أي أفكار لا تنسجم معها بمثابة تهديد للثقافة السياسية للنظام القائم. وهذا ماشهده العراق قبل العام 2003 ابان حكم النظام السابق.
  • إرهاب الأفراد والجماعات: ويتميز هذا النوع بكونه أعمال عنيفة يمارسها أفراد أو مجاميع مسلحة داخل حدود دولة ينتمون إليها في الغالب بالضد من النظام السياسي وأيضاً تمارس بالضد من الأفراد من أجل إثارة الرعب وإظهار عجز النظام السياسي في حماية مواطنيه، فهو يوجه ضد الدولة من خلال إستهداف مؤسسات حكومية، أو شخصيات عامة أو رجال السلطة كما يكون هدفه الإخلال بالنظام العام أو عرقلة ممارسة السلطات العامة لدورها في المجتمع.
  • الارهاب الدولي: منذ الإحتلال الأميركي للعراق، بات الإرهاب سمة ملازمة للتطور السياسي، حيث أصبح العراق ملاذاً لبعض التنظيمات التي تحركها أيديولوجيات دينية وبالأخص (تنظيم القاعدة) التي وسعت من نطاق عملها الميداني تحت غايات محاربة الأحتلال الأميركي وإقامة نظام إسلامي في العراق وفق فقه الخلافة الراشدة، لكن عمليات هذه التنظيمات بلغت حد إستهداف المجتمع بأعنف الطرق والأساليب وهو ما أكد فعلاً أن هذه المجموعات تسعى الى تحقيق غاياتها عن طريق إثارة الرعب والرهبة في نفوس الجميع.
  1. الحرب الاهلية وصراع الفرد مع الفرد:

يمكن وصف الحرب الاهلية بشكل مبسط على أنها " صراع عنيف داخل بلد تتقاتل فيه مجاميع مسلحة تهدف الى الاستيلاء على السلطة في المركز أو الاقليم أو لتغيير سياسات حكومية". وبقدر تعلق الأمر بالحالة العراقية كان هناك أقتتال طائفي ، ونجد أنه بدأ مع تفجير قبتي الإمامين العسكريين 8 في سامراء شتاء 2006، أذ أصبح هناك قتل متبادل على أساس الهوية الطائفية، وترافق هذا مع حملات متبادلة من التهجير القسري بحيث أصبحت هناك أحياء مغلقة طائفياً، ولم تتوقف حدة هذه الحرب إلا من خلال الإتفاق ما بين الفرقاء السياسيين على توزيع السلطات بشكل تشاركي بما في ذلك الثروات والموارد.

المطلب الثاني: مفهوم ومؤشرات التنمية البشرية المستدامة:

أولا: مفهوم التنمية البشرية المستدامة:

تُعد التنمية البشرية المستدامة تغييراً أجتماعياً موجها من خلال أيديولوجية معينة وهي عبارة عن عملية معقدة وواعية على المدى الطويل وشاملة ومتكاملة في ابعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والبيئية والتكنولوجية. وهنا لابد من التمييز بين النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية والتنمية البشرية.

يُشير النمو الاقتصادي الى مجرد الزيادة الكمية في متوسط نصيب الفرد من الدخل الحقيقي. [8] والمفهوم العكسي للنمو الاقتصادي هو الركود الاقتصادي. بينما تُعد التنمية الاقتصادية ظاهرة مركبة تتضمن النمو كأحد عناصرها المهمة بالاضافة الى حدوث تغيير في الهياكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. [9] والمفهوم العكسي للتنمية هو التخلف. ولهذا فالتنمية أشمل من النمو ، إذ أنها تعني النمو ، بالاضافة الى التغيير.

لقد تطور مفهوم التنمية مع تطور البعد البشري في الفكر الاقتصادي السائد ، بحيث أهتم خلال عقد الخمسينيات من القرن الماضي بمسائل الرفاه الاجتماعي لينتقل خلال الستينيات الى الاهتمام بالتعليم والتدريب ثم الى التركيز على تخفيف حدة الفقر وتأمين الحاجات الاساسية للبشر خلال السبعينيات من القرن الماضي. غير أن الملاحظ أغفال الجانب البشري خلال عقد الثمانينيات - حيث تم التركيز على سياسات التثبيت الاقتصادي والتكييف الهيكلي لصندوق النقد والبك الدوليين. وعند بداية تسعينيات القرن الماضي بادر برنامج الامم المتحدة الأنمائي الى اعادة التركيز على الجانب البشري في التنمية. وفي هذا السياق شهد مفهوم التنمية في التسعينيات عدة تطورات ، فقد ظهر مفهوم التنمية البشرية بتقرير التنمية البشرية الذي اصدره البرنامج عام 1990 ومن ثم ظهر مفهوم التنمية البشرية المستدامة.

أما فيما يخص مفهوم التنمية البشرية فقد أدى برنامج الامم المتحدة الأنمائي دوراً مهماً في تبني هذا المفهوم من خلال تقارير التنمية البشرية التي صدرت منذ عام 1990. [10]ويشكل الأنسان جوهر التنمية البشرية التي يجب أن تستجيب للمتطلبات الاقتصادية والاجتماعية وكذلك السياسية. وحسب الامم المتحدة تعرف التنمية البشرية بعملية توسيع الخيارات المتاحة للأفراد لتمكينهم من العيش حياة طويلة وصحية ، وكذلك الحصول على المعارف بالاضافة الى الحصول على الموارد الضرورية لتوفير مستوى المعيشة المناسب.

ومن جهة أخرى تُعرف التنمية البشرية بها توسيع الخيارات المتاحة لجميع الناس في المجتمع. ويعني ذلك أن تتركز عملية التنمية على الرجال والنساء – وبخاصة الفقراء والفئات الضعيفة. كما أنها تعني حماية فرص الحياة للأجيال القادمة... و... والنظم الطبيعية التي تعتمد عليها الحياة. وذلك يجعل الهدف المحوري للتنمية يتمثل في خلق بيئة تمكينية يمكن أن يتمتع فيها الجميع بحياة طويلة وصحية ومبدعة. [11]

أما التنمية المستدامة فقد أستخدم الاتحاد الدولي للحفاظ على البيئة عبارة التنمية المستدامة اول مرة عام 1980 في الاستراتيجية العالمية للبقاء وتعرف بأنها التنمية التي تجيب عن حاجات الحاضر دون تعريض قدرات الاجيال القادمة للخطر.[12] وقد تم دمج فكرة التنمية المستدامة بالتنمية البشرية لتكونا مفهوم التنمية البشرية المستدامة.

والنمو الاقتصادي ليس غاية في حد ذاته – بل وسيلة لتحقيق التنمية البشرية المستدامة. وقد أوضح تقرير التنمية البشرية لعام 1996 أن النمو الاقتصادي لا يؤدي بصورة آلية الى التنمية البشرية المستدامة والقضاء على الفقر. اذ نجد على سبيل المثال البلد التي تحتل موقعاً متقدما من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي كثيرا ما يتراجع ترتيبها عند تصنيفها حسب دليل التنمية البشرية. علاوة على ذلك ، هناك تباينات ملحوظة داخل البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء وهي التباينات التي تبدو اشد وضوحا عند تقييم التنمية البشرية للشعوب الاصلية والاقليات العرقية بصورة منفصلة.

وهذه الرؤية الجديدة للتنمية (التنمية البشرية المستدامة) التي أطلقها برنامج الأمم المتحدة الأنمائي في تقرير التنمية البشرية لعام 1993 والتي تضع الأنسان في أولوية أهدافها وتصنع التنمية من أجله. قد عرف التنمية البشرية هي تنمية الناس من اجل الناس بواسطة الناس. وتنمية الناس معناها الاستثمار في قدرات البشر ، سواء في التعليم أو الصحة أو المهارات حتى يمكنهم العمل بشكل منتج وخلاق. والتنمية من اجل الناس معناها ضمان عدالة التوزيع لثمار النمو الاقتصادي الذي حققوه توزيعاً عادلاً. وأما التنمية بواسطة الناس، أي إعطاء كل امرئ فرصة المشاركة فيها. [13]

في هذا الإطار يعد مفهوم التنمية البشرية مفهوماً أكثر شمولاً وعمومية من مفاهيم أخرى ترتبط بها ومنها مفهوم "إدارة الموارد البشرية" الذي يُعنى أساساً بتعظيم إستغلال طاقات الأفراد العاملين في مؤسسات بعينها، والسياسات والممارسات المتبعة في هذا الإطار. كذلك، مفهوم "تخطيط الموارد البشرية" الذي يشير إلى وضع تصور لأهداف المجتمع أو المؤسسة مع العمل على خلق شبكة من العلاقات الارتباطية بين هذه الأهداف من ناحية، والموارد البشرية المتاحة وتلك المطلوبة لتحقيقها عددياً ونوعياً من حيث التخصصات والمهارات.[14]

رغم تعدد التعريفات لمفهوم التنمية البشرية المستدامة فأنها جميعاً تتضمن مفهوم أساسي وهو إتاحة أفضل الفرص الممكنة لاستغلال الطاقات البشرية المتاحة من أجل تحقيق مستوى رفاهة أفضل للأفراد. فالبشر هم الهدف الأساسي للتنمية البشرية، وهم أيضاً الأداة الأساسية لتحقيق هذه التنمية. كما أن التنمية بهذا المعنى لا تعنى فقط زيادة الثروة أو الدخل للمجتمع أو حتى الأفراد وأنما النهوض بأوضاعهم الثقافية والاجتماعية والصحية والتعليمية وتمكينهم سياسياً وتفعيل مشاركتهم في المجتمع وحسن توظيف طاقاتهم وقدراتهم لخدمة أنفسهم ومجتمعاتهم.

ثانياً: مؤشرات التنمية البشرية المستدامة:

تعد مقاييس التنمية البشرية المستدامة ومؤشراتها بمثابة أنعكاس للمفاهيم المستخدمة في كل مراحل الفكر التنموي فكلما تطور المفهوم تطورت معه المقاييس لكي تعبر عنه بدقة. فعندما كان الهاجس التنموي يدور حول قياس مستوى الفقر كانت المقاييس تعكس الفقر البشري بإبعاده المختلفة (الفقر الفسلجي والفقر المعرفي والصحي...الخ) وهكذا وصولا نحو استخدام مفهوم التنمية البشرية المستدامة الذي تم تطوير مقاييسه ومؤشراته بما ينسجم وروح هذا المفهوم.

المفهوم الأول في دليل التنمية البشرية المستدامة هو مفهوم البعد البشري والذي عبر عن نفسه في أكثر من مقياس. وأبرز تلك المقاييس هو دليل التنمية البشرية الذي يتشكل من ثلاثة مؤشرات هي:[15]

1. طول العمر مقاسا بالعمر المتوقع عند الولادة.

2. التحصيل العلمي مقاسا بمؤشرات فرعية هي:

أ. نسبة البالغين الذين يقرأون ويكتبون.

ب. معدل القيد الإجمالي في المراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة والإعدادية.

 3. مستوى المعيشة مقاساً بنصيب الفرد الحقيقي من الناتج المحلي الإجمالي بالدولار الاميركي محسوبا طبقاً لمبدأ تعادل القوة الشرائية.

أما المقاييس الأخرى المرتبطة بالجانب البشري في المؤشر فهي:

دليل التنمية المرتبط بالجنس: وهو مؤشر يشبه دليل التنمية البشرية من حيث المؤشرات الفرعية التي تشكل منها، إلا أنه ينصرف إلى دراسة أوضاع المرأة في هذه المؤشرات ويعكس هذا الدليل - فضلا عن البعد البشري - مدى المشاركة في المجتمع أو مظهراً من مظاهر هذه المشاركة.

أما مؤشرات الحرمان البشري فهي:

أ. سجل الحرمان البشري. (profile of human Deprivation(P. H. D

ب. دليل الفقر البشري.(H. P. I).

ج. مقياس قدر القدرات.(C. P. M).

وتحتوي هذه المؤشرات على مؤشرات فرعية تتعلق بالوضع الصحي والمدني ومستوى المعيشة اللائق. وتهتم هذه المؤشرات بقياس الحرمان من القدرات الذي هو نتيجة لأنعدام الفرص. أما البعد البيئي في المفهوم فيعبر عن نفسه من خلال سجل التدهور البيئي الذي يتضمن جملة مؤشرات تعكس مدى الضرر أو التحسين الذي يصيب البيئة في سياق النشاط الاقتصادي.

أما الجوانب الخاصة بالمشاركة الاجتماعية أو الاقتصاد الاجتماعي فيعبر عنه بجملة من المؤشرات التي تخص المشاركة السياسية والتمثيل، فضلا عن الدلالات المتضمنة في المؤشرات المتقدمة، فالقيد المادي يعيق مشاركة الفقراء ، كذلك الفقر المعرفي بدرجاته المختلفة يعد قيداً حاسماً على المشاركة وسبباً من أسباب تدهور الاقتصاد.

وهناك خمسة جوانب للتنمية البشرية المستدامة تؤثر جميعها على حياة الفقراء والفئات المستضعفة، هي: [16]

ـ التمكـين: توسيع القـدرات والخيارات المتاحة أمام الأفراد يزيد من قدرتهم على ممارسة تلك الخيارات ، كما أنه يضاعف الفرص المتاحة لهم للمشاركة في صنع القرارات والموافقة عليها.

ـ التعـاون: تهتم التنمية البشرية بالطرق التي يعمل بها الناس معاً ويتفاعلون في ظل الشعور بالأنتماء وبوجود هدف ومعنى للحياة.

ـ الأنصـاف: توسيع الإمكانيات والمهارات والفرص يعني ما هو أكثر من زيادة الدخل، إذ يعني الأنصاف مثلاً في وجود نظام تعليمي يمكن للجميع الالتحاق به.

ـ الاستدامـة: لابد من تلبية احتياجات هذا الجيل دون المساس بحق الأجيال المقبلة في التحرر من الفقر والحرمان ، وفي ممارسة قدراتها الأساسية.

ـ الأمــن: لاسيما أمن المعيشة فالأفراد يحتاجون يتحرروا من الظواهر التي تهدد معيشتهم مثل المرض أو القمع أو التقلبات الضارة المفاجئة في حياتهم.

ويركز برنامج الامم المتحدة الأنمائي على أهداف أساسية ومهمة من أهداف التنمية البشرية المستدامة: القضاء على الفقر ، وخلق الوظائف وأستدامة الرزق وسبل العيش وحماية البيئة وتجديدها. [17] وتستند هذه الأهداف جميعها على تنمية التعليم وتطوير قدرات الأفراد المعرفية والتقنية.

المبحث الثاني: واقع مؤشرات التنمية البشرية في العراق قبل وبعد التغيير السياسي في العراق عام 2003.

اولا: مؤشرات التنمية البشرية في العراق قبل التغيير السياسي عام 2003

لم يكن واقع التنمية البشرية في العراق بمؤشراته الصحية والتعليمية وخط الفقر بمعزل عن تأثيرات التدهور الحاصل الذي طال البنية الاقتصادية للبلد ، فبعد أن شكل الجانب الاجتماعي محورا مهما في خطط التنمية خلال عقد السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن الماضي - والذي جاء في إطار التطور الحاصل في القطاعات الأنتاجية - ليأتي عقد التسعينيات وتترك أحداثه آثارها المباشرة على مؤشرات التنمية البشرية نتيجة الدمار الذي حل بالبنى التحتية ونقص الغذاء والدواء والعجز عن توفير المستلزمات الصحية والتعليمية.

فعلى الصعيد الاجتماعي كان العراق خلال عقد الثمانينيات يحظى بنظام تربوي هو افضل الأنظمة في المنطقة كما تبيّن المؤشرات الرئيسة ذلك ، غير أن الاوضاع تدهورت كثيراً منذ ذلك الحين بسبب الاثار السلبية المتراكمة نتيجة الحرب العراقية – الايرانية (1980-1988) وحرب الخليج الاولى وما نجم عنها من عقوبات اقتصادية.

  1. مؤشر الصحة:

نجد أن النتائج في الميدان الصحي هي من اسوأ نتائج المنطقة خلال عقد التسعينيات والسنوات قبل الاحتلال وهي اقل بكثير من مستويات البلدان ذات الدخل المنخفض ، فمعدل وفيات الرضع سجل ارتفاعاً كبيراً خلال مرحلة الحصار الاقتصادي. كما في الجدول (1) .

جدول (1) وفيات حديثي الولادة والرضع والاطفال تحت سن خمس سنوات (1989-2003) وفاة لكل 1000ولادة

المدة

الجنس

وفاة حديثي الولادة

معدل وفاة الرضع

معدل وفيات الرضع[18]

معدل وفيات الاطفال تحت سن خمس سنوات

1989-1993

المجموع

15

11

25

36

ذكر

19

11

30

40

انثى

11

10

20

31

1994-1998

المجموع

19

11

30

38

ذكر

23

11

34

43

أنثى

15

11

26

32

1999-2003

المجموع

20

12

32

40

ذكر

23

12

35

44

أنثى

17

12

29

35

 

ويتضح من الجدول اعلاه أن هناك (32) طفلا يموتون في السنة الاولى من حياتهم لكل 1000 حالة ولادة للمدة من 1991-2000. وكان معدل وفيات الاطفال الاناث 29 حالة و 25 حالة لدى الذكور في المدة ما بين (1999-2003) اما معدل الوفيات تحت سن خمس سنوات فكان 40 حالة للجميع (35 اناث و4 ذكور) لكل 1000 حالة ولادة. كذلك شهد الوضع الصحي في العراق تدهوراً كبيراً خلال ذات المدة ، فنسبة الأنفاق الصحي لم تتجاوز (1.5%) من الناتج المحلي الاجمالي لعام 2002 ، كما ان نصيب الفرد من الأنفاق الصحي بحدود (11) دولار في العام ذاته الامر الذي ترتب عليه أنخفاض مستوى الامكانيات الطبية والصحية والذي تمثل في النقص المستمر في الادوية وبقية المستلزمات ، فضلاً عن هجرة معظم الاطباء مما عرض النظام الصحي إلى الأنهيار بعد أن كان الافضل بين دول المنطقة.

وفيما تيعلق بوضع التغذية في العراق والذي يعد مقوما اساسياً لتقدم الصحة والوقاية من الامراض فأن ما يقارب من (6) مليون فرد لايحصلون على تغذية كافية ويعيشون في فقر حاد بالرغم من حصولهم على مفردات البطاقة التموينية في العام 1999. كما أن (60%) من السكان يعتمدون بالدرجة الاساس على مفردات تلك الحصة والتي اسهمت في ارتفاع قيمة السعرات الحرارية من (1200) سعره/ يوم قبل تنفيذ مذكرة التفاهم إلى (2200) سعره / يوم الا أنها بقيت عاجزة عن بلوغ المستويات المتحققة عام 1989 والبالغة (3581) سعره / يوم لأن السعرات التي تضمنتها مفردات البطاقة التموينية لاتغطي سوى (58%) من الاحتياج اليومي للفرد. [19]

ومن ماتقدم ذكره فأن هناك فئات تعرضت بصورة خاصة لمخاطر الفقر والعزلة الاجتماعية وغير ذلك من المصاعب فالنساء المعيلات لأسرهن والمسنون العاجزون عن مغادرة مناطق سكنهم ولديهم دخل ثابت لايجاري وتيرة ارتفاع الاسعار والرجال العاطلون عن العمل العاجزون عن إعالة عائلاتهم هم كلهم من الفئات التي تعرضت للفقر. [20] كل ذلك حدث على الرغم من ما شهده النصف الثاني من عقد التسعينيات في استئناف العراق تصدير النفط نهاية عام 1996 الا أن مستوى التخصيصات المالية كان ضئيلاً بالمقارنة مع الاحتياجات اللازمة لإحداث التنمية المنشودة نتيجة القيود التي فرضتها الامم المتحدة والتي تمثلت باللجنة (661) واقتطاع جزءاً من العوائد النفطية لدفع التعويضات ونفقات الامم المتحدة ، فطيلة ستة اعوام من البرنامج بلغ اجمالي العوائد النفطية مايقارب (56) مليار دولار أنفق منها لغاية اذار 2003 مايقارب (44) مليار دولار على شكل عقود لتجهيز الغذاء والدواء وبعض المستلزمات الضرورية ولم يتجاوز نصيب قطاعي التعليم والصحة 20% من قيمة تلك العقود طيلة تلك السنوات. لذلك يلاحظ مستوى التحسن في البعض من مؤشرات التنمية البشرية كان محدوداً في المرحلة التي اعقبت تطبيق مذكرة التفاهم حتى وقوع الحرب واحتلال العراق وبروز صورة جديدة للواقع الاجتماعي وهو ماعكسه تراجع العراق إلى المرتبة الاخيرة بين الدول العربية والمرتبة (110) عالمياً من اصل (111) دولة وفقاً لبيانات تقرير التنمية الأنسانية العربية لعام 2002. [21]

  1. مؤشر التعليم

أما ما يخص مؤشر التعليم ، فالنظام التعليمي في العراق كان من افضل الأنظمة في المنطقة ، حيث كان العراق واحدا من الاقطار التي كان يُعد أبناءه من خيرة المتعلمين في المنطقة. وتتجلى نتائج الاصلاح التعليمي الذي جرى في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي في معدلات التعليم العالية بين البالغين من السكان. ولكن لم يحافظ هذا النظام ، وكسائر القطاعات الاخرى ، على وضعه فكان من ضحايا وقائع العقدين الاخيرين وما شابها من الصراعات والحروب والعقوبات الاقتصادية. وأكد تقرير مسح الاحول المعيشية في العراق 2004 بأن معدل معرفة القراءة والكتابة بين الشباب الذين تقع اعمارهم بين (15-24) سنة يصل الى (74%) وهي اعلى بقليل من نسبة المعرفة بالقراءة والكتابة على مستوى سكان العراق بشكل عام. لكنها في نفس الوقت اقل من نسبة تعليم الفئة العمرية مابين (25-34) سنة ، مما يشير الى أن الجيل الاصغر يعاني تراجع في التعليم. في المقابل لم تتحسن معدلات التعليم بالنسبة للنساء حتى مستوى الامية قد ارتفع بينهن في بعض المناطق من العراق. [22]كذلك تدل البيانات على أن الامية مرتفعة وأنها أعلى مما هي عليه في بلدان مجاورة كسوريا والاردن بمقدار يتراوح بين (15) و(20) نقطة مئوية. اما معدلات التسجيل المدرسي فهي ادنى مما في بلد الشرق الاوسط وشمالي افريقيا وهناك فروق كبيرة ومتزايدة بين الجنسين خصوصا" في المناطق الريفية حيث يصل عدد البنات غير المسجلات في المدارس الابتدائية الى ثلث هذه الفئة من السكان.[23]

  1. مؤشر الفقر وتفاوت الدخل:

فيما يخص مستوى الفقر، فقد أظهرت نتائج مسوح ميزانية الأسرة (الجهاز المركزي للاحصاء) للعام 2003، بأن نسبة الأسر التي تعاني من الفقر المدقع بلغ (11%) (وهي الحالة التي لا يستطيع فيها الأنسان خلال دخله الوصول الى اشباع حاجاته الغذائية لتأمين عدد معين من السعرات الحرارية التي تمكنه من مواصلة حياته عند حدود معينة)، والنسبة التي تعاني من الفقر المطلق (43%) (هي الحالة التي لا يستطيع فيها الأنسان التصرف بدخله والوصول الى اشباع حاجاته الاساسية المتمثلة بالغذاء والرعاية الصحية والتعليم والسكن الملائم وغيرها من الخدمات). هذا يعني بأن أكثر من نصف السكان يعاني من نقص الاحتياجات الأساسية.

كذلك أظهرت الدراسة التي اجراها الجهاز المركزي للاحصاء العراقي بالتعاون مع برنامج الامم المتحدة الأنمائي في مسح الاحول المعيشية للعراق لعام 2004 أن هناك زيادة في التفاوت في الدخل بين السكان. [24] وأن هناك نسبة عالية من العراقيين يعيشون في مستويات مختلفة من الفقر والحرمان على الرغم من الموارد الطبيعية والمادية الهائلة للبلاد. كذلك أظهرت الدراسة " تراجع في المستوى المعيشي للعراقيين وخسارة ما تم تحقيقه في السبعينيات والثمانينيات خاصة في ما يخص البنية التحتية ". كما أكدت الدراسة أن هناك اختلافاً كبيراً في مستوى المعيشة في أنحاء العراق حيث تعاني المنطقة الجنوبية من ابرز علامات الحرمان تتبعها المنطقة الوسطى ثم الشمالية. واضافة المناطق القروية تعاني من الحرمان بنسبة تزيد ثلاث مرات عن المدن حيث تعتبر مناطق بغداد من افضل المناطق في العراق.

ثانياً: مؤشرات التنمية البشرية في العراق بعد عام 2003.

  1. مؤشر الصحة

لقد عانى العراق على مدى العقود الثلاثة الماضية من تراجع مستمر في الوضع الصحي بسبب الحروب التي أقحم نفسه فيها والحصار الأقتصادي الذي أستمر لأكثر من اثني عشر عاما، أضافة الى الأحتلال الأمريكي للعراق في عام 2003 مما أدى الى تدهور كبير في مستوى الخدمات الصحية والطبية في ظل غياب الإرادة السياسية والرؤية الإستراتيجية للنهوض بهذا القطاع المهم والحيوي ضمن منظومة التنمية الشاملة.

قاد تراجع الاوضاع الصحية منذ تسعينيات القرن الماضي الى انخفاض متوسط العمر المتوقع عند الولادة من 65 سنة عام 1987 الى 58.2 سنة عام 2006.[25]

ويشير التقرير الصادر عن وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي حول مراقبة مؤشرات أهداف الألفية للتنمية في العراق الصادر عام 2005 كما أن الموقع الرسمي للأمم المتحدة لمراقبة مؤشرات الأهداف الإنمائية للألفية للعراق يورد أيضا بعض الأرقام المبنية على بيانات مقدمة من العراق حيق يوضح الجدول رقم (2) نسبة الأطفال ناقصي الوزن ممن يقل عمرهم عن(5) سنوات بحسب المصدر وكما يلي: [26]

الجدول (2) نسبة الأطفال ناقصي الوزن ممن يقل عمرهم عن (5)

سنوات بحسب المصدر[27]

السنة

النسبة (تقرير وزارة التخطيط)

النسبة (موقع الامم المتحدة لمراقبة المؤشرات)

1991

9

11.9

1996

23.4

22.9

1997

24.7

-

1998

22.8

-

1999

21.3

-

2000

19.5

15.9

2002

9.4

-

2003

11.5

-

2004

11.7

11.7

2006

-

7.6

 

أما منظمة الصحة العالمية، فأن تقرير أحصاءاتها الصحية العالمية لعام 2009 فأنه يشير الى أن نسبة الأطفال ناقصي الوزن ممن يقل عمرهم عن 5 سنوات في العراق للمدة من 2000 ولغاية 2006 بلغت(% (7.1مقارنة بـ (3.6 %) في الأردن و (10 %) في سوريا لنفس للمدة.

ويقدم لنا تقرير الاحصاءات الصحية العالمية الصادر عن منظمة الصحة العالمية لعام 2009 معدلات وفيات الاطفال ممن هم دون سن الخامسة لأعوام 1990 و 2000 و 2007 وهي (58) و (52) و (48) على التوالي. فيما يقدم موقع الامم المتحدة لمراقبة مؤشرات الالفية الانمائية للتنمية مجموعة من الارقام التقديرية للأعوام 1990 وقدرها (53) ، وعام 1995 (48) ، وعام 2000 وقدرها (48) ، وعام 2005 قدرها (45) ، وعام 2007 قدرها (44) طفل دون سن الخامسة من العمر يتوفى مقابل كل الف ولادة حية.

اما معدل وفيات الاطفال الرضع توفرت مجموعة من البيانات حول معدل وفيات الأطفال الرضع لكل 1000ولادة حية في الكثير من التقارير الصادرة عن الجهات الحكومية المختلفة والمنظمات الدولية. فالرقم الوحيد الذي يقدمه تقرير وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي يستند على نتائج مسح معدل وفيات الأمهات والأطفال الذي إجري عام 1999 والذي أعتبر أن معدل وفيات الأطفال الرضع بـ(101) مقابل كل 1000 ولادة حية.

أما الأحصاءات الصحية العالمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية لعام 2009 فيقدم لنا معدلات وفيات الاطفال الرضع لأعوام 1990 و 2000 و 2007 وهي بالتتابع (42)، (38) ، (36) على التوالي. اما موقع الامم المتحدة لمراقبة مؤشرات الألفية الإنمائية للتنمية فيقدم من جديد مجموعة من الأرقام "التقديرية" للأعوام 1990وقدرها (42) وعام 1995 وقدرها (39) وعام 2000 وقدرها (38) وعام 2005 وقدرها (37) وعام2007 وقدرها (36) طفل رضيع يتوفى مقابل كل ألف ولادة حية.

  1. مؤشر التعليم

على الرغم من التشريعات التربوية التي صدرت خلال العقود السابقة ومنها بشكل خاص حق التعليم المجاني في جميع المراحل الدراسية وإلزامية التعليم الابتدائي ومحاولة مده الى المرحلة المتوسطة ، إلا إن التقديرات تشير إلى إن نسب الالتحاق في المدرسة الابتدائية انخفضت بشكل واضح وتقدر بـ (% 79) وذلك في عام 2007 .

وقد أظهرت نتائج المسح الذي أُجري عام 2004 إن (% 43.5) من المبحوثين غير الملتحقين كان السبب الرئيس في عدم التحاقهم هو عدم رغبة الوالدين في حين كان سبب عدم التحاق(% 22.1) من المبحوثين بالدراسة يعود إلى ضعف الحالة المادية، و (% 18.3) كان سببها بُعد المدرسة.

كما ظهر إن (%92) من الطلاب التاركين بعمر (10-14) سنة حصلوا على الشهادة الابتدائية و (6.8%) حصلوا على الشهادة المتوسطة مقارنة بـ(76.3 %) من الطلاب التاركين بعمر (15-18) سنة حصلوا على الشهادة الابتدائية. و (21.7 %) حصلوا على الشهادة المتوسطة. و (60.8%) حصلوا على الشهادة الابتدائية و (26.4%) على المتوسطة للفئة العمرية من (19-24) سنة.[28]

واكدت اليونيسيف "بدأ النظام التعليمي يتهاوى بعد نشوب الحرب بين إيران والعراق في الثمانينيات، وحرب الخليج في عام 1991 بسبب الضغط على الموارد الناجم عن عقد من العقوبات الدولية طوال التسعينيات، كما ادت العقوبات إلى انخفاض رواتب المعلمين، وارتفاع معدل تبديل الموظفين، ونقص المعلمين المؤهلين، وانخفاض التنمية المهنية، وإهمال البنية التحتية وتدني فرص الحصول على موارد مثل النشرات الدورية.

بينما اشارت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) الى ان "تقييما أجرته الأمم المتحدة عام 2003 خلص الى أن 3000 مدرسة تضررت من أعمال النهب، وأن معاهد تدريب المعلمين تأثرت في جميع المحافظات، عدا المحافظات الكردية في الشمال، وأن المكتبات والكليات تعرضت للنهب والحرق كما احرقت في أعقاب الغزو المرافق التعليمية ونهبت على نطاق واسع، فقد فقدت المدارس المهنية، على سبيل المثال، 80 بالمائة من معداتها، وفقاً لوزارة التربية والتعليم العراقية"، كما تقول اليونسكو.

وأضاف التقرير أن "اجتثاث البعث، وهو سياسة قوات الاحتلال لإعفاء جميع المسؤولين الذين ينتمون إلى حزب البعث الذي تولى قيادته الرجل المخلوع من مناصبهم، عزز تراجع التعليم لأنه تسبب في هجرة العقول من الجامعات". وذكر أن "الأدلة الظاهرة للعيان تشير إلى أن الحرب الثالثة التي خاضها العراق في ثلاثة عقود، قد خلفت وراءها نظام تعليم متهالك تضرر من المخاوف المتعلقة بالسلامة وارتفاع التكاليف والنقص الحاد في المعلمين والمواد التعليمية" [29]

واشار الى انه "في السنوات الأربع التي تلت الغزو، قتل المتمردون والجماعات المسلحة 280 أكاديمياً على الأقل مع نهاية عام 2007 مما أفقد العراق النخبة المتعلمة القوية القادرة على مساعدة البلاد ونظام التعليم على التعافي". ونقل التقرير عن عضو لجنة التربية والتعليم البرلمانية علاء مكي " كان لدينا كافة الأشخاص المؤهلين لبناء البلاد وتأسيس نظام في جميع المجالات، أما الآن، فقد غادر معظم هؤلاء الأشخاص البلد، ورحل العديد من الأطباء والمهندسين لأنهم شعروا بالتهديد.

ويؤكد تقرير حالة التنمية البشرية في العراق لعام 2008 انخفاض نسبة الاطفال الملتحقين برياض الاطفال بين الاعوام 1995 و1996 من جهة والاعوام 2006 و2007 بنسبة 0.3 % بينما شهدت مراحل التعليم الاخرى ارتفاعات واضحة في نسبة الالتحاق بالمؤسسات التعليمية. ورأى التقرير ان معدلات إلتحاق الاطفال غير مرضية فخلال الطفولة المبكرة تنمو قابليات الاطفال العقلية وسلوكه الاجتماعي وتوجهاته نحو التعليم. [30]

ويُنظر إلى الإحصاءات في العراق بشكل عام وعلى نطاق واسع على أنها احصاءات لا يمكن الاعتماد عليها ، وتلك الخاصة بالالتحاق بالمدارس تختلف استناداً إلى الفئات العمرية للأطفال وما إذا كانت تقيس صافي معدل الالتحاق (نسبة الأطفال في سن الدراسة الابتدائية الرسمي المسجلين في المدارس الابتدائية) أو الالتحاق الإجمالي (النسبة المئوية للأطفال الذين يلتحقون بالمدارس الابتدائية في أي عمر). لكن ما يبدو واضحاً هو أن العراق لم يحقق التقدم الذي كان بمقدوره أن يحققه. فقد أنتجت المسوحات العنقودية متعددة المؤشرات في عام 2011 معدل التحاق صافي بلغ 90.4 بالمائة (بين الأطفال من سن 6 إلى 11 عاماً)، أي أقل قليلاً من المعدل الحكومي البالغ 90.8 في عام 1990. مع ذلك، فإن واحداً من كل سبعة أطفال في سن المدرسة الثانوية يدرس في المرحلة الابتدائية [31] .

  1. مؤشر الفقر:

أظهرت نتائج مسوح ميزانية الأسرة (الجهاز المركزي للاحصاء) بعد عام 2003، بأن نسبة الأسر التي تعاني من الفقر المدقع بلغ 11% (وهي الحالة التي لا يستطيع فيها الأنسان خلال دخله الوصول الى أشباع حاجاته الغذائية لتأمين عدد معين من السعرات الحرارية التي تمكنه من مواصلة حياته عند حدود معينة)، والنسبة التي تعاني من الفقر المطلق 43% (هي الحالة التي لا يستطيع فيها الأنسان التصرف بدخله والوصول الى اشباع حاجاته الاساسية المتمثلة بالغذاء والرعاية الصحية والتعليم والسكن الملائم وغيرها من الخدمات). هذا يعني بأن أكثر من نصف السكان يعاني من نقص الاحتياجات الأساسية.

وواصلت نسبة الفقر أرتفاعها ، ففي حين بلغت نسبة الافراد الذين يقعون تحت خط الفقر الوطني (نسبة الافراد الذين لايستطيعون تأمين حاجاتهم الاساسية الغذائية وغير الغذائية) (22.9%) عام 2007 .[32] فقد أرتفعت الى (23%) كما أشار لذلك تقرير وزارة التخطيط عن " خط الفقر وملامح الفقر في العراق " (اذار 2009). [33] وهذا يدلل على أن نسبة الافراد الذين يعانون الفقر تشكل خطراً على الرغم من الارتفاع المستمر في متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الاجمالي (كما في الجدول 2). ونسب الفقر هذه تتطلب السعي لدفع عملية التنمية لأخراجهم من دائرة الفقر والعمل على التوزيع العادل للدخل وتوفير الحاجات الاساسية.

جدول (2) مؤشر متوسط دخل الفرد العراقي خلال المدة (2003-2009) (دينار عراقي)[34]

المؤشرات

2003

2004

2005

2006

2007

2008

2009

متوسط دخل الفرد من الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية (بالدينار)

1123227

1961509

2629675

3274233

3754986

5031702

4423686

 

وفي تصريح للامين العام للامم المتحدة ، بان كي مون في الأشهر الأولى من عام 2012 بان نسبة الفقر في العراق بلغت 23% " بحساب خط فقر وطني 2 دولار للفرد ، في شهر نيسان 2012 اعلنت وزارة التخطيط على لسان وزيرها بان نسبة الفقر في محافظة المثنى بلغت 40% وفي محافظات ذي قار وبابل وصلاح الدين بلغت اكثر من 30% ، ولم يتم الإيضاح عن المقياس المعتمد للوصول الى هذه النسبة ، مع ان العراق يفتقد المعلومات والإحصاءات المطلوبة لمثل هذه الحسابات باعتبار عدم تنفيذ مسح شامل للسكان والمعطل منذ سنوات لأسباب يقال عنها "سياسية" ، لابد من الذكر بان المعدل العالمي لنسب الفقر في البلدان الفقيرة جدا ،يبلغ 27% ، أي ان الفرق بين معدل الفقر" لكل فرد" في العراق والدول الاشد فقرا في العالم 4% فقط ، بل وتجاوز ذلك على مستوى المحافظات حسب ماذكر.[35]

بعد عام 2003 لم تستطع اي من الحكومات التي وصلت الى السلطة ، ان تتناول الفقر كظاهرة ذات إبعاد اجتماعية اقتصادية سياسية تاريخية ، وان تستوعب تلك الحكومات ، حقوق الإنسان كما وردت في مواثيق الأمم المتحدة والتي تنص على أن التنمية ومكافحة الفقر حقا من حقوق الإنسان غير قابلة للتصرف ، فأتجه مسار القوى السياسية الى التصارع الحاد والمزمن على السلطة لجني المكاسب الشخصية والفئوية ، وحلت الاثنية والطائفية والعرقية تحت صيغة " المكونات " ، وتقهقرت الوطنية ومحركها المجتمع المدني بأجنداته الليبرالية والإصلاحية ،والحصيلة ، حكومات محاصصة " توافق وشراكة " كما يقال عنها ، أوصلت لسدة الحكم سياسيين ومتخذي قرار ، غير أكفاء بخلفيات متخلفة تنظر الى الفقراء " كمساكين "ووصفاتهم لعلاج الفقر من باب الإحسان والثواب والدليل صرف الإعانات الشهرية كرعاية اجتماعية بمبالغ لا تتجاوز (50) دولار.

أن تعريف الفقر وفهمه ينعكس على القياسات المعتمدة ،فاذا كان التعريف على أساس الدخل " المفهوم السائد في العراق " ، يعني وضع حلول اقتصادية فقط وهو مفهوم ساد النصف الثاني من القرن الماضي وثبت بطلانه ، أما المفهوم الحديث للفقر بإبعاده الإنسانية والذي يجمع بين فقر الدخل والمؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والاحتياجات الأساسية ،ومستوى التعرض والتهميش ،بهذا المفهوم ارتبطت مكافحة الفقر بأجندة الخطط التنموية ارتباطا محوريا.

بالتالي لم تكن كل المحاولات لمكافحة الفقر في العراق الا محاولات فاشلة وبائسة، تم تبنيها تحت اعتبارين: [36]

  1. محاولات الكسب السياسي والاستخدام الإعلامي " التصريحات في الفضائيات".

2- الضغط المستمر للأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني.

المبحث الثالث:أنعكاسات عدم الاستقرار السياسي على مؤشرات التنمية البشرية في العراق:

مما لاشك فيه أن حركة النشاط الاقتصادي ومؤشرات الاقتصاد الكلي والتنمية الاقتصادية تشكل العمود الفقري للتنمية البشرية. وبما ان الاخيرة يجب ان تكون عملية مخططة وقائمة على رسم سياسيات عامة صحيحة فلابد ان يكون الجانب الاقتصادي والمؤشرات الاقتصادية الكلية ايجابية حتى يصبح بالإمكان توفير الموارد اللازمة لقيام تنمية بشرية والارتقاء بمؤشراتها الى جانب التخطيط الناجح القائم على بيانات واقعية تظهر حاجات السكان بشكل واضح.

وكما مر بنا في المبحث الثاني فأن مؤشرات التنمية البشرية في العراق قبل وبعد التغيير السياسي عام 2003 قد شهدت تراجعا كبيرا قياسا بذات المؤشرات في عقدي السبعينيات والثمانينيات وكانت اولى الاسباب لذلك هو ظاهرة عدم الاستقرار السياسي والتي بدورها لعبت دور المنتج لكثير من العوامل- الانعكاسات- السلبية الاخرى والتي بدورها أثرت سلباً على مؤشرات التنمية البشرية - وشكلت معوقات لها - وهو ماشهده العراق خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي والعقد الاول من القرن الحالي الى وقتنا الحاضر.

ومع التغيير السياسي الذي حدث عام 2003 بقرار دولي دخلت التنمية منعطفاً حرجاً بل ربما أسوأ من السنوات السابقة. فإذا كان النظام السابق قد استخدم التنمية الاقتصادية بالاعتماد على الثروة النفطية مدخلاً لحل إشكالية الشرعية المفقودة فأنه في ظل النظام الجديد بدت مسألة الشرعية مفروغ منها مع تبني خيار العملية السياسية اسلوباً لإدارة السلطة في البلاد بحيث اختزلت مسألة التنمية في إطار توفير الخدمات العامة ولم تأخذ مكانها في هذا المناخ السياسي الجديد باعتبارها أولوية بعد ان زاحمتها قضايا أخرى طغت على المشهد القائم. وعلى الرغم من أن النيات المعلنة سواء من قبل الادارة الأميركية التي تولت حكم العراق لمدة ناهزت العام أو من خلال الحكومات المتعاقبة كانت تبشر بإعادة إعمار العراق وإحداث تنمية شاملة وفق برنامج دولي على غرار سوابق تأريخية تستلهم إرثها من التجربتين اليابانية والألمانية إلا أن الأحداث التي اعقبت واقعة التغيير السياسي أرجئت هذا المشروع بسبب من استمرار حالة التدهور الأمني وبروز الصراعات السياسية الكامنة ما بين أطراف العملية السياسية وتحول الأمر الى إحتقان طائفي بحيث أصبحت مسألة التنمية غير واردة في البرنامج الحكومي أو انها تحولت الى مجرد إنجاز خدمات ضئيلة كأحد سياسات المجالس المحلية.

ويمكن تبيان أهم أنعكاسات عدم الاستقرار السياسي في العراق على مجمل مؤشرات التنمية البشرية بالآتي:-

المطلب الأول: غياب إستراتيجية تنموية واضحة:

تسببت ظاهرة عدم الاستقرار السياسي في العراق في تعميق معاناة الشعب، إذ فشلت السلطات العراقية مرارا في وضع إستراتيجية تنموية شامله لتلبية الاحتياجات الأساسية في ميادين الصحة، التعليم، المياه الصالحة للشرب، الصرف الصحي، والصناعة النفطية. فالنظام الدكتاتوري لم يتصرف بمسؤولية فحسب ، بل وظف معاناة الشعب وتدني مستوياته المعيشية للأغراض السياسية . [37]

إن التخطيط للتنمية وإعادة الأعمار ووضع إستراتيجية تنموية شاملة - لمعالجة آثار هذه التركة الثقيلة ولتحقيق إصلاحات هيكلية للاقتصاد العراقي - اصطدم بمجموعة من الفرضيات والتقديرات القاصرة للأوضاع المستجدة في العراق مما انعكس سلبيا" على تنفيذ البرامج والفعاليات المقترحة. فلا جدال في أن هنالك اتفاقاً على معظم الأوليات الواجب تنفيذها لإزالة التخلف وإنماء الاقتصاد العراقي ومعالجة مشاكل الفقر والبطالة، إلا أن الخلاف كما يبدو قد انعكس في المقاربة الواجب اعتمادها لبلوغ هذه الغايات.

في هذا السياق، كانت هنالك مقاربتان، الأولى المسماة مجازا" بالمقاربة الإيديولوجية، وتتركز على اعتبار أن انتهاء الحرب وسقوط النظام السابق قد وفرا الشروط اللازمة والمناخ المطلوب لوضع خطط جذرية لإصلاح الوضع العام وتطبيق وصفات (جاهزة) مستقاة من تجارب مغايرة لبلدان أخرى ولاسيما بلدان أوروبا الشرقية، وهي التي استندت الى استخدام مصطلح مرحلة ما بعد النزاع post-conflict ، غير أن تطور الأحداث أبان قصور هذه الرؤيا والتقديرات، حيث تفاقم الصراع الداخلي واتسعت موجة التمرد وأعمال العنف والإرهاب وما اقترن بذلك من نزاعات طائفية. أما المقاربة الثانية فهي الموسومة بالبراغماتية (الذرائعية أو العملية)، حيث تنطلق من إعطاء تقدير سليم للتطورات الجارية في الواقع الحي وتفهم وملاحظة المتغيرات الجديدة في مرحلة ما بعد سقوط النظام. وهي المقاربة التي تستدعي اعتماد منهج تدريجي في مواجهة الأخطار الجديدة وتطبيق برنامج الإصلاحات، أي إنه يأخذ بنظر الاعتبار أن العراق ما زال يعاني من نزاعات داخلية، ولم تتوافر له بعد أسباب الأمن والاستقرار على نحو يسمح بوضع برامج واقعية وطموحة للتنمية وإعادة الأعمار.

فالفهم الصحيح للظروف الجديدة في العراق والمتغيرات الناشئة بالارتباط مع سقوط النظام وفرض الاحتلال الأجنبي، كان أمرا" في غاية الأهمية من الناحية المنهجية لصياغة البرامج الإنمائية اللاحقة. والواقع أن العديد من هذه البرامج والخطط قد تعثرت أو أنها لم تر النور أبدا" بسبب التدهور الأمني وهجمات التخريب. الأمر الذي يؤكد خطأ المراهنة على المقاربة الأولى واعتمادها، إذ كان ينبغي اعتماد منهج تدريجي وبراغماتي يوفر إمكانية تحديد الأولويات على نحو مختلف ويأخذ بنظر الاعتبار التحديات الجديدة والسعي لمواجهتها بأسلوب فعال، ولاسيما في مجال حفظ الأمن والاستقرار وترسيخ الوحدة الوطنية وبناء مؤسسات الدولة. [38]

كذلك لايفوتنا ان نذكر ان الدستور العراقي لدائم لعام 2005 – الذي خرج نتيجة توافقات سياسية - لم يحدد الفلسفة الاقتصادية للدولة العراقي بوضوح وهذا قاد الى عدم وضوح الرؤى والتصورات حول فهم وأدراك واقع الاقتصاد العراقي وماهي الاستراتيجية الاقتصادية المطلوبة لتغيير هذا الواقع. لذا عانت التوجهات الاقتصادية من الفوضى التي ترافقت مع المتغيرات الجديدة في العراق بعد عام 2003 . وبالنتيجة انعكس هذا الامر في غياب أستراتيجية تنموية شاملة.

المطلب الثاني: الهجرة الداخلية والخارجية:

لقد ترتب على العنف الدائر في العراق مشكلة تهجير ونزوح لم يسبق لها مثيل في منطقة الشرق الأوسط. وحسب إحصائية المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، إحتل العراق في بداية شهر آذار من عام 2005 المرتبة الخامسة بين دول العالم في النزوح ومن ثم بلغ المرتبة الأولى بعد أحداث سامراء في 2006 [39] ، ولعل كل من مشكلة الترحيل والنزوح قد باتت جزء من التاريخ العراقي المعاصر بدءاً من عام 1963 نتيجة الصراعات الداخلية. وعادت موجات النزوح والهجرة الداخلية تشتد أكثر مع بدأ الإحتلال الأميركي للعراق عام 2003 بفعل أحداث العنف التي إشتدت في عدة مناطق.

وقد أنعكس كل من عدم الإستقرار وتفاقم ازمة الهجرة الداخلية والخارجية ، في إزدياد هجرة العقول العلمية التي تضاعفت في السنوات الأخيرة لاسيما بعد تعرض عدد من الكفاءات العلمية لعمليات إغتيال مقصود ومنظم وأيضاً عشوائي، وهو ما يعد من أشد النتائج سوءاً الناجمة عن الإرهاب والحرب الأهلية، لاسيما عندما يكون هذا القتل قائم على أساس الهوية المذهبية بحيث يمارس من قبل الأطراف المتصارعة بشكل متبادل، ولم يسبق للعراق أن شهد فترة نزوح وهجرة للعقول العلمية مثلما شهده خلال السنوات التي أعقبت الإحتلال الأميركي، إذ كان الجامعيون والأطباء الاختصاصيين أكثر الفئات تعرضاً لمحاولات الإغتيال، وقد بلغت حالات الإستهداف الموثقة منذ نيسان 2003 ولغاية نيسان 2006 بحدود (380) حالة إستهداف، علماً ان الكثير من الحالات لم يتم توثيقها لأسباب تتراوح ما بين الخوف من العمليات الإنتقامية أو الفوضى الامنية فضلاً عن ضعف مجهودات التوثيق في المؤسسات العراقية. وهذا كان له اثر سلبي تمثل في تناقص راس المال البشري في ميادين الصحة والتعليم وغيرهما.

المطلب الثالث: الفساد الإداري والمالي:

يعد الفساد الاداري والمالي أحد مخرجات عدم الإستقرار السياسي الذي ترتد آثاره لتنعكس على المدخلات مرة أخرى ليعمل على تنشيط دورة الفساد، بمعنى آخر، أن تأثير الفساد في عدم الإستقرار السياسي هو تأثير متبادل، والفساد الإداري في أبسط معانييه هو " إستغلال المنصب العام لتحقيق مصالح ومكاسب شخصية "، وتتضمن قائمة الفساد: الرشوة، الإبتزاز، إستغلال النفوذ، المحسوبية والإحتيال.

وعلى الرغم من أن ظاهرة الفساد في العراق تعود إلى حقبة النظام السابق إلا أنها تفشت بشكل كبير بعد عام 2003 لا سيما وأن سلطة الإئتلاف المؤقتة (CPA) التي حكمت العراق لمدة تزيد عن العام تورطت في نشاطات الفساد على حد رأي (ستيوارت بوين) المفتش الخاص بعملية إعادة إعمار العراق والذي سبق وأن أشار إلى أن هذه السلطة قامت بتبديد ما مقداره (8.8) مليار دولار من أموال النفط العراقية والتي إنفقت على شكل رواتب ونفقات تشغيلية ورأسمالية ومشاريع إعادة تعمير خلال المدة ما بين تشرين الأول 2003 وحزيران 2004 ، وقد استفحلت شبكات الفساد مع ضعف المركزية الإدارية للسلطة وتداخل أجهزة الأحزاب المختلفة مع أجهزة الدولة وضعف الرقابة المالية والسياسية ، ويقدر مجموع ما تم إهداره نتيجة للفساد الإداري في العراق للفترة من حزيران 2004 ولغاية كانون الثاني 2007 حسب تقديرات مفوضية النزاهة العامة بحدود (8) مليار دولار. [40]

ومن المؤكد ان الفساد أنعكس بشكل كبير في تردي مؤشرات التنمية البشرية لاسيما مع التأكيد بان أغلبه جاء نتيجة الاشكاليات السياسية والتي افرزت لنا الصراعات السياسية بين الكتل المختلفة على تقاسم مكامن النفوذ في مؤسسات الدولة ونتج عن ذلك ضعف في الاداء المؤسساتي نتيجة المحاصصة الطائفية والعرقية والسياسية والتي بدورها كرست الابتعاد من معايير الكفاءة والاختصاص في أدارة مؤسسات الدولة.

الاستنتاجات والتوصيات:

  1.  أن ظاهرة عدم الاستقرار السياسي تعبير عن التبدل المستمر أو غياب الثبات في الإطار المؤسساتي للدولة أو النظام السياسي و/أو غياب الثبات في منظومة السلم الاجتماعي، ألا التبدل المستمر قد يكون حالة مرضية وايجابية لكثير من الظواهر الاجتماعية وبالتالي لايمكن أن نفهم عدم الاستقرار بشكل تجريدي على انه - وبشكل دائم- أنعكاس للتغيير المستمر أو التحولات بقدر ما يعبر عن تغيرات غير منتظمة في طبيعة النظام السياسي وبما يؤدي إلى استبدال مؤسسات سياسية بأخرى تحل محلها وغالبا ما تكون هذه التغييرات تجري بصورة عنيفة وتحدث نتيجة وجود رفض عام أو جزئي لطبيعة المؤسسات القائمة والنسق الذي تعمل وفقه هذه المؤسسات مع توافر الرغبة لاستبداله بنسق آخر، ويتم التعبير عن هذا الرفض بأساليب عنيفة وليست ضمن الآليات المتفق عليها لإدارة الصراع الاجتماعي.
  2. أن نقص الحريات مقترن مباشرة بالفقر الاقتصادي الذي يسلب الناس حقهم في الحرية والحصول على حاجاتهم الأساسية، وفي أحيان أخرى يكون افتقاد الحريات مقترنا بضعف المرافق العامة والرعاية الاجتماعية، مثل برامج مكافحة الأوبئة، أو الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية. بعدها اتفقت جميع الأدبيات التنموية العالمية ، على ان التنمية البشرية تتمركز حول البشر ، وان التنمية تكون بالبشر لتنمية البشر ومن أجل البشر ، وإنها بمفهومها العريض ، توسيع لخيارات البشر.
  3. الانسان هو غاية التنمية البشرية المستدامة. بمعنى آخر ان الاخيرة تتبنى هدف سامي الا وهو رفاهية الانسان ، هذا من جانب. ومن جانب آخر فأن الحق في التنمية حق اساسي من حقوق الانسان غير قابل للتصرف وبموجبه يحق لكل إنسان ولجميع الشعوب المشاركة والإسهام في تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية والتمتع بهذه التنمية التي يمكن فيها إعمال جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية إعمالا تاما. وأن تتحمل الدولة المسؤولية الرئيسية عن تهيئة الأوضاع الوطنية والدولية المواتية لإعمال الحق في التنمية.
  4. صحيح ان التنمية البشرية لاتعني تحقيق النمو الاقتصادي وبالتالي لاتعني التنمية الاقتصادية ، الا ان الاخيرة تشكل العمود الفقري لقيام التنمية البشرية المستدامة. فالتنمية البشرية تقوم على ضرورة ان تكون الدولة في وضع اقتصادي متحقق فية تنمية اقتصادية قائمة على تنوع الموارد وتنوع مصادر الموازنة العامة للدولة. فلا يمكن تحقيق تنمية بشرية بدون تنمية اقتصادية تشكل العصب الرئيس للارتقاء بمؤشرات التنمية البشرية الاساسية (التعليم ، الصحة ، الدخل).
  5. ان الوضع السياسي والوضع الاقتصادي شديدا الترابط في اي بلد من بلدان العالم فالوضع الاقتصادي يؤثر تأثيراً كبيراً في الوضع السياسي ويؤثر بالتالي في البدائل التي يفكر فيها صانع القرار السياسي من خلال تأثيره في تحديد عدد البدائل والخيارات المطروحة امام صانع القرار. والعكس صحيح فالقرار الاقتصادي ومن ثم الوضع الاقتصادي شديد الترابط بالوضع السياسي فطالما تكون الاوضاع السياسية غير مستقرة ويعاني البلد من عدم استقرار سياسي فهذا له اثر كبير في الوضع الاقتصادي للدولة ومن ثم في اتجاهات التنمية الاقتصادية والتي هي العمود الفقري والعنصر الاساس لتحقيق التنمية البشرية من خلال القدرة على توسيع الانفاق على مجالات (الصحة، التعليم، والدخل) هذا من جهة ، ومن جهة أخرى فأن عدم الاستقرار السياسي يحد من حرية الافراد وبالتالي يحد من خياراتهم وهذا ينعكس سلبا على التنمية البشرية والتي محورها الرئيس هو توسيع خيارات الناس.
  6. خلال تاريخ العراق الحديث والمعاصر، لم يسبق لهذا المجتمع أن شهد أزمة سياسية داخلية تتمثل في تعرضه لعدم الاستقرار السياسي كما هو الحال في مرحلة ما بعد الغزو الاميركي في عام 2003. والمرحلة الراهنة في بناء العراق المعاصر قد صاحبتها الكثير من ألازمات التي عكست أشد حالات عدم الاستقرار السياسي في التاريخ العراقي كونها تمثلت باستخدام العنف كوسيلة لإدارة الصراع الاجتماعي بعيداً عن المؤسسات السياسية والدستورية التي يفترض أن تكون هي الوسيلة لإدارة الصراع.
  7. من خلال التقييم الدولي للحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 ،ومن مراقبة الوضع الداخلي ((الخدمات الحكومية والأمن)) ، فأن هذه الحكومات أخفقت بدرجة كبيرة في قيادة العملية السياسية الى انجاز الأهداف التنموية المنشودة لمواطنيها على الرغم من الانفاق الهائل الذي توفر لها ، والتي تعكس جدوى النظام السياسي الحالي ، الذي يسير نحو المجهول ، ولان النظام السياسي هو الإناء الذي يحوي مكونيه الاقتصادي والاجتماعي للبلاد ، لذلك لا يتوقع حصول تغيير في حياة العراقيين ضمن ما أطلق عليه " بالعملية السياسية " الحالية، والذي يحتاج حسب الخبراء الدوليين مابين 10 الى 20 عاما.

التوصيات:

  1. تعد ظاهرة الاستقرار السياسي لأي بلد الارضية الخصبة والاساس لكل عملية تطور او تقدم وفي المجالات كافة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية...الخ ، الى جانب تحقيق الامن. ومن هذا المنطلق لابد ان تضع الكتل السياسية في العراق نصب عينيها هدف سام الا وهو اعتماد المرونة في التعامل مع الاخر على اساس الثقة المتبادلة وان يتفق الجميع على خدمة البلد والأرتقاء بأوضاعه في المجالات كافة. اذ ان ذلك يوفر الاساس لنجاح عملية التنمية الاقتصادية في البلد والتي تعد الدعامة الاساسية للأرتقاء بمؤشرات التنمية البشرية من خلال توافر امكانية تعزيز الانفاق في مجالات التعليم والصحة والتصدي للفقر.
  2. أن أي اتجاهات للإرتقاء بمؤشرات التنمية البشرية ، تبتدئ بأطر مؤسسية ، تتبنى عملية التنمية والتخطيط التنموي ويقاس مدى نجاح الخطط التنموية بما تستند عليه هذه الخطط وما يتوفر لها من بيانات ومعلومات ومؤشرات ، حيث لا يمكن للمخططين وراسمي السياسات التنموية تجاهل مثل هذه المتغيرات الهامة المتعلقة بالسكان خاصة وأن الأهداف الأساسية المتوخاة من التخطيط موجهه للسكان ورفاهيتهم وتقدمهم الاقتصادي والاجتماعي، وهذه البيانات والمعلومات ، ستكشف حجم الفقر وشدته وتوطنه ، وتمثل حجر الزاوية في وضع السياسات التنموية والاقتصادية المستقبلية الكفيلة بتطويقه والحد منه الى مستويات ضئيلة لا تشكل حاجزا يعيق المسار التنموي للبلاد.
  3. ان خطورة الفساد في الدول تكمن في انه مؤشر ذو دلالة مطلقة لمدى نجاح التنمية فيها ومدى تقدمها حضاريا. ولا زال العراق يحتل مراتب متدنية في تراجع الفساد حسب تقارير منظمة الشفافية العالمية وحسب ما يظهر من عبر وسائل الاعلام. لذا لابد ان تتظافر الجهود من قبل جميع الفئات والمؤسسات المجتمعية كافة للحد من هذه الآفة الخطيرة والتي تنخر بمقدرات البلد وثرواته.

المصادر:

الكتب

- د. أبراهيم العيسوي ، التنمية في عالم متغير ، القاهرة ، دار الشروق ، 2003.

- د. علي عبد القادر ، الديمقراطية والتنمية في الدول العربية ، المعهد العربي للتخطيط – الكويت ، سلسلة الخبراء: (2) مايو 2008.

- د. محمد عبد العزيز عجمية وأيمان عطية ناصف ، التنمية الاقتصادية: دراسات نظرية وتطبيقية ، الاسكندرية ، الدار الجامعية ، 2003.

- د. مدحت كاظم القريشي ، التنمية الاقتصادية ، عم ، دار وائل للنشر ، 2007.

د. موسى إبراهيم، السياسة الاقتصادية والدولة الحديثة، دار المنهل اللبني، بيروت، 1997.

الاطاريح:

 رعد سامي عبد الرزاق، العولمة والتنمية البشرية المستدامة في الوطن العربي، أطروحة دكتوراه (منشورة)، كلية العلوم السياسية ،جامعة النهرين ، 2006

التقارير:

  1. برنامج الامم المتحدة الأنمائي ، تقرير التنمية الأنسانية العربية ، 2002.

برنامج الأمم المتحدة الأنمائي، إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة، 1997: على الموقع:

www.poger.org/publications/other/undp

  1. وزارة التخطيط ، خط الفقر: ملامح الفقر في العراق ، بغداد ، آذار/ 2009.
  2. هيئة التخطيط:" تقرير التنمية البشرية" في العراق لعام 2000" ، بغداد ، 2000.
  3. البنك الدولي والامم المتحدة ، التقديرات المشتركة لاعادة اعمار العراق / اكتوبر 2003.
  4. الامانة العامة لجامعة الدول العربية ، التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2010 ، القاهرة ،2011.
  5. وزارة التخطيط ، التقرير الوطني لحال التنمية البشرية في العراق لعام 2008.
  6. برنامج الامم المتحدة الأنمائي ، تقرير حول " أدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة ، نيويورك ، 1997 ، على الموقع الالكتروني:

www.poger.org/publications/other/undp/governance/undp

  1. وزارة التخطيط ، التقرير الوطني لحال التنمية البشرية في العراق لعام 2008 ، بغداد ، 2008.
  2. وزارة التخطيط والتعاون الأنمائي وبرنامج الامم المتحدة الأنمائي ، مسح الاحوال المعيشية في العراق 2004 .
  3. فريق أبحاث، ديناميكيات النزاع في العراق: تقييم إستراتيجي، معهد الدراسات الإستراتيجية، بغداد – أربيل، 2007.

البحوث والمقالات:

-د. إكرام عبد القادر بدر الدين، الاستقرار السياسي في مصر (1952 – 1970)، مجلة السياسة الدولية، مؤسسة الأهرام، القاهرة، العدد (69)، تموز (1982).

- علاء جلوب فهد ، بحث عن شبكة الحماية الاجتماعية ، وزارة المالية ، الدائرة الاقتصادية ،2007

- د.علي العنبوري ، الوضع الصحي في العراق في ضوء الاهداف الانمائية للالفية والنظام الصحي في العراق ، معهد الاصلاح الاقتصادي ، بغداد ، 2010 ،

http://www.iier.org/i/uploadedfiles/260610HealthStatusAliAlanbori3B.pdf

- د. كامل المرياتي ، الفكر التنموي ومقاييس التنمية البشرية، مؤسسة مدارك لدراسة آليات الرقي الفكري ،شبكة المعلومات الدولية (الترنت)على الموقع:www.madarik.net/mag2/10.htm

- د. كوثر عباس الربيعي، أموال العراق وسوء الإدارة الأميركية، أوراق دولية، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، العدد (142)، آذار، 2005.

- د. محمد كامل التابعي سليم، التنمية البشرية المستدامة، سلسلة قضايا ، القاهرة ، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد(20) ، أب 2006.

- د. مهدي الحافظ، التنمية المستدامة في ظل الصراع الدائر في العراق، جريدة الصباح ، على شبكة المعلومات الدولية الانترنيت. www.alsabaah.com

- د. مهدي محسن العلاق ، هدى هداوي محمد ، مؤشرات أحصائية عن الطفولة في العراق ، الجهاز المركزي للاحصاء، 2007 http://www.cosit.gov.iq/pdf/2011/Researchs_6.pdf

- وزارة المالية ، الدائرة الاقتصادية ، بحث عن شبكة الحماية الاجتماعية ، بغداد ، 2006.

المصادر الاجنبية:

  • Ernest A. Duff and John F. Mecamant with Waltrand Morales, Violence and Depression in Latin America, the free press, U.S.A, 1976.
  • International organization for migration, iraq displacement – 2007 year in review, 2008.
  • Kenneth F. Johnson, causal factors in Latin American political instability, In: Harry Kebschull, politics in transitional societies, Meredith Corporation, U.S. A, 1973.

Merrison, Donald, integration and instability, patterns of African political development, american political sciences review, No 3, September 1972.

 

 

[1]- د. موسى إبراهيم، السياسة الاقتصادية والدولة الحديثة، دار المنهل اللبني، بيروت، 1997، ص 13.

3- Merrison, Donald, integration and instability, patterns of African political development, american political sciences review, No 3, September 1972, p 206.

4- Ernest A. Duff and John F. Mecamant with Waltrand Morales, Violence and Depression in Latin America, the free press, U.S.A, 1976, p 17.

5- Kenneth F. Johnson, causal factors in Latin American political instability, In: Harry Kebschull, politics in transitional societies, Meredith Corporation, U.S. A, 1973, p 312.

6- Ibid, p 312

7- د. إكرام عبد القادر بدر الدين، الاستقرار السياسي في مصر (1952 – 1970)، مجلة السياسة الدولية، مؤسسة الأهرام، القاهرة، العدد (69)، تموز (1982)، ص 30.

8- فريق أبحاث، ديناميكيات النزاع في العراق: تقييم إستراتيجي، معهد الدراسات الإستراتيجية، بغداد – أربيل، 2007، ص 8.

9- محمد عبد العزيز عجمية وأيمان عطية ناصف ، التنمية الاقتصادية: دراسات نظرية وتطبيقية ، الاسكندرية ، الدار الجامعية ، 2003 ، ص71 .

10- أبراهيم العيسوي ، التنمية في عالم متغير ، القاهرة ، دار الشروق ، 2003 ، ص ص 17-18 .

11- مدحت كاظم القريشي ، التنمية الاقتصادية ، عمان ، دار وائل للنشر ، 2007 ، ص127 .

12- برنامج الامم المتحدة الأنمائي ، تقرير حول " أدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة ، نيويورك ، 1997 ، على الموقع الالكتروني: www.poger.org/publications/other/undp/governance/undppolicy

13- التنمية المستدامة والادارة المجتمعية: الادوار المستقبلية للحكومات المركزية والمحلية والقطاع الخاص والمجتمع المدني: اوراق عمل المؤتمر العربي للأدارة البيئية ، (تنظيم) المنظمة العربية للتنمية الادارية ، المنامة ، ص 68 .

14- نقلا عن رعد سامي عبد الرزاق، العولمة والتنمية البشرية المستدامة في الوطن العربي، أطروحة دكتوراه (منشورة)، كلية العلوم السياسية ،جامعة النهرين ، 2006، ص 32.

15- محمد كامل التابعي سليم، التنمية البشرية المستدامة، سلسلة قضايا ، القاهرة ، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، العدد(20) ، أب 2006، ص5.

16- د.كامل المرياتي ، الفكر التنموي ومقاييس التنمية البشرية، مؤسسة مدارك لدراسة آليات الرقي الفكري ،شبكة المعلومات الدولية (الترنت)على الموقع:www.madarik.net/mag2/10.htm

 

17- برنامج الأمم المتحدة الأنمائي، إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة، 1997: على الموقع: www.poger.org/publications/other/undp

18- المصدر نفسه ، ص 8.

[18] - يقدر معدل وفيات الرضع بالفرق بين معدل وفيات الاطفال ومعدل وفيات حديثي الولادة .

المصدر: وزارة التخطيط والتعاون الأنمائي وبرنامج الامم المتحدة الأنمائي ، مسح الاحوال المعيشية في العراق 2004 ، الجزء الثاني التقرير التحليلي ، بغداد ، ص51.

20- هيئة التخطيط:" تقرير التنمية البشرية" في العراق لعام 2000" ، بغداد ، ص 131.

21- وزارة المالية ، الدائرة الاقتصادية ، بحث عن شبكة الحماية الاجتماعية ، بغداد ، 2006 ، ص4 .

22- برنامج الامم المتحدة الأنمائي ، تقرير التنمية السية العربية 2002، ص ص 203-205.

23- وزارة التخطيط والتعاون الأنمائي وبرنامج الامم المتحدة الأنمائي ، مسح الاحوال المعيشية في العراق 2004 ، مصدر سبق ذكره ، ص 91.

24- علاء جلوب فهد ، بحث عن شبكة الحماية الاجتماعية ، وزارة المالية ، الدائرة الاقتصادية ،2007،ص 4.

25- وزارة التخطيط والتعاون الأنمائي وبرنامج الامم المتحدة الأنمائي ، مسح الاحوال المعيشية في العراق 2004 ، مصدر سبق ذكره ، ص 150 وما بعدها .

26- وزارة التخطيط ، التقرير الوطني لحال التنمية البشرية في العراق لعام 2008 ، بغداد ، ص 58.

27- د. علي العنبوري ، الوضع الصحي في العراق في ضوء الاهداف الانمائية للالفية والنظام الصحي في العراق ، معهد الاصلاح الاقتصادي ، بغداد ، 2010 ، ص10 http://www.iier.org/i/uploadedfiles/260610HealthStatusAliAlanbori3B.pdf:

[27] - المصدر: د. علي العنبوري ، الوضع الصحي في العراق في ضوء الاهداف الانمائية للألفية والنظام الصحي في العراق ، معهد الاصلاح الاقتصادي ، بغداد ، 2010 ، ص10. http://www.iier.org/i/uploadedfiles

29- د. مهدي محسن العلاق ، هدى هداوي محمد ، مؤشرات أحصائية عن الطفولة في العراق ، الجهاز المركزي للاحصاء، 2007 http://www.cosit.gov.iq/pdf/2011/Researchs_6.pdf

30- شبكة لاش الاعلامية http://www.lalishduhok.com/lalish/index.php?option.

31- وزارة التخطيط ، التقرير الوطني لحال التنمية البشرية في العراق لعام 2008 ، ص ص 62-63 .

32- للمزيد انظر الاحصائيات المنشورة على الموقع الالكتروني لوزارة التخطيط والتعاون الانمائي ، الجهاز المركزي للأحصاء .

33- الامانة العامة لجامعة الدول العربية ، التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2010 ، القاهرة ،2011 ص311.

34- وزارة التخطيط ، خط الفقر: ملامح الفقر في العراق ، بغداد ، آذار/ 2009 ، ص35 .

[34] - المصدر: البنك المركزي العراقي ، مؤشرات الاقتصاد العراقي، نشرة أحصائية ، بغداد ، 2010 .

36- التقديرات المشتركة لاعادة اعمار العراق / الامم المتحدة البنك الدولي / اكتوبر 2003.

37- علي عبد القادر ، الديمقراطية والتنمية في الدول العربية ، المعهد العربي للتخطيط – الكويت ، سلسلة الخبراء: (2) مايو 2008 . 93 .

38- التنمية المستدامة في العراق الحديث، مقال منشور على شبكة المعلومات الدولية الانترنيت: www.freebab.com/inp/category_view

39- د. مهدي الحافظ، التنمية المستدامة في ظل الصراع الدائر في العراق، جريدة الصباح ، على شبكة المعلومات الدولية الانترنيت. www.alsabaah.com

40- International organization for migration, iraq displacement – 2007 year in review, 2008, p 3.

41- كوثر عباس الربيعي، أموال العراق وسوء الإدارة الأميركية، أوراق دولية، مركز الدراسات الدولية، جامعة بغداد، العدد (142)، آذار، 2005، ص 1.