تصنیف البحث: الأدب العربي
من صفحة: 136
إلى صفحة: 179
النص الكامل للبحث: PDF icon 5-5.pdf
خلاصة البحث:

يركز البحث على دراسة ابرز الأغراض الشعرية التي تناولها الشاعر ((جواد بدقت الأسدي 1281هـ)) وخصائص شعره الفنية، التي تأثرت ببيئته الدينية – مدينة كربلاء المقدسة – واعتمدنا ديوانه المطبوع في سنة (1999)م في بيروت الذي جمعه وحققه السيد (سلمان هادي آل طعمه) وكان من أغراضه الشعرية: المديح والرثاء والغزل والوصف والاخوانيات وأغراض أخرى ذكرناها في البحث مع الاستشهاد بنماذج من شعره . وقد تناول ابرز الخصائص التي تمثلت في مطالع القصيدة، والإيقاع الشعري، والألفاظ والتراكيب والصورة الفنية، ونظم الشاعر شعره في أوزان الشعر العربي المعروفة مثل: الكامل، والطويل، والرجز، والمقتضب ..الخ. وقمنا بدراسة شعرهِ وتحليله ِ تحليلاً فنياً باستخدام أدوات النقد الأدبي الحديث .

البحث:

 

ملخص البحث:

يركز البحث على دراسة ابرز الأغراض الشعرية التي تناولها الشاعر ((جواد بدقت الأسدي 1281هـ)) وخصائص شعره الفنية، التي تأثرت ببيئته الدينية – مدينة كربلاء المقدسة – واعتمدنا ديوانه المطبوع في سنة (1999)م في بيروت الذي جمعه وحققه السيد (سلمان هادي آل طعمه) وكان من أغراضه الشعرية: المديح والرثاء والغزل والوصف والاخوانيات وأغراض أخرى ذكرناها في البحث مع الاستشهاد بنماذج من شعره . وقد تناول ابرز الخصائص التي تمثلت في مطالع القصيدة، والإيقاع الشعري، والألفاظ والتراكيب والصورة الفنية، ونظم الشاعر شعره في أوزان الشعر العربي المعروفة مثل: الكامل، والطويل، والرجز، والمقتضب ..الخ. وقمنا بدراسة شعرهِ وتحليله ِ تحليلاً فنياً باستخدام أدوات النقد الأدبي الحديث .

Poetry Jawad Bduguet Al Asadi Purpose and functional characteristics:

Research Summary:

Research focuses on the study highlighted the poetic uses which addressed by the poet Haj ((Jawad Bduguet Al-Asadi 1281)) and the functional characteristics of his poet, that affected by this ecology- religious holy city of Karbala – and We depend his printed autographed in (1999) years in Beirut, which earned Mr.(Salman Hadi Al-Tuma),One of the purposes of his poetry:

Praise and Lament, spinning, description, and Alajoaniat and other purposes mentioned in the search with the cited examples of his poet. Which present the earlier of the poem, the poetic rhythm, wordy and Compositions and artistic picture, and he systemys his poet in Arabic poetry weights which known as: the full and long terror and concise .. etc.. We have studied and analyzed his poetry substantive analysis using tools modern literary criticism.

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق والمرسلين؛ أبي القاسم محمَّدٍ، وآله وصحبه أجمعين، ....

وبعد؛

فقد أنجبت أمتنا العربيَّة – على مرِّ العصور – عدداً كبيراً من الشعراء، والأدباء، الذين أضافوا إلى تراثها الثر فنوناً من الأدب، عكست طبيعة حياتها، والتأثير المتبادل بين الشاعر وبيئته، وكان القرن التاسع عشر قد شهد ظهور مجموعة كبيرة من الشعراء الذين لمعت أسماؤهم في ساحة الأدب والمعرفة، وكان لمدينة كربلاء نصيب وافر من هذه الأسماء .

في هذا البحث نسلط الضوء على نتاج واحد من أولئك الشعراء الكربلائيين الذين برزت اسماؤهم في عالم الشعر في القرن التاسع عشر، هو الشاعر (جواد بدقت الأسدي)، وقد أخذنا على عاتقنا أن نعرِّف بنتاج الشاعر، وفنه الأدبي، متبعين منهجاً طالما استعملته الدراسات الأدبية في تحليل نصوص الشعراء والتعريف بفنهم الأدبي ونعني به المنهج الوصفي .

وكان مدعاة هذه الدراسة التعريف بشعر الحاج جواد بدقت، وذكر أغراضه الشعرية، والوقوف عند خصائصه الفنية بوصف نتاجه يشكل إضافة إلى تراث أمتنا العربية، وكانت خطة الدراسة تقتضي تقسيمها على مبحثين يسبقهما تمهيد، تناول التمهيد ملامح عامة من الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في العراق في القرن التاسع عشر، وملامح عامة من حياة الشاعر، وتناول المبحث الأول الأغراض الشعريَّة التي تناولها في ديوانه متمثلة في: المديح، والرثاء، والغزل، والوصف، والاخوانيات، وأغراض أخرى قليلة في الديوان كالهجاء، والشكوى ...

أما المبحث الثاني؛ فقد تعرضنا فيه إلى دراسة شعره دراسة فنية، متوخين الإيجاز – بحسب ما تقتضيه منا طبيعة البحث الأكاديمي – فكان أن تناولنا مقدمات القصائد عنده، والإيقاع الشعري، ثم الألفاظ والتراكيب، وأخيراً الصور الفنية وعناصر بنائها في ديوانه ...

وقد أعقب ذلك كله خاتمة أوجزنا القول في أبرز النتائج التي توصل إليها هذا البحث .

عملنا هذا لله، فإن وفقنا فبفضل من الله جلَّ وعلا، وإن قصَّرنا فحسبنا أنا اجتهدنا، ولا يكلف الله نفساً إلى وسعها، نعم المولى ونعم النصير ....

الباحثون

التمهيـــد:

- ملامح عامة من الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في العراق أبّان القرن التاسع عشر:

مثَّلت حالة العراق في القرن التاسع عشر امتداداً للقرون المتخلفة التي أعقبت سقوط بغداد بيد المغول سنة (656 هـ - 1258 م)، وذلك لأسباب من أبرزها وقوعه تحت التنافس التركي – الفارسي، الذي أوهن البلاد، وجعلها تعيش في ظلام الجهل والتخلف(1)، ثمَّ إن سوء الإدارة العثمانية التي حكمت البلاد قد أدَّت دوراً فاعلاً في تـأخر العراق، وإبعاده عن حركة التطور(2)، وقد رافق ذلك كله أحداثاً أثَّرت بشكل أو بآخر في حياة العراقيين، وما صحبها من صراعات سياسية(3)، وكوارث اقتصادية واجتماعية(4)، كان لها تأثير في إسهامات الكتّاب والشعراء في ذلك الوقت، وفي مجمل الحياة الأدبية بصورة عامة .

وكان العراق من الناحية السياسية مقسَّماً على ثلاث ولايات: ولاية بغداد، والموصل، والبصرة، وكان حكامها من الأتراك، وعلى الرغم من سوء الإدارة العثمانية، فقد ظهر في العراق ولاة تركوا آثاراً طيبة خلال مدَّة ولايتهم منهم سليمان باشا، وداود باشا، ومدحت باشا(5)، وإذا ما استثنينا حقبة هؤلاء الولاة فإننا نجد أن الولايات العراقية التي حكمها العثمانيون قد كابدت صنوف المحن والآلام، ولاسيما في عهد السلطان عبد الحميد الثاني الذي عمَّ إبّان حكمه الاضطراب والجور، وقد صار الولاة يشترون وظائفهم بالمال من السلطان(6) .

ولم تكن الحياة الاجتماعية بأحسن حال من الحياة السياسية، إذ إنَّ مشكلات العراق الاجتماعية في هذا القرن لم تختلف عما كانت عليه في العصور السابقة من فقرٍ، ومرضٍ، وجهلٍ، وإقطاعٍ، وعاش في العراق أجناس مختلفة من الناس، منهم العرب يشكلون النسبة الكبيرة، وإلى جانبهم الأتراك، والإيرانيون، والهنود، والتركمان، والأكراد(7)، كما تعددت الديانات، فكان إلى جانب الديانة الإسلامية: المسيحية، واليهودية، والصابئة، ومن الطوائف الإسلامية: السنية، والشيعية، والأيزيدية، والبهائية(8) ...

وأدى الصراع السياسي، وتدهور الأوضاع في العراق إلى انتشار الفقر، والمرض، والعوز الاجتماعي، حتى كاد الحصول على لقمة العيش أمنِيَةً لكل مواطن يعيش في الولايات العراقية الخاضعة للسيطرة العثمانية، وعاد النظام الاقطاعي نظاماً جائراً يحكم المزارعين، ويكبِّلهم بقيود صار معها الوضع المعاشي لا يطاق، على حين نعم الاقطاعيون، وأتباع الحكام والولاة بترف، ونعيم، وعيش رغيد ...

ولم تكن الحياة الثقافية بأحسن حالاً من السياسية، والاجتماعية، وظلَّ التخلف الثقافي سمة واضحة في العراق أبّان القرن التاسع عشر؛ بسبب قمع العثمانيين للأنشطة الثقافية العربية التحررية في مرافق الحياة كافة، فضعفت الحياة العلمية إلاّ من مجموعة من طالبي العلم والمعرفة في المساجد، والمعاهد الدينيَّة، وحلقات الدرس ضمن نطاق ضيِّق(9) .

أما نظام التعليم فقد سار في اتجاهين، الأول مثَّله الأتراك، ومارسوه لتعليم من انقاد إليهم من العراقيين، والآخر مثَّله العراقيون أنفسهم، وكانت اللغة المتبعة في مدارس الحكومة اللغة التركيَّة، ولم يسمح للطلبة بالدراسة فيها باللغة العربية، أما لغة المدارس الدينية فقائمة في أساسها على اللغة العربية، وهي تختلف من مدينة إلى أخرى بحسب إمكانية الشيوخ ومعلمي الدرس ...

ونتيجة لهذه الأوضاع المأساوية، فقد لجأ معظم الشعراء في هذا القرن إلى الولاة، ومن في فلكهم من العوائل الموسرة التي كانت تعنى بهم، وتغدق عليهم بالهبات والعطايا، وهم بالمقابل كانوا يمدحونهم بأحسن الصفات، وأجلها، ويرثون موتاهم، ويندبونهم، وكثير هم الشعراء الذين اختصوا بتلك الأسر، فنالوا ما كانوا يتمنونه من الحصول على عيش رغيد(10) ...

ولم تكن مدينة كربلاء بمعزل عن الأوضاع السياسية، والاجتماعية، والثقافية التي عمَّت المدن العراقية إبان القرن التاسع عشر، وكان الشيوخ والوجهاء من أهل المدينة يسهمون في فض المنازعات، والفصل بين الخصوم، بسبب ضعف الدولة المركزية(11)، وكان دور هؤلاء الوجهاء والعلماء كبيراً في الحياة الأدبية فيها، إذ التفَّ حول كل منهم عدد من الأدباء، ونظَّم الشعراء فيهم قصائد المديح، وبكوا المتوفين منهم بعدد من قصائد الرثاء(12) ...

وكان الشاعر جواد بدقت الأسدي جزءاً من المجتمع الكربلائي، وتفاعل مع أحداثه، واتصل بالأسر الموسرة – شأنه في ذلك شأن شعراء عصره – فنال حظوة عند بعضهم، ولاسيما أسرة آل الرشتي التي قرَّبت الشاعر، وأغدقت عليه بالأموال، والهبات ما جعله قادراً على تجاوز محنة البؤس والشقاء ...

ملامح من حياة الشاعــر:

هو الحاج جواد بن محمد حسين بن عبد النبي بن مهدي بن صالح بن علي الأسدي الحائري، المعروف ببدقت(13)، وآل بدقت إحدى الأسر العربية المعروفة في كربلاء، ويرجع نسبها إلى بني أسد، إحدى القبائل العدنانية المشهورة، ويعود تسمية آل بدقت بهذا الاسم إلى أنَّه كان في جدهم الحاج مهدي تمتمة فأراد أن يقول (بزغت الشمس) فقال: (بذقت) (14) ثمَّ صار تصحيف في اسمه من الذال إلى الدال فقالوا (بدقت)، وكانت أسرة الشاعر تمتهن شرف الخدمة في الروضتين المقدستين الحسينية، والعباسية(15) .

ولد الشاعر في كربلاء، واختلف في سنة ولادته، فقيل إنَّ مولده كان سنة 1210 هـ، وقيل إنه ولد سنة 1221 هـ، كما قيل إنه ولد سنة 1232 هـ(16) .

نشأ الشاعر، وتربى في أحضان أسرته ذات المركز الاجتماعي المقبول، ومما لا شكَّ فيه أنَّ والده كان له الفضل الأكبر في تعليمه، وتثقيفه، وتوجيهه، حتى صَلُبَ عوده، وسمت منزلته ...

عاصر الشاعر عدداً من شعراء جيله أمثال: الشيخ محسن أبي الحب الكربلائي الكبير، والحاج محسن الحميري، والشيخ موسى الأصفر، والشيخ قاسم الهر، والشيخ فليح حسون رحيم، والشيخ علي الناصر، والشيخ محمد علي كمونة، والشيخ عمران عويد، وغيرهم ...، ولم يلبث أن درس الأدب العربي، ونبغت ملكته الشعريَّة، حتى صار ينظم الشعر، كما أتقن العربية وأسرارها(17) ...

وكان من معاصري الشاعر أيضاً الشيخ صالح الكواز الحلي، الذي قال فيه الشاعر بأنه أشعر من رثى الإمام الحسين (عليه السلام) في عصره(18)، والشيخ صالح التميمي، وعبد الباقي العمري (19)...

اتصل الشاعر بأسرة آل الرشتي، ومدحهم، ورثى موتاهم، فنال حظوة عندهم، وحظي بما كان يتمناه عندهم، وتشير أخباره إلى أن صلته بأسرة آل الرشتي كانت وطيدة، وانَّ السيد أحمد كان معجباً بالرجل، وبأدبه، وبشخصيته(20) ...

للشاعر أخوان اثنان هما الشيخ حسن، والشيخ حمود، وكان له من الأولاد: الشيخ محمد حسين، وكان شاعراً، وعلي (21) ...

وصف الشاعر بأنه قادر على إنشاء العلاقات الاجتماعية، مثلما وصف بالتدين، ولتدينه أثر في أسلوب معاملة الناس له، وحسن إجابته، وقضاء حوائجه(22) ...

توفي الحاج جواد بدقت سنة 1281 هـ(23)، وقيل 1285 هـ(24)، ودفن في الرواق الحسيني، وترك من الآثار ديوان شعره(25)، وقد ألحق المحقق بديوانه فنين أدبيين شعريين هما الملحمة(26)، والروضة(27)، فصار ديوانه مشتملاً عليهما أيضاً، وقد رثاه جمع من الشعراء منهم: الشيخ موسى الأصفر، ومحسن أبو الحب، والسيد أحمد بن السيد كاظم الرشتي، ويوسف بريطم، واسحق المؤمن، وفليح حسون الجشعمي(28) ..

المبحث الأول: أغراضه الشعريـــة

الشعر من أعرق فنون القول عند العربِ، وأوثقها اتصالاً بحياتهم، وأشدها تعلقاً بوجدانهم، وأصدقها تعبيراً عن ملامح شخصياتهم، وأعمقها تصويراً لمنازعهم ومشاعرهم، ولو قسِّم التراثُ الإنساني بين الأممِ؛ لكانَ الشعرُ من نصيبِ هذهِ الأمة، وميزة من ميزاتها، وتكفي نظرةٌ واحدةٌ إلى تراثِ الأمة العربيَّةِ لتَبَيَّن تغلغلَ الشعرِ في نفوسهم، حتى غدا ضميرهم، وتأريخهم، وزادهم في محنهم .

وكانَ من دواعي هذا الفن الأدبي أن تكونَ لهُ أغراضٌ عدَّة، تعبِّرُ عمّا فيه من تأثيرٍ على مختلفِ جوانب الإنسان الحياتيَّة، ومدركاته في الطبيعة، وفلسفته في أمور الدنيا، ونظرته تجاه مجتمعه، وقيمه، وعاداته، وتقاليده ...

ويعد الشاعر جواد بدقت الأسدي – موضوع هذه الدراسة – واحداً من الشعراء المحدثين الذين طرقوا أغراضاً عدَّة، وتناولوها في شعرهم، وسنحاول في هذا المبحث أن نسلِّطَ الضوء على أبرز الأغراض الشعرية التي تناولها ديوانه، وهي على وجه الإجمال تنحصر في الأغراض الآتية:

1. المديــح .

2. الرثاء .

3. الوصف .

4. الغزل .

5. الإخوانيات .

6. أغراض أخرى قليلة في الديوان منها: الهجاء، والشكوى .

1. المديح:

يعد المديح من أوسع الأغراض الشعرية، وهو في « الأصل تعبيرٌ عن إعجاب المادح بصفات مثالية، ومزايا إنسانية رفيعة، يتحلى بها شخص من الأشخاص، ... وأفضل المدح ما صدر عن صدق عاطفة، وحقيقة واقعة .. »(29)، وهو من الأغراض البارزة في الأدب العربي منذ عصر ما قبل الإسلام، ويتمثَّل في « تعداد لجميل المزايا، ووصف الشمائل الكريمة، وإظهار التقدير العظيم، الذي يكنه الشاعر لمن توافرت فيهم مزايا، وعرفوا بمثل هاتيك الشمائل ... »(30) .

ولو تصفحنا ديوان الشاعر جواد بدقت الأسدي؛ لوجدناه حافلاً بهذا الغرض الشعري، ويحتل مديح أهل البيت (عليهم السلام)مركز الصدارة بين اتجاهات المديح الأخرى، ومن الأمثلة عليه قوله في مدح الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، والإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام):

بشرى لكل منتمٍ إلى بنــي
بشرى بها تهتف أملاك السما
سيماؤها في الكون قد لاحت سنا
طوباهم أتت بأنقــى غصــن
جلَّ الجليلُ فاعتبر كيف حبـــا
......

أنّى تحلُّ في الورى سابقـــة
اثنين لم يثنيـا تعــــــدداً
 

 

أحمدَ بل لكل من لهم ولـــي
في العالم العلويِّ عن أمر العلي
ظواهر الأشهاد سيماها جلــي
أي من اجتبى واختصَّ بالفخر الجلي نع بالعز وبالتطــــــوُّل
 

ترى لها محمداً ترى علـــي
ولكن كما قــال نبي وولــي(31)
 

في هذا النص يشير الشاعر إلى المنزلة التي حباها الله تعالى لرسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، وابن عمه أمير المؤمنين (عليه السلام) بوصف الإمام متبعاً لرسالة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)في تبليغ أحكام الإسلام، فمن سمع الإمام (عليه السلام) كأنما سمع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد اختصهما الله تعالى بالفخر الجلي، وحباهما بالمكرمة العظيمة المتمثلة في تبليغ الأحكام الإسلامية، فكانا أهلاً لحملها، ثم ينفي الشاعر أن يكون لهما مثيلٌ في الوجود، فأحدهما نبي، والآخر ولي، والثاني يكمل رسالة الأول في التطبيق والمنهج .

ويقول في ذكرى ميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام):

أجل الفكرَ بمعراجي عــــلاً
من نبيِّ العرشِ معراجاً غــدا
فانصفنْ يا منصفاً أيهمــــا
 

 

فيهما فكر الألبــاء انشغــلْ
وعليٌّ كتف سلطان الرســـلْ
كان عند اللهِ أعلى وأجــــلْ(32)
 

فالشاعر هنا يشيد بالمنزلة الرفيعة التي جعلها الله تعالى لعلي بن أبي طالب(عليه السلام)، فهو فكر العقلاء المنشغل، وهو المعتلي كتف الرسول الأعظم(صلى الله عليه وآله وسلم)، وعقد الشاعر في هذه الأبيات موازنة لطيفة بين عرش الله الذي ارتقى إليه النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة المعراج، وكتف الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي ارتقى عليه أمير المؤمنين يوم تكسير الأصنام في فتح مكة، مفضلاً كتفه (صلى الله عليه وآله وسلم)على العرش، قال محقق الديوان: «إنَّ عود الضمير في (أيهما) راجع إلى العرش الذي عرج إليه النبي محمد(صلى الله عليه وآله وسلم)، وكتف الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)الذي صعد عليه علي(عليه السلام) لتكسير الأصنام، وقد فضَّل كتفه على العرش، وهذا مما لا شك فيه ولا ريب، لأننا نعتقد أن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم)هو أفضل الموجودات على الإطلاق بما فيها العرش وغيره مما سوى واجب الوجود جلَّ وعلا .. »(33)، ومن هنا تتبين منزلة أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما ارتقى على كتف أفضل الموجودات على الإطلاق ..

ويقول في مدحه (عليه السلام) أيضاً:

شيِّدت لحيدر رتبــــــة
شمخت على العرش العظيــ
شهدت له الثقـــــلان إلـ
شايع علياً ثمَّ قـــــــل
 

 

من دونــــها أعلى العروشِ
ـم بعين مرتبع العريــــــشِ
ـلا نابض القدح المطيــــــشِ
لقداح رشدك لا تطيشـــــي(34)
 

فلأمير المؤمنين (عليه السلام) رتبة فاقت جميع الرتب، ومنزلة علت كلَّ المنازل، وقد شهد له الثقلان بهذه الرتبة إلا الحاسدين الذين لم يرق لهم إلا أن يوجهوا سهام الحقد والحسد للمنزلة التي حظي بها .

وقال في مدح العباس بن علي بن أبي طالب (عليه السلام):

أبا الفضل في يومٍ به جمح القضــا
أقام مقاماً يملأ الكون سبقـــــه
بطول شأو الأولين بنوهــــــم
يقوم ببحر بالعظايم متــــــرع
 

 

وعاثت بكل العالمين عظائمـــه
وحسبك مما كان أن هو قائمـــه
وإنَّ له شأواً به طال هاشمــــه
وأعظم منه كف من هو عائمـــه(35
 

والقصيدة طويلة تتشكل من (45) بيتاً، وفيها تعداد لمناقب وفضائل أبي الفضل العباس (عليه السلام)، ودوره في واقعة الطف، ودفاعه واستبساله في الذود عن سبط المصطفى ضد أعدائه من بني أميَّة ...

وقد يلجأ إلى المبالغة في مديح أهل البيت (عليهم السلام)، ويضفي عليهم صفات يجل عنها البشر، لأنها من صنع الله تعالى وقدرته، إذ قال في إحدى مدائحه لأمير المؤمنين (عليه السلام) في قصيدة مطلعها من الغزل:

أرامية سهم لحظٍ فتـــــــورِ
فـكّي وثاق مبرح وجــــــد
وإلا رماكِ الوصيُّ بمقــــــتٍ
فليس يفوت عليــــه وأنّـــى
فهذا الذي بســـطَ الكائنـــات
وأرسى قواعـــد إيجادهــــا
وقدَّرَ في النـــاس أقواتهــــا
وقوَّمَ هذا الوجود بقــــــــد
فلا يلج الريب قلــب امـــرئ
كلفت بلطف اللطيـــف الخبيـر
وثقت بشأن العلــــي الكبيــر
 

 

أغيري على من رميت أغيـــري
بقيد اشتياقك مثل الأسيــــــر
يشب إلى الفــلك المستديــــر
يفوت عليماً بذات الصـــــدور
وقال لأرحيـــة الكــون دوري
وقرت على دوران الأثيـــــر
بها مرَّ لطف خفيّ الظهـــــور
رةِ مولى على كل شيء قديـــر
فكل الذي قلت شيء ضــروري
بأنَّك لطف اللطيـــف الخبيـر
بأنَّك شأن العلــــي الكبيــر(36)
 

والقصيدة تستمر إلى خاتمتها في ذكر أوصاف يجل عنها البشر، فالممدوح – وهو أمير المؤمنين (عليه السلام) - عليم بذات الصدور !، وهو الذي بسط الكائنات، ودوَّر الفلك، وأرسى قواعدها، وقدَّر للناس أقواتها، وقوَّم الوجود، وهو اللطيف، الخبير، العلي، الكبير، وهذه كلها من قدرة الله سبحانه وتعالى، ولا يمكن لبشرٍ أن يشترك فيها مع الله سبحانه وتعالى .

أما الاتجاه الثاني في شعر المديح عنده، فهو مديح أسرة آل الرشتي؛ الأسرة التي اختصَّ بها الشاعر، فظلَّ يمدح أفرادها شأنه في ذلك شأن كثير من شعراء عصره أمثال الشاعر عبد الغفار الأخرس الذي « كان على صلة وطيدة بآل النقيب في بغداد »(37)، والشاعر حيدر الحلي الذي ارتبط بـ « آل قزوين في الحلة، وآل كبة في بغداد »(38)، والشاعر جعفر الحلي الذي مدح آل كاشف الغطاء في النجف، وآل قزوين في الحلة، وآل الرشيد في حائل، وأمراء المحمرة في كثير من قصائده(39)، ويبدو أن الحال المزرية التي كان عليها شعراء القرن التاسع عشر هي التي قادتهم إلى مدح الأسر الموسرة التي كانت ترعاهم وتغدق عليهم بالهبات والعطايا ما يعينهم على تجاوز محنة البؤس والشقاء والحرمان(40)، ولما كانت أسرة آل الرشتي في كربلاء من الأسر الدينية المعروفة، فإنَّنا نجد الشاعر يضفي على هذه الأسرة معاني الكرم، والأخلاق الحميدة، والصفات الإسلامية الرفيعة، إذ قال في إحدى مدائحه لهذه الأسرة:

حـيّ على سوابـــق لا
وأنَّهـــم تداولوهـــا
عن (حسنٍ) عن (كاظم)
كم أحرزوا من سابقـــا
وكم عمـــادٍ أرسيـا
 

 

تنتهـــي مدى المــدى
أمجـداً فأمجــــــدا
لـ (أحمدٍ) عن (أحمدا)
تٍ ليس تحصى عـــددا
ه للعلـــى ووطـــدا(41)
 

فهذه الأسرة ذات النسب الرفيع، قد تداولت سوابق المجد عن أجدادها، ولهم من المكرمات، والأخلاق الحميدة ما لا يستطيع الناس أن تحصي لها عدداً، وطالما شيَّدوا للعلى عماداً صلباً، ووطدوه بأخلاقهم وأحسابهم .

وقال في قصيدة أخرى يمدح فيها السيد أحمد الرشتي(42):

جرى ذكـر أرباب الندى عنـد أحمد
فقلت له إنَّ الذين ذكرتهـــــم
 

 

وعدَّ رجالاً جاوزت فيه جهــدها
مقدِّمة أنت النتيجة بعدهـــــا(43)
 

فجميع أرباب الفضل، والكرم، مهما بلغ تعدادهم مقدمة جمعت الفضل، والكرم في شخص الممدوح، فهو نتيجة لها، ومحصلة لأسبابها .

والشاعر يتزلف كثيراً إلى السيد أحمد الرشتي، وينعته بأحسن النعوت، ويضفي عليه صفات العظمة والكبرياء، والكرم والعطاء، قال:

ويا قطب أهل الفضل والبذل من لـه
وبحر علوم بالمكارم مزبـــــد
بغامض أسرار العلوم فإنَّـــــه
صغيراً تردى بالرياسـة فاغتــدى
ترى العيـن في عيناه للناس مثلمـا
 

 

مناقب لا تحصي الأنام لها حصــرا
تدفق حتى استغرق البر والبحـــرا
الخبير ولكن لا يحاط به خبــــرا
لأهل العلى جل اسمه الحجة الكبـرى
ترى المعسرون اليسر في كفه اليسرى(44)
 

فهو قطب أهل الفضل، وصاحب الكرم العظيم، وله مناقب لا تحصي لها الأنام عددا، حتى استغرق كرمه البر والبحر، وهو يرى الناس بعين رحيمة يغدق عليهم بالهبات حتى إنَّ المعسرين قد تحسَّنت أحوالهم بكرمه وعطائه ...

وقد يلجأ إلى المبالغة في وصف الممدوح، ويضفي عليه صفات التفرد، مثلما نجده في مدح السيد الرشتي:

شوقي إليك نظير فضلــك
إني لفرد في هـــــواك
 

 

لا يعـدُّ ولا يحــدُّ
وأنت في العليـاء فرد(45)
 

فممدوحه متفرد في العلياء، لا يشاركه فيها أحد، ولا يدنو منها فرد .

ومن المديح أيضاً في شعر الشاعر مدح السلطان، ولم نجد من هذا النوع من المديح سوى مقطوعتين، الأولى قالها في مدح السلطان العثماني عبد العزيز لما رجع من مصر(46)، والأخرى قالها في رجوعه إلى الاستانة(47)، وفي كلتا المقطوعتين يوظف الشاعر معاني الدين الإسلامي، والأخلاق الحميدة، ومعاني العزة والرفعة، ويبدو أن الشاعر لم يرد لنفسه أن تنشغل بأمور السياسة، فنأى بنفسه عنها، ثمَّ إن طبيعة الأوضاع المعيشية قد جعلته يلجأ إلى من يغدق عليه بالهبات والعطايا، ومنهم أسرة آل الرشتي التي أكرمت الشاعر، وأغدقت عليه بها .

ومن المديح أيضاً مديح الشخصيات الكربلائية المعروفة أمثال الحاج مهدي كمونة(48) – سادن الروضة الحسينية المطهرة – الذي قال فيه:

بيمينك عاد في يمن زمانـــي
قد استفتحت خيراً في لقا مــن
............
سبقت الأكرمين إلى المعالــي
بأخلاق يضوع المسك منهــا
 

 

وأسفرت الليالي بالتهانـــي
بأيديه مفاتيح الجنـــــان

وخلفت الأماجد في مكـــانِ
وعلياء تفوق على الرعــانِ(49)
 

ويلجأ إلى المبالغة في إضفاء النعوت على شخص الممدوح، ففي قوله – مثلاً – في تقريظ الشيخ موسى شريف(50) لمقصورة ابن دريد الأزدي(51):

أيُّ آيٍ أبديتها في القوافــي
إن هوت سجَّداً فغيـر غريب
 

 

قد هوت سجَّداً لها الشعــراءُ
أنت موسى وهي اليد البيضاءُ(52)
 

فالمبالغة واضحة، وفيها ثناء وإطراء على ذلك الشيخ حتى وصل به الحد إلى تشبيهه بنبي الله موسى (عليه السلام)، وقوافيه باليد البيضاء التي كانت معجزة لموسى (عليه السلام)، فكأنه يقول أن ما نظمت هي معجزة لك في نظمها وإنشائها، وهي مبالغة في المدح والإطراء .

وخلاصة القول في هذا الغرض الشعري أنَّ الشاعر كان كثيراً ما يستعين بالألفاظ ذات الطابع الديني ليضفي بها على ممدوحيه، ولاسيما في مديح أهل البيت، وأسرة آل الرشتي، ويبدو أن البيئة التي نشأ فيها الشاعر، وتطبَّع بعاداتها وقيمها، وما تتمتع تلك البيئة من منزلة روحية ودينية عند المسلمين عامة قد طبعت شعره في المديح - بصورة خاصة - وشعره في أغراضه الأخرى - بصورة عامة - بهذا الطابع الخاص، وقد لجأ في مواقف كثيرة إلى المبالغة في إضفاء الصفات والنعوت على شخص الممدوح لينال عطاياه، وهذه سمة طبعت شعر القرن التاسع عشر لما انتشر الفقر وصار ضعف الحال، وعسر ذات اليد صفة لكثير من الشعراء الذين حاولوا أن يتقربوا إلى الميسورين من الناس ليحصلوا على نوال منهم، وليكسبوا حظوة عندهم ..

2- الرثــاء:

الرثاء فن أدبي يعبر عن الألم والتوجع لفقد الميت، وقد عرف الرثاء منذ عصر ما قبل الإسلام « إذ كان النساء والرجال جميعاً يندبون الموتى، كما كانوا يقفون على قبورهم مؤبنين لهم، مثنين على خصالهم ... »(53) .

لقد زخر ديوان الشاعر بألوان من هذا الفن الأدبي، وتنوع بين رثاء أهل البيت (عليهم السلام)، ورثاء الأحباب الذين رحلوا عنه وظلَّ يتذكرهم، ويحنُّ إلى أيامهم، وقد تميَّز قسم كبير من هذا الشعر في ديوانه بالصدق، والعاطفة الجياشة، ولاسيما في رثائه أهل البيت (عليهم السلام)، يقول في رثاء الإمام الحسين(عليه السلام):

تعاظم سبط المصطفـى هول فقــ
كأنّي به قد مزّق الجيش دونـــه
وطاف إلى أن كاد يطلع القضــا
فأبصر جسماً يرسل الشمس نوره
............
يقول أخي قد مزَّق الحتفُ مهجتي
أيعلمُ سيف خضبتك كلومــــه
أيرقى دمع عيني وفيك أرقتــه
.............
فيا بدر أنسي كيف كوَّر نــوره
فيا ليت لا يعلو سواك بمشهــد
 

 

دِهِ ولو يتداعى الكون لا يتعاظمـه
أخو عزماتٍ أرغمت من يراغمـه
عليهم عياناً والردى حام حائمــه
غدت مركز السمر العوالي نواعمه
 

وما هو إلا حيث سامك سائمــه
بأنَّ ضيا عيني ما هو كالمـــه
ويخبو جوى قلبي ورزؤك صارمه

وربع سروري كيف أقوت معالمه
على سابحٍ إلا وزاغت قوائمــه(54)
 

إنها كلمات صادقة؛ صدرت عن نفسٍ أثقلها مصاب سيد الشهداء، وهو صريع على أرض كربلاء، وصار جسمه كأنه الشمس في لمعانها من كثرة السهام والرماح التي أصابته، حتى بدا بريقها يلمع في ساحة المعركة، ولا من ناصرٍ يعينه، فأخوه (أبو الفضل العباس) وأهل بيته أسوأ من حاله، ثمَّ يعبر الشاعر عن تلك الحال التي رزء بها الحسين (عليه السلام) فيقول على سبيل الاستفهام الإنكاري هل يعلم السيف عظم الجرم الذي ارتكبه بحق ابن بنت رسول الله، ولو كان يعلم لما فعل، ثمَّ تشتعل جذوة الألم والحرقة في نفس الشاعر، فدموعه أراقها لأجل الحسين، وجوى قلبه لا يخبو، فلا يزال جرح الحسين (عليه السلام) يوقد فيه شعلة الحزن والألم .

ويبدو الشاعر في الرثاء أصدق شعراً، وأقوى عاطفة، إذ أنه ينظمه لا من أجل الحصول على مكاسب، أو هبات من شخص المرثي – أيا كان – مثلما وجدناه في شعر المديح، وهو ما أضفى عليه قوة في نفسه الشعري، وتأثير أكبر في نفوس متلقيه .

وقال – أيضاً – في رثاء الحسين (عليه السلام):

متى فلك الحادثات استـــدارا
...
فيا ثاوياً يملأ الكائنـــــات
ويا سابقاً قد وهاه العثــــار
فكيف وأنت حسام الإلــــه
وتدعو وأنت حمى المستجيـر
وتستسقي من نفحات الظمــا
وتبقى ثلاثاً بديمومــــــةٍ
وكيف يعفر منك الصعيـــد
...

 

وغادر كل حشىً مستــطــارا
 

عــلا ويضيء الوجودَ منــارا
فليت العثارُ [ أصاب ](55) العثارا
تفلل منك المنايـا غــرارا
فيعيى عليك الورى أن تجارا
فتسقى من المشرفي الحـرارا
معرىً بجرعائهـا لا توارى
محيا بها الملكوت استنــارا(56)
 

يذكر الشاعر – في هذه الأبيات – ما حلَّ بالحسين (عليه السلام)، وهو صريع على جنبات الثرى، معفَّر بالدماء، لا يجد من يناصره بعد أن كان هو الذي يحمي المستجير، واللائذ به، وقد بلغ العطش به مبلغه، ولا يجد من يسقيه شربة ماء تطفئ حرَّ العطش، ويترك ثلاثة أيام متواصلة من دون أن يوارى الثرى ...

ورثى الشاعر عدداً من الشخصيات، ووجهاء العلم، منهم: السيد حسن الخرسان(57)، والشيخ مرتضى الأنصاري(58)، والعلامة مرتضى قلي الملقب بعلم الهدى(59)، كما رثى الشاعر المعروف عبد الباقي العمري(60) بأبيات ذكر فيها فضله على الأدب، كما ذكر أخلاقه وصفاته .

وقال في رثاء إحدى كرائم الوجهاء:

قضت النبيلة نجمهــــا
قد جاورت قبر ابن خيــ
بل ثاني السبطينِ فـــرد
فدعت ملائكة السمـــا
لما رأوا بجواره مغـــ
بلسانها نــادى المؤرخ
 

 

فرقت إلى أعلــى مكــان
رِ الخلق من إنس وجـــان
ما له في الفضــل ثــان
واتِ احضري نيل الأمانــي
نى يفوق على المغانـــي
لي حضور في الجنـــانِ(61)
 

فهذه النبيلة قد دفنت إلى جوار سيد الشهداء(عليه السلام)، واكتسبت قدسية من قدسية المكان الذي نزلته، فنالت أمانيها في أن تكون بجوار قبر الحسين (عليه السلام) وتبركت ببركة هذا القبر الشريف .

3- الوصف:

الوصف من الأغراض القديمة في الشعر العربي منذ بداياته الأولى، ويدخل هذا الفن في الأغراض الشعرية جميعها، يقول ابن رشيق القيرواني: « الشعر إلا أقله راجع إلى باب الوصف »(62)، وهو في نظر الأدباء يعني « تصوير الظواهر الطبيعية بصورة واضحة التقاسيم، وتلوين الآثار الإنسانية بألوان كاشفة عن الجمال، وتحليل المشاعر الإنسانية تحليلاً يصل بك إلى الأعماق »(63) .

وتنوعت مظاهر الوصف في ديوان شاعرنا، فمنه قوله في وصف قبَّة الحسين (عليه السلام):

تجلَّت لعيني في حمى الطفِّ قبَّـة
فقلت لصحبي حين لاحت لناظري
 

 

وميض سناها طبَّق الحَزْنَ والسهـلا
أيا صحبُ هذي قبَّة الفلك الأعلــى(64)
 

فقبَّة الحسين (عليه السلام) لها نور ووميض شمل ما ارتفع من الأرض وما انخفض، وهو دلالة على علو مكانها، وارتفاع بنيانها، حتى إنها تلوح للناظرين من مكان بعيد .

وقال في وصف مأتم للحسين (عليه السلام) أقيم في شهر محرَّم الحرام:

ومأتـم أقيم للسبط فــــي
فلا تخل عجيبة أن تــــ
إنَّ السما تبكي لسبط الهـدى
 

 

دارٍ به العلم غدا قيِّمـــــا
رى الأضواء فيه تشبه الأنجما
وذا شآبيب دموع السمــــا(65)
 

فلما جرى ذكر الحسين (عليه السلام) وما حلَّ به وبأهله في واقعة الطف في هذا المأتم بكت السماء، وأبكت من فيها، وصارت شدَّة المطر دليلاً على ذلك الحزن، فكأنَّ دموع السماء تنهمر حزناً على ما أصاب سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)..

وقال في وصف رأس الحسين (عليه السلام) وهو محمول على الرمح:

رأس وقد بان عن جسمٍ وطاف علــى
رأس ترى طلعة الهادي البشير بـــه
تنبي البريَّة سيماه وبهجتـــــــه
يسري ومن خلفه الأقتاب موقـــرة
 

 

رمحٍ وترتيله القرآن ما بانـــا
كأنَّما رفعوه عنه عنوانـــــا
بأنَّ خيــر البرايا هكذا كانــا
سهلاً يجاب بها سهلاً وأحزانــا(66)
 

فالشاعر – هنا – يرسم صورة متخيَّلة، اقتبسها من واقعة الطف، ووصف فيها رأس الحسين(عليه السلام) وهو مرفوع على رأس رمح يرتل القرآن، ويلهج بذكر الله – جلَّ وعلا – وهو له طلعة بهيَّة كطلعة الهادي البشير (صلى الله عليه وآله وسلم)، فكأنَّما حملوا رأس الرسول إذ حملوا رأس الحسين(عليه السلام)، فالحسين (عليه السلام) عنوان للرسالة المحمدية ...

وقال في وصف أحد أبواب الصحن الحيدري الشريف في النجف الأشرف:

حضيرة القدس ومثوى حيــدر
طاولت الأفلاك بارتفاعهـــا
تنتابها من كلِّ فجٍّ أمـــــةيفتح
للعزيز باب رحمــــة
بابٌ سما على السماء كلــها
ذو شرفاتٍ قاب قوسين غـدا
 

 

لكلِّ خيرٍ شرعت أبوابهـــا
وإنما أملاكهـا حجابهــــا
تلوي لها منيبــة رقابهــا
للوفد إذ ضاقت بهم رحابهــا
كأنَّما دعامةٌ أسبابهـــــا
دنوها للعرش واقترابهـــا(67)
 

فهذا المكان مقدس، وهو حضيرة القدس، وقد ضمَّ قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) الطاهر، وقد طاولت أبوابه نجوم السماء، حتى صارت أملاكها حجاباً لها، وتقصده الناس من شتى بقاع العالم، يتبركون بزيارته، ويستشفعون به إلى الله، ويصف الشاعر ارتفاع الباب بأنه قد سما إلى السماء، فكأنَّ شرفاته قد دنت من العرش، واقتربت منه ...

وقال في وصف ساقية تجري حول قبَّة السيد أحمد الرشتي:

لقد قيل لي نهرٌ جرى حول قبَّــةِ
فقلت له لكنَّ أحمد حلَّــــــه
 

 

ابن كاظم هل عين أسالته أم القطر
وراحته بحرٌ فمنها جرى النهــر(68)
 

فالشاعر هنا وصف ساقية تدور حول قبة السيد أحمد الرشتي، ويتعجب من جمالها، ودقة صنعها، ثمَّ يعرِّج فيه على المدح فيقول: إن هذه الساقية هي نهرٌ قد جرى من بحر راحة السيد أحمد، في تعبير عن كرم الممدوح، وسخائه ...

ومن خلال دراسة مظاهر الوصف في شعر الحاج جواد بدقت؛ وجدناه قد وصف أشياءً تدور في مخيّلته، لها مصاديقها في البيئة التي عاش فيها، وتفاعل مع أشخاصها، لذلك نجد أغلب أوصافه تتعلق بالمظاهر الدينية التي زخرت بها مدينة كربلاء، ولم نجده يحفل بالطبيعة المتحركة، ومظاهرها، وربما كانت طبيعة الأوضاع السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية من جانب، ومكانة كربلاء الدينية من جانب آخر قد فرضت عليه لوناً في الوصف لا يتعدى المواضع الدينية، أو ما يتعلق بممتلكات شخص الممدوح من أسرة آل الرشتي – بصورة خاصة – كي ينال من عطاياهم، ويعزز من مكانته عندهم ...

4 – الغزل:

الغزل من الأغراض الشعريَّة المحببة إلى النفوس، بل « هو أشهرها، وأكثرها رواجاً، وإمتاعاً»(69) في الأدب العربي في جميع عصوره، حتى إنَّ الغزل قد ولج إلى بقيَّة أغراض الشعر ليكون مقدمة حسنة لبعض هذه الأغراض .

ولو تصفحنا ديوان الشاعر وجدنا الغزل عنده يكثر في مقدمات القصائد ومطالعها، بيد أنه لا يعرف عنه بأنَّه شاعرٌ متغزِّلٌ، ولم نجد في ديوانه إلا أبياتاً متفرقة اختصَّت في الغزل، ويبدو أنَّ البيئة التي نشأ فيها الشاعر (كربلاء) لم تسمح له أن يتخذ هذا الغرض على نطاق واسع بحكم طبيعتها ذات التوجه الديني، ووجدنا غزله في مقدمات قصائده تنحو منحىً تقليدياً، والشاعر فيها سائر على نمط القدماء في افتتاحها، فعندما نقرأ هذه المقدمات نتلمس فيها تقليداً للمقدمات الغزلية في العصور الأدبية السابقة، فمن ذلك قوله في افتتاح قصيدة قالها في مديح أهل البيت (عليهم السلام):

أرامية سهم لحظٍ فتــــورِ
فكّي وثاق مبرَّح وجــــدٍ
وإلا رماكِ الوصيُّ بمقـــتٍ
...

 

أغيري على من رميت أغيـــري
بقيد اشتياقك مثل الأسيــــــرِ
يشب إلى الفلك المستديــــــرِ(70)
 

ثم يبدأ الشاعر بذكر مناقب الوصي (عليه السلام)، وذكر صفاته، وإن لم تخلُ القصيدة من مبالغة في المدح مثلما أشرنا إلى ذلك في موضوع (المديح) .

ويقول في مقدمة قصيدة قالها في رثاء الحسين (عليه السلام):

بواعث أني للغــرام مؤازر
يعاقب فيها للجديديــن وارد
ذكرت لها الشوق القديم بخاطر
وإن لم تراعِ للوداد أوائــلاً
 

 

رسوم بأعلى الرقمتين دوائــر
إذ انفكَّ عنها للجديدين صـادر
به كل آنٍ طارق الشوق خاطر
فما لك في دعوى الوداد أواخر(71)
 

ثمَّ ينتقل الشاعر إلى ذكر مصيبة سيد الشهداء، وهو مضرَّج بالدماء، على جنبات كربلاء، هو ومعه نفرٌ من أصحابه وأهل بيته ...

ويمكن أن نرصدَ في ديوانه أبياتاً متفرقة يدلُّ فحواها على الغزل، وذلك في مثل قوله:

قلْتُ للمحبوبِ شيِّعنــي
لا يشفّ الريق حتـــى
 

 

إذا متُّ ببعض الخطيات
ترتمــي باللحظـات(72)
 

فهو يطلب من المحبوب أن يشيعه بعد مماته، وهو يرجو أن يكفي نفسه من روية محبوبه حتى يشفَّ ريقه ...

ويقول في موضع آخر:

يا درّ ثغرِ حبيبــــي
ولا تعضَّ عليـــــه
 

 

كنْ بالرحيم رحيمــا
ألم يجدكَ يتيمــــا(73
 

فالشاعر هنا يستعطف محبوبته لتكون به رحيمة، موظفاً طاقة الاقتباس القرآني في تعضيد معنى البيت الشعري في قوله تعالى ((ألم يجدك يتيماً فآوى ..))(74) ...

ويقول في موضع آخر:

من مبلغــــي أرم
ما سوى الوقوف بهـا
مثل وقفة سلفـــت
من لذي الهيام بهــا
 

 

عند بانتي أضـــم
بالعرا في الرســم
في عراص ذي سلم
لو تصاب لم يهــم(75)
 

فهذا الهائم لو أصاب من يحب، لذهب الهيام عنه، ولتمسك بمحبوبته ...

ويقول في موضع آخر:

مسح الدمع يد من مقلتـــي
يا نسيم الكرخ إن تمرر بهـا
قل لها يا منية القلب ومــن
بنحيل الجسمِ رفقاً إنَّــــه
 

 

ويدي من جورها يشكو السقاما
فأبلغتها عن معنّاها السـلاما
إن تثنت تخجل الغصن قواما
من جناك خصرك المنحول سامـا(76)
 

ولا يخفى على أحد خفَّة هذه الألفاظ، وسهولة معناها، وحسن وقعها في نفس المتلقي ...

5 – الإخوانيات:

لقد صوَّر شعر الإخوانيات « العلاقات الاجتماعية بين الشعراء وممدوحيهم، أو بين أصدقائهم وأحبائهم، ففيه التهنئة، والاعتذار، وفيه العتاب، والشكوى، وفيه الصداقة والود، وما إلى ذلك من المعاني الاجتماعية التي تربط بعض الناس ببعض »(77) ..

فمن التهنئة قوله مهنئاً السيد أحمد الرشتي بعودته إلى كربلاء من إحدى أسفاره:

بشرى فقل حيِّ البشيــــرا
حيَّته أقطـــار السمـــا
لورود سفرٍ طالــــع الـ
 

 

ملئت بها الدنـــيا سرورا
والأرض وابتسمت الثغـورا
إقبال قد وفى سطــــورا(78)
 

فالشاعر يستبشر بقدوم السيد أحمد، ويفرح بعودته سالماً إلى كربلاء، وهو يرى أن الدنيا قد ملئت سروراً وفرحاً بعودته، وأنَّ العالم أجمع قد فرح واستبشر به، ولا تخفى الصياغة المدحية التي استعملها الشاعر في هذه التهنئة .

وروي أن السيد أحمد الرشتي تكدَّر يوماً على رجلٍ من أصحابه قد أساء إليه في أمر من الأمور، فاعتذر الشاعر جواد بدقت نيابة عن هذا الرجل، فقال:

يا ابن النبيِّ كنْ صافحـــا
ًإني أجلُّ علاك أن يغتاظَ عن
 

 

عمّا جنى العبد المسيء الآثــم
ذنبٍ وأنت لكل غيظٍ كاظـــم(79)
 

فالشاعر هنا يوظف المعاني الإسلامية لطلب الاعتذار من شخص السيد الرشتي، فهو ينعته بـ (ابن النبي) و (الكاظم الغيظ) وهي معانٍ قد تؤثر في شخص المعتذر منه، فيقبل العذر، ويسامح المسيء ...

وقال في ممازحة أحدهم:

لقد أشبهت في شرب الحميـــا
وفيها صرتما فرسي رهـــانٍ
 

 

يزيدَ فلا سقى غيثاً يزيــــدُ
فقل لي أنَّ أيكما يزيـــــدُ(80
 

قال محقق الديوان: « ... ومن نوادره: كان في بغداد منتدى مطل على دجلة يعرف بـ (القهوة) يجتمع فيه فريق من الأدباء، فحضر هناك أديب ثمل، فأنشد بيتاً للعرب مغلطاً، فأراد المترجم له (يعني الحاج جواد بدقت) أن يصلحه فجابهه الثمل بخشونة فما كان من جواد إلا أن خاطبه .... »(81) بهذين البيتين ...، ولا يخفى حسن الجناس، والتورية في هذين البيتين، مما يدل على حسن تلاعب الشاعر بألفاظ النص لينتج من ذلك معنىً مؤثراً ...

وكان الشاعر ملازماً لمجلس السيد أحمد الرشتي فانقطع يوماً عنه فأوحش الرشتي انقطاعه، فبعث رسولاً يتفقده، ويعرف السبب، فعاد بقصيدة من الشاعر، منها:

تا الله لو أبصرتني يا سيــدي
ما لي محيصٌ أبداً عن مقعـدي
وليس لي من خلق ومن جــدد
 

 

منحصراً في البيت مثل المقعــدِ
قد غسلوا عمامتي وبــــردي
سوى رداء خلـق مســـــَّدِ(82)
 

وتأخذ القصيدة طابع الفكاهة، والممازحة، ولا تخلو من ظرافة، وحسن تعليل ...

6 – أغراض أخرى:

وهي قليلة في الديوان، ولم تستحوذ على نصيب منه، منها الهجاء، في مثل قوله في هجاء إبليس اللعين وقد نعته بـ (أبي مرَّة):

إنَّ أبا مرَّة الغوي لقد
تجاوز الحد في غوايته
 

 

جاء من المخزيات في سرف
كأنَّه بعض ساكني النجف(83)
 

ومن الأغراض الأخرى القليلة في الديوان قوله في شكوى الزمان:

ألقى المساءَ بلا صبــــا
إنَّ الزمانَ به أقيــــــم
إني على طول المــــدى
 

 

حٍ والصباح بلا مســاءِ
لما يفيض من العطـــاء
ما يستمرُّ به بقائــــي(84)
 

فمساؤه لا يأتي بعده صباح من طوله، وكثرة سهره، وقد ضاقت به ذات اليد حتى إنَّه يشكو زمانه من قلة عطائه، وبخله ...

وللشاعر أبيات متفرقة في هجاء أعداء أهل البيت، وهي تأتي ضمناً مع الأغراض الأخرى(85) ...

المبحث الثاني : الخصائص الفنية في شعره

يعد النص الأدبي نتاجاً فنياً، له مجموعة من الخصائص الفنية التي تميزه عن باقي النتاجات، مثلما تميِّز الشاعر أو الكاتب عن غيره من الشعراء أو الكتّاب، إذ لكل واحد منهم طريقة في التعامل مع مفردات اللغة في إنتاج النصوص الإبداعية، ولمّا كان في شعر الحاج جواد بدقت الأسدي من الخصائص الفنية ما تميزه من غيره، فقد حاولنا في هذا المبحث أن نسلط الضوء على أبرز هذه الخصائص متوخين الإيجاز بحسب ما تقتضيه منا طبيعة البحث العلمي، وقد تناولنا ذلك على وفق المحاور الآتية:

1. مطالع القصائد .

2. الإيقاع .

3. الألفاظ والتراكيب .

4. الصورة الفنية .

1 – مطالع القصائد:

منَ الأمورِ المهمَّة في القصيدةِ العربيَّةِ - على اختلاف أزمنتها – مطلعُها، وسمَّاهُ البلاغيونَ (حسنَ الابتداءات)(86)، وسمَّاهُ بعضهم (براعةَ الاستهلالِ) (87) وقالوا في تعريفه: « أنْ يأتيَ الناظمُ، أو الناثِرُ في ابتداءِ كلامِهِ ببيِّنة، أو قرينةٍ تدلُّ على مرادِهِ في القصيدةِ، أو الرسالَةِ .... »(88)، ومقدمة القصيدة « أشبه بالشفرة الفنية التي تحمل رموز القصيدة، وضعها الشاعر في مطلع قصيدته لتوحي بجوها، وتومئ لموضوعها، وتلمح لفكرتها، ووظيفتها للقصيدة كوظيفة المقدمة الموسيقية للأغنية، فمن المقدمة الموسيقية يتبين السامع إن كانت الأغنية راقصة، أم مطربة، أم حزينة، أم دينية، أم نشيداً، أم غير ذلك ... »(89) .

لقد عني الشاعر بمطالعِِ قصائده، وأكَّد عليها تأكيداً واضحًا، ولعلَّ ذلك يعكس إيمانهُ بقضيَّةٍ مفادُها أنَّ للمطالِع والابتداءاتِ قيمةً فنيَّةً، وأهميَّةً شعوريَّةً على اختلاف العصورِ؛ بوصْفِها الجزءَ الأوَّل الذي يفاجئُ القارئ، ويشنِّف مسامِعه، فلا بدَّ أن يكونَ لها وقعُ حسنٌ(90)، ومنْ هنا فقدْ ركَّزَ النقَّادُ القدامَى على هذه الظَّاهرة، وأوْلوْها عنايةً كبيرةً، وأشار فريق منهم إلى منْ برعَ في هذا الجانبِ، مثلَما نبَّهوا على المطالع التي لمْ تلْقَ استحْسانَ النَّاسِ على اختلافِ أزْمنَتِهِم(91) .

وتعد المقدمة الغزلية ظاهرة متميزة في مطالع قصائد شاعرنا، فهو يمهِّد لغرض القصيدة الأساسي بمقدمات يفوح منها رائحة الغزل، ذلك « انّ قيثارات القلوب أشدُّ اهتزازاً للحنه، ولأنَّ نغمات لحنه متنوعة، فمنها المشجيُّ، ومنها المفرحُ ... »(92)، قال في مطلع إحدى قصائده في رثاء الحسين (عليه السلام):

بواعثُ أنّي للغرامِ مؤازر
يعاقب فيها للجديديــن وارد
ذكرت لها الشوق القديم بخاطر
وإن لم تراعِ للوداد أوائــلاً
 

 

رسوم بأعلى الرقمتينِ دوائـر
إذ انفكَّ عنها للجديدين صـادر
به كل آنٍ طارق الشوق خاطر
فما لك في دعوى الوداد أواخر(93)
 

ثمَّ ينتقل بعد ثلاثة عشر بيتاً إلى الغرض الرئيس من القصيدة المتمثل في رثاء الحسين (عليه السلام) وأهل بيته، وأصحابه، فيقول:

غداة أبو السجاد والموت باسـط
 

 

موارد لا تلفى لهنَّ مصادرُ
 

ويلاحظ على مقدمته هذه اختلاط الغزل بنغمة حزينة مع ذكر الأطلال التي عفا عليها الزمن، وهو في هذا الاتجاه ينحو منحىً تقليدياً، ذلك أنَّ الأدب العربي قد حفل بمثل هذه المقدمات في افتتاح القصائد ذات الطابع الديني، ويلاحظ على ألفاظ النص استعمال الشاعر ألفاظ الغزل المعروفة مثل (بواعث الغرام، والشوق، وطارق الشوق، والوداد، ...) ..

وقد يتخذ الشاعر من الغزل في مقدمة القصيدة باعثاً للاشتياق، واستعادة الذكريات المؤلمة، حتى إنَّه يذرف الدمع في طلول وقف بها، وتبوأ منزلاً فيها، ويتمنى أن يعيد الزمانُ نفسه، وانّى له ذلك !! يقول في مطلع قصيدة رثى بها السيد حسن الخرسان:

أهبَّت به للاشتياقِ نـوازع
طلول بها قلبي تبوأ منـزلاً
وقفت بها واليعملات كنوئها
أجدُّ له في أنني أستعيــده
 

 

بأيمن خفان الطلول البلاقــــع
كأنَّ روابيـــها عليه أضالــع
ودوح الهوى من فيض دمعي يانع
فيثني بتأنيبي كأنَّك راجـــــع(94)
 

ثمّ ينتقل بعد ذلك إلى الرثاء، ويعدد مناقب المرثي، ويثني على خصاله، وصفاته الحميدة . ويلاحظ على أبيات هذه المقدمة استعمال الشاعر ألفاظ الغزل: (الاشتياق، قلبي تبوأ منزلاً، دوح الهوى ..)، وألفاظ الطلل (خفان، الطلول، البلاقع، الروابي، ...) ... .

وقد يتخذ الشاعر من الغزل مقدمة لقصائده المدحية، كقوله:

جاءتك تسعى تحت أذيال الدجى
جلَّلها بجنحـه وأنَّهــــــا
جلَّ الذي لو شاء أن يستــرها
جاءت تثنى لا هـوى بل مرحا
 

 

توهمك الصبح إذ تبلَّجــــا
تخاله يسترهــا إذا سجــا
لم يورِ في ديباجتيها سرجــا
وقد توارت لاحيـاً بل غنجـا(95)
 

ثمّ ينتقل بعد ذلك إلى المدح، فيعدد صفات ممدوحه، راجياً منه العطايا والنوال، ويلاحظ على أبيات هذه المقدمة الطابع التقليدي، ومحبوبته هذه ليست سوى رمز يدخل منه الشاعر إلى جو القصيدة، ويلفت به انتباه ممدوحه ليحصل منه على ما كان يتمناه .. ونلحظ – أيضاً – في هذه المقدمة الغزلية خفَّة الألفاظ، وطرافة المعنى، وهي ما تميِّز مقدماته الغزلية في شعر المديح خاصة، بينما نلحظ أنَّ ألفاظ المقدمة الغزلية في شعر الرثاء عنده تختلط مع النوح، والبكاء، والاشتياق، وتتداخل مع المقدمة الطللية، مثلما وجدناه في الأمثلة السابقة ...

ونجد الشاعر – في أحايين كثيرة – يتخذ من الغزل مدخلاً رئيساً للقصيدة من خلال ذكر الممدوح من أول بيت فيها، كقوله في قصيدة يمدح فيها الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام):

ذكر عليِّ المرتضى تلذذي
 

 

وبه ومما أختشيه منقــذي(96)
 

فلا مقدمة غزلية رمزية، ولا وقوف على الطلل، وإنما تتخذ هذه المقدمة طابع الواقع الوجداني الذي أحسَّه الشاعر، فعبَّر عنه مباشرة في مطلع القصيدة ...

وقد يفتتح الشاعر قصائده بالمقدمة الطللية، ويذكر فيها العيس، ويصف رحلتها، كقوله في مطلع قصيدة رثائية:

ضعضع العيس في العراصِ العراضِ
ضابحاتٍ لا تتقـــــي من كلال
ضارعات لحيث ترسَّلها الحــادي
ضربت للغري طولاً وعرضـــاً
 

 

لست عن سعيهِنَّ بالمعتـاضِ
قد أفاضى في البيدِ كلَّ مفاضِ
سهاماً حدَّيــن بالأنبــاضِ
بالمرامي الفيح الطوال العراضِ(97)
 

ثمَّ ينتقل إلى الغرض الرئيس للقصيدة، فيقول:

ضمَّ جسماً فيه خزانة علــمٍ
 

 

فيه أنبـــاء كلِّ آتٍ وماض
 

وقد يفتتح قصيدته بوصف الخمرة، كقوله في تهنئة السيد أحمد الرشتي بعقد قرانه:

هي والراح أسفر إسفــاراً
أشرقا حين لا حجاب فيحمى
بين صحبٍ إلى البطالة فيها
لم يكونوا بني الخلاعة بل لم
 

 

فأعاد ليل الندامــى نهـارا
عن تعاطي اجتلاهما الأبصارا
قد دعت فيهم البـدار البدارا
يتعاطوا شرب المدام اختيارا(98)
 

وقد يتخذ الشاعر لقصيدته مقدمة حماسية يفوح منها لهيب النفس المضطرمة لفقد حبيبٍ له، أو عالم كبير، إذ يقول في مقدمة قصيدة له في رثاء الشيخ مرتضى الأنصاري:

قل للمنايا لالعاً فجعجعـــي
ما للردى جرَّعـه الله الردى
دعاهم حيَّ على مــواردي
مهما رأى مهيمناً على الهوى
 

 

قد بلغ السيل الزبى فاتلعـــي
لم لا رعى بني الهوي فلا رعي
فليته إلى الذي دعا دعــــي
ناداهما: أيتها النفس ارجعـي(99)
 

ثمَّ ينتقل بعد ذلك إلى رثاء الشيخ الأنصاري، فيقول:

أسمعنا داعية بالمرتضـى
 

 

تستك منه باب كل مسمـع
 

ويلاحظ على هذه المقدمة صدق انفعال الشاعر مع هذا الحدث المروع، فالمنايا تغتصب المحبين خلسة، ولم يراعِ الحبيب وتعلقه بمحبوبه، والشاعر يتمنى أن يصاب الموت بمثل ما أصابه من فقد الحبيب، ويقول: ليت الموت يدعى إلى مثل الذي يدعو إليه، وفي هذا الموضع نلمح عظم مصاب الشاعر بفقد الشيخ مرتضى الأنصاري، وعمق وقعه على قلبه، حتى نفَّس عما يجول في نفسه بهذه الأبيات التي تهتز لها المشاعر، والأحاسيس .

2-: الإيقاع:

لا شكَّ أنَّ الشعر يحلو بموسيقاه، لأنَّها قادرة على أن تكسب الشعر الخلودَ، وإليها يعزى جمال الشعر(100)، فالموسيقى في الشعر « لديها قدرة في تجسيد الإحساس المستكن في طبيعة العمل الشعري نفسه، مع قدرة الشاعر على ربط بنائه الفكري متلبساً ببنائه الموسيقي ... »(101) .

وهناك نوعان من الإيقاع:

الأول: الإيقاع الخارجي، وهو الأوزان والقوافي .

والآخر: الإيقاع الداخلي للبيت الشعري من خلال أنواع البديع من جناس وترصيع وتكرار .

ويتشكل الإيقاع الخارجي في المجال الإيقاعي الرحب في الهيكل العام للقصيدة العربية الحديثة لكونه يضطلع بوظيفة التنظيم الجمالي للقصيدة من خلال مجموعة من القضايا التي تمت بصلة إلى الإطار العروضي كالوزن والقافية، فهو « إيقاع منتظم للظواهر المتراكبة، وهو الخاصية المميزة للقول الشعري والمبدأ المنتظم للغته ... »(102) .

ويمثل الوزن الشعري أول تجليات الإيقاع الخارجي، وهو ركن أساسي من أركان الشعر، ولا يمكن الاستغناء عنه(103)، ومن خلال دراسة شعر الحاج جواد بدقت الأسدي وجدناه قد أحسن توظيف أوزانه، وجاءت أشعاره على الأوزان الآتية:

الأوزان

عدد القصائد والمقطعات والأبيات المفردة

النسبة المئوية

الكامل ومجزوءه

19

21.84 %

الرجز ومجزوءه

16

18.40 %

الطويل

15

17.25 %

المتقارب

8

9.20 %

الرمل ومجزوءه

7

8.04 %

الخفيف

6

6.90 %

البسيط

5

5.75 %

الوافر

4

4.60 %

السريع

4

4.60 %

المنسرح

1

1.14 %

المجتث

1

1.14 %

المديد

1

1.14 %

المجموع

87

100 %

نلحظ من الجدول المذكور آنفاَ: أنَّ الشاعر قد نظم شعره على أوزان الشعر العربي المشهورة، فضلاً عن التنوع في استعماله البحور الشعرية، وهو دليل على تمكن الشاعر من خلال تطويعه الإيقاعات الموسيقية بما يتلاءم وحالته النفسية، فقد نظم على أوزان الشعر الأساسية، وهي (الكامل، والرجز، والطويل، والمتقارب، والبسيط، والوافر، والخفيف) لاحتوائها على قدر أكبر من التفعيلات التي تساعده في التعبير عن تجربته الشعرية .

ومن خلال دراسة توزيع هذه الأوزان على الأغراض الشعرية التي طرقها في ديوانه، يتبيَّن الآتي:

الأوزان الشعرية

المديح

الرثاء

الغزل

الوصف

الإخوانيات

الأغراض الأخرى

الكامل ومجزوءه

8

3

1

3

4

-

الرجز ومجزوءه

7

2

3

3

1

-

الطويل

7

3

-

3

1

1

المتقارب

3

2

2

1

-

-

الرمل ومجزوءه

4

-

3

-

-

-

الخفيف

4

-

-

-

1

1

البسيط

3

1

-

1

-

-

الوافر

1

-

1

1

1

-

السريع

2

-

1

1

-

-

المنسرح

-

-

-

-

1

-

المجتث

-

-

1

-

-

-

المديد

-

-

1

-

-

-

نلحظ من الجدول المذكور آنفاَ توزيع الأوزان الشعرية على أغراض الشعر المختلفة، وعدم التزام الشاعر بالربط بين الغرض والوزن الشعري ..

وتعد القافية عنصراً مهماً من عناصر القصيدة بوصفها المحور الآخر لإيقاعها الخارجي، وهي مكملة للوزن، ولازمة من لوازمه(104)، وتمثل « الفواصل الموسيقية التي يتوقع السامع ترددها »(105) في نهاية كل بيت من أبيات القصيدة .

إنَّ القافية « تستطيع الاستحواذ على سياق الصورة، وتحويره وفق ضروراتها، كما تستطيع الاعتناء بالقافية، أي إنَّ القافية توهن الصورة أو تغنيها وفقاً لمكنة الشاعر ... »(106)، واقتران القافية بالوزن يخلق شعوراً بوحدة الإيقاع المناسبة لوحدة المعنى ..

ومن خلال دراستنا لشعر الشاعر؛ وجدنا أنَّه قد اختار أغلب حروف الروي التي عرفتها قوافي الشعر العربي،واختياره لتلك القوافي يتوقف على ذوق الشاعر وأسلوبه، فقد استطاع الشاعر أن يختار القافية التي تناسب الفكرة التي ينظمها، فهناك بعض الحروف تنسجم مع بعض الموضوعات، ويوضح الجدول الآتي استعمال الشاعر لحروف الروي، ونسبة استعمال كل حرف بالنسبة إلى مجموع القصائد والمقطعات وكذلك الأبيات المفردة في ديوانه:

حروف الروي

عدد مرات تكرارها

النسبة المئوية

الهمزة

5

5.6 %

الباء

4

4.3 %

التاء

3

3.3 %

الجيم

3

3.3 %

الحاء

1

1.1 %

الخاء

1

1.1 %

الدال

12

13.7 %

الذال

1

1.1 %

الراء

12

13.7 %

الزاي

1

1.1 %

السين

2

2.2 %

الشين

2

2.2 %

الصاد

1

1.1 %

الضاد

1

1.1 %

الطاء

2

2.2 %

الظاء

1

1.1 %

العين

6

6.8 %

الغين

1

1.1 %

الفاء

3

3.3 %

القاف

1

1.1 %

الكاف

1

1.1 %

اللام

6

6.8 %

الميم

11

12.5 %

النون

6

6.8 %

الواو

(حرف لين)

3

3.3 %

المجموع

87

100 %

ومن خلال الجدول السابق يتبيَّن لنا أن حرفي الراء والدال قد شكَّلا الحضور الأكبر بين باقي حروف الروي التي استعملها الشاعر، وبلغت نسبة كل واحد منهما (13.7 %)، وهذا يعود إلى طبيعتهما الصوتيَّة، فالراء صوت ترددي تكراري ينتج عن « تكرار ضربات على اللثة تكراراً سريعاً، فعند النطق بصوت الراء يكون اللسان مسترخياً في طريق الهواء الخارج من الرئتين، بينما يتذبذب الوتران الصوتيان ويضرب طرف اللسان ضربات سريعة متلاحقة على اللثة »(107)، وهو من الأصوات التي « تجيء روياً بكثرة، وغن اختلفت نسبة شيوعها في أشعار الشعراء ... »(108)، وأما الدال فهو من أصوات القلقلة التي تمتاز بشدتها(109) .

وتلا هذين الحرفين استعمال الشاعر لحروف الميم والعين، واللام والنون ... الخ .

ويلاحظ على شعره وجود ظاهرة شاعت في القرن التاسع عشر، وهي فن (الروضة)، وتعني الروضة: « أن ينظم الشاعر قصيدة كاملة على حرف واحد من حروف العربية بحيث تبدأ كل أبياتها بهذا الحرف وتنتهي به .. »(110)، وهذا التشكيل الفني يعكس مقدرة الشاعر، وتفننه في الصياغات الشكلية للقصيدة، إذ يشكل حرف الروي تكراراً لحرف سبق وروده في أول البيت الشعري، ويستمر تكراره على مدار القصيدة كاملة، حتى يبدو حرف الروي للقصيدة من أول البيت، وينتهي به ...

لقد وفق الشاعر في اختيار القوافي لجميع الأغراض الشعرية التي تناولها في ديوانه، وهذا الاختيار نابع من فهم الشاعر، واستعماله لقوافيه على أساس الشيوع والانتشار، والقافية مثَّلت لديه جانباً من جوانب الموسيقى الشعرية في النص المطلوب .

أما ما يخص الإيقاع الداخلي، فقد وظَّف الشاعر مجموعة من المنبهات الصوتية التي لها دورٌ في تشكيل الإيقاع الصوتي بين أجزاء القصيدة ومفاصلها، ولعلَّ من أبرزها الجناس بأنواعه، فمن ذلك قوله:

لقد أشبهت في شرب الحميـــا
وفيها صرتما فرسي رهـــانٍ
 

 

يزيدَ فلا سقى غيثاً يزيــــدُ
فقل لي أنَّ أيكما يزيـــــدُ(111)
 

وهو من الجناس التام، فـ (يزيد) في البيت الأول عنى به الشاعر 0 يزيد بن معاوية بن أبي سفيان) أحد خلفاء بني أميَّة، و (يزيد) في البيت الثاني جاءت من الزيادة التي هي ضد (النقصان) .

ومن الجناس الناقص قوله:

أنيط على الخط وشــي النظام
لأنَّ الحظوظ صفات الكمـال
 

 

وأنت لذاك النظام منيــــط
وأنت بكل كمال محيــــط(112)
 

فـ (منيط)، و (محيط) من الجناس الناقص الذي أسهم وروده في تشكيل الموسيقى الداخلية للنص الشعري ..

ويلاحظ على مواضع الجناس التام، والناقص في هذين الموضعين - وفي غيرهما من المواضع - أنَّ الشاعر اجتهد في أن يلمَّ بأطراف هذا الفن، مدركاً أهميَّته في إشاعة النغم الداخلي للألفاظ المتجانسة، عن طريق تلاحق الحروف المتماثلة داخل اللفظة مع الأخرى، ومن ثَمَّ إثارة المتلقي، وتوجيهه نحو المعنى الذي يتوخاه الشاعر في شعره ...

ومن المنبهات الصوتية – أيضاً – التصريع، وهو يكثر في مطالع القصائد، لأنَّ « أول ما يقرع السمع به، ويستدل على ما عند الشاعر من أول وهلة »(113)، ويمثل هذا الفن مظهراً من مظاهر التقليد عند الشاعر، فقد جرت عادة الشعراء استعمال هذا الفن ليدلوا من خلاله على قافية البيت(114)، وتتأتى أهميته في خلق الإيقاع المتناغم مع المضمون في تركيبه الدلالي، بوصفه تكراراً حرفياً، فمن ذلك قوله:

لم يبلغ العذّال ما أمَّلـــوا
 

 

يبقى الغرام هو الغرام الأوَّلُ(115)
 

فجاءت آخر كلمة في الشطر الأول (أمَّلوا) موافقة لآخر كلمة في عجزه (أوَّلُ) في الوزن العروضي (فَاْعِلُنْ)، وحرف الروي (اللام) المشبعة بحرف العلة (الواو) ن وهذا ما جعل البيت أكثر رواقاً للسامعين، وأحسن استجلاباً لاهتمامهم ...

ومن المظاهر الإيقاعيَّة في شعره، وحسن ملاءمة الصوت للمعنى؛ التكرار بأنواعه، ومنها تكرار الأصوات، إذ إنَّ تكرار الصوت يوفر إيقاعاً داخلياً يسهم في تشكيل الإيقاع العام، مثلما يعكس جانباً من دلالة المضمون بالنسبة إلى السياق الوارد فيه، ففي قوله مثلاً:

سرينــا إلى حيدَرٍ من حسينٍ
ركبنا سفينة ألطافــــــهِ
 

 

فنلنا لديه عطاءً حسابـــا
فسارت بنا فأرتنـا العجـابا(116)
 

نجد أنَّ صوت السين قد تكرَّر خمسَ مرات، في سياق وصف السفر من كربلاء إلى النجف الأشرف، وتكرار السين قد منح هذين البيتين جوّاً من الانسياب دلَّ على الحركة والفعل، إذ إنَّ صوت السين من الأصوات الصامتة، الاحتكاكية، اللثوية، المهموسة(117)، ويفسح للهواء – عند النطق به – أن يمرَّ بسهولة ويسرٍ، فيتناغم الحرف مع دلالة البيتين في الحركة والفعل .

وشكَّل تكرار حرف العين في مطلع قصيدة له في الغزل:

عرِّج والحبيب وادعـــه
عجَّ ينادي كان لي قمــر
عوَّدني مذ كنت أقصــده
عدا عن النهجِ القويمِ هـل
 

 

مستخبـراً عن مرابعـــه
وأنت قد كنت مطالعــــه
بكلِّ بشرى أن أطالعــــه
صانعني لكي أصانعــــه(118)
 

تعبيراً عن الحالة النفسية التي يعاني منها الشاعر، بما يفصح عن رغبته في التعبير عن تلك الحالة، لما في حرف العين من خصائص تجعل طبيعة هذا الصوت تتناغم مع طبيعة النفس التواقة للتعبير عن أحاسيسها ومشاعرها، ذلك أنَّ صوت العين من الأصوات المجهورة، الحلقيَّة، الاحتكاكيَّة، الصامتة(119)، وهذا التوظيف الصوتي – لعله – نابعٌ من طبيعة الشعر الذي يستعمل تآلف الأصوات في خلق تأثيراتٍ موسيقيَّة تسهم في الكشف عن أبعاد النص، ومناسبة شكله لمضمونه .

ومن أنواع التكرار أيضاً؛ تكرار الألفاظ، فقد سعى الشاعر – في مواضع كثيرة – إلى أن يكرر ألفاظاً بعينها من أجل « إشاعة الفكرة التي يريد أن يطرحها »(120)، وكذلك من أجل إحداث التأثير في المتلقي، وتوجيه تركيزه نحو اللفظة المكرَّرة، من ذلك تأكيد لفظة (سيدي) 27 مرَّة في قصيدة واحدة(121)، في سياق تعظيم الممدوح، وإظهار الاحترام له، وكلمة (شكراً) 4 مرات في قصيدة أخرى(122) في سياق تعزيز الشكر والعرفان لشخص الممدوح، ولفظة (صرحٌ) 30 مرة في قصيدة ثالثة(123)، في سياق الوصف، وغيرها كثير .

وشكَّل تكرار التركيب ظاهرة متميزة في شعره، وكان له دورٌ مهم في تـأكيد المعنى، وتقوية الدلالة، والإلحاح عليها من جانب، ولتشكيل الإيقاع الصوتي المنتظم من جانب آخر، إذ إنَّ تكرار تركيب معيَّن على مسافات منتظمة يضفي على النص إيقاعات متساوقة هي أشبه ما تكون بوقع أجراس متتابعة تقرع الآذان، وتوقظ الأذهان، ففي قوله مثلاً في سياق مدح الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام):

كلفت بلطف اللطيـــف الخبيـر
وثقت بشأن العلــــي الكبيــر
حلفت بعين السميــع البصيـــر
 

 

بأنَّك لطف اللطيـــف الخبيـر
بأنَّك شأن العلــــي الكبيــر
بأنك عين السميــع البصيـــر(124)
 

نجد أنَّ الأبيات الثلاثة انبنت على تشكيل تركيبي واحد هو:

المصراع الأول: فعل + فاعل + حرف جر + اسم مجرور+ صفتــان .

المصراع الثاني: حرف جر + حرف مشبَّه بالفعل + ضمير النصب (الكاف) (اسم) + خبر كأنَّ + صفتان .

وهذا النوع من التكرار أضفى على النص تشكيلاً إيقاعياً داخلياً يعزِّز جانب المعنى في تأكيد مضمون هذه الأبيات الثلاثة على نسق واحدٍ، علاوة على التكرار اللفظي في كل بيت ...

3: - الألفاظ والتراكيب:

يتشكَّل اللفظ من ائتلاف مجموعة من الأصوات، تشترك مع بعضها لإنتاج الدلالة، وبائتلاف الألفاظ مع بعضها يتشكَّل التركيب، وعن التركيب يتنشكَّل المعنى السياقي، إذ إنَّ كل تأليف صوتي تنتج عنه دلالة معيَّنة(125) .

ومن خلال دراستنا لألفاظ الشاعر في ديوانه، وجدنا ألفاظه – بصفة عامة – تميل إلى السهولة، والوضوح، والابتعاد عن التعقيد، ويبدو أنَّ طبيعة المجتمع العراقي بعامَّة، والكربلائي على وجه الخصوص قد جعلت الشاعر يبتعد عن الألفاظ الغامضة، والمعقَّدة، إذ إنَّ المجتمع عانى من ضعف في الثقافة في ظلِّ تسلطٍ أجنبي فرضَ لغة جديدة بعيدة عن روح العربية وأصولها (سياسة التتريك)، ويبدو أنَّ هذا كان من أشد الأسباب التي انعكست آثارها في تـأخر البلد، وعطَّل حياته عن التطور(126) .

لقد استعمل الشاعر الألفاظ الواضحة، المفهومة من طبقات المجتمع كافة، مع الابتعاد عن الابتذال، والركاكة اللغوية، واللهجة العامية، على أننا نلمح ورود ألفاظ غير عربيَّة في شعره، وهو أمرٌ طبيعي فرضته هيمنة الاحتلال في القرن التاسع عشر وخضوع العراق تحت سيطرة الدولة العثمانية، وتوسع نفوذ الفرس في المجتمع الكربلائي على وجه الخصوص، فوجدنا ألفاظاً لم نجد لها في قاموس العربية من وجود، مثل (الدسوت) بمعنى الكراسي(127)، و (نمد) وهو نوع من النسيج الصوفي الملبَّد، يؤتى به من إيران(128)، و (الجرداغ)، وهي لفظة تركية يراد بها المكان المضيء الذي ينصب في المزارع، أو على ضفاف الأنهار(129)، وغيرها ...

وربما لجأ الشاعر إلى ترجمة بيتٍ شعريٍّ من الفارسية أو التركية إلى العربي، كقوله في ترجمة بيت من الفارسية:

إنْ مرَّ تابوتــــي
إما لتشييعـــــي
 

 

بداركِ [ فـ ](130) اخرجـــي
أو [ لـ ](131) لتـفـــــرجِ(132)
 

قال محقق الديوان: « جاء في المجموع الخطي: وله أيضاً في ترجمة بيت فارسي:

دركربت وسد تابـــوت
أكرهم نخــوا هـي آمْدَه
 

 

من از خانـــــه برون آ
آن يـا تماشـا كـــن »(133)
 

مما يدلُّ على إتقانه اللغة الفارسية، إذ استطاع أن يصل إلى مرحلة الترجمة، وهي مرحلة تحتاج إلى إتقان ومعرفة بجميع أساليب اللغة المترجم عنها .

ومثل ذلك يقال في الترجمة التركية، فقال:

قلت هل كان على وجنتك النوراء خالْ
 

 

فأجابت مركز الروم من السودان خالْ(134)
 

قال المحقق: « أصل البيت بالتركية:

درم جانا رخك أزره بخون خال سياهل يخ
 

 

دوي معمورة جشدن بادشاه المز»(135)
 

ولو حاولنا تصنيف ألفاظ الديوان على مجموعات، فإننا سنخرج بالمحصلة الآتيــة:

1- ألفاظ الدين:

وهي الغالبة على الديوان، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: (الأنبياء(136) – حضيرة القدس(137) – سندس الجنات(138) – العلي(139) – الصمد(140) – النبي(141) – المصطفى(142) – علم الهدى(143) – أم الكتاب(144) – نهج المهتدين(145) – يوم الحسين(146) – ركن الهدى(147) – ابن النبي(148) – شمل الدين(149) – سبط الهدى(150) – كتاب الله(151) – طلعة الهادي البشير(152) – الدين(153) – نور الوجود(154) – المرتضى(155) ...)، وغيرها، واتجاه الشاعر في ذلك اتجاه وصفي، يضفي بعض هذه الصفات على شخص الممدوح ليزيد من منزلته بين الناس، أو أنه استعملها في الرثاء سواء أكان في رثاء أهل البيت، أم رثاء الأحبة والأصحاب ليزيد من هول المصاب الناتج عن فقد المرثي ...

2- ألفاظ الغزل:

وتكثر في مقدمات القصائد، ومطالعها، وكذلك في الأبيات المخصصة للغزل بوصفها غرضاً مستقلاً، ومنها على سبيل المثال لا الحصر (شوقي(156) – هواكَ (157)– رامية(158) – اشتياقك(159) – الغرام(160) – البشير(161) – الاشتياق(162) – قلبي(163) – مهجة(164) – ثغر(165) – حبيبي(166) – يا نسيم الكرخ(167) – الشوق(168) – سماء الحسن(169) – هواكِ(170) – داعي الغرام(171) – تلذذي(172) ..) وغيرها، واتجاه الشاعر في هذه الألفاظ اتجاه رمزي، ففي مقدمات القصائد حاول الشاعر أن ينحوَ منحى القدماء في افتتاح قصائده بالمقدمة الغزلية، لذلك جاءت هذه الألفاظ في سياق التمهيد للقصيدة، والمقدمة للولوج إلى الغرض الشعري، وفي القصائد المخصصة للغزل استعملها الشاعر في الترويح عن النفس، وتحلية الأجواء، فلم يعرف عن الشاعر أنَّه أحبَّ فتاة، أو تغزَّل بواحدة على سبيل التعيين .

3- أسماء الأعلام:

اشتمل ديوان الحاج جواد بدقت على حشدٍ كبير من أسماء الأعلام، ويمكن تصنيفها على النحو الآتي:

‌أ- أسماء الأنبياء: ومنهم (أحمد(173) – عمران(174) – موسى(175) – المصطفى(176) – عيسى(177) – سليمان(178) – محمد(179) - نوح(180)– إبراهيم(181) – هارون(182) – يحيى(183))، واتجاهه فيها اتجاه وصفي، وكثيراً ما يعقد موازنات بين ما أصاب الأنبياء، وما حلَّ بأهل البيت (عليهم السلام)من مصائب ونكبات ..

‌ب- أسماء الشخصيات الإسلامية من غير الأنبياء: ومنهم (خديجة(184) – حيدرة(185) – حيدر(186) – علي (187)– الحسين(188) – زينب(189) – السجاد(190) – الزهراء(191) – أبو الفضل(192) – فاطمة(193) ...) وغيرهــا .

‌ج- أسماء الشخصيات المعاصرة للشاعر: ومنهم (السيد أحمد الرشتي(194) – موسى شريف(195) – السيد كاظم الرشتي(196) – حسن الرشتي(197) – مرتضى قلي(198) – السلطان عبد العزيز العثماني(199) – مدني(200) – محمد أمين أفندي(201) – إبراهيم الخرسان(202) – السيد جعفر(203) – الشيخ مرتضى الأنصاري(204))، وصلة الشاعر بهذه الشخصيات صلة الصاحب والمرافق، وقد تناولها بالمديح أو الرثاء أو الشعر الإخواني ......

أما أسلوب الشاعر على صعيد التراكيب، فقد وظَّف مجموعة من الأساليب لها أهميتها على صعيد الصياغة التركيبية، وأول تلك الأساليب؛ أسلوب التعبير بالجملة الفعلية، وقد غطّى هذا الأسلوب مساحة كبيرة من ديوان الشاعر، يقول في إحدى قصائده في وصف حال بنات الرسالة في واقعة الطف:

أتدري حداة مطيّاتهـــــا
حريم يغار عليها الإلــــه
تَلاحَظَها في السبــا أغلـف
يطارحن بالنوْحِ ورق الحمام
يهمُّ الزفيرُ بأكبادهـــــا
تسير وتخفـى لفرط الحيـا
تنادي وقد كان غوث المنـا
 

 

بمن أرقلوا وبمن جعجعـــوا
وأملاكــه عندها تخضــع
ويحدو بها في السرى أكــوع
فهذي تنوح وذي تسجــــع
إلى أن تكاد به تنـــــزع
جواها ويعربــه المدمـــع
دي حماها وهل يفزع المفـزع(205)
 

فهذا النص يتشكَّل من مجموعة من الجمل الفعلية، أسهمت مجتمعة في رسم صورة حال السبايا، وهنَّ يُقَدْنَ إلى الشام، ويعود سبب استعمال الأسلوب الفعلي في هكذا مواقف إلى دلالة الجملة الفعلية على التنقل والتغيير، واستعمال هذا الأسلوب يضفي على المعنى الحركة والاستمرارية، (تدري – أرقلوا – جعجعوا – يغار – تخضع – تلاحظها – يحدو – يطارحن – تنوح – تسجع – يهمُّ – تكاد – تنزع – تسير – تخفى – يعرب – تنادي – يفزع ...) .

في حين نجد الشاعر يستعمل الجملة الاسمية في المواقف التي تحمل طابع الثبات والاستقرار، وعدم التغيير، ففي قوله مثلاً:

أنا الذي لما طـوى علم الهـــدى
عذري قصوري عن رثاه مسامحـاً
فالحمد في أم الكتابِ لكم جـــرى
 

 

وله بيوم النشرِ أصدق مقعـــدِ
ا سيدي به ويا ابني سيـــدي
لكم لواء الحمد ينشر في غــدِ(206)
 

استعمل الشاعر الجملة الاسمية لدلالتها على الثبوت والدوام، وهو ما يحقق الغرض المقصود من هذهِ الأبيات الثلاثة (أنا الذي – له بيوم النشرِ أصدقُ موعدِ – عذري قصوري – الحمد في أم الكتابِ لكم جرى – لكم لواء الحمد ينشر ..) .

ويلجأ الشاعر – في مواقف كثيرة – إلى استعمال الجملة الشرطية في التعبير عن المعنى، من ذلك قوله:

إنْ ورت في قرارة القلبِ نـار
لو يعاني شوقي غواشيه كالنفـ
 

 

فأوار مـن الهوى أوارهــا
ـسِ لألوى وليته عاناهـــا(207)
 

وأهميَّة الجملة الشرطية في هذا الموضع – وفي غيرها من المواضع - يتأتى من قدرة أداة الشرط على الربط بين جملتين، ربطاً يجعل معنى الجملة الثانية متصلاً بمعنى الجملة الأولى، وتكون الأداة بمنزلة الرابط الذي يقرب معنى الجملتين .

أما نوع الجملة من حيث كونها خبريَّة، أو إنشائيَّة، فقد وجدنا أنَّ الشاعر يميل كثيراً إلى الجملة الخبريَّة في الأغراض التي تناولها ولاسيما في المدح والرثاء والوصف وكذا الشعر الإخواني، ومردُّ ذلك إلى تنوع المعاني التي تنشأ عنها، إذ إنَّ الجملة الخبريَّة كثيراً ما تخرج إلى أغراض مجازيَّة تفهم من السياق، وقرائن ألأحوال، وهي كثيرة في ديوانه لا مجال لاستقصائها جميعاً، بيد أنَّه يوظف مجموعة من أساليب الإنشاء التي لها دلالتها في النص الشعري مثل النداء في قوله:

يا ابن النبيِّ المصطفى الممجَّـــد
فدلَّني ممن أنــال مقصــــدي
 

 

إن لم يكن منكم بلوغ أمــدي
ما خلق الله منيــل المجتـدي(208)
 

والاستفهام في قوله:

لقد قيل لي نهرٌ جرى حول قبَّــة
 

 

ابن كاظم هل عينٌ أسالته أم قطر؟(209)
 

وقد خرج الاستفهام في هذا الموضع إلى معنى المدح والمبالغة فيه .

كما وظَّف أساليب الأمر بصيغه المختلفة(210)، والقسم(211)، والدعاء(212)، والتمني(213) .

ومن أساليب الصياغة التركيبية عند الشاعر التقديم والتأخير، وهي ظاهرة متميزة في شعره، والمتأمل لصيغ ورودها في ديوانه يجدها تدل على أمرين:

الأول: الاختصاص .

والآخر: مراعاة نظم الكلام، وذلك « أن يكون نظمه لا يحسن إلا بالتقديم، وإذا أخر ذهب ذلك الحسن، وهذا الوجه أبلغ وأوكد من الاختصاص ... »(214) .

فمن التقديم والتأخير قوله في وصف قبَّة الحسين (عليه السلام):

تجلَّت لعيني في حمى الطفِّ قبَّـة
فقلت لصحبي حين لاحت لناظري
 

 

وميض سناها طبَّق الحَزْنَ والسهـلا
أيا صحبُ هذي قبَّة الفلك الأعلــى(215)
 

فقد أخَّر الفاعل، وقدَّم عليه الجار والمجرور، والمضاف إليه، فكأنَّ الشاعر يؤكد على موضع هذه القبَّة ومكانها (حمى الطف)، وهو ما نستشفه من السياق الذي وردت فيه ...

ومثل ذلك قوله مادحاً:

بهداه يستسقى وذكــــ
 

 

ـراه بها الداعي يجــابُ(216)
 

فقدَّم الجار والمجرور (بهداه) على الفعل المضارع المبني للمجهول، وهو ما دلَّ على اختصاص الهدى بشخص الممدوح .

ومن ذلك أيضاً قوله في المدح أيضاً:

لك الإخلاص فرضٌ في فؤادي
 

 

وإطراء المدائح في لسانــي(217)
 

وقد يعود التقديم والتأخير إلى المعنى السياقي، ففي قوله مثلاً:

سرينــا إلى حيدَرٍ من حسينٍ
 

 

فنلنا لديه عطاءً حسابـــا (218)
 

نجده قدَّم انتهاء الغاية (حيدر) على ابتدائها (حسين)، والمعنى السياقي هو الذي فرض عليه هذا التقديم، وذاك التأخير، ويوضحه الشطر الثاني، فبعد أن أكمل الشاعر زيارته هو والسيد أحمد الرشتي للحسين (عليه السلام) اتجها إلى زيارة النجف الأشرف فنالوا لديه (عطاءً حسابا)، إذ إن الشطر الثاني مقترن بزيارتهما قبر الإمام علي (عليه السلام)، وهو ما احتاج فيه الشاعر إلى تقديمه على (من حسين) ...

وخلاصة القول في كل ذلك: أنَّ الشاعر وظَّف الألفاظ السهلة، الواضحة، والتراكيب المستساغة التي تنم عن معنى واضح، وجمال في الصياغة، في شعره، وهو في كل ذلك يجاري طبيعة الحياة الثقافية في القرن التاسع عشر، والمحصلة الثقافية التي كان عليها الناس يومذاك، ولذلك سهلت ألفاظه، ووضحت معانيه، حتى إنَّ القارئ لا يحتاج إلى جهدٍ كبيرٍ في فهم المراد من سياقات نصوصه الشعريّة .

4: - الصورة الفنية:

تعد الصورة الفنيَّة من أهم العناصر التي يتشكَّل بها النص الأدبي، فمن خلالها تظهر قدرة الشاعر في استعمال اللغة في إظهار براعته، ومهارته، ومن ثمَّ مقدار تأثيره في المتلقي، والصورة « تشكيل لغوي يكوِّنها خيال الفنان من معطيات متعددة، يقف العالم المحسوس في مقدمتها، وأغلب الصور مستمدة من الحواس، إلى جانب ما لا يمكن إغفاله من الصور النفسية، والعقلية »(219) ....

وتَشْتَمِلُ الصورَةُ على أرْبَعَةِ عناصِرَ رئيسَةٍ:

الأوَّل: عنْصُرٌ ظاهريٌّ، يتشكَّلُ ممَّا تراهُ العيْنُ، وتَسْمَعُهُ الأذُنُ، وتحسُّهُ حواسُّ الإنْسانِ، وكلَّما تمكَّنَ الأديبُ مِنْ تحويلِ المعاني المجرَّدةِ إلى أشْياءٍ يُمْكِنُ إدراكُها بالحواسِّ؛ كانَ أقْدَرَ على التأثيرِ في مسْتَمعيهِ .

والثَّاني: عنْصُرٌ باطني، يشْتَمِلُ على خَيالِ المُبْدِعِ، ونَفسيَّتِهِ، ومدى قرْبِ موضوعِ نصِّهِ الإبداعي مِنْ نَفْسِهِ .

والثالث: الانفعالُ الذي يجْعَلُ المُبْدِعَ يتأمَّلُ تجربتَهُ، أو بِمَعْنىً ثانٍ العاطِفَةُ التي تدْفَعُ المُبْدِعَ لإنْتاجِ نصِّهِ الإبداعي؛ شعريًّا كانَ أو نثريًّا .

والرَّابِع: قيمَةُ الصُّورَةِ، وجديَّتِهَا (220).

ولو حاولنا أن نتلمَّس هذه العناصر في شعر الحاج جواد بدقت الأسدي؛ لوجدنا نماذج كثيرة تشتمل على أساليب عدَّة؛ استعملها الشاعر في رسم صورته، فمنها قوله:

سرينــا إلى حيدَرٍ من حسينٍ
لولا سقوط جنين فاطمة لمـــا
وبكسر ذاك الضلعِ رضَّت أضلع
وكما (عليٌّ) قوده بنجـــاده
وكما (لفاطمٍ) رنَّة من خلفــه
ويزجرها بسياطٍ (قنفذ) وشّحت
وبقطعهم تلك الأراكة دونهـــا
لكنَّما حمل الرؤوس على القنــا
كل كتاب الله هذا صامــــت
 

 

فنلنا لديه عطاءً حسابـــا (218)
أودى لها في كربلاء جنيـــنُ
في طيِّها سرُّ الإله مصـــون
فله (عليٌّ) بالوثاقِ قريـــن
لبناتها خلف العليل رنيــــن
بالطف في زجر لهنَّ متـــون
قطعت يدٌ في كربلاء ووتيــن
أدهى وإن سبقت به صفّيـــن
خافٍ وهذا ناطقٌ ومبيــــن(221)
 

إنَّها صورة جميلة، تجسد فيها خيال الشاعر، وعاطفته، والانفعال الذي قاده إلى رسمها، والملاحظ على ألفاظها أنها تنزع إلى الحقيقة، بعيداً عن أساليب المجاز، والشاعر تمكَّن من رسم صورة تقابليَّة، تجمع بين موقفين، الأول: موقف فاطمة الزهراء يوم كسر ضلعها خلف باب بيتها، والآخر: موقف الحسين (عليه السلام) وما حلَّ به وأهله في واقعة الطف، راصداً مواقف التشابه، ويمكن تمثيل الصورة التقابلية على النحو الآتي:

فكأنَّ التأريخ يعيد نفسه في سرد هذه الأحداث، والشاعر يجمع بين المصيبتين على الرغم من الفارق الزماني بينهما الذي يمتد إلى أكثر من أربعين عاماً، لكنَّ الشاعر يدرك أن مصيبة الحسين وما حلَّ به وبأهله وبأصحابه من حمل الرؤوس على أطراف القنا أدهى وأمر من مصيبة الزهراء على الرغم من عظم المصيبتين ....

إنَّ الشاعر استعان بأسلوب التقابل الدلالي في جمع مكونين أساسيين - على الرغم من الفارق الزماني بينهما – ويعقد موازنة بين هذين المكونين، راصداً نقاط التشابه بينهما، ومتوصلاً إلى عظم المصيبتين كلتيهما، مع لحاظ فداحة المصيبة الثانية، ومرارتها، وتمكن من خلال هذه الصورة التركيز على انتباه المتلقي، وجعله في استثارة تمهيداً لتحقيق التأثير المطلوب فيه .

وقد يلجأ الشاعر إلى رسم صورة تضادية، بمعنى أنَّ الصورة ألأولى تعاكس الثانية في مضمونها، من نحو قوله:

أجسمُ يزيدٍ في الحشايا منعَّـــم
وهندٌ تواريها الخدور وزينــب
 

 

وجسم حسينٍ في الصعيــد نواعمه
ينوء بها مشي المطيِّ ورازمـــه(222)
 

فالشاعر في هذين البيتين يرسم صورة لمشهدين متناقضين، الأول مشهد يزيد بن معاوية، وهو منعَّم في قصره، ومنتشٍ بقتل الحسين (عليه السلام)، ونساؤه مصونات في الخدور، والآخر: مشهد الحسين (عليه السلام) بعد استشهاده، وهو معفَّر بصعيد كربلاء، وقد سبيت نساؤه وعياله، فالصورة هنا صورة تضادية جمعت بين موقفين لهما صلة ببعضهما ...

ويوظف الشاعر التشبيه في رسم صورته الفنيَّة، ففي قوله مثلاً يمدح الحاج مهدي كمونة:

وأيــدٍ كالسحائب هاطلاتٍ
 

 

تجود على البريَّة بالأمانــي(223)
 

نجد أنَّ الشاعر استعمل أسلوب التشبيه بوجود أطرافه، وحضور الأداة، وهو يصف كرم الممدوح، ويعظِّم هذا الكرم فوصف يد الممدوح بالسحائب التي تهطل الغيث، فتحيى به الأرض، وتجود عليها ببركات يعمُّ منها الخير والعطاء على أرجاء المعمورة، وهذه الصورة صورة حسيَّة، وهي على الرغم من ترددها كثيراً في الأدب العربي؛ وظَّفها الشاعر في وصف الممدوح، فأعطن ثمارها في جلب انتباهه، وحسن إصغائه ...

وكثيراً ما يوظف الشاعر التشبيه في رسم صوره، وقد تعددت أدوات التشبيه التي استعملها، فمنها ما جاء حرفاً في مواضع كثيرة مثل (الكاف(224)، كأنَّ(225))، وقد تجيء الأداة اسماً مثل (شبيهة(226)، نظير(227)، مثل(228))، وربما استعملها فعلاً مثل (حكى(229)، أشبه(230)) وربَّما لجأ الشاعر إلى حذف الأداة في صيغة التشبيه المؤكد، كقوله في مولودة ولدت للسيد أحمد الرشتي:

هي درَّة الصدف التـــي
 

 

نيطت بعرش الاستــواء(231)
 

والشاعر – أيضاً – يرسم صوره من خلال توظيف الاستعارة بأنواعها، فمن توظيفه الاستعارة المكنيَّة قوله:

إنَّ السما تبكي لسبط الهــدى
 

 

وذا شآبيب دموع السمـــا(232)
 

فالشاعر يسرح به الخيال، فيتصوَّر أنَّ السماء التي تنزل الغيث على ربوع الأرض فتحييها؛ تبكي حزناً على ما أصاب سبط الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)وأهله وأصحابه في واقعة الطف الخالدة، ثمَّ يتصوَّر أنَّ هذا الغيث الذي ينهمر بغزارة إنما هو دموع تذرفه السماء مصداقاً لهذا الحزن، فالشاعر – هنا – وظَّف الاستعارة المكنية في رسم هذه الصورة، فالمشبَّه هو (السماء)، والمشبه به هو (الإنسان) حذفه الشاعر، وأبقى لازمة من لوازمه دليلاً عليه وهي (ذرف الدموع)، ومن خلال هذه الاستعارة رسم لنا الشاعر صورة الحزن الذي عمَّ الأرض والسماء هولا لما أصاب الحسين (عليه السلام) وأهل بيته، وأصحابه ..

وقد يوظِّف الشاعر الاستعارة التصريحية في رسم الصورة، كقوله – مثلاً – في وصف فاطمة الزهراء (عليها السلام):

قد لفَّعوها بالعفـــافِ
قد توَّجوها بالوقـــارِ
 

 

وقمَّطوها بالحيـــاءِ
وأبرزوها بالبهـــاءِ(233)
 

فقد استعار الشاعر الأفعال (لفَّعَ – قمَّطَ – توَّجَ) لـ (العفاف – الحياء – الوقار) على التوالي في صورة إبراز حرمة هذه المرأة الطاهرة المولد، والنشأة، فكأنَّ العفاف صارَ غطاءً لها يصونها، وكأنَّ الحياء صار قماطاً لها يسترها، وكأنَّ الوقارَ صار تاجاً على رأسها يزينها، فموارد الصورة في هذين البيتين واضحة، وقد انبنت على أساس الاستعارة التصريحية التي لجأ إليها الشاعر في رسمها، وتوضيح معالمها، حتى أبرزها في هذه الهيأة التي أبرزت حال هذه الصدِّيقة الطاهرة ...

أما الكناية، فقد وظفها الشاعر في رسم صوره، ففي قوله مثلاً في مدح السيد أحمد الرشتي عند عودته إلى كربلاء من بعض أسفاره:

ترى العين في يمناه للناس مثلمـا
صبرنا ولكنَّ جزع الصبـر بعده
 

 

يرى المعسرون اليسرَ في كفِّه اليسرى
وبعد مغيب البدر من يستطع صبــرا(234)
 

ففي البيت الأول كناية وظَّفها الشاعر في التعبير عن كرم الممدوح، وهي كناية عن صفة، وفي البيت الثاني كناية عن موصوف يتمثل في شخص الممدوح، ويلاحظ على هذه الكناية – وغيرها من الكنايات – أنَّها تتجاذب طرفي الحقيقة والمجاز، وجاز حملها على الجانبين معاً، وأصل المعنى في البيت الأول أنَّ الناسَ يرون الممدوح أهلاً لقضاء حوائجهم، والإغداق عليهم، وتحسين أحوالهم، وفي البيت الثاني كنى الشاعر عن شخص الممدوح بـ (البدر) وهو ما يمكن أن يحمل على جانبي الحقيقة والمجاز(235) .

ويوظف الشاعر أساليب البديع في رسم صوره، والمتأمل لديوانه يجد أنَّ الشاعر استعمل الطباق والمقابلة(236)، والجناس(237)، والتورية(238)، ورد الصدر على العجز(239)، وغيرها من الأساليب البديعية في رسم صور تفصح عن مكنونات الشاعر، وتبرز حسن تعامله مع لغته، واختياره المفردات ذات الصيغة الدلالية المؤثرة في المتلقي ..

ولجأ الشاعر – في أحايين كثيرة – إلى توظيف الآيات القرآنية، وما تحمله من طاقة دلالية مؤثرة في رسم ملامح صورة لها مصاديقها في مخيلته، ففي قوله – مثلاً – في رجوع السلطان العثماني عبد العزيز إلى الاستانة:

لمّا طوى الأرض لمصرَ أشرقـــت
كالقمر الأعلى بدا من أوجـــــه
وحين عاد لسريــر مجـــــدهِ
 

 

نوره كأنَّــه وادي طـــوى
لعالميــــن ثمَّ لـلأوج أوى
رخته (فهو على العرشِ استوى)(240)
 

فقوله (على العرش استوى) أخذه من قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى) (241)، وهذا التضمين حدث فيه نقل المعنى من حالة خاصة بالله جل وعلا إلى حالة أخرى خاصة بشخص الممدوح، مع لحاظ أن صورة دلالية متخيلة لعرش الممدوح، وقد اعتلاه مرَّة أخرى بعد رجوعه إلى بلده ...

وخلاصة القول في موضوع الصورة الفنية أنَّ الشاعر قد رسم صوراً عدَّة، وهي على بساطتها ووضوح أركانها عكست جانباً من خيال الشاعر، وقدرته على التحكم في رسمها، وهو خيال نابع من تأثير البيئة المحيطة به، والناس الذين يتعامل معهم، وقد استعان في رسم صوره بأساليب شتى منها: والتشبيه بأنواعه، والاستعارة، والكناية، وقد وظف الشاعر – في أحيان كثيرة - ألفاظ الحقيقة في رسم صورة انتزع أركانها من الواقع المادي، ورسم أجزاءها بالاعتماد على التقابل الدلالي تارة، والتضاد الدلالي تارة أخرى ...

الخاتمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة، وأتم التسليم على محمد وآله أجمعين ...

وبعد؛

فمما لا شك فيه أنَّ الشاعر يتأثر ببيئته التي عاش فيها، ونشأ، وترعرع بين أحضانها، وكان الشاعر جواد بدقت الأسدي ثمرة لمدينة دينيَّة اكتسبت قدسيتها من مكانتها الروحية عند المسلمين عامة، وكان لهذه المدينة، وتلك الروحية أثر في شعر جعلته يتخذ طابع التحلي بالمعاني الإسلامية، والقيم الأخلاقية الرفيعة في الأغراض التي طرقها في ديوانه .

واهتمَّ هذا البحث على دراسة أبرز الأغراض الشعريَّة التي تناولها الشاعر في ديوانه، ثمَّ دراسة فنيَّة موجزة لهذا الشعر، وكان من نتائج البحث الأول ما يأتـــي:

1. إنَّ الشاعر قد طرق معظم الأغراض الشعريَّة المعروفة ما عدا الهجاء الذي وضعناه في موضوع (أغراض أخرى)، فطرق المديح، والرثاء، والغزل، والوصف، والاخوانيات .

2. تميَّز شعره في المديح بفقدان خاصيَّة الصدق الفني، وهي سمة طبعت شعر القرن التاسع عشر، ولاسيما في مديح الأسر الموسرة (آل الرشتي)، وهو في هذا ينحو منحى شعراء عصره في التزلف، من أجل الحصول على عطايا ممدوحيهم، وربما يعود سبب ذلك – كما ذكرنا في متن البحث – إلى الحالة المعيشية المزرية التي كان عليها شعراء القرن التاسع عشر عامة، وشاعرنا على وجه الخصوص، وهو ما دفعه إلى مدحهم لتحسين أحواله، على أننا نجد جزءاً من مديحه الديني قد تميَّز بالصدق الفني، ووضوح العاطفة .

3. تميَّز قسم كبير من شعر الرثاء عنده بصدق العاطفة، وحرارة الموقف، ولاسيما الرثاء الديني، ومرد ذلك أن الشاعر لا يرجو نوالاً من إنسانٍ قد مات، وكان رثاؤه لأهل البيت (عليهم السلام)مدعاة لطلب الشفاعة منهم، والتقرب إلى الله بوساطتهم ...

4. كان شعر الغزل عنده مختلطاً بمقدمات القصائد ومطالعها، ووجدنا أبياتاً متفرقة في الغزل، ويبدو أنّ تأثير البيئة في هذا الموقف كان واضحاً، وانعكس آثاره على شعره، فما وجدناه مسرفاً في الغزل في مقدمات قصائده، وكثيراً ما استعمله رمزاً يهيئ الأجواء للولوج إلى غرض القصيدة الرئيس .

5. صوَّر شعر الإخوانيات عنده طبيعة العلاقات الاجتماعية بين الشاعر وأصدقائه وأحبابه، بوصفه عنصراً فاعلاً في مجتمعه، فكانت له أشعار في التهنئة، والممازحة، والاعتذار ...

6. شكَّلت المقدمة الغزلية مطلعاً متميزاً لكثير من أشعاره، مثلما وجدناه يلجأ إلى الطلل في تشكيل مقدمته، ولم نجد إلا قصيدة واحدة افتتحها في وصف الخمرة، والشاعر في كل ذلك ينحو منحى تقليدياً، ويسير في خط القدماء في تشكيل افتتاحيات قصائدهم .

7. طرق الشاعر أوزان الشعر العربي المعروفة مثل الكامل والرجز والطويل والمقتضب، الخ، مثلما استعمل حروف الروي الأكثر شهرة مثل الراء والدال في مواضع كثيرة من قصائده ومقطوعاته السبعة والثمانين .

8. وظَّف الشاعر خصائص الإيقاع الداخلي في تشكيل القصيدة، وتحقيق التأثير المرجو من الشعر، فوظف الجناس، والتصريع، والتكرار وغيرها من مقومات البديع وأركانه .

9. كانت ألفاظ الشاعر تميل إلى السهولة، ووضوح المعنى، مع أثر وجدناه للغتين الفارسية والتركية، وهو أمر طبيعي نتيجة اختلاط العرب مع الفرس والأتراك بحكم التبعية السياسية، والعلاقات الاجتماعية التي كان عليها المجتمع العراقي بعامة والكربلائي على وجه الخصوص إبان القرن التاسع عشر .

10. كانت تراكيبه تنبني على أساليب الجمل العربية من حيث البناء، فوجدناه يؤثر استعمال الجملة الفعلية، مثلما يستعمل الجملة الاسمية، والشرطية، واستعمل الأسلوب الخبري، والإنشائي في توصيل المعنى إلى متلقيه، كما وظف التقديم والتأخير في تعميق المعاني التي اشتملت عليها جمله وعباراته .

11. كانت الصور التي يرسمها الشاعر في شعره – في أغلبها – صوراً محسوسة، وقد استمد أركانها من الواقع المادي المحيط بالشاعر، وأدى الخيال دوراً بارزاً فيها، وقد استعان الشاعر بألفاظ الحقيقة في رسم صوره، مثلما وظف أساليب المجاز، فاستعمل التشبيه، والاستعارة، والكناية في رسم صوره، كما وظف أساليب البديع في رسم الصور، فاستعمل الطباق والمقابلة، والجناس، والتورية، والتضمين القرآني التي كان لها أثر في تعزيز صوره بالمعاني المؤثرة ...

هوامش البحث:

1. ينظر / الأدب العربي الحديث؛ دراسة في شعره ونثره: 23 .

2. ينظر / المصدر نفسه: 23 .

3. من الشواهد على تلك الصراعات ما فعله الوهابيون في المدن العراقية من قتل وحرق ونهب، ومنها مدينة كربلاء، ينظر / أربعة قرون من تأريخ العراق الحديث: 260، وتأريخ العراق بين احتلالين: 6 / 141 – 145، وكذلك المعارك الدامية التي كانت تنشب بين العشائر والحكومة العثمانية، وكذا التنافس والتنازع على الحكم بين الولاة الأتراك أنفسهم، ينظر / أربعة قرون من تأريخ العراق الحديث: 289، وتأريخ العراق بين احتلالين: 6 / 222 – 223 .

4. ومن الشواهد على ذلك المجاعة التي حصلت في العراق سنة 1867 م،وقلة مياه الأمطار، وشحَّة مياه الأنهار، ينظر تفاصيل ذلك في: لمحات اجتماعية من تأريخ العراق الحديث: 1 / 172، وكذلك انتشار مرض الطاعون سنة 1831 م حتى وصل إلى الحلة، وفتك بأهلها، وذهب خلق كثير من سكان المدينة، ينظر / أربعة قرون من تأريخ العراق الحديث: 326، وتأريخ العراق بين احتلالين: 7 / 19، و لمحات اجتماعية من تأريخ العراق الحديث: 1 / 69 .

5. تنظر أبرز أعمالهم في: الأدب العربي الحديث، دراسة في شعره ونثره: 24، وينظر أيضاً: نهضة العراق الأدبية في القرن التاسع عشر: 10 – 11 .

6. ينظر / الشعر العراقي، أهدافه وخصائصه في القرن التاسع عشر: 10 .

7. ينظر / الشعر السياسي العراقي في القرن التاسع عشر: 45 .

8. ينظر / المصدر نفسه: 82 .

9. ينظر / الشعر العراقي، أهدافه وخصائصه في القرن التاسع عشر: 15 – 21 .

10. ينظر / الأدب العربي الحديث، دراسة في شعره ونثره: 26 .

11. ينظر / الأدب العربي في كربلاء من إعلان الدستور العثماني إلى ثورة تموز 1958؛ اتجاهاته، وخصائصه الفنية: 14 .

12. ينظر / المصدر نفسه: 15 .

13. ينظر / معجم المؤلفين: 3 / 168، ومقدمة ديوانه: 8 .

14. ينظر / أعيان الشيعة: 17/188 .

15. ينظر / مقدمة ديوانه: 7 .

16. ينظر / المصدر نفسه: 7 .

17. ينظر / المصدر نفسه: 9 .

18. ينظر / ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي: 8 .

19. ينظر / مقدمة ديوانه: 9 .

20. ينظر / المصدر نفسه: 9 .

21. ينظر / المصدر نفسه: 7 .

22. ينظر / المصدر نفسه: 14 .

23. ينظر / أعيان الشيعة: 17 / 188، ومعجم المؤلفين: 3 / 168، ومجلة تراثنا: 12 / 23 .

24. ينظر / مجلة الغري: 460 .

25. قام بجمعه وتحقيقه سلمان هادي آل طعمة، وصدر عن مؤسسة المواهب للطباعة والنشر في بيروت سنة 1999 بطبعته الأولى، في مائة وستة وسبعين صفحة، بمعدل (87) قصيدة ومقطوعة، وقد ذكر المحقق أن ابن الشاعر وهو الشاعر محمد حسين أول من تصدى لجمع شعر أبيه، ولم يطبع آنذاك .

26. الملحمة هي قصيدة طويلة على قافية الهاء نظمها الشاعر في مناقب أهل البيت (عليهم السلام)، وعدد أبياتها (1265) بيتاً .

27. الروضة هي مجموعة من القصائد وعددها (28) قصيدة قالها في مدح الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهي في الأصل فن أدبي نشأ في القرن التاسع عشر يقضي أن البيت الشعري على مدار القصيدة كاملة يبدأ بحرف وينتهي به .

28. ينظر / مقدمة ديوانه: 17 – 23 .

29. المعجم المفصل في اللغة والأدب: 2 / 1133 .

30. فن المديح وتطوره في الشعر العربي: 5 .

31. ديوانه: 60 .

32. المصدر نفسه: 61 .

33. المصدر نفسه: 61 (الهامش) .

34. المصدر نفسه: 90 .

35. المصدر نفسه: 62 .

36. المصدر نفسه: 41 – 42 .

37. الأدب العربي الحديث، دراسة في شعره ونثره: 26 .

38. المصدر نفسه: 26 .

39. ينظر / المصدر نفسه: 26 .

40. ينظر / المصدر نفسه: 25 .

41. ديوانه: 34 .

42. هو السيد أحمد بن السيد كاظم الحسيني الرشتي الحائري، فقيه إسلامي، وزعيم ديني كان من أعيان كربلاء وأدبائها في عصره، ولد في كربلاء، ونشأ بها، وقتل سنة 1295 هـ، ورثاه جمع من شعراء عصره، وكانت داره ندوة لمنتجعي الأدب . تنظر ترجمته في: شعراء من كربلاء: 1 / 142 .

43. ديوانه: 35 .

44. المصدر نفسه: 41 .

45. المصدر نفسه: 39 .

46. ينظر / المصدر نفسه: 36 – 37 .

47. ينظر / المصدر نفسه: 70 .

48. هو الحاج مهدي بن محمد بن إبراهيم بن الشيخ عيسى كمونة، تولى سدانة الروضة الحسينية سنة 1259 هـ بعد غياب السيد عبد الوهاب محمد علي الطعمة سادن روضتي العباس والحسين (عليهما السلام)، كان ورعاً تقياً، هرماً لدى توليه السدانة بأمر من نجيب باشا . ينظر / المصدر نفسه: 69 (الهامش) .

49. ديوانه: 69 .

50. هو الأديب الفاضل الشيخ موسى بن الشيخ شريف آل محي الدين المتوفى سنة 1281 هـ، تنظر ترجمته في شعراء الغري: 11 / 365 .

51. هو أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي، ولد بالصرة سنة 221 هـ، وتوفي سنة 321هـ، ينظر / تاريخ الأدب العربي: 323 .

52. ديوانه: 28 .

53. فن الرثاء: 7 .

54. ديوانه: 63 .

55. في ديوانه (أصيب)، ويبدو أنه خطأ مطبعي، لأنَّ المعنى لا يستقيم إلا بالصورة التي أثبتناها .

56. ديوانه: 43 .

57. ينظر / المصدر نفسه: 54، وآل الخرسان إحدى الأسر العلوية المعروفة بالمجد والشرف، ولها شرف الخدمة في الروضة الحيدرية المطهرة بالنجف الأشرف، وينتهي نسبها بالسيد إبراهيم المجاب بن محمد العابد بن الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، و(حسن) هذا أحد العلماء والأدباء البارزين في عصره، ولد سنة 1200 هـ، وتوفي سنة 1265 هـ، ورثاه جمع من الشعراء ومنهم صاحب الديوان .

58. ينظر / المصدر نفسه: 57، والشيخ مرتضى هو ابن محمد أمين الأنصاري، وقد توفي سنة 1281 هـ في النجف، وهو من أعلام عصره المشهورين، له كتاب في الأصول يعرف بالرسائل وكتب أخرى، ترجم له عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين: 12 / 216 .

59. ديوانه: 35، وهو عالم جليل وفاضل نحرير، توفي بتبريز، وأقام له السيد أحمد الرشتي مجلس الفاتحة ثلاثة أيام، ورثاه جمع من الأدباء الكربلائيين .

60. ينظر / ديوانه: 56، وهو من شيوخ أهل الأدب في النظم والنثر، ولد في الموصل سنة 1204 هـ وتوفي سنة 1278 هـ، وله ديوان شعر مطبوع باسم (الترياق الفاروقي)، و (الباقيات الصالحات) .

61. المصدر نفسه: 68 .

62. العمدة في صناعة الشعر، وآدابه، ونقده: 1 / 294 .

63. الوصف في الشعر العربي: 1 / 42 .

64. ديوانه: 61 .

65. المصدر نفسه: 65 .

66. المصدر نفسه: 70 .

67. المصدر نفسه: 29 .

68. المصدر نفسه: 42 .

69. الغزل منذ نشأته حتى صدر الدولة العباسية: 5 .

70. ديوانه: 41 .

71. المصدر نفسه: 45 .

72. المصدر نفسه: 30 .

73. المصدر نفسه: 64 .

74. الضحى: 6 .

75. ديوانه: 104 .

76. المصدر نفسه: 65 – 66 .

77. فنون الشعر في مجتمع الحمدانيين: 382 .

78. ديوانه: 48 .

79. المصدر نفسه: 64 .

80. المصدر نفسه: 36 .

81. المصدر نفسه: 11 .

82. المصدر نفسه: 32 .

83. المصدر نفسه: 60 .

84. المصدر نفسه: 74 .

85. ينظر – على سبيل المثال - المصدر نفسه: 153 .

86. ينظر / البديع: 75، وحسن التوسل إلى صناعة الترسل: 250 .

87. ينظر / ينظر / تحرير التحبير: 1 / 168 .

88. حسن التوسل إلى صناعة الترسل: 250 .

89. الرمزية في مقدمة القصيدة: 11 – 12 .

90. ينظر / الشعر الجاهلي، خصائصه وفنونه: 127 .

91. ينظر / العمدة في صناعة الشعر وآدابه ونقده: 1 / 218 – 220 .

92. الرمزية في مقدمة القصيدة: 12 .

93. ديوانه: 45 .

94. المصدر نفسه: 54 .

95. المصدر نفسه: 79 .

96. المصدر نفسه: 85 .

97. المصدر نفسه: 93 .

98. المصدر نفسه: 48 .

99. المصدر نفسه: 57 .

100. ينظر / النقد الأدبي: 64 .

101. التجديد الموسيقي في الشعر العربي: 9 .

102. نظرية البنائية في النقد الأدبي: 71 .

103. ينظر / الشعر العربي الحديث: 231 .

104. القافية لازمة من لوازم شعر الشطرين، أما الشعر الحر فقد تحرر من هذا القيد .

105. موسيقى الشعر: 246 .

106. الصورة الفنية معياراً نقدياً: 224 .

107. في فقه اللغة وقضايا العربية: 16 .

108. موسيقى الشعر / 248 .

109. ينظر / علم الأصوات العام (أصوات اللغة العربية): 128 .

110. الأدب العربي الحديث؛ دراسة في شعره ونثره: 46 .

111. ديوانه: 36، وينظر / 37 على سبيل المثال .

112. المصدر نفسه: 51 .

113. العمدة في صناعة الشعر وآدابه ونقده: 1 / 218 .

114. ينظر / ميزان الذهب في صناعة شعر العرب: 113 .

115. ديوانه: 103 .

116. المصدر نفسه: 30 .

117. ينظر / في فقه اللغة وقضايا العربية: 11 – 15 .

118. ديوانه: 97 .

119. في فقه اللغة وقضايا العربية: 11 – 15 .

120. دراسات في الأدب العربي: 116 .

121. ينظر / ديوانه: 89 – 90 .

122. ينظر / المصدر نفسه: 91 .

123. ينظر / المصدر نفسه: 39 – 40 .

124. المصدر نفسه: 42 .

125. ينظر / البنية الايقاعية في شعر حميد سعيد: 80 .

126. ينظر / الأدب العربي الحديث، دراسة في شعره ونثره: 23 .

127. ينظر / ديوانه: 31 .

128. ينظر / المصدر نفسه: 32 .

129. ينظر / المصدر نفسه: 70 .

130. الفاء ساقطة في ديوانه، ومن دونها لا يستقيم وزن البيت .

131. اللام ساقطة في ديوانه، ومن دونها لا يستقيم وزن البيت .

132. ديوانه: 31، وينظر أيضاً / 30 .

133. المصدر نفسه: 31 .

134. المصدر نفسه: 61 .

135. المصدر نفسه: 61 .

136. المصدر نفسه: 28 .

137. المصدر نفسه: 29 .

138. المصدر نفسه: 29 .

139. المصدر نفسه: 32 .

140. المصدر نفسه: 32 .

141. المصدر نفسه: 61 .

142. المصدر نفسه: 33 .

143. المصدر نفسه: 35 .

144. المصدر نفسه: 35 .

145. المصدر نفسه: 41 .

146. المصدر نفسه: 43 .

147. المصدر نفسه: 45 .

148. المصدر نفسه: 52 .

149. المصدر نفسه: 63 .

150. المصدر نفسه: 65 .

151. المصدر نفسه: 68 .

152. المصدر نفسه: 69 .

153. المصدر نفسه: 89 .

154. المصدر نفسه: 94 .

155. المصدر نفسه: 103 .

156. المصدر نفسه: 39 .

157. المصدر نفسه: 39 .

158. المصدر نفسه: 41 .

159. المصدر نفسه: 41 .

160. المصدر نفسه: 45 .

161. المصدر نفسه: 47 .

162. المصدر نفسه: 54 .

163. المصدر نفسه: 54 .

164. المصدر نفسه: 59 .

165. المصدر نفسه: 64 .

166. المصدر نفسه: 64 .

167. المصدر نفسه: 65 .

168. المصدر نفسه: 71 .

169. المصدر نفسه: 77 .

170. المصدر نفسه: 78 .

171. المصدر نفسه: 82 .

172. المصدر نفسه: 85 .

173. المصدر نفسه: 27، 28، 39، 49 .

174. المصدر نفسه: 27، 28 .

175. المصدر نفسه: 28، 50، 67 .

176. المصدر نفسه: 33، 81 .

177. المصدر نفسه: 49، 50 .

178. المصدر نفسه: 49 .

179. المصدر نفسه: 60، 67 .

180. المصدر نفسه: 67، 81 .

181. المصدر نفسه: 67 .

182. المصدر نفسه: 67 .

183. المصدر نفسه: 67 .

184. المصدر نفسه: 27 .

185. المصدر نفسه: 29 .

186. المصدر نفسه: 29، 30، 59 .

187. المصدر نفسه: 29، 68 .

188. المصدر نفسه: 30، 67 .

189. المصدر نفسه: 44 .

190. المصدر نفسه: 45 .

191. المصدر نفسه: 59 .

192. المصدر نفسه: 62 .

193. المصدر نفسه: 68 .

194. المصدر نفسه: 27، 39، 41، 47 .

195. المصدر نفسه: 28، 50 .

196. المصدر نفسه: 34، 64 .

197. المصدر نفسه: 34 .

198. المصدر نفسه: 35 .

199. المصدر نفسه: 36 .

200. المصدر نفسه: 37 .

201. المصدر نفسه: 37 .

202. المصدر نفسه: 55 .

203. المصدر نفسه: 55 .

204. المصدر نفسه: 57 .

205. المصدر نفسه: 53 .

206. المصدر نفسه: 35 .

207. المصدر نفسه: 110 .

208. المصدر نفسه: 33، وينظر / 31، 37، 44، 55، 58، 62، 63، 65، 72، 87، على سبيل المثال .

209. المصدر نفسه: 42، وينظر / 28، 41، 43، 62، 63، 64، 75، على سبيل المثال .

210. ينظر / المصدر نفسه: 30، 34، 42، 46، 54، 55، 62، 80، 83، 84، 99، على سبيل المثال .

211. ينظر / المصدر نفسه: 32، 59 على سبيل المثال .

212. ينظر / المصدر نفسه: 33، 88، 91 على سبيل المثال .

213. ينظر / المصدر نفسه: 52، 63، على سبيل المثال .

214. المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: 2 / 218 .

215. ديوانه: 61 .

216. المصدر نفسه: 76 .

217. المصدر نفسه: 69 .

218. المصدر نفسه: 30 .

219. الصورة في الشعر العربي حتى أواخر القرن الثاني الهجري: 31 .

220. الصورة الفنية في النقد الشعري: 86 – 88 .

221. ديوانه: 68 .

222. المصدر نفسه: 64 .

223. المصدر نفسه: 69 .

224. ينظر / المصدر نفسه: 33، 40، 43، 66 على سبيل المثال .

225. ينظر / المصدر نفسه: 33 / 39، 60، 72، 102، 117 على سبيل المثال .

226. ينظر / المصدر نفسه: 27 على سبيل المثال .

227. ينظر / المصدر نفسه: 37، 39، 42، 50 على سبيل المثال .

228. ينظر / المصدر نفسه: 104 على سبيل المثال .

229. ينظر / المصدر نفسه: 28 على سبيل المثال .

230. ينظر / المصدر نفسه: 36 على سبيل المثال .

231. المصدر نفسه: 27، وينظر / 28، 42، 114 على سبيل المثال .

232. المصدر نفسه: 65 .

233. المصدر نفسه: 27 .

234. المصدر نفسه: 41 .

235. ينظر / المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر: 3 / 67 .

236. ينظر / ديوانه: 28، 30، 41، 45، 50، 74 على سبيل المثال .

237. ينظر / المصدر نفسه: 32، 35، 36، 37، 51، 65 على سبيل المثال .

238. ينظر / المصدر نفسه: 36، 69 على سبيل المثال .

239. ينظر / المصدر نفسه: 27 على سبيل المثال .

240. ديوانه: 71، وينظر /: 37، 65 على سبيل المثال .

241. طه: 5 .

المصادر والمراجع:

1. القرآن الكريم .

2. الأدب العربي الحديث، دراسة في شعره ونثره، د. سالم أحمد الحمداني، ود. فائق مصطفى أحمد، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة الموصل، د . ت .

3. الأدب العربي في كربلاء من إعلان الدستور العثماني إلى ثورة تموز 1958؛ اتجاهاته، وخصائصه الفنية، د. عبود جودي الحلي، مكتبة أهل البيت، كربلاء، 2005 م .

4. أربعة قرون من تأريخ العراق الحديث، مستر ستيفن أونكريك، ترجمة جعفر الخياط، ط6 مكتبة اليقظة العربية، بغداد، 1985 م .

5. أعيان الشيعة، محسن الأمين العاملي، طبعة بيروت .

6. البديع، عبد الله بن المعتز (ت 296 هـ)، تحـ . أغناطيوس كراتشكوفسكي، منشورات دار الحكمة، دمشق، د . ت .

7. البنية الايقاعية في شعر حميد سعيد، حسن الغرفي، ط1، دار الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1989 م .

8. تاريخ الأدب العربي، أحمد حسن الزيات، ط24، القاهرة .

9. تأريخ العراق بين احتلالين، د. عباس العزاوي، شركة الطبع والتجارة المحدودة، مصر، 1954 م .

10. التجديد الموسيقي في الشعر العربي، دراسة تأصيلية تطبيقية بين القديم والجديد، د. رجاء عيد، منشأة المعارف، الاسكندرية، 1977 .

11. تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر وبيان إعجاز القرآن، أبو محمد زكي الدين المصري المعروف بابن أبي الاصبع (ت 654 هـ)، تحـ . جنفي محمد شرف، لجنة إحياء التراث الإسلامي، القاهرة، 1383 هـ .

12. حسن التوسل إلى صناعة الترسل، شهاب الدين محمود الحلبي (ت 725 هـ)، تحـ . أكرم عثمان يوسف، دار الرشيد للنشر، بغداد، 1980 .

13. دراسات في الأدب العربي، د. شاكر هادي التميمي، ط2، مكتبة جهينة للطباعة والاستنساخ، بغداد، العراق، 2002 م .

14. ديوان الحاج جواد بدقت الأسدي (ت 1281 هـ)، تحقيق سلمان هادي آل طعمة، ط1، مؤسسة المواهب للطباعة والنشر، بيروت، 1999 م .

15. ديوان الشيخ صالح الكواز الحلي (1223 هـ - 1290 م)، عني بجمعه وشرحه وترجمة أعلامه وسرد الحوادث التاريخية المذكورة: محمد علي اليعقوبي، ط1، منشورات مكتبة ومطبعة الحيدرية، النجف، 1384 هـ .

16. الرمزية في مقدمة القصيدة، د. أحمد الربيعي، مطبعة النعمان، النجف الأشرف، 1973 م .

17. شعراء الغري أو (النجفيات)، علي الخاقاني، النجف، 1958 م .

18. شعراء من كربلاء، سلمان هادي الطعمة (ج1، ج2، ج3)، النجف الأشرف، 1966 - 1969 .

19. الشعر الجاهلي؛ خصائصه وغنونه، د. يحيى الجبوري، نشر مكتبة دار التربية، بغداد، 1972 م .

20. الشعر السياسي العراقي في القرن التاسع عشر، د. إبراهيم الوائلي، مطبعة العاني، بغداد، 1961 م .

21. الشعر العراقي، أهدافه وخصائصه في القرن التاسع عشر، د. يوسف عز الدين، مطبعة الزهراء، بغداد، د . ت .

22. الشعر العربي الحديث، س. موريه، ترجمة شفيع السيد وسعد مصلوح، دار الفكر العربي، القاهرة، 1986 .

23. الصورة الفنية في النقد الشعري، عبد القادر الرباعي، دار العلوم، الرياض، 1984 م .

24. الصورة الفنية معياراً نقدياً، عبد الإله الصائغ، دار الشؤون الثقافية، بغداد، 1978 م .

25. الصورة في الشعر العربي حتى أواخر القرن الثاني الهجري؛ دراسة في أصولها وتطورها، علي البطل، ط2، دار الأندلس، 1981 م .

26. علم الأصوات العام (أصوات اللغة العربية)، بسام بركة، مركز الإنماء القومي، بيروت، د . ت .

27. العمدة في صناعة الشعر وآدابه ونقده، ابن رشيق القيرواني (ت 456 هـ)، تحـ . محمد محيي الدين عبد الحميد، ط4، دار الجيل، بيروت، لبنان، 1972 م .

28. فن الرثاء، د. شوقي ضيف، دار المعارف، مصر، القاهرة .

29. فن المديح وتطوره في الشعر العربي، أحمد أبو حاقة، منشورات دار الشرق الجديد .

30. فنون الشعر في مجتمع الحمدانيين، مصطفى الشكعة، ط2، عالم الكتب، بيروت، لبنان، 1981 م .

31. في فقه اللغة وقضايا العربية، د. سميح أبو مغلي، ط1، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1987 م .

32. لمحات اجتماعية من تأريخ العراق الحديث، د. علي الوردي، مطبعة الإرشاد، بغداد، 1969 م .

33. المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر، أبو الفتح ضياء الدين بن الأثير (ت 637 هـ)، تحـ . د. أحمد الحوفي ود. بدوي طبانة، مكتبة نهضة مصر، القاهرة، 1960 م .

34. مجلة تراثنا، نشرة فصلية تصدرها مؤسسة آل البيت (ع)، قم المقدسة، إيران، ع 3، ج12، السنة 3، 1408 هـ

35. مجلة الغري، السنة 1، ع 23، و 24، 1359 هـ - 1940 م .

36. معجم المؤلفين، عمر رضا كحالة، دار إحياء التراث العربي، مكتبة المثنى، بيروت، د . ت .

37. المعجم المفصل في اللغة والأدب، د. ميشال عاصي، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان .

38. موسيقى الشعر، د. إبراهيم أنيس، ط5، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، 1978 م .

39. ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، السيد أحمد الهاشمي، المكتبة التجارية الكبرى، القاهرة، د . ت .

40. نظرية البنائية في النقد الأدبي، د. صلاح فضل، ط1، دار الشروق، 1998 م .

41. النقد الأدبي، أحمد أمين، ط5، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1983 م .

42. نهضة العراق الأدبية في القرن التاسع عشر، محمد مهدي البصير، بغداد، 1946 م .

الوصف في الشعر العربي، عبد العظيم قناوي، ط1، مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر، 1949 م .