محاضرات العقائد2 - المحاضرة 12 - الإمامة
- الإمامة:
الإمامة لغة: مصدر يشتق منه الفعل أمّ، يؤم، إمامة.
إذ أمّ القوم: تقدمهم. وأمهم إمامة، أصبح إماماً لهم.
وجمعه: أئمة، وأيمة.
الإمامة اصطلاحاً: الإمام: القدوة.
القرآن الكريم يتحدث عن نوعين من الأئمة:
أئمة الهدى: (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا) الأنبياء 73.
أئمة الكفر: (فقاتلوا أئمة الكفر) التوبة 12.
إذن الإمام هو من يقتدى به في أفعاله وأقواله وتصرفاته. من دون فرق بين أن يكون قدوة في أمر حق أو في أمر باطل.
والإمامة عبارة عن نوع من الرئاسة والريادة. ونوع من التقدم للقيام بعمل وتصرف والآخرون يتبعونه على ذلك.
الإمامة عند الكلاميين:
- 1- المحقق نصير الدين الطوسي يقول: الإمامة رياسة عامة دينية مشتملة على ترغيب عموم الناس في حفظ مصالحهم الدنيوية والدينية وزجرهم عما يضرهم بحسبها.
- 2- العلامة الحلي في الباب الحادي عشر يقول: الإمامة رياسة عامة في أمور الدين والدنيا بشخص من الأشخاص نيابة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
- 3- العضد الأيجي يقول عن الإمامة بأنها خلافة الرسول في إقامة الدين بحيث يجب اتباعه (الإمام) على كافة الأمة.
إذن الإمامة التي يهتم بها الشيعة هي أن الجانبين مطلوبان في الإمامة جانب الرياسة الدينية والرياسة الدنيوية. الزعامة الدينية والزعامة السياسية. في حين يعبر غير الشيعة عن الإمامة بأنها يكفي أن تكون رياسة وزعامة في الشؤون السياسية، أي إدارة الأمة، وأنها زعامة عامة في أمور الدنيا. والاهتمام عندهم هو بجانب السلطة والرياسة. أما في عقائد الشيعة فإن السلطتين الدينية والمدنية، الروحية والسياسة بالنسبة للإمام مهمة جداً. ويرى الشيعة أن الإمام هو الحافظ للشريعة. والإمامة امتداد للنبوة وإلا تنتفي فائدة البعثة بانتهاء النبوة ووفاة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
س- هل الإمامة من أصول الدين أو من فروع الدين؟
الإمامية يذهبون إلى أن الإمامة من أصول الدين وليست من فروع الدين. فمن جملة من صرح بذلك العلامة الشيخ محمد رضا المظفر (رضي الله عنه) في كتابه عقائد الإمامية، حيث يقول (رضي الله عنه) في هذا الكتاب:
نعتقد أن الإمامة أصل من أصول الدين. في حين يذهب كثير من علماء السنة إلى أن الإمامة من الفروع وليست من الأصول.
الآمدي يقول: وأعلم أن الكلام في الإمامة ليس من أصول الديانات. العضد الأيجي يقول: الإمامة عندنا من الفروع.
س- هل الإمامة واجبة أم لا؟
ج- على فرض أنها واجبة فهل تجب على الله أم تجب على الناس؟.
ذهب بعض الخوارج إلى أن الإمامة غير واجبة أصلاً. ولكن أكثرية الفرق الإسلامية يذهبون إلى أن الإمامة واجبة. لكن مع فرق، هل أنها تجب على الله أم تجب على الناس؟ يعني من الذي يجب عليه أن يقرر شأن الإمامة ومن الذي يعين الإمام.
ذهب أهل السنة إلى أن نصب الإمام واجب سمعاً لا عقلاً.
فبما انهم ينكرون الوجوب العقلي، وينكرون الحسن والقبح الذاتيين مع السمع، لن يكون عندنا دليل على وجوب الإمامة، بينما يذهب الشيعة والمعتزلة إلى أن دليل الوجوب دليل عقلي. إذ يجب نصب الإمام عقلاً.
هل تجب الإمامة على الله أم على الناس؟
الإمامية بما فيهم الإسماعيلية يذهبون إلى أن الإمامة واجبة على الله تبارك وتعالى.
أما المعتزلة فإنهم يقولون بأنها واجبة عل الأمة. واجب على العقلاء وعلى الناس.
إذن المعتزلة يشاركون أهل السنة في أن الإمامة مسألة تخص الناس وليست منصباً إليهاً باعتبار الحديث المنسوب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
أنتم اعرف بأمور دنياكم. وهذا الحديث لم يثبت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وسنده ينحصر بعائشة وكانت حينذاك في السنة الثانية من عمرها فقط. فلا يمكن لها أن تكون قد سمعت الحديث من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وروته. إذن مسألة الإمامة مطروحة لدى جميع الفرق الإسلامية. غاية ما هناك أن قسماً منهم يعتبر وجوبها عقلياً وقسم آخر يعتبر وجوبها سمعياً. والفكرة العامة للشيعة عن الإمامة هي أنها منصب الهي.
قوله تعالى: وإذا ابتلى إبراهيم ربه.. قال إني جاعلك للناس إماماً.
إذن منصب الإمامة إنما هو بجعل من الله تبارك وتعالى الذي يقول (إني جاعلك) ثم (لا ينال عهدي الظالمين) إشارة إلى أن هذا عهد إلهي. وهذا العهد الإلهي، أي هذا المعنى إنما يختص به الإمامية. فكما أن النبوة منصب إلهي كذلك الإمامة منصب الهي.
والله تبارك وتعالى يختار. والله أعلم حيث يجعل رسالته. كذلك هذا العهد الإلهي. هو أعلم فيمن يضعه. لأنه يشترط في الإمام الأمور التالية:
1- العصمة.
2- أن يكون اعلم أهل زمانه.
3- أن يكون مركز للهداية.
فهذا الذي تطمئن إليه القلوب من كل جانب يجب أن يكون صافياً ومنزهاً من كل عيب.
وهذا الأمر لا يطلع عليه إلا الله تبارك وتعالى.
وبنفس الملاكات التي لابد للنبي أن يعين من قبل الله تبارك وتعالى كذلك لابد أن يعين الإمام من قبل الله تبارك وتعالى.