تصنیف البحث: الأدب العربي
من صفحة: 43
إلى صفحة: 58
النص الكامل للبحث: PDF icon 180424-124610.pdf
خلاصة البحث:

 يشكل حضور البطل في الشعر العراقي الحديث ظاهرة متميزة، وتبعاً لأسباب سياسية واجتماعية وثقافية تنوعت نماذج صورة البطل فظهر بطل قومي وآخر إنساني وثالث أسطوري، لكن هذه النماذج تشترك في خصائص متشابهة شكلت ما أسميناه بـ(البطل التموزي) الذي ظهر لنا انه يستمد كثيراً من ملامحه من شخصيات شهيرة بعضها أسطوري وبعضها تاريخي، مثل (أدونيس والسيد المسيح 7 والإمام الحسين7). ونجد في شعر يوسف الصائغ حضوراً واسعاً لظاهرة البطل التموزي، وسبب ذلك يرجع لمؤثرين : أولهما ثقافي عام، وثانيهما سايكولوجي خاص بالشاعر.

وقد تناول البحث بالدراسة سمات جديدة للبطل في شعر الصائغ أبرزها الاغتراب، وخلص الى تميز الشاعر في التأسيس لأنموذج بطولي واضح المعالم.

البحث:

تقديم

ليس المراد من مفهوم البطل الذي سيسعى هذا البحث للكشف عن بعض من ملامحه ما أصبح شائعاً في لغة النقد الحديث، من وصف للشخصية الرئيسية في النص الأدبي (بطل الرواية، بطل المسرحية)، وإنما المراد هو البطل بما يعنيه في وجدان أمة، أو شعب أو جماعة، من تجسيد لنموذج الإنسان الكامل، أو المخلص([1]).

ولعل مما يؤسف له حقا خلو المكتبة النقدية العربية من أية دراسة جادة، تضع نصب عينيها ضرورة الكشف عن صور البطولة التي يزخر بها الشعر العربي الحديث، وظل الموضوع بكراً، يمسه عرضا بعض الباحثين في تناولهم لموضوعات كقصيدة القناع والأسطورة، في حين يفترض بالنقد النموذجي أن لا يركز على الأسطورة لذاتها، وإنما بالقدر الذي ((يكتشف أنماطاً حضارية أساسية تتسم بالأسطورية، بحضورها المهم في حضارة معينة))([2]).

ولعل سعة الموضوع هي التي جعلت دارسي الأدب يتهيبون منه، فالأسئلة التي تطرح نفسها على من يتصدى له كثيرة ومتنوعة، وهي من قبيل: ما هي صور البطولة التي عرفها الشعر العربي الحديث؟ ما مصادرها؟ هل بقيت ثابتة أم تغيرت؟ ما أسباب التغيير؟ وهل يتأثر أنموذج البطولة بالتحولات التي تطرأ على مصادر المعرفة، ونمط الانتاج والاستهلاك والأوضاع السياسية والاجتماعية؟.

إن مقاربة هذا البحث لمفهوم البطولة في الشعر العراقي الحديث ستكون على مبحثين، يوقفنا الأول منهما على أسباب تشكل صورة ما أسميناه بـ(البطل التموزي) بالهيئة التي ظهر عليها، مع تبيان مرجعية تشكل ذلك الأنموذج البطولي، وتأثيرها في نتاج شعراء متباينين في الثقافة والتجربة والجيل، في حين سيركز المبحث الثاني على استجلاء صورة البطل التموزي في نتاج الشاعر (يوسف الصائغ) بتقص لكونها تشكل إحدى أهم معالم نتاجه الشعري، مما يجعل من شعره عينة مثالية لاختبار صدقية الطروحات التي يفترضها البحث في مبحثه الأول، تلي ذلك خاتمة بأهم النتائج .

المبحث الأول: البطل التموزي (أسباب الظاهرة ومرجعيات التشكل)

ليس في وسع هذه الوقفة تلمس بدايات تشكل صورة البطل، أو مراحل تطورها بالعرض والتحليل على نحو تفصيلي، لكن في مقدورها أن تثير العديد من الأسئلة التي ربما كان الانطلاق منها كفيلاً بوضع اليد على تصور عام لجذور صورة البطل، كما عرفها الشعر العراقي الحديث .

فهل يمكن سحب ما قاله شاعر مثل السيد حيدر الحلي في الإمامين الحسين بن علي والمهدي المنتظر  عليهما السلام  إلى خانة البحث في موضوع كهذا؟ أكان في ذهن شعراء كمعروف الرصافي و محمد مهدي الجواهري وعلي الشرقي أنموذج للبطولة وهم ينظمون قصائد رثاء في شخصيات وطنية كعبد المحسن السعدون ومحمد جعفر أبو التمن؟ وهل كان في وسع الشاعر التقليدي رسم ملامح خاصة لأنموذج بطولي فيما لو قصد ذلك وهو في الأساس يجنح لـ(عمومية الوصف) ويشكو من (ضعف الخيال) ([3]

ومهما يكن من أمر، فقد جاءت حركة الشعر الجديد (الحر) بعد نهاية حرب عالمية خلقت تأثيراتها مناخاً موضوعياً ملائماً للتجديد، فكان أن رحنا نشهد نضجاً في تجارب ممثليها على أصعدة عديدة، وبدأت صورة البطل بالتطور كما سنرى، لتكتسب فيما بعد عمقاً وسعة، وتشهد تنوعاً وغنى مدهشين حقاً، كل ذلك جعل منظرها (فسيفسائياً)، وأن كانت ملامحها واضحة، وبسمات تكاد أن تكون متشابهة إلى حد بعيد.

وهكذا، وللانتماء السياسي الملتزم يساري في الغالب لممثلي حركة الشعر الجديد، ولتنوع مصادرهم الثقافية، أصبح في الإمكان الحديث عن بطل (إيجابي ثوري) سيتلقفه منهم العديد من شعراء القصيدة الجديدة، ويشرعون بتنويع صوره، أو لنقل تفريعها، وفي الوسع مثلاً الإشارة إلى بطل تاريخي ديني (محمد، المسيح، يوسف، الحسين، أبي ذر الغفاري، الحسين بن منصور الحلاج ) وبطل تاريخي قومي (طارق بن زياد، خالد بن الوليد، صلاح الدين الأيوبي) وبطل ثالث أسطوري ( تموز، عوليس، بروميثيوس ) وبطل رابع انساني اذا صـح التعبير ( لوركا، جيفارا، تروتسكي، لولومبا )، وقد لا نعدم العثور على بطل من عامة الناس، هو الشاعر في أحيان كثيرة كما سيرى البحث.

إن هذا التقسيم هو تصنيف أولي لتقديم تصور عن الموضوع، والا فأن تلك الصور تتداخل في القصيدة الجديدة تداخلاً كبيراً، إلى الحد الذي يجعل من ( لوركا ) مثلاً بطلاً اسطورياً، في حين يغدو (الحلاج) بطلاً انسانياً.

ومن دون شك فأن نسب النجاح في الوصول إلى صيغة مثلى، تعالج فيها صيرورة البطل وعلاقته بالأمة، وفق فهم منفتح، مع سمو في الأداة الفنية بقيت متفاوتة بين شاعر وآخر، كل بحسب موهبته ورؤيته.

وحتى مع الشعر الجديد، كان علينا ان ننتظر مرور حقبة طويلة حتى تنضج الملامح الجديدة لصور البطولة، لتستقر على ما استقرت عليه على يد السياب والبياتي، ([4]) في حين تخلفت نازك الملائكة عن الريادة في هذا الجانب لعدم صلتها المباشرة بالأحزاب السياسية([5]).

وبسبب انتماء بعض هؤلاء الرواد إلى احزاب سياسية قارعت النظام الملكي في العراق، وظلت تبشر بالنضال والاستشهاد من أجل الخلاص، ولانفتاحهم على نمط جديد من المؤثرات الثقافية التي تركت بصمتها على نتاجهم كما سنرى، وجد هؤلاء الرواد في اسطورة تموز ضالتهم المنشودة، ليشيروا بها إلى وجود فسحة واسعة من الآمال بنهضة العرب من رقدتهم الطويلة، مثلما ينهض إله الخصب ( تموز ) ([6]) من موته في فصل الربيع من كل عام. تموز الذي هو روح النبات (الكروم والحنطة ) البطل المأساوي الذي يدفع حياته ثمناً لخلاص ( عشتار ) حبيبته التي ستغدو رمزاً للوطن في كثير من القصائد الجديدة. ولعل شهرة هذا الجانب في نتاج الرواد تغنينا عن التوسع الا بالقدر الذي يمكن أن يشكل اضافة.

لقد كان لجهود علماء (الانثروبولوجيا) وعلم النفس الفضل الكبير في توجيه الأنظار نحو ما يمكن عده عنصراً جوهرياً ثابتاً في تصورات النفس الإنسانية، عن كل ما يتصل بالكون والحياة، نخص بالذكر هنا جهود عالم النفس الشهير (كارل غوستاف يونغ) فيما سماه بالنماذج الأصلية والصور البدائية العليا([7])، وهي عنده (أشكال رمزية متساوية موجودة على نطاق كوني في الحياة النفسية للإنسان، متجسدة باللاوعي الجمعي الذي تشترك به ذات الفرد بصورة لا إرادية) ([8]).

ولكي نتوغل في صلب الموضوع من المفيد الاستعانة بنص للدكتور شكري عياد الذي يذهب إلى أن الشكل القديم للبطولة ما يزال قائماً (الحياة التي تنبعث من الموت، البطل الذي يموت ليبعث في عالم أرحب، المجتمع الذي يتخلص من بطله الفاني ليجدد حياته روح الخير التي تمزق أو تدفن لتظل حية تؤتي ثمارها الطيبة، ولكن في داخل هذا الشكل المستقر المحافظ، كان المضمون يثور ويتجدد) ([9]).

إن نص الدكتور شكري عياد يفيدنا في الحديث عن البطل ذي الملامح التموزية بالمعنى الواسع لصورة تموز، فقد رأت الناقدة ريتا عوض أن شخصيات بطولية تحضر في القصيدة العربية الجديدة بملامح تموزية، كالمسيح والحسين والخضر([10]).

وسنكتفي هنا بذكر أوجه الشبه بين الأنموذج البطولي في شخصيتي المسيح والحسين بن علي (ع) وشخصية تموز، لما لذلك من انعكاس مباشر على موضوع البحث، كما سيظهر في المبحث الثاني، موجزين أوجه الشبه بنقاط:

  1. بطل نبيل يتمتع بسمو الأصل: ((تموز إله، المسيح نبي ولد بمعجزة من دون أب "روح الله" والحسين حفيد لآخر الأنبياء "ص" )) .
  2. البطل يتحسس الآم الناس، رافضاً هيمنة قوى الشر التي تستلب ذواتهم، محرضاً إياهم على الثورة .
  3. البطل يختار المواجهة حتى آخر الشوط، مهما كانت العواقب([11]).
  4. شخصية مقربة من البطل تقوم بخيانته: ((عشتار تضحي بتموز ثمناً لخروجها من العالم الأسفل، يهوذا يغدر بنبيه المسيح، أهل العراق يتنصلون عن وعودهم بنصرة الحسين ساعة المعركة)) .
  5. عذابات هائلة يواجهها البطل قبيل استشهاده بنبل وشمم: ((ما لقيه تموز على يد الـ(كالا) في العالم السفلي([12])، تسمير المسيح على الصليب، العطش الشديد والقتل الجماعي المرعب للحسين وأهل بيته "ع" )) .
  6. حزن جماعي يعقب موت البطل: كان يجري تشخيص لوقائع استشهاد هؤلاء الأبطال، تصاحبه مناحات، وإيذاء للنفس أحياناً، عند السومريين والمسيحيين والمسلمين الشيعة([13])
  7. عودة البطل إلى الحياة مرة ثانية : ((بعث تموز مع كل موسم ربيع، قيامة المسيح من قبره، الحسين "ع" شهيد "سيد الشهداء" والشهداء أحياء في المفهوم الإسلامي )) ([14])

      وتأسيساً على ما تقدم، فقد جانب الدكتور إحسان عباس الصواب حين وصف بدر شاكر السياب بأن فيه (نزعة مراضاة) للآخرين، و(تلوناً) فيما يمس صميم الفكر والعقيدة([15])، لأنه وجد الشاعر عند اتصاله بمجلة (شعر) قد راح يقترب من رمز السيد المسيح، بعد أن كان يتلمس رمز تموز، إننا هنا لا نناقش أصل الاتهام، فتلك قضية أخرى خارج نطاق هذا الموضوع، وإنما نسعى لتقييم الدليل الذي قدمه، لأن له مساساً بجوهر بحثنا.

إن الدكتور إحسان عباس يدرك من دون شك أن شخصية السيد المسيح كما استقرت فيما بعد، قد أخذت كثيراً من ملامحها العامة من أسطورة تموز، إذ مارست التأثيرات التموزية سطوتها على شعوب الشرق الأدنى، وعلى دياناتها اليهودية والمسيحية والصابئية([16])، هذا إذا تركنا جانباً وقوفه على التجارب العالمية التي تركت آثاراً واضحة في شعر السياب، نخص بالذكر تأثيرات كل من (أيديث ستويل) و(إليوت) اللذين (تتردد في قصائدهما فكرة التضحية مقترنة بالأساطير، وبالصور المسيحية ) ([17]).

ولا يتبقى أدنى شك في تهافت الدليل الذي ساقه الدكتور إحسان عباس، إذا علمنا أن السياب سبق له أن تعرف على (الأرض اليباب) قصيدة إليوت الشهيرة منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي([18])، وقد أصبح واضحاً للجميع أنها قصيدة ((تدور حول أسطورة الموت القرباني، التي اكتشفها إليوت في الطقوس القديمة)) ([19])، أو بعبارة أدق تعرف عليها بوساطة كتاب أثر في جيله تأثيراً عميقاً كما يعترف إليوت نفسه ([20])، وذلك هو كتاب الغصن الذهبي.

وفضلاً عن كل ما تقدم فإن كتاب الغصن الذهبي الذي قدم جبرا إبراهيم جبرا ترجمة عن الانكليزية للجزء الخاص منه بأسطورة تموز لم يكن بعيداً عن الشعراء في العراق، ومنهم السياب تحديداً منذ مطلع خمسينيات القرن الماضي ([21])، كما أن ثمة إشارات تدلل على معرفتهم بأسطورة تموز قبل قدوم جبرا ابراهيم جبرا للعراق عام 1948، إذ كانت هناك جهود لباحثين تناولوها بالعرض والتحليل منذ فترة مبكرة تسبق بمدة طويلة ([22])، مجلة (شعر) اللبنانية التي لم تبصر النور إلا عام 1957 كما هو معلوم.  

إن مقاربة نقدية لانعكاس صور البطولة في الشعر الحديث ستضيء جوانب منه ظلت مهملة، أو لم تنل في أحسن الأحوال نصيباً من الدرس، ففي ظل المتابعة الحرفية لاستعمالات الأسطورة عند غير واحد من الدارسين، ضاعت روح الشعر، وغيب مضمون الأسطورة، فقصيدة كقصيدة (المناضل المجهول) للشاعر بلند الحيدري لن تقع بالتأكيد ضمن دائرة اهتمام متتبعي الأسطورة، ما دام الشاعر لم يشر الى أسطورة بعينها، مع أن النظرة الفاحصة تكشف لنا عن استفادته من أجواء الأسطورة، وتمثله لها تمثلاً حياً فاعلاً، بتقديمه لنا أنموذجاً بطولياً فذاً عن المناضل المجهول (لاحظ دلالة العنوان)، بطل يمر من أمامنا وهو جريح يعاني آلاماً عظيمة، لكن جراحه هي التي ستفجر الأرض بالسنا (للناس ـ للدنيا، لنا) فقد أينعت بموته (الثمار والكروم) وأنساب النور في القرية ([23])، ولنتذكر هنا ارتباط تموز بالخصب والربيع، أنها صورة رائعة لبطل جديد، تموزي الملامح، لكنه بسيط ومألوف، يكاد يكون جندياً مجهولاً، ولذلك ظل اسمه لغزاً في القصيدة .

إن حضور بطل بهذا النوع يمكن تأشيره بالملامح نفسها في نصوص شعرية كثيرة، حتى في حقب لاحقة لمرحلة الريادة، وفي نتاج شعراء مختلفين عن بعضهم في العمر والثقافة والموهبة والتوجهات، ففي قصيدة (ثامن أيام الأسبوع) يتجلى البطل نبياً مغترباً ([24]) عند عمران القيسي، والبلاد تنتظر من يموت كي يعود ليجدد الحياة، ثم يستشهد من جديد، فتفقأ العيون في انتظار ظهوره مرة أخرى ([25])، أنه الفارس ذاته عند عيسى حسن الياسري في قصيدة (مملكة الفقراء)، فهو يأتينا حاملاً جرحاً وكتاباً، وله صوت كأحزان الوطن ([26])، ويعود للظهور من جديد عند الشاعر في نص آخر، وهو يتحدث بعد موته عن كونه (الشهيد الوحيد الذي وضعت رأسه فوق سارية الصلب) لكن الأرض عامرة، وعودته للحياة وشيكة ([27]).

ويظهر البطل في قصيدة (الواقعة) لخالد علي مصطفى محملاً بالدم والدفء وهو ياتينا قبل بداية الشتاء، وكل اصبع منه يرشح نهراً يسقي الأرض، أنه عريس تنتظره عروسه، وإذا كان قد غادرنا فلا شك أنه سيعود في العام القادم ([28])، أنه (مسيح المسلمين) كما يسميه كاظم الحجاج في قصيدة (أصوات حول صليب الحلاج) وهاهو يعدنا بانه لن نموت، بل سيبقى حياً على صليبه ([29]).

ومن جديد يأتي البطل المنتظر شلالاً يغني عطش الصحراء، وسيضحي، لتظل الأصوات تناديه مترقبة ظهوره الجديد (آه لو يأتي حبيبي) كما في قصيدة الفارس القتيل (لاحظ دلالة العنوان) لكامل العامري ([30])، ولا بأس من تقديم مقتطفات من قصيدة (مرج الدم) للشاعر نبيل ياسين، من دون حاجة للتعليق عليها:

الفارس الآتي

يا ريح ردِّيه

للوطن العاني

رايته يلبس من جراحه عمامة

وكان صدره المدمى مزرعة

وكانت الدموع في عيونه قمحاً، وكان هدبه سنابلاً

أتى إلى حارتنا

يلفها فتستحيل من تدفق الدماء

أرضاً تطال نطفة الخصب ([31]

وغالباً ما يتماهى البطل التموزي مع الإمام الحسين "ع" في نتاج العديد من الشعراء، كما في مجموعة (لم يأتِ أمس سأقابله الليلة) لمحمد علي الخفاجي، و(الخيمة الثانية) لعبد الرزاق عبد الواحد، و(البصرة حيفا) لخالد علي مصطفى، فضلاً عن شعراء آخرين.

ومما هو جدير بالذكر أن حضور صورة البطل التموزي تلك، لم تكن تقتصر على النصوص الشعرية، بل تغلغلت في نصوص المسرح الشعري العربي الجديد، ومنها المسرحيات الشعرية العراقية، آخذة صورة الحسين أحياناً، مثلما هو الحال في مسرحية (ثانية يجيء الحسين) (لاحظ دلالة العنوان ) لمحمد علي الخفاجي، ومسرحية (الحر الرياحي) لعبد الرزاق عبد الواحد التي تلعب فيها شخصيتا الحسين والمسيح دوراً مهماً ([32]).

المبحث الثاني: البطل التموزي في شعر يوسف الصائغ

تتجلى تجربة يوسف الصائغ الخصبة فيما ابدعه شعراً ونثراً، وتنهل ثقافته المعمقة من معين الأديان والأساطير والتراث الشعبي، مما يحتم على دارس نتاجه أن يمتلك تصورات كافية عن تلك المصادر المعرفية المتنوعة، ولعل فيما سجله الشاعر عن حياته خير وسيلة تسهم في كشف كثير من معالم نتاجه.

يقرر الصائغ في سيرته الذاتية وقوعه وهو طفل تحت تأثير الخوف من سطوة الموت من جانب، والإعجاب بسحر البطولة من جانب آخر، لقد بقيت صورة القبر المفتوح ويد حفار القبور محفورة في ذهنه، وهو ما كان قد شاهده في فترة طفولته، كما ترك موت والده أيامها، ورحيل عمته الساكنة معهم في الدار ذاتها قلقاً مرعباً في نفسيته، يقول عنه: إن ذلك أعطاني (الخوف مبكراً من أن أفقد الذين أحبهم فصار موتهم الموشك هماً ملحاً )([33]).

غير أن الشاعر يعثر في الحقبة ذاتها على ميتة تقهر مجانية الموت، هكذا هداه خياله وهو يقلب في صندوق تركة العائلة، إذ يجد وصية جده الراحل، التي يقول عنها أنها كانت (تستدر في ذهني معنى الموت الرجولي الذي يواجهه أناس مثل جدي) ([34]).

إن صور الفداء والموت البطولي كانت لصيقة بالشاعر، فهو مولود لعائلة دينية مسيحية، تتعايش يومياً مع صورة السيد المسيح (الشهيد الحي)، كما استهوته صور بطولات القديسين، تلك التي كانت تزين البيوت والكنائس العديدة في الموصل، فهذا (مارجرجس) يطعن التنين برمحه من فوق صهوة جواد أبيض، وذاك قديس يواصل صلاته بخشوع مذهل، غير عابئ بخناجر اللصوص من خلفه، ومن خلال صندوق الموتى الأحياء ذاته، عرف ما كانت عائلته تبقيه سراً، قصة رحيل عمه الشاب (عبد الأحد)، إذ يقف على قصاصات جرائد تصفه بشهيد الكرامة والمروءة، الذي ألقى بنفسه في نهر دجلة، ليهب الحياة لطفلين شارفا على الغرق، وينجح في مسعاه فعلاً، لكن بعد أن تكون حياته هي الثمن، يقول الصائغ: ((أما أنا فتعلق في ذهني كلمة "شهيد" ([35])، وعلى غير إرادة مني أتمثل صورة الراهب المعلقة، وقد تجمع حوله قطاع الطرق، يقتلونه بخناجرهم وهو يصلي، صار في ذهني الآن شهيدان، ذلك الراهب العجيب، وعمي الذي كان أصغر أخوته، فأي المصيرين اختار ؟)) ([36]).

على إن حدثاً كبيراً سيغير حياة الشاعر، وإلى الأبد، وهو موت زوجته بطريقة مأساوية، مما ترك آثاراً حادة في نفسية الشاعر وفي نتاجه الأدبي اللاحق. هنا يكمن في تصورنا مفتاح فهم قصائد يوسف الصائغ الطويلة، ذات النفس الدرامي، والتي يؤسس فيها جميعاً لأنموذج بطولي ذي ملامح تموزية أصيلة، كما في ((اعترافات مالك بن الريب ورياح بني مازن وانتظريني عند تخوم البحر وسفر الرؤيا وخواطر بطل عادي جداً)) إن هذه القصائد هي من أروع ما أبدعه الصائغ، التي يلحظ منها إطلالة الموت بوجهه البشع ([37])  ثمة رحى موت جماعي لا تكف عن الدوران، ودائماً ما نجد قطبين متصارعين أحدهما له صورة (بيلاطس) سواء أكان فرداً أم مؤسسة، والآخر له وجه البطل المخلص المنتظر الذي لا بد أن يجيء:

سيأتي تقول النبوءة في ساعة،

سيأتي ضحىً، تلتقون به

سيأتي سيأتي تقول المخاوف في غفلةٍ،

فاسمعوه، أكاد أحس على منكبيّ

دبيب الخطى([38]).

ولا نجد ما يشير إلى انحلال زوايا المثلث الذهبي (تموز، المسيح، الحسين) التي تقدمت الإشارة إلى أنها تشكل أهم مرجعيات صورة البطل في الشعر الجديد، وإن ظهر البطل أحياناً عند الصائغ إنساناً غير خارق، كما في قصيدته خواطر بطل عادي جداً، فالبطل فيها فدائي فلسطيني يخوض معركة، وعبر اشارات إلى أمكنة بعينها (مخيم الوحدات، الحسين) ([39])، نعرف أن معركة الفدائي هي مع أبناء جلدته هذه المرة، وليس مع عدو خارجي، وفي (اعترافات مالك بن الريب)، كما في (رياح بني مازن)، و(انتظريني عند تخوم البحر) تقوم ذات الشاعر بتجسيد الأنموذج البطولي، الشاعر بمعناه العام، بما هو صوت انساني صاحب رؤية وضمير حي وعقل متفاعل مع روح الزمن، وهكذا اختفت ذات الشاعر بهذا المفهوم خلف قناع تاريخي في اعترافات مالك بن الريب في حين ظهرت في انتظريني عند تخوم البحر، إذ كان بطلها شاعراً أيضاً يحاول التماهي مع مالك بن الريب وبدر شاكر السياب، ربما لأن هذين الشاعرين جسدا خير تجسيد التوترات النفسية التي تدفع بنا للتشبث بالحياة كما هو معروف، فلماذا لا يكون الشاعر بطلاً إذاً ؟ (إن دماء الشاعر لا تبرد) ([40]).

في سفر الرؤيا نكتشف أن البطل مقتول منذ البداية، وقد عاد ليحدث حبيبته التي ترمز للوطن عما شاهده في مماته. لقد خاف ساعتها!! ولكن هل يخاف الأبطال؟ لماذا لا يخافون؟ أليس الموت مفزعاً حقاً، وقد عرفنا ما الذي يشكله بالنسبة للصائغ؟ كيف يكون البطل تموزياً إذاً؟ إن الأمر مختلف مع يوسف الصائغ، فيما يتصل بالرؤية لا بالملامح، فالملامح هي هي، غاية ما في الأمر أنه يحاول أن يقدم بطلاً واقعياً، بطلاً يحب ويكره، يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق، وقد لا يحمل مؤهلات خاصة، لكن بإيمانه الصادق وبإحساسه بالمسؤولية تتعمق رؤيته، وتصقله التجارب، إذ (إن الميدان الواسع للعمل لا ينفسح أمام "المحركين" والرجال "العظام" ([41]) وحدهم، وإنما ينفسح أمام جميع الذين يملكون عيوناً للنظر، وآذاناً للسمع وقلوباً لمحبة القريب ) ([42])، من هنا جاءت دلالة العنوان المميز (خواطر بطل عادي جداً) .

إن كل أبطال الصائغ مثقلون بجراح تظل نازفة، ويعانون من وطأة اغتراب، وغربة أحياناً، فمالك بن الريب (غريب غربة يوسف) ([43])، والبطل في رياح بني مازن (غريب وحيد) وهو يختار المنفى بعد أن يتقاطع مع الحاكم في انتظريني عند تخوم البحر([44])، ونجده يشبه نبياً مغترباً في سفر الرؤيا ([45])، ولا يشير ذلك كله إلى فعل انهزامي عند البطل بالضرورة حتى بالنسبة للمستوى النفسي، يبدو أن قوانين عصرنا هي التي لا تقبل بمعايير البطولة، بل أنها تحكم على البطولة بالتلاشي، فلا عجب في أن يتنكر الناس أحياناً لبطلهم: هذا العصر يلاحق حتى القتلى

ويشكك بالشهداء

ماذا يملك أن يفعله الشعراء ؟

لقد سقط الشعر

فعد للبحر، شرور مدينتنا تكفي([46])

إن هذا التنكر للبطل يمكن للمتتبع أن يجده في دواوين طائفة كبيرة من الشعراء، حتى أن سعيهم لكشف العالم الداخلي للبطل، وانفعالاته، وطبيعة علاقته بالناس يكاد يكون متطابقاً، من دون اختلافات، أو تمايز ملحوظ، وإذا ذهبنا أبعد من ذلك فسنجد أوجه شبه عديدة تتصل ببناء قصائدهم، وتفاصيلها الجزئية، بما لا يسع المقام تفصيله، إذ يتطلب الأمر في اعتقادنا وقفة طويلة خاصة، ولكن ما يمكن تأكيده هنا أن تلك القصائد المكتوبة بعد عام 1967 قد جاءت متأثرة إلى حد بعيد بإفرازات ما سمي بنكسة حزيران، وما تلاها من أحداث دراماتيكية ([47]).

هل إن عصرنا لا يحتمل البطولة حقاً؟ أم أن وهجها وسموها يفضحان الجميع؛ فينفضح كل من بيلاطس ويهوذا وهما يسمران السيد المسيح،  وينفضح يزيد واتباعه وهم يعلقون رأس الحسين "ع" على رمح، إلى الكثير من الأنظمة السياسية العربية، التي أضافت قائمة جديدة طويلة، إلى قوائم تصفية رموز الإنسان العربي، وغامرت بمصيره في معارك خاسرة:

أبرق للأردن أبرق للمغرب أبرق للسودان

أبرق ثانية لمطارات حزيران([48])..

الأكثر من ذلك، أن السمو في شخص البطل يفضح عرينا نحن، مثلما يفضح عري الأنظمة، لا استثناء عنده لـ(بني مازن) الجدد، أولئك الذين قد لا يكتفون بالأحجام عن نصرة أخيهم عندما تستباح إبله، بل يكونون هم السبب المباشر في هلاكه، ألم يصرخ أحد أبطال الصائغ: (خانني أهل بيتي) ([49]) تماماً مثلما صرخ البطل الفدائي في قصيدة أخرى: (الليلة يسلمني أحد منكم للموت) ([50])، والموعد سيكون قبل صياح الديك([51]) بالتأكيد (يهوذا مرة أخرى):

ودافعت فيكم قيودي وسجني

وحاصرني في العريش الجنود

فثبَّت في الأرض جذري تشبثتُ

ما زحزحوني

وكدتُ

وصبرني أفق مشرقٌ

ولاح كأن (بني مازن) يقبلون ([52])

ولن يطير لنجدته أحد من (بني مازن)، قدر البطل أن يبقى وحيداً في صراعه مع عالم الشر المتحكم بالمصائر، قدره أن يستشهد بنبل ليبني بما تبقى من جسده عواصم للنازحين([53])، فهو وطن المتعبين الذين يحسون وطأة هذا الزمان ([54])، ليست تلك بالمشكلة الكبيرة، رغم أن موت البطل يعني بالتالي موت الحياة، موت العالم ([55])، ألسنا نوقن ببعثه من جديد؟ سينبت لنا جسده الأسل الغض، سيورق كما تورق الداليات حتى لو منع عنه الماء، بدمه الكرم سوف يرتوي، وبشبابه يلقح نخل البصرة ليسَّاقط دوننا رطباً ([56])، هل كل هذه الاشارات إلى النبات هوامش لتزيين القصيدة عند الصائغ؟ إنها في الحقيقة دلالات جاءت عبر رموز توحي بالخصب، بالأمل بالنماء، وتجاوز تصحرات الروح، وموت الواقع بعد هزيمة حزيران، وهي في مجملها رموز مرتبطة بإله الخصب، وروح النبات، البطل القتيل تموز

وتغدو الصورة واضحة للعيان على لسان تلك الفتاة البصرية الجميلة، رمز الوطن، مثلما كانت حبيبة البطل الفدائي في (خواطر بطل عادي جداً)، إنها عشتار من دون شك، وليست (شلوميت) كما رأى الدكتور محسن اطيمش ([57])، وهاهي تهبط كما عشتار في الأساطير- إلى العالم الأسفل باحثة عن حبيبها الشاعر الذي وعدها بالعودة وطالبها بانتظاره كما يشير إلى ذلك عنوان القصيدة (انتظريني عند تخوم البحر):

هذا اسمي يا حارس بيت الموتى

فافتح لي

صوت حبيبي وجعٌ

فاتركني، اقسمت عليك

أمس سعاله

علَّ دماً ينفثه،

يلقح في جسدي عقم امرأةٍ

عاشرها الشعراء

فما ولدت ([58])

ما الذي يدفع بعشتار أو الحبيبة للرقص عارية أمام الناس فيما لو عاد حبيبها الغائب ما دام الجميع متأكداً من رجوع البطل ثانية، لماذا تحتاج عودته إلى تقديم اغراء (نسكنه أعز منازلنا) ([59])؟ هل كف البطل عن المجيء يأساً منا فرحنا نغريه: (زينا من أجلك أبواب البيت، تعال ولا تأتِ) ([60]) إن تأخر البطل عن المجيء سببه لعنة تحبسه ولا شك، وعلينا أن نقنع أنفسنا بهذا التفسيرـ أو نخدعها به - فقد يمنحنا ذلك راحة للضمير، راحة مهما كانت طبيعتها، فلم تعد الفوارق تعني الكثير وسط عالم متأرجح من أساسه:

يا عرّاف البصرة .

أقسمت عليك ثلاثاً :

بالمنفى

بحنين الموتى

وبأمواج بويبْ

نبِّئنا بالغيبْ

فكَّ اللعنة عنّا

لقد هزل الصلب العربي

فما يولد في هذا البيت نبي

كذبوا

إنا علقنا فوق نخيل الكوفة

الف نبي

وغسلنا أيدينا

وقعدنا للموسم

نبكي([61])

ومن دون شك فإن الحسين  عليه السلام  أشهر الأبطال الذين ما زلنا نبكيهم بعد أن علقناهم فوق نخيل الكوفة، وهو الفارس الذي يحمل رأسه بين كفيه ماشياً فوق مياه نهر الأردن، لأنه النهر الذي تم تعميد السيد المسيح (ع) في مياهه ([62])، ولنتابع في نص ثالث للشاعر كيف تتعاضد زوايا المثلث البطولي (تموز، المسيح، الحسين) في صورة البطل المعاصر، إن التسميات لا ترد هنا، لكن القرائن كثيرة:

وجئت إليكم يا أهل الكوفة بالأحزان

رأس حبيبي الظامئ فوق الرمح وصمت ابن الإنسان([63])

موت وولادة، جدب ونماء، وأحلام تولد فيجهضها الواقع العربي المأزوم، ورغبة عند يوسف الصائغ في إيصال صوته لحل تلك الثنائية القاتلة، فكان أن تأطر بطله بملامح تموزية، فتمظهر بصورة تموز والمسيح والحسين مرات عديدة، وسواء قصد الشاعر ذلك عمداً، أم تسربت تلك الملامح إلى أبطاله من خزين اللاوعي، فهو في كل ما قدمه لم يتحدث عن أسطورة، بل رسم حدود أنموذج بطولي لا يحمل صفات خارقة، معجزته كونه دون معجزة، بطل واقعي بسيط ملتزم، صادق مع نفسه، ومهما يكن من أمر، فربما أراد الصائغ بذلك استنهاض الناس ليقتلوا خوفهم، فراح يزرع فيهم بذور الرفض تجاه شيخوخة الأنظمة، أو لنقل يبعث فيهم الإحساس بالمسؤولية في الأقل، ولنتذكر مرة ثانية، أن تلك النصوص كتبت بعد هزيمة عام 1967.

الخاتمة

      تيسيراً للفائدة يمكن إجمال أهم النتائج التي توصل إليها البحث على النحو الآتي :

  1. كشف الأهمية المتزايدة لموضوعة البطل في الشعر العراقي الحديث، وتقديم تصنيف أولي لصور البطولة .
  2. امتازت صورة البطل بثبات الشكل وتغير المضمون في نتاج شعراء متباينين في العمر والموهبة والجيل، وسبب ذلك يتمثل في الأنموذج البطولي المستقر في اللاوعي الجمعي.
  3. تبيان المرجعيات التي أسهمت بتشكيل صورة البطل التموزي، وهي في مجملها روافد ثقافية متنوعة، منها ما هو محلي، ومنها ما هو عالمي، اطلع عليه الشعراء منذ أربعينيات القرن الماضي.
  4. تتلخص أهم ملامح صورة البطل التموزي في الفداء، والاستشهاد في سبيل المجموع، ومن ثم العودة إلى الحياة من جديد، بالتماهي مع شخصيتين رئيسيتين هما السيد المسيح والإمام الحسين "ع" .
  5. لعبت الظروف السياسية والاجتماعية المتأخرة للبلدان العربية، فضلاً عن الانتماء السياسي لبعض الشعراء دوراً بارزاً في دفعهم للتطلع إلى أنموذج البطل التموزي المخلص.
  6. يشكل حضور البطل التموزي معلماً أساسياً في تجربة الشاعر يوسف الصائغ، لأسباب سايكولوجية ذاتية، وأخرى ثقافية .
  7. تقوم ذات الشاعر أحياناً بلعب دور البطولة، عند يوسف الصائغ، وعند غيره من الشعراء، الشاعر بمعناه العام، بما هو صوت إنساني متطلع، ومتفاعل مع روح الزمن، ولا يمتلك البطل هنا صفات خارقة.
  8. ظهور سمات جديدة للبطل التموزي أهمها الاغتراب، وتنكر الناس له، وهو ما يمكن تأشيره في نتاج الصائغ، ونتاج شعراء عديدين، ويبدو أن أسباب ذلك راجعة إلى تأثيرات ما سمي بنكسة حزيران عام 1967.

المصادر والمراجع

أولاً : الكتب :

د. إحسان عباس: بدر شاكر السياب دراسة في حياته وشعره، دار الثقافة، بيروت، 1968.

آدم متز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، ترجمة: محمد عبد الهادي أبو ريده، ط2، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1377هـ 1957م.

بليخانوف: دور الفرد في التاريخ، ترجمة: إحسان سركيس، دار ابن الوليد، حمص، (د.ت).

جيمس فريزر: ادونيس أو تموز، ترجمة: جبرا ابراهيم جبرا، ط2، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1979.

ريتا عوض: أسطورة الموت والانبعاث في الشعر العربي الحديث، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1978.

سامي مهدي: وعي التجديد والريادة الشعرية في العراق، سلسلة الموسوعة الصغيرة، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1993 .

س. كريمر: إينانا ودوموزي طقوس الجنس المقدس عند السومريين، ترجمة: نهاد خياطة، ط2، دار علاء الدين، دمشق، 1993.

د. سلمى الخضراء الجيوسي: الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث، ترجمة: د. عبد الواحد لؤلؤة، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت لبنان، 2001.

د. شكري محمد عياد: البطل في الأدب والأساطير،ط2، مطبعة المعرفة، القاهرة، 1971.

صدقي اسماعيل: العرب وتجربة المأساة، ط1، دار الطليعة، بيروت لبنان، 1963.

عبد الجبار عباس: السياب، مطبعة الجمهورية، بغداد، 1972.

عبد الرضا علي: الأسطورة في شعر السياب، منشورات وزارة الثقافة والفنون العراقية (د.ت).

عبد الوهاب البياتي: تجربتي الشعرية، دار العودة، بيروت لبنان، 1972.

د. علي عباس علوان: تطور الشعر العربي الحديث في العراق، دار الشؤون الثقافية العامة، (د.ت).

د. فاضل عبد الواحد علي: عشتار ومأساة تموز، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1986.

د. محسن اطميش: دير الملاك دراسة نقدية للظواهر الفنية في الشعر العراقي المعاصر، ط2، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1986.

وليم رايتر: الأسطورة والأدب، ترجمة: صبار سعدون السعدون، ط1، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1412هـ 1991م.

ويلبرس سكوت: خمسة مداخل إلى النقد الأدبي، ترجمة: د. عناد غزوان اسماعيل وجعفر صادق الخليلي، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1401هـ 1981م .

يوسف الصائغ: الاعتراف الأخير لمالك بن الريب، مطبعة الأديب البغدادية، 1985.

: قصائد، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1992.

ثانياً : الدوريات :

- مجلة (الثقافة الجديدة )، العدد 9، كانون الأول، 1969.

 

[1] - ينظر:  عن مفهوم البطل كتاب الدكتور شكري عياد: (البطل في الأدب والأساطير)، وكتاب بليخانوف: (دور الفرد في التاريخ).

[2] - خمسة مداخل إلى النقد الأدبي: ويلبرس. سكوت، ترجمة: د. عناد غزوان وجعفر صادق الخليلي، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1401هـ- 1981م، ص268.

[3] - ينظر: تطور الشعر العربي الحديث في العراق، د. علي عباس علوان، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، (د. ت)، ص150-151.

[4] - يقول عبد الوهاب البياتي واصفاً طبيعة تعامله مع ابطاله: (حاولت أن أقدم البطل النموذجي في عصرنا هذا، وفي كل العصور في موقفه النهائي، وأن استبطن مشاعر هذه الشخصيات النموذجية في أعمق حالات وجودها) تجربتي الشعرية، دار العودة، بيروت، 1972، ص41.

[5] - سترد في البحث صورة من صور البطولة عند بلند الحيدري، رابع رواد الشعر الجديد.

[6] - ينظر للوقوف على اسطورة تموز كتاب جيمس فريزر: ( أدونيس أو تموز ) وكتاب س. كريمر: (إينانا ودوموزي طقوس الجنس المقدس عند السومريين ) وكتاب د. فاضل عبد الواحد علي: ( عشتار ومأساة تموز ).

[7] - عن مفهوم (يونغ) للنماذج الأصلية ينظر: خمسة مداخل إلى النقد الأدبي، ص268، وكتاب الدكتور شكري عياد: البطل في الأدب والأساطير، ط2، مطبعة المعرفة، القاهرة، 1971، ص51، وكتاب ريتا عوض: أسطورة الموت والانبعاث في الشعر العربي الحديث، ط1، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1978، ص28- 31 .

[8] - الأسطورة والأدب: وليم رايتر، ترجمة: صبار سعدون السعدون، ط1، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1412هـ 1991م، ص36.

[9] - البطل في الأدب والأساطير، ص140 .

[10] - ينظر: أسطورة الموت والانبعاث في الشعر العربي الحديث، ص39 وما بعدها، وقد سبق للناقد عبد الجبار عباس أن أشار إلى الجذور الأولى لصورة البطل في ذهن السياب، وأرجعها إلى أبطال المسلمين الشيعة (علي والحسين) ينظر كتابه: (السياب) مطبعة الجمهورية، بغداد، 1972، ص105، كما سبق لآدم متز أن لاحظ أوجه شبه في صفات شخصيتي المسيح وعلي بن أبي طالب "ع" مرده كما يرى إلى الشيعة الغلاة، كما وجد أن الحزن الجماعي على مقتل الحسين يوم عاشوراء متأثر بما كان يحصل من طقوس مثيرة للعواطف عند المسيحيين في يوم جمعة الآلام، ينظر: (الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري)، ترجمة: محمد عبد الهادي أبو ريده، ط2، مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، 1366ه 1947م، ج1، ص82.

[11] - يقول صدقي اسماعيل: ((إن طابع الالتزام الخلقي تجاه القيم المقدسة، كان العنصر البارز في جميع المواقف الإنسانية التي تهيمن عليها روح المأساة إن الانهيار يتناول الجميع، وأن الإنسان يستطيع أن يلتزم مصير "الكل" ومن ثم فهو الوسيلة الوحيدة لحماية المصير))، ينظر: كتابه : العرب وتجربة المأساة، ط1، دار الطليعة، بيروت، 1963، ص76.

[12] - ينظر: عقائد ما بعد الموت في حضارة وادي الرافدين القديمة، نائل حنون، ط1، مطبعة دار السلام، بغداد/ 1978، ص59-60.

[13] - يبدو أن هذا السلوك كان معروفاً في حضارات العالم القديم، ومن المفيد في هذا الصدد مراجعة كتاب جيمس فريزر: ( الفولكلور في العهد القديم)، ترجمة: د. نبيلة ابراهيم، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1974، ج2، ص175ومابعدها .

[14] - ينظر: أسطورة الموت والانبعاث في الشعر العربي الحديث، ص64 65 .

[15] - ينظر: بدر شاكر السياب، دراسة في حياته وشعره، د. إحسان عباس، دار الثقافة، بيروت، 1969،ص306.

[16] - ينظر: عن تلك التأثيرات كتاب س. كريمر: (اينانا ودوموزي طقوس الجنس المقدس عند السومريين) ترجمة: نهاد خياطة، ط2، دار علاء الدين، دمشق، 1993، ص191-192.

[17] - السياب،ص108، وينظر: دير الملاك، د. محسن اطيمش، ط2، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1986، ص110،146.

[18] - ينظر: الأسطورة في شعر السياب، عبد الرضا علي، منشورات وزارة الثقافة والفنون العراقية، (د. ت)، ص49.

[19] - الاتجاهات والحركات في الشعر العربي الحديث: د. سلمى الخضراء الجيوسي، ترجمة: د. عبد الواحد لؤلؤة، ط1، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2001، ص797.

[20] - ينظر : خمسة مداخل الى النقد الأدبي، ص267.

[21] - يذكر جبرا ابراهيم جبرا أنه عندما حضر الى العراق عام 1948 كان قد أتم ترجمة للكتاب ظلت مخطوطة، وانه اطلع عليها بعض الشعراء، ومنهم السياب وبلند الحيدري وحسين مردان، ينظر: أدونيس أو تموز، جيمس فريزر، ترجمة: جبرا ابراهيم جبرا، ط2، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1979، ص9-11 (مقدمة المترجم).

[22] - ينظر عن تلك الاشارات كتاب سامي مهدي، (وعي التجديد والريادة الشعرية في العراق) سلسلة الموسوعة الصغيرة، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1993، ص107- 109.

[23] - ينظر: جئتم مع الفجر، بلند الحيدري، مطبعة الرابطة، بغداد، 1960، ص35- 39.

[24] - سنجد أحد أبطال الصائغ له ملامح نبي مغترب أيضاً، ينظر: ص 10، من هذا البحث.

[25] - ينظر: الصمت لا يتعب الموتى، عمران القيسي، مطبعة الأديب، بغداد، 1966، ص1، وما بعدها.

[26] - ينظر: العبور إلى مدن الفرح، عيسى حسن الياسري، ط1، مطبعة الغري، النجف، 1973، ص20، وما بعدها .

[27] - ينظر: المصدر نفسه، ص28 .

[28] - ينظر: البصرة حيفا، خالد علي مصطفى، دار الحرية للطباعة، بغداد، 1975، ص125 وما بعدها.

[29] - ينظر: اخيراً تحدث شهريار، كاظم الحجاج، مطبعة الأديب البغدادية، 1973، ص63-64.

[30] - ينظر: مجلة (الثقافة الجديدة) العراقية، العدد 24، أيار 1971، ص129- 130 .

[31] - ينظر: المصدر نفسه، العدد 9، كانون الأول 1969، ص165-166.

[32] - ينظر: المسرحية الشعرية في العراق منذ النشأة حتى عام 1995 دراسة نقدية، رسالة ماجستير غير منشورة تقدم بها الباحث لنيل درجة الماجستير، كلية الآداب جامعة بغداد، 1998، ص147-148، وص196 وما بعدها .

[33] - الاعتراف الأخير لمالك بن الريب، يوسف الصائغ، مطبعة الأديب البغدادية،1985، ج1، ص36-37.

[34] - المصدر نفسه، ص133 .

[35] - الأقواس في أصل النص .

[36] - الاعتراف الأخير لمالك بن الريب، ص138.

[37] - صورة الموت هذه حاضرة عند الشاعر منذ أولى نصوصه الشعرية المنشورة، تنظر قصيدته (ثم ماذا؟) ضمن مجموعة ضمت قصائد ومقالات نقدية لعدد من الشعراء، منهم يوسف الصائغ، ينظر: (قصائد غير صالحة للنشر)، دار طباعة الهدف، الموصل، 1956، ص107- 109 .

[38] - ينظر: قصائد: يوسف الصائغ، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1992، ص76، 84.

[39] - ينظر : قصائد، ص141، 146، 147 .

[40] - ينظر : المصدر نفسه، ص111 .

[41] - الأقواس في أصل النص .

[42] - دور الفرد في التاريخ: بليخانوف، ترجمة: إحسان سركيس، دار ابن الوليد، حمص، د.ت، ص104.

[43] - ينظر : قصائد : ص53 .

[44] - ينظر : المصدر نفسه، ص91 .

[45] - ينظر : المصدر نفسه، ص117 .

[46] - ينظر : المصدر نفسه، ص115 .

[47] - من تلك القصائد على سبيل المثال (مقاضاة رجل أضاع ذاكرته) و(مصادرة منشور سري) و(الصوت) في مجموعة (الخيمة الثانية) لعبد الرزاق عبد الواحد، وقصيدة (المراثي) و(الواقعة) في مجموعة (البصرة حيفا) لخالد علي مصطفى، إذ يجري في هذه القصائد الحديث على لسان بطل مغترب يمثله جندي عربي عائد من ساحة الحرب مع اسرائيل، يتنكر له قومه، رغم أنه قاتل ببسالة وجراحة تشهد، ويكابد البطل عذابات نفسية هائلة كي يثبت بطولته لكنه يخفق في مسعاه، صورة الرأس المقطوع المعلق فوق رمح تكاد تكون مشتركة فيها، وكذا الصلبان والجثث، هذا كله فضلاً عن إنها تستفيد من فن المسرح، بتوظيف أكثر من شخصية، واعتماد الحوار الداخلي، فكان أن جاءت تلك القصائد كلها متسمة بالطول.

[48] - قصائد، ص127 .

[49] - ينظر: المصدر نفسه، ص85 .

[50] - ينظر : المصدر نفسه، ص137 .

[51] - ينظر : المصدر نفسه، ص139 .

[52] - المصدر نفسه، ص78 .

[53] - ينظر : المصدر نفسه، ص156 .

[54] - ينظر : المصدر نفسه، ص98، 10 .

[55] - ينظر : المصدر نفسه، ص53، 96، 102، 125 .

[56] - ينظر : المصدر نفسه، ص57، 97، 108، 133 .

[57] - ينظر : دير الملاك، ص78 .

[58] - قصائد، ص78 .

[59] - ينظر : المصدر نفسه، ص114 .

[60] - ينظر : المصدر نفسه، ص65 .

[61] - المصدر نفسه، ص116 .

[62] - بعد عام واحد على هزيمة حزيران، أي في سنة 1968، ظهرت مجموعة الشاعر أدونيس (المسرح والمرايا) وفيها استثمار لشخصية الحسين "ع"، وصورة رأسه المقطوع، لا سيما في قصيدة (الرأس والنهر) كما يتوحد فيها الحسين بالسيد المسيح، ثم يتحقق انبعاثه بعد موته، بما يوحي بالخصب وتجدد الحياة، والقصيدة طويلة تقترب كثيراً من الشكل المسرحي، وأغلب تفصيلات القصيدة، فضلاً عن تقنياتها حاضرة عند يوسف الصائغ، في قصائده المتناولة هنا، كما هي حاضرة عند عبد الرزاق عبد الواحد وخالد علي مصطفى في قصائدهما المشار إليها في هامش رقم (6) الصفحة (10) من هذا البحث ينظر عرضاً لقصيدة (الرأس والنهر) في (أسطورة الموت والانبعاث في الشعر العربي الحديث) ص140 وما بعدها، ونعتقد أن التأثر بهذه القصيدة أصبح سمة بارزة في نتاج شعراء عديدين، مما يستوجب الوقوف عند هذا الموضوع ودراسته بالتفصيل.

[63] - قصائد، ص123 .