من صفحة: 53
إلى صفحة: 91
النص الكامل للبحث: PDF icon 200114-115554.pdf
خلاصة البحث:

القوة الناعمة (القيم، والسياسات المحلية، والسياسة الخارجية)، والقوة الصلبة (العسكرية، والاقتصادية) هما المصدران الاساسيان لقوة الدولة في العلاقات الدولية، وقد دفع التطور التكنلوجي وتنامي تحديات العولمة في الوقت الحاضر الى زيادة قيمة القوة الناعمة للدول وهي تسعى الى إيقاع التأثير المناسب على بعضها البعض للوصول الى النتائج التي ترغب فيها. وإذا اقترن استخدام القوة الصلبة بعنصري الاغراء والاكراه للوصول الى النتائج الأفضل، فان القوة الناعمة تركز على قوة الجذب التي يمثلها النموذج من اجل الحصول على إذعان طوعي أكثر فاعلية. ولا يمكن الفصل بين القوتين للوصول الى الأهداف، فضعف القوة الناعمة يجعل القوة الصلبة المجردة أكثر كلفة واقل فاعلية، وضعف القوة الصلبة يجعل القوة الناعمة محدودة التأثير وأكثر عرضة للفشل والانحطاط، اما الدولة التي تمتلك الموارد الكافية من القوتين، وتحسن استخدامهما في المكان والزمان المناسبين، فستكون هي الدولة التي حازت على القوة الحقيقية التي تمكنها من تحديد جدول اعمال الاخرين، والتحكم بنتائجه.

ان الشرق الأوسط اليوم يرزح تحت تأثير القوة الناعمة للأخرين (دول او منظمات غير حكومية او منظمات دولية) ويواجه مخاطرا حقيقية في إعادة تشكيله-هذا ما تبينه على الأقل تجربة الاحداث في العراق وسوريا- بصورة لا تحقق مصالح شعوبه، ودول الشرق الأوسط تمتلك مكامن قوة ناعمة مؤثرة لكنها لم تحسن استثمارها، وغالبا ما اعتمدت في علاقاتها الدولية على القوة الصلبة المجردة، فكانت النتائج كارثية على جميع الأطراف، لذا هي بحاجة ماسة الى مراجعة استراتيجياتها السابقة لتجاوز عناصر ضعفها، ووضع استراتيجيات جديدة توظف فيها قوتها الناعمة والصلبة بطريقة فعالة من اجل تحقيق أهدافها. وإذا كانت القوة الصلبة تمثل قوة الحكومات فحسب، فان القوة الناعمة تمثل قوة الشعوب، والدول القوية تكون قوية بحكوماتها وشعوبها، فهذه هي القوة الشاملة المؤثرة لمن يرغب في امتلاك القدرة على التنافس من اجل النجاح في السياسة الدولية المعاصرة.