المادة: العقائد 2
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon akeda 11.doc

قدم القرآن وحدوثه:

المعتزلة.

السلفية.

الحنابلة.

الأشاعرة.

الإمامية.

يرى المعتزلة بأن القرآن حادث. ولهم أدلة عقلية ونقلية على ذلك.

- الأدلة العقلة:

- أولاً: يقول المعتزلة الكلام يستلزم المكلم. والمكلم غير موجود في الأزل. إذن إذا يقول الشخص أن الكلام أزلي، فلابد وأن يكون المكلم أزلياً أيضاً. في حين هذا المعنى غير متحقق. لأنه لم يكن في الأزل  من يكلمه الله تبارك وتعالى. وخطاب (أقيموا الصلاة) كلام الله. إذا كان كلام الله أزلياً فلابد وان يكون المخاطب أيضاً أزلياً. في حين نحن نعرف انه لم يكن في الأزل أحد حتى يتلقى هذا الخطاب من الله تبارك وتعالى.

- ثانياً: يقول المعتزلة أن مناهج الكلام مع كل نبي مختلفة والخطاب مع كل نبي يختلف عن الخطاب مع النبي الآخر. ويستحيل أن يكون واحداً. فالأمة تختلف وحاجاتها تختلف والخطابات تختلف. وإذا اختلفت هذا الاختلاف الشاسع. يستحيل أن يكون الله تبارك وتعالى وهو الواحد في ذاته وصفاته  أن تطرأ عليه هذه الاختلافات والتطورات.

- ثالثاً: القرآن كله مكون من أجزاء وسور. وهذه جاءت تدريجية. ومرتبطة بزمان ومكان. وهذه الأجزاء تختلف فيما بينها. وإذا كان هذا كله كلام الله تبارك وتعالى، لا يوصف الله تبارك وتعالى بذلك. لأن الله تبارك وتعالى ليس محلاً للحوادث.

إذن: يستحيل أن يكون كلام الله أزلياً.

- الأدلة النقلية:

- 1- وإذا قال ربك للملائكة.. إذ ظرف زمان. فيكون قوله الواقع في هذا الظرف مختصاً بزمان معين. وما كان مختصاً بزمان معين يكون حادثاً.

- 2- كتاب أحكمت آياته ثم فصلت.. وهذا يدل على أن القرآن مركب من الآيات التي هي أجزاء متعاقبة والأجزاء المتعاقبة لا تصدق إلا على الحادث.

- 3- حتى يسمع كلام الله.. المسموع حادث. لأنه لا يكون إلا حروفاً وأصواتاً.

- 4- إنا أنزلناه في ليلة القدر. الإنزال لا يمكن أن يتحقق في الأزل.

- 5- ما ننسخ من آية ولا يتصور النسخ إلا في الحادث. لأن القديم ليس عرضة لذلك.

إذن: الله تبارك وتعالى يخلق الأصوات ويخلق الحروف. ويكون هذا الكلام نازلاً على شكل وحي أو بأي شكل آخر. وبهذه الأوصاف والأشكال يستحيل أن يكون كلام الله أزلياً قديماً.

قول المعتزلة هذا يخالفه فريقان:

السلف.

الحنابلة.

السلف قالوا: نحن نسكت لأن السؤال بدعة.

السلف كانوا يرون أن الله تبارك وتعالى وصف نفسه بصفات. من قدرة وإرادة وعلم و.. في نفس الوقت وصف نفسه أنه على العرش. فيجب أن نؤمن بها كما جاءت لا نناقش في هذا الموضوع أبداً، لا نتعرض لشرح ولا تأويل.

يقول أبو الحسن الأشعري في -مقالات الإسلاميين-: أهل السلف ينكرون الجدال والمراء في الدين والخصومة والمناظرة فيما يتناظر فيه أهل الجدل ويسلمون للروايات الصحيحة حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

لا يقولون كيف ولم لأن ذلك بدعة. السلف يقفون عند النص ولا يسمحون بتأويله مطلقاً.

وجوهر الخلاف بين السلفية وبين المعتزلة هو سلطة العقل ومداه وحدوده. ولما أثار المعتزلة القول بخلق القرآن، قال السلفية: القرآن كله كلام الله. لا نقول مخلوق ولا غير مخلوق، إثارة هذه المسألة بدعة. لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يثر هذا الموضوع. وصحابته أيضاً لم يثيروا ذلك.

موقف الحنابلة: قال الحنابلة بأن القرآن حتى بحروفه وأصواته قديم. يشير الأيجي في كتابه -المواقف- إلى أن الحنابلة بالغوا في ذلك فقالوا الجلد والغلاف قديمان فضلاً عن المصحف نفسه.

وقال الحنابلة أيضاً أن الاجتماع والاتفاق على أن كلام الله غير مخلوق فيجب أن تكون الكلمات أزلية غير مخلوقه.

محنة خلق القرآن:

تبدأ محنة خلق القرآن من سنة 218هـ إلى 234هـ. في أيام المأمون والمعتصم. وكانت محنة شديدة وعنيفة في تاريخ الإسلام.

أول من تكلم في هذه المسألة وأثار المشكلة بشكل واسع هو الجعد بن درهم معلم مروان آخر خلفاء بني أمية وكان واحداً من المتكلمين. تبعه على ذلك الجهم.

 نشر الجعد مسألة كون القرآن مخلوقاً في دمشق. ثم طلب فهرب ونزل الكوفة. تعلم الجهم بن صفوان هذا القول منه. ولكن قتله خالد بن عبد الله القسري يوم الأضحى حيث كان والياً على الكوفة.

شخص آخر باسم بشر المريسي كان يقول بخلق القرآن في أيام الرشيد.

وروي أن الرشيد قال يوماً: بلغني أن بشراً يقول القرآن مخلوق. والله إن أظفرني الله به لأقتلنه. وصار بشر متوارياً، لفترة طويلة.

المعتزلة ورثوا هذا القول عن الجعد والجهم.. وزادوا عليها مسائل منها: أن من يقول بقدم القرآن فهو كافر.

وجاء دور المأمون العباسي. والمأمون تبنى فكرة خلق القرآن وكان يحب الفلسفة. ووجد الاعتزال أقرب المذاهب إلى نفسه. فقرب رجال المعتزلة. وأصبحوا ذوي نفوذ في أيامه. من أبرزهم ثمامه بن الأشرص وأحمد بن ذؤاد. يروي الطبري انه في سنة 212. أظهر المأمون القول بخلق القرآن. وفي سنة 218 بدأ يمتحن الناس.

والمحنة الحقيقية كانت حينما بدأ الامتحان. حيث بدأ المأمون بإرسال كتاب مطول إلى والي بغداد إسحاق بن إبراهيم بن مصعب. يذكر فيه الأسباب التي دعته إلى حمل الناس على القول بخلق القرآن.

وأهم ما يذكر في هذا المجال هو: أن المأمون كان يرى من واجبه تصحيح عقائد الناس خصوصاً في إشراكهم مع الله في القدم شيئاً آخر مثل القرآن . ثانياً إن عامة الناس يرون بان القرآن قديم.

ثالثاً:  بعض القضاة وهم من أهل الفضل ومن العلماء كانوا يقولون بقدم القرآن. ويقبل شهادة من يقول بقدمه. في حين أنه يرد شهادة من يقول بحدوثه. إذا كان كذلك وهذه عقيدة باطلة، فإذن لا يوثق بقضاء القاضي أو شهادة الشاهد إذا كانت عقيدته غير صحيحة. لذلك لا يريد المأمون تولية الأحكام إلا بيد من صح إيمانه وتوحيده.

وكان في بغداد جماعة من المحدثين يشنعون على المأون قوله بخلق القرآن ولا يقبلون به. فكتب المأمون كتاباً ثانياً إلى والي بغدادطلب منه أن يرسل إليه سبعة من كبار المحدثين. لما حضر هؤلاء مجلس المأمون سألهم جميعاً عن خلق القرآن، فأجابوا جميعاً بأنه مخلوق.

أعادهم إلى بغداد وأمر المأمون إسحاق بن ابراهيم، أن يجمع الفقهاء وأن يقول هؤلاء السبعة أمامهم، مثل ما قالوه أمام المأمون.

ففعل وفعلوا وأخلوا سبيلهم.

المشكلة بدأت مع أحمد بن حنبل. حيث لم يكن واحداً من هؤلاء السبعة ولم يكن معروفاً آنذاك.

حزن أحمد بن حنبل لهذا الحادث، كيف أن سبعة من العلماء يقولون بخلق القرآن، رغم أنهم لم يكونوا معتقدين به. ولكن تقية أمام المأمون (التقية مسألة عقلية يقرها كل عاقل حينما يتعرض لخطر حتى لا يباد). حزن احمد بن حنبل لذلك الحادث جداً وقال: لو كانوا صبروا (هؤلاء السبعة) وقاموا لله لكان انقطع الأمر وحذرهم الرجل (المأمون) ولكن لما أجابوا وهم عين البلد، اجترى على غيرهم.

وبلا شك أن هذه الحادثة قوّت جانب الحكومة ومهدت للخطوة اللاحقة. وكانت عبارة عن إجراء امتحان، كل قاضي كان يستدعي وتجرى له مقابلة ويسأل ويدون محضر للجلسة ومضبط.

والمضابط والإجابات كلها جمعت وأرسلها الوالي إلى المأمون. فثارت ثائرة المأمون وجن جنونه لتلك الإجابات (التي لم تكن مقنعة) لأنه كان يريد منهم أن يتبروا من فكرة قدم القرآن ويصرحوا بأن القرآن مخلوق، ولم يفعل أحد منهم ذلك.

وفي اليوم التاسع من الامتحان كتب المأمون كتاباً كله عنف وتقريع. لأنه رأى أجوبة هؤلاء لا تدل على العقل. لا تنكر في صراحة ولا تقول في صراحة. بعضهم يسلم بالمقدمات وينكر النتيجة.

فأمر المأمون الوالي بأن يضرب عنق البعض ويتهم الآخر بسرقة الطعام ويتهم ثالثاً بأنه حبي في عقله لا في سنه وآخرين يأكلون الربا و..

أما أحمد بن حنبل فكان موقف المأمون تجاهه أن إجابته تدل على جهله.

وهكذا نجد أن الامتحان في زمن المأمون تركز على هؤلاء وعلى عدم قبول شهادتهم وعلى طردهم من الوظائف.

أما رئاسة المعارضة فتركز في احمد بن حنبل. وهذا كان أحد الدواعي إلى شهرته.

أما عهد المعتصم العباسي فكان مختلفاً عن دور المأمون.

كتب المأمون وصيته للمعتصم، وجاء في الوصية:.. وخذ بسيرة أخيك في القرآن.

لم تكن للمعتصم شخصية علمية تذكر. ولكنه استمر على العمل بوصية المأمون في قصة خلق القرآن. وبناء على ذلك قتل جماعة من العلماء وضرب أحمد بن حنبل ضرباً مبرحاً. مع ذلك ظل أحمد بن حنبل مصراً على امتناعه عن القول بخلق القرآن. وأخيراً دعي ابن حنبل إلى مجلس المعتصم لتجرى مناظرة بينه وبين القضاة من أتباع الدولة. ولما انتهت المناظرة أمر بأحمد بن حنبل إلى السجن، ثم إعادة مناظرته ثلاثة أيام. وأخيراً ضرب ثمانية وثلاثين سوطاً حتى سال منه الدم وتعددت فيه الجراحات ثم أرسل إلى السجن.

مات المعتصم سنة 227هـ فخلفه في المنصب الواثق الذي لم يتعرض إلى مسألة خلق القرآن إلا بشكل يسر. وتدريجياً نسيت القضية.

قول الأشاعرة:

جاء بعد هذا الحدث كله أبو الحسن الأشعري، بما يقرب بثمانين سنة برأي جديد. قال: كلام الله تبارك وتعالى يطلق اطلاقان. عينا كما عند الإنسان. الإنسان يسمى متكلماً باعتبارين. أحدهما الصوت الذي يصدر منه. والآخر الكلام الذي يحدث به نفسه، وهذا الكلام الذي يحدث به نفسه ليس بصوت ولا حرف.

إذن القرآن بمعنى المقروء المكتوب حادث. كما يقول به المعتزلة. أما القرآن كما هو عند الله تبارك وتعالى فهو ليس حادثاً وليس قديماً.

قول الإمامية:

قوله تعالى: (وكلم الله موسى تكليماً) الكلام إنما هو صفة فعل. إن الله تبارك وتعالى أوجد هذا الصوت وأوجد هذا الكلام وخلقه فليس أزلياً.