المادة: العقائد 2
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon akeda 14.doc

- الإمامة:

الإمامة واجبة عقلاً على الله تبارك وتعالى، يعني يستحيل بحكم العقل أن ينقض الله تبارك وتعالى عرضه.

إن الله تبارك وتعالى بعث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لهداية الناس وبعث معه الرسالة. وأراد لهذه الرسالة أن تستمر وتبقى حية لتنقذ البشرية جمعاء من المتاهات. فإذا لم يتكفل ببيان استمرارية هذه الرسالة والتي تتم هذه الاستمرارية عن طريق الإمامة.

فمعنى ذلك أن الله تبارك وتعالى -والعياذ بالله- ناقض لغرضه إذن يستحيل بحكم العقل أن ينقض غرضه.

وحسب قاعدة اللطف، الله تبارك وتعالى يريد من الناس أن يسيروا في طريق الهداية ويتجنبوا طريق الضلال. يأمرهم بالطاعة ويبعدهم عن المعصية، إذا كان امتثال الطاعة وترك المعصية متوقفاً على وجود إمام يسددهم من الخطأ ويرشدهم إلى الطريق الصحيح فالله تبارك وتعالى لحكمته وللطفه لابد أن يعين الإمام ليكمل خطوات النبي هذا هو الفارق الأساسي بين الإمامية وبين غيرهم من الطوائف الأخرى.

الإمامية يقولون بأن الإمامة قاعدة من قواعد اللطف. منصب الهي لابد وان يكون الله تبارك وتعالى متعهداً متكفلاً لأمر الإمامة. كما تعهد وتكفل لأمر الرسالة، فكما أن الرسول لا يعينه الناس ولا يختاره إجماع الأمة كذلك الإمام لا يختاره إجماع الأمة وإنما يكون بنفس الملاك من تعيين الرسول. لأن الله تبارك وتعالى خلق في الإنسان روح التكامل وأودع فيه قابليات الحركة التكاملية. والإنسان مستمر في هذه الحركة التكاملية وهناك عوامل تصدّه. فلابد من وجود فرد متميّز جامع لكل المزايا الروحيّة ومستوعب أعماق الحكم الإلهي. يكون إنساناً مسدداً ربانياً معصوماً. اختاره الله ليكون داعية التوحيد، ويكون بهذا له أهلية القيادة. وهذا القائد والإنسان الكامل المعصوم هو رائد ركب الإنسانية وواسطة الفيض الرباني وحلقة الوصل بين عالم الغيب وأفراد البشر يتلقى هداية الله بصورة مباشرة.

فيستحيل بحكم العقل أن يحرم الله تبارك وتعالى الإنسان من هذه الهداية التي تتكفل وصوله إلى الغاية. فالألطاف الإلهية اللامتناهية تقتضي أن يهدى العبد نحو الوصول إلى الحقائق السامية والكمالات العليا بأطروحة جامعة شاملة تضمن له سعادة الدنيا والآخرة. وحين يعين له الإمام وينصب له الهادي والمرشد يكون قد أكمل له طريق الهداية. كما أن أمر الخلق والإيجاد بيد الله تبارك وتعالى والحاكمية المطلقة في عالم التكوين بيده تعالى كذلك الحاكمية المطلقة في عالم التشريع وعالم الهداية تكون بيد الله تبارك وتعالى من إرسال الرسول بالشريعة ومن تعيين إمام يضمن استمرارية الشريعة والحركة التكاملية للإنسان.

- الأدلة النقلية:

آيات: (آية إكمال الدين) آية الولاية آية المباهلة وغير ذلك.

أحاديث: حديث الثقلين (حديث السقيفة، حديث الدار..).

- 1- آية إكمال الدين: يتفق كل المفسرين على أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما كان في حجة الوداع وقبل أن يتفرق المسلمون في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، قبل وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بثلاثة أشهر، نجد أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يأمر من تقدم من المسلمين بالرجوع ومن تخلف عنهم باللحاق عند غدير يعرف بغدير خم في منتصف الطريق. ثم يدعوهم جميعاً في ذلك اليوم الشديد الحر ويبادرهم بقوله: الست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى. ولما أخذ منهم الإقرار، قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه.

جاءه الأمر الإلهي: (يا أيها الرسول بلّغ ما انزل إليك من ربك).

الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بلّغ جميع الأحكام الإلهية، ولكن الشيء الوحيد الذي كان باقياً هو انه لم يأخذ البيعة ولم ينص صراحة على ولاية علي (عليه السلام) أمام كل المسلمين في هذا المشهد الجماهيري.

بلغ ما انزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته..

يعني إذا لم يقرر ولاية علي (عليه السلام) وأنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم. وهو المعنى الحقيقي للمولى لا المعاني اللغوية الأخرى كالجار والعم والصديق وابن العم والنصير فكأنه لم يبلغ شيئاً.

حينما قام رسول الله بالبيعة المباركة وتقدم كل الصحابة ليبايعوا عليا (عليه السلام) على ذلك المقام السامي، نزلت الآية (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) المائدة: 3.

إذن إكمال الدين هي قرينة قوية ودليل واضح وصريح على أن هذا المنصب يختص بعلي (عليه السلام) كإمام وخليفة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).