من صفحة: 45
إلى صفحة: 86
النص الكامل للبحث: PDF icon 180605-161405.pdf
خلاصة البحث:

إنَّ المشكلة الكبرى للإنسانية؛ هي ابتعادها عن القيم والمبادئ الالهية واتباعها الهوى، والمشكلة البحثية هي الاختلاف بين المسلمين من اليوم الاول للبعثة النبوية الى يومنا هذا؛ بسبب تغليب الهوى والعاطفة عند بني أميّة على منطق القرآن والسنة والعقل، وتجاهل مكانة ومنزلة الامام الحسين  عليه السلام  عند الله ورسوله  صلى الله عليه وآله  الذي وقف بوجه جاهلية وكفر بني امية وفسادهم المتمثل بيزيد.

وأهداف البحث: اولا: هو تسليط الضوء على النزاع الذي حصل بين فرقة النبي  صلى الله عليه وآله  واهل بيته من جهة، وفرقة بني امية من جهة اخرى، والذي انتهى الى عداء مستديم، واستمر الى قتلهم الحسين  عليه السلام  واهل بيته في كربلاء، واصر علماء مدرسة معاوية على تزكية وتنزيه حكام بني امية من قتلهم اصحاب رسول الله  صلى الله عليه وآله  واتباع اهل البيت  عليهم السلام ، وسبهم لخليفة المسلمين علي  عليه السلام .

ثانياً: بيان الأسرار الإلهية في شخصية الامام الحسين  عليه السلام  من ولادته الى شهادته، كتوسل آدم بالحسين  عليه السلام  عند توبته، وان اسم الحسين مكتوب على سيقان العرش، وان جبرائيل وملك القطر، يخبران بقتله  عليه السلام ، وانه لم يحصل فتحٌ لقتيلٍ الا للحسين عليه السلام ، فقد كان الفتح العظيم بشهادته؛ التي كشفت للأمة فسقَ آل ابي سفيان وبقائهم على كفرهم وجاهليتهم وكشفت حقيقة عداء بني أمية للإسلام، واشعلت الثورات ضدهم حتى قوضت عرشهم. وفي شهادته  عليه السلام  سرٌ الهي لبقاء الاسلام المحمدي الاصيل غضاً طرياً الى يوم القيامة؛ فقد رشَّدَّ وعي الأمة لِما يحيق بها، وعلَّمها ان فداء الاسلام بالنفس اهون شيء في طريق العشق الالهي؛ وان يكون غُسل العاشق للقاء معشوقه هو دمه.

Abstract

The biggest problem for humanity; is distancing itself from the values and principles of God and followed fancy, research and the problem is a conflict and differences between the Muslims from the first day of the mission of the Prophet to this day; because prevail passion and emotion when the Umayyads and their followers on the logic of the Qur'an and Sunnah and mind, and to ignore the prestige and status of Imam Hussein when Allah and His Messenger , which stood up to ignorance and disbelief Umayyad and corruption of Bezid.

The objectives of the research first: is the highlight of the conflict that took place between the Prophet Band and his family on the one hand, and the band Umayyad On the other hand, which ended up lasting hostility, and continued to kill Hussein and his family in Karbala, and insisted scientists School Sid the nomination and disliked the rulers of the Umayyad kill the Messenger of Allah and follow the Ahl al-Bayt , and insulted the caliph Ali

Second: a statement of the divine secrets in personal Imam Hussein from his birth to his testimony, Ctosl Adam Balhasin when his repentance, and that the name Hussein written on stalks the throne, and Gabriel and the king of the country, Ikhbran kill him , and he did not get open for the dead but for Hussein , it was a great opening testimony; that revealed the nation debauchery Al Abi Sufyan and survival on their disbelief and Jahlithm revealed truth runner Umayyad of Islam, and ignited revolts against the Umayyad even undermined Archehem 0 In his testimony the mystery of God for the survival of Islam Mohammadi inherent junior tender to the Day of Resurrection; Rushd was aware of the nation's what afflicts them, and knowing that self-redemption is easier Islam, something in the way of divine love; and be washing beau to meet lass is his blood.

البحث:

المقدمة:-

إنَّ مشكلة الحياة الكبرى لم تتبدل ولم تتغير منذ الف وأربعمائة سنة، منذ بزوغ نور الاسلام واشعاعه الذي نفذ الى قلوب فهداها، ونفوس فاستمالها الى عقيدة التوحيد، ومُثُل الاسلام العليا، وفي مقابل هذا بقي اناس على نهجهم وكفرهم، وصلافتهم وأنانيتهم، وحبهم للسلطان والسيطرة والاستحواذ على مقدرات الآخرين، فنشبت الحرب بين الاتجاهين والمذهبين.

مسكينة هذه الانسانية، فقد عاش ولازال أبناؤها في عطش شديد الى دماء الشهداء، بل راح يزداد كلما ازدادت في النفوس آفات الانانية والإثرة وحب الدنيا، وكلما تطور الوجود الانساني مادياً، الزمَ اتباع الشيطان انفسهم ان يطوروا اساليب سفك الدماء، وصناعة الموت...

لكن هذه الانسانية تناست غاية الله تعالى من الخلقة البشرية، وان هذه الدنيا دار بلاء وامتحان، ﴿يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ﴾([1]).

فالمطلوب اليوم وحدة حقيقية للمجتمع الانساني؛ لينهض وهو يحمل ضمير الانسانية، في روح الانسان الخليفة لله تعالى، وهو ما سعى اليه الامام الحسين  عليه السلام  بثورته المعطاء، حتى نال وسام سيد شباب أهل الجنة، وهو الذي من اجله اشتدَّ، غضب الله تعالى على أهل الارض عند مقتله كما ورد في الخبر.

ان طريق الاستشهاد هو الطريق الوحيد لتحقيق الاهداف الانسانية العليا على مر التأريخ، فلولا اقدام ونخوة امامنا الحسين  عليه السلام ، الشهيد الاعظم، وسفك دمه فداءً للإسلام والانسانية لاندثرت معالم الاسلام الحقيقية، ولم يبقَ الا رسمه.

فالإمام الحسين  عليه السلام  الذي ترعرع بحضن النبوة والامامة، هو ابن الامام علي عليه السلام ، وصي رسول الله صلى الله عليه وآله ، وامه فاطمة سيدة نساء العالمين، بنت رسول الله صلى الله عليه وآله  إمام عصره، الثائر بوجه الردة الجاهلية، وقد خصه الله تعالى، قبل مولده وفي مولده وبعد مولده، وفي ثورته وشهادته بأسرار وأسرار.

فلم يُولد لستة اشهر وعاش الا هو وعيسى  عليه السلام ، ولم ترضعه أمه ولا مرضعة، بل كان النبي  صلى الله عليه وآله  يلقمه ابهامه، فيمصه؛ ويجعل الله في ابهام رسوله  صلى الله عليه وآله  رزقاً يغذيه، ففعل ذلك اربعين يوماً وليلة.

سُئل النبي  صلى الله عليه وآله  عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال  صلى الله عليه وآله  (سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين  عليهم السلام  فتاب وغفر له).([2])

وهو عليه السلام  من كان اسمه مكتوباً على باب الجنة (...الحسن والحسين صفوة الله...)([3]).وهو من فداه النبي  صلى الله عليه وآله  بابنه ابراهيم، هو المؤيد بجبرائيل  عليه السلام  قال رسول الله  صلى الله عليه وآله  [حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من الاسباط]([4]). [من احب الحسن والحسين فقد احبني ومن ابغضهما فقد أبغضني].([5])

وهو من نزل مَلكُ القطر(المطر) وجبريل يخبران عن قتله، فالحسين  عليه السلام  سر الله عز وجل المُذخر، ففي علمه تعالى ان الدين الاسلامي سوف لن يستقيم الا بالحسين  عليه السلام  بأن يكون قرباناً وفداءً بنفسه لدين جده المصطفى  صلى الله عليه وآله  حيث مضى في طريقه الى الغاية القُصوى والهدف الاسمى، فغاص وسط الجحافل في كربلاء والسهام تتساقط عليه كالمطر(قائلاً بلسان حاله: (ان كان دين محمد لم يستقم...الا بقتلي يا سيوف خذيني)([6])، فالإسلام محمدي الوجود حسيني البقاء.

ان الله تعالى اجرى الامور بأسبابها، كما تقتضيه سُنتَه الالهية في آفاق الانسانية من بدايتها وفي سيرها التكاملي الى نهايتها، فقوله  صلى الله عليه وآله  (انا من حسين) شاء الله تعالى ان تستمر حياة النبي  صلى الله عليه وآله  وان يبقى ذكره؛ بتضحية الامام الحسين  عليه السلام  بعد أن صمم معاوية وولده يزيد القضاء على الاسلام وهدم اركانه.

والحسين  عليه السلام  مَن بكته السماء دماً يوم قتله، وما رُفعَ حجرٌ الا وتحته دماً عبيطاً ونادى المنادي في السماء:-

أيها القاتلون جهلاً حسيناً
 

 

ابشروا بالعذاب والتذليل([7])
 

 

وسر الاسرار في شهادته  عليه السلام  يتمثل في بقاء الاسلام حياً طرياً، كبقائه- عليه السلام - أنشودة يتغنى بها الثوار وطالبوا العزة والكرامة، وهو- عليه السلام - القائل (من لحق بي استشهد ومن لم يلحق بي لم يبلغ الفتح)([8]). وفتحُ الحسين - عليه السلام - يتمثل بأمور منها:-

1- بانتصار اهدافه ولو بعد حين، فيزيد كان له مشروع فسقٍ، لا انه مجرد شارب الخمر.

2- رشَّدَّ وعيَّ الأمة لِما يحيق بها، لذا ارتفعت الأصوات وشُهرت السيوف، وقامت الثورات بوجه السلطة الأموية الفاسدة.

3- علَّم الحسين- عليه السلام - الأمة والأجيال القادمة، ان كل شيء يهون أمام الدفاع عن بيضة الإسلام وقيَّمه، وان ارقى درجات العشق الإلهي ان يكون غُسل العاشق للقاء معشوقه هو دمه.

4- ان ارادة الله تعالى في عزة الاسلام وشموخ المسلمين، وتحطيم الاغلال لا تتحقق الا بالشهادة والتضحية.

5- بتضحيته  عليه السلام  جسد الروح المتعالية والمتسامية على النزوات والاهواء، وان الاستجابة لداعي الله تُحي النفوس، وتنوّر القلوب، وتفرّج الكُرب.

6- اوضح  عليه السلام  لجميع الاجيال ان بني امية ليس لهم ذِمام، وانهم اعداء الدين، وان مذهبهم باطل وفاسد، فلا بد من التصدي لهم والخروج على سلطانهم وسلطان امثالهم.

المبحث الاول: بزوغ فجر الرسالة المحمدية وتحديات الجاهلية الاولى

﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.([9])

المطلب الاول:-الرسول الاكرم محمد  صلى الله عليه وآله  يبشر بالإسلام وقيَّمه العالية في شبه الجزيرة العربية:-

لقد بعث الله تبارك وتعالى نبيه الأكرم محمد الهاشمي  صلى الله عليه وآله ، بالإسلام الذي جاء بقيم ومبادئ وأخلاق السماء، جاء بالعفة والرفعة، والمساواة والعدالة، وحرم الربا والكسب الحرام، فمن الطبيعي ان يصطدم بقيم وبمبادئ الجاهلية المقيتة، ولهذا احتدم الصراع على اشده بين حَمَلة الإسلام (بنو هاشم) وبين حملة فكر ومبادئ الجاهلية التي كان يمثلها بحقها وحقيقتها بنو امية، وعلى رأسهم ابي سفيان.. ويمكن تلخيص اسباب ومبررات هذا الصراع الذي استمر لعقود حتى وصل بأعداء الإسلام ان يقتلوا الإمام الحسين  عليه السلام  ويسفكوا دماء اخوته وابنائه بأبشع صورة، ويسبوا عياله وحريمه:-

السبب الأول:- جاء القرآن الكريم، بالتوحيد في الذات الالهية المقدسة:-

لقد جاء الاسلام والحياة والبشرية تعج بالخرافات والأوهام والشعوذة التي انتهت اليها اليهودية والمسيحية المُحرفتان فهذا كعب بن ماتع الحميّري (كعب الاحبار) يروج التجسيم فيقول (ان الله تعالى نظر الى الأرض فقال اني واطٍ على بعضك، فاستعلت اليه الجبال وتضعضعت له الصخرة، فشكر لها ذلك، فوضع عليها قدمه فقال: هذا مقامي ومحشر خلقي، وهذه جنتي وهذه ناري، وهذا موضع ميزاني، وانا ديّان الدين).([10])

وكانت الجزيرة العربية ترزح تحت وطأة ونير جاهلية مشؤومة، أبرز سماتها الخرافة وقتل النفس المُحرمة، ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾([11])وقطع الارحام وعبادة الاصنام، والى هذه الحالة اشار امير المؤمنين عليه السلام  قائلا:- [ان الله بعث محمداً  صلى الله عليه وآله  نذيراً للعالمين، وأميناً على التنزيل، وأنتم معشر العرب على شر دين، وفي شر دار، منيخون بين حجارة خشن، وحيات صم، تشربون الكدر وتأكلون الجشب، وتسفكون دماءكم وتقطعون أرحامكم، الاصنام فيكم منصوبة، والآثام بكم معصوبة]([12])

والآثام بكم معصوبة:- اي لازمة وثابتة عندكم كلزوم وثبات العصابة في الرأس، والسرقة وشرب الخمر والزنا و... وسفككم الدماء بالحروب بينكم لأتفه الاسباب.

والاسلام بمفاهيمه وقيمه الجديدة المتعالية السامية عن الكون والانسان والحياة، فكان من الطبيعي ان يتصادم مع أوهام وخرافات الجاهلية المقيتة، فقد جاء الاسلام بالتوحيد في الذات الالهية ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ* اللَّهُ الصَّمَدُ* لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾([13]) وبالتوحيد في العبادة والخَلق والتدبير والطاعة ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾([14]) والتشريع والولاية، فلا ربٌ سواه ﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ.. إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾.([15]) فلا مطاع غيره تعالى، واليه وحده اياب الخَلق وحسابهم.

وهذا كله يعني رفض التعددية في الألوهية والطاعة والتشريع، ورفض التمايز بين افراد الانسانية لأي سبب كان الا بالعمل الصالح والتقوى، ورفض كل التشريعات البشرية.

والأنبياء  عليهم السلام  والاوصياء كإمامنا الحسين  عليه السلام ، ما هم الا مُبلغين لرسالات ربهم، مُنفذين مُطيعين لأحكامه عز وجل، فمن الطبيعي أن يصطدم مثل هذا المنطق الالهي مع منطق الذين يُنصِّبون انفسهم أوصياء على من بين ايديهم من البشر، ويستعبدون الناس، كأبي جهل وأبي سفيان ويزيد، ويطمحون لأن يبقى الناس يخوضون في مستنقع الجهل والخرافة، لضمان بقاء الطاعة والخنوع والخضوع لهم، ولا يريدون أن يعرف ويتفهم احدٌ الإسلام الوافد اليهم. فبهذا وذلك أثار الإسلام حفيظة هؤلاء المستبدين الطغاة، فراحوا تارة يؤكدون على صحة خرافاتهم، وتارة أُخرى أخذوا يُفندون مبادئ الإسلام وقيمه ويكذبونها.

السبب الثاني: جاء الإسلام لإزالة الفوارق الطبقية:-

جاء الإسلام بقيمه ونظمه الجديدة، والبشرية تعاني من طبقيّة اقتصادية واجتماعية شديدة، ففيها طبقة عُليا تحظى بكل شيء من نعيم الدنيا، واكثرية ساحقة محرومة من ابسط سُبل الحياة، فجاء الإسلام بسُبل وبرامج اقتصادية واجتماعية؛ لأجل ايجاد المساواة في الاستفادة مما وهبه الله تعالى للإنسان في هذه الطبيعة ضمن القانون الإلهي العادل المستوعِب لجميع نواحي الحياة ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى﴾.([16])

فألغى الاسلام كل الامتيازات الظالمة والحُكرة والإِثرة والتمايز الطبقي والعرقي، وهذا يعني أن يصطدم بكل الذين يريدون ان يسرقوا اتعاب الآخرين وجهودهم بالحيازات غير المشروعة، والاحتكار والسخرة والابتزاز، ومنهم البيت الأموي وبالأخص ابو سفيان ومعاوية ويزيد، وهم من الأصل الخبيث، فأمهم هند بنت عتبة بن ربيعة، آكلة كبد حمزة سيد الشهداء عليه السلام  عم رسول الله  صلى الله عليه وآله  وأخيه من الرضاعة، والتي شقت بطنه ومثلّت به، وغيرهم من اقطاب الجاهلية كأبي لهب وابي جهل وتجار اليهود و...فبقيت هذه الطبقة المستغلة المتسلطة تقف بوجه الإسلام للحفاظ على امتيازاتها وتسلطها، ولما استولت على مقاليد الحكم ايام معاوية ويزيد، شنت الحرب على هذه القيم علناً، فحارب معاوية خليفة المسلمين أمير المؤمنين علي- عليه السلام - وحارب ولده يزيد، الإمام الحسين- عليه السلام - وقتله.

لقد جاء الإسلام ليرفع الأغلال عن اعناق المستضعفين ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ...﴾.([17]) ويزيل الحيف ويرفع الظلم عن المحرومين، واشكال التمايز الطبقي مهما كانت جذوره واسبابه كالشأنية والقومية والعشائرية، فكان بديهياً أن يقع الصدام عنيفاً دموياً بين ارادة الإسلام وبين ارادات هؤلاء الطواغيت المستغلين؛ الذين يطمحون لبقاء الاغلال على ايدي الطبقة الفقيرة المحرومة والمستضعفة. وجاء الإسلام ليكنس العوز والفقر والحرمان، ويهيئ للناس كافة حياة هانئة ومعيشة مطمئنة كريمة عزيزة، فلا محتاج ولا فقير، فكان من الطبيعي ان يصطدم مع عشاق السيطرة والمال؛ ليبقى الناس يعيشون الفقر والعوز ليتسنى لهم التحكم فيهم والتسلط عليهم، كما يقول المثل:"جوع كلبك يتبعك". وهذا ما حصل ايام معاوية ويزيد الطليقين، فقد اعادا الطبقية والاستغلال، وشاع الفقر والجوع عند عامة المسلمين، وحجة الله الامام الحسين - عليه السلام - يعيش آلام الأمة وتظلماتها، لذاك كان سر الله المذخور لهذا اليوم ليزيح بشهادته الستار عن كذب ودجل يزيد ويكشف حقيقة عدائه للإسلام ومبادئه وقيمه.

السبب الثالث:- الاسلام جاء ليسمو بالإنسان نحو الكمال:

﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾.([18]) الإسلام جاء بكل ما يصنع الأنسان المتكامل معنوياً وفكرياً واخلاقياً، ﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾.([19]) وليَسمُو هذا الأنسان بنفسه ويرتقي بذاته وبشخصيته الى الكمال والرفعة؛ من خلال البرامج الدقيقة والتعاليم الروحية المتعالية والتوحد بالعبودية له تبارك وتعالى وحده لا شريك له.

جاء الاسلام ليحرك الانسان نحو التقدم والصعود والانطلاق نحو المعرفة والعلم والحرية والفهم و... فكان طبيعياً ان يصطدم مع ارادات الذين يرغبون ان يظل الانسان قابعاً في مستنقع الشهوة والجنس واللذة، وان يعيش حالة الغيبوبة، والجمود والركود الفكري؛ لكي يبقى بعيداً عن قضاياه المصيرية، فلا يطالب بحرية ولا بعزة، ولا باستقلال، وان يسكت مُذعناً صاغراً على ظُلم الطواغيت وجورهم فلا يحاسب حاكماً ولا يعترض على جور جائر.

لقد احتدم الصراع دموياً بين المنطقين والفكرين عنيفاً فدام عقوداً، والامام الحسين- عليه السلام - منذ صباه عاش في خضم واجواء الصراع الفكري والعقائدي، وحتى القتالي بين ابناء الإسلام ومريديه، وبين ابناء الجاهلية ومريديها، حتى صار طرفاً بجانب جده رسول الله - صلى الله عليه وآله - وابيه - عليه السلام - فكراً وعملاً.

ولكن الاسلام قد انتصر، وفُتحت مكة المكرمة، معقل قريش الكافرة، عَنْ الزّهْرِيّ، قَالَ (افْتَتَحَ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكّةَ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ مَضَتْ مِنْ رَمَضَانَ. وَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ.. وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَكّةَ عَتّابَ بْنِ أُسَيْدٍ يُصَلّي بِهِمْ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ يُعَلّمُهُمْ السّنَنَ وَالْفِقْهَ)([20]).

وقد قال رسول الله  صلى الله عليه وآله  (في آخر خطبة خطبها ببطن عرفة وذلك في حجة الوداع:"ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع"([21])، وهذا القول مجاز والمراد به إذلال أمر الجاهلية وحط أعلامها ونقض أحكامها، كما يستذل الشيء الموطوء الذى تدوسه الاخامص الساعية والاقدام).([22])

(فلما زالت رسوم الشرك، وسيّر الجاهلية، حج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع سنة عشر، وقال فيها:"إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والأرض"([23]))([24]) وهذا يعني انه بزوال رسوم واعراف الجاهلية، كطوافهم حول البيت الحرام عراة واكلهم الربا و...وبالتزامهم بتعاليم الاسلام سيعود الانسان كما خلقه تعالى أولاً على فطرته السليمة طاهراً من الادناس والارجاس.

المطلب الثاني: بنو هاشم تتألق رجالهم وتتمييز بالإسلام، وآل امية تلتهب في كيانها نيران الحسد والحقد:-

لقد استطاع الاسلام بمبادئه وقيمه المتعالية أن يدحر الخرافة والظلم والطغيان، بعد حروب سجال وتضحيات عظيمة قدمها المسلمون وعلى رأسهم الرسول الأعظم محمد  صلى الله عليه وآله ، فقد خاض سوح الجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى على مدى اكثر من عشرين سنة، وأول تلك المعارك معركة بدر الكبرى ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ﴾.([25])

فوقف فيها صنفان متقابلان، متباعدان متعاديان تمثلا في: رسول الله  صلى الله عليه وآله  وأهل بيته  عليهم السلام  علي عليه السلام  وعمه حمزة سيد الشهداء  عليه السلام  و(عبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف القريشي المطلبي).([26]) من جهة، ومن جهة أخرى زعيم الكفر ورئيسهم ابو سفيان ومعه عتبة وشيبة والوليد وابو جهل وأمية بن خلف.

ففي الدر المنثور(أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: فبرز عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة، فنادوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقالوا: « ابعث إلينا أكفاءنا نقاتلهم؟ فوثب غلمة من الأنصار من بني الخزرج، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم"اجلسوا.. قوموا يا بني هاشم"فقام حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث فبرزوا لهم).

وعن لاحق بن حميد قال: نزلت هذه الآية يوم بدر﴿هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَار﴾.([27]) في عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة. ونزلت ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات﴾ إلى قوله ﴿وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ﴾.([28]) في علي بن أبي طالب وحمزة وعبيدة بن الحارث).([29]) ونلاحظ هنا نقطة بداية الصراع الدموي العلني بين الاسلام ممثلاً ببني هاشم حينما قال رسول الله  صلى الله عليه وآله  في هذه المعركة: قوموا يا بني هاشم، وبين الكفر ممثلاً ببني أمية وزعيمهم ابو سفيان (وقتل أمير المؤمنين  عليه السلام  في هذه الغزوة من مشاهير قريش جماعة منهم العاص بن سعيد بن العاص وحنظلة بن أبي سفيان. فكان  عليه السلام  تولى شطر المقتولين والمسلمون مع الملائكة الشطر الآخر).([30])

وهذا ما اوقع في قلوب الطلقاء المستسلمين اثر وعقدة الانتقام، والحقد على علي وال علي- عليهم السلام - وخصوصاً على ولده الحسين- عليه السلام -،وقد صدع يزيد بذلك بعد مقتل الحسين- عليه السلام -

ليت اشياخي ببدر شهدوا
 

 

جزع الخزرج من وقع الاسل([31])
 

 

فهو يصرح بالثأر لقتلاه الكفرة يوم بدر.

وابو سفيان هو الذي جمع المال وقاد المشركين لقتال المسلمين في معركة أحد (وكانت وقعة أحد في شوال بعد بدر بسنة: اجتمعت قريش واستعدت لطلب ثأرها يوم بدر، واستعانت بالمال الذي قَدم به أبو سفيان، وقالوا: لا تنفقوا منه شيئاً إلا في حرب محمد...وخرج المشركون وعدتهم ثلاثة الاف ورئيسهم ابو سفيان بن حرب، وخرج المسلمون وعدتهم ألف رجل حتى صاروا إلى أحد. ووافى المشركون فاقتتلوا قتالاً شديداً، فقُتل حمزة بن عبد المطلب، أسد الله وأسد رسوله، رماه وحشي، عبد لجبير بن مطعم بحربة، فسقط ومثلت به هند بنت عتبة بن ربيعة وشقت عن كبده فأخذت منها قطعة فلاكتها، وجدعت أنفه، فجزع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم جزعاً شديداً وقال: لن أصاب بمثلك، وكبر عليه خمساً وسبعين تكبيرة، وانهزم المسلمون).([32])

هذه هند زوج ابي سفيان وأم معاوية، فالمدقق الحاذق المتمعن سوف ينظر الى تربية هند لأولادها، كيف ستكون؟ وهي الحاقدة على أهل البيت  عليهم السلام ، والقائلة مخاطبة علي  عليه السلام  بعد معركة بدر:

ما كان عن عتبة لي من صبر
أخي الذي كان كضوء البدر

 

 

أبي وعمي و شقيق صدري
بهم كسرت يا علي ظهري

 

 

وذلك لأنه قتل أخاها الوليد بن عتبة وشرك في قتل أبيها عتبة).([33]) ثم جاء الاموي ابو سفيان في جيش من الاحزاب لحرب رسول الله  صلى الله عليه وآله  في معركة الخندق (ثُمّ كَانَتْ غَزْوَةُ الْخَنْدَقِ فِي شَوّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ.. فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ، وَقَائِدُهَا أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْب.. فَلَمّا سَمِعَ بِهِمْ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ضَرَبَ الْخَنْدَقَ عَلَى الْمَدِينَةِ).([34]) ولما عبر عمرو بن ود العامري الخندق وطلب البراز، كان رسول الله  صلى الله عليه وآله  ينادي في المسلمين هل من مبارز واضمن له الجنة، قالها  صلى الله عليه وآله  ثلاث مرات وفي كل مرة يقوم أمير المؤمنين  عليه السلام  ملبياً (لما دعا عمرو بن عبد ود العامري إلى البراز يوم الخندق فلم يجبه أحد، فقال علي عليه السلام : جعلت فداك يا رسول الله! أتأذن لي؟ قال: إنه عمرو بن ود فقال: وأنا علي بن أبي طالب، فخرج إليه فقتله).([35])

وفي مغازي الواقدي قال:[وَعَمْرٌو يَوْمَئِذٍ ثَائِرٌ... فَلَمّا دَعَا إلَى الْبِرَازِ قَالَ عَلِيّ-  عليه السلام - أَنَا أُبَارِزُهُ يَا رَسُولَ اللّهِ ثَلَاثَ مَرّاتٍ. وَإِنّ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ كَأَنّ عَلَى رؤوسهم الطير لمكان عَمْرٍو وَشَجَاعَتِهِ. فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيْفَهُ. وَعَمّمَهُ وَقَالَ اللّهُمّ أَعِنْهُ عَلَيْهِ].([36])

ومن هذه المواقف الجليلة وغيرها لأمير المؤمنين  عليه السلام ، التي حضي بها بدعاء وتأييد رسول الله  صلى الله عليه وآله  وقد انتصر فيها على اعداء الله، فيما كان الأخرون كأن على رؤوسهم الطير، ثارت في نفوس هؤلاء (الحزب الاموي) نار الحسد بل الحقد لعلي وآل علي  عليهم السلام  لقصر باعهم وضعف هممهم من ان يبلغوا مبلغه في الشجاعة والتقوى والعطاء في سبيل الله، والتأييد والتسديد من رسول الله (قال جماعة، منهم الكراجكي، فلما برز أمير المؤمنين الى عمرو قال رسول الله: برز الايمان كله الى الشرك كله).([37])

ولهذا كله أضمروا اليه العداء الى ان تحين الفرصة، ولم تمض الا سنة واحدة فاذا بغزوة خيبر التي كان فيها التمايز بين أهل البيت  عليهم السلام  وبين غيرهم اظهر واجلى واكثر ظهوراً على رؤوس الاشهاد، فقد برز وبان من هو الحريص على نصرة الدين الاسلامي؟ ومن هو الشجاع الذي يتاجر مع الله تبارك وتعالى ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾.([38]) فباع نفسه ووجوده لله تبارك وتعالى، ومن هو الذي يحبه الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار.

فالمشكلة البحثية هي استمرار فكر وقيم الجاهلية الاولى في نفوس بعض المسلمين، وتناميه بعد وفاة النبي  صلى الله عليه وآله ، وكون الامام الحسين عليه السلام  سر الله المكنون؛ لفضح وكشف الردة والتآمر على الاسلام فقد تميّز طرف أهل البيت  عليه السلام  ومنهم ما يخص بحثنا وهو الامام الحسين- عليه السلام - بأمور فقد نزل فيهم قرآن، كأية التطهير وغيرها كثير وطغيانهم على ساحة الكرم والشجاعة والإباء والعفة وطهارة المولد والحسب والنسب وعدم السجود للصنم، والذوبان في العبودية لله تبارك وتعالى. والطرف الأخر على نقيض هذا كله، فجاء اليوم اتباع الحزب الاموي (المعاوي) ليقلبوا الحقائق رأساً على عقب، بتحريف الحديث الشريف وتبديل المدح من النبي  صلى الله عليه وآله  لفلان من أهل البيت، الى أخر من بني أمية، والسكوت عن ذم النبي  صلى الله عليه وآله  لبني أمية ورجالاتها وجعل ذلك من المستحبات بل قالوا من المستحب ان يترك المسلمون اليوم ذِكر معايب السلف!! كقتلهم لأصحاب رسول الله  صلى الله عليه وآله  والصلحاء من المؤمنين، وحربهم لخليفة المسلمين علي  عليه السلام ، وقتلهم الحسين ريحانة رسول الله  صلى الله عليه وآله ، وشربهم الخمر، وفعلهم الزنا بأمهات الاولاد ولعبهم بالقرود و.. ويقولون اليوم كما قال سلفهم يُستحب ترك ما شجر بين الاصحاب وان لا نذكر ان ابا بكر وعمر قد انهزما فارين جبناً في غزوة خيبر!! ففي سيرة النبي  صلى الله عليه وآله  لابن هشام (عن سلمة بن عمرو بن الأكوع، قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق برايته، الى بعض حصون خيبر، فقاتل فرجع ولم يك فتحٌ وقد جهد، ثم بعث الغد عمر بن الخطاب، فقاتل ثم رجع ولم يكُ فتح، وقد جهد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله بفتح الله على يديه ليس بفرار"فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً رضوان الله عليه، وهو أرمد..)([39])

وفي صحيح البخاري:(.. أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ« لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً، يَفْتَحُ اللَهَ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ ». قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَهِ صلى الله عليه وسلم، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ: « أَيْنَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ »، فَقِيلَ: هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ، قَالَ « فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ »، فَأُتِىَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، في عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِىٌّ يَا رَسُولَ اللَه أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا، فَقَالَ « انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللهِ فِيهِ، فَوَ اللهِ لأَنْ يَهْدِىَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ »).([40])

فما هو ذنبهم، اذ أحبهم الله ورسوله واعطاهم عز وجل الشجاعة والفصاحة والعلم والحلم و... وبسيوفهم رُفعت راية الاسلام خفاقة.(عَنْ أَبِى رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَه صلى الله عليه وسلم قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ عَلِىٍّ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرَايَتِهِ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحِصْنِ خَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ فَقَاتَلَهُمْ، فَضَرَبَهُ رَجُلٌ مِنْ الَيهُودَ فَطَرَحَ تُرْسَهُ مِنْ يَدِهِ، فَتَنَاوَلَ عَلِىٌّ بَابًا كَانَ عِنْدَ الْحِصْنِ فَتَرَّسَ بِهِ نَفْسَهُ فَلَمْ يَزَلْ في يَدِهِ وَهُوَ يُقَاتِلُ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَلْقَاهُ مِنْ يَدِهِ حِينَ فَرَغَ، فَلَقَدْ رأيتني في نَفَرٍ معي سَبْعَةٌ أَنَا ثَامِنُهُمْ نَجْهَدُ عَلَى أَنْ نَقْلِبَ ذَلِكَ الْبَابَ فَمَا نَقْلِبُهُ).([41]) والى هذا اشار ابن ابي الحديد في قصيدته مخاطبا الامام  عليه السلام :

يا قالع الباب الذي عن
 

 

هزه عجزت اكف اربعون واربع([42])
 

 

المطلب الثالث: انعطافه عظيمة بالفتح المبين وبنصرالله العظيم:

وجاء اليوم الموعود الذي تكلل بنصر المؤمنين الحاسم، يوم فتح مكة، معقل قريش الكافرة، ومنطلق التآمر على النبي-  صلى الله عليه وآله - والاسلام، وحصن بني امية وزعيمهم ابي سفيان: (خرج النبي  صلى الله عليه وآله  لفتح مكة في رمضان سنة ثمان من الهجرة، ومعه عشرة آلاف مقاتل... فلما دخل النبي  صلى الله عليه وآله  مكة، كانت احدى الرايات بيد سعد بن عبادة وهو ينادي: اليوم يوم الملحمة اليوم تسبى الحرمة اذل الله قريشاً، فسمع أبو سفيان؛ نادى: يا رسول الله أمرت بقتل قومك إن سعداَ قال كذا، واني انشدك الله وقومك فانت ابر الناس وارحم الناس، واوصل الناس فوقف النبي  صلى الله عليه وآله  وقال: بل اليوم يوم المرحمة اعز الله قريشاً،.. وقال لعلي  عليه السلام : خذ منه الراية وناد فيهم، فاخذ علي عليه السلام  اللواء وجعل ينادي: اليوم يوم المرحمة، فلما دخل  صلى الله عليه وآله .. المسجد الحرام اخذ بعضادة الباب قرأ [لا إله إلا الله وحده انجز وعده ونصر عبده واعز جنده وهزم الاحزاب وحده] وقف أبو سفيان ومعاوية وجميع قريش خائفين فقال النبي  صلى الله عليه وآله :- يا معشر قريش ما ترون اني فاعل بكم قالوا خيرا أخ كريم وابن اخ كريم لقد قدرت، فبكى رسول الله  صلى الله عليه وآله  وقال: ما أقول لكم إلا ما قال أخي يوسف [قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ألا لبئس جيران النبي انتم فلقد كذبتموني وطردتموني وآذيتموني واخرجتموني ثم ما رضيتم حتى جئتموني في بلادي تقاتلوني، اذهبوا فانتم الطلقاء] فكأن هذه العبارة صارت علماً لهؤلاء من ذلك اليوم. ويقال لابي سفيان ومعاوية وغيرهم من قريش الطلقاء- يعني طلقاء رسول الله  صلى الله عليه وآله وسلم - والى هذا اشارت الحوراء في خطبتها في مجلس يزيد بقولها عليها السلام أمن العدل يا بن الطلقاء، أتعرف من انت ومن ابوك وجدك؟ أوتدري ما صنع جدي مع جدك وابيك في يوم فتح مكة...، يا يزيد فهذا جزاؤه بان قتلت حسيناً وقتلت اصحابه وأهل بيته وسبيت نساءه وعياله واطفاله من بلد الى بلد.

ملكنا فكان العفو منا سجية
وحسبكم هذا التفاوت بيننا

 

 

فلما ملكتم سال بالدم ابطح
وكل اناء بالذي فيه ينضح
([43])
 

 

وفي هذا اليوم العظيم لانتصار الاسلام على الكفر والجاهلية، انتهى دور ابي سفيان وولده معاوية في تحريض اليهود وكفار قريش ضد الاسلام، واستسلما كما استسلم البقية من اهل مكة الطلقاء، وقام رسول الله  صلى الله عليه وآله  وأمير المؤمنين  عليه السلام  بتحطيم معبوداتهم (الاصنام) من على ظهر الكعبة.

ففي البحار:- (عن أبي هريرة قال: قال لي جابر بن عبدالله دخلنا مع النبي مكة وفي البيت وحوله ثلاثمائة وستون صنماً، فأمر بها رسول الله  صلى الله عليه وآله  فالقيت كلها لوجوهها... فأنزل الله تعالى (وقل جاء الحق وزهق الباطل([44])).([45])

ولكن العجب العجاب، بقيت هذه اليد، يد النبي  صلى الله عليه وآله  وأمير المؤمنين  عليه السلام  التي حَطمت اصنامهم، بقيت مُدانة ومطلوبة لتثأر منها بنو امية وتنتقم!! حين تحين الفرصة، فتلك الأصنام التي عكفوا على عبادتها واجلالها هم وآباؤهم طول اعمارهم، لم يتمكنوا من التنازل عنها والكفر بها على حين غرة، وينتقلوا الى الإسلام و يدينوا بتعاليمه، وسيظهر لاحقاً أن عداء معاوية لأمير المؤمنين  عليه السلام  وقتل ولده يزيد الامام الحسين  عليه السلام  ما كان الا للإخذ بثأر اجدادهم ومشايخهم الكفار الذين قُتلوا في بدر وغيرها.

المطلب الرابع:منعطف شديد ونكوص، بل انقلاب عن الدين الإسلامي:-

بعد ان استطاع رسول الله- صلى الله عليه وآله - والمسلمون، من ان يرفعوا راية الاسلام عالية خفاقة، وان يدحروا الكفر والخرافة والظلم و.. وان يكونوا خير امة من المسلمين ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾.([46]) لكن ما ان مات رسول الله  صلى الله عليه وآله  حتى تبدلت الاحوال وانقلبت الموازين ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾.([47])

وبدأ الامويون الطلقاء يستولون على مقاليد الامور ويحاربون الاسلام باسم الاسلام، وحجة الله في ارضه الامام الحسين  عليه السلام  يراقب كل ذلك عن كثب، ويعيش التطورات اولاً بأول، فيرى الفساد، وشرب الخمر واللعب بالقرود، والزنا قد دبّ وشاع في قصر الخلافة (الإسلامية!!)، وان امير المؤمنين  عليه السلام  يُسب على منابر المسلمين، وان اصحاب رسول الله - صلى الله عليه وآله - المنتجبين يُقّتّلوا ويُصَلّبوا، وطلقاؤه ومطروديه يُقربوا ويُبجلوا وقيم وافكار الجاهلية ومنكراتها غدت تعود الى المجتمع الإسلامي، وهو  عليه السلام  يرى هذا الانقلاب والنكوص عن قيم ومبادئ الإسلام، وهو المذخور للدفاع عن دين جده وابيه، وفيه سر الله في رد الامة الى صوابها ورُشدها؛ ليبقى الدين حياً فاعلاً؛ لذلك وقف ابو الاحرار بوجه الانحراف، واوقد ثورته التي لم يخبُ توهجها الى يومنا هذا، بل ستبقى نوراً يضيء درب الثوار والمظلومين والمستضعفين في العالم الى يوم القيام.

المطلب الخامس:- تَفَرُقُ المسلمين الى متبعٍ لرسول الله  صلى الله عليه وآله  حقيقة، عارف بحق اهل البيت  عليهم السلام  والى مُتبعِ هواه:

ان المشكلة الكبرى والمصيبة العظمى التي كان يعانيها أهل البيت  عليهم السلام  والتي يقاسي اليوم مرارتها وتشظياتها اتباعهم، هو العداء المطبق لهم من قبل أتباع حزب السقيفة ومن لف لفهم، فواقعنا اليوم مريرٌ، واشد ما فيه ألماً وحسرةً ان خصمنا كما كان سلفه لا يريد ان يصل الى الحقيقة، والعلم بواقع الامور، والتعرف على كنهها، من خلال الدليل والحجة الدامغة، وهذا اشد وأمر من حرب السيوف اذ قال تعالى:-﴿وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.([48])

لقد تبانى اتباع مدرسة معاوية اليوم كأسلافهم، أن لا يسمعوا ممن يختلف معهم!! بل اتخذوا منهج الكذب والخداع والتلاعب بالألفاظ والاخذ بما زُيِّف وحُرِّف من الحديث سابقاً اسلوباً ناجحاً للتضليل على عوام الناس وسذاجهم، ولأبعاد انفسهم واتباعهم عن سبيل الهداية وبهذا المعنى يقول ابن حجر في صواعقه (وللروافض سيما الغلاة منهم مبالغات في بغض البعض من الصحابة رضي الله عنهم والطعن فيهم بناء على حكايات وافتراءات لم تكن في القرن الثاني والثالث واياك والاصغاء اليها فإنها تضل الاحداث وتحير الاوساط وان كانت لا تؤثر فيمن له استقامة على الصراط المستقيم).([49])

فهم مصداق قوله تعالى:- ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ﴾.([50]) فاخذوا من عمل اسلافهم الباطلة والمنافية للشرع والعقل حجة ودليل لان يُموهوا على عقول الناس البسطاء، وان يصوروا لهم سلامة ما يقومون به من عدائهم لمنهج ومدرسة أهل البيت  عليهم السلام ، الذين طهرهم تبارك وتعالى وزكاهم بقوله:- ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾.([51]) تمهيداً لان يكونوا قادة الامة نحو الهداية والتقى.

فراح اعداؤهم حسداً وظلماً يكيلون التهم الباطلة، وينسبون افكار واعمال الضلال الى اتباع رسول الله  صلى الله عليه وآله  وعلي عليه السلام  والحسين  عليه السلام ، بهتاناً وزوراً، وكل من لا يروق لهم ويخالف طريقتهم يلصقون به صفة الشرك بالله جلَّ وعلا.

واذالم يفلحوا في مقصدهم ومرادهم من إبعاد اتباع أهل البيت  عليهم السلام  عن مذهبهم وولائهم لرسول الله  صلى الله عليه وآله  وأهل بيته الكرام أفتى علماؤهم بإباحة دماء خصومهم، كما فعل قدوتهم وسيدهم معاوية ويزيد، وجندوا لهذا الأمر الألاف، وبذلوا المليارات من أموال المسلمين، وأساس بنيانهم ومبررات أعمالهم هذه هو نفي عثمان بن عفان (الخليفة) أبا ذر الى الربذة، وهو من أصحاب رسول الله  صلى الله عليه وآله  الذي قال بحقه رسول الله  صلى الله عليه وآله : [ما أظلت الخضراء، ولا اقلت الغبراء، على ذي لهجة أصدق ولا اوفى من أبي ذر، شبيه عيسى ابن مريم].([52]) و [وجندب(اسم ابي ذر) طريد امتي يعيش وحده ويموت وحده والله يبعثه وحده]([53]) و["يحشر أبو ذر أمة واحدة"وهم سيروه على قتب إلى الشام ونفوه إلى الربذة، ودقوا ضلع ابن مسعود).([54])

المطلب السادس:معاوية يقتل بعض أصحاب رسول الله  صلى الله عليه وآله ، و يزيد يقتل الحسين  عليه السلام  وتلامذة مدرسة معاوية يُبررون:-

قتل معاوية من اصحاب رسول الله  صلى الله عليه وآله  الكثير، منهم عمار بن ياسر، وعمر بن الحمق الخزاعي، وقتل يزيد(الخليفة!!) الحسين بن علي  عليه السلام  وهو صحابي وابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وهو الذي قال بحقه وبحق امه ملك من السماء: كما نقل ابن حجر في صواعقه (أخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان عن حذيفة أن النبي قال له"أما رأيت العارض الذي عرض لي قبل ذلك هو ملك من الملائكة لم يهبط إلى الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه عز وجل أن يسلم علي ويبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة")([55])

ويذكر أيضا اثنا عشر أية بحق أهل البيت، وفي الفصل الثاني من كتابه هذا ينقل ثلاثين حديثاً بخصوص فاطمة الزهراء  عليها السلام  وولديها  عليهما السلام ، واربع أربعين حديثاً في عموم أهل البيت  عليهم السلام  ما عدا ما ذكره في الفصل الاول وغيره كثير...والحق يقال انه أحسن وأجاد في تفسير الآيات وشرح الاحاديث بحق أهل البيت  عليهم السلام .

والى هذا يشير السيد محمد تقي الحكيم رحمه الله في كتابه الاصول العامة للفقه المقارن، عندما تعرض لحديث الثقلين ودلالته على سنة أهل البيت عليهم السلام  قال:- (يقول ابن حجر:-"وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة على عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة، كما ان الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أمانا لأهل الارض كما يأتي، ويشهد لذلك الخبر السابق: في كل خلف من أمتي عدول من أهل بيتي". كما يدل على ذلك اقترانهم بالكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، ولقوله صلى الله عليه وآله  "ولا تعلموهم فانهم أعلم منكم"([56]). يقول ابن حجر- وهو من خير من كتبوا في هذا الحديث فهماً وموضوعية:"

تنبيه: سمى رسول الله  صلى الله عليه وآله  القرآن وعترته، وهي بالمثناة الفوقية، الاهل والنسل والرهط الادنون الثقلين، لان الثقل كل نفيس خطير مصون، وهذان كذلك إذ كل منهما معدن العلوم الدنية، والاسرار والحكم العلية، والاحكام الشرعية... ولذا حث  صلى الله عليه وآله  على الاقتداء والتمسك بهم والتعلم منهم، وقال"الحمد لله الذي جعل فينا الحكمة أهل البيت  عليهم السلام "وقيل: سميا ثقلين، لثقل وجوب رعاية حقوقهما، ثم إن الذين وقع الحث عليهم منهم إنما هم العارفون بكتاب الله إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض، ويؤيده الخبر السابق: ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم، وتميزوا بذلك عن بقية العلماء لان الله أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وشرفهم بالكرامات الباهرة، والمزايا المتكاثرة، وقد مر بعضها"([57])).([58])

وينقل ابن حجر ايضاً (وقد اخرج الديلمي أنه (صلى الله عليه وسلم) قال: الدعاء محجوب حتى يصلى على محمد وأهل بيته اللهم صل على محمد واله... وللشافعي:-

يا أهل بيت رسول الله حبكم
كفاكم من عظيم القدر أنكم

 

 

فرض من الله في القرآن أنزله
من لم يصل عليكم لا صلاة له

 

 

فيحتمل لا صلاة له صحيحة فيكون موافقا لقوله بوجوب الصلاة على الآل ويحتمل لا صلاة له كاملة فيوافق أظهر قوليه).([59]) والعجب العجاب انه يكتب هذا الحديث عن النبي  صلى الله عليه وآله  ولكنه تعصباً لسيرة اسلافه لم اجده يذكر (أل محمد) عند صلاته على النبي  صلى الله عليه وآله  في كتابه هذا الصواعق المحرقة!!.

وقال ايضاً (ولمبالغة الشافعي فيهم (أهل البيت- عليهم السلام -) صرح بأنه من شيعتهم حتى قيل كيت وكيت... فأجاب عن ذلك بما قدمناه عنه من النظم البديع وله أيضا:-

آل النبي ذريعتي
ارجو بهم أعطى غداً

 

 

وهم إليه وسيلتي
بيدي اليمين صحيفتي([60])

 

 

وينقل ايضاً (قال الله تعالى:- ﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ ([61]) اخرج: الحافظ السفلي عن محمد بن الحنفية، أنه قال في تفسير هذه الآية: لا يبقى مؤمن إلا وفي قلبه ودّ لعلي وأهل بيته).([62]) وذكر ايضا (وللشيخ الجليل شمس الدين ابن العربي رحمه الله:-

فما طلب المبعوث أجراً على الهدى

 

بتبليغه الا المودة في القربى([63])
 

 

وذكر أيضاً: في الحديث السادس عشر (أخرج الترمذي وابن ماجة وابن حبان والحاكم أن رسول الله قال"أنا حرب لمن حاربهم وسلم لمن سالمهم").([64]) وفي (الحديث الثامن عشر أخرج أحمد والترمذي عن علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"من أحبني وأحب هذين (الحسن والحسين) وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة")([65]) فمجمل ما نقلناه عن ابن حجر وهو قليل جداً مما كتبه في صواعقه المحرقة، يظهر منه أنه محب لأهل البيت- عليهم السلام - ولكن اذا رجعنا الى المشكلة التي دعتنا الى كتابة هذا البحث وهي أن الاعم الاغلب ممن ينقل الاحاديث من ابناء العامة بحق أهل البيت- عليهم السلام - ويفسر الآيات الواردة بحقهم- عليهم السلام - لا يؤمن بها ولا يعمل بها!! فهم مصداق: كم من عالم لا يعمل بعلمه، وكم من فقيه لا يعمل بفقهه، ويقف موقفاً صلفاً جافياً من أهل البيت- عليهم السلام - بل معادياً احياناً لهم، ولمن يودهم، وهذا ما يثير العجب والاستغراب!!.

فهذا ابن حجر: ينقل ان الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة، ولكنه يأتي و يبرر قتال معاوية للأمام الحسن- عليه السلام - وقتاله لخليفة المسلمين علي- عليه السلام - الذي بايعته الامة، وينكر على محبي أهل البيت- عليهم السلام - ذكرهم مثالب معاوية وقتله أصحاب رسول الله و سبه لعلي- عليه السلام - على المنابر حتى صار سُنة ايام الامويين لعقود، ويصف شيعة اهل البيت- عليهم السلام - بأقبح الاوصاف والنعوت فيقول في صواعقه:-(وإنما افتتحت هذا الكتاب بالصحابة وختمته بهم إشارة إلى أن المقصود بالذات من تأليفه تبرئتهم عن جميع ما افتراه عليهم أو على بعضهم من غلبت عليهم الشقاوة وتردوا بأردية الحماقة والغباوة ومرقوا من الدين واتبعوا سبيل الملحدين وركبوا متن عمياء وخبطوا خبط عشواء فباؤا من الله بعظيم النكال ووقعوا في أهوية الوبال والضلال ما لم يداركهم الله بالتوبة والرحمة فيعظموا خير الأمم وهذه الأمة أماتنا الله على محبتهم وحشرنا في زمرتهم آمين).([66])

وهو الذي ينقل هذه الرواية بحق محبي اهل البيت- عليهم السلام - (وأخرج أبو بكر الخوارزمي أنه صلى الله عليه وسلم خرج عليهم ووجهه مشرق كدائرة القمر فسأله عبد الرحمن بن عوف فقال"بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي وابنتي بأن الله زوج عليا من فاطمة وأمر رضوان خازن الجنان فهز شجرة طوبى فحملت رقاقا يعني صكاكا بعدد محبي أهل البيت وأنشأ تحتها ملائكة من نور دفع إلى كل ملك صكا فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق فلا يبقى محب لأهل البيت إلا دفعت إليه صكا فيه فكاكه من النار فصار أخي وابن عمي وابنتي فكاك رقاب رجال ونساء من أمتي من النار").([67])

ونسأل ابن حجر: انت نقلت في الحديث الخامس عشر: ان رسول الله  صلى الله عليه وآله  قال:"ان فاطمة سيدة نساء أهل الجنة وأن الحسن و الحسين سيدا شباب اهل الجنة"، وفي الحديث السادس عشر قال  صلى الله عليه وآله "انا حربٌ لمن حاربهم و سلم لمن سالمهم"... ونقلت (وأخرج الملا،"لا يحبنا أهل البيت إلا مؤمن تقي ولا يبغضنا إلا منافق شقي").([68]) فهل كان معاوية محباً لأهل البيت؟!، أم كان محارباً لعلي عليه السلام  وهو خليفة المسلمين الشرعي ومن جعل له الرحمن وداً؟! فكيف تغض الطرف عن معاوية وحربه وبغضه وسبه لعلي- عليه السلام - ويقول عبد الوهاب عبد اللطيف صاحب المقدمة على الصواعق المحرقة (فاستحق بذلك أصحاب رسول الله من الثناء عليهم والتجاوز عما فرط منهم واستحقوا من الرسول أن يعظمهم و ينادي بإجلالهم واستحقوا من الأمة المحبة و الترضية عنهم، وان يقتدي بهم سواء منهم من لابس الفتن أو حفظ منها، وسواء منهم من وقع منه ذنب أولاً، فان كمال ايمانهم وحسن سريرتهم وحبهم لمتابعة نبيهم وتضحيتهم للنفس والنفيس كل ذلك يرفع منازلهم إلى درجات لا تؤثر فيها السيئات فإن كثير الحسنات مكفر لصغيرها، خصوصاً من وقع منه شيء باجتهاد وحسن نية فإنما الاعمال بالنيات، ولو أخطأ الطريق فهو مثاب على قصده، ومن هؤلاء سادتنا معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، وسمرة بن جندب، والوليد بن عقبة ممن كان مع معاوية أو رضي بالتحكيم، وأنهم جميعاً أهل للاقتداء بهم واهل للرواية تقبل أخبارهم في اعلى درجات القبول، وتوزن أعمالهم بميزان الورع والإحسان).([69])

وكأنَّ اعداء اهل البيت  عليهم السلام  من علماء العامة أمثال عبد اللطيف وابن حجر و..، غضوا الطرف عن الاحاديث الشريفة التي يلعن بها رسول الله  صلى الله عليه وآله  معاوية ويزيد وأبيهما ففي تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ص115 ايران [أن رسول الله  صلى الله عليه وآله  رأى ابا سفيان على جمل وابنه يزيد يقوده ومعاوية يسوقه فقال"لعن الله الراكب والقائد والسائق"].([70])

وقول رسول الله  صلى الله عليه وآله  (إِذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه).([71]) أقول:- هنيئاً لك ولأمثالك بهذا الاقتداء وحشركم الله مع من حارب رسول الله  صلى الله عليه وآله  حيث قال (انا حرب لمن حاربهم وسلمٌ لمن سالمهم).([72]) فالسؤال الذي لم يحر اعداء اهل البيت  عليهم السلام  له جواباً يُقنع حتى السذج، هو ألم يكن علي والحسن، والحسين وعمار بن ياسر، وخمسة غيرهم من اصحاب رسول الله  صلى الله عليه وآله  قُتلوا مع الحسين  عليه السلام  (أنس بن الحرث الكاهلي وحبيب بن مظاهر الاسدي ومسلم بن عوسجة الأسدي وهاني بن عروة المرادي وعبدالله بن يقطر الحميري).([73]) وألم يقتل معاوية غير هؤلاء من صحابة رسول الله  صلى الله عليه وآله  فيحظى بحرب رسول الله  صلى الله عليه وآله  أم أنه أجتهد فأخطأ فله ثواب بقتلهم!!.

[ففي كتاب مولانا الحسين  عليه السلام  الى معاوية: ألست قاتل حجر، وأصحابه العابدين المخبتين، الذين كانوا يستفظعون البدع، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، فقتلتهم ظلما وعدوانا، من بعدما أعطيتهم المواثيق الغليظة، والعهود المؤكدة، جراءة على الله واستخفافا بعهدهٍ] ([74]) فقد قُتل حجر ابن عدي وهو من اصحاب رسول الله  صلى الله عليه وآله  بأمر من معاوية، مع ستة من اصحاب حجر.

(ومن كتاب مولانا الحسين  عليه السلام  الى معاوية [أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله  صلى الله عليه وآله  العبد الصالح الذي أبلته العبادة فنحل جسمه واصفر لونه، بعد ما آمنته واعطيته من عهود الله وميثاقه، ما لو أعطيته طائراً لنزل اليك من رأس الجبل ثم قتلته جرأة على ربك، واستخفافا بذلك العهد]).([75])

(ولما جاؤوا برأسه الى معاوية بعث به الى امرأته فوضع في حجرها فقالت: سترتموه عني طويلا وأهديتموه الي قتيلا... بلغ أيها الرسول عني معاوية ما أقول: طلب لله بدمه، وعجل له الويل من نقمه، فقد أتى أمراً فريا، وقتل باراً تقيا).([76]) وهكذا استمر معاوية وآل أمية يقتلون أصحاب رسول الله  صلى الله عليه وآله  ومحبي ال البيت  عليهم السلام  غير الموالين له، الى أن مات، والإمام الحسين - عليه السلام - يراقب كل هذه الأحداث عن كثب ويعيش آلآم ومظلومية ابناء الامة الاسلامية اولاً بأول بانتظار الساعة التي يتمكن فيها من تسديد رميته الى هذا الحكم الجائر والانتصار للمظلومين والمستضعفين.

المطلب السابع: توجه باطل وعقيدة فاسدة، تُزكي قاتل الصحابي وتجزيه أجراً:-

ان مشكلة المسلمين اليوم هي مع هذا التوجه الباطل الفاسد الذي يصحح لمعاوية بن ابي سفيان وعمرو بن العاص وغيرهم من الطلقاء وابناء الطلقاء... ممن شارك في الحرب ضد امام المسلمين وخليفة رسول الله  صلى الله عليه وآله  في صفين وفي الجمل والنهروان، وممن قتلوا بعض أصحاب رسول الله  صلى الله عليه وآله  ومنهم عمار بن ياسر حيث نقل في صحيح مسلم (عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم.."قال لعمار تقتلك الفئة الباغية").([77])

وفي مسند أحمد (عن عبد الله بن الحرث قال: اني لأسير مع معاوية في منصرفة من صفين بينه وبين عمرو بن العاص، قال: فقال عبد الله بن عمرو بن العاص يا أبت ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار"ويحك يا بن سمية تقتلك الفئة الباغية"قال فقال عمرو لمعاوية ألا تسمع ما يقول هذا فقال معاوية لا تزال تأتينا بهنة أنحن قتلناه إنما قتله الذين جاؤوا به).([78])

والظاهر ان تبرير اعمال معاوية وامثاله الشائنة والمخالفة للشرع الاسلامي من قبل ابن حجر وغيره والتماس الاعذار والحجج الواهية قد تعلموها من معاوية نفسه حينما التف على حديث رسول الله  صلى الله عليه وآله  وقال اننا لم نقتل عماراً وانما قتله الذي اخرجه يقصد بذلك أمير المؤمنين- عليه السلام -.

وهذا ابن تيمية ايضاً ينتصر لمعاوية!!، ففي كتابه مختصر الفتاوي المصرية (قوله صلى الله عليه وسلم"إن عمارا تقتله الفئة الباغية"ليس نصا في أن هذا اللفظ المراد به معاوية وأصحابه بل يمكن أن يكون المراد تلك العصابة التي حملت عليه حتى قتلته وهي طائفة من العسكر، ومن رضي بقتل عمار كان حكمه حكمها ومن المعلوم أنه كان في العسكر من لم يرض بقتله كعبد الله بن عمرو بن العاص وغيره بل كان الناس منكرين لقتل عمار حتى معاوية وعمرو بن العاص وغيرها ويروى أن معاوية تأول أن الذي قتله هو الذي جاء به إلى سيوف قتلته وأن عليا رد هذا التأويل).([79])

وذكر ابن حجر قصة قتل من سب الصحابي بقوله (قال شيخ الإسلام مجتهد عصره التقي السبكي.. كنت بالجامع الأموي ظهر يوم الاثنين سادس عشر جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وسبعمائة فأحضر إلي شخص.. وهو يقول لعن الله من ظلم آل محمد، وهو يكرر ذلك فسألته من هو فقال أبو بكر قلت أبو بكر الصديق قال أبو بكر وعمر وعثمان ويزيد ومعاوية فأمرت بسجنه وجعل غل في عنقه ثم أخذه القاضي المالكي فضربه وهو مصر على ذلك... ثم أحضروه يوم الخميس بدار العدل وشهد عليه في وجهه فلم ينكر.. ثم قيل له تب فقال تبت عن ذنوبي... فطال البحث في المجلس على كفره وعدم قبول توبته فحكم نائب القاضي بقتله فقتل، وسهل عندي قتله ما ذكرته من هذا الاستدلال فهو الذي انشرح صدري لتكفيره بسبه ولقتله لعدم توبته).([80])

وقال: (ومأخذ تكفير الرافضي بذلك (بغض الرافضي للشيخين)أنه يعود من اعتقاده ذلك (ظلمهما لعلي) فيهما نقص في الدين لأنهما الأصل بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) في إقامة الدين وإظهاره..).([81])

اقول اين كان علماؤهم من سب معاوية وولاته لعلي  عليه السلام  على منابر المسلمين لعقود متمادية، حتى صار سبه  عليه السلام  من المقدمات الواجبة في خطب الجمعة، الم يكن سب علي- عليه السلام - فيه اذىً لرسول الله  صلى الله عليه وآله !!، الم يكن دورٌ لعلي- عليه السلام - في اقامة الدين، الم يحارب المشركين، الم يكن أخاً لرسول الله وابن عمه، الم يقل  صلى الله عليه وآله  بحقه [علي مع الحق والحق معه لا يفترقان].([82])

وحجة الله الامام الحسين  عليه السلام  يرى ويسمع بكل هذه البدع والفتن لبني امية، وسب ابيه امير المؤمنين  عليه السلام  على منابر المسلمين التي اشادها واقامها بجهاده وبسيفه، وكما قال الشاعر:(وَجَرْحُ السَّيْفِ يَدْمَى ثُمَّ يَعْفُو... وَجَرْحُ الدَّهْرِ مَا جَرَحَ اللِّسَانُ).([83]) وهو المحبوب عند الله عز وجل ورسوله   صلى الله عليه وآله .

(وروى أنس بن مالك قال: أتي النبي صلى الله عليه وسلم بطير جبلي، فقال: « اللهم، ائتني برجل يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله »، فإذا علي بن أبي طالب يقرع الباب، فقال أنس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشغول، ثم أتى الثانية والثالثة، فقال: « يا أنس، أدخله، فقد عينته » فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « اللهم؛ إلي اللهم؛ إلي » وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « أنت مني بمنزلة هارون من موسى » وذلك لما خلفه في غزوة تبوك على المدينة، فقال قوم من المنافقين كلاما لم يحسن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « إنما خلفتك على أهلي فهلا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي » وقال صلى الله عليه وسلم: « من كنت مولاه فعلي مولاه » وقال صلى الله عليه وسلم لعلي  عليه السلام : « لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق » وقال النبي صلى الله عليه وسلم: « من آذى عليا فقد آذاني » وقال جابر بن عبد الله: ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار إلا ببغضهم علي بن أبي طالب  عليه السلام  وروي عن أبي عبد الله الحلبى قال: دخلت على أم سلمة فقالت لي: أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم؟ فقلت: معاذ الله فقالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « من سب عليا فقد سبني » ولما آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه وعلي عليه السلام  حاضر لم يؤاخ بينه وبين أحد فقال له علي  عليه السلام  في ذلك فقال: « والذي بعثني بالحق ما أخرتك إلا لنفسي، فأنت مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي »).([84])

وفي فضائل الصحابة: (عن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله  صلى الله عليه وآله في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكُسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي"فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون إني أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه"قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة). ([85])

ومع هذه الحجج الإلهية والنبوية لأمير المؤمنين  عليه السلام  لم يتمكن معاوية من ان يخفي حقده وحنقه على الإسلام والقرآن المتمثل بعلي  عليه السلام  الذي هو نفس الرسول  صلى الله عليه وآله  بصريح القرآن الكريم ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾.([86])

والامام الحسين  عليه السلام  الذي يجب عليه من باب انه امام المسلمين وحامي الشريعة، ان يدافع عن دين جده وابيه ويصلح ما افسده معاوية.

وفي مروج الذهب(عن ابن أبي نجيح، قال: لما حج معاوية طاف بالبيت ومعه سعد، فلما فرغ انصرف معاوية إلى دار الندرَة، فأجلسه معه على سريره، ووَقَعَ معاوية في علي وشَرَعَ في سَبَّه، فزحف سعد ثم قال: أجلستني معك على سريرك ثم شرعت في سب علي، واللهّ لأن يكون فيَّ خصلة واحدة من خصال كانت لعلي أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، واللّه لأن أكون صهراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأن لي من الولد ما لعلي أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، والله لأن يكون رسول اللّه  صلى الله عليه وآله ، قال لي ما قاله يوم خيبر"لأعطيَنَّ الراية غداً رجلاً يحبه اللّه ورسوله ويحب اللهّ ورسوله ليس بِفَرَّار، يفتح اللهّ على يديه"أحب إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، واللهّ لأن يكون رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال لي ما قال له في غزوة تبوك:"ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي"أحبُّ إلي من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس، وأيم الله لا دخلت لك داراً ما بقيت، ثم نهض).([87])

وفي تاريخ سب علي  عليه السلام  (كان خلفاء بني أمية يسبون علياً  عليه السلام ، من سنة إِحدى وأربعين، وهي السنة التي خلع الحسن فيها نفسه من الخلافة، إلى أول سنة تسع وتسعين، آخر أيام سليمان بن عبد الملك، فلما ولي عمر، أبطل ذلك].([88])

والظاهر الذي لا غبار عليه في كل هذا التعصب للباطل والظلم لأهل البيت  عليهم السلام  ولأصحابهم وأصحاب رسول الله  صلى الله عليه وآله  ومن والاهم من الأوائل؛ هو اتباع الهوى الذي هو أقوى جنود ابليس، والردة عن الدين الاسلامي حقيقة وبقاؤهم تحت عباءة ورسوم الاسلام ليتمكنوا من ان يعيدوا لأنفسهم التسلط والطغيان وبهذا قال تبارك وتعالى:- ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾.([89])

فلولا تمسكهم الظاهري بالإسلام لما قبلهم ابناء الامة الاسلامية، وهذا الظلم والطغيان؛ لمَّا لم يمكن انكاره وتكذيبه؛ لفظاعته وشدته وقسوته، راح اتباعهم، ومن جاء بعدهم من أبناء مدارسهم، وثقافاتهم الى اليوم، يبررون لسلفهم غير الصالح اعمالهم الظالمة، وصناعتهم الفتن والحروب وقتلهم لأبناء أهل البيت عليهم السلام  ولأصحاب رسول الله  صلى الله عليه وآله  وغصبهم لحقوقهم، وأعمالهم المنكرة المخالفة لأبسط قواعد وأولويات الدين الاسلامي، كشرب الخمر و... فيقولون تارة لان السلف من اصحاب رسول الله  صلى الله عليه وآله  ممدوحون من قِبله  صلى الله عليه وآله  فلا يحق لنا نقدهم أو انتقاصهم... وتارة أخرى انهم اجتهدوا فأخطاؤا!! فلهم ثواب واحد حتى في قتل يزيد (لعنه الله) الحسين  عليه السلام !! والاشنع من كل هذا انهم اتبعوا سيدهم معاوية حين ابتكر في زمانه مذهب المرجئة والقدرية، فتنصيبه ولده يزيد شارب الخمر قاتل النفس المحترمة، كخليفة للمسلمين هو قضاء الله وقدره، قال هذا حينما اعترضت عليه عائشة على توليته يزيد.

واما اعمال الفسق والفجور من يزيد وغيره، فأن الله تعالى قد أرجأ محاسبتهم ولا يعاقبهم لان كل من ينطق الشهادتين فأيمانه كأيمان الملائكة لا تضر معه سيئة حتى او هدم الكعبة!!، والنتيجة يجب اطاعته وغض الطرف عن فسقه ومنكراته!!... ومن هذا المنهج المعاوي، سلك علماؤهم مبدأ اطاعة الحاكم ولو كان فاسقاً قاتلاً مجرماً، فلا يجوز الخروج على الحاكم لأي سبب من الاسباب، فالحسين  عليه السلام  بنظرهم خرج على الحاكم الشرعي فيجب قتله، وكل ما تقدم في هذا الامر (الاول) يرجع الى ان هذه الفرقة المعادية لأهل البيت  عليهم السلام  قد اتبعت هوى النفس الأمارة بالسوء، ولم تحكم العقل والمنطق السليم في جميع امورها الدينية، فابتعدت عن الرسول  صلى الله عليه وآله  ولم تتبعه وخالفت نصوص القرآن الكريم، فنبذته وراء ظهرها، متمسكة بأخبار تخدم اهواءها وتوجهاتها، ومتبنياها القبلية بأبعاد اهل البيت عن مناصبهم التي نصبهم بها الله تعالى.

المبحث الثاني: الامام الحسين عليه السلام  سر الله في ارضه

المطلب الاول:

النقطة الاولى: الحسين:-

هو الامام المعصوم، الغصن المتفرع من شجرة النبوة والرسالة المحمدية الباسقة، فهو سليل النبوة، وعقيد الامامة والخلافة، ٌإمام الأنام، المستدرُ بوجهه الغمام، اكمل واتم برية الله العزيز الرحمن، خيراً وفضلاً في زمانه، أطيبهم فرعاً وأصلاً، وأكرمهم شجرة، وأصلبهم عوداً، وأعلاهم منصباً، وأجلَّهم قدراً، وارفعهم درجةً ورتبة، خصَّه العزيز الجبار بالعلم والفهم، وبالشجاعة والزعامة، فهو أمام عصره وزمانه، خليفة الرحمن، وقد خصه قبل مولده وفي مولده وبعد مولده الواحد الجبار بأسرار، وفي ثورته وشهادته وبعدها لرب العزة اسرار وأسرار.

ففي ولادته عليه السلام  سرٌ أراد جلَّ جلاله ان يُظهره في ولد نبيه محمد  صلى الله عليه وآله  كما أظهره في نبيه عيسى- عليه السلام - فقد وُلِد الحسين- عليه السلام - لستة أشهر كعيسى- عليه السلام - (وقال قتادة ولِد الحسين بعد الحسن بسنة وعشرة أشهر، لخمس سنين وستة أشهر من الهجرة. وقال: لم يُولد مولود قط لستة أشهر فعاش إلا الحسين وعيسى بن مريم  عليهما السلام )([90])

وفي رضاعة الحسين - عليه السلام - سرُ الله عزَّ اسمه، فكيف سيعيش الطفل المولود وهو لا يرضع لا من امه ولا من مُرضعة (وقال آخرون انه 2لم ترضعه أمه ولم ترضعه أنثى واعتلت فاطمة لمّا ولدت الحسين وجف لبنها فطلب رسول الله مرضعة فلم يجد، فكان يأتيه فيلقمه إبهامه فيمصه ويجعل الله في ابهام رسوله رزقاً يغذيه، ففعل ذلك أربعين يوماً وليلة فأنبت الله سبحانه وتعالى لحمه من لحم رسول الله).([91])

سبحانك اللهم وبحمدك يا من جعلت اسرارك في مخلوقاتك كامنة، فمن يكون هذا الحسين- عليه السلام - عندك وما شأنه لديك حتى تجعل معجزتك في ابهام نبيك  صلى الله عليه وآله  ليعيش، وما هذا ظاهرا الا لأمر وحادث جليل، قد قدرته، وقد قضيته في لوح محفوظ بان يثور ضد الردة الجاهلية، ويستشهد وتسبى عياله، ليبقى دينك. وما شأنه العظيم عندك حتى تجعله أحد الافراد الخمسة الذين تكون سبباً في قبولك توبة نبيك أبي البشر آدم - عليه السلام - في قولك ("فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"([92]) أخرج ابن المغازلي الشافعي عن ابن عباس قال: سُئل النبي  صلى الله عليه وآله  عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربّه فتاب عليه، قال  صلى الله عليه وآله :"سأله بحق محمد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين - عليهم السلام - فتاب وغفر له".وقال صاحب الانصاف بعد نقله هذه الرواية؛ والحاصل أن سؤال الله بحق غيره عليه أمرٌ عظيمٌ لا يؤخذ فيه الا بأحاديث صحيحة؛ لأنه خطابٌ للرب عز وجل واثبات لحق المخلوقين عليه).([93])

النقطة الثانية: الامام الحسين  عليه السلام  صفوة الله:-

اي قدر عظيم وجليل، واي رفعة شأن وعلو همّة، واي درجة رفيعة، وصل اليها الحسين  عليه السلام ؟ وايُّ مقام سامٍ حضي به الحسين- عليه السلام - عند بارئة؟ واي شمائل اتسم بها ابو الشهداء، واي عهد عقده مع الله وصدَق به حتى استشهد من اجله، واي صدق حب وعشق للقاء ربه وهو (القائل فى مناجاته:

تركت الخلق طرّا في هواكا
فلو قطعتني في الحبّ إربا

 

 

وأيتمت العيال لكى أراكا
لما حنّ الفؤاد إلى سواكا([94])

 

 

حتى اوصله كل هذا الى ان يصطفيه الله تبارك وتعالى لنفسه. (عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليلة عرج بي الى السماء رأيت على باب الجنة مكتوباً لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله علي حب الله و الحسن والحسين صفوة الله فاطمة خيرة الله، على باغضهم لعنة الله).([95])

النقطة الثالثة:رسول الله  صلى الله عليه وآله  فدى الحسين  عليه السلام -- بابنه ابراهيم:-

الله تعالى اعلم ورسوله في سر الله عز وجل بان يفدي رسولهُ الكريم الحسينَ عليه السلام   بابنه ابراهيم، ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ۞ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾.([96]) ولعل السر المكنون في ذلك علمه تعالى؛ ان في بقاء الحسين  عليه السلام  حياً أمداً مُعيناً سوف يحيى به الإسلام المحمدي الأصيل ويبقى، فحتى اذا سبَر (الحسين عليه السلام ) الأمور بنور الحقيقة، ونهي الناهي وهدى الهادي وحول الله وقوته، وبالتمسك بأذيال الاستمداد من حبل الله المتين؛ وهو حجة الله على جميع أهل الارض، عزم على ان يقدم نفسه وأهل بيته قرباناً لله تعالى من أجل تثبيت عرى الإسلام التي فصمها آل امية، وصَمَموا على القضاء على الدين الإسلامي ومحاربته باسم الإسلام.

فقد روى الخَطيب البغدادي، بسنده عن أبي العباس قال:(كنتُ عند النبي صلى الله عليه و سلم وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم وعلى فخذه الأيمن الحسين بن علي، تارة يُقبل هذا وتارة يقبل هذا، إذ هبط عليه جبريل  عليه السلام بوحي من رب العالمين فلما سرى عنه قال: أتاني جبريل من ربي فقال لي: يا محمد ان ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: لست اجمعهما لك فافد أحدهما بصاحبه، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى إبراهيم فبكى ونظر إلى الحسين فبكى ثم قال: ان إبراهيم أمُه أمَة ومتى مات لم يحزن عليه غيري، وأم الحسين فاطمة وأبوه علي بن عمي لحمي ودمي ومتى مات حزنت ابنتي وحزن بن عمي وحزنت انا عليه وانا اؤثر حزني على حزنهما، يا جبريل تقبض إبراهيم فديته بإبراهيم، قال: فقُبض بعد ثلاث، فكان النبي صلى الله عليه و سلم إذا رأى الحسين مقبلا، قبله وضمه إلى صدره ورشف ثناياه وقال: فديت من فديته بابني إبراهيم).([97])

النقطة الرابعة:الحسنين عليهما السلام  يصطرعان والنبي  صلى الله عليه وآله  يؤيد الحسن  عليه السلام وجبريل يؤيد الحسين عليه السلام :-

(عن أبي هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: كان الحسن والحسين  عليهما السلام يصطرعان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"هي حسن"([98]) قالت فاطمة  عليها السلام : لم تقول هي حسن؟ فقال:"إن جبريل يقول: هي حسين").([99])

وفي ذيل الرواية التي ينقلها صاحب كنز العمال 3/154(ألا ترضين (يا فاطمة) ان اقول أنا هي يا حسن، ويقول جبريل: هي يا حسين، فهل لخلق مثل هذه المنزلة نحن صابرون ليقضي الله أمراً كان مفعولاً). وجبريل هو الأمين على الوحي ينقل أوامر الله تعالى وإرشاداته، فاذا كان التأييد صادراً من الله تعالى يتجلى سرٌ كامن وخفي اذ يراد اعداد الحسين عليه السلام  لأمر مهم للغاية يتطلب قوة وشكيمة وصبراً ومصابرةً، وعزماً وارادةً، ومثابرة. ومن ترضي النبي صلى الله عليه وآله  ابنته فاطمة عليها السلام  بان جبريل يشجع ويؤيد الحسين عليه السلام  دونه، نفهم ان تاييد جبرائيل افضل؛ لأنه بأمر من الله تعالى، حتى نجد ان رسول الله  صلى الله عليه وآله  يستفهم ويقول هل لخلق مثل هذه المنزلة، لكنه  صلى الله عليه وآله  يفصح بصريح العبارة ان هنالك امراً عظيماً وجليلاً شأنه، قد قدره الله تعالى للحسين  عليه السلام  ولا بد من ان يقضيه، يستأهل منا الصبر جميعاً.

وحسب الوقائع التاريخية يرى الباحث ان هذا الامر الجليل الخطر؛ هو ان يضحي الحسين - عليه السلام - بنفسه وأهل بيته وان تسبى عياله من أجل بقاء الإسلام حياً الى يوم القيامة.

النقطة الخامسة:ما هي دلالات ان الإمام الحسين  عليه السلام  محبوب النبي وانه سبط من الاسباط؟

(روى الترمذي بسنده عن يعلى بن مرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسين مني وأنا من حسين، اُحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الاسباط).([100]) (عن ابي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أحب الحسن و الحسين فقد احبني و من أبغضهما فقد أبغضني).([101]) هنا يكشف رسول الله  صلى الله عليه وآله  عن الارتباط الوثيق والعميق بينه  صلى الله عليه وآله  وبين الحسين عليه السلام  وبهذا يشير الى الامة الاسلامية؛ أن الفِتوا انظاركم وتنبهوا بعقولكم بان الحسين عليه السلام  هذا ليس كأحدكم، كما لم اكن كأحدكم.

فمسؤولية وما اُلقي على عاتقه، ليست كمسؤوليتكم، والحسين- عليه السلام - الذي هو من النبي  صلى الله عليه وآله  والنبي صلى الله عليه وآله  منه، والذي أحبَّ اللهُ من أحب حسيناً، وهو السبط: أي الأمة من الخير، بهذا كله يريد رسول الله صلى الله عليه وآله  ان يشير الى سر الله عزّ وجل َّ في الحسين عليه السلام  وان الدين الاسلامي سوف لن يستقيم الا بالحسين عليه السلام  بأن يكون قرباناً و فداءاً بنفسه لدين جده محمد المصطفى  صلى الله عليه وآله ، حيث مضى في طريقة الى الغاية القصوى، والهدف الأسمى، فغاص وسط الجحافل والسهام تسقط عليه كالمطر (وهو يتمثل بقول القائل: ان كان دين محمد لم يستقم... إلا بقتلي يا سيوف خذيني).([102])

فلتسجد الارض خشوعاً؛ لتضحيتك، ولتذرف السماء دماً؛ حزناً لفاجعتك، ولتنحني الجبال والعظماء ركوعاً؛ اجلالاً لثباتك، ولتهتف الناس جميعاً؛ لبيك يا مظلوم، لبيك يا حسين؛ تمسكاً بنهجك.

(وانه جاء في الحديث النبوي المبارك"ان الاسلام محمدي الوجود حسيني البقاء").([103]) فدلالته اللفظية وحسب معطيات الواقع ان:(كل ما عندنا من إسلام ومسلمين بفضل تضحية وبطولة الامام الحسين عليه السلام ، وهذا ما اكده واجمع عليه رواد الفكر وحملة العلم في ارجاء المعمورة، حتى قال رئيس جامع الازهر محمد عبده: لولا الحسين لما بقي لهذا الدين من اثر).([104])

ويقول السيد محسن الامين(1) (لولا قتل الحسين عليه السلام ، ما بقي لهذا الدين من اثر، ولولاه ما ظهر للخاص والعام كفر يزيد والحاده).([105]) فهكذا اقتضت الحكمة الإلهية ان يبقى دين محمد  صلى الله عليه وآله ؛ بتضحية وفداء ولده الحسين- عليه السلام - فان الله عز وجل انما اجرى الامور بأسبابها كما تقتضيه سنته الإلهية في أفاق حياة الانسان من بداياتها وفي سيرها التكاملي الى نهايتها، وهكذا كانت نظرة رسول الله  صلى الله عليه وآله  الى ولده الحسين- عليه السلام - (وانا من حسين)، فحياة النبي  صلى الله عليه وآله  شاء المولى تعالى ان تستمر وان يبقى ذكره- صلى الله عليه وآله - بتضحية الحسين- عليه السلام - بعد أن عزم معاوية وولده يزيد القضاء على الإسلام وهدم اركانه، فلولا تضحية الحسين- عليه السلام - لم يبق من الإسلام الا رسمه.

المطلب الثاني:ما هو السر المكنون في مقتل الامام الحسين – عليه السلام - حتى يخبر الله عز وجل بقتله:-

فقد نزل ملكُ القطر (المطر) وجبريل يخبران عن قتلة، فمن هو الحسين- عليه السلام - حتى يغضب لقتله الله عزّ وجل؟!. سبحانك اللهم وبحمدك، يا معز الاولياء، ويا مذل الجبابرة العتاة والاشقياء، ﴿تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ..﴾.([106]).

مما درج عليه ابناء البشر، الائتلاف والاختلاف، والمحبة والضغينة، بل صار القتل والقتال من سنن الحياة الفطرية دفاعاً عن النفس ومن أجل المصالح المختلفة، فيُقتل في غمار الحروب الالاف ومنهم الأنبياء، فحدثنا القرآن الكريم والتاريخ عن ذلك كثير، لكن لم نُحطْ علماً بان أحداً من اولاد الانبياء او عامة الناس غير الحسين- عليه السلام - قد اهتم بمقتله المولى تبارك و تعالى، حتى بكته السماء دماً.

ففي الصواعق المحرقة: (أن السماء مكثت بعد قتله (الحسين)  عليه السلام  سبعة أيام ترى على الحيطان كأنها ملاحف معصفرة من شدة حمرتها وضربت الكواكب بعضها بعضا.. وقال أبو سعيد ما رفع حجر من الدنيا إلا وجد تحته دم عبيط ولقد مطرت السماء دما بقي أثره في الثياب مدة حتى تقطعت..

وفي رواية أنه مطر كالدم على البيوت والجدر بخراسان والشام والكوفة وأنه لما جيء برأس الحسين إلى دار زياد سالت حيطانها دما.. وأخرج الثعلبي أن السماء بكت وبكاؤها حمرتها.. قال ابن الجوزي وحكمته أن غضبنا يؤثر حمرة الوجه والحق منزه عن الجسمية فأظهر تأثير غضبه على من قتل الحسين بحمرة الأفق إظهارا لعظم الجناية).([107])

وقد اخبر تعالى بقتله (عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال استأذن ملك القطر(المطر) ربه أن يزورني فأذن له وكان في يوم أم سلمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم سلمة احفظي علينا الباب لا يدخل أحد فبينا هي على الباب إذ دخل الحسين فاقتحم فوثب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلثمه ويقبله فقال له الملك أتحبه؟ قال نعم قال إن أمتك ستقتله وإن شئت أريك المكان الذي يقتل به فأراه فجاء بسهلة أو تراب احمر فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها،... وفي رواية الملا وابن أحمد، قالت ثم ناولني كفا من تراب أحمر وقال إن هذا من تربة الأرض التي يقتل بها فمتى صار دما فاعلمي أنه قد قتل.. فوضعته في قارورة.. فأصبته يوم قتل الحسين وقد صار دما... فلما كانت ليلة قتل الحسين سمعت قائلا يقول:

أيها القاتلون جهلا حسينا
قد لعنتم على لسان ابن داود

 

 

أبشروا بالعذاب والتذليل
وموسى وحامل الإنجيل([108])

 

 

فلا عجب أن يهتم الله عز وجل وملائكته بمقتل الحسين - عليه السلام - الزكي اشبه الخلق بالنبي  صلى الله عليه وآله مستعلي المحامد والمفاخر، احرز اعلى المعالي و ابهى المفاخر، كريم الاصل، طيب العرق، حبيب الرسول الاكرم  صلى الله عليه وآله ، سيد شباب اهل الجنة، ضحى بنفسه واولاده واخوته واهل بيته، وسبي عياله؛ من اجل اعلاء كلمة"لا اله الا الله محمداً رسول الله"، وآثر ذلك كله على طاعة الفسقة اللئام، فقد كان عليه السلام ينظر الى اهل بيته وانصاره مجزرين كالأضاحي يسفي عليهم الذاري على رمضاء كربلاء، ولكن بعزة المتفاني في ذات الله، وبكرامة ابي الضيم، كان يخاطب معشوقه فيقول: (اللهم انت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وانت فيما نزل بي ثقة، وانت ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة) ([109]) (ولما اشتد به الحال رفع طرفه الى السماء وقال: صبراً على قضائك يا رب لا اله سواك يا غياث المستغيثين).([110])

المبحث الثالث:مراقبة الامام الحسين عليه السلام  لبدع بني امية

بدأ الثالوث المشؤوم الذي ذكرناه في المبحث الاول!! يتحرك بعد وفاة الرسول الاكرم  صلى الله عليه وآله  حيث كان يتحين الفرص للانقضاض على كل ثوابت الاسلام وانجازاته، فبدأت موجات التشكيك المسيحية واليهودية تعصف على عاصمة الدولة الاسلامية (المدينة المنورة)، وكذلك حركات الرجوع الى الاستئثار بالثروة والمُلك و... لكن هذا الثالوث اجتمع بأوضح صورة في السلطان الاموي وبالأخص في يزيد الفاسق، حيث خلط الكفر بالإسلام، والاستحواذ على اموال المسلمين، والتجاهر بالفساد وشرب الخمر، فان معاوية ويزيد أعاداها وممن تبعهم من الامويين، قيصرية فرعونية كسرويه.

المطلب الاول:الانتكاسة الكبرى وبداية السقوط:-

بعد ان تمكن الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وآله  واهل بيته  عليهم السلام  من ان يصنعوا خير أمة ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه﴾.([111]) لم يرق لبني امية ان يروا راية الايمان تعلوا وان دوحة الاسلام ترتفع وتزهوا، فأخذ الحزب الاموي يستحوذ على جهاز الحكم وادواته، ويتحرك باتجاه يتناقض مع مبادئ الاسلام كليةً، فسعى لإعادة الامة الى الجاهلية الاولى﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾.([112]) فأولاً بدأ بإعادة الفئة التي حاربت الاسلام والتي ابعدها رسول الله  صلى الله عليه وآله  عن مواقعها التي كانت تشغلها سواء كانت اقتصادية او سيادية او اجتماعية، فأعادها الى مواقعها الاولى ومراكزها في السلطة زمن الكفر والجاهلية الاولى، لكن من موقع أقوى، موقع الشرعية والقدسية في نظر المسلمين وهو موقع الخلافة الاسلامية، بل قامت السلطة الاموية بعزل الطبقة المؤمنة الموالية لأهل البيت  عليهم السلام  والتي بُني عليها الاسلام وإبعادها.

وسعى الامويون الى اشاعة الخرافة، والظلم والفساد، بل واستئصال الاسلام من جذوره، فالفضائح والوقائع الى اتسم بها الامويون شاهد على ذلك، باتخاذ الدين والشرع وسيلة لقمع حركات المسلمين المطالبة بتطبيق الاسلام من قِبَل الخلفاء... ولقد اتخذ الامويون، مسألة القدر، أداة لتبرير اعمالهم السيئة فكانوا يُرجعون تسلطهم وشتى انواع العبث والفساد الى القدر، فقد قال ابو هلال العسكري: (وروي أن معاوية أول من زعم أن الله يريد أفعال العباد كلها).([113]) وبمثل هذا أجاب معاوية عبدالله بن عمر، عندما استفسر منه عن تنصيبه يزيد قائلاً:- (إني احذرك أن تشق عصا المسلمين وتسعى في تفريق ملتهم وأن تسفك دماءَهم، وان أمر يزيد قد كان قضاءً من القضاء وليس للعباد خيرةٌ من أمرهم).([114]) وكمَ الحزب الاموي الأفواه، ونال كل من عارض فكرة القدر، القتل والتنكيل كمعبد الجهني وغيلان الدمشقي، حتى سادت هذه الفكرة عند الناس.

فقد روى الخطيب البغدادي، عندما ذكر قصة الخوارج في النهروان لعائشة فقالت:(ما يمنعني ما بيني وبين علي أن أقول الحق سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول: تفترق أمتي على فرقتين تمرق بينهما فرقة محلقون رؤوسهم محفون شواربهم أزرهم إلى أنصاف سوقهم يقرؤون القرآن لا يتجاوز تراقيهم يقتلهم أحبهم إلي وأحبهم إلى الله تعالى قال فقلت يا أم المؤمنين فأنت تعلمين هذا، فلم كان الذي منك!! قالت يا أبا قتادة وكان أمر الله قدراً مقدوراً، وللقدر أسباب).([115])

وقد وضعوا الاحاديث الكاذبة على رسول الله  صلى الله عليه وآله  (دخل الزهري على الوليد بن عبدالملك، فقال له: ما حديث يحدثنا به أهل الشام، أن الله إذا استرعى عبدًا رعيته كتب له الحسنات واسقط عنه السيئات، قال الزهري: باطل يا أمير المؤمنين).([116]) وروج الامويون الباطل، والزنا والخمر وغشيان الامهات، والغناء واللعب بالقرود، وقتلوا الصحابة والصالحين أمثال: حجر بن عدي وميثم التمار ورشيد الهجري و... وتجاهروا بالإلحاد الذي لم يستأصله الاسلام من نفوسهم، الذي كان يظهر على فلتات السنتهم بين الفينة والاخرى، فلننظر الى نزعة الالحاد عند ابي سفيان: (وروي عن الحسن أن أبا سفيان دخل على عثمان حين صارت الخلافة اليه فقال: قد صارت إليك بعد تيم وعدي فأدرها كالكرة واجعل أوتادها بني أمية فإنما هو الملك ولا أدري ما جنة ولا نار فصاح به عثمان قم عني فعل الله بك وفعل، وله أخبار من نحو هذا ردية ذكرها أهل الأخبار لم أذكرها وفي بعضها ما يدل على أنه لم يكن إسلامه سالماً).([117])

(ومر ابو سفيان بقبر حمزة وضربة برجله وقال: يا أبا عمارة إن الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمس، صار في يد غلماننا يتلعبون به).([118]) واما مروان بن الحكم:- قال ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة نقلاً عن شيخه ابي جعفر (فأما مروان بن الحكم فأحقر وأقل من أن يذكر في الصحابة...لأنه كان مجاهرا بالإلحاد، هو وأبوه الحكم بن العاص وهما الطريدان اللعينان، كان أبوه عدو رسول الله  صلى الله عليه وآله ... إلى أن طرده رسول الله  صلى الله عليه وآله  عن المدينة... و أما مروان ابنه، فأخبث عقيدة وأعظم إلحاداً وكفراً).([119])

النقطة الاولى:النزعة الإلحادية عند يزيد بن معاوية:-

كانت النزعة الالحادية عند يزيد من سماته البارزة، وكانت تنفلت على لسانه، وبالأخص في شعره ومواقفة، كقتاله الحسين  عليه السلام  واباحته المدينة المنورة لجند الشام، وضربه الكعبة بالمنجنيق، وهذا يكشف عن عمق النزعة الإلحادية في نفسه، وأفظعها نكثه راس الحسين  عليه السلام  بالخيزران في مجلسه وهو على منظرة بجيرون بعد وقعة الطف.. (فقال ابو برزة الأسلمي، من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتنكث بقضيبك في ثغر الحسين: أما لقد أخذ قضيبك من ثغره مأخذاً!! لربما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرشفه: أما إنك يا يزيد تجيء يوم القيامة وشفيعك ابن زياد).([120]) وانشد يزيد وهو ينكث ثنايا سبط الرسول  صلى الله عليه وآله  بالقضيب.

ليت أشياخي ببدر شهدوا
فأهلوا واستهلوا فرحاً
لست من خندف إن لم انتقم
لعبت هاشم بالملك فلا
قد قتلنا القرم من ساداتهم

 

 

جزع الخزرج من وقع الأسل
ثم قالوا يا يزيد لا تشل([121])
من بني أحمد ما كان فعل
خبر جاء ولا وحيٌ نزل
وعدلناه ببدر فاعتدل([122])

 

 

النقطة الثانية:اتخاذ الامويين مذهب المرجئة أداةً تبريرية لأعمالهم السيئة:-

وتجاهر بنو أمية بالخلاعة والمجون، وتبذير أموال المسلمين، والدعارة والغناء والسكر والاستهتار وكل هذا صار شائعاً في قصور خلفاء بني أمية، (وكان معاوية أول خليفة يدخل الخمر في قصره).([123]) واعتمدوا لتبرير اعمالهم هذه مذهب المرجئة القائل (الايمان قولٌ بلا عمل.. فلو ان احداً ذبح أباه وأمه وأخاه واحرقهم بالنار، أو زني وسرق أو احرق المصاحف أو هدم الكعبة...أو أتى اي كبيرة فان ذلك لا يفسد عليه ايمانه ولا يخرجه منه... وانه اذا اقر بلسانه بالشهادتين انهُ مستكمل الايمان، ايمانه كإيمان جبريل وميكائيل  عليهما السلام  فعل ما فعل وارتكب ما ارتكب مما نهى الله عنه).([124]) وفيما روي عن سعيد ابن جبير قال ﴿المرجئة يهود هذه الاُمة﴾.([125]) لقد اعطى بنو أمية المناصب السامية لأولاد الزنا والفسقة واعداء رسول الله  صلى الله عليه وآله  واهل بيته- عليهم السلام -!! واعتنوا بالمتمردين على احكام الله تعالى!! وقاموا بمصادرة الحريات والاموال.

والامام الحسين عليه السلام ، معدن العز والكرامة، والوفاء منهل الايمان الصادق، امام الامة، المكلف من صاحب الشريعة عز وجل بحمايتها والحفاظ عليها، والدفاع عنها، يرى ويسمع بكل مفردات هذا الانقلاب عن الدين،

والردة الى الجاهلية الاولى، فما عساه الا ان يقف بوجه هذا الانحراف، رافعاً راية جده محمد صلى الله عليه وآله  ليستنقذ الامة من الجهالة وحيرة الضلالة، وليوصد الابواب بوجه هذه الردة الجاهلية، وهو يعلم ان ذلك سيكلفه سفك دمه ودم اهل بيته.

المطلب الثاني:شهادات وشواهد تاريخية:- ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا﴾".([126])

  1. انساب الاشراف:

(كان يزيد بن معاوية أول من أظهر شرب الشراب والاستهتار بالغناء والصيد واتخاذ القيان والغلمان والتفكه بما يضحك منه المترفون من القرود والمعاقرة بالكلاب والديكة ثم جرى على يده قتل الحسين، وقتل أهل الحرة، ورمي البيت وإحراقه، وكان مع هذا صحيح العقدة(هكذا في المصدر، ولعل المراد صحيح العقيدة) فيما يرى، ماضي العزيمة لا يهم بشيءٍ إلا ركبه).([127])

  1. ثورة الحسين:

(ونشأة يزيد المسيحية، او القريبة من المسيحية، جعلته أضعف ما يكون صلة بالعقيدة التي يريد أن يحكم الناس باسمها أعني الاسلام، وحياة التحلل التي عاشها قبل أن يلي الحكم والانسياق مع العاطفة، وتلبية كل رغباته، كل ذلك جعله عاجزاً عن التظاهر بالورع والتقوى، والتلبُس بلباس الدين بعد أن حكم المسلمين...ومن ثم سيقبل الناس بلا تردد تبرير الحسين وأنصاره لثورتهم بحماية الدين، وإنقاذ المسلمين من جور الأمويين).([128])

  1. الفخري في الآداب السلطانية:

(وكان يزيد بن معاوية أشد الناس كلفاً بالصيد لا يزال لاهياً به، وكان يُلبس كلاب الصيد الأساور من الذهب والجلال المنسوجة منه، ويهب لكل كلب عبداً يخدمه).([129])

  1. الفخري في الآداب السلطانية:

(ثم ملك بعدهُ ابنهُ يزيد، كان موفر الرغبة في اللهو والقنص والخمر والنساء... كانت ولايته على أصح القولين ثلاث سنين وستة أشهر. ففي السنة الأولى قتل الحسين بن علي، عليهما السلام، وفي السنة الثانية نهب المدينة وأباحها ثلاثة أيام، وفي السنة الثالثة غزا الكعبة).([130])

  1. مروج الذهب:

(فسوق يزيد وعماله: وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وكلاب وقُرُود وفهود ومنادمة على الشراب، وجلس ذات يوم على شرابه، وعن يمينه ابن زياد، وذلك بعد قتل الحسين، فأقبل على ساقيه فقال:

اسْقِنِي شَرْبَةً تُرَوِّي مًشَاشِي
صاحب السرّ والأمانة عِنْدِي

 

 

ثم مِلْ فاسق مثلها ابن زياد
ولتسديد مغنمي وجهادي

 

 

ثم أمر المغنين فغنوا به، وغلب على أصحاب يزيد وعماله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستعملت الملاهي، وأظهر الناس شرب الشراب).([131])

  1. تاريخ الخلفاء:

(وفي سنة ثلاث وستين كانت وقعة الحرة على باب طيبة ما كاد ينجو منهم أحد.. ونهبت المدينة وافتض فيها ألف عذراء، وكان سبب خلع أهل المدينة له أن يزيد أسرف في المعاصي وأخرج الواقدي من طرق أن عبد الله بن حنظلة بن الغسيل قال: والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء إنه رجل ينكح أمهات الأولاد والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة).([132])

  1. مروج الذهب:

(أن الوليد ألحد في شِعْرٍ له:

تلعبَ بالخلافة هاشمي
فقل للَهِ يمنعني طعامي

 

 

بلا وَحْيٍ أتاه ولا كتاب
وقل للهِ يمنعني شرابي!! ([133])

 

 

المطلب الثالث: موقف الامام الحسين  عليه السلام  من ارهاصات الردة"

ان موقفه  عليه السلام  هو موقف القرآن الكريم ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾.([134]) ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾.([135]) وموقف جده رسول الله  صلى الله عليه وآله  [من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع أن يغيره بيده فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان].([136])

لقد كاد الانحراف في الامة ان يكون ديناً زمن يزيد والامام الحسين  عليه السلام  المُكلف بحماية الشريعة، يراقب ما يحاك لأمة جده  صلى الله عليه وآله  من استئصال للقيم والمبادئ الاساسية، وقتل وتشريد وابعاد للذين اقاموا صرح الدين الاسلامي بجهودهم المضنية ودمائهم الزكية وجراحاتهم التي لم تندمل بعد...وهو عليه السلام  الذي اجتمع له من صفات الكمال، ومحمود الشمائل والخلال، وسناء ورفعة الحسب وكريم الشرف، مع طهارة الفطرة النقية، والنفس الراضية المرضية، ما لم يتهيأ لغيره من افذاذ ورؤوس الرجال، فقد تحدر من اكرم واشرف المناسب، وانتهى الى أطيب الاعراق.

فأبوه علي  عليه السلام  لم يسجد لصنم، اول الناس اسلاماً، امير المؤمنين، يعسوب الدين، اخي رسول رب العالمين، وجده ابو طالب عظيم المشيخة من قريش، حامي رسول الله  صلى الله عليه وآله  وفاديه، وجده عبد المطلب، أمير مكة المكرمة وسيد البطحاء، من هامات بني هاشم واعيانهم، وجده الاقرب محمد صلى الله عليه وآله  حبيب رب العالمين، وهو ابن الرسالة يفقه قوله حين يروي عن جده  صلى الله عليه وآله  (من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله إن يدخله مدخله).([137])

ولهذا نجده  عليه السلام  حين واجه هذه المأساة المُحدقة بأمة جده  صلى الله عليه وآله ؛ وهو سر الله تعالى المذخور لهذا اليوم لاستنهاض الأمة وكسر حاجز الخوف الذي هيمن عليها بسبب طغيان وظلم بني أمية، قد علم بدرايته  عليه السلام  ان الكلمة والخطابة لا تنفع، صمم  عليه السلام  على ان يكون الناطق والخطيب الذي يهز ويقوض عرش بني أمية؛ ويوقظ الضمائر الحرة هو الدم وخاصة اذا كان مثل دمه الطاهر:

هذي دماك على فمي تتكلم
 

 

ماذا يقول النطق اذا نطق الدم
 

 

فعزم بروح مطمئنة، كأن القتل عندها اطيب من رقدة الوسنان، وألذ وأهنئ من شربة الظمآن، فخفت في ابحر الأفكار وسبحت في لججها الغامرة وعند أمواجها المتلاطمة، مستجيبة لأمر بارئها، ويظهر هذا حين قال  عليه السلام  للوليد بن عتبة، عامل يزيد على المدينة لما دعاه الى مبايعة يزيد (أيها الامير! أنت تعلم انّا اهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرحمة وبنا فتح الله وبنا ختم، و يزيد رجل فاسق شارب للخمر قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون وننتظر وتنتظرون أينا أحق بالخلافة والبيعة).([138]) فكان  عليه السلام  طبيباً حاذقاً شخص مرض بني أمية فهم غدة سرطانية في جسم الامة الاسلامية لا علاج لها الا الكي والاستئصال.

وهنا يشير صاحب تفسير المنار، الى موقف الامام الحسين  عليه السلام  هذا بقوله (إِذَا وُجِدَ فِي الدُّنْيَا حُكُومَةٌ عَادِلَةٌ تُقِيمُ الشَّرْعَ وَحُكُومَةٌ جَائِرَةٌ تُعَطِّلُهُ، وَجَبَ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ نَصْرُ الْأُولَى مَا اسْتَطَاعَ.. ثم قال، وَمِنْ هَذَا الْبَابِ خُرُوجُ الْإِمَامِ الْحُسَيْنِ سِبْطِ الرَّسُولِ  صلى الله عليه وآله عَلَى إِمَامِ الْجَوْرِ وَالْبَغْيِ الَّذِي وَلِيَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ بِالْقُوَّةِ وَالْمَكْرِ، يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ خَذَلَهُ اللهُ وَخَذَلَ مَنِ انْتَصَرَ لَهُ مِنَ الْكَرَّامِيَّةِ وَالنَّوَاصِبِ).([139])

وقال الاستاذ عباس محمود العقاد: (إن مسألة العقيدة في نفس الحسين لم تكن مسألة مزاج أو مساومة، وأنه كان رجلا يؤمن أقوى الايمان بأحكام الإسلام ويعتقد أشد الاعتقاد أن تعطيل حدود الدين هو اكبر بلاء يحيق به، وبأهله وبالأمة قاطبة في حاضرها و مستقبلها).([140])

فقراءة الأمام الحسين  عليه السلام  للأوضاع تتضح حينما قال له مروان (إني آمرك ببيعة يزيد أمير المؤمنين فانه خير لك في دينك ودنياك. فقال الحسين  عليه السلام : إنا لله و إنّا اليه راجعون، وعلى الإسلام السلام، إذ قد بُليت الأمة براع مثل يزيد، ولقد سمعت جدي رسول الله  صلى الله عليه وآله  يقول:[الخلافة محرمة على آل أبي سفيان].([141])

وكتب يزيد الى عتبة بن ابي سفيان كتاب، ومما فيه (...وليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي فبلغ ذلك الحسين، فهم بالخروج من ارض الحجاز الى ارض العراق، فلما اقبل الليل راح الى مسجد النبي  صلى الله عليه وآله  ليودع القبر فلما وصل...فقام يصلي فأطال فنعس وهو ساجد فجاءه النبي  صلى الله عليه وآله  وهو في منامه فأخذ الحسين  عليه السلام  وضمه الى صدره وجعل يُقبل عينيه ويقول بأبي أنت!! كأني اراك مُرملاً بدمك بين عصابة من هذه الامة يرجون شفاعتي مالهم عند الله من خلاق، يا بني إنك قادم على أبيك وامك واخيك وهم مشتاقون إليك وان لك في الجنة درجات لا تنالها الا بالشهادة).([142])

فهذه البشارة من جده الاعظم  صلى الله عليه وآله  والتي اخبرته بها سابقاً ام سلمه بانه مقتول في كربلاء؛ يكمن وراءها سرٌ إلاهي عظيم سيتضح بنتائج ومعطيات شهادته وما سيؤول بعدها من فضح وكشف خيوط الردة الجاهلية التي تبناها آل ابي سفيان، ومن ان شجرة الاسلام الباسقة تحتاج الى سقاء يرويها دم الحسين  عليه السلام  ريحانة رسول الله؛ به سيهتز ويصحو ضمير الامة، ويوقظها من غفلتها، ويبصرها في كيد يزيد بها وبالدين، ومن تقويض حكم بني أمية وحصول الثورات ضد حكمهم، وبعد خروجه من المسجد جمع عياله واهل بيته وساربهم نحو العراق، وكتب كتاباً [بسم الله الرحمن الرحيم من الحسين بن علي الى بني هاشم، أما بعد فأنه من لحق بي منكم استشهد ومن تخلف لم يدرك الفتح، والسلام].([143])

النقطة الاولى:دوافع الامام الحسين  عليه السلام  واهدافه من الثورة:-

1- إقامة الحكومة الاسلامية والتي هي هدف جده  صلى الله عليه وآله  وجميع الانبياء  عليهم السلام .

2- إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث قال  عليه السلام  (وأني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما؛ وإنما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي، اريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر).([144])

3- إعادة الاحكام والسنة التي محقها يزيد وأبوه: (أخرج الواقدي من طرق أن عبد الله بن حنظلة بن الغسيل قال: و الله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن يرمى بالحجارة من السماء! إنه رجل ينكح أمهات الأولاد و البنات و الأخوات و يشرب الخمر و يدع الصلاة).([145])

4- الحفاظ على الوجود الاسلامي حيث أخذ الامويون القضاء عليه بقتل ابنائه.

النقطة الثانية:الامام الحسين  عليه السلام  يفي بعهده لله عز وجل في ارض كربلاء:-

كانت جماعة الحسين  عليه السلام  قليلة مقابل فئة كبيرة، لكن جسّدّ الإمام الحسين  عليه السلام  واصحابه في كربلاء دروساً وعبر، وملاحم البطولة والإباء والفداء والخُلُق العظيم وسمو النفس وتعالي الهمه، والذوبان في ذات الله تعالى وتقبلهم للموت المحتوم وكأنه أحلى من الشهد، وفداء الاصحاب لإمامهم  عليه السلام  وتسابقهم نحو سوح الجهاد، حتى الصغير منهم ومن لم يبلغ الحلم، كل هذا كان سمة عسكر الحسين  عليه السلام ، ففيه الاريحية والصدق وخلوص النية وصدق الايمان وعفة النفس وحب القائد، والمعرفة بالدين وبالرسول وابنائه، لذاك كان النزال بين معسكرين، الاول هذه سماته وصفاته وشمائله، اما معسكر بني أميه، فكان يسوقهم الطمع الدنيوي الرخيص، فقد باعوا دينهم بثمن بخس، بعطاءٍ موعود، فعمر بن سعد وُعِد بولاية الري مقابل قتله الحسين ولم يصبها، فكانوا يحاربون امامهم الذي دعوه ومنَّوه بالقدوم الى كربلاء، فلم يكن منهم من يظهر الكفر علناً، فحاربوا دينهم وما يؤمنون به من أجل بطونهم، لذاك كانت سماتهم سمات الشامت المنتقم من نفسه وذاته المؤنب لها بارتكاب ما لا يصح و لا يؤمن به، والا فما مضى قتلهم الطفل الرضيع، وحرقهم الخيام وقطعهم الرؤوس وحرمانهم الحسين واهل بيته من الماء، وما معنى ان يدوسوا جسد الحسين بالخيول!! الا ان يكونوا في نفوسهم قد اقروا بذنبهم، وخسة فعلهم؛ فأرادوا ان يُوغلوا في الجريمة معاكسة لضمائرهم ومحاربة لذواتهم، التي لا تؤمن بفعل شنيع واحد مما فعلوه، وهم يرون ان الامام الحسين  عليه السلام  الذي دعوه لينصروه، يعرفهم نفسه، انا ابن بنت رسول الله انا سبط رسول الله، ويخاطبهم بلسان الهادي المرشد، ويبكي عليهم لانهم سيدخلون النار بسبب قتله.

ومشكلتنا اليوم كما كانت زمن يزيد المغالطة وخلط الاوراق، فالحزب المعاوي، كما قال يزيد للحسين اما تُبايعني أو تقتل، وابيّ الضيم عليه السلام ، يعرف ان مبايعته يزيد تعني اقراره على شربه الخمر، واقرار معاوية على سب الأمام علي عليه السلام . لكن الحسين عليه السلام  يعلم ان في شهادته سر إلهي يكمن في بقاء الإسلام المحمدي الاصيل حيا طرياً، وهو القائل:-

سأمضي فما بالموت عار على الفتي
 

 

اذا ما نوى حقاً وجاهد مسلما([146])
 

 

وبقي بشهادته عليه السلام  مذهب أهل البيت عليهم السلام ، رافعاً راية الحسين  عليه السلام  مجاهداً الظلم والطغيان، رافضاً الذل والخنوع والخضوع، فانظر الى عبدة الاستكبار والطواغيت والعمالة والتذلل لقوى الكفر العالمي اليوم، والتخريب والقتل للمسلمين لا يصدر الا من ابناء الجهة الاخرى اتباع يزيد ومريديه، فما قدر وقيمة الملايين ممن يُسَمون انفسهم مسلمين اليوم، وهم اخلص من المستكبرين الكفرة والصهاينة الى انفسهم!! وبالمقابل تراهم يعادون شيعة أهل البيت  عليهم السلام !! الذين يرفعون راية الحسين  عليه السلام  المعادية للاستكبار العالمي و للصهاينة الغاصبين لأولى القبلتين.

النقطة الثالثة:من هو المنتصر؟ الحسين ام اصحاب الردة الجاهلية؟:-

النصر لا يقاس عند ذوي المبادئ والقيم السماوية بالنصر المادي، بقتل العدو واحتلال الارض وبالغنائم، وانما يقاس بالنتائج المستقبلية، فالفتح الذي عناه الحسين  عليه السلام  في رسالته لبني هاشم قد تحقق على ارض الواقع من خلال شواهد:

1- زوال دولة بني امية بعد شهادة الامام الحسين  عليه السلام  فلم تَدُم بعده الا اقل من ستين سنة.

2- اعتراف الأمة وحتى الذين قاتلوا الحسين  عليه السلام  بأحقية الحسين عليه السلام ؛ لذلك حدثت ثورات التوابين وثورة المختار و المدينة و...فقد استيقظ ضمير الامة، وعرفوا مثالب بني امية ودجلهم وحربهم للإسلام.

3- انتقم الله عز اسمه من كل الذين قتلوا الحسين فلم يبقَ منهم أحد الا قتل.

4- والاهم من كل ذلك تحققت اكثر اهداف الامام الحسين  عليه السلام ، فقد ثار السيد الامام الخميني (1) رافعاً راية جده الحسين  عليه السلام  وحقق النصر واسس لأقوى دولة للشيعة (الجمهورية الاسلامية الايرانية) ترفع راية الحسين شعاراً لها، وتقف شامخة بوجه عنجهية ودجل الحزب الاموي، فقد قال الامام الخميني (1): (محرم وصفر هما اللذان حفظا الاسلام حياً).([147])

5- الشهادة جانب اغراء لم يعرف مقامها الا الله والشهداء، فبالشهادة قد يحصل الفتح الذي هو اعم من النصر المادي فالحسين  عليه السلام  لم يكن منتصراً مادياً بل كان فاتحاً، بانتصار اهدافه ولو بعد حين، فلم يُعبر عن واحدة من معارك الرسول  صلى الله عليه وآله  بالفتح، بينما عبر القرآن الكريم عن غزوة مكة بالفتح، وان لم يحصل بها قتال ﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾.([148]) ولم يحصل لقتيل الفتح الا للحسين  عليه السلام : [دخل زين العابدين المدينة باهله وعياله، وجاء اليه ابراهيم بن طلحة ابن عبيد الله وقال: من الغالب؟ فقال عليه السلام: اذا دخل وقت الصلاة فأذِّن وأقم تعرف الغالب].([149])

فان يزيد سعى لإطفاء نور الله تعالى، وابوه سعى لنقض مساعي رسول الله  صلى الله عليه وآله  واماتت الشهادة له بالرسالة الواجبة في الصلاة اليومية، فهو  صلى الله عليه وآله  قد هدم اركان الشرك وابطل عبادة الاصنام.

6- ببركة دم الحسين  عليه السلام  واشعاعاته، نشاهد الملايين من الناس يتمسكون بنهج الحسين  عليه السلام  ففي زيارة الاربعينية وكما قيل هذا اليوم 20 / صفر/ 1436هـ، ان عدد الزوار بلغ عشرون مليون زائر، وان عدة ملايين منهم من خارج العراق، وشارك حتى غير المسلمين...وتزايد عدداً وتعاظم فكراً منبر رسول الله  صلى الله عليه وآله  باسم الحسين  عليه السلام  يدعو الى الاسلام ومبادئه وقيمه السامية، وتزداد مواضيعه تألقاً وابداعاً وتجدداً وسعةً ودقة، في البحث والمسألة المعرفية، بل نلاحظ جلياً التطور العظيم في المادة البحثية، وتعدد المشكلة البحثية، وتنوع اتجاه فرضيات البحث، والاختلاف في نمط ومنهجية المادة والمسألة المبحوثة. واهداف الجميع هو تنوير اذهان ابناء الامة الإسلامية الغافل بعضها عن معرفة الاسلام والحسين واهدافه.

وما هذا العطاء العظيم؛ الا ببركة دم الحسين  عليه السلام  لأنه اندك في ذات الله تعالى، ففي اليوم العاشر يرفع يديه  عليه السلام  فيقول [اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت فيما نزل بي ثقة، وأنت ولي كل نعمة، وصاحب كل حسنة].([150])

7- شعار يا حسين اصبح اليوم يقض مضاجع الطغاة والجبابرة، وغدا انشودة تتغنى بها حناجر الملايين من الثوار والمطالبين بحقوقهم في ارجاء المعمورة.

نتائج البحث:

1- الانسانية اليوم في سعادتها وعزتها بحاجة الى الاقتداء بمبادئ وقيم واخلاق وإباء الامام الحسين عليه السلام .

2- ان عداء بني أمية لرسول الله صلى الله عليه وآله  واهل بيته عليهم السلام  كان من بداية الدعوة الاسلامية المباركة، واستمر الى اليوم باتباع مدرسة معاوية.

3- ان المشكلة اليوم عند اتباع بني أمية، انهم لا يتبعون ما قاله النبي  صلى الله عليه وآله  والعلماء السابقون بحق بني أمية بل يغضون الطرف عن مثالب الصحابة والحكام اجمع، ويرفضون اكثر فضائل أهل البيت  عليهم السلام .

4- اتباع بني أمية، تزكي قاتل الصحابي من أهل البيت عليهم السلام  ومحبيهم، ومَن سب علياً عليه السلام تجعل له اجراً!! بينما تحكم بالكفر على من يسب الصحابي من غيرهم.

5- ان سبب عداء بني أمية للإسلام وأهله، أنهم بقوا متمسكين مدافعين عن مبادئ ومعتقدات الجاهلية الاولى.

6- في الحسين  عليه السلام  اسرار لله عز وجل، في ولادته ورضاعته وشهادته، وكشفه عداء بني أمية للإسلام، وتوسل أدم  عليه السلام  بالحسين  عليه السلام ، وجبرائيل وملك القطر  عليهما السلام  يخبران بقتله.

7- انتصر الاسلام بجهاد النبي  صلى الله عليه وآله  واهل بيته  عليهم السلام ، وبموت النبي  صلى الله عليه وآله  حصلت الانتكاسة!! وتسلط بنو أمية، وحاربوا الاسلام باسم الاسلام!! وجعلوا الحكومة قيصرية كسرويه فرعونية جاهلية.

8- كان موقف الحسين  عليه السلام  من الجاهلية الاموية، كموقف جده  صلى الله عليه وآله  من الجاهلية الاولى، فقد خرج عليهم بالسيف، حيث علم أن الكلمة لم تعد تنفع.

9- كان الفتح العظيم بشهادة الحسين  عليه السلام  فقد قوض دمه المسفوح بكربلاء، عرش بني أمية وكشف للامة كفر وفسق آل ابي سفيان، وأنار دمه الطاهر درب الثوار، فثار المختار وثارت الكوفة والمدينة والموصل ومكة و.

10- اليوم، غدا اسم الحسين  عليه السلام  انشودة يتغنى بها الملايين من المظلومين والمستضعفين في العالم من المسلمين وغير المسلمين، بينما تنطلق اللعنات على اعدائه وقاتليه.

المصادر والمراجع:

1- القرآن الكريم، كتاب الله المجيد.

حرف الالف

2- الاحكام الشرعية الكبرى، ابو محمد عبد الحق الاشبيلي، 510هـ ــ 581هـ، تحقيق ابو عبد الله حسين بن عكاشة، مكتبة الرشيد، الرياض ــ السعودية،1422هـ ــ 2001م.

3- الامام السجاد جهاد وامجاد، د ــ حسين الحاج حسن.

4- أبو الشهداء الحسين بن علي، عباس محمود العقاد، ط2، انتشارات الشريف الرضي، ايران، 1413.

5- احياء معرفة الرجال (رجال الكشي)، ابي جعفر الطوسي، تصحيح وتعليق ميرداماد الاسترآبادي، تحقيق مهدي الرجائي، مؤسسة آل البيت ــ ع ــ قم ــ ايران، 1404هـ.

6- الأصول العامة للفقه المقارن، محمد تقي الحكيم، ط2، المجمع العالمي لأهل البيت- عليهم السلام - قم، ايران، 1418 – 1997.

7- الأنصاف في حقيقة الأولياء وما لهم من الكرامات والألطاف، الامير محمد بن اسماعيل الصنعاني، تحقيق عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر.

8- الإصابة في معرفة الصحابة، ابن حجر العسقلاني، (مكتبة اهل البيت عليهم السلام / موقع الوراق).

9- ابصار العين في انصار الحسين- عليه السلام - محمد بن طاهر السماوي، تحقيق محمد جعفر الطيبي، ط1، مركز الدراسات الاسلامية لممثلة الولي الفقيه في حرس الثورة الاسلامية، 1419.

10- الامامة و السياسة، ابن قتيبة الدينوري، ط1، انتشارات الشريف الرضي، قم – ايران، 1413.

11- الاوائل للعسكري.

12- الاستشراق وموقفه من السنة، أ – د فالح بن محمد بن فالح الصغير.

13- الاستيعاب في معرفة الاصحاب، يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري.

14- اكسير العبادات في اسرار الشهادات، آغا بن عابد الشيرواني الحائري (الفاضل الدربندي) ت 1285، ط 1، شركة المصطفى للخدمات الثقافية،المنامة – البحرين.

15- أمالي الصدوق، ابي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بأبويه القمي، ت 381، ط 5، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت– لبنان 1400- 1980.

16- انساب الاشراف، البلاذري.

حرف الباء

17- بحار الانوار، محمد باقر المجلسي، ط2، مؤسسة الوفاء، بيروت – لبنان، 1403- 1983.

18- بحوث في الملل والنحل، ط1، جعفر سبحاني، لجنة ادارة الحوزة العلمية بقم المقدسة.

حرف التاء

19- تاريخ بغداد، أحمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان.

20- التفهيم لشتى المعارف والمعاني، خليل قدُسي مهر، فدائيان أهل البيت  عليهم السلام ، ط1، 1424.

21- تزكية النفس، السيد كاظم الحسيني الحائري.

22- تاريخ دمشق، الحافظ ابي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبدالله الشافعي المعروف بابن عساكر، 499-571، دار الفكر للطباع والنشر والتوزيع.

23- تاريخ الطبري، محمد بن جرير الطبري ابو جعفر، ط1، دار الكتب العلمية، بيروت، 1407.

24- تاريخ أبي الفداء، الملك المؤيد اسماعيل بن أبي الفداء.

25- تاريخ اليعقوبي، احمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب، الكاتب العباسي المعروف باليعقوبي، ط1، تحقيق عبد الامير مهنا، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت – لبنان، 1413هـ.

26- تأملات في زيارة وارث الانبياء، محمد مهدي الآصفي، ط 1، مركز دراسات نهضة الامام الحسين  عليه السلام  قم.

27- تاريخ الخلفاء، جلال الدين عبد الرحمن بن ابي بكر السيوطي، ت 911هـ، تحقيق محمد محي الدين، دار الجيل، بيروت، 1408هـ ــ 1988م.

28- تفسير القرآن الكريم (تفسير المنار)، محمد رشيد بن علي رضا، ت 1354هـ،الهيئة المصرية العامة للكتاب.

حرف الثاء

29- ثورة الحسين ظروفها الاجتماعية وآثارها الانسانية، ط 5، محمد مهدي شمس الدين، دار التعارف للمطبوعات، بيروت – لبنان،1398- 1978.

حرف الجيم

30- جامع الاحاديث، جلال الدين عبد الرحمن بن ابي بكر السيوطي، ت 911هـ.

حرف الحاء

31- حلية الاولياء، احمد بن عبد الله بن احمد بن اسحاق الاصبهاني، ط4، دار الكتاب العربي، بيرت – لبنان، 1405 هـ.

32- الحسين ريحانة النبي بطل الاسلام الخالد، كمال معاش.

33- حلية الابرار في فضائل محمد واله الأطهار عليهم السلام ، هاشم البحراني، ت 1107 – 1109، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت – لبنان.

حرف الخاء

34- الخصائص الحسينية، جعفر التستري، حرره وحققه السيد جعفر الحسيني، اعداد مركز الأبحاث العقائدية.

حرف الدال

35- الدر المنثور في التأويل بالمأثور، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي، 849 – 911، 1445ه.

حرف الذال

36- ذخائر العقبى، محب الدين احمد بن عبدالله الطبري، القاهرة – مصر، 1356.

حرف الراء

37- ربيع الأبرار، الزمخشري.

حرف السين

38- سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، محمد بن يوسف الصالحي الشامي، ت 942.

39- سنن الترمذي، محمد بن عيسى بن سَوْرهَ بن موسى الترمذي، 209 – 279، وزارة الأوقاف المصرية.

40- سيرة النبي  صلى الله عليه وآله  لابن هشام أبي محمد عبد الملك ابن هشام، ت 218، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، دار الفكر.

41- سير اعلام النبلاء، شمس الدين محمد بن احمد بن عثمان الذهبي، ت 748هـ- 1374م، ط9، تحقيق شعيب الارنؤطي و- حسين الاسد، مؤسسة الرسالة، بيروت- لبنان، 1413- 1993.

حرف الشين

42- شرح نهج البلاغة، عز الدين أبي حامد عبد الحميد بن هبة الله، ابن أبي الحديد المعتزلي 586 – 656.

43- شعب الايمان، احمد بن الحسين الخراساني، ابو بكر البيهقي، ت 458هـ، حققه، د ــ عبد العلي عبد الحميد حامد، ط1، مكتبة الرشيد للنشر والتوزيع بالرياض، 1423هـ ــ 2003م.

44- شجرة طوبى، محمد مهدي الحائري المازندراني، ط2، منشورات الشريف الرضي، قم، 1408.

45- الشريعة للآجري، محمد بن الحسن بن عبدالله، أبوبكر الآجري البغدادي، 360، مؤسسة قرطبة، 1 417 – 1996.

46- شهداء الإسلام في عصر الرسالة، د- ابراهيم أيتي، ط1، مجمع البحوث الإسلامية، 1413 – 1993، بيروت – لبنان، 1413- 1993.

حرف الصاد

47- صحيح مسلم، مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري، دار الجيل بيروت، و- دار الآفاق الجديدة، بيروت.

48- الصواعق المحرقة، أحمد بن حجر الميثمي المكي، ت 899 – 974، ط2، مكتبة القاهرة،1385 – 1965.

49- صحيح ابن حبان، محمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ التميمي، 354 – 965.

50- صحيح البخاري، محمد بن اسماعيل بن ابراهيم بن المغيرة البخاري.

حرف العين

51- علي  عليه السلام  من المهد الى اللحد، محمد كاظم القزويني.

52- العقد الفريد، ابن عبد ربه الاندلسي.

53- العوالم، الامام الحسين  عليه السلام ، الشيخ عبدالله البحراني.

حرف الغين

54- غزوات، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب  عليه السلام ، جعفر نقدي، ط1، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت – لبنان، ت 1413ــ 1992.

55- غاية المقصد في زوائد المسند، للحافظ علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي المصري القاهرة، ت 807.

حرف الفاء

56- الفصول المهمة في معرفة احوال الائمة  عليهم السلام ، علي بن محمد ابن احمد المالكي (ابن الصباغ) ت855هـ، ط1، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات،بيروت ــ لبنان، 1408هـ- 1988م.

57- فضائل الخمسة من الصحاح الستة، مرتضى الحسيني الفيروز آبادي، ط4، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت – لبنان، 1402- 1982.

58- فضائل الصحابة، احمد بن حنبل أبو عبدالله الشيباني، 664 – 241، ط1، تحقيق: د- وصي الله محمد عباس، مؤسسة الرسالة – بيروت، 1403- 1983.

59- الفخري في الآداب السلطانية، ابن الطقطقي.

حرف الكاف

60- الكامل في التاريخ، علي بن ابي الكرم محمد بن محمد الشيباني المعروف بابن الأثير، ت 630هـ، ط3، در الكتب العلمية، بيروت ــ لبنان، 1418هـ- 1998 م.

61- كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، علي بن حسام الدين المتقي الهندي، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1989.

62- كلمات الامام الحسين  عليه السلام ، محمود الشريفي، ط3،معهد تحقيقات باقر العلوم عليه السلام ، منظمة الاعلام الاسلامي، دار المعروف، قم، 1416- 1995.

حرف الميم

63- المجالس السنية في مناقب ومصائب العترة النبوية، محسن عبد الكريم الامين الحسيني العاملي، ط3، انتشارات الشريف الرضي، قم ـــ ايران، 1415هـ.

64- المعجم الكبير، سليمان بن احمد بن ايوب ابو القاسم الطبراني، ط2، تحقيق حمد بن عبد المجيد السلفي، مكتبة العلوم والحكم، الموصل، 1404-1983.

65- مسند احمد بن حنبل، أحمد بن حنبل أبو عبدالله الشيباني، مؤسسة قرطبة – القاهرة

66- مختصر الفتاوي المصرية، بدر الدين أبي عبدالله بن محمد بن علي الخبلي البعلي.

67- منهاج البراعة في شر نهج البلاغة خوئي مير حبيب الله بن السيد محمد ابن هاشم،1261هـ- 1324م.

68- المسترشد، محمد بن جرير الطبري، تحقيق أحمد المحمودي.

69- مروج الذهب، علي بن الحسين بن علي المسعودي،ت 346هـ، دار الاندلس للطباعة والنشر، بيروت- لبنان.

70- المختصر في أخبار البشر، ابو الفداء / مكتبة اهل البيت عليهم السلام .

71- موسوعة اطراف الحديث، القسم: كتب التخريج/ مكتبة اهل البيت  عليهم السلام .

72- مغازي الواقدي، ابو عبدالله محمد بن عمر بن واقد الواقدي، ت 207.

73- المجازات النبوية، الشريف الرضي، 406هـ- 1015م، تحقيق وشرح د – طه محمد الزيني،منشوورات مكتبة بصيرتي، قم – ايران.

74- المنتظم في تاريخ الملوك والامم، عبد الرحمن بن علي بن الجوزي.

75- مقتل الحسين، للخوارزمي.

76- مقاتل الطالبيين، أبو الفرج الاصفهاني، 284 – 356، ط 2، المكتبة الحيدرية ومطبعتها في النجف الاشرف، 1385 – 1965.

77- معالي السبطين في احوال الحسن والحسين  عليهما السلام ، محمد مهدي الحائري، ط 1، انتشارات الشريف الرضي.

78- مقتل الحسين  عليه السلام ،عبد الرزاق الموسوي المقرم، ط 5، دار الكتاب الاسلامي، بيروت – لبنان، 1399-1979.

حرف النون

79- نهضة عاشوراء: روح الله بن مصطفى الخميني(1).

80- نهج الحق وكشف الصدق، الحسن بن يوسف المطهر الحلي.

81- نهج البلاغة، الدكتور صبحي الصالح، ط3، دار الكتاب المصري – القاهرة، دار الكتاب اللبناني – بيروت، 1411- 1991.

82- نهج البلاغة، شرح الاستاذ الأمام الشيخ محمد عبده، دار المعرفة للطباعة والنشر – بيروت – لبنان.

حرف الواو

83- وقعة الطف، ابي مخنف لوط بن يحيى الأزدي الغامدي الكوفي، ت 158، ط 1، مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، 1367.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1] - الانشقاق: 84،6.

 [2]- التفهيم لشتى المعارف والمعاني/ خليل قدسي مهر:326.

[3] - تاريخ بغداد/ الخطيب البغدادي:1، 259.

[4] - سنن الترمذي/ محمد بن عيسى الترمذي: 5، 658.

[5] - الصواعق المحرقة/ احمد بن حجر الهيثمي: 192.

[6] - المجالس السنية/ محسن الامين: 4، 254.

[7] - الصواعق المحرقة / 193.

[8] - حلية الابرار في فضائل محمد واله الاطهار/ 1، 600.

 - [9]التوبة: 9، 128.

[10] - حلية الاولياء/ احمد بن عبد الله الاصبهاني: 6، 20.

[11] - التكوير: 81،8- 9.

[12] - نهج البلاغة/ شرح محمد عبده: 1، 63.

[13]- الاخلاص: 112،4.

[14] - النساء: 4، 59.

[15] - يوسف: 12، 39- 40.

[16] - النجم:53، 39.

[17] - البقرة:2، 286.

[18] - التوبة: 9، 128.

[19] - الحجرات: 49، 13.

[20] - مغازي الواقدي:1، 359.

[21] - بحار الانوار/ العلامة المجلسي:21، 405.

[22] - المجازات النبوية / الشريف الرضي: 1، 138.

[23] - المسترشد/ محمد بن جرير الطبري: 1، 270.

[24] - سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد/ محمد بن يوسف الصالحي: 8، 443.

[25] - الانفال: 8، 7.

[26] - شهداء الاسلام / ابراهيم آيتي: 49.

[27] - الحج: 22، 19.

[28] - الحج: 22، 23-24.

[29] - الدر المنثور في التأويل بالمأثور / جلال الدين السيوطي:7، 129-130.

[30] - غزوات امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام  / جعفر نقدي: 105.

[31] - المنتظم في تاريخ الملوك والامم / عبد الرحمن بن علي بن الجوزي: 2-199.

[32] - تاريخ اليعقوبي / احمد بن ابي يعقوب المعروف باليعقوبي: 1،122.

[33] - شرح نهج البلاغة / عز الدين ابي حامد الشهير بابن ابي الحديد المعتزلي: 13، 28.

[34] - سيرة النبي 9 / ابي محمد عبد الملك ابن هشام: 2، 213- 315.

[35] - الاوائل للعسكري/ 1، 135.

[36] - مغازي الواقدي: 1 – 469.

[37] - غزوات امير المؤمنين علي بن ابي طالب  عليه السلام  / جعفر نقدي: 2، 113.

[38] - البقرة: 2، 207.

[39] - سيرة النبي 9 لابن هشام: 3، 385.

 [40]- صحيح البخاري/ محمد بن اسماعيل البخاري:14، 105.

[41] - غاية المقصد في زوائد المسند / علي بن ابي بكر الهيثمي المصري:2، 113.

[42] - علي  عليه السلام  من المهد الى الحد/ محمد كاظم القزويني: 8، 21.

[43] - شجرة طوبى / محمد مهدي الحائري المازندراني: 2 – 119.

[44] - الاسراء: 17، 81.

[45] - بحار الانوار / محمد باقر المجلسي: 34، 76.

[46] - ال عمران: 3، 110.

[47] - ال عمران: 3، 114.

[48] - المائدة: 5، 62.

[49] - الصواعق المحرقة / احمد بن حجر الهيثمي: ل.

[50] - البقرة: 2، 202.

[51] - الاحزاب: 33،، 33.

[52] - الاحكام الشرعية الكبرى /ابو محمد عبد الحق الاشبيلي/ 4، 434.

[53] - كنز العمال في سنن الاقوال والافعال/ علي بن حسام الدين المتقي الهندي/ 11، 644.

[54] - المسترشد/ محمد بن جرير الطبري/ 1، 177.

[55] - الصواعق المحرقة:191.

[56] - بحار الانوار /محمد باقر المجلسي: 25، 221.

[57] - الصواعق المحرقة:151- 152.

[58] - الاصول العامة للفقه المقارن/ محمد تقي الحكيم: 62-63.

[59] - الصواعق المحرقة: 148.

[60] - المصدر السابق: 180.

[61] - مريم: 20، 96.

[62] - الصواعق المحرقة: 172.

[63] - المصدر السابق: 170.

[64] - المصدر السابق: 187.

[65] - المصدر السابق: 187.

[66] - المصدر السابق: 208.

[67] - المصدر السابق: 173.

[68] - المصدر السابق: 173.

[69]- المصدر السابق: ي.

[70] - تاريخ ابي الفداء: 1، 422 و- ربيع الابرار/ الزمخشري:1، 495. و- تاريخ الطبري: 8، 185. و- مقتل الحسين عليه السلام  للمقرم: 29.

[71] - تاريخ ابي الفداء:1،422 و- تاريخ الطبري: 8،8، 186.و- تاريخ دمشق/ علي بن الحسن(ابن عساكر):59، 115.

[72] - العجم الكبير/ سليمان بن احمد الطبراني:5،184.

[73] - ابصار العين في انصار الحسين: محمد بن طاهر السماوي: 221.

[74] - الامامة والسياسة/ ابن قتيبة الدينوري: 1، 237.

[75] - احياء معرفة الرجال/ ابي جعفر الطوسي: 1، 253.

[76] - شجرة طوبى/ محمد مهدي الحائري: 1، 82.

[77]- صحيح مسلم/ محمد بن الحجاج النيسابوري: 14، 130.

[78] - مسند احمد بن حنبل: 2، 161.

[79] - مختصر الفتاوي المصرية/ بدر الدين البعلي: 1، 450.

[80] - الصواعق المحرقة: 253.

[81] - المصدر السابق: 256.

[82] - الفصول المهمة في اصوال الائمة/ محمد بن الحسن الحر العاملي: 1، 483.

[83] - شعب الايمان/ ابو بكر احمد بن الحسين البيهقي: 9: 128.

[84] - الشريعة للآجري/ محمد بن الحسن الآجري:3، 335.

[85] - فضائل الصحابة/ احمد بن حنبل الشيباني: 2، 596.

[86] - آل عمران: 3،61.

[87] - مروج الذهب/ علي بن الحسين المسعودي: 1، 354.

[88] - المختصر في اخبار البشر/ ابو الفداء: 1، 139.

[89] - آل عمران: 3، 144.

[90] - ذخائر العقبى/ محب الدين الطبري: 1، 116.

[91] - ابو الشهداء الحسين بن علي/ عباس محمود العقاد: 54.

[92] - البقرة: 2، 37.

[93] - التفهيم لشتى المعارف والمعاني/ خليل قدسي مهر: 326. و- الانصاف في حقيقة الاولياء وما لهم من الكرامات والالطاف/ محمد بن اسماعيل الصنعاني: 1، 57.

[94] - منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة/ خوئي مير حبيب الله بن محمد: 1، 11.و- تزكية النفس/ كاظم الحسيني الحائري: 1،272.

[95] - تاريخ بغداد/ احمد بن علي الخطيب البغدادي: 1، 259.

[96] - النجم: 53، 3- 4.

[97] - تاريخ دمشق/ علي بن الحسن(ابن عساكر): 52، 324. و- تاريخ بغداد:2،204. و- نهج الحق وكشف الصدق/ الحسن بن يوسف المطهر الحلي: 17، 8.

[98] - هي، ويقال: هيه بزيادة ها السكت في اخرها، كلمة تقال عند الاستزادة واصلها إيه بالهمزة ابدلت ها / فضائل الخمسة من الصحاح الستة:3:224.

[99] - الاصابة في معرفة الصحابة/ ابن حجر العسقلاني:1، 226 و- كنز العمال/ علي بن حسام الدين المتقي الهندي: 3، 154 و- موسوعة اطراف الحديث/ تاريخ دمشق: 14، 165.

[100] - سنن الترمذي: 5، 658. و- صحيح ابن حبان: 15، 413 و- بحار الانوار/ محمد باقر المجلسي:37، 74.

[101] - الصواعق المحرقة/ احمد بن حجر العسقلاني: 192.

[102] - المجالس السنية/ محسن عبدالكريم الامين الحسيني: 4، 254.

[103] - الخصائص الحسينية/ جعفر التستري: 21، 9.

[104] - الحسين ريحانة النبي بطل الاسلام الخالد، 25.

[105] - المجالس السنية: 1، 24.

[106] - آل عمران: 3، 26.

[107] - الصواعق المحرقة/ احمد بن حجر الهيثمي المكي: 194.

[108] - المصدر السابق: 192- 193.

[109] - سير اعلام النبلاء/ شمس الدين محمد بن احمد الذهبي: 3، 301.

[110] - مقتل الحسين  عليه السلام / عبد الرزاق الموسوي المقرم: 283.نقلا عن اسرار الشهادة: ص423.

[111] - آل عمران: 3، 301.

[112] - المائدة: 5، 50.

[113] - الاوائل للعسكري: 1، 114.

[114] - الامامة والسياسة / ابن قتيبة الدينوري: 1، 282.

[115] - تاريخ بغداد/ احمد بن علي الخطيب البغدادي: 1، 282.

[116] - الاستشراق وموقفه من السنة / أ- د فالح بن محمد الصغير: 1، 20 و- العقد الفريد/ ابن بد ربه: 1- 18.

[117] - الاستيعاب في معرفة الاصححاب/ ابن عبد البر: 2، 37.

[118] - تأملات في زيارة وارث الانبياء/ محمد مهدي الآصفي: 41.

[119] - شرح نهج البلاغة / عز الدين ابي حامد ابن ابي الحديد المعتزلي: 4، 71.

[120] - وقعة الطف / ابي مخنف لوط الازدي:269.

[121] - المنتظم/ ابن الجوزي: 2، 199.

[122] - مقتل الحسين للخوارزمي: 2، 70 و- مقاتل الطالبيين/ ابو الفرج الاصفهاني: 80، نقل البيت الاول والاخير.

[123] - تأملات في زيارة وارث الانبياء: 49.

[124] - بحوث في الملل والنحل/ جعفر سبحاني: 3، 94.

[125] - المصدر السابق: 3، 95.

[126] - يوسف: 17، 26.

[127] - انساب الاشراف / البلاذري: 2، 177.

[128] - ثورة الحسين ظروفها الاجتماعية واثرها الانسانية / محمد مهدي شمس الدين: 116 – 167.

[129] - الفخري في الآداب السلطانية: 1، 16.

[130] - المصدر السابق: 1، 41.

[131] - مروج الذهب / علي بن الحسين بن علي المسعودي: 1، 377.

[132] - تاريخ الخلفاء/ جلال الدين عبد الرحمن بن ابي بكر السيوطي: 1، 85.

[133] - مروج الذهب: 1، 442.

[134] - آل عمران:3، 11.

[135] - النساء: 4، 76.

[136] - جامع الاحاديث / جلال الدين عبد الرحمن بن ابي بكر السيوطي: 20، 327.

[137] - تاريخ الطبري: 3، 307 و- الكامل في التاريخ/ علي بن ابي الكرم المعروف بابن الاثير: 2، 165.

[138] - معالي السبطين في احوال الحسن والحسين 8 / محمد مهدي الحائري:1، 207 و- كلمات الامام الحسين  عليه السلام  / محمود الشريفي: 1، 280.

[139] - تفسير القرآن الكريم (تفسير المنار)/ محمد رشيد بن علي رضا، 1، 367 0 و- 2، 183.

[140] - ابو الشهداء الحسين بن علي/ عباس محمود العقاد، 115.

[141] - اكسير العبادات في اسرار الشهادات/ اغا بن عابد الشيرواني: 2، 12.

[142] - أمالي الصدوق / ابي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي: 130.

[143] - حلية الابرار في فضائل محمد واله الاطهار/ هاشم البحراني: 1، 600.

[144] - العوالم، الامام الحسين  عليه السلام  / عبد الله البحراني، 1، 80.

[145] - تاريخ الخلفاء/ جلال الدين السيوطي:249.

[146] - أمالي الصدوق: 130.

[147] - نهضة عاشوراء/ روح الله بن مصطفى الخميني: 24.

[148] - النصر: 110، 1.

[149] - الامام السجاد  عليه السلام  جهاد وامجاد /حسين الحاج حسن: 1، 1.

[150] - سير اعلام النبلاء/ شمس الدين محمد الذهبي: 2، 301.