المادة: العقائد 2
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon akeda 17.doc

- آية التطهير:

قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) الاحزاب 33.

هنا لابد من التركيز على النقاط التالية:

1- مفاد كلمة (إنما) التي هي للحصر.

2- الإرادة هل أنها إرادة تكوينية أو تشريعية.

3- معنى إذهاب الرجس، ومعنى الرجس.

4- من هم أهل البيت حتى يكون علي (عليه السلام) منهم.

5- لماذا لا يمكن الاستدلال بهذه الآية على نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟.

آية التطهير من الآيات الواضحة الدلالة على مقام علي (عليه السلام) وعلى عصمته وعلى أنه وهو من أهل البيت مشمول بالإرادة الإلهية لإذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم من كل شيء.

يقول العلامة الحلّي في كتابه كشف الحق ونهج الصدق:

اجمع المفسرون وروى الجمهور كأحمد بن حنبل وغيره، إنها (آية التطهير) نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام).

وروى أبو عبيدة محمد بن عمران المرزباني، عن ابن الحمراء قال: خدمت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نحواً من تسعة أشهر أو عشرة أشهر، عند كل فجر لا يخرج من بيته حتى يأخذ بعضادتي باب علي فيقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فتقول فاطمة وعلي والحسن والحسين، وعليك السلام يا نبي الله ورحمة الله وبركاته. ثم يقول: الصلاة رحمكم الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً. ثم ينصرف إلى مصلاّه.

يقول العلامة الحلي (قدس سره): والكذب من الرجس ولا خلاف في أن أمير المؤمنين (عليه السلام) ادعى الإمامة لنفسه فيكون صادقاً.

الاستدلال بهذه الآية على إذهاب الرجس ومن الرجس الكذب قطعاً. وحيث أن علياً ادعى الإمامة فبمقتضى هذه الآية لم يك مدعياً كذباً. لأن الله أذهب الرجس منه، إذن كان صادقاً في دعواه لما ادعى الإمامة وهي خير شاهد على أن الإمامة كانت فيه.

ويقول العلامة الحلي (قدس سره) في كتابه منهاج الكرامة:

وفي هذه الآية دلالة على العصمة مع التأكيد بلفظ (إنما) وبإدخال اللام في الخبر والاختصاص في الخطاب بقوله أهل البيت، والتكرار بقوله (ويطهركم) والتأكيد بقوله (تطهيرا).

يقول، في هذه الآية دلالة على العصمة وغيرهم ليس بمعصوم. فتكون الإمامة في علي (عليه السلام)، ولأنه ادعاها في عدة من أقواله كقوله (عليه السلام) والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وأنه ليعلم أن محلي منها، محل القطب من الرحى.

وقد ثبت نفي الرجس عنه فيكون صادقاً. فيكون هو الإمام.

إذن:

- 1- (إنما) تفيد أن هذه الجملة تنحصر بهؤلاء ولا تشمل غيرهم.

- 2- إن الله تبارك وتعالى تعلقت إرادته التكوينية بأن يختص هؤلاء فقط بشيء من إذهاب الرجس بحيث لا تقترب منهم المعصية والآثام. وهؤلاء يتبوّءون دور الهداية.

والرجس عبارة عن كل شيء فيه الدنس والإثم. لذلك يشمل الكذب ويشمل الذنوب كلها، ويكون أهل البيت (عليه السلام) ومنهم علي (عليه السلام) مشمولين بإذهاب الرجس الذي لا يتخلّف. لأن الإرادة التكوينية لا تتخلف أبداً.

الأحاديث التي تدل على أن هذه الآية نزلت في أهل البيت (عليه السلام) روى الطبري بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نزلت هذه الآية في خمسة فيّ وفي علي وحسن وحسين وفاطمة. (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) تفسير الطبري ج22، ص6.

يروي الحاكم الحسكاني بإسناده عن صفية بنت شيبة قالت، قالت عائشة: خرج النبي غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود. فجاء الحسن فأدخله معه. ثم جاء الحسين فأدخله معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه، ثم جاء علي فأدخله معه ثم قال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.

شواهد التنزيل ج2 ص36 ولاحظ الصواعق المحرقة ص85.

من هم أهل البيت؟

إن التطبيق العملي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يبين المقصود من أهل البيت ومن هم، حيث هناك أحاديث تقول بأن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) استمر لمدة ستة أشهر، وفي بعضها ثمانية أشهر وفي بعضها تسعة أشهر، كل يوم يأتي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند باب علي وفاطمة ويدق الباب عليهم فجر كل يوم وفي بعض الروايات عدة مرات في اليوم الواحد ويطرق الباب ليقول: الصلاة الصلاة أهل البيت. إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.

ونجد أن هذا التطبيق العملي اقترن بذكر أسمائهم في الأحاديث.

س- لماذا لا يمكن أن يكون المراد من أهل بيت نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)؟

- 1- التطبيق العملي لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث يروي الحاكم النيسابوري ج2 ص92 بإسناده عن أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّها قالت، في بيتي نزلت هذه الآية فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى علي وفاطمة والحسن والحسين أجمعين، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي. فقالت أم سلمة، ما أنا من أهل البيت؟ قال: إنك لعلى خير وهؤلاء أهل بيتي. اللهم أهلي أحق.

ثم يذكر الحاكم النيسابوري في المستدرك، يقول أن هذا حديث صحيح على شرط البخاري -يعني توفرت فيه كل شروط الصحة التي يذكرها البخاري-  ولم يخرجاه مسلم  والبخاري.

- 2- إن هذا الشرف لم تدعه ولا واحدة من نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أبداً.

- 3- النظرة الاستقرائية في الآيات السابقة ومسألة تذكير الضمائر وتأنيث الضمائر.

فحينما يكون المخاطب النساء فقط فلا يكون الخطاب إلا بضمير الجمع المؤنث السالم. ثم تأتي آية التطهير في الوسط، مع تذكير الضمير.

ومن الواضح أن المشمولين بهذه الآيات لا يمكن أن يكونوا أنفسهم الذين ذكروا في ما لا يقل عن عشرين ضميراً من الضمائر المؤنثة.

وأول من قال بان آية التطهير نزلت في نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، هو عكرمة الذي كان خادماً لابن عباس. وكان كثير الكذب والدجل والتزوير على ابن عباس. جماعة وجدوا عكرمة وقد ربطه وأولاد ابن عباس يضربونه فأصبح جماعة لماذا يضربونه وهو خادم أبيكم فقالوا: إنه كثير الكذب على أبينا.

إذن علي (عليه السلام) كان ممن شمل بآية التطهير. والتطهير يبين أن الله تبارك وتعالى أراد إرادة تكوينية قطعية لا تتخلف إذهاب الرجس والمعصية والذنب وكل ألوان الخطأ عن هؤلاء الخمسة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) علي (عليه السلام) فاطمة (عليه السلام) والحسنان عليهما السلام.