من صفحة: 221
إلى صفحة: 230
النص الكامل للبحث: PDF icon 180423-201236.pdf
البحث:

المقدمة

لطالما استأثرت ثورة العشرين في العراق بأهتمام الاعلام العربي والعالمي باعتبارها أولى الثورات العراقية التي تركت صداها في اوربا عندما كانت بريطانيا العظمى تتسيّد العالم عبر جيوشها المنتشرة في بقاع العالم..

ولعل البحوث التاريخية غطت الكثير من تفاصيل هذه الثورة، لكن الصدفة وحدها جعلتني أخوض غمار هذا البحث التاريخي للتعرف من جديد على حدث تاريخي ترك صداه في الصحافة الامريكية حيث وقع بين يدي اعداد لا بأس بها مترجمة من صحيفة "نيويورك تايمز" التي تصدر في مدينة نيويورك... وكانت هذه الاعداد صادرة في الحقبة الزمنية التي واكبت أحداث الثورة في العراق..

واعماماً للفائدة العلمية حاولت دراسة وتحليل ما ورد فيها من موضوعات والتعرف على رؤية الصحافة الامريكية لهذا الحدث المفصلي في العراق، وانعكاساته على الرأي العام الأمريكي... وما أسعفني في هذا الجهد العلمي اليسير هو وجود الترجمة الصحيفة لأعداد هذه الصحيفة مما مكنني من الاطلاع على الاوصاف والمصطلحات التي كانت تستخدمها أهم صحيفة امريكية في التعاطي مع الملف السياسي للثورة.

أهداف البحث:

ان الهدف من كتابة هذا البحث لكي يطلع القارئ الكريم على ما كتبته ونشرته الصحف الرئيسية الكبرى مثل صحيفة نيويورك تايمز الامريكية عن مجريات احداث الثورة في العراق، وكم كانت هذه الثورة مهمة عالميا بحيث نقلت اخبارها عربيا وعالمياً، وما هي التضحيات التي قدمها أبناء العراق ضد ذلك الغزو الخارجي لبلاد الرافدين رغم الفوارق في العدد والعدّة، الا أنهم قادوا الثورة بنجاح وهزموا المحتل، ولكي تعرف هذه الاجيال ان العراق كان وسيكون ذلك الجبل الاشم الذي تتكسر على صحوره كل موجات الحقد والطائفية القادمة من خارج الحدود.

مشكلة البحث:

قلة بل وندرة المصادر الامريكية المترجمة في المكتبة العراقية، وخاصة الصحف والمجلات والمطبوعات اليومية التي كانت تصدر في امريكا أبان احداث ثورة العشرين في العراق وذلك لعدم وجود التبادل الثقافي مع هذا البلد منذ عدة عقود.

منهجية البحث:

قسّم هذا البحث إلى فصلين ومقدمة وخاتمة. حيث تناول الفصل الأول موقف الوسط السياسي الامريكي البريطاني من الثورة.

وتناول الفصل الثاني صحيفة نيويورك تايمز بين نقل حقيقة الثورة والتأثير البريطاني عليها.

أما الخاتمة فقد تناولت ملخص البحث وهو ما نقلته ونشرته صحيفة نيويورك تايمز عن ثورة العراق التحررية عام 1920م.

الفصل الأول:صحيفة نيويورك تايمز وموقف الوسط السياسي الامريكي البريطاني من الثورة:

1- صحيفة نيويورك تايمز الامريكية:

تصدر صحيفة نيويورك تايمز اليومية في مدينة نيويورك، وتوزع عالمّياً أيضاً، وقد أسسها (هنري رايموند وجورج جونز) سنة 1851م. أصدرت نيويورك تايمز اليومية أول اعدادها سنة 1851م، وتعتبر شركة نيويورك تايمز أحدى أكبر المؤسسات الإعلامية في أميركا والعالم، حيث تمتلك أكثر من 20 صحيفة في أنحاء مختلفة من الولايات المتحدة الامريكية منها (الانترنشيونال هيرالد تريبيون ويوستن غلوب). بالأضافة إلى إلى ثماني محطات تلفزيونية في ولايات مختلفة منها قناة ديسكفري، وقد حصلت على أكثر من (113) جائزة عالمية، كما كان لها دور مهم في تأسيس وكالة الانباء العالمية (أسوشييتد برس).

في عام 1896م أشترى الجريدة (أدولف أوكس) بعدما تعرضت للافلاس، وتقول نيويورك تايمز أنها تحافظ على السجل التاريخي لأحداث أمريكا والعالم، وهي ذات توجه ليبرالي وقريبة من الحزب الديمقراطي أما في السياسية الخارجية فيبدو عليها الانحياز إلى اسرائيل في تغطيتها للصراع العربي الامريكي، أما العراق فكانت من اكثر الصحف الامريكية ترويجاً للحرب،  اذ كانت تؤكد على امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل، لكن بعد سقوط النظام في بغداد (9/4/2003م)، وأثبات عدم امتلاك العراق لهذه الاسلحة من قبل قوات الاحتلال، تراجعت هذه الصحيفة عن موقفها السابق، وقدمّت اعتذارها لقرّائها بعدم صحة اخبارها السابقة عن الاسلحة المذكورة([1]).

تعتبر هذه الصحيفة من اكثر صحف الولايات المتحدة الامريكية انتقاداً للجمهوريين.

وصل عدد مطبوعات الصحيفة سنة 2007م حوالي (1,120,420) نسخة يومياً وهو من أعلى المعدلات في الولايات المتحدة الامريكية([2]) والثانية في العالم بعد الواشنطن بوست.

2- موقف الوسط السياسي الامريكي البريطاني من الثورة:

لم يكن الامر مقتصراً على ما كتبه المؤلفون العرب عن ثورة العشرين التحررية في العراق، بل ان ما صدر ويصدر من كتابات باللغات الاجنبيّة وبصورة خاصة الانكليزية هو الآخر كثير ومهم، لأنها كتبت من قبل أعداء الثورة وممن كانت المسؤولية موكولة إليهم في حربها ومقاومتها من أمثال الجنرال هالدن والسير ولسن الحاكم السياسي الذي اعقب برسي كوكس، وكابتن مان، ومس بيل في كتابها "فصول من تاريخ العراق الحديث" ورسائلها وغيرهم([3]).

ودون أدنى شك فأن كثرة هذه الكتابات تشير بوضوح إلى اهمية هذا الحدث التاريخي من تاريخ نضال أمتنا العربية ضد الاستعمار، وكيف استطاع ابناء هذا القطر من تسديد ضريات ناجحة ومذهلة في نظر اعدائها، إلى الجيوش البريطانية مما أربك وجودهم وعجّل في تسليمهم بالامر الواقع، لا بالنسبة للحكام البريطانيين في العراق فحسب بل إلى ردود فعل الشعب الانكليزي ضد حكامه الذين وجدوا ان الحصيلة الكبرى من ذلك هو ارتفاع الضرائب لسد النفقات العسكرية، وحلب مواردهم لتجهيز الجيوش وارسال المؤن والاسلحة والعتاد لحربٍ هم في غنى عنها. ويمكن ان ترى ذلك في العديد من الكتابات التي كتبها الانكليز والمسؤولين منهم خاصة، والتي تشير إلى خطورة الحدث بالنسبة إلى سلطتهم وسيطرتهم على العراق والمنطقة  من جهة وكذلك تشير إلى اهمية العراق استراتيجياً واقتصادياً في حسابات سياساتهم الاستعمارية من جهةٍ أخرى.

ولما كانت احداث الثورة العسكرية معروفة وبالتفاصيل تقريباً في الوقت الحاضر من خلال تلك الكتب، فأن الذي سأذكره من يوميات الثورة ليس جديداً ولكن يحمل عدة مضامين: أبرزها أهتمام صحافة امريكا وبريطانيا بميدان الثورة في العراق، وهو بحد ذاته يعكس اهتمام القارئ الامريكي والبريطاني وبالأخص السياسة الامريكية بأحداث المنطقة العربية بالرغم من بعدها الجغرافي، الا أنها تحتل مكانة سياسية واقتصادية مهمة.

وهذا الامر يمثل بوضوح في التصارع الامريكي البريطاني على منابع الثروة الاقتصادية في المنطقة العربية خلال السنوات التي سبقت 1920م، فقد تصارعا على حقول النفط في العراق والسعودية وإيران آنذاك.

ومن المعلوم ان أكثر وأهم الدراسات الاجنبية عن ثورة العشرين تلك التي كتبت بأقلام أولئك الساسة الانكليز الذين حكموا العراق، ولم يكتب الفرنسيون عن ثورة العشرين الا القليـل، اذ أن فرنسا كانت منشغلة انذاك في إنتدابها على سوريا.

وفي نفس الوقت فأن ما كتبه الامريكان عن الثورة وخاصة الساسة منهم أكثر مما كتبه الفرنسيون، لأن قادة الثورة كانوا قد كتبوا في كثير من المناسبات إلى الرئيس الامريكي (ولسون) ([4]) يشكون في رسائلهم من التسلط الانكليزي وأنتهاك حقوق الانسان معتمدين في ذلك على ما عرضه (ولسون) في مبادئه الأربعة عشرة.

أما من المؤلفين الامريكان الذين تعرضوا إلى الثورة (جورج ستونك) في كتابـه عن نفـط الشـرق الأوسط([5])، اذ أنه بعد أن أشار إلى أعلان فيصل ملكاً على سوريا يعرض لثورة العشرين قائلاً "أخذت الأحداث تسير في العراق بشكل سريع ومربك، فلقد تزايد القلق السياسي الذي كان يغذيه الزعماء الوطنيون حتى أنه بلغ أوجه في ثورة ضد البريطانيين في صيف 1920"([6]).

أما الساسة الانكليز فقد قال (فلبيّ) "انّ كل ما يريده العراقيون، ولكونهم عرباً، الاستقلال التام لا أكثر ولا أقل وهذا هو تمام ما وعدت به الحكومة البريطانية"([7]).

ويذكر (ستونك) ان أعلان الانتداب في 3 آيار 1920 من قبل البريطانيين قد أثار الثورة التي كانت كامنة، وان أدعّاء بريطانيا بأن الانتداب قد عهد إليها من قبل عصبة الأمم يهدئ عداء الوطنيين العرب لها.

ومن بين الذين ذكروا الثورة أيضاً (مايكل هدسون) ([8]) والذي ذكره بهذا الخصوص أن المتدين وغير المتدين، والسني، والشيعي، والكردي والعربي، البدوي والحضري، أوجد اسطورة التعاون والمقاومة التي صار يعتز بها منذ ذلك الوقت في التاريخ الوطني القومي([9]).

وهناك مقالة ثورة العشرين من تأليف (مندو كرادوف) ([10]) الذي يعمل في جامعة أمريكية تركز على الدور الذي لعبته القبائل العربية المشاركة في ثورة العشرين وكذلك في السياسة الوطنية، وذكر ثلاثة أراء حول اسباب اندلاع الثورة، الاول ما ذكره السير (ارنولد ولسن) "ان الثورة مجرد تمرد فوضوي قام به عدد من القبائل الفوضوية حرضّها وكلاء الاسرة الهاشمية"، والثاني: الذي ذكره فريق مزهر آل فرعون: ان سبب الثورة هو تحجيم دور الاحزاب السياسية ويرى في الثورة انها حركة قبليّة اقليمية قام بها أناس انطلقوا من معارضتهم للضرائب الثقيلة التي فرضها الانكليز عليهم"([11]).

وبالتالي يقلل من الدور الذي لعبه المفكرون الحضر في اعطاء الثورة ابعادها الوطنية. أما التفسير الثالث المتمثل في رأي أيليا خوري وهو تفسير طائفي([12]).

ويصل الباحث في الختام إلى الاستنتاج الآتي: ان ثورة واسعة مثل ثورة العشرين لا يمكن تقيمها دون ان توضع ضمن المضامين التاريخيّة والإيديولوجية، وحتى هذه الفترة فأننا لا نستطيع ان نجزم بالتحقيق عن الدوافع الاكيدة للزعماء المشاركين فيها. وهو يوضح في دراسته ان الثورة كانت ثورة بدائية غير أنها أصيلة وهي رد فعل وطني لاعتداءات الغرب([13]).

الفصل الثاني: صحيفة نيويورك تايمز بين نقل الحقيقة والتأثير البريطاني عليها:

1- تأثير السياسة البريطانية على صحيفة نيويورك تايمز الامريكية في نقل أخبار الثورة العراقية.

فقد كتبت هذه الصحيفة وبدون تمييز عن الاحداث السياسية التي شهدتها سنة 1920م في العراق، ومنها ثورة تلعّفر([14])، واحداث دير الزور، والحركة التي قام بها محمود البرزنجي في شمال العراق ضد الانكليز([15])، كذلك الاحداث التي رافقت ثورة العشرين في الفرات الاوسط، ففي خبر اوردته الصحيفة في (22 كانون الثاني 1920م) تذكر فيه ان رمضان شلاش([16]) زعيم بلاد وادي الرافدين قد تبنى موقفاً معارضاً للبريطانيين([17]). وتعد المصادر الصحفية من المصادر البارزة التي اعتمدتها صحيفة نيويورك تايمز، وكان بعض تلك الاخبار الصحفية قد ورد إليها بشكل برقيات خاصة بها من لندن، أو ما يتم طرحه في مجلس العموم البريطاني بصدد ثورة العشرين، أو ما يصدر من بلاغات رسمية في  دوائر الحرب البريطانية، أو ما كتبته الصحف اللندنية في مقالاتها الافتتاحية من أخبار رسمية. ومن بين تلك الصحف صحيفة التايمز اللندنية، والديلي نيوز، وديلي كرونكل، وديلي ميل، وديلي اكسبريس، وديلي ميل القاهرية، وفوق هذا فقد اعتمدت الصحيفة على تقارير واردة من بغداد، وإيران، والهند واستانبول.

كانت صحيفة نيويورك تايمز عندما تشير إلى أحداث ثورة العشرين في العراق تذكر انها أما ثورة أو انتفاضة ضد الانكليز في حال حصولها على الاخبار بصورة مستقلة، أما اذا حصلت على اخبار العراق من لندن أو من أقوال الساسة الانكليز نجدها تستخدم اصطلاح (تمرد) أو عصيان.

واشارت الصحيفة مرتين إلى المعاملة الحسنة التي عامل بها الثوار العرب الاسرى البريطانيين([18]).

2- موقف الصحيفة الاحتلال البريطاني.

أظهرت صحيفة نيويورك تايمز في احدى المناسبات خطورة الموقف بالنسبة للبريطانيين وما تكبدته القوات البريطانية من خسائر فادحة، وقد اشارت في مناسبات أخرى ان البريطانيين يحتاجون إلى جيوش ضخمة من أجل إبقاء سيطرتهم على العراق.

ووجهت الصحيفة انتقادات متعددة للإداريين البريطانيين. في العراق بأنهم لم يكونوا أكفّاء، وفي هذا الصدد نقلت هذه الصحيفة انتقادات الكولونيل (لورنس) للبريطانيين والفرنسيين في محاولتهم استبعاد العرب عن المسرح الدولي، وان السبب المباشر الذي ادى إلى اندلاع ثورة العشرين هو سوء الادارة البريطانية واحتكار المناصب بأيدي ضباط وسياسيين بريطانيين، في الوقت الذي تعهدت فيه بريطانيا بأن تعمل على تأسيس حكومة عربية مستقلة في العراق.

والبريطانيون لم يشركوا العرب في إدارة بلادهم، ثم انتقدت الاداريين الانكليز بأنهم كانوا قليلي الكفاءة والدراية والمقدرة.

ولم تغفل الصحيفة عن الاشارة إلى أهمية النفط العراقي بالنسبة إلى بريطانيا.

3- صحيفة نيويورك تايمز الامريكية واحداث ثورة العشرين:

من المعلوم ان هذه الصحيفة كانت تشير إلى العراق في جميع اخبارها بهذا الاسم "ميسو بوتاميا" أي بلاد ما بين النهرين([19]).

وفي هذا الفصل سوف نذكر جميع البلاغات العسكرية التي كانت تنشرها صحيفة نيويورك تايمز الامريكية عن أحداث الحرب بين رجال القبائل في العراق وبين الجيش البريطاني.

وهذه نصوص مترجمة للأخبار التي كانت تكتب في صحيفة نيويورك تايمز عن مجريات ثورة 1920م في العراق وكما يأتي.

1- البريطانيون يدحرون رجال القبائل في العراق:

هاجمت عصابة من افراد القبائل العراقية ألبوكمال في يوم 11 كانون الثاني 1920م لكنها دُحرت من قبل البريطانيين، وكبدت الطائرات البريطانية المهاجمين خسائر فادحة وان احدى هذه الطائرات التقطت ضابطا بريطانيا جريحاً وحملته إلى حوالي (240) ميلاً حيث المستشفى ([20]).

2- الثورة تقترب من العراق:

برقية خاصة إلى صحيفة نيويورك تايمز الامريكية من الجنرال (ماكمون) ([21]) قائد عام القوات البريطانية في العراق يتنبأ بثورات منذرة بالسوء، لقد أكدّ القائد العام بأنه مصدوم كثيراً بأحتمال أنفجار الثورات في البلاد، لأن سبق وان قامت ثورة في شمال العراق قادها الشيخ محمود أحد زعماء الاكراد في جنوب كردستان، وكانت خطرة، فقد استغرق كبحها حوالي شهرين من القتال الشديد في منطقة صعبة([22]). كما اندلعت ثورة إسلامية أخرى في العمادية فقتلوا الحاكم السياسي البريطاني والجيش التابع له، وأضاف الجنرال (ماكمون) انه "ليس هناك أي ضمان بأن المشاكل قد لاتحدث في مناطق لم تتأثر لحد الآن"([23]).

3- تشرشل يعرض حماية العراق بواسطة دورية جوية:

في 22 آذار قال ونستون تشرشل([24]) وزير الحرب اثناء مناقشته لأعداد الجيوش في مجلس العموم البريطاني، انه على الرغم من أن الموقف في الشرق الأوسط قلق، لكنه في الواقع لم يثبت خطراً جداً كما هو متوقع.

ومع ذلك فأنه بات من الضروري علينا ان نحافظ على قوات قوية هناك، وكان يحدوه الامل بالحصول على نتائج اقتصادية كبيرة طيلة هذه السنة لحماية العراق بواسطة الجو بدلاً من القوات العسكرية.

وقال الوزير "نحن لا يمكننا المضي في المحافظة على العراق وصرف مبلغ 15 مليون أو 20 مليون دولار سنوياً، لكنني لا أرى لماذا ستفشل الإدارة البريطانية في العراق والتي نجحت في مكان آخر من العالم، فأن الواجب إيجاد وسائل آخرى اذا ما أردنا الإبقاء على العراق، وأضاف بأن القلق الموجود في الشرق الأوسط سيفوق القلق حول الأحداث في ألمانيا([25])".

4- بريطانيا تخطط لتقليل الجيش البريطاني في العراق:

لقد ذكر (اندرو بونار لو) الناطق الحكومي في مجلس العموم البريطاني اليوم انه ليس هنالك من تساؤل عن ان بريطانيا العظمى قد زادت من التزاماتها العسكرية في العراق وبلاد فارس.

وأضاف السيد (بونارلو) انه على العكس من ذلك فأن الحكومة كانت تبذل جهداً للتقليل من التزاماتها مقدرة بذلك الضرورة إلى تقليل نفقاتها العسكرية. لقد وردت تقارير تتعارض مع بيان اليوم القائل بأن الموقف هادئ إلى درجة كبيرة وخاصة في مدينة تلعفر([26]).

5- العراق يثور، ويقطع الثوار خط سكة بصرة- بغداد:

يقول التقرير من طهران ان الموقف في جنوب العراق أصبح جدّيا، ويضيف انه قد ذكر في طهران ان خط سكة حديد بصرة – بغداد قد قطع في ثلاثة أماكن([27]).

6- عدد البريطانيين المفقودين في العراق لغاية هذا اليوم 161 مفقوداً:

يقول التقرير البريطاني ان حامية الرميثة تصمد ضد الانكليز اعتماداً على تقرير وزير الحرب (تشرشل)، كجواب وجّه إليه في مجلس العموم البريطاني فأن خسائرها في العراق هي قتل ثلاثة ضباط بريطانيين وأربعة عشر جريحاً، وقتل 158 جندياً و232 جريحاً([28]).

7- القبائل العراقية تهاجم رتلاً كبيراً في أسفل الفرات:

ذكرت دائرة الحرب اليوم ان مشاكل أخرى تواجه البريطانيين في العراق، فلقد هوجم رتل بريطاني قوي في أسفل الفرات وعومل معاملة خشنة من قبل القبائل، وأعلن ان الرتل نجح في اختراق طريق عودته إلى الحلة الموضع القريب من بابل القديمة بعد ان تكبد خسائر 300 جندي وفقدان مدفع كبير و 12 مدفع رشاش([29]).

8- الثورة في العراق تزداد عنفاً وكارثة تتعرض لها قوة بريطانية صغيرة:

لقد أكدت التقارير الرسمية الواردة من العراق، ان البلاد في حالة ثورة فوضوية ضد الإدارة البريطانية وخاصة إلى الشمال من بغداد، بين بغداد والموصل، فالحاميات البريطانية قد حوصرت والسكك الحديد قد قطعت والضباط البريطانيون قد قتلوا.

واعتماداً على الروايات البريطانية الرسمية فأن خطورة الموقف أكثر مما كشفت عنه التقارير والبيانات الرسمية, فقد نشرت الدائرة الهندية هذه الليلة تقريراً يؤكد الكارثة التي حلّت بقوة بريطانية في شهربان – العراق، يوم الأحد الماضي، وأضاف أن زوجة السيد (بوكنان) ضابط الري البريطاني الذي قتل قد أسرت من قبل العرب، الاّ انه ذكر أنها سالمة وتعامل معاملة حسنة هي وطفلها([30]).

9- حروب كثيرة صغيرة

نشرت صحيفة التايمز الأمريكية في عددها الصادر يوم الاثنين 23 آب تحت عنوان (حروب كثيرة صغيرة). تأتي التقارير عن الثورة العراقية ضد بريطانيا من حين لآخر وللأسابيع الماضية، فقد ذكرت في بيان سابق ان بريطانيا تكبدت 300 قتيل ووردت الاخبار الأن ان 10,000 عشرة آلاف جندي في طريقهم من الهند إلى العراق لنجدة 70,000 سبعين ألف جندي موجودين فعلاً في العراق، وهناك خوف في لندن من الحاجة ما زالت إلى جنود أكثر من ذلك، وأن البريطانيين يحتاجون إلى جيش ضخم من أجل البقاء في العراق([31]).

10- الجنود البريطانيون يتعرضون لضغط من قبل العراقيين وقطعوا خطوط الاتصال البريطانية.

ان خطوط الاتصال البريطانية بين بغداد والموصل وبين بغداد والخليج العربي قد قطعت ثانية. وتشير التقارير الواردة إلى استنبول  اليوم من داخل العراق، إلى ان الحاميات البريطانية في بغداد والموصل قد تعرضت إلى ضغط شديد وهي بحاجة ماسة إلى امدادات([32]).

11- اعلنت بريطانيا ان لديها خطة لتشكيل مجلس وزراء وبرلمان عربي مع مستشارين بريطانيين في العراق، وكذلك مجلس وزراء عربي، وقد فهم ان الخطّة ستمنح اذا رَشح العرب اميراً محلياً كحاكم لهم([33]).

12- ضابط حرب بريطاني يذكر ان الموقف خطير في الجزء الاسفل من الفرات:

هاجمت قوة من 1500 ثائر من أفراد القبائل في الخميس الماضي الحلة للمرة الثانية، والحلة مدينة تقع غرب نهر الفرات في العراق، غير ان المهاجمين تراجعوا تحت تأثير قصف قنابل شديد، كما قالت نشرة رسمية نشرت اليوم من قبل دائرة الحرب. وتستمر النشرة قائلة "ان الموقف في منطقة المنتفق في العراق في القسم الأسفل من دجلة والفرات أخذ يتطور بشكل ينذر بالسوء الكبير، وهناك دعوة لحرب مقدسة عنيفة، ومن المتوقع ان هذه القبائل سترمي بكل ثقلها من الثوار، والموقف حول السماوة يسبب قلقاً أيضاً، وان حركات الثوار قد رصدت، وان هجمات جديدة على مواضعنا متوقعة"([34]).

13- البريطانيون يحتلون شهربان في العراق:

أحتلت القوات البريطانية التي غادرت بعقوبة قبل عدة أيام شهربان المدينة الواقعة على الضفة اليسرى من نهر ديالى والتي تبعد حوالي 60 ميلاً شمال مدينة بغداد واستطاعت الحملة العسكرية، التي تحت قيادة أمير اللواء (كوننكهام) فك أسر بعض الاسرى الهنود والسيدة (بوكنان) زوجة ضابط الري البريطاني الذي قتل بالقرب من ذلك الموضع في الشهر الماضي. وذكرت التقارير الواردة من شهربان ان السيدة (بوكنان) قد عوملت معاملة حسنة، من قبل أفراد القبائل العربية الذين كانوا قد سيطروا على المكان وحتى اقتراب الجنود البريطانيين([35]).

14- توجه ثلاث فرق عسكرية وسبعة هندية إلى العراق:

لقد اعلنت بريطانيا ان ثلاثة فرق اوربية وسبع هندية سوف ترحل بحراً خلال أيام إلى العراق، لأمداد الجنود البريطانيين الموجودين هناك الآن، وجاء هذا الامداد نتيجة للموقف المضطرب في البلاد([36]).

15- البريطانيون قد ينسحبون من العراق:

لقد فهم المراسل لصحيفة نيويورك تايمز اللامريكية ان الحكومة قد تتبنى سياسة انسحاب الجيوش البريطانية من العراق إلى البصرة حين يصبح أمر تقليص الجنود سهلاً، ويقول المراسل ان هذا الانسحاب لم يكن بالامكان حدوثه في السنة الماضية بسبب الاضطربات في البلاد وبسبب الخوف من حدوث ثورات أخرى, أما الجنود الاضافيون الذين كانت الحاجة لهم ماسّة سابقاً فهم يرجعون الآن إلى الهند، وبنهاية شهر آذار سينقص العدد إلى 70,000 سبعين ألف جندي([37]).

توقفت هذه الصحيفة من نشر أخبار ثورة العراق الكبرى عام 1920 على صفحاتها من 12 أيلول 1920م وحتى 26 كانون الثاني 1921م.

الاستنتاجات والخاتمة

لقد تبين من هذا البحث ان ثور العشرين في العراق تعد من الثورات المهمة في الوطن العربي بحيث أخذت الصحف الرئيسية في العالم الغربي بنقل أخبار هذه الثورة يوميّا وعلى صفحاتها الرئيسية اذا ما استثنينا الصحف الفرنسية لأنها كانت منشغلة بنقل أخبار الجيوش الفرنسية في سوريا، ومن هذه الصحف الرئيسية التي تناولت أخبار ثورة العراق التحررية والتي صلطنا عليها الضوء هي صحيفة نيويورك تايمز الامريكية والتي تعتبر من كبريات الصحف الامريكية والعالمية وقد وصل عدد مطبوعاتها اليومية إلى أكثر من مليون نسخة في عام 2007م. لقد واكبت هذه الصحيفة مجريات ثورة العشرين في العراق ونقل الاخبار أما من مراسليها في الشرق الأوسط أو من الأخبار التي تصل إلى تركيا أو من تصريحات الساسة البريطانيين أو القادة العسكريين، لكن وصفها بالنسبة للثوار والثورة متأرجحاً بين متعاطف نوعاً ما وبين متحيز إلى الجانب الآخر، ففي بعض الأخبار تصف رجال الثورة بالمتمردين أو تسميهم العرب وفي عدد آخر تسمي رجال الثورة بالثوار والثورة لكنها كانت تؤكد على الدور البطولي الذي أبداه رجال الثورة في العراق وتكبيد القوات البريطانية الخسائر الفادحة في العدد والعدّة، وكذلك وصفها الرائع لشهامة وكرم وأخلاق الثوار في معاملة الأسرى والاسيرات من الجيش البريطاني. ان ما كتبته هذه الصحيفة عن الثورة وقادتها ورجالها هو أكبر دليل على ان الغرب كان يحسب لهذه الثورة وما بعدها من الثورات التي هزّت أركان الوجود الغربي في العالم العربي.

المصادر والمراجع:

1- إبراهيم خليل أحمد، حركة تلعفر 1920 من خلال تقرير سري بريطاني، مجلة الجامعة، السنة (8)، العدد (4)، كانون الثاني 1978م.

2- جورج ستونك، نفط الشرق الأوسط، بغداد 1980م.

3- عبد الله فياض، طبيعة ثورة العشرين في العراق، مجلة كلية الآداب، بغداد 1980، العدد (28).

4- عبد الوهاب الكيالي، الموسوعة السياسية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1974م.

5- عبد الرزاق الحسيني، الثورة العراقية الكبرى، بغداد 1952.

6- علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، ح5، القسم الثاني، بغداد 1978م.

7- فريق مزهر آل فرعون، الحقائق الناصعة في الثورة العراقية الكبرى 1920 ونتائجها، مطبعة النجاح، بغداد 1952م.

8- فيليب ويلارد أيرلند، العراق دراسة في تطوره السياسي، ترجمة جعفر الخياط، مطبعة دار الكشاف، بيروت 1949م.

9- قحطان أحمد حبوش التلعفري، ثورة تلعفر، بغداد 1969.

10- مايكل هدسون، السياسة العربية، دمشق 1977م.

11- مجموعة من الباحثين، المفضّل في تاريخ العراق المعاصر، بغداد 2002م.

الصحف والمجلات:

صحيفة نيويورك تايمز الأمريكيّة، أعدادها: 22 كانون الثاني 1920م، 17 آذار 1920، 17 حزيران 1920، 27 تموز 1920، 23 تموز 1920، 4 آب 1920، 13 آب 1920، 21 آب 1920، 23 آب 1920، 24 آب 1920، 26 آب 1920، 30 آب 1920، 26 كانون الثاني 1921.

المواقع الإلكترونية:

موقع الجزيرة – قناة الجزيرة الإخبارية، أرشيف الأخبار:

(http://www.aljazeera.net/news/archive)

 

[1] - موقع قناة الجزيرة الإخبار ية/ أرشيف الأخبار:      http://www.aljazeera.net/news/archive.

[2] - المصدر السابق.

[3] - عبد الله الفياض، طبيعة ثورة العشرين في العراق، مجلة كلية الآداب- بغداد 1980، العدد 28، ص345.

[4] - الرئيس الامريكي الثامن والعشرون للولايات المتحدة الامريكية، انتخب مرتين للرئاسة (1912-1916) عن الحزب الديمقراطي، صاحب نقاط الاربعة عشر بعد الحرب العالمية الأولى لكي تكون أساساً عادلاً للتسوية السلمية للشعوب كافة، للمزيد من المعلومات ينظر  عبد الوهاب الكيالي، الموسوعة السياسية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، ط بيروت 1974، ص 583.

[5] - جورج ستونك، نفط الشرق الاوسط، 1970م، ص49.

[6] - المصدر نفسه، ص56.

[7] - فيليب ويلارد إيرلند، العراق دراسة في تطوره السياسي، ترجمة جعفر الخياط، مطبعة دار الكشاف، بيروت 1949م، ص ص 24-25.

[8] - مايكل هدسون، السياسة العربية، دمشق 1977، ص72.

[9] - المصدر نفسه، ص75.

[10] - Inogradov,"The 1920 revoltin Iraq" In lmes, P. 193-124.

[11] - فريق مزهر آل فرعون، الحقائق الناصعة في الثورة العراقية الكبرى عام 1920 ونتائجها، مطبعة النجاح، بغداد 1952، ص72.

[12] - المصدر نفسه، ص73.

[13] - Inogradov, op eit, P. 124-125.

[14] - للمزيد من المعلومات حول ثورة تلعفر وقادتها، ينظر قحطان أحمد حبوش التلعفري، ثورة تعلفر، بغداد 1969م، ص381-383.

[15] - للمزيد من المعلومات ينظر علي الوردي، لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، ج5، القسم الثاني، بغداد 1978م، ص58.

[16] - صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، العدد (22644) الجمعة (22 كانون الثاني 1920م)، ص17.

[17] - رمضان شلاش رئيس عشيرة (ألبو سّراي)، عين من قبل حكومة دمشق حاكما عسكريا في الرقّة، واحتل دير الزور والبوكمال سنة 1919م، للمزيد من المعلومات ينظر علي الوردي، المصدر السابق، ج5، القسم الاول، ص132.

[18] - صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، عددها (22823)، الجمعة (23/7/1920م)، ص17.

[19] - صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، عددها (22823)، الجمعة (23/7/1920م)، ص17.

[20] - المصدر نفسه.

[21] - الجنرال ماكمون هو الحاكم العسكري في العراق، ثم حل محله الجنرال هالدن الذي وصل بغداد في 16 آذار 1920م، مجموعة باحثين، المفصل في تاريخ العراق المعاصر، بغداد 2002، ص197.

[22] - صحيفة نيويورك تايمز ، المصدر السابق، ص17.

[23] - صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، عددها (22667) في 17 آذار 1920، ص4.

[24] - تشرشل (1874-1965) كان وزيراً للحربية البريطانية في الحرب العالمية الأولى (1914-1918) ، أصبح رئيساً لوزراء بريطانيا حتى نهاية الحرب العالمية الثانية 1945، وكان أحد الأسباب التي أدت إلى صمود بريطانيا وانتصارها ضد ألمانيا. للمزيد من المعلومات ينظر عبد الوهاب الكيالي، الموسوعة السياسية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1974، ص154.

[25] - صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، في 17 آذار 1920، ص1.

[26] - صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، العدد (22790)، الخميس (17 حزيران 1920)، ص6؛ للمزيد من المعلومات عن ثورة تلعّفر ينظر إبراهيم خليل احمد، (حركة تلعفر 1920 من خلال تقرير سري بريطاني، مجلة الجامعة، السنة (8)، العدد (4)، كانون الثاني 1978، ص20.

[27] - المصدر نفسه، العدد (22815)، الاثنين (12تموز 1920م)، ص15؛ للمزيد من المعلومات حول معارك القطار ينظر عبد الرزاق الحسني، الثورة العراقية الكبرى، بغداد 1952، ص128.

[28] - صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، العدد (22823)، الاربعاء (20 تموز 1920م)، ص15.

[29] - صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، العدد (22838)، في 4 آب 1920، ص17.

[30] - المصدر نفسه، العدد (22855)، الخميس 21 آب 1920، ص2، قتل بركنان عندما رفض تسليم مخفر شهربان للثوار مع معاون الحاكم العسكري (ريتلي) والكابتن (براندفيلد) للمزيد من المعلومات ينظر عبد الرزاق الحسني، المصدر السابق، ص166.

[31] - صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، العدد (22857)، الاثنين (23 آب 1920)، ص10.

[32] - المصدر نفسه، العدد (22858)، الثلاثاء (24 آب 1920)، ص1.

[33] - صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، العدد (22861)، في 26 آب 1920م، ص4.

[34] - صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، العدد (22864)، في 30 آب 1920م، ص15.

[35] - صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، في 13 آب 1920، ص7.

[36] - صحيفة نيويورك تايمز الامريكية، العدد (23613)،في 26/1/1921، ص3.

[37] - المصدر نفسه، ص3.