تصنیف البحث: الأدب العربي
من صفحة: 247
إلى صفحة: 268
النص الكامل للبحث: PDF icon 180424-170412.pdf
خلاصة البحث:

إنَّ هذه الدراسة تسعى لكشف ما نقله ابن هشام في كتابه مغني اللبيب عن كتب الأعاريب من النحو الكوفي دون تصريح،أو دون أية إشارة منه إلى ذلك. وإذا ما عُــدَّ هذا الكتاب في قائمة كتب أعاريب القرآن،وهو ما سعى إليه المؤلف،فلابد من الافادة من كتب الأعاريب الأخرى،منها:معاني القرآن للكسائي(ت189هـ)،ومعاني القرآن للفراء(ت207هـ)،ومعاني القرآن لثعلب(ت291هـ)،وغيرها من هذه الكتب. أي أنّها دراسة  سعت بجدِّية إلى كشف مواضع النحو الكوفي التي لم يُصَرِّح بها ابن هشام في كتابه المغني. وفي الوقت نفسه هي دراسة بينت إمكانية ابن هشام على مزج كلام  نحاة الكوفة بكلامه إلى الحد الذي  يصعب فيه التمييز بينهما،إلاّ بجهد شاق. فضلاً عن أنها دراسة جادة لتوثيق آراء الكوفيين التي تُمثل جزءاً من تراثنا الفكري، والتي أغنت الدرس النحوي، كي توضع كل لبنة في موقعها من الصرح،لئلا يلتبس الأمر، وتختلط  الأوراق، وتضيع الحــقوق.

بدأت الدراسة بمقدمة فيها بيان الأسباب والمسوغات التي دعت اليها، وتضمنت دراسة للنحو الكوفي  من حيث النشأة والأعلام والميزات، ثم تعريف بكتاب مغني اللبيب وبيان لمنهجيته التي اتبعها المؤلف فيه، وتعريف بمؤلفه ابن هشام الأنصاري،واعرض بعض ما قيل بحق المؤلف، ثم الدخول إلى متن الموضوع المتمثل بتحديد مواضع النحو الكوفي التي لم يُصَرِّح بها خاصةً، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

البحث:

المقدمة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين  وعلى من سار على نهجه وهداه إلى يوم الدين. أمَّـــا بعد:

فإن هذه الدراسة تسعى وبجدية إلى الكشف عن مواضع النحو الكوفي في كتاب مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام الأنصاري(ت 761هـ)،والتي لم يصرِّح بها ابن هشام في كتابه هذا خاصةً، فاقتصرت هذه الدراسة على مواضع النحو الكوفي التي لم يصرِّح بها حصراً، لأن المواضع التي يُصرح بها معلومة وواضحة من جانب، ومن الجانب الآخر قد تم تناولها بالدراسة.

ولأن كتاب مغني اللبيب عن كتب الأعاريب  كتاب تعليمي، وهذا بلسان مؤلفه، إذ ورد ذلك عبر مخاطبة مؤلفه طلبة العلم  وكذلك العلماء، فيقول: (( وخطابي به لمَن ابتدأ في تعلُّم الإعراب ولِــمَن استمسك منه بأوثق الأسباب ))، ولأنه من كتب أعاريب القرآن، ولأدوات، تأتي أهمية الكتاب، سعى الباحث الكشف عن التوجه النحوي لابن هشام من خلال تمسكه بآراء النحو الكوفي عن طريق التصريح عنها تارة، وعدم التصريح عنها تارةً أخرى، على أنَّ مهمة البحث تنحصر في محاولة الكشف عن مواضع النحو الكوفي التي لم يُصَرِّح بها ابن هشام في مغني اللبيب.

إنَّ مثل هذه الدراسة تتطلب العودة إلى مصادر النحو الكوفي – على قلَّتها – للإفادة منها في تحديد مواضع النحو الكوفي التي لم يُصرَّح بها في مغني اللبيب، وفي ضوء هذا فإن: كتاب معاني القرآن للكسائي (ت189هـ)، وكتاب معاني القرآن للفراّء(ت207هـ)، وكتاب معاني القرآن لثعلب (ت291هـ)، وكتب الخلاف النحوي مثل: الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين البصريين والكوفيين لكمال الدين أبي البركات الأنبا ري (ت 577هـ)،وكتاب التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين لأبي البقاء العُكبري (ت616هـ)،وكتاب ائتلاف النصرة في اختلاف نحاة الكوفة والبصرة لعبد اللطيف الزبيدي (ت802هـ)من المصادر القديمة التي تغني البحث كثيراً. أمَّــا المراجع الحديثة فهي كثيرة ومنها: مدرسة الكوفة ومنهجها في اللغة والنحو للدكتور مهدي المخزومي، وكتاب ظاهرة الشذوذ في النحو العربي للدكتور فتحي عبد الفتاح الدجني،والحروف العاملة في القرآن الكريم بين البلاغيين والنحويين للدكتور هادي عطية مطر،وغيرها من المراجع.

ولقد اقتضى البحث أن يكون على تمهيد يحتوي تعريفاً بالنحو الكوفي، وتعريفاً بكتاب مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، ثم متن البحث ويتضمن مواضع النحو الكوفي في المغني مما لم يصرح به ابن هشام. 

على أن الذي ينبغي الإشارة إليه  يتمثل في أن النحو الكوفي هو القسيم للنحو البصري،ومجتمـِعان يؤلفان النحو العربي، وهذا يجعل لكل منهما منهج ومصطلح وقواعد ينفرد فيها عن الآخر. والذي يلحظ على ابن هشام في كتابه مغني اللبيب عن كتب الأعاريب يتمثل في استعماله وبكثرة: وقيل، وقالوا، وقال غيرهم، ولقد اثبت البحث أن أغلب ما ذهب إليه ابن هشام من هذه الاستعمالات،كان قاصداً به الكوفيين  بدلالة وروده في كتبهم.

 وقبل الولوج في تحديد مواضع النحو الكوفي في كتاب مغني اللبيب عن كتب الأعاريب،والتي لم يصرِّح بها ابن هشام في كتابه المذكور،نرى من الأجمل التقديم للموضوع بتعريف للنحو الكوفي من حيث النشأة وأبرز علماؤه وأهم مؤلفاتهم،والتعريف بالكتاب– مدار البحث–ومؤلفه.

النحو الكوفي: النشأة والأعلام والميزات

عند الحديث عن نشأة هذا النحو،ينبغي التذكير بأن علماء الكوفة كانوا قد شُغلوا برواية الحديث والشعر، وتعليم القرآن الكريم ودراسة قراءاته، حتى أنه أنجبت الكوفة لوحدها ثلاثة من القرَّاء السبعة المشهورين،وهم (عاصم بن أبي النجود – والكسائي – و حمزة ).على أننا لا نغالي إذا ما قلنا أن علماء الكوفة  لم يفطنوا إلى علم النحو إلاّ بعد مئة عام. ويُعَدُّ الرواسي (ت194هـ)أول كوفي ألَّفَ في العربية، وكتابه(الفيصل)قد تم عرضه منه على الخليل بطلب منه فأطلع عليه حسب قوله ([1])، وإنّ كل ما في كتاب سيبويه من قول (قال الكوفي كذا)،فإنما يقصـــــد الرواسي([2]).

ويُعّدّ الكسائي(ت189هـ)مؤسساً لمدرسة الكوفة،وهو الذي أخذ عن الخليل (ت175هـ)،وقرأ كتــــــــاب سيبويه(ت180هـ )سرّاً،وتلمذ على عمّه معاذ بن مسلم الهراء(ت187هـ)واضــــــع علم الصرف،وأبو جــــــعفر الرواسي الذي عُدّ أول كوفي ألف في العربية.

ولكن مدرسة الكوفة لم تتبلور إلاّ بعد أن تخرّج على الكسائي كثيرون،صاروا فيما بعد علماء الكوفة ورواد مذهبها،إذ اتبعوا منهجاً جديداً، ووضعوا مسلكاً أخرفي تقعيد القواعد، ورسموا خططاً لهذا العلم، مما جعل مدرستهم تتميز عن مدرسة البصرة تميزاً ظاهراً ([3]).

 على أن مدرسة الكوفة انمازت بما يأتي:

1 -  توسعها في منهج السماع عن كل أعرابي ( في البادية أو في الحضر).

2 - توسعها في قبول الرواية، فكَثُر في نقولهم المنحول والمصنوع.

3 – أقامت قواعدها على ما متوافر بين أيديها من شواهد،و لا اعتبار للأكثر عندهم، إذ ما كان ضرورة أو شاذ في مدرسة البصرة، كان له قاعدة خاصة في مدرستهم، وهذا أدّى إلى كثرة القواعد عندهم وتشعبها.

4 – مع كثرة اعتمادهم على السماع، فقد كانوا أكثر استعمالاً للقياس من البصريين،لأن قياسهم كان على الكثير والقليل والنادر والشاذ.

5 – مدرسة الكوفة قدّمت السماع  - دائماً – على القياس المجرد ورد الشاهد،دون تَحَرٍّ في ثبوته، ثم القياس عليه وعلى الأصل.وتعَدُّ هذه أهم الميزات التي انمازت بها مدرسة الكوفة. 

 

مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام الأنصاري (ت761هـ)

إنّ الحقيقة التي لا يمكن إنكارها تتمثل في أن هذا الكتاب كتاب قيِّم ومشهور، إذ إنَّه كتاب حافل بالمسائل والشواهد والمناقشات وحكايات الخلاف بين المذاهب النحوية، وبين النحويين أنفسهم،فضلاً عن أنه رزقَ الشهرة لمؤلفه،فَكَثر الإقبال عليه،وحظي باهتمام بعد وفاة مؤلفه،فكثرت عليه الشروح والحواشي،وانتشر بشكل واسع،إذ يمكن القول إنَّه أصبح محفوظاً في دور الكتب في كل البلدان.

على أن الذي ينبغي أن يؤشر بشأن هذا الكتاب يتمثل  بانفراد مؤلفه بنسق استطاع أن يضم أشتاتاً كثيرة في نظام، وأن يجمع قواعد كلية تنطبق على ما لا يحصى من أجزاء وأنواع،وحشَّد له من الشواهد كثرة قَلَّ أن تجتمع في كتاب،وكانت له ملاحظ ومآخذ على كتب النحويين المشهورة،نعاها عليه واجتهد في اجتنابها في هذا الكتاب.يقول ابن هشام:...بل لأني وضعت الكتاب لمتعاطي التفسير والعربية جميعاً([4]).ولقد تفرد ابن هشام بطريق مَيِّزه بين النحويين،وكان كتابه على قسمين:

 القسم الأول: أداره على (الأدوات في اللغة العربية ) فبعد أن حصاها وحصرها (عاملة وغير عاملة )، قام بجمع كل ما استطاع من شواهدها أداة أداة، حتى إذا تم له جمع الشواهد على أداة ما، أمعن فيها وفي شواهدها ثم نسق معانيها المختلفة وأحكامها تبعاً لهذه المعاني، وتحقق من ذلك فائدتين، هما: نتاج مادة قيِّمة  غزيرة في النحو المؤسس على الشواهد الصحيحة،والوقوف على معاني مختلفة واستعمالات صحيحة للأدوات في اللغة العربية.

القسم الثاني: وكان مقسَّماً على ثمانية أبواب، وهي:

الأول:في تفسير المفردات(حروفاً وأفعالاً وأسماءً) وذكر أحكامها.

الثاني: في الجملة وأقسامها وأحكامها.

 الثالث: في شبه الجملة وأحكامها.

الرابع:في ذكر أحكام يكثر دورها.

الخامس: في ذكر الجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها.

السادس: في التحذير من أمور اشتهرت بين المعربين والصواب خلافها.

السابع: في كيفية الإعراب

الثامن: في ذكر أمور كلية يتخرج عليها ما لا ينحصر من الصور الجزئية.

والذي يمكن ملاحظته على منهج ابن هشام يتمثل في اعتماده على القرآن الكريم في استنباط معاني الحروف وأحكامها. ولكن هذا لا يعني خلو الكتاب من المآخذ عليه، بل يكفي القول أن هذه الدراسة قامت على واحدة من المآخذ على الكتاب التي تمثلت بــ(ما لم يصرِّح به ابن هشام من النحو الكوفي في كتابه مغني اللبيب).  أمَّــــا المؤلف، فكما ورد في ترجمته بمقدمة الكتاب، فهو الإمام  الذي فاق أقرانه،وشأَى مَن تقدمه، وأعيى مَن يأتي بعده،الذي لايُشّق غباره في سعة الاطلاع وحسن العبارة وجمال التعليل،أبو محمد عبد الله جمال الدين بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام، الأنصاري، المصري. ولد بالقاهرة في 708هـ، تلا على ابن السراج، وسمع على أبي حيَّان ديوان زُهير بن أبي سُلمى المُزني. وتفقه أول الأمر على مذهب الشافعي،ثم تحنبل فحفظ مختصر ألخرقي قبيل وفاته بخمس سنين. تخرَّج به جماعة من أهل مصر وغيرهم،وتصدَّر لنفع الطالبين،وانفرد بالفوائد الغريبة. قال عنه ابن خلدون([5]):((ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه)). وأعاد القول:((إنَّ ابن هشام على علم جم يشهد بعلو قدره في صناعة النحو،وكان ينحو في طريقته مَنحاة أهل  الموصل الذين اقتفوا أثر ابن جني واتّبعوا مصطلح تعليمه، فأتى من ذلك بشيء عجيب دال على قوة ملكته واطلاعه)).ولابن هشام مصنفات  كثيرة تدل على عقلية علمية لها وزنها، ولها مكانتها بين علماء العصر الذي عاش فيه.

مواضع النحو الكوفي التي لم يُصّرِّح بها ابن هشام في المغني:

بعد قراءة كتاب مغني اللبيب عن كتب الأعاريب بدقة متناهية،لوحظ أن ابن هشام يشير وبكثرة الى نقله عن الكوفيين، فمرة يشير الى النقل عن الكوفيين صراحةً، ومرة ينقل عن الفراّء، ومرة ينقل عن الكسائي، وأخرى ينقل عن ثعلب، وما أروع ذلك النقل الذي يعود بكل حق لصاحبه، لكن في الوقت نفسه نجد أن ابن هشام ينقل عن الكوفيين وبكثرة من دون الإشارة إلى ذلك، أي: أنه ينقل عن الكوفيين دون أن يُصّرِّح بذلك،وكان يكتفي بالقول: وقيل، وقد قالوا، وقالوا، وقال بعضهم.  ومن هنا كانت مهمة هذا البحث، إذ تبنى الكشف عن تلك المواضع،عبر إرجاعها إلى مصادرها،وذهب الباحث إلى عرض المواضع في ضوء ما وردت في المغني.

ففي باب تفسير المفردات وذكر أحكامها، قال ابن هشام([6]):((وقد قالوا في قوله تعالى﴿أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء ﴾الرعد33:إن التقدير:كـمن ليس كذلك، أو لم يُوحدُّوه،ويكون(وجعلوا لله شركاء )معطوفاً على الخبر على التقدير الثاني)).

والحقيقة أن هذا القول ذهب إليه الكوفيون،إذ قال ألكسائي([7]) في معانيه: التقدير: كــشركائهم. وقاله الفراء بقوله([8]) :((ترك جوابه ولم يقل: كـكذا  وكذا، لأن المعنى معلوم،وقد بيَّنه ما بعده،إذ قال﴿أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَجَعَلُواْ لِلّهِ شُرَكَاء﴾الرعد33،كأنه في المعنى قال:كـــشركائهم الذين اتخذوهم))ومثله قول الشاعر([9]):

         تَخَيَّري خُيِّرت أُم عالِ             بين قصير شيرُه تِنْبَالِ

        أذاكِ أم منخرقِ السربال           ولا يـــزال آخر الليالي

                             مُتلِفَ مال ومُفيدَ مال

       تخيَّري بين كذا  وبين مُنخَرق السربال: فلمَّا أن أتى به في الذكر كفى من اعادة الأعراب عليه.

وقال ابن هشام ([10]):((وقالوا: التقدير في قوله تعالى﴿أَفَمَن يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾الزمر24، أي: كمن يُنَعّم في الجنة،وفي قوله تعالى﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً﴾فاطر8، أي:كمن هداه الله،بدليل قوله تعالى﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾فاطر8، أو التقدير: ذهبت نفسُك عليهم حسرةً، بدليل قوله تعالى﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾فاطر8)).

وبعدالبحث وجد الباحث أن الكسائي هو الذي قال بهذا القول، وتابعه الفرّاء،قال الكسائي([11]):((قوله تعالى ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾ فاطر8: مَــن: في موضع رفع بالابتداء،وخبره محذوف لما دل عليه، والذي دلّ عليه﴿ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾،والمعنى: أفمن زُيِّنَ له سوء عمله  فرآه حسناً ذهبت نفسك عليهم حسرات،قال: وهذا كلام عربي حسن ظريف لا يعرفه إلاّ القليل )).وقال الفرَّاء([12]): ((وقوله ﴿أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً﴾ فاطر8،يقول: شَبَّه عليه عمله،فرأى سيّئه حسناً. ثم قال﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ﴾، فكان الجواب مُتبعاً بقوله﴿فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾ واكتفى باتباع الجواب بالكلمة الثانية لأنها كافية من جواب الأولى)). وقال الفراء([13]): (( ولو أخرج الجواب كله كان: أفمن زين له سوء عمله ذهبت نفسُك أو تذهب نفسُك،لأن قوله (فلا تذهب) نهي يدل على أن مانهى عنه  قد مضى في صدر الكلمة. ومثله في الكلام: إذا غضبتَ فلا تقتل، كأنّه كان يقتل على الغضب، فنُهي عن ذلك)).

ومما تقدم يتبين أن الكسائي والفرّاء هما مَن قالا بذلك التقدير،وهما أعمدة المدرسة الكوفية، ولما نقل ابن هشام،فإنه لم يصرِّح بأنه من النحو الكوفي.

وفي حديثه عن(إنْ)قال ابن هشام([14]):((وخرَّجَ جماعة على (أنْ) نافية في قوله تعالى﴿لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ ﴾الأنبياء17.

وعند العودة إلى كتب النحو، وجد الباحث أن هذا القول للكوفيين([15])، قال الفرّاء:((وقوله (إِن كُنَّا فَاعِلِينَ) جاء في التفسير:مـا كــنّا فاعلين،و(إنْ) قد تكون في معنى(ما)كقوله﴿إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ ﴾فاطر23،وقد تكون(إنْ) التي في مذهب جزاء فيكون:إنْ كنَّا فاعلين ولكنَّا لانفعل. وهو أشبه الوجهين بمذهب العربية والله أعلم)).

وفي سياق الحديث عن معاني(ما) قال ابن هشام ([16]):((وقوله تعالى﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ﴾ الأحقاف26،أي: في الذي ما مكناكم فيه، وقيل: بل هي في الآية بمعنى (قد)،وإنَّ من ذلك ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى ﴾الأعلى9، وقيل: في هذه الآية:إنّ التقدير(وإنْ لم تنفع)مثل﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾النحل81،أي: والبرد )).

على أن هذا القول للفراء،وتابعه ثعلب، قال الفرّاء([17]):(( وقوله تعالى﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ﴾الأحقاف26، يقول: في الذي لم تمكنكم فيه،و(إنْ) بمنزلة (ما)في الجحد. وقال:(( قوله تعالى﴿وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ﴾النحل81، أي: وتقي البرد،إذ ترك ذلك لأن معناه معلوم والله أعلم.وقال ثعلب ([18]): (( قوله تعالى﴿وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِن مَّكَّنَّاكُمْ فِيهِ﴾الأحقاف26، الفرّاء يقول: فيما لم تمكنكم فيه)).

وذهب ثعلب الى القول: (إنْ) بمعنى (قد)، وذلك في قوله تعالى ﴿فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى ﴾الأعلى9.ومما تقدم يتبين أن هذا قول للكوفيين،إذ قال به الفراء كثيراً.في معانيه،وقد تابعه ثعلب وقال به في أكثر من موضع من مجالســــه، ومعـانيه.

وفي الحديث عن وجود معان أخر لــ(أنْ)قال ابن هشام([19]):((من المعاني الأخر لـ(أنْ)هو النفي كــ(إنْ)المكسورة أيضاً،قاله بعضهم في قوله تعالى﴿وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى اللّهِ أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ﴾آل عمران73،وقيل إنّ المعنى:ولا تؤمنوا بأن يؤتى أحدٌ مثل ما أوتيتم من الكتاب إلاّ لمن تبع دينكم،وجملة القول اعتراض)).

والذي ينبغي الإشارة إليه بهذا الشأن يتمثل في أن ما قاله ابن هشام هو قول الفرَّاء،إذ قال الفراء ما نصّه ([20]):  ((وقوله: أَن يُؤْتَى أَحَدٌ مِّثْلَ مَا أُوتِيتُمْ،يقول:لا تصدِّقوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم.أوقعت (تؤمنوا) على (أن يؤتى )، كأنه قال: ولا تؤمنوا أن يعطى أحدٌ مثل ما أعطيتم، فهذا وجه )). أي أن الفراء قال: وصلحت (أحدٌ)لأن معنى (أنْ)معنى (لا).

وفي سياق حديثه عن الشأن نفسه،قال ابن هشام ([21]):((...والرابع من المعاني:(أنْ) تكون بمعنى(لئلا)،قيل به في ﴿يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ ﴾النساء176.على أن هذا القول ذكره ألكسائي في معانيه في قوله تعالى﴿يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ ﴾، فقال([22]):((المعنى: يبين الله لكم لئلا تضلِّوا)).وهو ما ذهب إليه الفراء،إذ قال([23]):((وقوله﴿يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ﴾، معناه: ألاّ تضلِّوا.ولذلك صلحت (لا)في موضع (أنْ).هذه محنة- امتحان-(أنْ)إذا صلحت في موضعها (لئلا)و(كيلا) صلحت (لا))).وقال الفراء في موضع آخر من معانيه ([24]):((وقوله﴿أَن تَقُولُواْ إِنَّمَا أُنزِلَ الْكِتَابُ ﴾الأنعام156: (أنْ) في موضع نصب من مكانين.أحدهما: أنزلناه لئلا تقولوا  إنّما أنزل.والآخر من قوله واتقوا أنْ تقولوا،(لا) يصلح في موضع (أنْ)هاهنا كقوله ﴿يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ﴾ النساء176 يصلح فيه (لا تضلون)كما قال: ﴿كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لا يؤمنون به ﴾الشعراء200 -201.   وذهب ابن هشام في سياق كلامه على لزوم الفاء في جواب(أمّا)إلى القول([25]):((فإن قلت:فقد حذفت في التنزيل في قوله تعالى﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾آل عمران106،قلت: الأصل: فيقال لهم أكفرتم، فحذف القول استغناء عنه بالمقول،فتبعه الفاء في الحذف)).

إلاّ أن الذي لا يمكن غض الطرف عنه،يتمثل في أن هذا ما قاله الفرّاء([26]): ((وقوله﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم﴾آل عمران106، يقال:(أمّـا) لابد لها من الفاء جواباً فأين هي؟ فيقال: إنّها كانت معقول مضمر،فلما سقط القول سقطت الفاء معه،والمعنى- والله أعلم-فأمّا الذين اسودت وجوههم فيقال:أكفرتم،فسقطت الفاء مع (فيقال).والقول قد يُضمر.ومنه في كتاب الله شيء كثير)).أي: أن (أما)لابد لها من أن تجاب بالفاء،ولكنها سقطت لما سقط الفعل الذي أضمر. وقد قاله الفراء في موضع آخر([27])،عندما ذهب إلى القول:...ومثل قوله﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم﴾ المعنى – والله أعلم- فيقال: أكفرتم.وأكّد الفراء ذلك ثالثةً([28]) بقوله: وقوله تعالى ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ ﴾الجاثية31 أضمر القول فيقال: أفلم، ومثله قوله﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم﴾ آل عمران106،معناه فيقال:أكفرتم،والله أعلم.وذلك أنّ (أمّـا)لابد لها من أن تجاب بالفاء، ولكنها سقطت لما سقط الفعل الذي اضمر.أي أن الفراء بحث عن الفاء في جواب (أمّا) في قوله تعالى﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم﴾وهو يبحث عن استواء القاعدة النحوية،ولذلك يقول:إنّ (أما)لابد لها من الفاء جواباً فأين هي ؟ فيقال: إنّها كانت مع قول مضمر، فلما سقط القول سقطت الفاء معه([29]). وعلى الرغم من كل هذا التأكيد في قول الفراء بشأن هذه المسألة،إلاّ أن ابن هشام لم يقل بأن هذا القول للكوفيين،بل لم يذكر ذلك أو يُصرِّح باسم الفراء.

وفي سياق كلام ابن هشام عن (أمّا) قال([30]): ((وقد يُترَك تكرارها استغناءً بذكر أحد القسمين عن الآخر،أو بكلام يُذكر بعدها في موضع ذلك القسم،فالأول نحو...والثاني نحو:﴿هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ﴾آل عمران7، أي: وأمَّا غيرهم فيؤمنون به،ويكلون معناه إلى ربهم، ويدل على ذلك﴿وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا ﴾آل عمران، أي:كلٌّ من المتشابه والمحكم من عند الله،والإيمان بهما واجب، وكأنه قيل: وأمّا الراسخون في العلم فيقولون، وهذه الآية في (أما المفتوحة) نظير قولك في (إما المكسورة):((إما أن تنطق بخير وإلاّ فاسكت)).وسيأتي ذلك،كذا ظهر لي،وعلى هذا فالوقف على ﴿إِلاَّ اللّهُ﴾،وهذا المعنى هو المشار إليه في آية البقرة السابقة فتأملّها)).

والذي يدقق النظر في هذا القول سيجد أن الكوفيين هم من قالوا به،إذ قال الكسائي ([31]):((وقوله تعالى ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا﴾آل عمران7: الراسخون مقطوع مما قبله والكلام تم عند قوله ﴿إِلاَّ اللّهُ

ولقد تابعه الفراء في ذلك القول بقوله([32]):((قال ﴿وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّه﴾ ثم استأنف(والراسخون) فرفعهم بـ(يقولون) لابإتباعهم إعراب الله.وفي قراءة أبيّ(ويقول الراسخون)، وفي قراءة عبد الله (إنْ تأويله إلاّ عند الله، والراسخون في العلم يقولون) )). وعندما قال: فرفعهم بـ (يقولون)،أي:مبتدأ وخبر،وقوله لابإتباعهم إعراب الله: أي: لا بالعطف على لفظ الجلالة.

وفي ضوء ما تقدم يتضح أن قول ابن هشام قد سبقه إليه الكوفيون – ألكسائي والفراء،وكان الأجدر به أن يشير إلى ذلك،لأن قواعد النحو الكوفي كما يرى الباحث لا يمكن عدّها من القواعد العامة التي لا تحتاج إلى توثيق أو معرفة صاحبه، بحجة أنها أشياء لا تنسب إلى شخص بعينه، وحتى لو سلمنا بهذا التسويغ، فهو لم يكن باباً لإلغاء التوثيق.

وفي باب الكلام عن معاني (أو) ذهب ابن هشام الى القول([33]): ((والثاني: الإبهام، نحو﴿ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ﴾سبأ2  الشاهد في الأولى.)).

غير أن الذي يقرأ كتاب الفراء يجد هذا القول فيه، قال الفراء([34]):((وقوله ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى﴾ قال المفسرون معناه: وإنّا لعلى هدى وأنتم في ضلال مبين، معنى (أو)معنى(الواو)عندكم،وكذلك هو في المعنى.غير أن العربية على غير ذلك:لا تكون(أو)بمنزلة (الواو).ولكنها تكون في الأمر المفوَّض،كما تقول:إنْ شئت فخذ درهماً أو اثنين،فله أن يأخذ واحداً أو اثنين،وليس له أن يأخذ ثلاثة.

وذكر ابن هشام  أن هناك معنى آخر لــ(أو) بقوله([35]): إنّ المعنى الثامن لها أن تكون بمعنى (إلاّ) في الاستثناء. والحقيقة أن هذا القول هو ما ذهب إليه الكوفيون،إذ قال الفراء ([36]): ((وقوله﴿أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ ﴾آل عمران73في معنى(حتى) وفي معنى (إلاّ) كما تقول في الكلام: تعلَّقْ به أبداً أو يعطيك حقك،فتصلح (حتى)و(إلاّ) في موضع آخر.وكان من الأولى بابن هشام أن يذكر أن هذا القول للكوفيين،إنْ لم يرغب بذكر الفراء،إلاّ أن ذلك لم يحدث.

وفي  حديث ابن هشام عن (إذا) وعملها، ذكر([37]) أنه: لا تعمل (إذا)الجزم إلاّ في ضرورة،كقوله:

 استغنِ ما أغناكَ رَبُّك بالغنى       وإذا تُصـــــــبْك خصاصةٌ فتجمَّلِ([38])

على اننا نجد الفراء يقول([39]):  من العــــــرب مَن يجزم بـ(إذا)، فيقول: إذا تقمْ أقمْ.

وعن خروج(إذا)عن الاستقبال،ذهب ابن هشام إلى القول([40]):((وذلك على وجهين:أحدهما أن تجيء للماضي كما تجيء (إذ) للمستقبل في قول بعضهم،وذلك كقوله تعالى﴿وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ ﴾التوبة92وقوله﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا﴾الجمعة11.

ولقد ذهب الكوفيون إلى ذلك القول،إذ نجد في كتاب معاني القرآن للفراء ([41]): ((وقوله﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُواْ فِي الأَرْضِ﴾آل عمران156.كان ينبغي في العربية أن يُقال: وقالوا لإخوانهم إذ ضربوا في الأرض، لأنه ماض،كما تقول: ضربتك إذ قمت ولا تقول: ضربتك إذا قُمت.وذلك جائز، والذي في كتاب الله عربي حسنٌ،لأن القول وإن كان ماضياً في اللفظ فهو في معنى الاستقبال، فأنت تقول للرجل: أحببْ مَن أحبك، وأحببْ كل رجل أحبك.فيكون الفعل ماضيا وهو يصلح للمستقبل.ومن ذلك أن يقول الجل للرجل: كنتَ صابراً إذا ضربتك،لأن المعنى: كنتَ كلما ضُربت تصبرْ.فإذا قلت: كنت صابراً إذ ضربت،فإنما أخبرت عن صبره في ضربٍ واحد.

وفي سياق حديث ابن هشام عن معاني الباء قال([42]): ((والمعنى السادس لها الظرفية نحو﴿وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾آل عمران123﴿ إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ ﴾القمر34 )).

على أن هذا القول ذهب إليه الفرّاء بقوله ([43]):((وقوله﴿وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ﴾التوبة25: الباء هاهنا بمنزلة(في)، كما تقول: ضاقت عليكم الأرض في رُحبها  وبرُحبها.

 وقال الفراء في موضع آخر من معانيه([44]): ((وقد وجدنا من العرب مَن يجعل (في) موضع الباء فيقول: أدخلك الله بالجنة، يريد: في الجنة.

ولقد ذكر ابن هشام  في معرض حديثه عن مفردات حرف الباء أن([45]): (بلى)حرف جواب أصلي الألف، وقال جماعة: الأصل (بلْ) والألف زائدة )). ولم يذكر أن أحداً قبله ذكر ذلك.

على أن الكسائي ذكر ذلك فقال ([46]): (( قوله تعالى﴿بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾البقرة81:الفرق بين (بلى)و(نعم) أن (بلى) إقرار بعد جحد، و(نعم)جواب استفهام بعد جحد)). وقد تابعه الفراء بالقول في ذلك المعنى،فقال([47]):((وُضِعَت(بلى) لكل إقرار في أوله جحد... فأرادوا أن يرجعوا عن الجحد ويقرّوا بما بعده فاختاروا (بلى)لأن أصلها  كان رجوعاً محضاً عن الجحد إذا قالوا: ما قال عبد الله بل زيدٌ، فكانت(بل) كلمة عطف ورجوع لا يصلح الوقوف عليها،فزادوا فيها ألفاً يصلح فيها الوقوف عليها،ويكون رجوعاً عن الجحد فقط،وإقرار بالفعل الذي بعد الجحد، فقالوا:(بلى)فدلت الألف على معنى الإقرار والإنعام،ودلّ لفظ (بل)على الرجوع عن الجحد فقط )).

 وفي حديث ابن هشام عن مفردات حرف الحاء، وعند الحديث عن(حتى)ذكر([48]): أن الفعل لا يرتفع بعد (حتى) إلاّ بثلاثة شروط، الثاني منها: أن يكون مُسَبَّباً عمّا قبلها، فلا يجوز القول: سرتُ حتى تطلع الشمس)).

وبعد قراءة في كتب النحو الكوفي،وجد الباحث أن الكسائي قال بذلك ([49])،وكذلك الفراء فهو الآخر قد قال([50]): (( و لحتى ثلاثة معانِ في يفعل،وثلاثة معان في الأسماء،فإذا رأيت قبلها فعلاً ماضيا وبعدها يفعل في معنى مضي  وليس ما قبل (حتى يفعل) يطول فارفع يفعل بعدها،كقولك:جئت حتى أكون معك قريباً.وكان أكثر النحويين ينصبون الفعل بعد (حتى) وإنْ كان ماضياً إذا كان لغير الأوّل،فيقولون:سرت حتى يدخلَها زيد، فزعم الكسائي أنه سمع العرب نقول:سرنا حتى تطلعُ الشمس بزُبالة،فرفع والفعل للشمس)).وذكر ذلك السيوطي،وغيره ([51]).

وتحدث ابن هشام في سياق كلامه عن(غير)بقوله([52]):((قوله تعالى﴿لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ﴾النساء95يقرأ برفع(غيرُ)،إمّا على أنه صفة لـ(قاعدون)لأنهم جنس،وإمّا على أنه استثناء وأُبدل)).

على أن هذا القول ذكره الفراء في كتابه([53])عند الحديث عن قوله تعالى﴿لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ﴾النساء95 فقال: يرفع (غير) لتكون كالنعت لـ(القاعدين)...وقد ذُكِرَ أن (غير)نزلت بعد أن ذكر فضل المجاهد على القاعد،فكان الوجه فيه الاستثناء والنصب،إلاّ أن اقتران (غير)بالقاعدين يكاد يُوجب الرفع،...وقد يكون نصباً على أنه حال...ولو قُرِئتْ خفضاً لكان وجهاً تُجعل من صفة المؤمنين)). وذكره العكبري في كتابه([54]).

 ولقد ذكر ذلك ثعلب بقوله([55]): ((وقوله تعالى﴿لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ﴾النساء95: يرفع (غير)نعتاً للقاعدين، وينصب على الاستثناء وعلى أنها حال ويخفض نعتاً من المؤمنين)).

وعند حديث ابن هشام في باب مفردات حرف الحاء،قال ([56]): ((قوله تعالى ﴿هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴾ ص57أن الخبر(حَمِيمٌ) وما بينهما معترض، أو (هذا) منصوب بمحذوف يُفسره(فَلْيَذُوقُوهُ) مثل﴿ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ البقرة40، وعلى هذا فحميم بتقدير: وهو حميم)).

والحقيقة أن الفراء هو من ذهب الى هذا القول في كتابه معاني القرآن،إذ يقول([57]): ((وقوله عز وجل﴿هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴾ص57: رفعت الحميم والغساق بـ(هذا) مقدما ومؤخراً. والمعنى  هذا حميم  وغساق فليذوقوه، وذكر أيضاً: ويكون (هذا) في موضع رفع، وموضع نصب، فمن نصب أضمر قبلها)).

لكن الذي ينبغي الإشارة إليه هنا هو إمكانية ابن هشام  في مزج كلامه بكلام غيره إلى الحد الذي يصعب الفصل بينهما، إلاّ عن طريق المراجعة الحرفية للألفاظ  والقيام بعملية مقارنة دقيقة بين النصوص،حتى يتبين المزج الذي يقصده ويسعى إليه.

وفي سياق كلام ابن هشام الأمور المشتركة بين(كم الخبرية)و(كم الاستفهامية)ذكر([58]):(( أما قول بعضهم في﴿أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنْ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لاَ يَرْجِعُونَ﴾يس31: أبدلت (أنّ) وصلتها من (كم) فمردود،بأن عامل  البدل هو عامل المبدل منه،فإن قُدِّرَ عامل المبدل منه  يَروا فَـــكم لها الصدر فلا يعمل فيها ما قبلها )).

 وهذا القول ذكره الفراء في معانيه،إذ قال([59]): ((...وقوله (أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ) فُتِحَت ألفها، لأن المعنى: ألم يروا أنهم أليه لايرجعون.وقد كسرها الحسن البصري،كأنه لم يوقع الرؤية على (كم)فلم يوقعها على (أنّ)،وإن شئت كسرتها على الاستئناف وجعلت (كم)منصوبة بوقوع(يروا)عليها)).

وعلى الرغم من أن ابن هشام لم يصرح بالنحو الكوفي، ففي الوقت نفسه نجده ينسب ما هو للكوفيين لغيرهم، ففي الحديث عن (كم)الخبرية و(كم)الاستفهامية،ينسب قول الفراء الى ابن عصفور([60])،ففي ردّه على ابن عصفور القائل: أن (كم) في قوله تعالى ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم﴾السجدة 26 فاعل، أنه قول مردود بأن (كم) لها الصدر، وإنما الفاعل ضمير اسم الله سبحانه، أو ضمير العلم أو الهدي المدلول عليه بالفعل،أو جملة (أهلكنا). والحقيقة أن القول بأن الفاعل في هذا النص القرآني هو......أو جملة(أهلكنا) هو رأي الفراء،عندما قال ([61]): (( وقوله ﴿أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ﴾ يبين لهم إذا نظروا﴿كَمْ أَهْلَكْنَا﴾ و(كم)في موضع نصب لا يكون غيره. ومثله في الكلام: أو لم يبين لك من يعمل خيراً يُجزَ به.فجملة الكلام فيها معنى رفع.ومثله أن تقول: قد تبين لي أقام عبد الله أم زيد،في الاستفهام، معنى رفع...)).

وبهذا فإن ما عزاه ابن هشام من قول الى ابن عصفور لم يكن كذلك، بل هو قول قال به الفراء.

وعندما كان ابن هشام يتحدث عن اللام المبيِّنة للفاعل قال([62]): (( واختلف في قوله تعالى ﴿أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ﴾المؤمنون35 -36، فقيل: اللام زائدة، و(ما)فاعل)).

ويرى الباحث أن ابن هشام لم يُنصف الكوفيين،إذ لم يشر اليهم،بل يكتفي بالقول: قيل، أو: قالوا.في حين أن  أصل القول للكوفيين. والرأي الذي ذكره ابن هشام بـ(قيل) أن: اللام زائدة، و(ما)فاعل،هو رأي الفراء ([63]) الذي قال به:((وقوله هيهات  هيهات  لما توعدون،لو لم تكن  في (ما)اللام كان صواباً، ودخول اللام عربي.ومثله في الكلام هيهات لك وهيهات أنت منّا، وهيهات لأرضك،قال الشاعر:

       فايهات  ايهات العقيق  ومَن به         وأيهات  وصل بالعقيق نواصله

فمَن  لم يدخل اللام رفع الاسم. ومعنى  هيهات  بعيد  كأنه قال: بعيد (ما توعدون) وبعيد العقيق وأهله. ومَن أدخل اللام قال (هيهات) أداة ليست بمأخوذة من فعل  بمنزلة  بعيد و قريب، فأُدخلت لها اللام  كما يُقال: (هلُّم لك) إذ لم تكن مأخوذة من فعل. فإذا قالوا: (أقبل)  لم يقولوا: (أقبل لك) لأنه يحتمل ضمير الاسم)).

وفي سياق كلام ابن هشام عن(لا) في باب حرف اللام،قال([64]): ((وأما قوله تعالى ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴾ البلد11:إنّ (لا) فيه مكررة في المعنى،لأن المعنى، فلا فكَّ رقبة ولا أطعم مسكيناً، لأن ذلك تفسير للعقبة،قاله الزمخشري)).

لكن الذي ينبغي قوله هو أن هذا القول حتى وإنْ كان للزمخشري، فهو من توجيه الفراء الذي قال ([65]):(( وقوله عز وجل﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ﴾ولم يُضَمَّ إلى قوله(فَلَا اقْتَحَمَ) كلام آخر فيه (لا)،لأن العرب لا تكاد تفرد (لا)في الكلام حتى يعيدها عليه في كلام آخر، كما قال عز وجل ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى ﴾القيامة31و﴿لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾يونس62 وهو مما كان في آخره معناه، فاكتفى بواحدة من أخرى.ألا ترى أنه فسَّر اقتحام العقبة بشيئين، فقال: فكّ رقبة،أو إطعام في يوم ذي مسبغة، ثم كان (من الذين آمنوا)ففسّرها بثلاثة أشياء، فكأنه كان في أول الكلام، فلا فعل ذا ولا ذا ولا ذا)).

و في سياق حديثه عن السياق نفسه قال ابن هشام([66]): (( الموضع الرابع:﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾الأنبياء95فقيل: لا زائدة، والمعنى: ممتنع على أهل قرية قدرنّا إهلاكهم أنهم يرجعون عن الكفر الى قبام الساعة، وعلى هذا  فـ(حرام) خبر مقدّم وجوباً لأن المخبر عنه (أنْ وصلتها).

إلاّ أننا وعبر متابعة كتب النحو الكوفي من الكسائي ثم الفراء وثعلب  وابن الأنباري،وجد الباحث أنهم  يتفقون بشأن هذه المسألة، فالكسائي يقول ([67]) ذلك في أكثر من موضع في معانيه،منها:((قوله تعالى﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾الأنعام109: إنَّ (لا)زائدة. وقال بذلك الفراء ([68]): ((وقوله﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ﴾الأعراف12، المعنى – والله أعلم – ما منعك أن تسجد، (أنْ) في هذا الموضع  تصحبها (لا)،وتكون (لا) صلة. كذلك تفعل  بما كان في أوَّله جحد. وقال الفراء في موضع آخر ([69]): ((...وقوله ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ﴾الحديد29 والعرب تجعل (لا) صلة في كل كلام دخل في آخره جحد، أو في أوله جحد غير مُصرّح،فهذا مما دخل أخره الجحد، فجعلت (لا)في أوله صلة،وأما الجحد السابق الذي لم يصرح به فقوله عز وجل ﴿قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ﴾ الأعراف12،وقوله﴿وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾الأنعام109،وقوله﴿وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ﴾الأنبياء95،وفي الحرام معنى الجحد والمنع،وفي قوله(وَمَا يُشْعِرُكُمْ) فلذلك جعلت (لا)بعده صلة معناها السقوط من الكلام.

وفي حديث ابن هشام عمّا يتعلق بجواب (لمّا) وأنه يكون فعلاً مضارعاً عند ابن عصفور مستشهداً بقوله تعالى﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴾هود74 قائلاً ([70]): (( إنّ الجواب (جاءته البشرى)على زيادة الواو، أو محذوف،أي: أقبل يجادلنا )).

وأن الحقيقة تشير إلى أن هذا القول قال به الفراء([71]):((وقوله﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ ﴾ ولم يقل: جادلنا.ومثله  في الكلام لا يأتي ألاّ بفعل ماض كقولك:(فلما أتاني أتيته).وقد يجوز(فلما أتاني أثب عليه )،كأنه قال: أقبلتُ أثب عليه)).

وعندما يبحث ابن هشام في (ما) الشرطية غير الزمانية  يقول([72]): (( وقد جوزت في﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ﴾النحل53، على أن الأصل: وما يكنْ، ثم حذف فعل الشرط)).

إلاّ أننا نجد ما ذهب إليه ابن هشام هنا، سبقه إليه الكوفيون، قال الفراء([73]):  (( وقوله ﴿وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ﴾: (ما) في معنى جزاء ولها فعل مضمر،كأنك قلت: ما يكن بكم من نعمة فمن الله،لإن الجزاء لابد  له من فعل مجزوم،إن ظهر فهو جزم،وإن لم يظهر فهو مضمر، كما قال الشاعر:

إنْ العقل في أموالنا  لا نضق به              ذراعاً – وإنْ صبراً فنعرف للصبر([74])

فإن الشاعر أراد(إنْ يكن)فأضمرها،ولو جعلت (ما بكم)في معنى(الذي)جاز وجعلت صلته (بكم) و (ما)  حينذٍ في موضع رفع بقوله(فَمِن الله)،وأدخل الفاء كما قال تبارك وتعالى ﴿قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ﴾الجمعة8،وكل اسم وصل،مثل (مَن وما والذي)فقد يجوز  دخول الفاء في خبره،لأنه مضارع للجزاء،والجزاء قد يجاب بالفاء.ولا يجوز(أخوك فهو قائم )،لأنه اسم غير موصول،وكذلك: ما لُكَ لي.فإن قلت: ما لك  جاز أن تقول: فهو لي، وإن ألقيت الفاء فصواب.وما ورد عليك فقسه على هذا. وكذلك النكرة الموصولة. تقول: رجل يقول الحق فهو أحبّ إلي من قائل الباطل،وإلقاء الفاء أجود في كلّه من دخـــولها )). وفي سياق حديث ابن هشام عن (ما) في الفصل  الذي عقده للتدريب،يقول ([75]):  (( والأرجح في ﴿لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ﴾يس6 أنها نافية،بدليل﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ ﴾سبأ44 وتحتمل الموصولة)).

وهذا القول للفراء،إذ يقول في معانيه([76]):((وقوله﴿لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ﴾يس6 يُقال: لتنذر قوماً لم يُنذر آباؤهم،أي:لم تنذرهم ولا أتاهم رسول قبلك.ويقال:لتنذرهم بما أُنذر آباؤهم، ثم تلقى الباء، فيكون (ما)في موضع نصب كما قال﴿فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ﴾فصلت13.

وعندما تحدث ابن هشام عن (ما) المصدرية،قال([77]): ((وقوله تعالى﴿ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ ﴾ يوسف80: (ما) إمّا زائدة، فـ (من)متعلقة بـ (فرطتم). وإما مصدرية، فقيل: موضعها  هي وصلتها رفع بالابتداء، وخبره (من قبل) )). وهو لحد الآن لم يشر الى الكوفيين.إلاّ أننا نجد أن الفراء هو الذي يقول ذلك([78]):      (( وقوله ﴿ قَالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُواْ أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُم مَّوْثِقاً مِّنَ اللّهِ وَمِن قَبْلُ مَا فَرَّطتُمْ فِي يُوسُفَ ﴾يوسف80: (ما)التي مع (فرطتم) في موضع رفع كأنه قال: ومن قبل هذا تفريطكم في يوسف.

وفي سياق حديث ابن هشام عن (واو الثمانية) قال([79]):((واستدلوا على ذلك بآيات،إحداها ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاء ظَاهِراً وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِم مِّنْهُمْ أَحَداً ﴾الكهف22، وقيل: هي ذلك لعطف جملة على جملة،إذ التقدير هم سبعة)).

إلاّ أن الذي ينبغي الإشارة إليه بشأن القول بهذا العطف هو ماجاء بقول الفراء([80]):(( وقوله ﴿ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ ﴾النساء171، أي  تقولوا: هم ثلاثة، كقوله تعالى ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾الكهف22 فكل ما رأيت  بعد القول مرفوعاً  ولا رافع  معه ففيه إضمار اسم رافع لذلك الاسم)).ومن هذا يُفهم أن العطف هو القائم وليس غيره.ويقول الفراء: فأما  قول الله تبارك وتعالى﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ....﴾ فهو رفع لأن قبله  ضمير أسمائهم،سيقولون: هم ثلاثة،وهم أربعة،و...،وقوله﴿ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ  انتهوا ﴾النساء171  رفعٌ، أي: قولوا الله واحدٌ،ولا تقولوا الآلهة ثلاثة. ويقول الفراء:...فأبن على ذا ما ورد عليك من المرفوع،قوله﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ....﴾ و(خمسةٌ)و(سبعةٌ) لايكون نصباً،لأنه إخبار  عنهم فيه أسماء مضمرة،كقولك: هم ثلاثةٌ، وهم خمسةٌ.

وفي حديث ابن هشام عن باب التعليق الذي هو الباب الثالث من أبواب وقوع الجملة مفعولاً به، قــــال ([81]): (( واختلف في قوله تعالى ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ﴾ آل عمران44، فقيل: التقدير ينظرون أيُّهم يكفل مريم، وقيل: يتعرفون، وقيل: يقولون، فالجملة على التقدير الأول مما نحن فيه، وعلى الثاني في موضع المفعول به المُسرَّح، أي: غير مقيَّد بالجار، وعلى الثالث ليست من باب التعليق البتة )).

والحقيقة أن هذه التقديرات قال بها الكوفيون،فالكسائي يقول([82]):((قوله تعالى﴿ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً ﴾مريم69:لننزعنّ  واقعة على المعنى كما تقول: لبستُ من الثياب وأكلتُ من الطعام  ولم يقع(لننزعنّ) على (أيّهم)فينصبها، ثم ابتدأ ( أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً). وذهب الفراء إلى القول ([83]):((وقول الله﴿ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيّاً ﴾مريم69: مَــنْ نصب  أيَّاً  أوقع عليها النزع وليس باستفهام، كأنه قال: ثم لنستخرجن  العاتي الذي هو أشدّ. وفيها وجهان من الرفع، أحدهما: أن تجعل الفعل مكتفياً بـــمَنْ في الوقوع عليها، كما تقول: قد قتلنا من كل قوم، وأصبنا من كل طعام،ثم تستأنف أيَّاً فترفعها بالذي بعدها،كما قال عز وجل﴿ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ﴾ الإسراء57، أي: ينظرون أيُّهم أقرب. ومثله ﴿يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ﴾ آل عمران44. وأما الوجه الآخر فإنّ قوله تعالى ﴿ثُمَّ لَنَنزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعَةٍ﴾: لننزعنّ من الذين تشايعوا على هذا، ينظرون بالتشايع أيُّهم أشَدُّ وأخبث، وأيُّهم أشدّ على الرحمن عتيا )). وقد ورد ذلك في شرح المفصَّل لابن يعيش([84])،وجاءفي كتاب ائتلاف النصرة في اختلاف نحاة الكوفة والبصرة([85]).

 وفي أثناء كلام ابن هشام على تعلق الظرف والجار والمجرور،قال ([86]): (( ومثال التعلق بالمحذوف﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً﴾الأعراف73 بتقدير: (وأرسلنا)ولم يتقدم ذكر الإرسال،ولكن ذِكرْ النبي والمرسل إليهم يدل على ذلك)).

وهذا ما ذهب إليه الفراء بقوله([87]):((...ومثله من غير (إذ)قول الله﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً﴾ وليس قبله شيءٌ تراه ناصباً لــ(صالح) فَعُلِمَ بذكر النبي(ص)والمرسل إليه أنّ فيه إضمار (أرسلنا) )). وفي موضع آخر قال الفراء: وقوله﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً﴾ منصوب بضمير (أرسلنا)، ولو رفع إذ فقد الفعل كان صواباً، كما قال﴿ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ﴾هود71، وقال أيضاً﴿فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا ﴾ فاطر27.وذكر الفراء ذلك في موضع آخر بقوله:(( وقوله﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً﴾ نصبت صالحاً وهوداً وما كان على هذا اللفظ بإضمار(أرسلنا).وفي موضع آخر ذكر الفراء:وقوله تعالى﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً﴾نَصَبَ بإضمار (أرسلنا).

وقال ابن هشام([88]):((وقال بعضهم في قوله تعالى﴿وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ﴾ الصافات7: إنّه عطف على معنى ﴿إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ ﴾الصافات6،وهو إنّا خلقنا الكواكب في السماء الدنيا زينة للسماء،كما قال تعالى ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾ الملك5 ويحتمل أن يكون مفعولاً لأجله، أو مفعولاً مطلقا،وعليهما فالعامل محذوف، أي: وحفظاً من كل شيطان زينَّاها بالكواكب، أو: وحفظناها حفظاً )).  إلاّ أن الذي ينبغي الإشارة إليه هنا، هو التذكير بأن هذا القول قال به الفراء ([89]): ((وقوله عز وجل﴿ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ﴾النحل8، ننصبها:ونجعلها زينةً على فعل مضمر،مثل﴿وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ﴾ أي: جعلناها.ولو لم يكن في  الزينة و لا في (وحفظاً)واو لنصبتها بالفعل الذي قبلها لا بالإضمار.ومثله (أعطيتُك درهما  ورغبةً في الأجر)،المعنى: أعطيتُكَه رغبةً، فلو ألقيت الواو لم تحتج إلى ضمير لأنه متصل بالفعل الذي قبله. على أن هذه الدراسة،يمكن وصفها بأنها محاولة للكشف عن مواضع النحو الكوفي التي لم يصرِّح بها ابن هشام في كتابه المذكور،وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه أجمعين الرسول الكريم وآل بيته الطيبين الطاهرين، ونرجو من الله أن نكون قد وفقنا إلى تحقيق ما سعى إليه البحث من كشف لتلك المواضع.

الخاتمة والنتائج

بعد أن مَـــنَّ الله تعالى علينا،ونحن ننتهي من محاولة الكشف عن مواضع النحو الكوفي التي لم يصرِّح بها ابن هشام الأنصاري(ت761هـ)في كتابه مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، يمكن القول أن ما توصل إليه الباحث ما يأتي:

1 - تبين من  البحث وبوضوح أنّ ابن هشام أخذ عن نحاة الكوفة،إلاّ أنه لم يُصّرِّح بالكثير  من ذلك بقصدٍ أو دون قصد، على أن مازال الناس حتى أيامنا هذه يرون أن النحوي إذا أخذ عن نحوي آخر بدون إشارة إليه،ارتكب أمراً لا يُحمد، بل يمكن عدَّه مأخذاً عليه، وفي ضوء ما تقدم  كانت هذه الدراسة.

2 – كشف البحث عمّا يتمتع  به  ابن هشام من امكانية  مزج كلام نحاة الكوفة  الذي لم يُصّرِّح به  بكلامه مزجاً يصعب فيه التمييز بينهما، إلاّ بالعودة الى عرض كتابه (المغني) عرضاً دقيقاً، ومقارنته بشكل تفصيلي مع الكتب الأخرى.

3 – في ضوء ما تقدم  يمكن القول: إنّه انفرد بهذه الإمكانية (مزج الأقوال)، وهذا جعله متميزاً، بل منفرداً بهذه الخاصية.

4 – تيقن البحث أن كتاب مغني اللبيب على ما فيه من فوائد جمة،فهو يخلو من المصادر،إذا ما تمت مقابلته بغيره من المصنفات النحوية.

5 – كشف البحث أن مواضع التصريح باسم مَــن ينقل عنه ابن هشام قليلة،في ضوء ما تم كشفه من المواضع التي لم يُصَرِّح بها، وهو بذلك يختلف عن غيره من النحويين الذين يُكثرون  في ذلك.

6 –عنى البحث بعرض أراء الكوفيين التي لم يصرح بها ابن هشام،عبر الوقوف المتأني على مصادر النحو الكوفي التي نُقلت عنها،وفي هذا توثيق لآراء الكوفيين. 

وختاماً أن هذه الدراسة ما هي إلاّ محاولة لوضع كل لَــبَنَة من الصرح في موضعها الذي ينبغي أن تكون فيه، لئلا يكون اللبس في الأمر،وتكون الفوضى في النقول.

روافد البحث

القرآن الكريم

- ائتلاف النصرة في اختلاف نحاة الكوفة والبصرة،تأليف عبد اللطيف بن أبي بكر الشرجي  الزبيدي(802هـ)،تحقيق: الدكتور طارق الجنابي، كلية التربية، جامعة الموصل،عالم الكتب،مطبعة النهضة العربية، ط1، 1407هـ 1987م.

- الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحويين: البصريين والكوفيين،أبو البركات عبد الرحمن الأنباري (ت577هـ)،تحقيق:محمد محيي الدين عبد الحميد،المكتبة التجارية الكبرى،مصر،ط4،1961م.

 - الأصمعيات، الأصمعي، عبد الملك بن قريب (ت216هـ)، تحقيق: أحمد محمد شاكر وعبد السلام محمد هارون،دار المعارف مصر 1964م. 

- أمالي الشجري، ضياء الدين أبي السعادات هبة الله بن علي بن حمزة العلوي (ت542هـ)، المعروف – ابن الشجري،طبعة بيروت.

 - المفضليات، المفضّل الضبِّي، تحقيق أحمد محمد شاكر وعبد السلام محمد هارون،دار المعارف مصر 1964م. 

- الاتجاه العقلي في التفسير،دراسة في قضية المجاز في القرآن عند المعتزلة،الدكتور نصر حامد أبو زيد،المركز الثقافي العربي، المغرب،ط7، 2011م.

- الأغاني،لأبي الفرج الأصفهاني،تحقيق:عبد الستار أحمد فراج،دار الثقافة، بيروت – لبنان  1959م.

- التبيين عن مذاهب اختلاف النحويين البصريين والكوفيين، تأليف: أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري (ت616هـ)، تحقيق ودراسة الدكتور عبد الرحمن بن سليمان العثيمين، الدار اللبنانية، بيروت، الطبعة الاولى 1433هـ - 2011م.

- الجني الداني في حروف المعاني،صنعةالحسن بن قاسم المرادي، تحقيق: الدكتورفخر الدين قباوة،والاستاذ محمد نديم فاضل، توزيع مكتبة عباس أحمد الباز،مكة المكرمة،دار الكتب العلمية،بيروت– لبنان،الطبعة الأولى 1413هـ -1992م.

- دراسة في النحو الكوفي من خلال معاني القرآن للفراء،الدكتور:المختارأحمد ديزة، دار قتيبة، دمشق، ط2، 2003م.

- شرح المفصّل للزمخشري(ت548هـ)،الشيخ موفق بن يعيش النحوي (ت643هـ)،قدّم له ووضع هوامشه:د أميل يعقوب،ط1 دار الكتب العلمية، 2001م

- شرح كتاب سيبويه،أبو سعيد السيرافي (ت368هـ)،تحقيق: أحمد حسن مهدلي وعلي سيد علي،دار الكتب العلمية،بيروت، ط1،2008م.

- شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح، تأليف جمال الدين بن مالك الأندلسي (ت672هـ)، تحقيق: الدكتور طه محسن، جمهورية العراق، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، إحياء التراث الإسلامي، 1405هـ - 1985م.

- ظاهرة الشذوذ في النحو العربي، تأليف الدكتور فتحي عبد الفتاح الدجني، الناشر: وكالة المطبوعات – شارع فهد السالم – الكويت،توزيع دارالقلم،بيروت – لبنان.

- مجالس ثعلب، تأليف ثعلب أبو العباس أحمد بن يحيى(ت291هـ)،تحقيق:عبد السلام محمد هارون، مطابع دار المعارف بمصر،القسم الأول 1960م – 1969م.

- مراتب النحويين، عبد الواحدبن علي أبو الطيب اللغوي (ت351هـ)،تحقيق: محمد أبو الفضل ابراهيم، المطبعة العصرية، صيدا  بيروت – لبنان.

- مشكل اعراب القرآن،مكي بن أبي طالب القيسي(437هـ)،تحقيق:الدكتور حاتم صالح الضامن، دار البشائر،دمشق،الطبعة الأولى،2003م. 

 - معاني القرآن، تأليف أبي زكريا يحيى بن زياد الفراء(ت207هـ)،الجزء الأول بتحقيق: أحمد يوسف نجاتي و محمد علي النجار،والجزء الثاني: بتحقيق ومراجعة الاستاذ محمد علي النجار،والجزء الثالث تحقيق:الدكتورعبد الفتاح اسماعيل،مراجعة الاستاذ علي النجدي،الهيئة المصرية العامة للكتاب،الطبعة الثانية1980 م.

 - معاني القرآن،لأبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب الكوفي(200-291هـ)،جمع وتحقيق: الدكتور شاكر سبع ألأسدي،مطبوعات مطبعة الناصرية التجارية، ط1،2010م

- معاني القرآن،لعلي بن حمزة الكسائي (ت189هـ)،أعاد بناءه وقدَّم له الدكتور عيسى شحاته عيسى، كلية الدراسات العربية، جامعة المنيا،دار قباء للطباعة والنشر والتوزيع، القاهرة، عبدة غريب 1998م.

- مغني اللبيب عن كتب الأعاريب، تأليف الامام أبي محمد عبد الله جمال الدين يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام الأنصاري، المصري (ت761هـ)، حققه وفصَّله وضبط غرائبه محمد محيي الدين عبد الحميد، 1423هـ -  2002م.

- من تاريخ النحو،تاريخ ونصوص،وفق منهاج شهادة فقه اللغة في الجامعة اللبنانية،سعيد الأفغاني، دار الفكر.

- موجز تاريخ النحو،الاستاذ توفيق بن عمر بلطه جي،دار الشيخ أمين كفتارو للطباعة والنشروالتوزيع،ط1، دمشق- الصالحية،جادةالرئيس،خلف مشفى الطلياني.

- همع الهوامع شرح جمع الجوامع،جلال الدين السيوطي(ت911هـ)تحقيق:عبد السلام محمد هارون والدكتور عبد العال سالم مكرم،دار البحوث العلمية،الكويت 1975م.

 

[1] - ينظر:من تاريخ النحو،تاريخ ونصوص: 41

[2] - ينظر: مراتب النحويين: 24

[3] - ينظر: موجز تاريخ النحو: 51 -52

[4] - مغني اللبيب عن كتب الأعاريب:2/ 724

[5] - م . ن: 1/6

[6] - م .ن: 1/14

[7] - ينظر: معاني القرآن للكسائي: 171

[8] - ينظر: معاني القرآن للفراء: 2/64

[9] - الأبيات  لأخرم بن مالك بن مطرف بن كعب، وقد ذكرها صاحب الأغاني:6/172،و:24/156

[10] - مغني اللبيب: 1/14

[11] - معاني القرآن للكسائي: 216

[12] - معاني القرآن للفراء: 2/366-367

[13] - م. ن: 2/367

[14] - مغني اللبيب: 1/23

[15] - معاني القرآن للفراء: 2/200،و: شرح السيرافي:5/110، و: مشكل إعراب القرآن:1/315،و: الجني الداني:229، و: الإنصاف في مسائل الخلاف:مسألة(24)

[16] - مغني اللبيب: 1/23

[17] - معاني القرآن للفراء: 3/56،و: 2/112

[18] - معاني القرآن لثعلب: 189، 229-230، و: مجالس ثعلب: 1/267

[19] - مغني اللبيب: 1/36

[20] - معاني القرآن للفراء: 1/223

[21] - مغني اللبيب: 1/36

[22] - معاني القرآن للكسائي: 120

[23] - معاني القرآن للفراء: 1/297

[24] - م.  ن: 366

[25] - مغني اللبيب: 1/56

[26] - معاني القرآن للفراء: 1/228-229،و:ينظر:شواهد التوضيح والتصحيح:194

[27] - م .ن: 2/119

[28] - م. ن:3/49

[29] - ينظر: الاتجاه العقلي في التفسير،دراسة في قضية المجاز: 105

[30] - مغني اللبيب: 1/57

[31] - معاني القرآن للكسائي: 96

[32] - معاني القرآن للفراء: 1/191

[33] - مغني اللبيب: 1/61-62

[34] - معاني القرآن للفراء: 2/362

[35] - مغني اللبيب: 1/96

[36] - معاني القرآن للفراء: 1/223

[37] - مغني اللبيب: 1/93

[38] - البيت لعبد قيس بن خفاف،ينظر: المفضليات:2/185،و: الأصمعيات: 269

[39] - معاني القرآن للفراء:3/158

[40] - مغني اللبيب: 1/95

[41] - معاني القرآن للفراء:1/243-244

[42] - مغني اللبيب:1/104

[43] - معاني القرآن للفراء: 1/430

[44] - م .ن: 2/70

[45] - مغني اللبيب:1/113

[46] - معاني القرآن للكسائي: 75

[47] - معاني القرآن للفراء: 1/ 52-53

[48] - مغني اللبيب: 1/126

[49] - معاني القرآن للكسائي:88

[50] - معاني القرآن للفراء:1/134

[51] - ينظر: همع الهوامع: 2/8

[52] -ينظر:ظاهرة الشذوذ في النحو العربي:290-291

[53] -معاني القرآن  للفراء: 1/283-284، و: 2/250

[54] -ينظر: التبيين عن مذاهب النحويين البصريين والكوفيين: 416

[55] -معاني القرآن لثعلب: 59

[56] -مغني اللبيب: 1/166

[57] -معاني القرآن للفراء: 2/410

[58] -مغني اللبيب: 1/184

[59] -معاني القرآن للفراء: 2/376

[60] -مغني اللبيب: 1/84

[61] -معاني القرآن للفراء: 2/195

[62] -مغني اللبيب: 1/222

[63] -معاني القرآن للفراء: 2/235

[64] -مغني اللبيب: 1/244

[65] -معاني القرآن للفراء: 3/264-265

[66] -مغني اللبيب: 1/252

[67] -(66)معاني القرآن للكسائي:135، 142

[68] -(67)معاني القرآن للفراء: 1/374

[69] -(68) م .ن:3/137-138

[70] -(69)مغني اللبيب: 1/281

[71] -(70)معاني القرآن للفراء: 2/23

[72] - مغني اللبيب: 1/302

[73] - معاني القرآن للفراء: 2/104

[74] - البيت  ورد في أمالي الشجري: 2/236،أراد بـ (العقل): الدِّية

[75] - مغني اللبيب: 1/315

[76] - معاني القرآن للفراء: 2/372

[77] - مغني اللبيب: 1/317

[78] - معاني القرآن للفراء: 2/53

[79] - مغني اللبيب: 2/364

[80] - معاني القرآن للفراء: 1/296، 38، 93

[81] - مغني اللبيب: 2/417

[82] - معاني القرآن للكسائي: 191، و:شرح السيرافي: 3/165

[83] - معاني القرآن للفراء: 1/47-48، و: الإنصاف في مسائل الخلاف: مسألة(102)

[84] - ينظر: شرح المفصَّل: 3/146،و: دراسة في النحو الكوفي:407

[85] - ينظر: لإئتلاف النصرة في اختلاف نحاة الكوفة والبصرة:67

[86] - مغني اللبيب: 2/436

[87] - معاني القرآن للفراء: 1/35، و: 2/19-20، و: 2/288

[88] - مغني اللبيب: 2/479

[89] - معاني القرآن للفراء: 2/97، و: 1/114