تصنیف البحث: الأدب العربي
من صفحة: 88
إلى صفحة: 103
النص الكامل للبحث: PDF icon 7-5.pdf
خلاصة البحث:

لقد شاء الله أن يُخلد الإمام الحُسين بن علي(عليه السلام) وثورته التصحيحية بمختلف الوسائل والأساليب وقيض لهذا الأمر من عباده، يقومون به طواعية وبلا مقابل مهما كبدهم ذلك من خسائر وضحايا مادية ومعنوية، وهو كما يبدو، وعد موعود وعهد معهود قبل بداية الحركة الحُسينية على أرض الوجود.يتربع الإمام الحُسين(عليه السلام) على قلب كل مسلم، وبل كل حر من أحرار البشرية ناهيك عن جنسه ومعتقده، وذلك كثرت الرايات التي ترفع الإمام الحُسين(عليه السلام) شعاراً في حركتها التحريرية أو الثورية أو التصحيحية، سلمية كانت أم مسلحة بغض النظر عن النوايا والأهداف المضمرة ولم تكن الأندلس (إسبانيا والبرتغال حالياً) ببعيدة عن هذه الرايات.

البحث:

 

لقد شاء الله أن يُخلد الإمام الحُسين بن علي(عليه السلام) وثورته التصحيحية بمختلف الوسائل والأساليب وقيض لهذا الأمر من عباده، يقومون به طواعية وبلا مقابل مهما كبدهم ذلك من خسائر وضحايا مادية ومعنوية، وهو كما يبدو، وعد موعود وعهد معهود قبل بداية الحركة الحُسينية على أرض الوجود.

يتربع الإمام الحُسين(عليه السلام) على قلب كل مسلم، وبل كل حر من أحرار البشرية ناهيك عن جنسه ومعتقده، وذلك كثرت الرايات التي ترفع الإمام الحُسين(عليه السلام) شعاراً في حركتها التحريرية أو الثورية أو التصحيحية، سلمية كانت أم مسلحة بغض النظر عن النوايا والأهداف المضمرة ولم تكن الأندلس (إسبانيا والبرتغال حالياً) ببعيدة عن هذه الرايات.

إن هذه الشعائر والمراسيم والمواكب التي تقام في أيام شهري مُحرم وصفر من كل عام هي واحدة من الأساليب المهمة في تخليد قضية الإمام الحُسين(عليه السلام) التي نهض بأعبائها الإمام الحُسين(عليه السلام) واستشهد على طريق أهدافها ولم تقتصر هذه المراسم على العراق (مسرح الأحداث) بل أمتدت إلى بلدان أخرى من العالم العربي الإسلامي في المشرق والمغرب بل أمتدت إلى أوروبا وإلى جنوب شرقي آسيا وحتى أمريكا اللاتينية عن طريق المُسلمين من أحباب أهل البيت(عليهم السلام).

وفي هذا المجال نتجه إلى الأندلس (إسبانيا والبرتغال) وهي من البلدان التي تأثرت بأهل البيت(عليهم السلام) وأحبتهم على الرغم أن الحكومات التي تعاقبت عليهم لم يكن هواها مع أهل البيت(عليهم السلام) إلا أن المُسلمين هناك قد أحبوا أهل البيت عموماً والإمام الحُسين(عليه السلام) خصوصاً لأن الإمام الحُسين(عليه السلام) لم يُفجر ثورته أشراً ولا بطراً ولا ظُلماً ولا مُفسداً وإنما أنطلق ليؤسس معالم الإصلاح في البلاد ويحقق العدل الإجتماعي بين الناس ويقضي على أساليب الهزيمة التي مر بها المسلمون في ظل الحُكم الأموي الذي الحق بالأمة الهزيمة والعار.

ويمكن تقسيم العهود السياسية في الأندلس إلى ثمانية عهود:-

1- عهد الفتح 92-95هـ/711-714م

2- عهد الولاة 95-138هـ/ 714-755م

3- عهد الإمارة الأموية 138-316هـ/755-929م

4- عهد الخلافة الأموية 316-422هـ/929-1031م

5- عهد الطوائف 422-484هـ/1031-1091م

6- المرابطون 484-539هـ/1092-1145م (الأندلس ولاية مرابطية)

7- الموحدون 540-632هـ/ 1145-1232م (الأندلس ولاية موحدية)

8- مملكة غرناطة 635-897هـ/ 1238-1492م (الأندلس الصغرى)([1])

دأب أكثر المؤرخين في التاريخ العربي الإسلامي على تكرار ما دونه أسلافهم حول ثورة الحسين(عليه السلام) دون روية وهذا ما دعا أكثر المحققين من أهل الأنصاف إلى تأييد الأصوات المنادية الداعية إلى إعادة كتابة التاريخ بأسلوب جديد لإزالة بعض الظلامات التي لحقت مجتمعنا الإسلامي من جراء تلك الأعمال غير المسؤولة التي أتى بها أصحابها لسبب أو لآخر.

ويمكن القول بأن تاريخ التشيع بشكل عام وعن ثورة الحسين(عليه السلام) بشكل خاص أصابه حيف من المؤرخين حيث حاول أكثرهم إفهام الناس ومن خلال ما كتبوه عن تاريخ الأندلس بأنها (أي الأندلس) أموية الفتح أموية السقوط إلا أنهم وفي أحسن الأحوال ذهبوا إلى أن من جاء من الحكومات والدول بعد سقوط الخلافة الأموية بالأندلس قد نسجت على نفس المنوال الذي أثبتت أصوله من قبل الأمويين أنفسهم.

وفي نفس السياق عندما يذكرون الحركات الفكرية والمدارس والمذاهب الدينية بالأندلس فأنهم لا يتذكرون إلا مذهب مالك متناسين بذلك بأن جميع الحركات والمذاهب قد دخلت الأندلس ولا نرى تفسيراً لذلك إلا كون الذين دونوا تاريخ الأندلس في تلك الحقبة من الموالين للسلطة الأموية (138-422هـ/755-1031م) وبهذا يكون وبتعبير آخر أن تاريخ الأندلس قد كُتب بحسب ما يرغب الحُكام الأوائل للأندلس، وحسب أهوائهم وميولهم وقد جاء الخلف من المؤرخين فأخذوا بالعزف على نفس الأوتار التي صاغها السلف بدون دقة ولا تمحيص([2]).

" أن الدراسات التاريخية لا تقوم غالباً إلا على المصادر والأصول من كتب ووثائق وغيرها من نصوص مكتوبة، ولما كانت هذه المصادر لا تسلم من التزوير والانتحال، ولا تخلو رواياتها وأخبارها من الأخطاء والمبالغات والأكاذيب، التي تتفاعل في خلقها عوامل وظروف وأغراض كثيرة ومتنوعة، فأن عملية نقد هذه المصادر دراسة علمية تستهدف الوصول إلى الحقائق التاريخية"([3]).

ومن هنا كان علينا أن نقف أمام نصوص المؤرخين الأندلسيين وغيرهم موقف النقد والتحليل، لاسيما ونحن نكتب عن تاريخ ثورة الحُسين(عليه السلام) في التراث الأندلسي الذي أصيب بحيف المؤرخين، فقد كانت السلطة تحرص دائماً على إيجاد كُتاب خاصون بها يكتبون منجزاتها الخاصة بها ويحرفون الجانب المعارض لها، بل يحاولون إخفاء الكثير من الحقائق التي تتعلق بهذا الجانب ومنهم الدولة الأموية في المشرق أو في الأندلس، ونجد مصداق ذلك في قول محمود عباس العقاد ".... وجاءت تلك الدولة الأندلسية بمؤرخين من الأعلام ينصبون الميزان راجحاً لكل سيرة أموية لا يقصدونها بالمحاباة ولكنهم لا يستطيعون أن يقصدوها بالنقد والملامة لأنهم مصروفون بهواهم عن هذا الطريق"([4]).

لقد كتب الدكتور محمود علي مكي بحثاً عن التشيع في الأندلس منذ الفتح حتى نهاية الدولة الأموية(5) قبل أكثر من نصف قرن أعقبه عدد من الباحثين المحدثين في العالم العربي والإسلامي فضلاً عن بعض كتابات المستشرقين والمستعربين عن الموضوع باللغات الأجنبية، وعند دراسة وتحقيق بعض المخطوطات الأندلسية والمغربية وظهور طبعة جديدة لكتاب "أعمال الأعلام فيمن بويع قبل الاحتلام من ملوك الإسلام وما يتعلق بذلك من الكلام" بأقسامه الثلاثة المشرقي والأندلسي والمغربي للسان الدين ابن الخطيب (ت 776هـ) حيث وجدنا إشارة ذات أهمية كبرى عن عادات أهل الأندلس عامة وأهل شرق الأندلس خاصة في ذكرى استشهاد الإمام الحُسين(عليه السلام) من التمثيل بإقامة الجنائزوإنشاد المراثي... ووصف إحدى هذه المراسيم وصفاً حياً يُخيل لنا أننا نرى إحياء الذكرى في إحدى مدن العراق وذكر أن هذه المراثي كانت تسمى الحُسينية وأن المحافظة عليها بقيت إلى أيام ابن الخطيب الغرناطي في عهد مملكة غرناطة (635-897هـ/ 1238-1492م) ومما ذكره " ولم يزل الحزن متصلاً على الحسين والمآتم قائمة في البلاد يجتمع لها الناس ويختلفون لذلك ليلة ويوم قتل فيه بعد الأمان من نكير دول قتلته ولاسيما بشرق الأندلس.

فكانوا على ما حدثنا به شيوخنا من أنهم بالشرق (شرق الأندلس) يقيمون هم الجنازة في شكل من الثياب يسجوه خلف سُترة في بعض البيت ويحتفل بالأطعمة والأضواء والشموع وتجلب القراء، يوقد البخور ويتغنى بالمراثي الحُسينية.... والحُسينية التي يستعملها اليوم المُسمعون، فيلوون العمائم الملونة ويبدلون الأثواب في الرفض كأنهم يشقون الأعلى عن الأسفل، بقية من هذا لم تنقطع بعد وأن ضعفت، مهما قيل: الحُسينية أو الصفة، لم يُدّرَ اليوم أصلها"(6).

عند دراسة هذا النص يفتح لنا آفاقاً واسعة المؤرخ لسان الدين ابن الخطيب الغرناطي من أعلام الفكر الأندلسي، ذو الوزارتين في مملكة غرناطة، يسجل ذكرى عاشوراء في الأندلس بشكل عام وفي مملكة غرناطة بشكل خاص لأنها بقيت محافظة على ما بقي للعرب المسلمين من سلطان سياسي ووجود حضاري حتى خروج العرب من الأندلس سنة 897هـ/1492م.

ولكن كيف وصلت الثقافة الشيعية ومدرسة أهل البيت(عليهم السلام) إلى الأندلس؟ نحنُ نعرف بأن الأندلس تبعد آلاف الكيلومترات عن المشرق عامة وعن مسرح الأحداث في العراق وكربلاء خاصة وقد حكم الأمويون أكثر من قرنين ونصف في الأندلس (138-422هـ/755-1031م) فضلاً عن دور المرابطين وغيرهم في مضايقة أهل البيت(عليهم السلام) وأتباعهم.

من المعروف تاريخياً أن الأندلس وخلال الوجود الإسلامي مرت بعدة عهود تاريخية، وكان لكل عهد نظامه السياسي والفكري الذي يختلف عنه في العهود الأخرى، من هنا فأن تلك النظم السياسية اختلفت في موقفها من التشيع في الأندلس.

ومما يجب ذكره في هذا المجال أن نظم الحكم في الأندلس وفي غيره كانت تعمل دائماً على إيجاد ركائز لها في الدفاع عن معتقداتها السياسية والمذهبية، وأول هذه الركائز السلطوية والتي كان النظام السياسي يحرص في أن تقف إلى جانبه هي فئة الفقهاء، وخصوصاً فقهاء المالكية لما لهم من نفوذ واسع في الأندلس.

أما الركيزة الثانية فكانت إيجاد من يؤرخ إلى هذا النظام ويبرز جوانبه الإيجابية والتعرض لكل من يحاول مقاومة النظام السياسي، ومن هذا المنطلق نستطيع أن نُشبه السلطة السياسية في الأندلس بمثلث يمثل فيه الحُكام (أمراء وخلفاء) الرأس، ويمثل الفقهاء والمؤرخين قاعدته(7).

أخذ التشيع طريقه إلى الأندلس ودخل أرضها مع الأفواج من المسلمين الذين وطأوا أرض الأندلس في أيام الفتح الأولى (92-95هـ/711-714م) وهم يحملون لها الإسلام، فحُب أهل البيت(عليهم السلام) كان موجوداً لدى الوالي وقائد فتح الأندلس موسى بن نصير (19-97 هـ) وهو من عين التمر بكربلاء حيث كان والده قد امتنع عن قتال الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) وكان على حرس معاوية، وذكرت المصادر أن حملة موسى بن نصير التي عبرت إلى الأندلس سنة 93هـ/712م قد ضمت العديد من التابعين ومنهم حنش بن عبد الله الصنعاني (ت 100هـ/718م) الذي كان من أصحاب الإمام علي(عليه السلام) في الكوفة(8) وربما كان ساكناً فيها وشارك الإمام علي(عليه السلام) في حروبه ضد معاوية بن أبي سفيان وضد الخوارج، وبعد استشهاد الإمام علي(عليه السلام) اضطر هذا التابعي إلى مفارقة الكوفة بسبب تردي الأوضاع السياسية في العراق في ظل الخلافة الأموية (40-132هـ) وأتجه نحو مصر واستقر بها، ويظهر أنه اختار الجهاد والشهادة على المكوث في الكوفة، لاسيما وأن مصر كانت في تلك الفترة تمثل البوابة التي تنطلق منها الجيوش الإسلامية نحو المغرب لغرض تحريره من الاحتلال البيزنطي (21-90 هـ/642-709م). ولكن ما علاقة حنش الصنعاني بالتشيع وما هي جهوده في الأندلس؟ وما موقفه من الأحداث السياسية الكبرى في عصره خاصة ثورة الإمام الحسين(عليه السلام) في كربلاء؟

كانت الأندلس خلال الفترة التي دخلها حنش الصنعاني وهي عهدي الفتح والولاة، لم تُعرف تسلطاً مذهبياً أو سياسياً لانشغالهم بالفتوحات، وبالتالي كان من الممكن أن يمارس صاحب أي عقيدة نشر عقيدته بدون أي ضغوط كما حدت في العهود التالية. فمن غير البعيد أن يكون حنش قد تتلمذ على يد الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) وعبد الله بن عباس (ت68هـ/ 687م) وعبد الله بن مسعود وغيرهم وقد وثقه ابن الفرضي (ت 403هـ/1012م) بقوله "أنه تابعي كبير ثقه"(9) ولا يستبعد أن يكون قد قام بنشر فضائل أهل البيت(عليهم السلام) وقد أغفلت المصادر ذلك في حين يرى الدكتور محمود علي مكي، أن حنشاً لم يُعرف في الأندلس بأي نزعة علوية وينسب إليه فضل بناء مسجدي سرقسطة والبيره(10).

لقد أبدى الأمويون نحو إسبانيا اهتماماً كبيراً ربما كان مرده إلى غناها وكثره ما غنموه منها وقد استقر في الأندلس منذ فتحها عدد كبير من موالي بني أمية وجنودهم المخلصين، كما أن معظم من أشترك في الفتح من العرب كانوا من الشاميين الذين قامت على أكتافهم الدولة الأموية، وقد كان جنود بلج بن بشر القشيري الشاميون يذكرون والي الأندلس عبد الملك بن قطن الفهري الذي ولي الأندلس لمرتين، أنه أنما أفلت من سيوفهم يوم الحره سنة 63هـ وكان في صف الأنصار ضد جيش يزيد بن معاوية، وكان جزاؤه على ذلك أن صلبوه ومثلوا به سنة 123هـ/741م. ويجب أن نذكر كذلك أنه كان من بين جنود بلج هؤلاء عدد اشترك في الحروب التي اشتعلت بين الأمويين وخصومهم الشيعة في العراق. ومن أهم هؤلاء شمر بن ذي الجوشن الكلابي الذي قتل الإمام الحُسين بن علي(عليه السلام) بيده في كربلاء سنة 61هـ/680م ثم هرب من الكوفة إلى الشام خوفاً من انتقام المختار بن أبي عبيد الثقفي ثم قتل في الأهواز سنة 66هـ، ودخل الأندلس حفيده الصُميل بن حاتم مع بلج وكان من أكبر القواد في الأندلس ووزيراً لأميرها يوسف بن عبد الرحمن الفهري 129-138هـ(11).

وفي ضوء ما تقدم يمكن أن نؤكد أن التشيع دخل الأندلس مع دخول الإسلام لها، ورغم أن الأندلس فُتحت من قبل الأمويين وأنهم كانوا يعينون عليها الولاة إلا أننا لم نلاحظ أي موقف لهؤلاء الولاة في الأندلس اتجاه التشيع للأسباب التالية:-

1- أن عهد الولاة (95-138هـ/ 714-755م) في الأندلس أمتاز بكونه عهد فتح وجهاد لرفع راية الله أكبر ونشر الإسلام.

2- أن التشيع كان في بداية دخوله إلى الأندلس ولم تكن هناك مضايقات سياسية أو مذهبية أو فكرية خلال هذه الحقبة.

3- أن المغرب كان تابعاً إدارياً للخلافة الأموية في بلاد الشام، ولم يشهد خلال هذه الحقبة التاريخية صراعات سياسية أو مذهبية كما في الحُقب التالية، ونحن نعرف أن المغرب كان له إنعكاساً واضحاً على الأندلس(12).

وبعد سقوط الخلافة الأموية في دمشق 132هـ/749م بسبب ضربات الأحزاب المعارضة من شيعة وخوارج وظن الشيعة العلويين أن الدولة أصبحت لهم، ولكن خاب ظنهم حين قبض أبناء عمومتهم من بني العباس على ناصية الأمر وجعلوا في بيتهم، وعاد الشيعة مرة أخرى إلى نشاطهم كحزب معارض. أما العباسيون فأنهم بدافع الانتقام من بني أمية نكلوا بمن بقي منهم تنكيلاً شديداً حتى اضطروهم أن يتخفوا أو يهربوا إلى أقاص الأرض. وكان ممن هرب من مطاردة العباسيين عبد الرحمن بن معاوية بن هشام الذي هرب إلى الأندلس مدفوعاً بعاملين:-

الأول:- بُعدها عن مركز الخلافة العباسية في المشرق.

والثاني:- كثرة موالي الأمويين بها، واستطاع عبد الرحمن الداخل أن يؤسس في قرطبة إمارة أموية مستقلة، وقد حفز نجاحه في ذلك كثيراً من الأمويين على أن يهاجروا إلى الأندلس، وكان عبد الرحمن يعهد إليهم بأرقى المناصب، وهكذا رسخت أقدام الأمويين في الأندلس(13).

لقد عمل عبد الرحمن الداخل (الأول) طول مدة إمارته (138-172هـ/756-788م) على إخماد الثورات التي قامت ضده وعُني بشكل خاص بأن يضرب بيد من حديد على كل دعوة هاشمية، عباسية، كانت أو علوية، إلا أنه لم يأمر بلعن الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) ولا أحد من أهل البيت(عليهم السلام) على المنابر كما فعل سلفه من الأمويين في المشرق باستثناء الخليفة عمر بن عبد العزيز (99-101هـ).

من الأشياء التي لها دلالتها في هذا الشأن موقف الأمويين من يوم عاشوراء والذي يعد يوم حداد وحزن لدى جميع فرق الشيعة إلا أن الغلاة في الأندلس اعتبروه عيداً خلال الحكم الأموي ويظهرون فيه الفرح ويوزعون الأطعمة وذلك مكايدة للشيعة وشماتة لهم وقد سجل لنا الشعر وهو ديوان العرب أبياتاً لعبد الملك بن حبيب (ت 238هـ/842م) كبير فقهاء قرطبة في أيام الأمير الأموي عبد الرحمن الأوسط (الثاني) يقول فيه:-

لا تنسى – لا ينسك الرحمن – عاشورا
 

واذكره، لا زلت في التاريخ مذكورا
 

قال النبي صلاة الله تشمله
 

قولاً وجدنا عليه الحق والنورا
 

فيمن يوسع في إنفاق موسمه
 

ألاّ يزال بذاك العام ميسورا(14)
 

وهكذا نرى الشاعر الفقيه يحض الأمير الأموي على الاحتفال بهذا اليوم ناظماً بذلك الحديث الذي يستندون إليه في هذه المسألة. وقد استمرت الأندلس أموية النزعة متعصبة رغم تسرب بعض الأفكار الشيعية ويذكر المقدسي عن الأندلس في القرن الرابع الهجري فيقول " أن الأندلسيين إذا عثروا على معتزلي أو شيعي فربما قتلوه "(15).

ومن أساليب الأمويين الأخرى تجاهل ذكر فضائل الإمام علي وأهل بيت الرسول 9 خاصة في بعض أوقات التوتر السياسي بينهم وبين الدول الشيعية منها الأدارسة في المغرب والفاطمية في المغرب ومصر، واستقبال الأندلس للاجئين السياسيين المعارضين للحكومات الشيعية في المشرق والمغرب، والاتصال برجال المعارضة للحكم الشيعي في المغرب ومصر وإشعال الثورات، فضلاً عن الصلات التجارية والعلاقات السياسية مع الإمارات السنية في المغرب ومصر وحوض البحر المتوسط كذلك تشجيع التأليف في الشؤون الأفريقية والشيعية وفي مقدمة الخلفاء الأمويين هو الخليفة الحكم المستنصر (350هـ -366هـ) الذي كلف الكاتب محمد بن يوسف القيرواني التاريخي الوراق بتأليف موسوعة في جغرافية إفريقية ومسالكها وشجع التأليف في أنساب الطالبين فضلاً عن ترجمة الكتب البربرية حول الموضوع.

لقد ضاعف الأندلسيون نشاطهم حين ظهرت الدولة الفاطمية في المغرب سنة 296هـ وتزايد اهتمام الخلافة الأموية في الأندلس بالشؤون الأفريقية فكان لحكومة قرطبة عيون ووسطاء منبثون في جميع أنحاء المغرب(16) كذلك النشاط الثقافي الذي كان يمثله العلماء والفقهاء والشعراء الذين جندهم الأمويون للدفاع عن آرائهم السياسية والمذهبية وإذاعتها.

نقل الثقافة الشيعية إلى الأندلس

دخل التشيع إلى الأندلس بعدة طرق منها:-

أولاً:- دخول بعض البيوت العربية إلى الأندلس والتي كانت تدين بنصرة آل علي من قبل فظلت فيها هذه النزعة متوارثة والملفت للنظر بأن الداخلين إلى الأندلس من الشيعة كانوا من البيوتات التي تعد في حينها أعمدة وأساطين التشيع في المشرق وأن دل هذا على شيء فإنما يدل على اعتقادهم بأن هناك أرضية مناسبة على الرغم من وجود الحكم الأموي بقرطبة ومن أشهر الداخلين إلى الأندلس هو هشام بن الحسين بن إبراهيم بن الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) سادس أئمة أهل البيت(عليهم السلام) الذي نزل مدينة لبلة وتعرف منازلهم فيها منازل الهاشمي(17) ويمكن أن نتساءل ما هي الأسباب التي دفعت هذه الشخصية العلوية أن يترك وطنه ويتوجه نحو الأندلس؟.

عند استقراء النصوص التاريخية لابد وأن تكون الأوضاع السياسية في المشرق غير مؤاتية لبقاء أهل البيت والعلويين فيها خاصة وأن العباسيين اضطهدوا الأمويين والعلويين على حد سواء كذلك أدرك هاشم أن أوضاع الأندلس مناسبة لاستقراره فيها كذلك دخل الأندلس أبناء وأحفاد مالك الأشتر، أبناء عمار بن ياسر، أبناء وأحفاد قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري الذي كان والياً للإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) على مصر وغيرهم. وكان لدخول هذه العوائل أكبر الأثر في أتساع دائرة التشيع وانتشاره في الأندلس.

ثانياً:- القبائل البربرية:- كان المغرب تربة خصبة للدعوات الشيعية، وقد تردد صدى التشيع في الأندلس لأول مرة بين صفوف البربر الذين شاركوا العرب في الفتح، وأستأثر دونهم العرب بمغانم الانتصار وثمراته، وقد استوطن البربر على الأغلب في المناطق الجبلية والهضاب المرتفعة لاسيما الممتدة في وسط شبه الجزيرة، وهي التي كانت تعرف "الجوف" وكذلك المناطق الجبلية في جنوب شرق الأندلس في كورة البيرة، في حين نزل العرب في الوديان الخصبة والسهول، وقد كانت المناطق البربرية ميداناً لجميع الثورات الشيعية التي عرفتها الأندلس. ومن أشهر القبائل البربرية (المغاربية) والتي تشيعت هي كتامة، نفزه، صنهاجه وغيرها. وكان لظهور دولة الأدارسة (172هـ/789م) والدولة الفاطمية بالمغرب (296هـ/909م) الأثر الكبير في نقل الثقافة الشيعية إلى الأندلس حيث سيتم التحدث عن دورهما في هذا البحث.

ثالثاً:- رحلة الأندلسيين إلى المشرق الذين أخذوا بقليل أو كثير من الثقافة الشيعية لاسيما في العراق أو مصر أو المغرب.

يبدو أن أول من نقل شيئاً من الثقافة الشيعية إلى الأندلس هو محمد بن عيسى القرطبي المعروف بالأعشى (ت 221هـ) وقد رحل في سنة 179هـ فذهب إلى العراق مخالفاً بذلك زملاؤه الأندلسيين الذين كانوا في ذلك الوقت يترددون على المدينة المنورة للتفقه على الإمام مالك بن أنس وتلاميذه وقد كانت نتيجة دراسته في العراق أن نقل إلى الأندلس بعض كتب وكيع بن الجراح الذي كان من أكبر المحدثين الشيعة، وله في الدفاع عن مبادئ الشيعة الزيدية. وقد عرض عليه القضاء في الأندلس فرفض وكان يذكر فضل الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) ويتخذه قدوته في حياته(18).

وممن رحل إلى العراق بعد ذلك عباس بن ناصح الثقفي الشاعر الذي أوفده الأمير عبد الرحمن الأوسط سنة 201 في التماس الكتب القديمة كذلك محمد بن مسرة القرطبي (ت 319هـ) قضى فترة من حياته الدراسية في القيروان حين بلغ نشاط الدولة الفاطمية الفتية أوجه من الناحية السياسية والإعلامية وقد تأثر بالعقيدة الإسماعيلية، وقاضي الجماعة بقرطبة منذر بن سعيد البلوطي (ت 355هـ) الذي رحل إلى المشرق ولم يعتنق المذهب المالكي وكان يميل إلى المذهب الظاهري وأن مصادر تأثره بالفكر الشيعي كونه بربرياً من قبيلة نفزه وهي القبيلة التي نصرت وآمنت بدعوة الثائر أحمد بن معاوية القط سنة (288هـ/901م) فضلاً عن اثر البيئة التي عاش فيها وهي منطقة الجوف التي كانت أكثر مناطق الأندلس صلاحية للمبادئ الشيعية، على أن أمثال هؤلاء وغيرهم لم يجاهروا بنزعة شيعية صريحة وأن نقلوا ألوان من التفكير الشيعي، ولكن ظهور الدولة الفاطمية بالمغرب في نهاية القرن الثالث الهجري جعل بعض العلماء الأندلسيين يعتنقون هذا المذهب، ومن هؤلاء محمد بن حيّون الحجاري (ت 305هـ) الذي لم يكن يذهب مذهب مالك وكان معاصروه يتهمونه بالتشيع(19)، ولكن يبدو أنه كان حريصاً على كتمان مذهبه حتى لا يتعرض للاضطهاد من قبل الأمويين والفقهاء وعملاً بمبدأ التقية الذي كان أصلاً من أصول الشيعة.

رابعاً:- رحلة بعض المشارقة إلى الأندلس وباشروا بنقل ونشر ثقافة أهل البيت(عليهم السلام) أو قاموا بدور التجسس لمصلحة مواليهم الشيعة أو ممارسة التجارة أو طلب العلم أو السياحة الصوفية. الواقع أنه في نهاية القرن الثالث وأثناء القرن الرابع الهجري انتشر دعاة جواسيس الدولة الفاطمية في جميع أنحاء الأقطار الإسلامية وكان الفاطميون في المغرب يجسون النبض ويترقبون للهجوم إما شرقاً نحو مصر أو شمالاً نحو الأندلس ولهذا دخل كثير من دعاة وجواسيس الدولة الفاطمية إلى الأندلس ليعملوا على استطلاع أحوالها والتعرف على مداخلها ومواطن الضعف فيها ودراسة نظمها السياسية والاقتصادية والدينية ثم محاولة نشر فكرهم بقدر ما وسعهم ومن أشهر الذين وصلوا الأندلس:

1- أبو اليسر الرياضي: كان من الدعاة شاعراً وأديباً وتسميه بعض المصادر الأندلسية بأول الجواسيس المشارقة الذي دخل الأندلس أيام الأمير الأموي محمد بن عبد الله الذي فطن إلى نشاطه فأضطر إلى مغادرة الأندلس وذهب إلى مصر ولعله أستمر بنشر الفكر الشيعي إلا أنه حبس أيام الأمير أحمد بن طولون لأنهم كانوا يتوجسون خيفة من الدعوات الشيعية إلا أنه تخلص من حبسه وذهب إلى القيروان بتونس وعمل كاتباً لدى الأغالبة وصاحب بيت الحكمة إلى جانب الكتابة ثم عمل لدى الدولة الفاطمية عند ظهورها في تونس سنة (296هـ/908م) واستمر بعمله في الكتابة وربما كان هذا مكافأة له على خدماته السابقة وأصبح من وجوه دعوة أبي عبد الله الشيعي وقد رافقه في الحملة التي سيرها الداعي الفاطمي لتخليص الإمام عبيد الله المهدي من سجن بني مدرار وذلك عند افتتاح القيروان وقد استمر أبو اليسر الرياضي في خدمة الدولة الفاطمية حتى وفاته سنة (298هـ/910م)، وإذا كان أبو اليسر الرياضي لم ينجح كل النجاح في مهمته السياسية في الأندلس إلا أنه نقل الثقافة الشيعية فقد أدخل في الأندلس شعر أبي تمام و دعبل الخزاعي(20).

2- أبو جعفر محمد بن أحمد بن هارون البغدادي: زار الأندلس عدة مرات وكان من الدعاة المعروفين ثم ولاه عبيد الله المهدي (سنة 300هـ/912م) الكتابة وديوان البريد في الدولة الفاطمية في تونس فضلاً عن القضاء والوثائق في أقاليم الدولة الفاطمية وقد أفاد الدولة الفاطمية بمعلومات عن الأوضاع الإجتماعية والدينية في الأندلس وله الفضل في نشر كتب الجاحظ وابن قتيبة ونشر تعاليم الشيعة الفاطميين(21).

3- ابن حوقل النصيبي (ت367هـ/977م): من أشهر دعاة الفاطميين الذي دخل الأندلس مستتراً بالتجارة ويسميه ياقوت الحموي بالتاجر الموصلي، وقد ألف كتاباً بعنوان صورة الأرض سجل فيه دخل الدولة الأموية في الأندلس ومواردها الاقتصادية ووصف طرقها ومسالكها فضلاً عن الناحية العسكرية وقد دون هذه الموضوعات في دقة وحاول في كتابه أن يقنع الفاطميين بضرورة فتح الأندلس لكثرة خيراتها ولضعف أهلها في الدفاع عنها ولكن لم يظفر مشروعه بالتأييد من جانب الفاطميين بعد أن انتقلت إلى مصر(22).

4- الشاعر المشهور ابن هانئ الأندلسي (ت 362هـ/972م) كان من ثمرات الدعوة الفاطمية. شاعر من البيرة (غرناطة) قضى فترة شبابه في الأندلس ثم التحق بخدمة المعز لدين الله الفاطمي ثم صار الشاعر الرسمي لدعوة الفاطميين ويُعد شعره وثيقة عن الفكر الفاطمي في مختلف شؤون الدين والعقيدة(23).

هذا ما وصلنا بعض أخبار الدُعاة الذين وجهتهم الدولة الفاطمية إلى الأندلس ولكن كيف مارس هؤلاء الدُعاة أدوارهم في الأندلس ومدى نجاحهم في نقل ونشر الثقافة الشيعية إلى الأندلس؟

يجب أن نذكر بهذا الصدد أن مهمة هؤلاء الدُعاة كانت تمتاز بالتستر والسرية التامة، ولهذا فأن المصادر التاريخية لم تحتفظ لنا بأخبار وافية ومفصلة عنهم.

خامساً:- قيام الدول الشيعية في المغرب والأندلس(24)

لا يمكن استيعاب وإدراك الموضوع إلا من خلال استعراض سريع لانتشار الإسلام والتشيع في المغرب، لما له من أهمية في تشخيص الأدوار التي قام بها العرب والبربر والدول الشيعية في نشر الإسلام والتشيع في الأندلس.

انتشر الإسلام في المغرب بعد الفتح الإسلامي (21-90هـ) على أن إسلام البربر والأفارقة بشكل عام ظل سطحياً حتى خلافة عمر بن عبد العزيز (99-101هـ/717-719م) الذي بعث مجموعة من العلماء والفقهاء إلى المغرب لتبصير البربر بأمور الإسلام(25).

ونتيجة لتطور الحياة الفكرية في الدولة العربية وظهور المذاهب الفقهية وقيام المغاربة بالرحلة إلى المشرق للتزود بالعلم والمعرفة كان لابد أن تكون وجهتهم الأولى الديار المقدسة، ومن الطبيعي أن يكون لقاؤهم أولاً بالإمام مالك بن أنس (ت 179هـ) وقد ساد وانتشر المذهب المالكي في شمال أفريقيا والأندلس فضلاً عن دخول المذاهب الأخرى منها الشيعي والشافعي وغيرها.

ومن أهم عوامل ظهور الإمارات والدول المستقلة في المغرب الإسلامي:-

1- البُعد الجغرافي الإسلامي في شمال إفريقيا عن مقر الخلافة العباسية في بغداد مما شجع الثوار والمتمردين بالاستقلال عن الخلافة العباسية.

2- نزعة الاستقلال التي تمثلت بالثورات وحركات الخوارج والشيعة في المغرب هي السبب الأساسي في ظهور الإمارات والدول المستقلة.

3- كثرة وتعدد وتنوع الولاة في المغرب الإسلامي وقصر فترة ولاياتهم.

4- ضُعف الخلافة الأموية في أواخر عهدها ثم سقوطها سنة 132هـ ثم ظهور الدولة العباسية ووصول خلفاء ضعفاء حسب مبدأ الوراثة في العصر العباسي الثاني غير قادرين على إدارة الإمبراطورية الإسلامية المترامية الأطراف.

5- نظراً لأتساع الإمبراطورية العربية الإسلامية من حدود الصين شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً حيث تم منح الاستقلال الذاتي للأغالبة بضمانات مالية ولمنع توسع الأدارسة إلى بقية المغرب الإسلامي لتكون سداً أمام بقية الإمارات المستقلة مثل الرستمية والمدارية والخوارج.

6- الطبيعة الجغرافية للمغرب الإسلامي من كثرة الجبال الوعرة شجع الثوار على التمرد والإلتجاء إليها(26).

وفي ضوء ما تقدم يمكن أن نحدد ثلاث مراحل لدخول التشيع إلى المغرب الإسلامي.

* المرحلة الأولى:- وهي التي تبدأ قبل عام 145هـ/762م وتمثل بنقل المغاربة لأفكار التشيع وبشكل محدد نسبياً عن طريق الحج واختلاطهم هناك بالشيعة المنتشرين في الديار المقدسة أو عن طريق البعثات العلمية التي كان المغاربة يقومون بها أو عن طريق اتصالهم المباشر بأئمة أهل البيت(عليهم السلام).

* المرحلة الثانية:- وهي التي تبدأ من عام 145هـ/762م والتي استمرت إلى سنة 172هـ بتأسيس دولة الأدارسة بالمغرب، وقد امتازت هذه المرحلة عن سابقتها بكونها مرحلة العمل المنظم والتوجيه المبرمج المدروس الذي خطط له تخطيطاً دقيقاً ومتكاملاً، وفيها يتفق معظم المؤرخين القدامى والمحدثين على أن الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) أرسل إلى المغرب داعيتين هما الحلواني وأبا سفيان سنة 145هـ/762م وأمرهما أن يبسطا علم الأئمة من آل محمد(عليهم السلام) وينشرا فضلهم وأمرهما أن يتجاوزا إفريقية إلى حدود البربر ثم يفترقان فينزل كل واحد منهما ناحية من المغرب، وكان أهل تلك النواحي يأتون ويسمعون فضائل أهل البيت(عليهم السلام) منهما بعد أن أسسا مسجدين وتزوجا من أهل المغرب حيث تشيعت كثير من قبائل البربر منها كتامة ونفزه وصنهاجه وغيرها في المغرب(27).

وبهذا الخصوص يذكر المقريزي (ت 845هـ/1441م) "أن الإمام الصادق(عليه السلام) قد أنفذ إلى المغرب داعيتين هما الحلواني وأبا سفيان وقال لهما: " أن المغرب أرض بور فأذهبا فاحرثا حتى يجئ صاحب البذر، فسار فنزل أحدهما بأرض كتامة فمالت قلوب أهل تلك النواحي إليهما وحملوا إليهما الأموال والتحف فأقاما سنين كثيرة... إلى أن دخل إليهم صاحب البذر أبو عبد الله الشيعي بعد مائة وخمس وثلاثين سنة وكان من أمره ما كان"(28).

عند دراسة هذه الرواية والروايات الأخرى في المصادر العربية وأكدتها المراجع الحديثة يبرز السؤال التالي لما ركز الإمام جعفر الصادق(عليه السلام) على المغرب وإرسال الدُعاة بهذا الوقت؟

أن إرسال الدُعاة إلى الغرب وفي هذا الوقت بالذات لابد أن تكون هناك جملة أهداف منها:-

1- للوعي السياسي العميق الذي كان يتمتع به الإمام الصادق(عليه السلام)، فأنه لم يغب عنه أحوال العالم الإسلامي وكان يعي أن المغرب يمر بمرحلة إنتقالية بعد انتقال السلطة من الأمويين إلى العباسيين سنة (132هـ/749م).

2- تعذر التحرك السياسي أو الثقافي للإمام الصادق(عليه السلام) في المشرق بوجود السلطة العباسية وكان يدرك أن أطراف العالم الإسلامي مثل المغرب لا يوجد فيها حُكام أقوياء ولا سلطة مركزية والذي سيؤهل لاحتضان المذهب الشيعي ويكون منطلقاً لفكره ومبادئه وعقيدته وبصورة مدروسة ومنظمة.

3- كان هدف الإمام الصادق(عليه السلام) محاربة الفتن والبدع المستحدثة لدى قبائل البربر بسبب دخول حركات الخوارج الصفوية والإباضية وغيرها من الحركات.

4- لم يغب عن الإمام الصادق(عليه السلام) المظلومية التي كان عليها البربر بسبب ظلم حكامهم العرب مما جعلهم على استعداد للترحيب بمنقذ من آل البيت يخلصهم من جور الظالمين(29).

* المرحلة الثالثة:- أفرزت المرحلتين السابقتين نتائج مهمة أولها انتشار التشيع بين صفوف البربر والثانية قيام الدول الشيعية في شمال إفريقيا، والمتمثل بقيام دولة الأدارسة سنة (172هـ/789م) والدولة الفاطمية سنة (296هـ/909م) وهذه المرحلة تبدأ عملية التأثير المباشر بنقل التشيع إلى الأندلس. والجدير بالذكر أن صلة البربر الذين عبروا إلى الأندلس لم تنقطع بإخوانهم في المغرب وبذلك فأنهم لم يكونوا بعيدين عن الفكر الشيعي الذي كان صداه واسعاً بين صفوفهم، فضلاً عن استمرار هجرات البربر إلى الأندلس حتى أن الحاجب المنصور وابناه عبد الملك وعبد الرحمن استعانوا بالصنهاجيين الذين كانوا من الشيعة. وعند قيام دولة الأدارسة بالمغرب الأقصى واستقام الأمر لأدريس الثاني حيث وفدت عليه الوفود من إفريقيا والأندلس ملتفين حوله حتى اجتمع لديه (500) فارس من قيس والأزد ومذحج غيرهم وكان ذلك في سنة 189هـ/805م.

وكانت علاقة الأدارسة بالأمويين بالأندلس مبنية على العداء لأن الأدارسة شجعوا نشر التشيع في الأندلس ومساعدة حركات المعارضة لهم، لاسيما وأن الأدارسة لهم طموحات لزعامة المغرب الأقصى في ظل المذهب الزيدي.

أما الدولة الفاطمية فكان لها أكبر التأثير في نشر التشيع في المغرب والأندلس وكان قيامها نذيراً بقيام صراع (مذهبي – سياسي) عنيف بين الأمويين في الأندلس والفاطميين في المغرب، فالفاطميون كانوا ينظرون إلى الحكم الأموي في الأندلس على أنه امتداد لخلافة دمشق بذكرياتها البغيضة والمأساوية لهم، والفاطميون منذ قيام دولتهم بالمغرب فكروا في غزو الأندلس ومهدوا لذلك بالدعاية الشيعية بإرسال الدُعاة والعيون كما ذكرنا سابقاً(30).

التشيع في عهد الطوائف (422-484هـ)

حينما سقطت الخلافة الأموية في قرطبة سنة 422هـ/1031م، فشلت جميع المحاولات التي بذلت لإعادتها، بدا من أن الجو أصبح صالحاً لكي تثمر الدعوات الشيعية التي أبتدأت تنتشر في الأندلس منذ زمن بعيد، وقد أحسن العلويون فعلاً انتهاز هذه الفرصة وتحقق لهم تكوين أول دولة علوية يخطب باسمها على منابر الأندلس، وتلك الدولة هي الحمودية حيث سقطت قرطبة بيد علي ابن حمود الحسني سنة 407هـ وهؤلاء ينتسبون إلى إدريس بن الحسن العلوي الذي أسس دولة الأدارسة بالمغرب سنة 172هـ/788م التي كانت أول دولة علوية في الغرب الإسلامي. كذلك ظهرت دولة بني زيري الصنهاجية في غرناطة وهي ذات نزعة شيعية إلا أن هذه الدويلات أو الإمارات زالت بظهور المرابطين ليصبح الأندلس ولاية مرابطية (484-540هـ).

ومن الغريب أن معظم حُكام هذه الممالك قلدوا الخلفاء العباسيين والفاطميين في حياتهم وفي ألقابهم وقد صدق الشاعر أبو الحسن بن رشيق القيرواني حين قال:-

مما يزهدني في أرض الأندلس
 

أسماء مُعتمد فيها ومُعتضد
 

ألقاب مملكة في غير موضعها
 

كالهر يحكي انتفاخاً صورة الأسد
 

وعلى الرغم مما ذُكر عن عهد الطوائف من تمزق سياسي وظهور أكثر من عشرين إمارة أندلسية ولكن من الناحية الفكرية نلاحظ طوال هذا العهد حرية لم تكن الأندلس تتمتع بها في أيام الإمارة والخلافة الأموية وكان لهذه الحرية أثر في عودة كثير من العقائد الشيعية إلى الظهور دون أن تلاحقها المطاردة والاضطهاد من جانب الحكومة. كذلك كان لبغداد تأثير على الثقافة الأندلسية في ظل الحرية التي سمحت لمختلف ألوان الثقافة المشرقية خاصة وأن بغداد في هذا الوقت كانت من أهم المراكز الشيعية في ظل بني بويه الذين استولوا على الخلافة العباسية في بغداد (334-هـ/945م) وفي هذا العهد انتقلت رسائل أخوان الصفا إلى الأندلس فضلاً عن ظهور اشهر الشعراء والكُتاب والأدباء الشيعة في بغداد وانتقال تأثيرهم إلى الأندلس منهم أبو بكر الخوارزمي (ت 385هـ/995م) وبديع الزمان الهمذاني (398هـ/1007م) والشريف الرضي (ت 405هـ/1014م) ومهيار الديلمي (ت 428هـ/1036م) كذلك ازدادت صلات الأندلس بمصر وشمال إفريقيا وقد تبادلت بعض الرسائل بين علي بن مجاهد العامري صاحب دانيه مع الخليفة الفاطمي المستنصر بالله سنة (452هـ/1060م) كما هاجر كثير من الأدباء من المغرب ومصر إلى الأندلس وقد ذكرهم ابن بسام في موسوعته الأدبية الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة تحت باب الغرباء. كما ظهر لليهود نفوذاً في ظل الحرية الفكرية.

مظاهر التشيع في الحياة الفكرية بالأندلس

خير ما يطلعنا على مدى معرفة الأندلسيين بالتشيع والمذاهب الشيعية في هذا الوقت هو ابن حزم الأندلسي (ت 456هـ/1063م) في كتابه المشهور "الفصل في الملل والأهواء والنحل"(31)، وهو ثاني مؤلف أندلسي يتكلم عن فرق الشيعة بعد كتاب العقد الفريد(32) لابن عبد ربه (ت 328هـ) وإذا قارنا بين ما يحتوي عليه الكتابان، تبين لنا مدى ما عرفه الأندلسيون عن التشيع في خلال قرن من الزمان: فكلام ابن حزم أدق وأضبط، وأكثر إستقامة مع الواقع التاريخي، واشد اهتماماً بالنواحي العقدية ووجوه الخلاف بين الشيعة والسُنة، بينما كلام ابن عبد ربه تشيع فيه الروح الأدبية والاهتمام بالمختارات والنوادر، وابن حزم يتكلم عن طوائف الشيعة معدداً إياها بكثير من التفصيل، كما أنه يتعرض للتشيع الأندلسي وللشيعة الإسماعيلية وهم الذين كانوا يحكمون حينئذ في مصر وشمال إفريقية (الدولة الفاطمية).كذلك كتاب دُرر السمط في خبر السبط وكتاب اللُجين في رثاء الحُسين لابن الأبار (ت 658هـ).

ومن مظاهر التأثير الشيعي في هذه الفترة أن مدرسة محمد بن مسره قد استمرت ممثله في طائفة من المفكرين كان من أبرزهم إسماعيل بن عبد الله الرعيني الذي عاش في المرية وكان أنصاره يعدونه إماماً يؤدون إليه الزكاة. كذلك تشيع كثير من عرب وبربر الأندلس والتسمية بأسماء أهل البيت وظهور عقيدة المهدي المنتظر كأمل في رفع الظلم والعسف عن المسلمين عامة والشيعة خاصة، فضلاً عن هذا تذكر بعض المصادر الأندلسية عن انتشار بعض معتقدات الشيعة في هذه الفترة مثل الرجعة، والجفر والتناسخ(33).

وفي مجال الأدب، كان الشعر الشيعي في الأندلس صورة صادقة للتشيع الأندلسي وظهر فيه رثاء أهل البيت(عليهم السلام) وخاصة رثاء الإمام الحُسين(عليه السلام).

المآتم ورثاء الحُسين(عليه السلام) في الأدب الأندلسي

لم تكن الأندلس بعيدة عما كان يدور في الأمصار التي كان التشيع فيها موجوداً، فقد كانت تشهد العزاء والألم والنياحة في ذكرى استشهاد سيد الشهداء الإمام الحُسين(عليه السلام) وقد عرضنا في بداية هذا البحث نص لسان الدين ابن الخطيب (ت 776هـ/ 1375م) في كتابه "أعمال الأعلام" عن المآتم الحُسينية في الأندلس.

ويظهر من هذا الوصف أن النياحة على الإمام الحُسين(عليه السلام) وإقامة شعائر الحُزن والأسى عليه قد تداوله المسلمون في الأندلس منذ أن وطئت أقدام المسلمين الأرض وبقيت هذه التقاليد في هذه البلاد الإسلامية النائية حتى القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي.

وفي مجال الأدب فقد كان التشيع في المشرق من أكبر العوامل التي غذت الأدب العربي وأورثه بألوان جديدة، وكما كان الحزب الشيعي هو أول حزب إسلامي ديني سياسي فكذلك كان أدب الشيعة هو أدب سياسي حاول شعراؤهم أن يحتجوا فيه على خصومهم مدافعين عن نظريتهم في الإمامة. وقد كان أدب الشيعة يمتاز كذلك في العاطفة وقوة الشعور الديني، ولهذا فقد كانت مدائح شعرائهم تختلف عن مدائح غيرهم لما فيها من الحرارة والإخلاص، وهو ما يفتقر إليه شعر المديح عموماً في الشعر العربي(34) بل أمتاز الأدب الشيعي في الأندلس أن بعض أدبائه أوقفوا من أنفسهم شعراً لكربلاء وكفوا عن القول في غيرها حتى أن الشاعر أبو عبد الله محمود بن مسعود بن أبي الخصال الشقوري (ت 540هـ/1146م) جعل من رثاء الإمام الحُسين في قصائد مستقلة، لا يشوب تلك القصائد غرض آخر في حين كان الشاعر أبو البحر صفوان بن إدريس التجيبي (ت 598هـ/ 1200م) من أعلام الشعر في عهد الموحدين والذي قال الشعر في أغراض متعددة ومدح الأمراء والسلاطين فلم يحصل على طائل فأقسم إلا يعود ويمدح أحد منهم، وكان ابن دراج القسطلي (ت 421هـ/ 1030م) من أفضل الشعراء الذين اتصلوا بالحموديين، ولم يبق من شعره الشيعي إلا قصيدة هاشمية مدح بها علي بن حمود واحتفظ لنا ابن بسام(35) بأكثرها، مفضلاً إياها على هاشميات كُثيرّ عزة والكُميت بن زيد والسيد الحميري ودعبل، وفي هذه القصيدة يحتج ابن دراج لإمامة الحموديين ويقول أنها ثابتة بنص القرآن وبدليل العقل، وبحكم حقهم في ميراث النبي9:

فأنتم هُداة حياة وموت
 

وأنتم أئمة فعل وقيل
 

وسادات من حل جنات عدن
 

جميع شبابهم والكهول
 

وأنتم خلائف دنيا ودين
 

بحكم الكتاب وحكم العقول
 

وابن دراج أول من ذكر مناقب أهل البيت في أسلوب حزين مؤثر، وكان نواة للقصائد الأندلسية التي تناولت مراثي أهل البيت، والحقيقة أن هذه القصيدة تعد من خير ما أنتجه الأدب الشيعي، وقد بلغت في وقتها من الانتشار حداً بعيداً واهتم بها رواة الشعر وخصوها بالدراسة والحفظ(36).

ولكي لا نخرج عن موضوع البحث نختم بقصيدة حُسينية للشاعر أبو البحر صفوان بن إدريس التجيبي الذي أختص بتأبين وبكاء أهل البيت ورثاء الحُسين(عليه السلام)(37).

سلام كأزهار الربى يتنسم
 

على منزل منه الهدى يتعلمُ
 

على مشهد لو كنت حاضر أهله
 

لعاينت أعضاء النبي تقسمُ
 

على كربلاء لا أخلف الغيثُ كربلا
 

وإلا فأن الدمع أندى وأكرمُ
 

مصارع ضجت يثرب لمصابها
 

وناح عليهن الحطيم وزمزمُ
 

ومكة والأستار والركن والصفا
 

وموقف حج والمقام المعظمُ
 

لو أن رسول الله يحيى بعيدهم
 

رأى ابن زياد أمه كيف تعقمُ
 

وأقبلت الزهراء قدس تربها
 

تنادي أباها والمدامع تسجمُ
 

تقول: أبي هم غادروا ابني نهبة
 

كما صاغه قيس وما مج أرقمُ
 

سقوا حسناً السُم كأساً رديةَ
 

ولم يقرعوا سناً ولم يتندموا
 

وهم قطعوا رأس الحُسين بكربلا
 

كأنهم قد أحسنوا حين أجرموا
 

 

فخذ منهم ثأري وسكن جوانحا
 

وأجفان عين تستطير وتسجمُ
 

أبي وانتصر للسبط واذكر مصابه
 

وغلته والنهر ريان مفعمُ
 

فيا أيها المغرور والله غاضبُ
 

لبنت رسول الله أين تُيمم
 

ألا طرب يُقلى ألا حزن يصطفى
 

إلا أدمع تجري ألا قلب يُضرمُ
 

قفوا ساعدونا بالدموع فأنها
 

لتصغر في حق الحُسين وتعظمُ
 

ومهما سَمّعتهم في الحُسين مراثيا
 

تعبر عن محض الأسى وتترجمُ
 

فمدوا أكفاً مسعدين بدعوة
 

وصلوا على جد الحُسين وسلموا
 

الخاتمة

ويظهر مما تقدم أن النياحة على الإمام الحُسين(عليه السلام) وإقامة شعائر الحُزن والأسى عليه قد تداوله المسلمون في الأندلس منذ أن وطئت أقدام المسلمين الأرض وبقيت هذه التقاليد في هذه البلاد الإسلامية النائية في أوروبا حتى خروج العرب من الأندلس 897هـ/1492م.

الرأي الآخر:

عند الإطلاع ومراجعة المصادر والمراجع العربية عن الموضوع يظهر رأي مُضاد من بعض الكُتاب الذين كتبوا عن ثورة الحُسين(عليه السلام) فيها:

أن الحسين(عليه السلام) ألقى نفسه في التهلكة وهو محرم بنص الآية(ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) وأن الحُسين(عليه السلام) قُتل بسيف جده لأنه خرج على إمام زمانه يزيد بن معاوية حسب رأي ابن حزم الأندلسي، وأن يزيد لم يأمر بقتل الحُسين(عليه السلام) ولكن أمير الكوفة اجتهد بقتله وقد رفض هذا التصرف وأنه خرج طالباً الخلافة.

هذه الآراء ووجهات النظر تعكس عقيدة وفكر هؤلاء الكُتاب لأنهم لم يدرسوا ويتفهموا سيرة أهل البيت(عليهم السلام) ولم يدرسوا شخصية الإمام الحُسين(عليه السلام) قبل دراسة ثورته، في حين أن بعض الكُتاب من غير المسلمين ومن المحبين للحُسين(عليه السلام) أدلوا بآرائهم منها:-

أن الحُسين والمسيح 8 يتحدان بالمظلومية ويتفقان بالأهداف وهي نصرة الحق وإحياء دين الله فأحبوا الحُسين لأنه يشبه السيد المسيح(عليه السلام) من هذه النواحي، وأن الحُسين والنبي يحيى8 قد ظُلما وقطعت رؤوسهما وجالوا بها البلدان فذابت طبقة من الناس حُباً بالحُسين من هذه الناحية فضلاً عن إعجاب الزعيم الهندي غاندي بثورة الحُسين.

قائمة المصادر والمراجع

أولاً:- المصادر

1- ابن الأبار، التكملة للكتاب الصلة، تحقيق كوديرا، مدريد 1887-1889.

2- ابن بسام، الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، نشر لجنة من كلية الآداب بجامعة القاهرة 1939-1945، وتحقيق د. إحسان عباس، دار صادر، بيروت 1979.

3- ابن حبيب، عبد الملك، كتاب التاريخ، دراسة وتحقيق خورخي غوداي، مدريد 1991.

4- ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، ط القاهرة 1317هـ.

5- ابن حوقل، صورة الأرض، نشر مكتبة دار الحياة، بيروت 1979.

6- الحميدي، جذوة المقتبس، نشر الأستاذ محمد بن تاويت الطنجي، القاهرة 1952.

7- ابن الخطيب، أعمال الأعلام، تحقيق سيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، بيروت 2003.

8- ابن سعيد، المغرب في حلى المغرب، ج1 ج2، نشر د. شوقي ضيف، الطبعة الثالثة، القاهرة 1978.

9- ابن عبد ربه، العقد الفريد، ط. القاهرة 1948، وطبعة دار مكتبة الهلال، بيروت 1986.

10- ابن الفرضي، تاريخ علماء الأندلس، تحقيق كوديرا، مدريد 1890.

11- المقدسي، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، علّق عليه ووضع حواشيه محمد أمين الضناوي، دار الكتب العلمية، بيروت 2002.

12- المقري، نفح الطيب، تحقيق د. إحسان عباس، ج1-ج8، دار صادر 1968.

13- المقريزي، إتعاظ الحنفا بذكر الأئمة الخلفا، نشر جمال الدين جمال ج1، القاهرة 2000.

14- مؤلف مجهول، أخبار مجموعة، نشر لافونت الكنترا، مدريد 1867.

ثانياً:- المراجع

1- بوزورث، الاسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي، ترجمة حسين علي اللبودي، مراجعة د. سليمان العسكري، الكويت 1990.

2- جميل موسى النجار، دراسات في فلسفة التاريخ النقدية، ط1، دار الشؤون الثقافية، بغداد 2004.

3- حسين مؤنس، تاريخ معالم المغرب والأندلس، دار الرشيد، القاهرة 1999.

4- حسين جوبين، الإمام الحُسين(عليه السلام) في أدب الأندلس، شبكة إنترنيت.

5- رضا هادي عباس، الأندلس محاضرات في التاريخ والحضارة، إلجا، مالطا 1998.

6- رضا هادي عباس وكريم الخزاعي، تاريخ المغرب والأندلس، كتاب منهجي غير منشور، بغداد 2008.

7- كاظم عبد، الشيعة في الأندلس، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة ذي قار 2008.

8- عباس محمود العقاد، موسوعة أعمال عباس محمود العقاد،دار الكتاب اللبناني،بيروت(د.ت).

9- عبد الأمير عناد الغزالي، من تاريخ التشيع في الأندلس، شبكة الإنترنيت.

10- عبد الأمير عناد الغزالي، الحُسين(عليه السلام) في الشعر الأندلسي، مجلة دراسات نجفية، العدد الثالث/ النجف 2003.

11- محمود علي مكي، التشيع في الأندلس منذ الفتح حتى نهاية الدولة الأموية، صحيفة المعهد المصري للدراسات الإسلامية، العدد الأول والثاني، مدريد 1954.

الهوامش

 


 

([1]) رضا هادي عباس، الأندلس محاضرات في التاريخ والحضارة، منشورات إلجا، مالطا، 1998، ص11-21.

([2]) عبد الأمير الغزالي، من تاريخ التشيع في الأندلس، شبكة الإنترنت.

([3])جميل موسى النجار، دراسات في فلسفة التاريخ النقدية، ط1، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 2004، ص95.

([4]) موسوعة أعمال عباس محمود العقاد، دار الكتاب اللبناني، (د.ت) ط4، ص325-ص326.

(5) صحيفة المعهد المصري للدراسات الإسلامية في مدريد، المجلد الثاني، 1954، العدد الأول والثاني، ص93- ص149.

(6) تحقيق سيد كسروي حسن، دار الكتب العلمية، ج1، بيروت، 2003، ص74-75.

(7) كاظم عبد، الشيعة في الأندلس، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة ذي قار، 2008، ص1.

(8) ابن حبيب، عبد الملك، كتاب التاريخ، دراسة وتحقيق خورخي اغوادي، مدريد 1991، ص138-139.

(9) تاريخ علماء الأندلس، تراثنا، القاهرة، 1966، ص109.

(10) التشيع في الأندلس، ص96، هامش رقم (1).

(11) المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، حققه د. إحسان عباس، دار صادر بيروت 1968، ج1 ص236-238.

(12) كاظم عبد، المصدر السابق، ص1-2.

(13) مكي، المصدر السابق، ص95-96.

(14) المقري، المصدر السابق، ج2، ص6.

(15) أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم، علق عليه ووضع حواشيه محمد أمين الضناوي، دار الكتب العلمية. بيروت 2002، ص190.

(16) ابن سعيد، المغرب في حُلي المغرب، تحقيق د. شوقي ضيف، طبعة ثالثة منقحة، القاهرة 1978، الجزء الأول، ص180.

(17) المقري، نفح ج3، ص60، لم تنقطع وفادة العلويين إلى الأندلس بل استمرت إلى العصور المتأخرة ففي عهد مملكة غرناطة (635-897هـ) دخل إليها محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله والذي يعود نسبه إلى الإمام الحسن(عليه السلام) وكان دخوله إلى غرناطة في عهد السلطان أبو الوليد إسماعيل خامس ملوكها كذلك من الداخلين إلى الأندلس من العلويين خلال هذا العهد أيضاً محمد بن إبراهيم بن محمد المكي الحسيني الذي دخل غرناطة بنية الجهاد فأكرمه صاحبها (محمد الرابع) وقرب مجلسه واستوطنها إلى أن توفي سنة (731هـ/133م).

(18) ابن الفرضي، المصدر السابق، تسلسل 1100، مكي، المصدر السابق ص104.

(19) ابن الفرضي، المصدر السابق، تسلسل 1164، الحميدي، جذوة المقتبس، تسلسل 15.

(20) مؤلف مجهول، أخبار مجموعة، مدريد 1867، ص146-147، مكي، المصدر السابق، ص112-113.

(21) ابن الفرضي، تاريخ علماء الأندلس، تسلسل 119، مكي، المصدر السابق، ص113-114.

(22) ابن حوقل، صورة الأرض، ط. ليدن 1938، ص108-117، مكي، المصدر السابق، ص115.

(23) ابن الأبار، التكملة، ط. كوديرا، مدريد 1887-1889، تسلسل 350، مكي، المصدر السابق، ص116-117.

(24) ظهرت إمارات ودول شيعية أخرى في المشرق الإسلامي منها: بني بويه في ظل الخلافة العباسية في بغداد (334-447هـ)، الحمدانيون في الجزيرة وسوريا (293-394هـ)، المزيدون في الحلة ووسط العراق (350-545هـ)، العقيليون في الجزيرة والعراق وشمال سوريا (380-489هـ)، المرادسيون في حلب وشمال سوريا (414-472هـ)، الأئمة الزيدية (السلالة الرسية) في اليمن (246-1382هـ)، الصليحيون في اليمن (439-532هـ) والإسماعيليون (الحشاشون) في فارس وسوريا (483-671هـ)، للمزيد عن الموضوع أنظر الاسرات الحاكمة في التاريخ الإسلامي، بوزورث، ترجمة حسين علي اللبودي، مراجعة د. سليمان العسكري، الكويت 1995، صفحات متفرقة من الكتاب.

(25) حسين مؤنس، معالم تاريخ المغرب والأندلس، دار الرشيد، القاهرة، 1999، ص65.

(26) تاريخ المغرب والأندلس، د. رضا هادي عباس، د. كريم الخزاعي، كتاب منهجي غير منشور، بغداد 2008، ص7.

(27) كاظم عبد، المصدر السابق، ص15-17.

(28) تقي الدين أحمد بن علي، إتعاظ الحنفا بذكر الأئمة الخلفا، نشر جمال الدين جمال، ط2، القاهرة 2000، ج1، ص41.

(29) كاظم عبد، المصدر السابق، ص20-22.

(30) كاظم عبد، المصدر السابق، ص25-26.

(31) طبعة القاهرة 1317هـ.

(32) تقديم الأستاذ خليل شرف الدين، دار مكتبة الهلال، 1-7 مجلدات، بيروت 1986.

(33) مكي، المصدر السابق، ص131-132.

(34) مكي، المصدر السابق، ص138؛ عبد الأمير عناد الغزالي، الحُسين(عليه السلام) في الشعر الأندلسي، مجلة دراسات نجفية، العدد الثالث، السنة 2004، ص166.

(35) الذخيرة، القسم الأول 1، ص70-73.

(36) ابن الأبار، تكملة، تسلسل 1695، مكي، مصدر سابق ص138-139، ديوان ابن دراج، تحقيق د. محمود علي مكي، طبعة ثانية 1389هـ، المكتب الإسلامي، دمشق، ص68، الإمام الحسين(عليه السلام) في أدب الأندلس، د. حسين جوبين، شبكة الإنترنيت.

(37) ابن الخطيب، أعمال الأعلام، ج1، ص74-75.