تصنیف البحث: ادارة
من صفحة: 96
إلى صفحة: 103
النص الكامل للبحث: PDF icon 180421-134501.pdf
البحث:

المقدمة:

الاهتمام بالتعليم بصورة عامة تزايد منذ اواسط القرن الماضي تيمنا بالدور الذي يمكن ان يمثله في عمليات التنمية الشاملة، لذلك توالى عقد الندوات والمؤتمرات المحلية والاقليمية والدولية حوله وحول الشؤون المتصلة به وعلى ذلك فقد اصبح التعليم صاحب الاهتمام الاكبر في كسب المزيد من المعرفة المتطورة وتطبيقاتها وهو بهذا يحتل موقعامتميزا في النظم العالمية كما انه يرتبط عادة بمكانة معنوية ومادية في المجتمع لانه يشمل انواعا متعددة من المعرفة تلبي احتياجات الدولة والفرد في الوقت نفسه.

والتقدم المتسارع في المعرفة والعلوم والتقنيات قد اضاف مسؤوليات جديدة على الانظمة التربوية المعاصرة بحيث لم تعد مسؤولية التربية مقتصرة على اعداد الفرد للمجتمع وللحياة ولدنيا العمل، بل اصبحت مسؤوليتها توفير فرص التدريب- والتعليم المستمر - للافراد لتمكنهم من مواجهة التحولات والتطورات التي تتم او تطرأ في المجالات العلمية والاجتماعية والوظيفية والمهنية حتى ان مبدأ – التربية المستمرة – اصبح من المباديء الاساسية المحورية التي تنتظم حولها جميع المناشط التربوية، و ان التعليم مدى الحياة اصبح من الشعارات التي ترفعها باعتزاز انظمة التعليم الحديثة ان مبدأ دمج او ربط التعليم بالعمل  قد اكدته اليونسكو حين طلبت من التربية خلق روح النزعة في الفرد نحو – التعليم المستمر- فالتربية مطلوب منها اولا ان تعمل على ازالة الحواجز التي تفصلها عن الحياة، كما ان هذا الدمج بين التعليم والعمل هو من اجل ربط التعليم باحتياجات خطط التنمية للعمالة الماهرة، لذا اخذ هذا الدمج او الربط يقدم نموذجا للتغيير التربوي المستقبلي فالمطلوب من هذا النموذج الاعتماده على الانماء الثقافي والاجتماعي فهو ليس اصلاحا تربويا او اقتصاديا فحسب  ولا الاثنين معا بل هو انماء اجتماعي ثقافي حضاري شامل، تتساوى فيه الثقافة والحضارة ارتقاءا  وتقدما بالانسان بل بكل انسان،وربما كان من الافضل الاعتماد على

الانماء الثقافي يعطينا ونحن نحلل ونبني أنظمة تربوية جديدة المجتمع  لان الانماء الثقافي يعطين

اطارا مرجعيا اشمل واجدى. في مثل هذا الحال تأخذ- التربية المستمرة – ابعادها الحقيقية الكاملة

في جعل المجتمع كله مسرحا للنشاط والتعاون، ويصبح- التعليم المستمر – من ابرز مظاهر هذا

النشاط لانه اصبح جزء لا يتجزأ من النشاط الطبيعي للانسان الجديد (10:18)                

وفي ظل الثورة الصناعية الثانية التي عاشها العالم المتقدم في النصف الثاني من القرن الماضي،   والتسابق العلمي والتكنولوجي الحربي والسلمي  بعد ان تطورت الاوضاع الاقتصادية في معظم دول العالم  لا سيما المتقدمة منها منذ عام 1945 حيث بلغ ذروته في طلب للطاقة البشرية العاملة الرفيعة المستوى،  فقد تعاظمت الصيحات الديمقراطية التي نادت بالمساواة و تكافؤ الفرص و التدريب من اجل التنميه و التطوير و الاصلاح  فقد تهافت الناس على طلب العلم من اجل تحسين اوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.  

المشكلات ونشؤ فكرة التعليم المستمر:

تكمن هذه المشكلات في نظر معظم التربويين الى التفاوت بين عاملين اساسيين هما: الاختلاف بين الانظمة التربوية اولا والبيئات التي وجدت فيها هذه الانظمة ثانيا،وقد تسبب من جراء ذلك زيادة الطلب على التربية  والتعليم بصورة عامة  لا سيما على التعليم ما قبل الجامعة وما بعده، وقلة الموارد المخصصة له وزيادة كلفته،اضافه الى الهدر وعدم فعاليته وجمود الانظمة التربوية  وتدني مستوى المخرجات وبطالة المتخرجين.واذا اوجزنا الاسباب التي تقف وراء المشكلات التربوية او عملية التربية والتعليم فاننا نجد في صميمها (مشكلة الانسان امام الانسان،او بالاحرى مشكلة استغلال الانسان لاخيه الانسان اي استغلال القادر لاخيه الانسان المستضعف عبر الدهور حتى العصر الحاضر) (2  :105)

وقد تظافر عوامل اخرى وقفت وراء تلك المشكلات منها مشكلات علمية وفنية شبه مستقلة ووقع في صميم جميع تلك المشكلات العالمية العامة مشكلة تكافؤ الفرص السياسة  والاقتصادية والحد من استغلال الانسان للانسان والتبعية في نظام عالمي جديد، اما المشكلات التربوية الاساسية فهي مشكلات تتركز حول تكافؤ الفرص التربوية اسوة بغيرها من الفرص، ولقد تبارى العديد من الخبراء التربويين في الشرق والغرب في تقديم  الحلول واالمعالجات التربوية حول مشكلات تكافؤ الفرص في التربية والتعليم، ومن بين هذه الحلول والمعالجات التي شاعت اخيرا

وانتشرت بين الاوساط والمؤسسات التربوية العالمية هي فكرة التربية المستمرة او التربية المستدامة، وقد اكد بعض المربين العرب على ان التربية العربية في النظام العربي  المستقبلي لابد لها ان تأخذ بالتربية المستمرة لا الوقتية.(7 :72)

وعلى ذلك فكرت بعض الدول من الناحية الاقتصادية على تطوير سلم التعليم عندها بجعله مرحلة واحدة مستمرة حتى اخر مرحلة الالزام لضمان الحصول على الأعداد التي يمكن ان تسد حاجتها المتعاظمة من الطاقة العاملة ذات مستوى تعليمي متوسط  فاصبحت التربية بنظر الجميع عبارة عن استثمار اقتصادي مضمون النتائج.

ومن هنا اخذت فكرة التربية المستمرة نشأ تها  الاولى كعملية مستمرة على مدى الحياة تلبي المطالب الاقتصادية، واقبلت على هذه الفكرة المؤسسات التربوية الدولية كالمجلس الاوربي وغيره اما اليونسكو فوضعتها في مقدمة اهتماماتها و في اولويات خطة تطويرها في ميزانيتها من عام 1971-1972 وما بعد ذلك  وعبر عن ذلك مدير اليونسكو السابق (السيد ماهو) كما ظهر بوضوح فيما بعد في تقرير اللجنة الدولية للنهوض بالتربية برئاسة (السيد أدغارفورد)  حيث اكد على فكرتين  هما فكرة التربية المستديمة وفكرة المجتمع المتعلم، وعلى هذا الاساس اكدت اللجنة الدولية في ان تتبنى الدول المتقدمة والنامية على حد سواء مبدأ(التربية المستديمة) كفكرة رئيسية في سياستها التربوية في السنوات القادمة (6: 112،113)

لماذا التعليم المستمر ؟:

فيما يلي ساعرض بعض الافكار والاراء التربوية التي جاءت بها بعض الادبيات التي اكدت على اهمية   التربية المستمرة او المستديمة:

ان عبارة (التربية المستمرة) كانت في باديء الامر تدل على تعليم الراشدين والدراسة المسائية، ثم اصبحت تدل على الاستمرارفي التعليم  ثم على التكوين المهني المستمر مع مراعاة جوانب الشخصية المتعددة ثم اصبح هذا المصطلح يدل على كامل العملية التربوية من الناحية الفردية والاجتماعية معا.  فالتعليم المستمر في مفهومه الشامل يعني:استمرار عملية التربية دون انقطاع من اجل تحقيق امال الفرد وتنمية قدراته وامكاناته وتمكينه من مواجهة مطلب

 التغيير، كما انه:ذلك النوع من التعليم الذي يهدف  الى مساعدة الفرد على مواجهة التغيرات الحضارية والاجتماعية وا لتكنولوجية سواءفي مجال العمل  اواليبت او المجتمع تحقيقا للتكامل

والترابط بين الانسان والبيئة التي يعيش فيها، للنهوض بها عن طريق حشد الطاقات البشرية وانمائها وحشد طاقات البيئة منها،فالتعليم المستمر على هذا الاسا س يتيح للافراد الفرصة في     الاستفادة والاستزادة من كل فرص التعليم التي تتاح لهم دون التقيد بالزمان والمكان كما انه يعني التدريب من اجل التغيير وتعزيز التعليم الذاتي عند المتعلم الفرد او الجماعة،كما تعني في جملة ما تعنية توزيع التربية على مدى حياة  (3 : 15).

كما عرفته اللجنه الاستشارية للمجلس الاوربي:بانه كل الطرق التربوية التي تتوفر للانسان من الطفولة وحتى يبلغ الشيخوخة، كما انه نظام شامل ومتكامل ومنسقا كي يواجه كل الطموحات الاجتماعية والتربوية للفرد في ضؤ قدراته واستعداداته  وهي ايضا تعني تمكين الفرد في داخل مجتمعه من تغيير وتطوير شخصيته عن طريق العمل والترويح التي تتوفر له، ومن خلال هذا التعريف فان التربية المستمرة تشتمل على التعليم الاساسي والتعليم المستديم.                     

إن التعليم المستمر ُينظر اليه في كون ان التعليم بصورةعامة هو عملية استثمارية فريدة، فضلا ان التعليم النظامي و انواعه ومؤسساته التقليدية المحدودة  لا يقدم سوى تعليما دون المستوى المطلوب والذي لا غنى عنه حيث ينبغي ان يناله كل شخص في مرحلة الطفولة والشباب او في المراحل اللاحقة عند الضرورة، ان التغييرالسريع في العلم والمعرفة والتكنولوجيا قد فرض على المؤسسات التربوية مهمات جديدة ينبغي عليها ان تتفاعل معها لان ميادين الاستحداث التي عمت العلم والتكنولوجيا تضاعفت وتكاثرت بسرعة مذهلة فاصبحت المؤسسات التربوية التقليدية لا تستطيع استيعابها بل اصبحت عاجزة في تقديمها او استيفائها  للطلاب بالشكل المطلوب،وعلى ذلك فالتعليم المستمر اصبح ضرورة ملحة في عصرنا هذا لغرض مواجهة طوفان المعارف الذي اصبح يتدفق بسرعة مذهلة قد يصل في الوقت القريب في  كل دقيقة بل وفي كل ثانية.    (1 :15-16).

أهمية التعليم المستمر

التعليم المستمر قد استقطب العديد من الدراسات والبحوث من المختصين في  الدول المتقدمة ومؤسساتها البحثية والجامعية التي تستهدف زيادة ارتباط تلك المؤسسات بحقل العمل واحتياجاته وزيادة المتابعة والكفاءة والتوافق للمشاركين في برامج التعليم المستمر،ويبدو من خلال هذا الاهتمام بهذا النوع من الدراسات سواء في الدول المتقدمة او النامية هو لغرض توفير وسائل لقياس مدى كفاءة برامج التعليم المستمر في ضؤ المعلومات التي يستوعبها المتعلمين من مشاركتهم في تلك البرامج ، وكذلك معرفة  مدى التوافق بين موضوعات برامج التعليم المستمر وطبيعة العمل الذي يمارسونه  في حقول اعمالهم،اضافة الى معرفة مدى الاستفادة من التعليم المستمر الذي تعقده المؤسسات البحثية واالعلمية في زيادة كفاءة الانتاج، كل في حقل عمله.     

وفي ميدان هذا العمل واهمية مردوداتة على الانتاج بالنسبة للمشاركين في برامج التعليم المستمر فقد اجريت العديد من البحوث والدراسات في الدول المتقدمة والنامية ومنها العراق، عن دور التعليم المستمر وتاثيره على المشاركين في جوانب الخبرة والمهارةوالكفاءة وتاثيركل ذلك على الانتاجية (  11: 267-268).   

 نظرا لسرعة حركة الشعوب في النهوض بنفسها، وسرعة التغييرات التكنولوجية والسياسية والاجتماعية الحاصلة في عالم اليوم، وما يلاحق ذلك من تطور افكار الناس واتجاهاتهم في الحياة،وضرورة سعيهم للاضافة لحصيلة خبراتهم ومهاراتهم ومعارفهم وتنميتها، فان الاقتصاديين الاجتماعيين والمخططين راوا حتمية وضع نظام وخطة القصد منها اتاحة الفرص لاستمرار التعليم لكل مواطن يرغب الاستزادة من المعارف والعلوم او يريد استكمال ثقافتة او دراستة بشكل او اخر بعد ان يكون قد حصل على قدر من التعليم المدرسي النظامي او حتى بعد ان يصل الى المستوى الوظيفي من التعليم .

ان القصد من اتاحة فرص الاستمرار في التعليم او امتداده هو تهيئة المتعلمين للاسهام في مشروعات التنمية الوطنية، وبقصد اعدادهم لتحمل مسؤليات ومتطلبات النمو والتطور الملحة والمستمرة في عصرنا الحاضر كما ان من جملة ما تهدف الية هذه التهيئة والاعداد هو لغرض تزويد هؤلاء المتعلمون بالمهارات الجديدة  لكي ترقى بهم الى التكيف للحياة المعاصرة  وكما  تساعدهم على تقبل وهظم القيم الجديدة  وتمكنهم من تحسين مستوى معيشتهم، وهذه الامور وسواها كلها تدفعهم للرغبة في النمو الذاتي،  كما تشجعهم على المزيد من العمل لغرض زيادة الانتاج  وتمكنهم من الابداع والابتكار. (2:12)

ومن ناحية اخرى  ولغرض ربط التعليم المستمر بالخطط الوطنية المتطورة للتنمية برباط وثيق، و لاعداد القوى الوطنية المتدربة اللازمة لتنفيذ تلك الخطط، ينبغي اتاحة الفرص للتعلمين فيما بعد والحاقهم بالتعليم الالزامي بقصد الوصول  الى المستوى الوظيفي اللائق بهم وفتح فرص التعليم  والتحصيل والتدريب الممكنة امام كل الراغبين والطموحين  الى ذلك. وتحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص ومساعدة الكفايات بصورة عامة، فان هذا النوع من التعليم المستمر، ينبغي ان يكون جزء هام واساسي من شرائح السياسة العامة للتنمية،وان يسير جنبا الى جنب مع النظم التعليمية والسياسية المرسومة في المجتمعات النامية على الاقل.

ان هذا النوع من التعليم ينبغي ان تتصف اجراءاته ليس بوصول المتعلم فية الى حد المستويات الدنيا من التعليم او فقط للوصول به  الى نهاية التعليم الالزامي،  بل لابد  من الوصول بة الى الفعالية والمرونة والاستمرار واكتساب الخبرة  الوظيفية وهذا بدوره يتطلب ان يمتد التعليم الى اعلى مستويات الاعداد بل لابد ان يتخطى مرحلة الثانوية  وصولا الى التعليم الجامعي او ما يعادلها ا والى ابعد من ذلك كله ايضا، وسبب ذلك ان سرعة التطور وحجمه وسرعة حركة المجتمعات تجعل التعليم وزيادة حصيلة المهارات والخبرات من المستلزمات الاساسية والضرورية لمتطلبات الحياة الانسانية والاجتماعية .(13: 117- 119)

 برامج وفرص التعليم المستمر

إن الدراسة المستمرة لابد ان تسجل مجالات أوسع و أعم في ميادين الخبرات التعليمية من الأنشطة العامة التي تضمنتها الأنظمة التقليدية.

كما ينبغي ان تعطي فرصاً اكثر لكسب معارف جديدة و مهارات عملية متنوعة إضافة الى برامج في الوطنية و مواد في الثقافة و النمو الاجتماعي التي تهيؤها الهيئات التعليمية و غير التعليمية و التي عادة ما يطلق عليها أسماء مثل:التربية الجماعية و التربية الصحية و تنمية المجتمع و السياسة العمالية و التأمين و التعاون في الانتاج و غيرها من المعارف اللازمة اضافة الى الموضوعات المهنية و الوظيفية التي تعمل على اعداد المواطن الذي يستطيع بمعارفة و خبراته ان يسهم في تطوير مجتمعة بفعالية بناءه هادفة.

كما يجب ان ُتركز برامج التعليم المستمر في جميع مراحلها على حاجيات المتعلمين و اهتماماتهم التي تعبر في جزء منها عن مطالب المجتمع  كما انها تتناول المشكلات السائدة و العامة في الحياة اليومية وكذلك تعمل على تحقيق الصلة الوثيقة التي ينبغي ان تتواجد باستمرار و على الدوام بين التعليم و النشاط المهني في حاضرة و مستقبلة كي تكون هذه البرامج عوناً للمتعلم على تحسين مركزة مالياً و ثقافياً.(4: 144-146)

ويعد الزمن عنصراً له اهمية و خطوره على برامج الدراسة و الدراسين فالكثير من المتعلمين قد لا يتيسر لهم الوقت الكافي لممارسة دراساتهم بالطرق النظامية المألوفة، لذا كان من اللازم ان ُتتخذ كل السبل لضغظ البرامج العادية و تركيزها بحيث تمكن المتعلم من اكمال برامج دراستة , و اشباع رغباته من التعليم في اقصر وقت ممكن بشرط الابقاء على البرامج و المواد الحديثة و عناصرها الرئيسية التي لابد من استيعابها في تلك البرامج.

ومن جهة اخرى فان التعليم الثانوي للكبار سواء كان عاماً اكاديمياً او فنياً مهنياً ينبغي ان ُتركز فية الموضوعات و تختزل بالقدر الضروري بينما يوسع البعض الاخر و يعمق على اسس تتلاءم الدراسة فيه مع نضج المتعلمين و حاجاتهم و مايتيسر لهم من وقت.

وكذلك الحال في التعليم العالي الذي ينبغي ان ُتفتح ابوابه امام الراغبين في مواصلة دراستهم بشرط ان يكون جنباً الى جنب مع الدراسات التي لها علاقة او صله باعمالهم و تناقش بعض الموضوعات التي تهم المجتمع و ترتبط بالاحدات الجارية  ومن جهة اخرى  لها علاقة بخطط التنمية الوطنية الكبرى.

كما تتطلب برامج التعليم المستمر ان توضع لها احدث البرامج و الخطط لكي تحقق اهدافها وان يستعان فيها باحدث الاساليب والوسائلً اضافة الى الاستعاتنه في تنفيذها باكفأ الاساتذه الذين بمقدورهم دعم العلم بالخبره و التجربه.

رؤية التربية المستمرة 

مفهوم التربية المستمرة ما زال يخضع للعديد من الاراء والافكارذات الصيغ  المنوعة فهو لم يصل بعد الى معالم واضحة ومحددة وما يصلنا من داخل  اروقة وقاعات اليونسكووالمشتغلين بهذا الموضوع مازال ضبابيا ولم تقدم نموذجا محددا ومتقنا ،بل هناك جملة من الافكار والاجتهادات جعلت الابواب مفتوحة امام كل الخيارات التربوية لاستثمار افضل تلك الافكار وتمركزها حول الاسس الديمقراطية  وتكافؤ الفرص.

ومن داخل اجتماعات احدى حلقات اليونسكو سأعرض بعض ما توصلت اليه تلك الاجتماعات من اقتراح مجموعة من الاسس والخصائص التي تتعلق بالتربية المستمرة وتميزها عن التربية التقليدية ويمكن تلخيصها بما يلي:

1-  ان التربية المقترحة هي تربية مستمرة على طول حياة الانسان فلا تتحدد بفترة زمنية.

2- هي تربية تشمل استثمار كل انشطة الانسان الاجتماعية والسياسية  ابتداء من حياته في البيت والاسرة مرورا بالمجتمع  وقطاع العمل.

3- كما انها  تربية تهتم بفردية المتعلم من جميع جوانب تكوين شخصيته جنبا الى جنب  باهتمامها بتزويدة بالمعارف الاجرى.

4- تربية لاتهتم بنوع واحد من النشاط التعليمي بل تهتم بدمجها ضمن نظرةعضوية شاملة  لغرض نمو المتعلم (تعليم تقني،عام نظامي وغير نظامي،تربية ثقافة،علوم، مختبرات)

5- تشجع المتعلم على كيفية ان يتعلم عن طريق البحث والتجريب وطرح الاسئلة  وتنمية النقد  وتحرير عقلة وتنمي فية روح التعاون والابتكار.

6- تؤكد على تحقيق ذاته وتنمية طاقاته بلا حدود من خلال انشطة الخلق والابداع ضمن ممارسته لحياته اليومية في مواقع العمل  المهنية والاجتماعية والفكرية والثقافية.

7- تدعو الى نمو المتعلم من خلال ايجاد الادوات  التي يستطيع بها  ان يطور ذاته بصورة مستمرة، فالتربية نشاط طبيعي  انمائي متكا مل.

8- التربية عملية تعلم جماعي ذاتي ، والتفاعل والحوار فيها يعتبراساس بعكس التعلم القائم على العزلة والانطواء.

9- لا يراعي مواهب المتعلم وقدراته كما لا يؤمن بالانتقاء المبكر فهو اسلوب ينتقص من شخصية المتعلم  اضافة الى كونه يمثل هدرا في استثمار وشحذ طاقات المتعلم، بل هي تشجع الى استغلال كل طاقات ومواهب المتعلمين في جميع مراحل نموه.   

10- العملية التعليمية وانتهال العلوم والمعارف لاتتحد د داخل اسوار(مدارس،معاهد، جامعات) بل مكانها الطبيعي حيث ينشط المتعلم  (اسرة، معمل، نقابة، نادي، الحزب)

11- تنظيم وتكييف وسائل التدريب والتعلم  حسب قدرات الافراد وظروف المتواجدين فيها فلا ُتفرض وسا ئل بعينها  في عملية تعلمه (كتاب، محاضرة،مختبر).

12- المتعلم هو طالب ومعلم في نفس الوقت، والتدريب شرط في العمل،يتعهده المجتمع بكامله في مختلف اوقاتة وسياقاته، وان يكون التدريب في موقع العمل لغرض اكتساب قدرة التعرف علىكيفية زيادة الانتاج وكيفية تطويره.

13- تعتبر التربية المستمرة تحول وتغير نوعي في النظام التعليمي، فهي موقف يمثل رغبة المتعلم في هذا الاتجاه، ولابد من معرفة الظروف والتغيرات الاجتماعية والسياسية التي تساعد على احداث التحولات في الانظمة التعليمية.

14- هذا النوع من التعليم ينبغي ان يكون ضمن اطار اصلاحي جذري شامل للانظمة التعليمية،وصلته وثيقة باهداف التنمية العامة في المجتمع اضافة الى انه يمثل اساس المساهمة الشعبية الواسعة،كما ان هذا الاسلوب يضمن انتقال السلطة الى يد المجتمع كله بدلا من يد الصفوة المحدودة.

15-ان النضال ضد التمييز الاجتماعي والاقتصادي والعنصري والثقافي،يفرض على الباحثين عدم التركيز على نوع واحد منها في تحليل الحاجات والدوافع،لان الحاجات الانسانية متعددة ومتداخلة الحقول والاختصاصات.(8: 114-116)

لذا فان فكرة التعليم المستمر – في ضؤ ما مر ذكره- ستجعلنا ان نقف امام كثير من القضايا التربوية وقفة نقدية تلغي تلك الطرق والنظم التي تعودنا عليها والقائمة على اساس من التلقين وحشو الاذهان بمعلومات مجردة لا ترتقي الى مستوى التغيير بمستوى المتعلم ولا تتلاءم مع معطيات العصر الحاضر التي غدت تتدفق بغزارة وبسرعة مذهلة  متجاوزة بذلك الحدود والبقاع والبحار بل والقارات، وهكذا تؤكد التربية معناها الصحيح في اكتساب المواقف والمهارات والخبرات من خلال الدمج بين التعلم النظري والتعلم العملي ضمن اطار المنهج التكاملي لتحقيق وحدة المعرفة بين مشارب العلوم الادبية والعلمية بعيدا عن التعليم باسلوب المواد المستقلة بعضها عن البعض الاخر، كما ان مفهوم الاخذ باسلوب التربية المستمرة  يفرض تغييرا جذريا في اسس المناهج ويفرض وضع برامج وخطط شاملة تقوم على معطيات العصر الحاضر وما قدمته الحضاره الانسانية  من ادواة ومعدات تكنولوجية حديثة لا يمكن تخطيها في مجال التعلم والتعليم  بل تفرض على القائمين على العملية التربوية ان ينفضوا غبار الماضي عن وسائلهم واسا ليبهم التقليد ية البالية ويستبدلونها بالطرق الحديثة التي تمثل عصارة  الجهود البحثية العلمية بعيدا عن استعمال الطرق غير المجدية المبنية على تكديس المعلومات والمعارف التي لا تضع في الاعتبار الابعاد الانسانية واحتياجات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية  والظروف البيئية  ( 5: 21-27)

ان اقل ما يقال في رؤية التربية المستمرة: انها تعزز الشخصية الانسانية باسلوب اكساب   حقوقها للعديد من المتعلمين عن طريق اشاعة هذا  النوع من التعلم،وكذلك تحقيق مطلب الديمقراطية وما يتضمنه  من مباديء تكافؤ الفرص التعليمية  والتربوية لجميع ابناء المجتمع،كما تؤمن عمل الفرد الواحد خلال فترة حياته، ونتاج عمل الجماعة وما حققته من مكاسب علمية واجتماعية عبر الاجيال، كما  ُتعتبر اسلوب تربوي  علمي متجدد تكسب رواده الخبرة الوظيفية التي تشعره بنعمة العمل و الحياة ، اضافة الى ما ستحدثه من تغيير في العقلية والُبُنية والافكار والعمليات وحتى نتخلى عن الطقوس الاحتفالية وجوازات المرور التي اعتدناها في الامتحانات في التعليم  التقليدي، فاننا في ظل التربية المستمرة او المستديمة تصبح تلك الامتحانات و الشهادات ذات معاني جديدة و ابعاد واقعية معقوله و يتضاءل واقع النجاح و الرسوب على السواء بدل من اعتماد اسلوب فرز المتعلمين على اسس معظمها عشوائي او اعتباطي تؤدي الى الفصل  بين الناجحين والمحظوظين في جهة و الراسبين قليلو الحظ من جهة اخرى(8: 127)

ا ن التقييم الحقيقي  لتحصيل المتعلم او الطالب ينبغي ان يعتمد على اكثر من اختبار ايجابي من ضمنها اختبارات نظرية وعملية.    فاذا بقى التعليم في قوالبه التقليدية القديمة المرهون باوقات معينة من حياة المتعلم،فان عمليات الانتقاء المشروطة من امتحانات ومباريات وتتويجا ت تبقى سيفا  قاطعا بتارا يقضي على الكثير من الذاتية الفردية ويقتل روح  تفتح الشخصية الانسانية ونموها في مسارها الطبيعي.

ان الطرائق الحديثة في التعليم الذاتي كالتعليم: المبرمج،او بواسطة الحاسوب، اوالمتلفز،او في مختبرات اللغات وغيرها، فانها كثير ما تعتمد اسلوب تنظيم الاختبارات بكيفية خاصة لا على اساس اسلوب الاختبارات التقليدية، وقد تم الاخذ في اختيار الموظفين  لا اساس الشهادات المدرسية او الجامعية، بل على طريقة التقييم الموضوعي لقدرة المتعلم على أداء العمل او الوظيفة المرشح لها.(9: 57) (3: 79)

في ضؤ هذه المفاهيم تصبح التربية المستمرة عملية متجددة متخطية كل القوالب التقليدية القديمة والمتعلم فيها في حالة اعداد تربوي منفتح  واعادة نظر دائمة في اوضاعه حتى بعد الحصول على شهادة التقييم،وعلى هذا يصبح النجاح او الرسوب قضية نسبية بينما باب الاكتساب والتقدم يبقى مفتوح على مصراعية للجميع بغض النظر للرسوب او النجاح اوالاعادة، فالاخفاق في العمل لا يصبح مثلب او فضيحة ولا يأخذ حجما اكبرمن حجم اهميته الفعلية بل يصبح مجرد تأخير عابر وتجربة محدودة ولا يصنف ضمن "الفشل الذريع"،ومن جهة اخرى اذا ما نجح المتعلم فينبغي الا يبقى أسير نشوة النجاح المؤقتة الواهية، بل ينبغي علية مواصلة واستكمال ما فاتة بكل همة واقتدار، كما الا يغتر بما حققه من نجاح طالما ان النجاح اصبح عملية نسبية غير محاطة بهالة من الاجلال او التقديس .

وبهذا يصبح كل افراد المجتمع  متعلمين ويقظين على الدوام في ظل التربية المستمرة غير ابهين لما اصابهم من نجاح او رسوب، بل يستثمرون كل جهد من اجل تنشيط حياتهم واعطائها معنى ايجابيا.

المراجع

1-بوصوم  ،عواطف عزيز وانعام متي توما،دور التعليم  المستمرومردوداته على المؤسسات الانتاجية،1989.مجلة العلوم التربوية والنفسية،بغداد،العدد الثالث عشر، السنة الخامسة عشرة.

2-  حافظ،محمد علي، تعليم الكبار،مفهومه واساليبه،صحيفة التربية، القاهره،السنة الثانية والعشرون، العدد اول،نوفمبر،1969.

3- الحصري،علي منير ويوسف العنيزي،طرق التدريس العامة،مكتبة الفلاح، ط2،العين، 2004

4- حمدان،محمد زياد، التدريس المعاصر، مكتبة دار التربية الحديثة، عمان  1988.

5- ريان، محمد هاشم، مهارات التفكير وسرعة البديهة: وحقائب تدريسية، مكتبة الفلاح،عمان،  2003.

6-شحاته،حسن، التعليم..دعوة للحوار في الوطن العربي،الدار المصرية اللبنانية، القاهرة،2006.

7- شحاته، حسن،مدخل الى تعليم المستقبل في الوطن العربي، الدار المصرية اللبنانية، القاهرة،2004.

8- صيداوي، احمد، نحو تربية مستديمة، مجلة وقائع وبحوث،بغداد، الجزء الاول ،حزيران 1975.

9- الفيتوري،شاذلي،التربية غير النظامية، مجلة التربية الجديدة،بيروت،مكتب اليونسكو الاقليمي، السنة الثالثة عشرة، العددالثامن والثلاثون،اب 1986.

 10- الطائي، نهاد صبيح سعد، قيادة التطوير والتغيير التربوي، محاضرات على طلبة الدراسات العليا، جامعة نزوى،2008.

11- الغبيسي،محمد اسماعيل  عبد المقصود،تدريس الدراسات الاجتماعية: تخطيطهوتنفيذه وتقويم عائده التعليمي، مكتبة الفلاح،العين،2001.

12- محمد،داود ماهر، مدى تحقق التعليم المستمر في مناهج كلية الهندسة بجامعة الموصل،مجلة العلوم التربوية والنفسية،بغداد،العددالسابع عشر،ايلول1990.

13- معتز،احمد ابراهيم وبرها ن نمر بلعاوي، فن التدريس وطرائقه العامه،ط1،العين،مكتبة الفلاح، 2007