المادة: العقائد
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 002.doc

إثبات الخالق

للبشر على اختلاف الجنس واللون والثقافة طرق عديدة لإثبات الخالق والبرهنة على وجوده، ولقد عرف الإنسان على اختلاف مراحل إدراكه ألواناً من الاستدلال على القدرة العظيمة والقوة القاهرة التي صنعت هذا الكون بما فيه من نظام متقنٍ، وإبداع جميل...

هذه الطرق وإن تشعّبت، لكّنها توصل إلى هدف واحد، هو إثبات وجود الله، وإذا القينا نظرة على أوجه الاستدلال هذه، أمكننا أن نصنّفها إلى منهجين.

أ-   المنهج القديم.

ب- المنهج الحديث.

  المنهج القديم في إثبات الخالق

يمتاز هذا المنهج بأنه يستند الاستدلال فيه إلى مقدمات منطقية غالباً ما تأخذ شكل السبر والتقسيم.

ويمكن التمييز بين خمس طرق من الاستدلال في هذا المنهج:

1-  طريقة الحكماء الإلهيين، أو برهان الوجوب والإمكان.

2-  طريقة الحكماء الطبيعّيين، أو برهان الحركة.

3-  طريقة الحكماء أيضاً، أو برهان التجرّد.

4-  طريقة علماء الكلام، أو برهان الحدوث.

5-  طريقة الصدّيقين.

ولنأخذ في شرح كلّ طريقة من هذه الطرق بإيجاز...

1- طريقة الحكماء الإلهيين.

في هذه الطريقة يتم إثبات واجب الوجود، أي الوجود الأعلى الذي يكون وجوده واجباً لذاته، غير مقتبس من الغير، توضيح ذلك.

إن الأشياء تنقسم بحسب الحصر العقلي إلى ثلاثة أنواع الوجود، والماهية، والعدم وبعبارة أخرى إلى النور، والظلّ، والظلمة.

وكل ممكن الوجود فهو مركب من (الماهية) وهي أمر لا يأبى الوجود ولا العدم، ومن (الوجود) الذي يأبى بذاته العدم.

وبعبارة أخرى: فكلّ ممكن الوجود مركّب من النور والظلمة.

غير أنه يجب أن يكون في قبال هذا، النور المحض حيث لا ظلمة تعتريه، وهو واجب الوجود الذي يأبى بذاته العدم، وكما قيل فإن (الحقّ ماهيّته إنيّته) (1)، أي أن الخالق عزّ أسمه ماهّيته نفس وجوده.

والسبب في ذلك: إن جهتي الوجود والعدم متساويتان بالنسبة إلى الممكن، وما لم يتدخل الأمر الخارجي فلا تترجح إحداهما على الأخرى، وحيث نشاهد الممكنات موجودة خارجة من نقطة الاستواء بين الوجود والعدم نعلم أن أمراً خارجياً أعطاها الوجود. فإن كان ذلك الأمر الخارجي واجب الوجود فهو، وإلا كان محتاجاً إلى علّة، فأمّا الدور أو التسلسل، وإمّا أن ننتهي إلى واجب الوجود(2).

وحيث ثبت في المنطق بطلان كل من الدور والتسلسل تعيّن الشق الآخر وهو ثبوت واجب الوجود.

ــــــــــــــ

الهامش

(1) ـ منظومة الحكيم السبزاوري في الفلسفة.

(2) ـ أسرار الحكم للحكيم السبزواي ص6.والنافع يوم الحشر، للفاضل المقداد ص10.وكشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد: للعلامة الحلي ص172.