تصنیف البحث: القانون
من صفحة: 68
إلى صفحة: 87
النص الكامل للبحث: PDF icon 2-5.pdf
خلاصة البحث:

لقد جاء الاهتمام العالمي بحقوق التأليف وحمايتها متزامناً مع التطورات التي شهدتها العديد من المجتمعات في عالمنا المعاصر, وكان لحالات الخلق والأبتكار للعقل الأنساني في الثقافة والعلوم والمعارف, وانتشار حركة التأليف والنشر نتيجة ذلك, الدافع الرئيس للدول لايلاء هذا الموضوع مايستحقه من اهتمام لصيانة حقوق مواطنيها فيما يبدعون ويبتكرون في المجال الفكري.. ومن هنا جاءت التسمية (اصطلاحاً) بـ (الملكية الفكرية).

البحث:

 

1. المقدم‍‍ة

لقد جاء الاهتمام العالمي بحقوق التأليف وحمايتها متزامناً مع التطورات التي شهدتها العديد من المجتمعات في عالمنا المعاصر, وكان لحالات الخلق والأبتكار للعقل الأنساني في الثقافة والعلوم والمعارف, وانتشار حركة التأليف والنشر نتيجة ذلك, الدافع الرئيس للدول لايلاء هذا الموضوع مايستحقه من اهتمام لصيانة حقوق مواطنيها فيما يبدعون ويبتكرون في المجال الفكري.. ومن هنا جاءت التسمية (اصطلاحاً) بـ (الملكية الفكرية).

أن الملكية الفكرية قد ظهرت في الفترة الواقعة بين القرنين السادس عشر والثامن عشر على مستويات ومراحل مختلفة, وكانت تهدف الى تأمين حقوق المبدعين والمخترعين الخاصة المترتبة على استخدام اعمالهم ومخترعاتهم.

وتنطبق هذه الملكية على مواضع غير مادية تتمتع قانوناً بأستقلالية ناشئة عن الوضع القانوني لـ (الداعم المادي) الذي تستند اليه. وكان لنشأة الصحافة الحديثة المنتظمة في اوربا في القرن السادس عشر وأزدياد وتائر النشر والطباعة, في الكتب والمطبوعات عموماً, مع التطورات الأقتصادية والصناعية والمتغيرات الأجتماعية, الأثر الكبير في الأهتمام بهذه الملكية وحماية حقوقها, وهذا ما دفع الى تكوين منظمات وهيئات دولية تعنى بهذا الموضوع.

وفي ضوء ما تقدم... تتأتى أهمية هذا البحث وما يتضمنه من تساؤلات عن هذه الحقوق وأحكامها وسبل حمايتها, وعلى وجه الخصوص, ما يتعلق منها بالنشر الصحفي مع ملاحظة أحكام التشريع العراقي في هذا المجال, إلاوهو (قانون حماية حق المؤلف رقم 3 لسنة 1971).

تتضمن هذه الدراسة ثلاثة مباحث رئيسة, تناول المبحث الأول منها معنى (الحق) في اللغة والشرع والقانون كمدخل تمهيدي للموضوع, أما البحث الثاني فقد ناقش مجمل ما يحيط بحقوق التأليف والملكية الفكرية وما ينتج عنها من اعمال ابداعية (المصنفات) وأشكال الحماية القانونية عليها, فيما كرس المبحث الثالث مضمونه لدور هذه الحقوق في مجال العمل والنشر الصفي, وهو بلا شك, جانب مهم ضمن أفاق هذه الحقوق وسعتها.

المبحث الأول

في معنى (الحق)

2. تمهي‍د

قبل الخوض في تفاصيل البحث نرى ضرورة التوقف عند لفظ (الحق) وما يعنيه في اللغة والشرع والقانون, لكونه يمثل ركناً جوهرياً في سياق ومجريات البحث.

3. في اللغ‍ة

ان لفظ (الحق) لفظ مستقر في اللغة, كثير الجريان عل الألسنة والأقلام, الحق جمع حقوق, وهو نقيض الباطل, قال تعالى (ولاتلبسوا الحق بالباطل)([1]), و(لقد حق القول على اكثرهم)([2]), وحق الأمر يحق ويحق (بكسر الحاء وضمها) حقاً وحقوقاً وثبت ([3]). وهو في هذا يعني الثبوت والمطابقة للواقع في معن‍اه الع‍ام.

وتحقق عنده الخبر أي صح. وحقق قوله وظنه تحقيقاً أي صدق. فالحق هو (العدل, الصدق, البين الواضح, الواجب الذي ينبغي أن يطلب, المسوغ بحسب الواقع) وإذا اضيف الحق الى المصدر كان معن‍اه ان‍ه عل‍ى أكم‍ل وج‍ه.

وف‍ي اللغ‍ة الأنجليزي‍ة: الح‍‍ق Right ويعن‍ي: صواب مستقي‍م, مصي‍‍ب, قوي‍م.. الى آخره

4. في الش‍رع

الشريعة هي ما شرع الله لعباده والظاهر المستقيم من المذاهب, ويطلقها الفقهاء على الأحكام التي سنها الله سبحانه لعباده ليكونوا مؤمنين عاملين صالحين سواء أكانت متعلقة بالأفعال أم بالعقائد أم بالاخلاق, ومن الشريعة بهذا المعنى أشتق (شرع) بمعنى أنشأ وسن قواعدها ([4])

في كتابه القيم (الحق والذمة)([5]) يشير الاستاذ علي الخفيف ان (فقهاء الاسلام لم يعنوا بذكر حد أو رسم للحق, وكأنهم رأوه واضح المعنى فأسغنوا عن تعريفه) ثم يمضي مستطرداً القول ان (أستعمال الحق كثير متنوع, وإن انواعه متعددة مختلفة, فأنه يتنوع الى حق مالي وحق أدبي وحق خلقي وحق أجتماعي, وربما كان هذا هو ما دعا بعض الكتاب في علم الأصول الى بيان المراد به في هذا العلم فقالوا إن الحق (حكم يثبت). وبعد ان ينتقد هذا التعريف, يشير الى أن الحق يطلق في لسان الشرعيين على كل مصلحة أو منفعة أو فائدة (مادية أو أدبية) يختص بها مستحقها دون غيره, وأن هذا الأختصاص يجب ان يكون مقرراً شرعاً, ووفق هذا الأعتبار عرف الحق بأنه (مصلحة مستحقه شرعاً). ولتوضيح ذلك يجب ان يكون مصلحة مستحقة تتحقق بها فائدة مالية أو أدبية ولا يمكن ان يكون ضرراً, ولابد أن تك‍ون ه‍ذه المصلحة أو الفائدة لصاحب يستحقها ويختص بها.

5. في القان‍‍ون

أن فكرة الحق هي من اكثر المواضيع التي يحتدم بشأنها الجدل الفقهي, فالأستاذان

عبد الرزاق السنهوري وأحمد حشمت يران (انه لايمكن تصور وجود قواعد قانونية إلا اذا كان هناك مجتمع يدخل افراده في روابط, كما انه لا يمكن ان توجد الروابط, وهي تتمثل في شكل حقوق وواجبات, وتحترم إلا اذا وجد القانون لينظمها وليقوم على حمايتها من كل اعتداء يقع عليها([6]). ورغم ان الغالبية العظمى من الفقهاء لا تنكر وجود فكرة الحق, إلا أنهم لم يتفقوا على اتجاه واحد في تعريفها, وان الأختلاف في تعريف فكرة الحق يتأتى من اختلاف وجهات النظر في شأن طبيعة الحق, وقد حددت هذه الطبيعة استناداً الى زوايا مختلفة مثل صاحب الحق, وموضوعه, والغرض منه او كليهما معا([7]). فيما ذهب الاستاذ السنهوري في تعريف بكونه (مصلحة مادية أو أدبية يحميها القانون)([8]).

ولعل أوضح تعريف للحق يحيط بماهيته هو الذي فضله الدكتور عبد الله مصطفى والذي يقضي بأن الحق هو وضع شرعي يجعل للشخ‍ص الأختص‍اص بمنفعه مادية او معنوية([9]).

6. عناصر الحق

في ضوء ماتقدم يتبين ان للحق ثلاثة عناصر هي الشخص والموضوع, والمصدر, وهذا ما سنوضحه على النحو الآتي:

1. الشخ‍ص

الشخص عنصر أساس في الحق لأنه صاحبه, ولابد لكل حق من صاحب.

أن الشخص من الناحية القانونية لا يعني (الأنسان) تحديداً, لان مفهوم (الشخصية القانونية) أوسع من مفهوم (الأنسان).

أن (الشخص) بالمعنى القانوني ينقسم الى نوعين: (الشخص الطبيعي) و(الشخص المعنوي)([10]). والشخص الطبيعي هو الأنسان الذي يعتبره القانون قابلاً للتمتع بالشخصية القانونية, أي يكون له (مركزاً قانونياً) أو (أهلية قانونية) وهذه الشخصية للأنسان تبدأ بتمام الولادة حياً وتنتهي بوفاته. أما الشخص المعنوي, فهو أية مجموعة من الأموال او الأفراد التي يعترف لها القانون بقدرة التمتع بالحقوق وتحمل الألتزامات, أو بعبارة أخرى التي يمنحها القانون مركزاً قانونياً أو شخصيه قانونية مستقلة([11]). وتنتهي الشخصية القانونية للشخص المعنوي لعدة أسباب, فأذا حققت الشخصية المعنوية هدفها كما لوكانت قد تأسست لفترة معينة كالجمعية التي ئوسس لأغراض انسانية كالأغاثة, وقد تنتهي لعجزها عن تحقيق اهدافها لأسباب مالية أو غير مالية, أو تكون نهايتها بأنقضاء المدة التي حددتها لممارسة نشاطها كالشركة التي تؤسس لأنجاز عمل, أو تتم تصفيتها لأسباب عديدة([12]).

2. موضوع الحق

موضوع الحق, أو محله, هو الشئ, والمقصود بالشئ هو كل ما لا يعد شخصاً ويكون له كيان ذاتي منفصل على الأنسان, سواء كان مادياً يدرك بالحس أو معنوياً لا يدرك إلا بالتصور مثل المصنفات الفكرية والأختراعات والعلامات والأسماء التجارية.

3. مصدر الحق

الأصل ان القانون مصدر لجميع الحقوق, وقد يكون مصدراً مباشراً لها أو مصدراً غير مباشر. فالقانون هو الذي يكسب الوقائع والأعمال والأحداث معنى ومدلولاً قانونياً.

وتتمثل مصادر الحق في مصدرين رئيسين هما: الواقعة القانونية وكذلك التصرف القانوني.

والواقعة القانونية هي كل عمل مادي أو اختياري, يرتب القانون عليه اثراً قانونياً مثل انشاء حق أو نقله أو تغييره أو زواله دون إعتبار لوجود الأرادة.

اما التصرف القانوني فهو إظهار الأرادة التي يقصد بها انشاء الحقوق أو تغيير نطاقها أو القضاء عليها على نحو يحترمه القانون ويقره, وبهذا يتميز التصرف القانوني بأرادة الشخص الموجهة لغرض معين من جهة, وبتسليم القانون بها من جهة أخرى([13]).

المبحث الث‍اني

حق‍‍وق التألي‍ف

7. تمهي‍د

تعد مجرد الفكرة العامة او الأفكار التي تراود المؤلف عند الشروع بمؤلفه, بمثابة المادة الأولية في الموضوع الذي يبغيه, وتمثل هذه الخطوة المرحلة الأولى من مراحل عملية الخلق الذهني ومعاناتها حتى تتكامل لها عناصر الوجود, والقانون لايمنح الأفكار المجرده أيه حماية, وذلك لأن, الأفكار المجردة هي ملك الجميع ولا يمكن لأحد أن يدعي لنفسه فكرة معينة ما لم يترجمها الى عمل مادي ملموس وبأسلوب مبتكر مقرون به, وعند ذاك فقط تخضع تلك الأعمال للحماية القانونية.

وقد أكد الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر عن الأمم المتحدة في 10 كانون الأول 1948 على هذه الحقوق, اذ نص في المادة (27 – الفقرة 2) على أن (لكل فرد الحق في حماية المصالح الأدبية والمادية المترتبة على انتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني)([14]).

8. مادة الحماية (المصنف)

يسمي المشرع العراقي العمل المؤلف بأشكاله المختلفة والمتمتع بالحماية وفق أحكام القانون بـ (المصنف)([15]).

يحدد (قانون حماية حق المؤلف رقم 3 لسنة 1971)([16]) العراقي المصنفات المحمية, والتي يكون مظهر التعبير عنها بالكتابة أو الصوت أو التصوير أوالحركة وكما اوضحت المادة (2) منه على:

1. المصنفات المكتوبة.

2. المصنفات التي تلقى شفوياً كالمحاضرات والدروس والخطب والمواعظ.

3. المصنفات الداخلة في فنون الرسم والتصوير بالخطوط أو بالألوان أو الحفر أو النحت أو العمارة.

4. المصنفات المسرحية والمسرحيات الموسيقية.

5. المصنفات التي تؤدى بحركات أو خطوات فنية وتكون معدة مادياً للأخراج.

6. المصنفات الموسيقية سواء اقترنت بألفاظ أم لم تقترن بها.

7. المصنفات الفوتغرافية والسينمائية.

8. المصنفات المعدة للاذاعة والتلفزيون.

9. الخرائط والمخططات والمجسمات العلمية.

10. التلاوة العلنية للقرآن الكريم.

ولكي تتمتع هذه المصنفات بالحماية المطلوبة, عليها أن تتميز بطابع الأبتكار, إلا ان القانون لم يوضح المعايير أو الأسس التي يعتمدها في حكمه على المصنف, كونه مبتكراً أو غير مبتكر, ولكنه منح الحماية لمن يقوم بتعريف المصنف أو ترجمته أو مراجعته أو بتحويله من لون من ألوان الآداب والفنون والعلوم الى لون آخر, أو من قام بتلخيصه أو بتحويره أو بتعديله أو بشرحه أو بالتعليق عليه أو فهرسته بأي صورة تظهره في شكل جديد مع عدم الأخلال بحقوق مؤلف المصنف الأصلي. على ان حقوق مؤلف المصنف الفوتغرافي لا يترتب عليها منع الغير من التقاط صور جديدة للشئ المصور ولو أخذت هذه الصورة الجديدة من ذات المكان وفي ذات الظروف التي أخذت فيها الصورة الأولى (المادة 4).

من جانب آخر, فأن القانون العراقي قد استثنى بعض المصنفات من مبدأ الحماية وقد اجملتها المادة (6) وهي:

1. المصنفات التي تضم مصنفات عدة كمختارات الشعر والنثر والموسيقى.

2. مجموعات المصنفات التي آلت الى الملك العام.

3. مجموعات الوثائق الرسمية كنصوص القوانين والأنظمة والأتفاقات الدولية والأحكام القضائية.

4. ان سبب هذا الأستثناء يعود لطبيعة هذه المصنفات كونها مكرسة للصالح العام وفي متناول الجميع.

9. موض‍وع الحماي‍ة (المؤلف)

أن المؤلف في نظر القانون العراقي, هو الشخصية الذي ينشر المصنف منسوباً اليه سواء كان بذكر أسمه على المصنف أو بأية طريقه أخرى, الا اذا قام الدليل على عكس ذلك, ويسري هذا الحكم على الاسم المستعار بشرط إلا يقوم ادنى شك في حقيقة شخصية المؤلف (13 / ف 2). وهذا يعني ان حصول عملية النشر هي العنصر الأساس في اضفاء الصفة القانونية على المؤلف وبالتالي تتمتع حقوقه بالحماية, ومع الأيمان بصواب هذا المبدأ في ضرورة التعبير عن الأنتاج الذهني للفرد بوسائل التعبير المتنوعة لغرض اكتسابه الشرعية في توجهه نحو الجمهور, إلا ان الباحث يرى أن التعريف اعلاه يتصف بـ (العمومية) في محاولته تحديد الشخصية القانونية للمؤلف, فالموضوعية تقضي ان عناصر مهمة من المفروض ان تكون موجودة عند المؤلف ومعبراً عنها في النظرة القانونية اليه, ومنها على سبيل المثال, الاحساس الأصيل في التعبير ثم القدرة على الخلق والأبداع.

فضلاً عن ذلك, يجدر القول ان تعبير (الناشر) لا يعتي بالضرورة ان يكون هو المؤلف, فغالباً ما يحصل ان المطبوع مؤلفاً من قبل شخص واحد أو عدة أشخاص, بينما الجهة القائمة على نشره تكون جهة أخرى كدار نشر أو مؤسس‍ة أو حت‍ى شخ‍ص آخ‍ر, وك‍ذا الح‍ال ف‍ي الحق‍وق بينهم‍ا.

يصنف القانون المؤلفين الى التصنيف الآتي:

1- المؤلف المنفرد:

ويقصد به المؤلف الذي يقوم وحده بعملية التاليف وتمتعة بالحماية القانونية دون مشاركة شخص آخر فيها, مثل كاتب الرواية او الشاعر او الناقد او الباحث في مختلف مجالات المعرفة, وضمن هذا السياق ينظر القانون الى المترجم او المحور او الملخص لاغراض تمتعهم بالحماية, اذ تشير الماده (4) من القانون انه يتمتع بالحماية من قام بتعريب المصنف او ترجمته او شرحه باي صورة يظهر في شكل جديد مع عدم الاخلال بحقوق مؤلف المصنف الاصلي.

2- المؤلف المشارك:

ويعني قيام اكثر من شخص واحد في تاليف المصنف, الذي يحوي مجهودهم الفكري, وهؤلاء بموجب القانون يكونون على نوعين:

النوع الاول: المؤلفون المشاركون الذين لا يمكن فصل كل منهم في العمل المشترك, وفيهم اوضحت الماده (25) من القانون انه اذا اشترك عدة اشخاص في تاليف مصنف بحيث لا يمكن فصل كل منهم في العمل المشترك يعدون جميعا اصحاب المصنف بالتساوي فيما بينهم, اي ان عمل مؤلف هو جزء لا يتجزأ من عمل جميع المؤلفين المشاركين, الذين يعدون جميعا اصح‍اب المصن‍ف وله‍م مباش‍رة الحق‍وق المترتب‍ة عل‍ى ذل‍ك.

النوع الثاني: المؤلفون المشاركون الذين يمكن فصل كل منهم في العمل المشترك, وتشير المادة (26) فيهم بانهم اذا اشترك عدة اشخاص في تاليف مصنف بحيث يمكن فصل دور كل منهم في العمل المشترك, كان لكل منهم الحق في الانتفاع بالجزء الذي ساهم به.

3- مؤلفو المصنف الجماعي:

ويقصد بهم قيام عدد من الاشخاص بعملية التاليف بتوجيه من شخص طبيعي او معنوي بدون ان تكون لهم حقوق الحماية, التى تقتصر على الشخص الموجه, ومثال ذلك قيام مؤسسة او شركة او جهة ما بتكليف عدد من المؤلفين باعداد مصنف, كان يكون كتاباً او بحثاً او فلماً او برنامجاً فنياً, وينشر للرأي العام منسوباً لها, وطبقاً لذلك, وكما أوضحته المادة (27) يعد الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي وجه ونظم ابتكار المصنف مؤلفاً ويكون له وحده مباشرة حقوق المؤلف.

4- المؤلفون في المصنف الفني:

تتطلب هذه الأعمال مجهوداً كبيراً وأشراك مجموعة من الأشخاص في عملية الأنتاج, ولذلك اسبغ القانون صفة (الشريك) في التأليف على بعض العاملين في المصنف فضلاً عن كاتب النص الأصلي, وكما جاء في المادة (31) يعد شريكاً في تأليف المصنف السينمائي أو المصن‍ف المع‍د للاذاع‍ة أو التلفزي‍ون ك‍ل م‍ن:

أ- مؤلف السيناريو أو صاحب الفكرة المكتوبة للبرنامج.

ب- من قام بتحرير المصنف الأدبي الموجود بشكل يجعله ملائماً.

ج- مؤلف الحوار.

د- واضع الموسيقى اذا قام بوضعه‍ا خصيصاً لهذا الغرض.

ه‍- المخرج اذا بسط رقابة فعليه وقام بعمل ايجابي من الناحية الفك‍رية لتحقي‍ق المصن‍ف.

وبناء على ذلك, فأن المشرع قد استبعد عن المذكورين عناصر مهمة في العملية الأنتاجية كالممثلين والمصورين ولأهميه دورهم في العمل المنتج, فالأفضل شمولهم بالنص اعلاه تثميناً لجهودهم ولما يضفونه من ابداع على المصنف, وخاصة الممثلين الاساسيين في الفلم السينمائي والعمل التلفزيوني أو البرنامج الاذاعي.

اما المنتجون فقد عدهم القانون ناشرين للمصنف السينمائي أو الاذاعي او التلفزيوني وتمتعهم بحقوق الناشر استناداً لحكم المادة (34).

وضمن هذا الاعتبار ايضاً, خص القانون الفنان (المؤدي) بحمايته انطلاقاً من دورة في إضفاء اللمسات والعوامل الأيجابية لأنجاح المصنف, وذلك فيما يقدمه من أساليب الأداء والأبداع, وعليه نصت المادة (5) على انه (يتمتع المؤدي بالحماية ويعتبر مؤدياً كل من ينفذ أو ينقل الى الجمهور عملاً فنياً من وضع غيره سواء كان هذا الأداء بالغناء أو العزف او الايقاع او الألقاء او التصوير أو الرسم او الحركات او الخطوات او بايه طريقه اخرى مع عدم الاخلال بحقوق مولف المصنف الاصلي).

10. تحدي‍د حق‍وق التألي‍ف

تنصب هذه الحقوق على النتاج الذهني للمؤلف كحصيلة وثمره لجهده الأبداعي المنسوب اليه منذ ولادته وبأي شكل تعبيري كان, ولكن لا بد أن نتساءل اولاً عن ما هية هذه الحقوق وطبيعتها ؟ وبأختصار شديد نقول, ان حقوق الأبتكار, تعد من الحقوق المستحدثه في دائرة القانون, فقد برزت اهميتها نتيجة تطور العلم والأداب والفنون وتطور وسائل نقلها الى الجمهور, لذلك فان الفقه لم يستقر على رأي واحد في تحديد طبيعة هذه الحقوق, وقد اسهم في هذا الأختلاف تباين النزعات الفكريه وظهور المذاهب التي نظرت الى طبيعة حق المؤلف نظرات متباينه تاثرت بظروف المجتمع ومنطق النزع‍ة([17]).

ومن ابرز تلك المذاهب مذهبا (وحدة حق المولف) و(ثنائية حق المؤلف) فالأول يشير الى ان طبيعة هذا الحق هي واحده سواء في جانبها المعنوي او المالي, اما المذهب الثاني ويسمى ايضاً بـ (أزدواجية حق المؤلف) فهو يقوم على الأعتقاد بانه يضم نوعين من الحقوق يستقل أحدهما عن الأخر تماماً هما الحق المعنوي والحق المالي, فالحق المعنوي يتعلق بشخص المؤلف لانه نتاج فكره وابداعه ويظهر جلياً في ابوته لأفكاره, بينما حق المؤلف المالي ينحصر في الأفادة المالية من نتاجه وهو منفصل عن شخص المؤلف, ويظهر إلى عالم الوجود مجسداً على ذلك, وقد لاقى هذا الأتجاه نجاحاً في الفكر القانوني المعاصر بالشكل الذي حدا بالبعض الى القول بأن الفقه المعاصر في مجموعه قد اتجه الى تكييف ذلك الحق بأنه نوع خاص ذو طبيعة مزدوجة تجمع بين حقين مختلفين هما الحق المعنوي والحق المالي)([18]).

اما نظرة المشرع العراقي الى هذه الحقوق, فهي تقوم على ان حق المؤلف هو (مال معنوي) يرد على شي غير مادي, استناداً الى (الماده 70 / الفقره 1) من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 التي نصت بوضوح ان (الأموال المعنوية هي التي ترد على شئ غير مادي كحقوق المؤلف والمخترع والفنان). فالحق هنا, هو حق معنوي, غير ان المشرع المذكور نحى منحاً آخر في تعامله مع هذه الحقوق عند تشريعه قانون حق المؤلف, موضوع البحث, اذ عدها طبيعة ثنائية تحوي حقين معنوي ومالي وكما عبرت عن ذلك المادة (7) من القانون الصادر سنة 1971 اذ نصت على ان (للمؤلف وحده حق تقرير نشر مصنفه وفي تعيين طريقه هذا النشر, وله ايضاً الحق في الانتفاع من مصنفه باية طريقة مشروعة يختارها, ولا يجوز لغيره مباشرة هذا الحق دون اذن سابق منه او ممن يؤول اليه هنا الحق).

وبناء على ما تقدم, يمكن تبيان هذه الحقوق من خلال المحورين التاليين:

11. الحقوق المعنوية او الأدبية

وهي حقوق لصيقة بشخصية المؤلف لا يجوز التنازل عنها أو التصرف فيها, فهي حق كل انسان في أن يفكر ويبتكر وينتج, وأن يعبر هذا الأنتاج الذهني عن التكوين الشخصي للمؤلف, وبظهور ذلك الأنتاج الى عالم الوجود يبدأ سريان هذه الحقوق, والتي تضم:

أ- حق تقرير النشر

ويأتي في مقدمة هذه الحقوق, وذلك لكونه ركيزة للحقوق الأخرى, وهذا الحق يتمتع به المؤلف وحده, فهو الذي يقرر نشر أنتاجه الذهني ومكان وطريقة هذا النشر, استناداً للمادة (7) انفاً, اما في حالة وفاة المؤلف قبل نشر انتاجه فعن‍د ذاك ينتق‍ل هذا الحق الى ورثته بمقتضى المادة (18) من القان‍ون.

الى ورثته بمقتضى المادة (18) م‍ن القان‍ون.

ب- حق نسبة المصنف الى مؤلفه ورفع الأعتداء عنه ان حق المؤلف هذا, يعني حقه في التصريح بأن المصنف الظاهر للوجود ه‍و م‍‍ن انتاج‍ه وخلقه وحاملاً اسمه أو أسماً مستعاراً له.

ج- حق تعديل المصنف

ان المؤلف وحده وبعد نشر مصنفه, قد يجد نفسه مضطراً الى مراجعته واجراء بعض التعديلات عليه, سواء كانت بسيطه أو جوهرية, وبما يلائم وواقع التغيير في القيم والأفكار والأتجاهات.

12. الحقوق المالية

أن الحق المالي هو الحق الثاني للمؤلف على انتاجه الذهني, ويعبر هذا الحق عن الصلة المالية القائمة بين المؤلف صاحب الأبتكار وبين مصنفه, وهو الأثر العلمي أو الأدبي أو الفني, ذلك ان من العدل اعطاء كل صاحب خلق ذهنه فرصة الأفادة مالياً من هذا الحق عن طريق تمكينه من الأستثمار بثمار فكره عند عرضها على الجمهور في صورة احتكار استغلال انتاجه بما يعود عليه بالمنفعة أو الربح المالي([19]).

ويتميز هذا الحق بسمتين مهمي‍ن هما:

1. ان‍ه ح‍ق مان‍ع

اي ان قيام هذا الحق مناط بالمؤف وحده في استغلال مصنفه وبالطريقة التي يختارها وتتفق وطبيعة المصنف ومنع الأخرين من أستعمال هذا الحق مادام لن يصدر منه اذن فيه, وبعد وفاة المؤلف يحق لورثته مباشرة جميع الحقوق الماليه التي كان مورثهم يتمتع بها, وذلك بمقتضى الماده (19) التي اوضحت أن (لورثة المؤلف وحدهم الحق في مباشرة حقوق الانتفاع المالي).

2. أن‍ه ح‍ق مؤق‍ت (م‍دة الحماي‍ة):

اي انه يتسم بطابع التوقيت وانتهاؤه بموعد محدد, وقد حدد القانون العراقي مده التمتع بحماية هذا القانون بخمس وعشرين سنة, وقد أوضحت ذلك بشكل مفصل الماده (20) حيث نصت على (مع عدم الأخلال بحكم المادة التاسعة من هذا القانون تنقضي حقوق الأنتفاع المالي المنصوص عليها في المادة السابعة والثامنة والعاشرة منه بمضي خمس وعشرين سنة على وفاة المؤلف على أن لاتقل مدة الحماية في مجموعها على خمسين سنة من تأريخ نشر المصنف, على انه بالنسبة للمصنفات الفوتغرافية والسينمائية التي يقتصر فيها على مجرد نقل المناظر نقلاً آلياً تنقضي هذه الحقوق بمضي خمس سنوات تبدأ من تاريخ وفاة اخر من بقى حياً من المشتركين, فأذا كان صاحب الحق شخصاً معنوياً عاماً أو خاصاً أنقضت حقوق الأنتفاع المالي بمضي ثلاثين سنه من تاريخ أول نشر للمصنف).

من خلال ما تقدم, يبدو جلياً أن هذه الحقوق تتركز في الأمور التاليه:

• حق المؤلف في الأنتفاع من مصنفه في ان يطبعه ويذيعه ويخرجه وان يجيز ذلك للغير.

• حق اعادة الطبع لمرات متتالية

• حق ترجمة المصنف ونشره بلغة اخرى.

• حق المؤلف في أن يجيز عرض مصنفه التمثيلي او الموسيقي علناً او نقل‍ه ال‍ى الجمه‍ور بأي‍ة واسط‍ة كان‍ت.

• حق المؤلف في الأنتفاع من اعماله المكرسه للبرامج الأذاعية والتلفزيونية والجوانب الأخرى كالأغاني والتسجيلات على الأسطوانات والأشرطه وغيرها.

• حق الأنتفاع من النشر في الصحافه (جرائد, مجلات, دوريات مختلفة)

13. حماية حق‍وق التألي‍ف

تشكل الحمايه القانونيه للحقوق, سالفه الذكر, أهم الدعائم الأساسيه لقيامها وديمومتها في سبيل الحفاظ على حركة الابداع والخلق الذهني وخدمة الثقافة الوطنية, وهذه الأخيرة لا تنمو وتزدهر إلا اذا وجد المبدعون في مجالاتها المختلف‍ة.

كفل التشريع العراقي للمؤلف الوسائل اللازمة لحماية حقوقه من اي اعتدأء, ويتولى القضاء ممثلاً بـ(محاكم البداءه) في العراق النظر في الدعاوى الناشئه عن مخالفه احكام قانون حماية حق المؤلف وق‍ت أتخذت هذه الحماية شكلين رئيسين هما:

1. الحماي‍‍ة المدني‍ة

التي تتركز في الجزء المدني (التعويض) للمؤلف نتيجة عن الضرر الذي يصيبه, وكمبدأ عام أجاز القانون المدني العراقي لسنة 1951 التعويض عن الضرر الادبي ضمن المسؤولية عن الأعمال الشخصية, حيث نص في (الفقرة 1 من المادة 205) على انه (يتناول حق التعويض الضرر الأدبي وكذلك فكل تعد على الغير في حريته او في عرضه او في شرفه او في سمعته او في مركزه الأجتماعي او في أعتباره المال‍ي يجعل المعتدي مسؤولاً عن التعويض).

وعلى ذلك الأتجاه جاء قانون حماية حق المؤلف لسنة 1971 الذي اكد الحق في التعويض وفق ما ورد في الماده (44) منه, حيث اوضحت أن لكل مؤلف وقع الأعتداء على حق من حقوقه المبينة في القانون الحق في التعويض المناسب. إلا أن القانون لم يوضح مقدار ذلك التعويض, وترك تحديده للمحكمة المختصة التي تتولى تقديره في ضوء ظروف القضي‍ة.

2. الوسيلة الجزائية

تمثل عملية انتهاك حقوق التاليف, وبشتى اشكالها وصورها انتهاكاً متعمداً للقيم والأعتبارات الأخلاقية والحضارية في التعمل الأنساني مع قضايا الفكر والمعرفة, ويعد (تقليد) المصنف من اهم الأفعال الجرمية ضمن هذا المجال, وقد عد المشرع العراقي ارتكاب هذا الفعل جريمة يعاقب عليها القانون, ورغم أن قانون حق المؤلف, لم يعرف هذه الجريمة بشكل دقيق مكتفياً في تحديد الأفعال المحرمه فيها, إلا أن قان‍ون العقوبات العراقي لسنة 1969, قد عدها م‍ن جرائم التزوير([20]).

وعلى ضوء ذلك جاء حكم المادة (45) من قانون حماية حق المؤلف, والتي حددت الافعال المكونه لجريم‍ة التقليد وهي:

- من اعتدى على حقوق المؤلف المنصوص عليها في المواد (5, 7, 8, 9, 10)([21]) وهذا يعني أن المشرع العراقي قد اعتبر كافة الحقوق المشار اليها انفاً تقع ضمن هذا المجال, وبغية حمايتها فق‍دع‍د اي مساس فيها او اعتداء عليها وبموجب منطوق هذا الحكم فعلاً جرميأ يتحمل مرتكبه المسؤولية القانونيه ازاء صاحب الح‍ق الشرع‍ي وه‍و المؤل‍ف.

- من باع او عرض للبيع مصنفاً مقلداً

- من ادخل الى العراق دون اذن المؤلف, او من يقوم مقامه, مصنفات منشورة في الخارج وتشملها الحماية التي يفرضه‍ا القان‍ون.

- من قلد في العراق مصنفات منشوره في الخارج او باع هذه المصنفات او صدرها او تولى شحنها الى الخارج.

14. الأتفاقيات الدولية والأقليمية الخاصة بحقوق التأليف

1. اتفاقية بيرن

تعود تسمية هذه الاتفاقية إلى مدينة (بيرن) السويسرية التي وقعت فيها بتاريخ 9 ايلول 1886 من قبل مجموعة من الدول, وقد أصبحت نافذة في العام التالي, اذ دخلت حيز التنفيذ بتاريخ 5 تشرين الأول 1887, ومن الدول الموقعة على هذه الاتفاقية:اسبانيا,النرويج,المانيا,بلجيكا, اليابان,ايطاليا,بريطانيا ويتجاوز عددها حاليا (80)دولة, وتشكل هذه الدول اتحادا فيما بينها في هذا المجال هو (اتحاد بيرن)الذي يعرف رسميا بـ (الاتحاد الدولي لحماية الاعمال الادبية والفنية)([22]).

لقد استهدفت هذه الاتفاقية تشكيل الأسس التي تعتمد عليها حقوق التأليف بين الأعضاء الموقعين عليها, ومن ثم الأنتقال لتصبح قوانين عالمية, كمال ان احدى الفرضيات الأساسيه للأتفاقيه والتي ما زالت قائمة حتى الان, هي مواصلة الاعمال الهادفة الى توسيع مجال حماية الحقوق وايجاد افض‍ل القواع‍د القانونيه لها.

تتمتع بحماية هذه الأتفاقية الاعمال الأدبية, العلمية والفنية, وتشمل الكتب والنشرات وغيرها من المطبوعات, الاعمال الدرامية, المؤلفات الموسيقية والرسومات, المنحوتات, الاعمال المترجمة, الاعمال الأدبية, المخططات الهندسية, الخرائط الجغرافي‍ة,التصميمات.

2. الأتفاقية العامة لحقوق التأليف

تحت أشراف منظمة الامم المتحده للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) عقد في جنيف مؤتمر عالمي حول حقوق التأليف وبمشاركة (51) دولة وتمخ‍ض ع‍ن عق‍د اتفاقي‍ة جدي‍دة ف‍ي مجال ه‍ذه الحق‍‍وق, وذل‍ك ف‍ي 6 ايل‍‍‍ول 1952 ودخلت حيز التنفيذ بعد ثلاث سنوات من توقيعها,واصبحت تعرف بـ(الاتفاقية العامة) وانضمت اليها اكثر من (80) دولة ومن ضمنها الع‍راق وذل‍ك ف‍ي ع‍‍ام 1978([23]).

ان الدافع الاساس لقيام هذه الاتفاقية هو ايجاد عوامل مشتركة في هذا المجال بين الدول الموقعة عليها, فضلاً عن تجاوز الصعوبات الناجمه عن اتفاقية بيرن, وبالتالي امكانية الوصول لنظام عالمي لحماية حقوق التأليف يلائم جميع البلدان تنص عليه اتفاقية عالمية, يضاف الى النظم الدولية النافذة ودون المساس بها, من شأنه ان يكفل احترام حقوق الف‍رد ويشج‍‍ع عل‍ى تنمي‍‍ة الأداب والعل‍‍وم والفن‍ون وحمايته‍ا.

3. قان‍ون تون‍س لحق‍وق المؤل‍ف

بدعوة من الحكومه التونسية وباعانة منظمة (اليونسكو) ومنظمة الاتفاقية العامة لحقوق التأليف, اجتمعت في تونس لجنة الخبراء الدوليين المكلفه باعداد قانون نموذجي لحقوق التأليف تستعين به البلدان النامية وذلك في 2 اذار 1976 وتمخض الاجتماع عن التوصل لأقرار مشروع (قانون تونس لحقوق المؤلف) وفي نظرة سريعة على هذه اللائحه نرى ان الاعمال المتمتعه بحق الحماية ه‍ي ذاته‍ا المح‍ددة في الاتفاقيتي‍ن الدوليتي‍ن انف‍‍اً.

4. الأتفاقي‍ة العربي‍‍ة لحماي‍ة حق‍‍وق التألي‍ف

تم التوصل الى هذه الأتفاقية والتوقيع عليها في المؤتمر الثالث لوزراء الثقافة العرب المنعقد في بغداد عام 1981 ([24]) بهدف إيجاد نظام عربي موحد لحماية حق‍وق المؤل‍ف يلائ‍م الاوض‍اع الثقافي‍ة ف‍ي البل‍دان العربي‍ة دون المس‍‍اس بالاتفاقي‍ات الدولية النافذة, ومن المبادئ العامة التي أكدت عليها هذه الاتفاقية أهمية الفولكلور الوطني وعده ملكاً عاماً لكل من الدول الاعضاء, التي ابتكر في حدود سيادتها, والعمل على حمايته بكل السبل والوسائل القانونية وتمارس السلطة الوطنية المختصة صلاحيات المؤلف بالنسبة للمصنفات الفولكلورية في مواجهة التشويه أو التحوير أو الأستغلال التجاري, وقد تم التأكيد على هذا الوضوع في اجتماع هذه المنظمة المنعقد في دولة الامارات العربية المتحدة / ابو ظبي في 25/ مايس /2002 ضمن المحاور الرئيسة للأجتماع التي تناولت ايضاً حق المؤلف في الأنترنت وح‍ق المؤلف في الفضائيات العربية([25]).

المبحث الثالث

حقوق التاليف في النشر الصحفي

15. تمهيد

تعتبر حماية حق النشر في الصحف من الموضوعات غير المحسومة والمثيرة للجدل, ويقوم بعض الناشرين بأتخاذ اجراءات حق النشر على كل طبعة من طبعات الصحيفة بشكل روتيني, وذلك في الصحافة العربية والأجنبية على وجه الخصوص, ويستخدم البعض الأخر النشر كوسيلة لترويج الصحيفة وجذب القراء بأعتبار الصحيفة تقدم مواداً ذات قيمة, كما ان هناك صحف عديده لا تتخذ أية اجراءات بخصوص حق النشر, وما نعنيه هنا بـ(الأجراءات) كل ما يتعلق بحقوق التأليف لمن يكرسون كتاباتهم ونشاطه‍م الأبداعي للنشر الصحفي سواء كانوا كتاباً أم صحفيين.

ان القانون العراقي (قانون حماية حق المؤلف رقم 3 لسنة 1971) وكما هو الحال في العديد من القوانين المماثله في البلدان الأخرى لم يتناول هذا الموضوع بشكل واضح ودقيق, فيما أولت (تشريعات بعض الدول عناية خاصة بالنص على الجرائد وتنظيم حماية ما لما تنشره مثل القانون الأيطالي لعام 1941 وكذلك القانون الأرجنتيني الصادر عام 1933)([26]). فيما شهدت الولايات المتحدة الأمركية سلسلة من قوانين النشر اعتباراً من عام 1790 حتى صدور آخر قانون عام 1984 الذي يشمل برامج الكومبيوت‍ر ومعدات‍ه)([27]).

16. النشر الصحفي

ان التشريع العراقي لم يشر الى الصحافة في أحكام النص الذي أورده في المادة الثانية من قانون حق المؤلف المشار اليه أنفاً عند تحديده للمصنفات المكتوبة الخاضعة للحماية, واستناداً لمفهوم ذلك النص, يمكن الأستفادة ضمناً بوصف الصحف من المصنفات المكتوبة.

والصحيفة تختلف عن أي كتاب أو مطبوع آخر, فهي نتاج جهود مختلفه يشترك فيها اشخاص قد لا تظهر أسماؤهم, ويقوم فيها الناشر بمهمة التوجيه وربط موضوعاتها المختلفه وأعادة تنظيمها وأدخال تعديلات على ما يقدم اليه للنشر فيها سواء بالحذف أو التعديل أو ألاضافة, ويتولى أخراجها في شكل فني مناسب, ثم ان موضوعاتها تتنوع من موضوعات سياسية الى اجتماعية أو أدبية أو فنية أو رياضية, وهي مزيج من المعلومات والاخبار والاراء والتعليقات, وبعض عناصرها قد يكون بالكتابة كما قد يكون بالصورة أو الرسم, كما أن بعض ما ينشر في الصحيفة قد يكون ترجمة أو نقلاً عن مصنفات أخرى, أن كل ذلك يأتي نتيجة جهود مختلفة من المحررين والفنيين والعاملين الاخرين في الصحيفة, أو من المساهمين في الكتابة من خارجها, وقد لا تظهر في الصحيفة اسماء الكثيرين من هولاء.

فالصحيفة وفقاً لذلك هي مصنف جماعي طبقاً لما نصت عليه المادة (27) من التشريع العراقي, وكذا الحال في التشريع المصري([28]), وكذلك التشريع البولوني([29]), وبهذا يكون الناشر (صاحب الصحيفة) سواء كان شخصاً طبيعياً أم معنوياً, هو صاحب حقوق التأليف على الصحيفة كوحدة متكامل‍ة, ول‍ه الح‍ق ف‍ي مباش‍رة تل‍ك الحق‍وق وف‍ق ه‍ذا الاعتب‍ار.

ولما كانت الصحيفة مصنفاً بالمفهوم المذكور, فأن الصحفي المساهم بالكتابة فيها يعد بدوره مؤلفا ً ضمن دائرة عمله, مع الاخذ بعين الأعتبار التباين في طبيعة الوضع العام لحالة الصحفي العامل في صحيفة مالقاء أجر معين من جهة, وبين المؤلف الاعتيادي عندما يخلق أو يبتكر كتاباً من جهة أخرى, فموجب عقد العمل أو شروط ومتطلبات العمل الوظيف‍ي يتنازل الصحفي عن استغلال ما يكتبه وينشره في الصحيفة, العامل فيها لقاء ما يتقاضاه من مرتب, ولكن هذا لايعني ان يفقد هذا الصحفي ما يقدمه من نتاج الى الصحيفه طبيعته بوصفه من تأليفه, ومن ثم فأنه يجب ان يظل منسوبا ًاليه ومقروناً به ومرتبطاً بشخصه, وخاصة في المواد التي تنشر مقرونه بأسماء كاتبيها, وبعيداً عن اعتماد مبدأ (اللاأسمية) الذي يكون الرأى فيه معبراً عن أتجاه الصحيفه وليس رأياً شخصياً للكاتب أو الصحفي.

17. الأعمال المنشورة الخاضعه للحماية القانونية

لقد بحثت المادة (15) من القانون العراقي, مدار البحث, هذه الحقوق في المجال الصحفي حيث نصت (لا يجوز نقل الروايات المتسلسلة أو القصص القصيرة من المصنفات الادبيه أو الفنية أو العلمية التي ينشرها مؤلفوها في الصحف أو النشرات الدوريه إلا بأذن منهم, ويجوز للصحف أن تنقل ما ينشر في غيرها من المقالات الخاصة بالمناقشات الأقتصادية والسياسية والدينية التي تشغل الرأى العام ما دام لم يرد في الصحيفة ما يحظر النقل صراحة, وفي حالة النقل يجب ذكر المصدر بصف‍ة واضحة, ولا تشمل الحماية المقررة في هذا القانون الأخبار اليومية والحوادث المختلفة التي لها طبيعة الأخبار العادية التي تنشرها الصحف).

يبدو واضحاً من خلال هذه المادة, أن المشرع العراقي قد صنف ثلاث مجموعات رئيسة من المواد المراد نشرها في الصحيفة والموقف القانوني أزاء حمايتها, وعلى النحو الاتي:

1. الأعمال الأدبية أو الفنية أو العلمية, التي تأخذ طابع (المصنف) كالرواية أو القصة القصيرة أو البحث العلمي, التي ينشرها مؤلفوها في الصحف أو النشرات الدورية, اذ تخضع للحماية التي يقرها القانون ولا يجوز للصحف والدوريات الأخرى أعادة نشرها مرة ثانية إلا بموافقة مؤلفيها, وان السبب في هذا يكمن في كون هذه الأعمال هي مصنفات شخصية تعبر عن معالم وأفكار مؤلفيها وابتكاراتهم.

2. المقالات الخاصة بالمناقشات الأقتصادية والسياسية والدينية, التي اجاز القانون أعادة نشرها في صحف أخرى, وبشرط أن تستحوذ هذه المقالات على اهتمام الرأى العام وليس هناك ما يشير الى حظرها مع ضرورة ذكر المصدر المأخوذ عنه.

3. الأخبار, يشكل الخبر في الدوريات, وخاصه في الصحافة اليومية, الركن الحيوي فيها, لذلك تجتهد تلك الصحف في البحث عن الأخبار وفي متابعتها, وعادة ما يعتمد مضمون الخبر على طبيعة الحدث وموضوعه ومحاولة الصحفي ثم الجريدة في سرعة نشره تحقيقاً لعملية السبق الصحفي, فالخبر هنا القائم على التسجيل والنقل لا يرتكز في الاساس على عوامل الأبتكار وبالتالي الحماية, فعملية النشر الصحفي تجعل الخبر مشاعاً بين الناس, وفي ترديده تنتفي الحاجة إلى حمايته, يضاف الى ذلك أهمية استمرار تدفق هذه الأخبار على الرأي العام وما تؤديه من خدمة وما تلعبه من دور في هذا المجال.

لذلك لم يسبغ القانون العراقي حمايته على الأخبار اليومية التي تتضمن متابعة وتغطية مختلف أوجه النشاط الإنساني اليومي, والرأي السائد في هذا الشأن يشير ألى استثناء هذا النوع من مواد النشر الصحفي من الحماية القانونية، فالأخبار المتداولة المتمثلة بطابع الأنباء الصحفية المحضة (لا تكون محمية كما قضت بذلك معاهدة بيرن)([30]). وفضلاً عن ذلك, فأن للصحيفة واستناداً للقواعد العامة لهذه الحقوق, ان تنشر مصنفات لا تشملها الحماية.

18. أعمال ومواد من الأهمية شمولها بالحماية القانونية

واستكمالا لما تقدم نعرض فيما يأتي لجوانب أخرى تدخل ضمن هذا المجال, والتي نرى من الضرورة الأشارة اليها لما تلعبه من دور في عملي‍ة النش‍ر الصحف‍ي والأهمي‍ة ف‍ي شموله‍ا بالحماي‍ة القانوني‍ة:

1. اس‍م الصحيف‍ة:

ان أسم الصحيفة هو عنوانها وفخرها وبه تتميز الصحف عن بعضها وفي أجتذاب القراء، وعادة ما يعبر هذا الأسم وخاصة في المطبوعات والدوريات المتخصصة، عن موضوعات الصحيفة واتجاهاتها، وفي ضوء ذالك وفر التشريع العراقي حماية معينة لأسم الصحيفة، ففي قانون المطبوعات رقم 206 لسنة 1968، أوجب عند منح الأجازة الجديدة (الترخيص) للمطبوع الدوري أن لا يكون قد اطلق على مطبوع آخر مجاز (م 4 / ف 3) أما قانون حماية حق المؤلف، فقد شمل عنوان المصنف، على مجه العموم، بحمايته اذا كان متميزاً بطاب‍ع ابتك‍اري (الم‍‍ادة 3).

ان حماية القانون لأسم الصحيفه يجب ان لا تقتصر على الأسم (المجرد) فقط، وانما لمجمل عمليه تكوينه واخراجه من حيث خط الحروف وحجمها ولونها وحتى موقعها في صدر الصفحة الاولى، فمثلاً جريدة أو مجلة دائمة الصدور، لايعقل ولأعتبارات عدة، ان تغيير نوع الخط الذي تكتب به اسمها عند كل اصدار جديد، او بين وقت وآخر، ب‍‍‍ل م‍‍ن الأهمي‍‍‍ة ان يك‍‍‍ون الثب‍‍‍‍‍ات والأستق‍‍‍‍رار م‍‍‍‍‍ن السمات الدائمة لعملية اخراج هذا الاسم، ويمكن الاشارة في هذا الى جريدة (الاهرام) المصرية الصادرة في القاهرة حيث (اختارت أسمها وتكتبه بخط الثلث منذ 90 سنة وأستمرت على ذلك حتى اليوم ول‍ن تغي‍ره، وه‍ذا يخل‍ق ل‍‍دى الق‍ارئ نوع‍اً م‍ن الادم‍ان أو الع‍‍ادة)([31]).

2. المواد الصحفية الاخرى:

وتشمل المقالات بأنواعها والزوايا الثابتة والمواضيع المترجمة وغيرها من الكتابات التي ترد الى هيئة التحرير، والمسألة الجديرة بالاهتمام هنا هي الصعوبات التي تبدو أمام تلك الهيئة في تعاملها مع مختلف هذه المواد التي ترد اليها لغرض النشر، وخاصة عند اجراء تعديلات على البعض منها تمشياً مع متتطلبات النشر، ولكن ما هي الح‍دود المسم‍وح به‍ا ازاء ذل‍ك ؟.

ان القانون العراقي لم يبحث، على وجه التحديد هذه المسألة ضمن أحكامه، إلا أن هيئات التحرير في الصحف العراقية، واعتماداً على الاعراف والتقاليد في هذا الميدان، فانها تجري بعض التعديلات على هذه المواد، وبشكل خاص، تلك التي تفتقر الى سلامة التعبير اللغوي وضرورة وضوحه مع الفكرة العامة والمضمون الى القارئ في ضوء طبيعة الصحيفة واتجاهاتها، باستثناء ما يحظر نشره بموجب أحكام القانون كما نصة عليه لوائح المنع في قانون المطبوعات العراقي وتل‍ك ال‍واردة ايض‍اً ف‍ي قان‍ون العقوب‍ات العراق‍ي رق‍م 111 لسن‍‍ة 1969 ([32]).

أما بصدد كتاب الأعمدة والزوايا الثابتة, فأن وضعهم ينظمه الأتفاق الذي يحصل بينهم وبين رئيس التحرير, والمتضمن الأمور الخاصة بطبيعة الزوايا وشكلها وموقعها واوقات نشرها وغير ذلك, وازاء هذا يكون للمؤلف, كاتب الزاوية, الحق في التصرف بهذه المادة ضمن الصحيفة العامل فيها, ولايجوز له نقل هذه الزاويه لنشرها في صحيفة أخرى إلا اذا كان هناك اتفاق‍اً مسب‍ق بين‍ه وبي‍ن الناش‍‍ر.

3. الص‍‍ور والرسوم‍ات

في الصحافة الحديثه تحتل الصورة حيزاً مهماً في عملها الأخباري والاعلامي وفي مواكبة الأحداث وعرضها بالدقة والذوق السليم وهي بذلك تقدم خدمتها للكلمة المنشورة, وخاصة تلك الصور النابضة بالحياة والمملؤة بالح‍ركة والمعب‍رة ع‍ن المضم‍‍ون.

وتت‍وزع ه‍ذه الص‍ور والرسوم‍ات ف‍ي النش‍ر الصحف‍ي ال‍ى الأشك‍ال الرئيسة الأتي‍ة([33]):

أ. الصورة الخبرية

ب.صورة التحقيق الصحفي

ج. الصورة الشخصية

د. الصورة ذات الطابع الفني والجمالي

ه‍. رسوم الكاريكاتير

و. صور الأعلان

وفيما يتعلق بأستخدام هذه الصور لأغراض النشر الصحفي او العرض أو التوزيع, فأن المادة (36) من قانون حق المؤلف العراقي أوضحت أنه لايحق لمن قام بعمل صورة أن يعرض أو ينشر أو يوزع الصورة أو نسخاً منها دون أذن الأشخاص الذين قام بتصويرهم. مالم يتف‍ق على غير ذلك, وهذا يعني ان‍ه يح‍ق للصحاف‍ة, ودون أذن اصح‍اب الشان, أن تنشر الصور والرسومات التي تمث‍ل ما يأت‍‍‍ي:

• الص‍ور الأخباري‍ة المتعلق‍ة بأح‍داث الساع‍ة لح‍وادث وقع‍ت علن‍اً.

• ص‍ور المسؤولي‍ن ف‍ي الدول‍ة أو المكلفي‍ن بخدم‍ة عام‍ة.

• ص‍ور الأشخ‍اص الذي‍ن تتص‍ل طبيع‍ة عمله‍م م‍ع ال‍رأي الع‍ام مث‍ل, الفناني‍ن, الأدب‍اء, او الصحفيي‍ن.

• ص‍ور أخرى, قد تكون خاصة, وتأذن بنشرها السلطات الرسمية خدمة للمصلحة العامة.

• وفي كل الأحوال اعلاه يجب ان لايسئ النشر الى سمعة الشخص او مرك‍زه الاجتماع‍ي.

4. الأخراج الصحفي

ان عملية الأخراج في الصحافة هي التعبير الحقيقي عن الشكل والسمات الفنية المميزة في الصحيفة, فهي تعني تصميم هيكل الصحيفة, الحرف المستعمل في طباعتها, اللون, تجزئتها الى اقسام واعمدة, التقطيع وما شاب‍ه م‍ن السم‍ات الممي‍زة.

وعادة ما يسهم في انجاز هذه العملية مجموعة من الفنيين في الصحيفة, يكمل بعضهم عمل البعض الأخر, أي ان جهدهم هذا يمكن ان نضعه تحت مفهوم (المصنف الجماعي) واستناداً لذلك, فأن هذا العمل يحظى بحماية القانون, إلا ان ممارسة هذا الحق يكون من قبل (الناشر) صاحب الصحيفة استناداً لم‍ا ورد ف‍ي الم‍ادة (27) م‍ن القان‍ون العراق‍ي.

19. الأي‍داع القانون‍ي للمصنف‍ات

ان التشريع العراقي قد أخذ بمبدأ (الأيداع) للصحف والدوريات وأشار الى ذلك في قانون حماية حق المؤلف, حيث أوجب على ناشري المصنفات التي تعد للنشر أن يودعوا خلال شهر من تاريخ النش‍ر خم‍س نس‍خ م‍ن المصن‍‍ف ف‍‍ي المكتب‍ة الوطني‍‍ة, وتعبي‍‍راً ع‍ن ه‍‍ذا الاهتمام, فقد تم سن تشريع خاص سمي (قانون الأيداع رقم 37 لسنه 1970) الذي نظم عملية الأيداع القانوني لمختلف أنواع النشر والمطبوعات بهدف الحفاظ على التراث العلمي والأدبي والفني للعراق والعمل على تيسير كل الوسائل التي تكفل لهذا التراث سبي‍‍ل التعري‍‍ف ب‍‍ه, س‍‍واء داخ‍ل القط‍‍ر أو خارج‍‍ه.

ان القانون اوجب على المعنيين عن نشر مصنف ما الحصول مسبقاً على (رقم الأيداع) لغرض تثبيته على غلاف المصنف, فالمؤلف أو المترجم أو المحقق أو الناشر أو صاحب المطبعة عليه الحصول على رقم الايداع لمصنفه وما في حكمه من مركز الايداع لغرض تثبيته عليه, وعلى المركز مسك سجلات بالمصنفات وما في حكمها وتكون دليلاً على اثبات حق التأليف والأنتاج, وهنأ تكمن الحكمة ف‍‍ي أعتم‍اد ه‍ذا المب‍‍دأ.

20. الخاتم‍‍ة

ا. أن حقوق التأليف, هي حقوق كفلها القانون وأهتمت بها العديد من الدول منذ أمد بعيد, وكان في مقدمتها (فرنسا) التي تٌعد السباقة في تحديد هذا الحقوق وتقرير حمايتها إذ بدأتها في أعقاب ثورتها الكبرى عام 1791 ويمثل القانون الفرنسي أحد اكثر نظم حقوق التأليف تطوراً في العالم. ويعتمد القانون العراقي في الكثير من نصوصه على احكام القانون الفرنسي([34]) إلا أن واقع حال التشريع العراقي يشير الى النقيض من ذلك والسبب ليس في القانون وأحكامه وانما لعدم الألتزام المطلوب به مع تدني مستوى الوعي بأهميته الأمر الذي سهل حالات الخرق والتجاوز على أصحاب هذه الحقوق وابداعاتهم. وفي هذا تشير جريدة الصباح (البغدادية) بعددها الصادر يوم 27/12/2004 مانصه (أن قوانين الملكية الفكرية التي يعود تأريخها الى ايام الدوله العثمانية وبداية الخمسينيات من القرن الماضي اصبحت اليوم عديمة الجدوى وفاقدة الفائدة في ظل تداعيات الوضع العام, ان ما تتعرض له الملكية الفكرية ف‍ي الع‍راق الي‍وم تقتض‍ي تدخ‍‍لاً سريع‍‍اً لأنتشاله‍ا م‍ن مواط‍‍ن الخل‍‍ل)([35]).

2. تنحصر وظيفة التشريع العراقي (قانون حماية حق المؤلف رقم 3 لسنة 1971) في الأغراض التي يهدف اليها ويسعى الى تحقيقها النظام القانوني, ومن ضمن هذه الأغراض حماية المصالح الأجتماعية وتحقيق العدالة والأستقرار في المجتمع بالأضافة الى ضبط السلوك بما يضمن الحفاظ على المصالح المشروعة للأفراد وبما يحقق تقدم المجتمع وأزدهار حضارته. وانطلاقاً من هذا المفهوم تقع على عاتق الدولة وسلطاتها العامة مسؤوليه كبيرة في هذا المجال في الحفاظ على حقوق التأليف من السرقة والسطو والتحوير والقرصنة وكل الأفعال غير المشروعة التي تؤدي الى خنق روح الأبتكار والأبداع ناهيك عن اضرارها النفسية والمادية.

3. توفير الدعم بكل السبل للرابطة الحديثة التأسيس المسماة (رابطة حماية المؤلف العراقي)([36]) التي تهدف الى الأهتمام بالمؤلف العراقي ورعايته وحماية وصيانة نتاجاته الذهنية والمادية وتوفير الأج‍‍واء المناس‍بة لأبداعات‍ه.

4. ضرورة اعادة النظر بحقوق التأليف في مجال النشر الصحفي وايلائها الأهمية المنشودة, وذلك لما تؤديه من دور فاعل في المجتمع, فرغم التطور الهائل في تكنولوجيا الأتصال وظهور ما بات يعرف بالصحافة الألكترونية عن طريق شبكة الأنترنت إلا انه تبقى للصحافة المطبوعة مكانتها وقراؤها ومتابعيها وكذلك كتابه‍ا.

5. القيام بحملة وطنية وخاصة في الأوساط الثقافية والنخب الفكرية للتعريف القانوني بهذه الحقوق وما للمؤلف من الحقوق وما عليه من واجبات. والتأكيد على ضرورة المطالبة بتأمين سلامة ه‍‍ذه الحق‍وق واللج‍‍وء ال‍ى القض‍اء عن‍د طرقه‍ا

المراج‍ع العربي‍ة

1. د. القط‍ب محمد القطب طبلية / الأسلام وحقوق الأنسان / القاهرة 1976.

2. المنج‍د ف‍ي اللغة والأعلام / الطبعة الثلاثون / بيروت 1988.

3. د. جعفر الفضلي – د. منذر عبد الحسين الفضل / المدخل للعلوم القانونية / الموصل 1987.

4. د. جمال الدي‍ن العطيف‍ي / الحماية الجنائية للخصومة من النشر / القاهرة 1964.

5. د. جمال الدي‍ن العطيف‍ي / حرية الصحافة – وفق تشريعات جمهورية مصر / القاهرة 1974.

6. د. حسن عم‍اد مك‍اوي / أخلاقيات العمل الأعلامي / القاهرة 1993.

7. د. حس‍‍ن كي‍‍ره / المدخل الى القانون / الأسكندرية 1971.

8. د. ري‍‍اض القيس‍‍ي / علم أصول القانون / بغداد 2002.

9. د. سهي‍ل حسين الفت‍‍لاوي / حقوق المؤلف المعنوية في القانون العراقي / بغداد 1978.

10. ب‍د الجب‍ار داود البصري / المؤلف والقانون م بغداد 1983

11. عبد الجب‍ار داود البص‍ري /حق الحقن / جريدة الجمهورية العدد 10875, بغداد.

12. عبد الجب‍ار محمد عل‍ي / التصوير الصحفي / بغداد 1980.

13. د. ع‍بد الرزاق السنهوري – د. أحمد حشمت أبو ستيت / أصول القانون أو المدخل لدراسة القانون / القاهرة 1946.

14. د. عب‍د الله مصطفى / علم أصول القانون / بغداد 1996.

15. عل‍ي الخفي‍ف / الحق والذمة / القاهرة 1945.

16. د. ليل‍ى عب‍د المجي‍د / تشريعات الاعلام في مصر / القاهرة 2001.

17. عب‍د الغن‍ي أبو العيني‍ن / الأخراج الصحفي / القاهرة, بلا تأريخ.

18. د. محم‍د سلام مدك‍ور / مناهج الأجتهاد في الأسلام / الكويت 1977.

المراج‍ع الأجنبي‍ة

1. Andrzej Karpowicz, Autor Wydawca – Poradnik Prawa Autorjskiego, Poland 1987.

2. Andrzej Wisniewski, Umowa Wydawnicza, Poland 1979.

3. Bogdan Michalski, Dziennikarstwo a Prawo, Krakow 1980.

القواني‍ن العراقي‍ة

1. القان‍ون المدن‍ي العراق‍ي رقم 40 لسن‍ة 1951.

2. قان‍‍ون المطبوع‍‍ات رقم 206 لسن‍‍ة 1968.

3. قان‍‍ون العقوب‍‍ات رق‍م 111 لسن‍‍ة 1969.

4. قان‍ون حماي‍ة ح‍ق المؤل‍ف رقم 3 لسنة 1971.

الهوامش

 


 

[1]_ الآية 42 – البقرة

[2]_ الآية 7 – يس

[3]_ المنجد في اللغة والعلوم / الطبعة الثلاثون / دار المشرق. بيروت 1988, ص 144

[4]_ د. محمد سلام مدكور / مناهج الأجتهاد في الأسلام / جامعةالكويت / الكويت 1977, ص 21.

[5]_ علي الخفيف / الحق والذمة / القاهرة 1945, ص 193.وأنظر كذلك د. القطب محمد القطب طبلية / الأسلام وحقوق الأنسان – دراسة مقارنة / الطبعة الاولى, القاهرة 1976, ص 9.

[6]_ د. عبد الرزاق السنهوري – د. أحمد حشمت أبو ستيت / أصول القانون أو المدخل لدراسة القانون, القاهرة 1949, ص213.

[7]_ د. رياض القيسي / علم أصول القانون / بيت الحكمة, بغداد 2002, ص337.

[8]_ د. عبد الرزاق السنهوري – د. أحمد حشمت أبو ستيت / مصدر سابق, ص213.

[9]_ د. عبد الله مصطفى / علم أصول القانون / بغداد 1996, ص197. وانظر كذلك: د. القطب محمد القطب طبلية / الأسلام وحقوق الأنسان / مصدر سابق, ص74.

[10]_ نصت المادة (47) من القانون المدني العراقي رقم (40) لسنة 1951 الآتي:

(الاشخاص المعنوية هي:

أ. الدولة. ب. الأدارات والمنشآت العامة التي يمنحها القانون شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة بالشروط التي يحددها. جـ. المحافظات والبلديات والقرى التي يمنحها القانون شخصية بالشروط التي يحددها. د. الطوائف الدينية التي يمنحها القانون شخصية معنوية بالشروط التي يحددها. هـ. الأوقاف. و. الشركات التجارية والمدنية إلا ما استثنى بنص في القانون. ز. الجمعيات المؤسسة وفقاً للأحكام المقررة في القانون. حـ. كل مجموعة من الأشخاص والأموال يمنحها القانون شخصية معنوية). وقد تعددت التسميات في الأنظمة القانونية المختلفة مثل (الأعتباري, القانوني, القضائي, الأدبي, الأفتراضي).

[11]_ د. رياض القيسي / علم أصول القانون / مصدر سابق, ص343.

[12]_ د. جعفر الفضلي – د. منذر عبد الحسين الفضل / المدخل للعلوم القانونية / جامعة الموصل – كلية القانون والسياسة, الموصل 1987, ص 189 – 195.

[13]_ للمزيد أنظر:

د. حسن كيره / المدخل الى القانون / الأسكندرية 1971, ص513.

د. رياض القيسي / علم أصول القانون / مصدر سابق 343 – 345.

[14]_ أنظر نص الاعلان العالمي لحقوق الأنسان في:

جريدة الصباح / العدد 11 الصادر بتأريخ 25/6/2003, بغداد, ص2.

[15]_ معناه في اللغة هو: مصدر لفعل (صنف) وصنف الشئ صيره اصنافاً لتمييزه عن بعض, وقد أستخدم (اصطلاحاً) للتعبير والدلالة عن كل إنتاج أو إبداع ذهني, وضمن هذا المعنى تستخدمه التشريعات العربية الخاصة بحقوق التأليف, منها: قانون حماية حق المؤلف المصري رق‍م 354 لسن‍ة 1954.

[16]_ انظر نص القانون في: جريدة الوقائع العراقية / العدد1957 الصادر بتأريخ 21 / 1 / 1971 بغداد.

[17]_ د. سهيل حسين الفتلاوي / حقوق المؤلف المعنوية في القانون العراقي / بغ‍‍داد 1978, ص 19.

[18]_ فاضل عباس / التكيف القانوني لحق المؤلف / مجلة القضاء – العدوان 3 – 4, بغداد 1988, ص 60 – 61

[19]_ د. حسن كيره / المدخل الى القان‍ون / مصدر سابق, ص473.

[20]_ عرفت المادة 286 من قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 التزوير بأنه (تغيير الحقيقة بقصد الغش في سند أو وثيقة أو أي محرر آخر بأحدى الطرق المادية او المعنوية التي يبنيها القانون تغييراً من شأنه احداث ضرر بالمصلحة العامة او بشخ‍ص م‍ن الأشخ‍اص).

[21]_ المادة (5) تتعلق بالمؤدي الذي ينقل الى الجمهور عملاً فنياً, والمادة (7) تتعلق بحق المؤلف في تقرير نشر مصنفه وفي الأنتفاع منه, والمادة (8) تتعلق بحق المؤلف في الأنتفاع من مصنفه في ان يطبعه ويذيعه ويخرجه, والمادة (9) تنص على: تنتهي حماية حق المؤلف او المترجم في ترجمة مصنفه الى اللغة العربية اذا لم يباشر هذا الحق بنفسه او بواسطة غيره في مدى ثلاث سنوات من تأريخ اول نشر للمصنف وتجوز ترجمة المصنفات الى اللغة العربية بعد مرور سنة من تأريخ طلب التصريح بترجمتها من المؤلف أو من آل اليه حق الترجمة دون قيامه بها, اما المادة (10) فتتعلق بحق المؤلف في أن ينسب اليه مصنفه وفي ان يدف‍ع الأعت‍داء عن‍ه.

[22]_ للمزي‍د انظ‍ر:

- Andrzej Wisniewski, Umowa Wydawnicza, Poland 1979, p.46.

[23]_ جري‍دة الجمهوري‍ة/ الع‍دد 6803 ف‍‍ي 1/5/1988, بغ‍داد, ص 3

[24]_ عب‍د الجب‍ار داوود البصري /المؤلف والقانون/منشورات وزارة الثقافة والاعلام, بغ‍داد 1983, ص 61.

[25]_ للمزيد انظر: عبد الجبار داود البصري / حق الحقن / جريدة الجمهورية – العدد 10875 في 3 / 7 / 2002, بغداد, ص8.

[26]_ أ.د. ليلى عبد المجيد / تشريعات الاعلام في مصر – دراسة حالة مصر / العرب‍ي للنش‍ر والتوزي‍ع, القاه‍رة 2001, ص158

[27]_ د. حسن عماد مكاوي / اخلاقيات العمل الاعلامي – دراسة مقارنة/ ال‍دار المصري‍ة اللبناني‍ة,القاه‍رة 1993, ص 312

[28]_ د. جمال الدين العطيفي / حرية الصحافة – وفق تشريعات جمهورية مصر العربية / القاه‍‍رة 1974, ص 274.

[29]_ – Bogdan Michalski, Dziennikarstwo a Prawo, Krakow 1980, p 115

[30]_ – Andrzej karpowicz, Autor Wydawca- Poradnik Prawa Autorjskiego, (30) Poland – Warszawa 1987, P11.

[31]_ عبد الغني أبو العينين / الأخراج الصحفي / منشورات الأتحاد العام للصحفيين العرب – السلسلة المهنية رقم 8 – القاهرة، بلا تأريخ، ص 43.

[32]_ القاعدة أن يكون الحظر المطلق استناداً لأحكام التشريع، وعلى سبيل المثال: الحظرفي القانون الفرنسي يقتصر على نشر وثائق الأجراءات في مواد الجنايات والجنح، ومثله في قانون الصحافة الالماني، وقانون الأجراءات الايطالي، وقانون العقوبات الس‍وري والعقوب‍ات اللبنان‍ي والعقوب‍ات الاردن‍ي.

للمزي‍‍د انظ‍ر: د. جمال الدين العطيفي / الحماية الجنائية للخصومة من تأثير النشر / القاهرة 1964، ص 476-498.

[33]_ للمزيد أنظر: عبد الجبار محمود علي / التصوير الصفي / وزارة التعليم العالي والبحث العلمي, بغداد 1980, ص 20 – 35

[34]_ تجدر الاشارة انه حتى عام 1971 كان نافذاً في العراق التشريع العثماني وهو (قانون حق التأليف العثماني) الصادر عام 1910 الذي يمكن ان يعد من اقدم القوانين العثمانيى واطولها عمرأ في العراق ونظرأ لتخلفه وقصوره عن ملاءمة متطلبات العصر, صدر التشريع العراقي وقد اقتبست احكامه من القانون المصري الخاص بحماية حقوق المؤلف الصادر عام 1954 والذي بدوره استم‍د الأحك‍ام م‍ن القان‍ون الفرنس‍ي.

[35]_ علي كاظم جار الله / حقوق الملكية الفكرية في العراق.. الى اين / جري‍‍دة الصب‍‍اح – الع‍‍دد 444 ف‍‍ي 27/ 12/2004, بغ‍‍داد, ص 20.

[36]_ جري‍‍دة الصب‍‍اح / الع‍دد 378 ف‍ي 5 / 9 / 2004 بغ‍‍داد, ص 21