تصنیف البحث: الفقه وأصوله
من صفحة: 113
إلى صفحة: 137
النص الكامل للبحث: PDF icon 16-5.pdf
خلاصة البحث:

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على الرحمة المهداة والنعمة المعطاة أبي القاسم محمد وعلى نجوم الدجى وذوي الحجى أهل بيته الطيبين الطاهرين وبعد ..

فإنه من أول علامات الضعف والوهن الذي الّمت بالواقع الإسلامي هو ذلك الخلاف الذي تسرب من أفهام بعض الصحابة لمنصب الإمامة بعد الرسول صلى الله عليه وآله ، ومخالفتهم المتعمدة للنصوص،التي حددت وشخصّت القائم مقام النبي في إدارة شؤون الأمة حتى قيل بأنه:((ما سُل في الإسلام سيف على قاعد دينية مثل ما سُل على في كل زمان)) ([1])

والواقع إن التنازع على هذا المنصب،لم يبق بحدود الخلاف عليه فحسب،بل إنه تعدى ليكون حاضرا في النص الفقهي وموجها له,إذ أن طائفة من النصوص الفقهية،التي لا ينبغي للإختلاف أن يكون له نصيبا يُذكر في ساحتها, كون أن مجملها نابع من لسان الشريعة الأول,الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه,وهو القرآن الكريم،ومفصلها صادر عمن لا ينطق عن الهوى،وهو الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله،ومع ذلك ترى التباين الفقهي ــ في فهمها ــ هو الذي يسود الساحة الفقهية,وهو الذي يحرك دفتها,وما ذاك ــ في تقدير الباحث ــ إلا للآثار الناجمة للسبب ــ المار آنفا ــ التي ترسبت مع مرور الزمن في شخصية الفقيه وصارت جزءا لا يتجزء منها، وكونت

الخلفية العقائدية التي أثرت بنحو جلي في الحكم الشرعي خصوصا، والتراث الفقهي على العموم, وهذا ما دعى الباحث الى الخوض في غمار هذا الموضوع وسبْر أغواره والكشف عن أبعاده ؛ لمــا ترشح عنه من اجتهادات فقهية مختلفة، كان لها دور كبير في تغيير المراد الشرعي.

وما تمخض عنه من جلْب للمفاسد التي سعت الشريعة لدفْعها من خلال استجلاب المصالح،كوْن واضعها أعلم بحقيقة المخلوق وبحاجاته وقدراته،وبالاحكام الشرعية الملائمة والمشبعة لتلك الحاجات.

من هنا فقد وقع اختيار الباحث على هذا الموضوع الذي اقتضت طبيعة البحث فيه أن يكون على مبحثين،تناول المبحث الأول: مفهوم المباني العقدية وأسبابها, فكان في ثلاثة مطالب:الأول: في مفهوم المباني العقدية في اللغة، والثاني: فــــي حقيقة نشأة المباني العقدية .

اما المبحث الثاني: فقد كان في أثر المبنى العقدي في توظيف النص الفقهي، فكان

في مطلبين: الأول:فيما يتعلق بالتطبيقات الفقهية المؤيدة لذلك، والثاني: في الأمور

المترتبة على توظيف النص الفقهي،ثم نتائج البحث التي توصل اليها الباحث، فمصادره

التي اعتمد عليها في إغناء بحثه.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين


[1]-الشهرستاني: الملل والنحل 1/24.

 

Abstract 

Streptococcus buildings and their role in the recruitment of the text Method

In the name of God the Merciful Praise be to Allah and the best prayer and delivery to the gift of mercy and grace given to Abu al-Qasim Muhammad and Star darkness and with his family Haji divine good and after.

It is one of the first signs of weakness and debility which befell reality Islam is the contention that leak from the minds of some companions for the position of Imamate after the Prophet (Allah bless him and his family)، and violating deliberate texts، which identified and diagnosed acting as the Prophet in the management of the affairs of the nation so it was said that: ((what sales in Saif Islam on a religious base such as tuberculosis on

. In every time)) (*)     In fact, the conflict on the job، not left up to dispute it، but he

 Infect to be present in the text Method and directed him، as a range of doctrinal texts

, Which should not be a difference to have a little share in its own، the fact that the entirety of the stems

San Sharia first، which is not done wrong in the hands of his successor، the Koran

And issued Mvsalha who does not speak of passion، a Great Prophet (may Allah bless him and his family (

However, you see the contrast in the Method is understood that prevails in the arena of jurisprudence، which moves the helm، and that the only researcher to estimate the consequences of the reason for passing above which were deposited with the passage of time in a personal -Faqih and became an integral part of them، The Comte

Ideological background that has affected nearly clear، especially in the legal judgment، and Heritage Method

On the whole, this is what the researcher was invited to go into the midst of this subject and sounding Oguarh

And the disclosure of its dimensions ; to nominate him of jurisprudence different، had a big role

The change to be legitimate .

What resulted in the bringing of the evils of Sharia، which has sought to push through the Procurement

Interests، and the fact that I know the reality of the creature fabricators and depend on their needs and abilities, and legal provisions

Saturated and appropriate to those needs .

From here, has been selected by the researcher on this subject, which necessitated the nature of the search.

To be on two sections، the first section dealt with: the concept of Streptococcus buildings and their causes، was

In three demands: first: the concept of Streptococcus buildings in the language، and the second: in fact The emergence of Streptococcus buildings .

The second topic: the impact has been in the building in the recruitment of nodal text Method، was

In two demands: first: With respect to the applications of jurisprudence so pro، and second in things

Consequences of employing text jurisprudence، then the search results reached by the researcher، confiscation

Relied upon to enrich his research.

 Praise be to Allah and peace be upon Muhammad and the pure

البحث:

المبحث الأول: مفهوم المباني العقدية وأسبابها:

ويكون في ثلاثة مطالب:

المطلب الأول: مفهوم المباني العقدية في اللغة:

 ((الأُسُّ والأَسَس والأَساس: كل مُبْتَدَإِ شيءٍ،والأُسُّ والأَساس: أَصل البناء، والأَسَسُ مقصور منه، وجمع الأُسِّ إِساس مثل عُسّ وعِساس، وجمع الأَساس  أُسس مثل قَذال وقُذُل، وجمع الأَسَس آساس مثل سببٍ وأَسباب .والأَسيس:أَصل  كل شيء)) ([1]),((والتأسيس: بيان حدود الدار،ورفع قواعدها،وبناء أصلها)) ([2])     وأُسّ الإِنسان: قلبه لأَنه أَول مُتَكَوّن في الرحم، وهو من الأَسماء المشتركة، وأُسُّ البناء: مُبْتَدَؤُه ؛ أَنشد ابن دريد، قال:  

وأُسُّ مَجْدٍ ثابتٌ وَطيدُ، * نالَ السماءَ، فَرْعُه مَدِيدُ

وقد أَسَّ البناءَ يَؤُسُّه أَسّاً وأَسَّسَه تأْسيساً، وأَسَّسْت داراً إِذا بنيت حدودها ورفعت  من قواعدها،وهذا تأْسيس حسن،وأُسُّ الإِنسان وأَسُّه أَصله، وقيل: هو أَصل كل شيء،وفي المثل: أَلْصِقُوا الحَسَّ بالأَسِّ ؛ الحَسُّ في هذا الموضع:الشر، والأَسُّ: الأَصل ؛ يقول: أَلْصِقوا الشَّر بأُصول من عاديتم أَو عاداكم([3]).

((بني من بنى يبني بناء يقال بنى فلانا بيتا من البنيان ويقال بنيته بناء وبنى بكسر  الباء وبنى بالضم وبنية قوله وإقام الصلاة فعلة من صلى كالزكاة من زكى)) ([4]),وقيل:((أساس على جمع أس والبنيان، يقال: بنى يبني بناء وبنيانا كالغفران والطغيان  فسمي به المبنى مثل الخلق إذا أردت به المخلوق وقيل:هو جمع واحده بنيانه)) ([5])  والإساس علــى فعال بكسر الفاء جمع أس بالضم كخفاف جمع خف، والأس أصل  البناء، ومنه الإمامة أس الإسلام النامي أصله,أس الحائط بالضم وجمــعه آساس  كقفل وأقفال،وربما قيل إساس مثل عس وعساس،وجمعه أسس مثل عناق وعنق،والأساس: أصل البناء، والأسس مقصور منه، وجمــع الإساس أسس مثل قذال  وقذل، وجمع الأسس آساس مثل سبب وأسباب([6]),.من ثــــم يتضح بأن المبنى هــــو الأساس والأصل، ومبنـــى كل شئ، أصله  وقاعدته وأسه وأساسه.

أما مصطلح العقدي فــهو مشتق من عقد،وهــــي أصل اعتقد يعتقد  قال ابن  فارس: العين، والقاف، والدّال، أصل واحد يدل علــــى: شدّ، وشدة، وثوق، فالاعتقاد: افتعال من عقد القلب على الشيء إذا لم يزل عنه،وأصل العقد: ربط  الشيء بالشيء،فالاعتقاد: ارتباط القلب بما انطوى عليه ولزمه, ويطلق العلماء  الاعتقاد على معنيين:الأول: التصديق مطلقا: أعمّ مـــن أن يكون جازما أو غير  جازم، مطابقا أو غير مطابق، ثابتا أو غير ثابت، الثاني: اليقين: وهـــو أعلى  درجات العلم،و الاعتقاد: عقد القلب على الشيء وإثباته في نفسه ([7]).

و((الاعتقاد: هو استقرار حكم بشئ ما في النفس,إما عن برهان،أو اتباع)) ([8]).

المطلب الثاني: حقيقة نشأة المباني العقدية:

لم ينتقل الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله  الى الرفيق الأعلى,ولم يفارق جثمانه الطاهر حياة المسلمين،إلا بعد أن تركهم على المحجة البيضاء, وصدع بأمر ربه في غدير خم ــ وعلى رؤوس الأشهاد وقد كانوا نيفا ومائة ألف ــ بولاية علي بن أبي طالب عليه السلام ,وقال:((من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه............الخ)) الحديث([9]),وشخّص لهم خلفائه المنصوص عليهم من قبل السماء حين قال ــ في حجة الوداع ــ ((لا يزال هذا الدين ظاهرا على من ناواه لا يضره مخالف ولا مفارق حتى يمضي من أمتي اثنا عشر أميرا كلهم من قريش)) ([10]), وأمرهم بطاعتهم فقال: ((إني تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو مــــا بين السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض)) ([11]),فتأكد بعد ذلك أن الإمامة بعد الرسول  صلى الله عليه وآله بالنص السماوي لأمير المؤمنين عليه السلام , من غير فرق أو فصل،ثم للأئمة الأحد عشر،المنصوص عليهم من قبل الله عز وجل،الذين جعلهم سبحانه وتعالى حفظة لدينه ورعاة لشرعه،كونهم الأجدر والأكفأ على حمل رسالة الإسلام الى العالم أجمع,وبما يتناسب وعالميته وإنسانيته،لأن الله سبحانه جعله خاتما وناسخا لسائر الأديان السماوية السابقة له،غير أن ذلك لم يكن حاجزا ومانعا عن تسرب الإرهاصات الأولى للإنقلاب الفكري الذي تمخضت عنه التغييرات السياسية بعد وفاة الرسول  صلى الله عليه وآله ,التي ألقت بظلالها على مجمل المنظومة الفقهية الإسلامية،وذلك حين اجتمع الأنصار والمهاجرون في سقيفة بني ساعدة([12]), واختاروا إرادتهم، دون إرادة الله سبحانه،وهو القائل((ومَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ))([13]),فكان أن ترك المسلمون النص الإلهي بإمامة الأئمة الإثني عشر عليهم السلام ,واتخذوا لهم سبيلا, دون سبيل الله سبحانه،فرضته غرائزهم بحب السلطة والجاه,وجعلوا منصب الخلافة فريسة تتقاسمه الشورى تارة والبيعة أخرى والإختيار ثالثة وهكذا.

وكان من الطبيعي أن يفضي التفريط بحبل الله, وعدم التمسك به،الى أن ينقسم الواقع الإسلامي الى توجهين رئيسين:تمثل أولهما: بمدرسة أهل البيت عليهم السلام ,التي أفرزت فيما بعد المذهب الإمامي الإثني عشري, وثانيهما: بمدرسة الصحابة،التي تمخضت عنها المذاهب الأربعة.

ومما تجدر الإشارة اليه هو أن مدرسة الصحابة،لم تكن ــ في بعض آرائها الفقهية ــ امتدادا لسنة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله , بل كانت سنة في قبال سنته صلى الله عليه وآله ،وبعبارة أخرى أنها كانت بعرض سنة المصطفى صلى الله عليه وآله , وليس بطولها, ومن أدلة ذلك هو ما ورد عن عمر بن الخطاب من تحريمه زواج المتعة ــ على الرغم من حليته بنص القرآن الكريم,فقد قال سبحانه:((َفمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً)) ([14])،وعمل الأصحاب به على عهد الرسول صلى الله عليه وآله  وعهد أبي بكرــ إذ قال:((متعتان كانتا على عهد رسول الله  صلى الله عليه وآله  وأنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما متعة النساء ومتعة الحج)) ([15]), وينقل مالك(ت179هـ)في موطئه أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أُبي بن كعب في قيام رمضان،المعروف بـ(صلاة التراويح), ومع اعترافه بأن قيام آخر الليل أفضل من هذه الصلاة،غير أنه كان إذا مرّ على الناس وهم يصلّون بهذه الصلاة يقول:((نعمت البدعة هذه)) ([16]), وقد وردت الرواية بألفاظ مختلفة غير أن المؤدى واحد, وقد ذاع انتشارها بين المسلمين, وصاروا يتوارثونها جيلا بعد جيل ولا يخفى أن هاتين الروايتين تدلان بوضوح على أن سنة الصحابي ناسخة لسنة الرسول صلى الله عليه وآله ,بل ومقدَمة على سنة الله ورسوله؛ وإلا فبأي نحو يمكن تفسير التحريم لزواج أقره القرآن في محكمه والرسول في سنته, ثم لا يُنكر,بل يُتخذ سنة دون الكتاب؟؟،وأي مشروعية تبقى لصلاة اعترف واضعها بأنها بدعة ؟؟.

والحال أن الرسول صلى الله عليه وآله قال: ((إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)) ([17]), ولذا فقد رفض علي عليه السلام  ــ حين طُلب منه تولي الخلافة ــ الشروط التي ألزمته العمل بسيرة الشيخين([18]), وصرّح  عليه السلام  بقوله:((ألا إني لست بنبي ولا يوحى إلي، ولكني أعمل بكتاب الله،وسنة نبيه ما استطعت)) ([19])

والواقع إن المتتبع لكتب الحديث عند فقهاء الجمهور يلمس بوضوح اعتناءهم بأحاديث الصحابة,والإعتماد عليها والإحتجاج بها وتقديسهم لمواردها,وهو ما شكل بمجمله الخلفية الفكرية لديهم،وأصبحت هي المعيار في فهْم مطلق النص الفقهي،كما سيتبين في المبحث اللاحق.

وقد بيّن الشاطبي(ت790هـ) ذلك بقوله:((سنة الصحابة (رض) سنة يُعمل عليها ويُرجع إليها)) ([20]), مستدلا بعدة أدلة منها:

أولا: ثناء الله عليهم، ووصْفه لهم بالعدالة وما يرجع إليها كقوله تعالى:((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكر)) ([21])،وقوله:((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدا)) ([22])، وقد استدل في الأولى على إثبات الأفضلية على سائر الأمم، وذلك يقضي ــ بحسب رأيه ــ باستقامتهم على كل حال, وفي الثانية إثبات عدالتهم على نحو الإطلاق، وذلك يدل على ما دلت عليه الأولى.

ثانيا: استدل بالأمر على إتباعهم،وان سننهم في طلب الإتباع كسنة النبي صلى الله عليه وآله ,بما أورده عنه صلى الله عليه وآله , في جملة من الأحاديث اختصر الباحث ـ بحسب ما يسمح به المقام ــ على أشهرها حجة وأوفرها بيانا منها:ما رواه الدارمي (ت255هـ)وغيره:عن((ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الرحمن ابن عمرو عن عرباض بن سارية قال صلى لنا رسول الله  صلى الله عليه وآله :صلاة الفجر,ثم وعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال قائل:يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوْصنا فقال:أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا فإنه من يعيش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا فـــــعليكم بسنتي وسنة الـــخلفاء الراشدين المهديين،عـــضوا علــيها بالنواجذ،وإياكم والمحدثات فان كل محدثة بدعة)) ([23])،والمروي عنه صلى الله عليه وآله :((أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)) ([24])، إلى غير ذلك مـن الإستدلالات.

مناقشة وترجيح:

يُرد على الإستدلال القرآني للشاطبي أن إثبات الأفضلية للصــحابة علـــى سائر الأمم،  كما هو مفاد أفعل التفضيل في كلمة (خير أمة) لا تستلزم الاستقامة لكل فرد منهم على  كل حال، بل تكفي الاستقامة النسبية لأفرادها، فيكون المــــراد أن هــــذه الأمة مثلا في  مفارقات أفرادها، أقل من الأمم التي سبقتها فهي خيرهم من هذه الناحية،هذا إذا لم يكن المراد من الآية التفضيل من جهة تشريع الأمر بالمعروف لهم والنهي عن المنكر، كـما  هو المستفاد من تعقيبها بقوله تعالى: تأمرون.

هذا إذا غُض الطرف عن طائفة واسعة من الآيات والروايات التي تكشف عــــن واقع بعض الصحابة وحقيقة إيمانهم، وأنهم قد انقلبوا بعد رسول الله  صلى الله عليه وآله , قال تعالى: ((ومَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ على أَعْقَابِكُمْ)) ([25]), منبها ومحذرا من احتمالية صدور الإرتداد  بعد وفاة الرسول  صلى الله عليه وآله ، وقد دلّت الأحاديث بوقوع ذلك حقيقة،فقد نقل البخاري(ت256هـ) وغيره  ((أن رسول الله  صلى الله عليه وآله  قال: يرِد علــــى يوم القيامة رهط من أصحابي  فيجلون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي فيقول: انك لا علم لك بما أحدثوا بعــــــدك  إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقري)) ([26]).

بل إن الإرادة والمصلحة الإلهية غيّبت عن النبي صلى الله عليه وآله  علمه بالمنافقين, قال تعالى:((ومِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ)) ([27]), ولا يُستبعد أن يكون منهم من أظهر الإيمان،فكان يُعد من الصحابة,وهو في الواقع من المنافقين؛لذا تفاوت التقييم القرآني لصحابة النبي صلى الله عليه وآله ، بين المدح والتعظيم والتبجيل تارة وبين القدح واللوم والعتاب تارة أخرى، وذلك بحسب النوايا والمواقف,أما احتجاجه بالأحاديث فيُرد عليه أنه نُقل الحديث الأول (سنة الخلفاء الراشدين) بأسانيد مختلفة،ولا تخلو أغلبها من الطعن، لكن أوثقها وأشهرها، هو السند المذكور، الــــذي اعتمد عليه المتمسكون به, وتداولتها أكثر مصنفات الحديث اعتمادا عند الجمهور, وهو لايخلو أيضا من الطعن والجرح،حيث ورد في سلسلته(ثور بن زيد),وقد ذكر ابن حجر(ت852هـ)، بأنه كان قدريا وأن جده قتل يوم صفين مع معاوية فكان ثور إذا ذُكر عليا قال:(لا أحب رجلا قتل جدي) ([28]).

وهنا يُطرح بعض الأستفهامات هـي: ألا يدخل ثور بن زيد ضمـــن دائرة المنافقين  حين صــرّح ببغض علــي عليه السلام ,بناءا علــى الحديث الثابت الــذي نقله أحمد

بن حنبل(ت241هـ)،وطائفة واسعة من محدثي الجمهور في حق علي ((أنه لا يحبك  إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)) ([29])؟؟، بالتالي هل يصح حديث في سنده راو تأكـد في  حقه النفاق ؟؟ وإذا ثبت ذلك فهل غفل أم تغافل المحدثون عن اعتماد هذا الحديث؟؟ ثم أن الذهبي(ت748هـ) نقل في سِيَره عن سفيان الثوري قوله في ثور: ((اتقوا ثورا، لا ينطحنكم بقرنه)) ([30]),الى غير ذلك من التقييمات الرجالية الكاشفة عن حـال الرجل.

أما حديث (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم)، فقد ورد بصيغ وطرق عــــــدة وأسانيد مختلفة ضعفّها الزيلعي(ت762هـ)وغيره,ونُقل عن البيهقي(ت458هـ) قوله:  ((هـذا حديث مشهور وأسانيده كلها ضعيفة لم يثبت منها شيء)) ([31])، فيما رد ابن حزْم(ت456هـ) عليه من عدة وجوه إذ يقول: ((وأمـــا الحديث المذكور  فباطل مكذوب مـن توليد أهـــل أهل الفسق لوجوه ضرورية:

أحدها:أنه لم يصح من طريق النقل,والثاني أنه  صلى الله عليه وآله  لم يجز أن يأمر بما نهى عنه وهو عليه السلام  قد أخبر أن أبا بكر قد أخطأ في تفسير فسره،وكذّب عمر في تأويل تأوله في الهجرة، وكذّب أسيد بن حضير في تأويل تأوله فيــمن رجـــع عليه  سيفه وهو يقاتل،وخطّأ أبا السنابل في فتيا أفتى بها في العدة)) ([32])، ثـــم يذكر الحـجة  الأقوى في بطلان هذا الحديث,بل في بطلان الأخْذ بسنة الأصحاب مطلقا,إذ يقول:((فمن  المحال الممتنع الذي لا يجوز البتة، أن يكون عليه السلام  يأمر باتباع ما قــد أخبر  أنه خطأ، فيكون حينئذ أمر بالخطأ، تعالى الله عن ذلك وحاشا له  صلى الله عليه وآله  من هذه الصفة،وهو عليه السلام  قد أخبر أنهم يخطئون,فلا يجوز أن يأمرنا باتباع من يخطئ)) ([33])، ولا يخال الباحث أن هناك دليلا أبلغ وأقطع للعذر مـــن هذا الدليل .

ومع كل هذه التناقضات والحجج الدالة عـــلى عــدم حجية سنة الصحابة فإنـــها  اكتسبت من الحصانة ما جعلها مهيمنة على سنة الرسول الأعظم  صلى الله عليه وآله ,لتكون فيما بعد  المنّظر للتوجه الفكري لفقهاء الجمهور,وأصبحت من العوامل الرئيسة في صياغة العقلية الفقهية والأدوات المهمة في استنباط الأحكام الشرعية، من خلال الأحاديث المتضمنة للأحكام الشرعية, فعن مالك  قوله: ((من انتقض أحدا من أصحاب النبي  صلى الله عليه وآله  فليس له في هذا الفئ   حق،قد قسّم الله الفئ في ثلاثة أصناف فقال: للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من  ديارهم وأموالهم،يبتغون فضلا من الله ورضوانا،وينصرون الله ورسوله،وأولئك  هم الصادقون)) ([34]), وقد نقل ابن حجر(ت852هـ) في (الإصابة)عن النووي قوله::((الصحابة كلهم عدول,من لابس الفتن وغيره)) ([35]),ثم يبين ابن حجر ــ من خلال  نقله لكلام إمام الحرمين ــ السبب في عدم التوقف بعدالة الصحابة بقوله: ((قـــال  إمام الحرمين:والسبب في عدم الفحص عن عدالتهم أنهم حملة الشريعة، فلو ثبت  توقف فــــي روايتهم لانحصرت الشريعة علــى عصره  صلى الله عليه وآله ولما  استرسلت سائر الأعصار)) ([36]).

ولا يخفى ما في هذه الشواهد والآراء من تصريح كاشف ــ عندهم ــ عـن مكانة    الصحابة,,التي لعبت دورا مباشرا في رسم وصياغة المرتكزات العقائدية التي ينطلق منها الفقيه فــي استكناه المراد مـــن النص الفقهي سواء كان آية أو رواية .

من هنا يتبين لنا أن الخلفية العقائدية هي:المبتنيات والأصول الفكرية والأسس  العقائدية التي يقوم ويتقوم بها التوجه الفــكري لـــكل دين أو مذهب، وقـــد أفرزت  وكشفت التوجهات الفكرية ــ عبر التاريخ ــ عن الخط البياني الفقهي كما سيأتي.

المطلب الثالث: أسباب كينونة الخلفية العقائدية:

    إن الحديث عن الدواعي المؤسِسّة للخلفية العقائدية عند فقهاء جمهور المسلمين يقودنا  الـى التطرق للأسباب التـــي منحت الشرعية لــخلافة الصحابة، وأعـــطتهم مساحة واسعة  من التحرك،في قبال أهل البيت النبوي الذين سُلبت منهم السلطة بأنواعها،ويمكن إجمالها في الأبعاد الآتية:  

أولا: البعد السياسي:

ينقل أصحاب السِيَر والسنن أن المهاجرين والأنصار تشاوروا في أمر الخلافة،ولمّا يزل الرسول صلى الله عليه وآله مسجى,ولم يؤدوا حقه من الغسل والدفن,كما كان يفعل  صلى الله عليه وآله ،مع موتاهم،الأمر الذي يحكي تنافسهم على الخلافة،وتسابقهم في الحصول على مقاليد السلطة,إذ ينقل البيهقي(ت458هـ) ما نصه أنه:((كان أبو بكر عند رسول الله  صلى الله عليه وآله  فقيل له:يا صاحب رسول الله توفى رسول الله  صلى الله عليه وآله  ؟، فقال: نعم فعلموا انه كما قال ثم قال:أبو بكر: دونكم  صاحبكم لبنى عــم رسول الله  صلى الله عليه وآله  يـعنى فـي غسْله يكون أمـره، ثــم خـرج فاجتمــع المهاجرون يتشاورون فبينا هـــم كذلك يتشاورون، إذ قـــــالوا: انطلـــقوا    بنا إلـى إخواننا من الأنصار فان لهم في هذا الحق نصيبا فانطلقوا فأتوا الأنصار فقال رجل مــن الأنصار:منا رجل ومنكم رجل)) ([37]).

   كما ذكر الطبري(ت310هـ) وغيره أن الأنصار اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة ليبايعوا ((سعد ابن عبادة فبلغ ذلك أبا بكر فأتاهم ومــعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح فقال ما هذا: فقالوا:منا أمير ومنكم أمير فقال أبو بكر منا الأمراء ومنكم الوزراء ثم قال: أبو بكر إني  قد رضيت لكم أحد الرجلين عمر أو أبا عبيدة إن النبي  صلى الله عليه وآله  جاءه قوم  فقالوا:ابعث معنا أمينا فقال: لأبعثن معكم أمينا حق أمين فبعث معهم أبا عبيدة بن الجراح  وأنا أرضى لكم أبا عبيدة فقام عمر فقال: أيكم تطيب نفسه أن يخلف قدمين قدمــهما النبي   صلى الله عليه وآله  فبايعه عمر وبايعه الناس فقالت الأنصار أو بعض الأنصار: لا نبايع  إلا عليا)) ([38]).

   والروايتان وسواهما من روايات يوم السقيفة توقفنا على جملة حقائق:

أولها:أنه((كان للمهاجرين والأنصار يوم السَّقيفة خطب طويل ومجاذبة في الإمامة)) ([39])، كان من آثارها امتناع سعد بن عبادة سيد الأنصار عــن البيعة وخـــروجـه الــــى الشام،وقتْله هناك سنة خمس عشرة للهجرة([40]).

ثانيها: أن من أسباب امتناع الأنصار أو بعضهم,عن مبايعة غير علي عليه السلام ,إنما كــــان لسبب استيئاسهم مـــن الظفر بمنصب الخلافـــة، فـــعمدوا الــى إرجاعها  لـــعلي  عليه السلام ,سعيا منهم،لصرْفها عن منافسيهم من المهاجرين,وهو ما يحكي بجلاء انعقاد أفكار الناس واعتقاد قلوبهم على استحقاقه الشرعي لمنصب الخلافة، دون غيره  ثالثها: إنحصار النزاع على الخلافة بين الأنصار والمهاجرين فحسب، ولـــم يكن لأهل البيت النبوي,من دور يُذكر في شأنها,مع كونهم أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وآله  حيا وميتا، وأنهم أصحاب النصيب الأكبر والحظ الأوفر بالخوض في أمر الخلافة،وما ذاك إلا لانشغالهم بتجهيز جثمان النبي  صلى الله عليه وآله ,وعزوفهم عـن حطام الدنيا .

الأمر الـــذي افضى الى عـــزْل أهل هذا البيت تمامـــا ــ عبر الأزمان ــ عـــن الحياة  السياسية,الذي انتهى فيما بعد ــ الى منْع فقه آل البيت الذي هو الإمتداد الطبيعي لشرع  الله ورسوله المصطفى صلى الله عليه وآله  .

ثانيا: البعد الأجتماعي:

    ويعني به الباحث النوازع والهواجس القبلية، الــــــتي حاربها الشرع الحنيف مــنذ    الأيام الأولى،وسعى لاجتثاثها من النفوس، كونها تشكّل نوعا مــــن العوائق والــحجب النفسية التي تحول، دون قبول الحق والتفاعل معه, ولعل من أولها الحسد الذي دفــــع بقريش الى عدم قبول تولية أمير المؤمنين  عليه السلام  مـــــــن قــــــبل الله سبـــحانه  وتعالى,إذ ينقل الحاكم الحسكاني(ت ق5هـ) في شواهده,وغيره عن الإمام جعفر الصادق  عليه السلام  في تفسير قوله تعالى: ((أم يــحسدون الناس عـلى ما آتــاهم الله مـن  فضله)) ([41]),فيقول: ((نحن والله هم، نحن والله المحسودون)) ([42]).

   والذي يؤكد هـــذا المعنــى مــا رواه ابن جــرير(ت310هـ)فــي تاريخه وابــــن الأثيــر (ت630هـ) في كامله,مما جرى بين ابن عباس وعمر بن الخطاب بخصوص الخلافة, إذ  ينقل قول عمر لابن عباس: ((بلغني أنك تقول إنما صرفوها عنا حسدا وظلما فقلت:  أما  قولك يا أمير المؤمنين ظلما فقد تبين للجاهل والحليم وأمـا قولك حسدا فإن إبليس حســد  آدم فنحن ولده المحسودون فقال عمر: هيهات أبت والله قلوبكم يا بني هاشم إلا حسدا ما يحول وضغنا وغشا ما يزول فقلت: مهلا يا أمير المؤمنين: لا تصب قلوب قــوم أذهب الله  عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا بالحسد والغش فإن قلب رسول الله  صلى الله عليه وآله   من قلوب بني هاشم فقال عمر:إليك عني يا ابن عباس فقلت:افعل فلما ذهبت لأقوم استحيا  مني فقال:يا ابن عباس مكانك فوالله إني لراع لحقك محب لما سرك فقلت يا أمير المؤمنين  إن لي عليك حقا وعلى كل مسلم فمن حفظه فحظه أصاب ومن أضاعه فحظه أخطأ ثم قام فمضى)) ([43])

ولا يخفى ما في الرواية من بيان واضح وإعراب لائح عن موقف كبار الصحابة،وما انطوت عليه سرائرهم اتجاه أهل البيت النبوي من الحسد الجلي لمكانتهم التي وهبهم الله إياها، الأمر الذي يكشف ــ بالتالي ــ عن أن الإسلام لـــم يكن كافيا فـــي تذويب الرواسب  الجاهلية العالقة في النفوس والأذهان.

بل إن بــــعض شخوص قريش ــ ممن عُــــدّوا فــــي الصحابة كأبي سفيان ــ لــم يكن ليؤمن بالنبوة ويعتقد بأنها عهدا مـن الله سبحانه، إذ ينقل غير واحــد مـــــن المحدثين و المؤرخين عن ابن عباس في يوم فتح مكة وقد مرت القبائل على أبي سفيان ((فيقول:من هؤلاء يا عباس فأقول: سليم، فيقول: مالي ولسليم, وتمر به القبيلة فيقول: مــــن هذه فأقول: أسلم،فيقول مالي ولأسلم، وتمر جهينة,حتى مر رسول الله  صلى الله عليه وآله  في كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار، في الحديد،لا يرى منهم إلا الحدق، فقال يا أبا الفضل، من هؤلاء فقلت:هذا رسول الله  صلى الله عليه وآله في المهاجرين والأنصار فقال: يا أبا الفضل، لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً، فقلت: ويحك، إنها النبوة)) ([44]).

عليه كيف يمكن لنا أن نتخيل واقع الخلافة،وقد انعقد لواؤها بيد بني أمية لعقود مـــن  الزمن؟؟، وكيف لنا أن نتصور حقيقة المفهوم الفقهي،وقــد هيمنت عــــليه مــثل هـــذه  الهواجس والعقد.  

إن التوجه القبلي هــــو الـــذي كان متجذرا في نفوس طائفة من كبار الصحابة وأعيان قريش، ممن تولوا أمور المسلمين فيما بعد، وأصبح هو المحرك والمسيطر على طبيعتهم وجبلتهم البشرية، وكان من البديهي أن ينعكس على تعاملاتهم حتى مع نصوص الشريعة.ثالثا: البعد العقائدي:

فقد تمخض عن التوجهين ــ الآنفين ــ البعد العـــــقائدي المتجسد في التقديس المـــطلق  لسنة الصحابة قولا وفعلا وتقريرا,كما تبين لنا من أقوال الشاطبي وغيره في المطلب الأول، التي أفضت الى جعْلها المرجع والمقياس لسنة التابعين وتابعيهم، بل وكانت السبب فـي إمضاء شرعية من تولى خلافة المسلمين من بني أمية وبني العباس.

لذا فقد اجتهدوا هؤلاء في الدفاع عن شرعية خلافة الصحابة ومكانتهم، ورمْـــي مـــن  ينتقدهم بالزندقة والكفر والضلال، باعتبار أن الشرعية السياسية لخلفاء بني أمية وبنـــي  العباس ــ فــي الواقع ــ إنما تستمد قوتها من شرعية خلافة الصحابة, وقد نتج عن ذلك((وضْع حجر الأساس لصرح الفقه الإسلامي الحكومي الذي تطورــ فيما بعد ــ على يد فقهاء العصر العباسي وترشح عمــــا سمى بعقيدة أهل السنة والجماعة تلك العقيدة التي برزت لحماية هذا الفقه وإضفاء المشروعية عليه وردع المخالفين له,وتطويع الجماهير للحكام)) ([45]).

المبحث الثاني: أثر المبنى العقدي في توظيف النص الفقهي:

ويكون في مطلبين:

المطلب الأول: التطبيقات الفقهية:

فقد انعكست الآثار الجلية للمباني العقدية على النص الفقهي من خلال جملة من  التطبيقات الفقهية،و يمكن بيانها من خلال الشواهد التي اقتصر الباحث على بيان بعض منها ــ وبما يلائم المقام ــ وهي على النحو الأتي:

أولا: حكم الرجلين في الوضوء:

قال تعالى:((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ)) ([46]),والآية مـــع كونها مـحكمة  صريحة بوجوب مسح الرجلين،وأنه حكمهما,دون الغسل غير أنه ــ وبحسب ما ذكره  السمعاني(ت489هـ)في تفسيره ــ ((اختلف العلماء فـــي وجـــوب غسل الرجل،فأكثر  العلماء - وعليه الإجماع اليوم - أن غسل الرجل واجب)) ([47]) ؛ لذا فإن السنة الجارية  عن عموم المسلمين ــ والى يومنا هذا ــ هو غسل الرجلين.

من هنا فإن الباحث سيسلط الضوء علــى الفـــهم الفقهي والتطبيق العملــي لسنة  الصحابة والتابعين لمحكم هذه الآية،إذ أن الإختلاف,إنما ورد من جهة السنة الفعلية وإلا فإن النص واضح لا لبس فيه،وبعبارة أخرى إن النص مع كونه قطعي الدلالة، لكنه جُوبه وأُخضع لفهم ظني جعله تحت طائلة تأويل الصحابة، إذ ينقل أحــمد بــــن حنبل في مسنده عن عثمان بن عفان انه ((دعا بماء وهو علــى المقاعد فسكب على   يمينه فغسلها، ثم أدخل يمينه في الإناء فغسل كفيه ثلاثا، ثم غسل وجهه ثلاث مرات،ومضمض واستنشق واستنثر, وغسل ذراعيه إلــى المرفقين ثلاث مرات، ثم مسح برأسه،ثم غسل رجليه إلى الكعبين ثلاث مرار ثم قال: سمعت رسول الله  صلى الله عليه وآله  يقول: من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلـــى ركعتين لا يحدّث نفسه فيهما غفر له مــــا تقدم مـــن ذنبه)) ([48])، كمــا ينقل البيهقي عــن ((عطاء بن يسار  قال:قال ابن عباس: ألا أريكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله  قال: فغسل   يديه مرة مرة،ومضمض مرة،واستنشق مرة،وغسل وجهه مرة,وذراعيه مرة مرة  ومسح رأسه مرة وغسل رجليه مرة مرة،ثم قال: هذا وضوء رسول الله  صلى الله عليه وآله )) ([49]), ونحو ذلك من الروايات المؤيدة لــهذا المعنى.

هذا في مقابل طائفة واسعة من الروايات والأدلة التي تؤكد أن حكم الرجلين المسح  فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله قوله:((إنها لم تتم صلاة أحدكم حتـــى يسبغ  الوضوء كما أمره الله عز وجل فيغسل وجــهه ويديه إلــــى المرفقين ويمسح برأسه و رجليه إلى الكعبين)) ([50]),وقد فصّل ابن حزم(ت456هـ)القول,مؤكدا الحكم المذكوربقوله: ((أما قولنا في الرجلين فان القرآن نزل بالمسح،قال الله تعالى:(وامسحوا برءوسكم  وأرجلكم), وسواء قرئ بخفض اللام أو بفتحها هي على كل حال عطف على الرؤوس : إمــا على اللفظ وإما على الموضع، لا يجوز غير ذلك ؛ لأنه لا يجوز أن يحال بين  بين المعطوف والمعطوف عليه بقضية مبتدأ) ([51]),ثم يستدل بطائفة من روايات الصحابة،وأقوال العلماء كما عن ابن عباس نزل القرآن بالمسح - يعني في الرجلين في الوضوء وقد قال بالمسح على الرجلين جماعة من السلف، منهم عــــلي بن أبي طالب وابــــــن عباس والحسن وعكرمة والشعبي وجماعة غيرهم، وهو قول الطبري، ورُويت فــــي ذلك آثار منها:أُثر من طريق همام عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثنا علــــي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه - هو رفاعة بن رافع - أنه سمع رسول الله  صلى الله عليه وآله  يقول: إنها لا يجوز صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل،ثم يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين، وعن إسحاق  بن راهويه ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن عبد خيرعن علـــي (كنت أرى باطن  القدمين أحق بالمسح حتى رأيت رسول الله  صلى الله عليه وآله  يمسح ظاهرهما([52]) .

ومما يؤكد ذلك ما نقله الطبري(ت310هـ) في تفسيره وغيره عن أنس قوله: (( نــــزل القرآن بالمسح، والسنة الغسل)) ([53]).

ويمكن القول أن المراد بالسنة هنـــــا،سنة الصحابة,وليست سنة الرسول الأعظم   صلى الله عليه وآله ، وإلا فإنه ليس من المعقول بحال من الأحــــــوال أن يــخالف  النبي الأعظم  صلى الله عليه وآله مراد ربه سبحانه وتعالى.

من هنا فإن الحجّاج ــ كما ينقل الطبري(ت310هـ) ــ عندما خطب وقال: اغسلوا  وجوهكم وأيديكم وأرجلكم،ظهورهما وبطونهما وعراقيبهما، فإن ذلك أدنى إلى خبثكم،  قال أنس:صدق الله وكذب الحجاج،قال الله:وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين([54]).

الأمر الــــذي يكشف بصراحة عــــن التعمد الواضح لمخالفة الكتاب،وأن طائفة من الأحــكام التشريعية أصبحت رهينة التوجيه السياسي, وليس الفقهي لغرض الإبقاء على سنة جماعة،دون أخرى.

من ثًم فلا غرابة أن ينادي ابن عباس ــ كم يذكر النووي(ت676هـ) وغيره ــ عن ابن عباس قوله:((أمر الله بالمسح ويأبى الناس إلا الغسل)) ([55]).

وربما استدل القائلون بغسل الرجلين على ما رواه البخاري(ت256هـ) في صحيحه ((عن عبد الله بن عمرو قال تخلف النبي  صلى الله عليه وآله  في سفرة سافرناها  فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة ونحن نتوضأ فجعلنا نمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته  ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا)) ([56]), والحديث بصدد بيان علة غسل الرجلين، لكن يعرب بشكل بيّن،ويعرض بنحو قاطع عن جملة حقائق يعرض لها البحث:

أولها:أن السنة المتبعة والجارية عند المسلمين ــ بحسب ما يوحي به نص الحديث ــ   هــــي مسْح الرجلين، تماشيا مـــع ما جاء به نص الكتاب، وإلا فليس مـــن المعقول أن تتفق كلمة الصحابة على مخالفة الرسول صلى الله عليه وآله ,والإتيان بهذا الوضوء،على النحو الذي استدعى الرسول نفسه الى تنبيههم وتحذيرهم.                      

ثانيها: أن نداء النبي صلى الله عليه وآله :(ويل للأعقاب من النار)ــ عـــلى فرض صحة  الحديث ــ فإنه جاء متزامنا مع واقع السفر الذي كان عليه الصحابة،وهو ما يمكن عده استثناءا من الحكم العام وهو المسح,هذا فيما لو فُهم من نداء النبي صلى الله عليه وآله  الغسل.

ثالثها:يُفهم من ظاهر الحديث أن السفر وما صاحبه من إرهاق,دفع ببعض الصحابة الى عدم مراعاة الطهارة التي هي من أهم شروط صحة الوضوء،فجعلهم يتوضأون كيفمـا اتفق،وهو ما يبطل الوضوء بطبيعة الحال, ولعل هذا ما دفع النبي صلى الله عليه وآله   وقد راقب ذلك عن كثب فانبرى الى تحذير الصحابة,وحثِهم على الإعتناء بشرائط الوضوء،لا الى مخالفة نص الكتاب المبين.

    خلاصة القول إن الخلفية الفكرية لجمهور المسلمين فـــي تقديس أقوال الصحابة،هي التي وظفت الفهم الفقهي للنص القطعي,وأكسبته لونا جديدا من التفسير والعمل.

ثانيا: الجمع بين الصلاتين:

دأب جمهور المسلمين ــ منذ أيام الصحابة وحتـــى يومنا هــذا ــ علــى التفريق بين الصلاتين، بناء على طائفة من الأحاديث المروية عـــن بعض الصحابة، التي يُستفاد منها عدم جواز الــجمع بين صلاتي الظهر والعصر، وبين صـلاتي المغرب والعشاء, كالحديث الذي ساقه الحاكم النيسابوري (ت405هـ) في مستدركه ((عــــن حنش عن  عكرمة عن ابن عباس قال:قال رسول الله صلى الله عليه وآله :من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر)) ([57]) والحديث مع كونه صحيحا عن الحاكم النيسابوري، لكنه غير معتد به عند الترمذي (279هـ) وغيره من أرباب الحديث،  بسبب وجود (حنش) في سند الحديث، وهو(أبو علي الرحبي)، الذي ضعفّه أحمد  وغيره([58]).

وكيفما يكن الأمر فإن كلمة الجمهور ــ كما ينقل الترمذي ــ  متفقة على أن لا يُجمع بين الصلاتين إلا في السفر أو بعرفة,ورخّص بعض أهل العلم ومن التابعين في الجمع  بين الصلاتين للمريض وبه يقول احمد، وإسحاق,وقال بعض أهل العلم: يُجمـــع بين  الصلاتين في المطر،وبه يقول الشافعي، واحمد، وإسحاق،ولم ير الشافعي للمريض  أن يجمع بين الصلاتين ([59]).

وقبل أن نخوض في طائفة من الأحاديث التي تؤكد بأن رسول الله  صلى الله عليه وآله  قد جمع بين الصلاتين من غير عذر أو علة, بل كان ديدنه الجمع, لابد لنا مـــن الإحتجاج ببعض الآيات التي يدل ظاهرها على وجوب الجمع، إن لـم يكن جوازه بين الصلاتين,فعن الفخر الرازي(ت606هـ) في تفسيره لقوله تعالى: ((أقِمِ الصَّلَوةَ لِدُلُوكِ  الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ الَّيْلِ وقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)) ([60])يقول:((وعلى  هذا التقدير يكون المذكور في الآية ثلاثة أوقات وقت الزوال ووقت أول المغرب ووقت  الفجر.

 وهذا يقتضي أن يكون الزوال وقتاً للظهر والعصر فيكون هذا الوقت مشتركاً بين هاتين  الصلاتين وأن يكون أول المغرب وقتاً للمغرب والعشاء,فيكون هذا الوقت مشتركاً أيضاً  بين هاتين الصلاتين، وهو ما يُفضي جواز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب و العشاء مطلقاً)) ([61]),وورد ــ في تفسير الجلالين ــ في تفسير قوله تعالى:((أقِمِ الصَّلَاةَ  لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ)) ([62])،أن المراد بالغداة  و العشي الصبح والظهر والعــصر(وزلفا)جمع زلفة أي طائفة (من الليل)، والمقصود بها هو المغرب والعشاء المغرب([63]),وقد نقل المباركفوري(ت1282هـ)عن مجاهد قوله:((طرفي النهار ويعني صلاة الصبح والظهر والعصر وزلفا من الليل يعني صلاة المغرب والعشاء)) ([64]).

أما الأحاديث المروية بهذا الصدد فعن ابن عمر قال:

((جمع النبي  صلى الله عليه وآله  بين المغرب والعشاء بجمع كل واحـــدة منهما بإقامة,ولم يسبّح بينهما ولا على إثر كل واحدة منهما)) ([65]),وعن((ابن عباس أن النبي   صلى الله عليه وآله  جمع فــــي السفر والحضر بين الظهر والعصر والمــــــغرب  والعشاء)) ([66]),و((عن مجاهد،وسعيد بن جبير،وعطاء بن أبي رباح،وطاوس أخــبروه عن ابن عباس أنه أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يجمع بين المغرب والعشاء في السفر،من غير أن يعجله  شئ، ولا يطلبه عدو، ولا يخاف شيئا)) ([67])،وعن ((عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلى  بالمدينة يجمع بين الصلاتين بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء مــــن غير خوف  ولا مطر قيل: له لم؟؟ قال:لئلا يكون على أمته حرج)) ([68]).

   وهذه الرواية واللتان قبـــلها تدلان بوضوح أن المعتاد عند النبي  صلى الله عليه وآله  الجمع بين الصلوات، دفعا للإحراج وهو التفريق.

   ولا يخفى على كل باحث أن (الحرج)ــ في واقعه ــ استثناء من القاعدة العامة و هي(السعة)، مثاله:أن المولى سبحانه وتعالى في الوقت الذي أمـر عباده بالإغتسال  والتطهر إذا قاموا للصلاة، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُم إِلَــــى الصَّلَاةِ  فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ  كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا)) ([69]).

فقد منحهم جل شأنه الإستثناء من هذا الحكم,إذا كـان يسبب لهم الحرج,قال تعالى:

((لَمْ تَجِدُوا مَــــاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِــوُجُوهِكُم وَأيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيــــدُ  اللَّهُ لِيَجْعَلَ َعلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ)) ([70]).

إذن فالحرج ــ في الواقع ــ إنما هو عدم الجمع بين الصلاتين.

فــــعن((عائشة كان النبي يصلي صلاة العصر والشمس طالعة فـــي حجرتي لــــم يظهر الفئ بعد)) ([71]),وأخرج البخاري- في باب وقت العصر-،((قال:سمعت أبا أمامة يقول:صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر، ثم خرجنا حتى دخلنا على أنس بن مالك، فوجدناه يصلي العصر،فقلت: يا عم ! ما هذه الصلاة التي صليت ؟قال:العصر،وهذه صلاة رسول الله التي كنا نصلي معه)) ([72])، وقد روى مسلم(ت261هـ) فــي صحيحه:((خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم،وجعل الناس  يقولون:الصلاة ! الصلاة !قال: فجاءه رجل من بني تميم، لا يفتر ولا ينثني الصلاة!  الصلاة ! فقال له ابن عباس: أتعلمني بالسنة لا أم لك ! ثم قال:رأيت رسول الله جمع  بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء)) ([73]).

خلاصة القول إن هـــذه الأحاديث ونحوها ــ تدل بما لا يقبل الشك ــ علـــــى جواز الجمع بين الصلاتين مطلقا, خلافا لما رُوي من عدم الجواز.

ثالثا: الصوم في السفر:

    قال تعالى:

 ((شهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْــــهُدَى وَالْفُرْقَانِ  فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَــــى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّــــَامٍ أُخَرَ  يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر))َ([74]),والآية بصدد بيان عظمة شهر رمضان ووجوب صومه,واستثناء المريض والمسافر من هذا الوجوب، وقـد نقل ابن تيمية   (ت728هـ)أن الأمة متفقة على َجــــــواز الإفطارــ بناء علــــى الحكم المستنبط من  هذه الآية ((سَوَاءٌ كَانَ قَادِراً عَلَى الصِّيَامِ أَوْ عَاجِزاً وَسَوَاءٌ شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ أَوْ لَمْ  يَشُقَّ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ مُسَافِراً فِي الظِّلِّ وَالْمَاءِ وَمَعَهُ منْ يَخْدِمُهُ جَازَ لَهُ الْفِطْرُ وَالقصر للمسافر،أَمَّا السَّفَرُ الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهِ الْفِطْرُ مَعَ الْقَضَاءِ)) ([75]).

أي أن المسافرــ بالخيار ــ بين الإفطار أو الصوم و به قال مالك وأبــــو حنيفة  وأحمد والجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم, ودليلهم في ذلك جملة مــــن الروايات التي تبين هذا الحكم منها:((عن بيعة بن يزيد قال حدثني قزعة قال:أتيت    أبا سعيد وسألت عن الصوم في السفر قال: سافرنا مع رسول الله  صلى الله عليه وآله  إلى مكة ونحن صيام قال:فنزلنا منزلا فقال:رسول الله  صلى الله عليه وآله  انكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم فكانت رخصة فمنا من صام ومنا مـــن  أفطر, ثم نزلنا منزلا آخر فقال: إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقــوى لكــم فافطروا  فكانت عزيمة فأفطرنا، ثم قال لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله  صلى الله عليه وآله  بعد ذلك في السفر)) ([76]),وعن((عائشة قالت:إن حمزة الأسلمي سأل رسول الله   صلى الله عليه وآله  عــن الصوم في السفر وكان رجلا يسرد الصوم فقال: أنت  بالخيار إن شئت فصم وان شئت فأفطر)) ([77]),((وعـــن أنس بن مالك قال: كنا  نسافر مع النبي صلى الله عليه وآله ،فلــم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر علــــى الصـــــائم)) ([78])، ((وعــن ابن عـــمر أن رسول الله  صلى الله عليه وآله  كان يصوم في السفر ويفطر فأنا أصوم وأفطر)) ([79]), وعـن ((أبي نضرة عن أبي  سعيد الخدري رضي الله عنه قال:كنا نغزو مع رسول الله  صلى الله عليه وآله  في  رمضان فمنا الصائم، ومنا المفطر فلا يجد الصائم على المفطر، ولا المفطر على  الصائم)) ([80]), الى غيرها من الروايات المعتمدة عندهم.

هذا فــــــي قبال الروايات الكثيرة التي تصّرح بلزوم الإفطار في السفر, وأن حكم الصائم في السفر، إنما هو وجوب الإفطار، لا جوازه فعن((عبد الرحمن ابن عوف قال: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر)) ([81]), وعــن ((جابر(رضي الله عنه)  قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله  في سفر فرأى رجلا قد ظلل عليه فقال:  ما هذا قالوا:صائم فقال:ليس البر أن تصوموا في السفر)) ([82])؛لذا فقد ورد عن طائفة  من الصحابة توقفهم في الصيام في السفر، فعن ابن عمر أنه قال: إن صام قضاه، وفي رواية أخرى عن ابن عمر عن ((بشر بن حرب قال:سألت عبد الله بن عمر قال:قلت:ما تقول في الصوم في السفر قال:تأخذ إنْ حدثتك قلت:نعم قال:كان رسول الله   صلى الله عليه وآله إذا خرج من هذه المدينة قصّر الصلاة،ولم يصم حتى يرجع إليها)) ([83]) وروى عن ابن عباس قوله:لا يجزئه الصيام([84]),وقد روي الزهري عن أبي  سلمة عن عبد الرحمن بن عوف قوله:((الصائم في السفر كالمفطر في الحضر)) ([85])،وعن ابن عمر وسعيد ابن جبير أنهما كانا يكرهان صوم المسافر.

وقد رُوي عن ((حماد بن سلمة عن قتادة عن محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي (رضي الله عنه)قال: من أدركه رمضان وهو مقيم ثم سافر بعد لزمه الصوم ؛ لأن  الله تعالى يقول: (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)) ([86])

وقد بيّن أهل البيت  عليهم السلام  الـــــعلة فـــي ذلك فــعن ((عبيد بن زرارة  قال: قلت لأبي عبد الله  عليه السلام : قول الله عز وجل: فمن شهد منكم الشهر  فليصمه ؟, قال:ما أبينها من شهد فليصمه ومن سافر فلا يصمه)) ([87]),و((عن أحمد  بن محمد،عن ابن أبي عمير،عن بعض أصحابه،عن أبي عبد الله  عليه السلام   قال: سمعته يقول: قال رسول الله  صلى الله عليه وآله :إن الله عز وجل تصدق  على مرضى أمتي ومسافريها بالتقصير والإفطار، أيسر أحدكم إذا تصـــدق بصدقة  أن ترد عليه)) ([88]),وقد ورد ذات المعنى من طرق الجمهور فعن الهيثمي(ت807هـ)  وغيره((عن عائشة قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وآله :إن الله يحب أن يؤخذ  برخصه كمـا يحب أن يؤخذ بعزائمه قلت:وما عزائمه قال فرائضه)) ([89])و((عن أحمد  بن محمد،عن علي بن الحكم،عن عبد الملك بن: عتبة،عن إسحاق بن عمار، عن  يحيى بن أبي العلاء، عن أبي عبد الله عليه السلام  قال: الصائم في السفر فـــي  شهر رمضان كالمفطر فيه في الحضر، ثم قال:إن رجلا أتى النبي  صلى الله عليه وآله  فقال: يا رسول الله أصوم شهر رمضان في السفر؟ فقال: لا،فقال:يا رسول  الله إنه علي يسير ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله عز وجل تصدق  على مرضي أمتي ومسافريها بالإفطار  في شهر رمضان أيعجب أحدكم لـــو تصدق  بصدقة أن يرد عليه)) ([90]),وعن ((أحمد بن محمد، عن صالح بن سعيد، عن أبان  بن تغلب،عن أبي جعفر  عليه السلام قال:  قال رسول الله  صلى الله عليه وآله :خيار أمتي الذين إذا سافروا أفطروا وقصروا وإذا أحسنوا استبشروا وإذا أساؤوا  استغفروا........ الخ)) ([91]).

وقد نقلت لنا السنة الفعلية لرسول الله صلى الله عليه وآله  ما يبين ويؤكد ذلك  فعن جابر أن رسول الله  صلى الله عليه وآله خرج إلى مكة عام الفتح في رمضان  وصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس وهم مشاة وركبان فقيل له:إن الناس قــد  شق عليهم الصوم وإنما ينظرون إلى ما فعلت فدعا بقدح من ماء فرفعه حتـــى نظر  إليه الناس، ثم شرب فأفطر بعض الناس وصام بعض فقيل للنبي  صلى الله عليه وآله :أن بعضهم قد صام قال: أولئك العصاة ([92]), الـــــــــى غيرها من الأحاديث  والروايات التي يُستفاد منها صراحة وجوب الإفطار في السفر، والتــــي تقطع بان  الصائم فــي السفر, واقع بين محذور شرعي وهــــــــو العصيان بمخالفة النصوص  الموجبة للصوم,ومحذور أخلاقي عقائدي يتمثل بمقابلة هدايا الخالق سبحانه وتعالى  بالرد والجحود، وهو مما لا يتناسب وحقيقة التسليم المطلق لأوامر الله التـــي يجب  أن يكون عليها الفرد المسلم.

خلاصة القول إن الصائم في السفر،مخّير ــ في الواقع ــ بين أن يكون مـــــن  العصاة، وذلك بترك حكم الله وهو الإفطار، وبين أن يكون مــن أخيار الأمة فيأخذ  برخصة الله سبحانه, وليس له الخيار بين الصوم أو الإفطار.

المطلب الثاني: الأمور المترتبة على توظيف النص الفقهي:

لقد تمخض واقع التوظيف الفقهي لطائفة من النصوص القرآنية والحديثية ــ  المارة آنفا بعض الأمور الآتية:

أولا: لقد انعكس الفهم المتباين للنص الفقهي على الواقع الشرعي الإسلامي بنحو  عام,فقد أضحى الحكم الشرعي متجزئا بين مذاهب عدة ومشارب مختلفة.

وهو في الوقت الذي خلف لنا بعض الجوانب الإيجابية الممتثلة بالإثراء الفكري للساحة الفقهية, لكنه لا يخلو من حقيقة أن الحكم الشرعي لم يعد حكما واحدا يُلزم الفرد المسلم باتباعه، بل أصبح حكما متوزعا بين آراء فقهية متعددة .

ولا يُعقل بمكان أن تكون بمجموعها دالة على الحق، على الحكم الشرعي الذي أراده القرآن وسعت له السنة, وهو مما انعكس علـــى النسيج الإسلامي العام، إذ تعددت الآراء واختلفت الفتاوى,وعاد العالم الإسلامي تتقاسمه المرجعيات المختلفة  والمؤسسات الدينية المتنوعة، فتباينت الرؤى وتعددت الأهداف، فكان ذلك ــ في تقدير الباحث ــ من أسباب ضعْف هذا العالم وتشرذمه.

ثانيا: إن اختلاف فهْم النص الفقهي كان من أهم الأسباب في نشوء أحكام مختلفة  وفتاوى متنوعة,وهولا يعدو أن يكون ضربا من الإختلاف الذي لا يخرج عن دائرة  النزاع والتفرق الــذي نهى عنه سبحانه بقوله: ((واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)) ([93]),وقوله سبحانه:((وأطِــيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ  رِيحُكُمْ)) ([94]).

من هنا فقد حاول بعض العلماء تعليل هذا التنازع،وشرعنة الخلاف القائم بين مذاهب المسلمين اعتمادا على الحديث المروي عن الرسول صلى الله عليه وآله : ((اختلاف أمتي رحمة)) ([95]), وأن التفرق المذموم المنهي عنه ــ حسب رأيهم  أنما هو فـــي أصول الدين والإسلام لا في فروعه([96]).

والحق أن المعنى المذكور للحديث الشريف لا يـــعدو أن يكون توظيفا آخرا،و فهما جديدا ومغايرا لمراد الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله ,وإلا فإن المقصود النبوي الذي يتلائم ويتوافق وأوامر الله جل شأنه بالإعتصام وعدم التفرق, هو ما بيّنه أهل بيت العصمة عليهم السلام ،كالحديث الذي رواه المجلسي(ت1111هـ)    ((عن عبد المؤمن الأنصاري،قال: قلت لأبي عبد الله  عليه السلام :

إن قومـــا يروون أن رسول الله  صلى الله عليه وآله  قــال: اختـــلاف  أمتي رحمة فقال: صدقوا، فقلت:إنْ كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب؟ قال  : ليس حيث تذهب وذهبوا، إنما أراد قول الله عز وجل: فلو لا نفر مــن كل فرقة  منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلـــهم يحذرون،  فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله  صلى الله عليه وآله ،ويختلفوا إليه، فيتعلموا  ثم يرجعوا إلى قومهم فيعلموهم، إنما أراد اختلافهم من البلدان لااختلافا في دين  الله، إنما الدين واحد)) ([97]).

ولا يخفى أن توجيه الإمام  عليه السلام ،وكشْفه عن أبعاد الحديث الشريف  يبعث في الاطمئنان،ويصوّب المواقف اتجاه هذا النوع من الأحاديث الذي يورث ــ الأخذ بظاهرها فحسب،ومـــن غير الوقوف علـــى حقيقة المراد منها ــ القلق  والشك والتناقض في نفس الفرد المسلم.

ثالثا: لقد كان من أخطر ما تمخض عنه توظيف النص الفقهي،هــو بروز الفكر بروز الفكر المتطرف والمتشنج، الـــذي تجسد في التنظيمات التكفيرية، التي أصبحت أثقل عبئا وأكبر خطرا على الإسلام،من أعداء الإسلام.

     إن المساحة الواسعة من الفهم التي خضع لها النص الفقهي,أعـطت لمثل هذه التوجهات الجرأة على الولوج الى فضاء الحكم الفقهي، والتلاعــــــب به  وإخضاعه الى الآراء الشاذة والمشوهة، بل وتقديم صــنْف جديد من الفقهاء نصّبوا أنفسهم على أنهم الممثلين للإسلام،والنواب عن فقهائه، والدعاة الى شرعه ونهجه.

   ولا يخال الباحث أن سيفا أحد ولا خطرا أشد من الإشكاليات الناتجة عــــن  المشروع التكفيري الضارب في أنحاء العالم، الهادف الــــــــــى أمرين اثنين أولهما تمزيق الصف الإسلامي، وثانيهما تقــديم الأنموذج المشوه للنـــــظرية  الإسلامية. 

نتائج البحث

أولا: إن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله لم يفارق أمته،إلا بعد أن أتم الحجة عليهم،بتبليغ أوامر ربه،وذلك باستخلاف أهل بيته  عليهم السلام  عليهم.

ثانيا: كان يوم السقيفة إيذانا بالإنقلاب الفكري الذي وقع بــعد رحيل سيد الكائنات   صلى الله عليه وآله , وبداية مرحلة جديدة للواقع الإسلامي كان له دورا مباشرا في صياغة الخلفية العقائدية لجمهور المسلمين.

ثالثا: كان من آثار ذلك أن انقسم التوجه الإسلامي الــــــى توجهين رئيسين تمثل أحدهما بمدرسة أهل البيت عليهم السلام ,الذي هوالإمتداد الطبيعي لخط الرسالة،فيما جسد الآخر خط الصحابة.

رابعا: كـان من حيثيات هذا الإنقلاب الفكري هو بروز بعض الإجتهادات لطائفة من الصحابة المخالفة لسنة المصطفى صلى الله عليه وآله .

خامسا:شكلّت هذه الاجتهادات  جزءا مهما ــ عند الجمهور ــ  من التراث النبوي كما أنها كانت الأساس في تكوين البعد الشرعي للمباني العقدية لهم,والتي كان  لها أبلغ الأثر في نشأة التوجه الفقهي العام لأئمة المذاهب .

سادسا: كانت الأبعاد السياسية والإجتماعية من الأسباب المهمة أيضا في صياغة المباني العقدية.

سابعا: كان لمجمل هذه الخلفية الدور الأكبر في توظيف النـــــص الفقهي,وتغيير  المراد الإلهي المطلوب،سواء على مستوى القرآن الكريم أو السنة النبوية.

ثامنا: كــــــــان من أهم آثار ذلك هو نشوء مذاهب وآراء فقهية مختلفة، شكلت  بمجملها المنظومة الفقهية لجمهور المسلمين.

تاسعا: إن أخطر ما تمخض هو بروز الفكر المتطرف، الــــــذي أنتج التنظيمات  المتشنجة، التي ما فتئت تسعى لتقديم نفسها على أنها الممثل الشرعي للتوجه الإسلامي المعاصر.

مصادر البحث

1ــ القرآن الكريم: خير الكلام .

2ــ ابن الأثير: عز الدين أبي الحسن(ت630هـ):الكامل في التاريخ/ط1386/ طبع ونشر دار صادر للطباعة والنشر - دار بيروت للطباعة والنشر.

3ــ أحمد بن حنبل(241هـ): المسند/ دار صادر بيروت ــ لبنان .

4ـ البخاري: محمد بن اسماعيل(ت256هـ): صحيح البخاري(ط(1410هـ)/ دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.

5ـ البيهقي: أحمد بن الحسين(ت458هـ): السنن الكبرى/ دار الفكر .  . عبدالله بن قدامة(تت620هـ):المغني/دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع - بيروت – لبنان

6ــ الترمذي(ت279هـ): محمد بن عيسى(ت279هـ): سنن الترمذي/ تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان/ ط2(1408هـ)/ دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع بيروت ــ لبنان.

7ــ الجصاص:أحمد بن علي(ت370هـ)تحقيق عبد السلام محمد علي شاهين/ ط1(1415هـ)/دار الكتب العلمية - بيروت – لبنان.

 8ــ الحاكم الحسكاني: عبيدالله بن أحمد(ت ق5هـ):شواهد التنزيل لقواعد التفضيل/ تحقيق محمد باقر المحمودي/ط1(1411هـ)/ نشرمؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي- مجمع إحياء الثقافة الإسلامية .

9ــ الحاكم النيسابوري:أبو عبدالله(405هـ):المستدرك على الصحيحين/ تحقيق يوسف عبد الرحمن المرعشلي/ دار المعرفة بيروت ــ لبنان.

10ــ ابن حجر:احمد بن علي العسقلاني(ت852هـ):الإصابة في تمييز الصحابة/عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض/ط1(1415هـ)/ دار الكتب العلمية بيروت ــ لبنان. 

11ـ ابن حجر: أحمد بن علي(ت582هـ): تهذيب التهذيب/ ط1(1404هـ)/ دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع –  بيروت - لبنان .

12ــ ابن أبي الحديد: عز الدين المعتزلي(ت656هـ): شرح نهج البلاغة/ تحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم/ ط1(1378هـ)/دارإحياء الكتب العربية - عيسى البابي الحلبي وشركاه .

13ــ ابن حزم: محمد بن علي(ت456هـ):الإحكام في أصول الأحكام/ مطبعة العاصمة – القاهرة.

 14ــ المحلّى/ دار الفكر.

15ــ ابن خلدون(ت ق2هـ):عبد الرحمن بن محمد:تاريخ ابن خلدون/ط(1391هـ)/ مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت – لبنان .

16ــ الذهبي:محمد بن أحمد(ت748هـ):تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام/تحقيق عمر عبد السلام تدمري/ط1(407هـ)/ دار الكتاب العربي بيروت ــ لبنان.

17ـ سِير أعلام النبلاء/ تحقيق حسين الأسد/ ط9(1414هـ)/ مؤسسة الرسالة بيروت ــ لبنان.

 18ــ الرازي: فخر الدين(ت606هـ): تفسير الرازي/ ط3.

19ــ الزيلعي:جمال الدين(ت762هـ):تخريج الأحاديث والآثار/تحقيق عبدالله بن عبد الرحمن السعد /ط1(1414هـ) / مطبعة الرياض ــ دار ابن خزيمة.

20ــ السلمي(ت412هـ): تفسير السلمي/ تحقيق سيد عمران/ط1(1421هـ)/ لبنان / بيروت ــ دار الكتب العلمية.

21ــ السمعاني(ت489هـ): تفسير السمعاني/ تحقيق: ياسر بن إبراهيم و غنيم بن عباس بن غنيم/ط1(1418هـ)/طبع ونشر دار الوطن ــ الرياض.

22ــ السيوطي(ت864هـ): تفسير الجلالين/ تحقيق مروان سوار/نشر دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان.

23ــ الشاطبي: الموافقات.

24ــ الشهرستاني: محمد بن عبد الكريم(ت584): الملل والنحل/ تحقيق محمد سيد كيلاني/دار المعرفة - بيروت – لبنان.

25ــ الصدوق: أبو جعفر محمد بن علي(ت381هـ): علل الشرائع/ تحقيق محمد صادق بحر العلوم/ط(1385هـ)/ نشر المكتبة الحيدرية ــ النجف الأشرف

26ـ الطبراني: أبي القاسم سليمان)ت360هـ):المعجم الكبير/ تحقيق حمدي عبد المجيد السلفي/ ط2/ دار إحياء التراث العربي.

27ـ الطبري:محمد بن جرير(ت360هـ): تاريخ الامم والملوك/ تحقيق نخبة من العلماء/ؤسسة الأعلمي للمطبوعات - بيروت – لبنان.

28ــ الطبري: محمد بن جرير(ت310هـ): جامع البيان عن تأويل آي القرآن/ط(1415هـ)/ دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان.

29ــ الطريحي: فخر الدين(ت1085هـ): مجمع البحرين/ تحقيق أحمد الحسيني

/ط2/ نشْر المكتبةالرضوية لإحياء الآثار الجعفرية.

30ــ ابن العربي(ت543هـ):أحكام القرآن/تحقيق محمد عبد القادر عطا/ طبع ونشر - دار الفكر للطباعة والنشرــ لبنان.

31ــ ابن عطية الأندلسي(ت546هـ): المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز

/تحقيق عبد السلام عبد الشافي/ط1(1413هـ)/ دار الكتب العلمية ــ بيروت.

32ــ العيني(ت855هـ):عمدة القاري شرح صحيح البخاري/دار إحياء التراث

العربي ــ بيروت.

33ـ الفيروزآبادي: مجد الدين محمد بن يعقوب(ت817هـ): القاموس المحيط.

34ــ القرطبي: محمد بن أحمد(ت671هـ): الجامع لأحكام القرآن/ تحقيق أحمد عبد العليم البردوني/ ط(1405هـ)/دار إحياء التراث العربي - بيروت – لبنان.

35ــ ابن قدامة(تت620هـ): عبدالله:المغني/دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع - بيروت – لبنان.

 36ــ القندوزي الحنفي:سليمان بن ابراهيم(ت1294هـ): ينابيع المودة لذوي القربى/ تحقيق علي جمال أشرف الحسيني/ط1(1416هـ)/ دار الاسوة للطباعة والنشر.

 37ــ ابن كثير:اسماعيل(ت774هـ):البداية والنهاية/ تحقيق علي شيري/ط1(1408هـ)/دار إحياء التراث العربي - بيروت – لبنان .

 38ـ ابن ماجة:محمد بن يزيد القزويني(ت273هـ): سنن ابن ماجة/تحقيق فؤاد عبد الباقي/دار الفكر للطباعة والنشر.

39ـ مالك بن أنس(ت179هـ):الموطأ/ تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي/ ط(1406هـ)/ دار إحياء التراث العربي – بيروت .

40ـ المباركفوري: محمد عبد الرحمن(ت1283هـ):تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي/ط1(1410هـ)/ دار الكتب العلمية – بيروت.

41ـ المتقي الهندي: علاء الدين علي(ت975هـ): ط(1409هـ)/ مؤسسة الرسالة بيروت ــ لبنان.

42ــ محمد عبد الرحمن عبد المنعم:معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية/ دار الفضيلة.

43ـ  المجلسي:محمد باقر(ت1111هـ): بحار الأنوار/ ط2 المصححة(1403هـ)/مؤسسة الوفاء بيروت ــ لبنان. النسائي(ت303هـ): سنن النسائي/ط(1348هـ)/ دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع - بيروت – لبنان .

44ــ المسعودي: علي بن الحسين(ت346هـ): مروج الذهب ومعادن الجوهر/ ط2(1404هـ)/ منشورات دار الهجرة ايران – قم.

45ــ مسلم النيسابوري:أبي الحسين(ت261هـ): صحيح مسلم/دار الفكر - بيروت – لبنان.

46ــ ابن منظور: أبو الفضل جمال الدين(ت711هـ):لسان العرب/(ت1405هـ)/ نشْرأدب الحوزة.

47ــ النسائي: أحمد بن شعيب(ت303هـ):السنن الكبرى/ تحقيق عبد الغفار سليمان البنداري، سيد كسروي حسن/ط1(1411هـ)/ دار الكتب العلمية بيروت ــ لبنان.

48ــ النووي(ت676هـ): شرح صحيح مسلم/ ط(1407هـ)/ دار الكتاب العربي - بيروت – لبنان.

49ــ المجموع/دار الفكر.

50ــ الهيثمي: نور الدين علي(ت807هـ):مجمع الزوائد/ط(1408هـ)/ دار الكتب العلمية بيروت ــ لبنان .

51ــ الورداني: صالح(معاصر): مدافع الفقهاء، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف/ ط(1419هـ)/دار الرأي للطباعة والنشر والتوزيع.

 

[1]- ابن منظور:لسان العرب 6/6.

[2]- الفيروزآبادي: القاموس المحيط 2/189.

[3]- ظ: ابن منظور: لسان العرب 6/6.

[4]- العيني: عمدة القاري 1/119.

[5]- ابن عطية الأندلسي:المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز 3/84.

[6]- ظ: الطريحي:مجمع البحرين 4/45.

[7]- ظ: محمد عبد الرحمن عبد المنعم: معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية1/227.

[8]- ابن حزم: الاحكام في أصول الأحكام 1/37.

[9]- ظ: أحمد بن حنبل(241هـ): المسند 1/118+ ابن ماجة: سنن ابن ماجة1/43+ الحاكم النيسابوري: المستدرك على الصحيحين 3/109+ الطبراني:المعجم الكبير  2/357, وغيرهم كثير.

[10]- ظ: أحمد بن حنبل:المسند 5/90+ البخاري: 8/127+مسلم النيسابوري: صحيح مسلم6/3, وغيرهم كثير.

[11]- ظ: أحمد بن حنبل:المسند5/182+ الترمذي(ت279هـ):الترمذي: سنن الترمذي 5/328+ الهيثمي: مجمع الزوائد 9/163, وغيرهم كثير. 

[12]- ظ: أحمد بن حنبل:المسند 1/55.

[13]- سورة الأحزاب/36.

[14]- سورة النساء/24.

[15]- ظ: الرازي: فخر الدين(ت606هـ): تفسير الرازي 5/167+ القرطبي: الجامع لأحكام القرآن2/392.     

[16]- مالك بن أنس:الموطأ 1/114.

[17]- أحمد بن حنبل: المسند 3/310.

[18]- ظ: ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة 1/194.

[19]- المجلسي:بحار الأنوار35/317.

[20]- ظ: الشاطبي: الموافقات 4/74.

[21]- سورة آل عمران/110.

[22]- سورة البقرة/143.

[23]- الحاكم النيسابوري: المستدرك على الصحيحين 1/96.

[24]- السلمي: تفسير السلمي 2/52.

[25]- سورة آل عمران/ 144.

[26]- البخاري: صحيح البخاري 7/208.

[27]- سورة التوبة/ 101.

[28]- ابن حجر: تهذيب التهذيب 2/30.

[29]- النسائي: سنن النسائي 8/116.

[30]- الذهبي:سير أعلام النبلاء 6/345.

[31]- ظ: الزيلعي:تخريج الأحاديث والآثار 2/230.

[32]- ابن حزم: الإحكام في أصول الأحكام 5/642.

[33]- م . ن 5/642.

[34]- ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة 1/22.

[35]- ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة 1/22

[36]- م . ن 1/22.

[37]- البيهقي: السنن الكبرى/ دار الفكر 8/145+ المتقي الهندي:كنز العمال 5/635.

[38]- الطبري: تاريخ الامم والملوك2/443+ ابن الأثير:الكامل في التاريخ2/325.

[39]- المسعودي: مروج الذهب ومعادن الجوهر2/301.

[40]- ظ: م. ن 2/301.

[41]- ظ: م. ن 2/301.  

[42]- ظ: الحاكم الحسكاني: شواهد التنزيل لقواعد التفضيل 1/183.

القندوزي الحنفي: ينابيع المودة لذوي القربى 2/369.

[43]- الطبري: تاريخ الامم والملوك3/289+ ابن الأثير: الكامل في التاريخ3/64.

[44]- ظ:الذهبي: تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام 2/514+ابن كثير: البداية والنهاية 4/332+ ابن خلدون:تاريخ ابن خلدون 2/43.

[45]- الورداني:مدافع الفقهاء، التطرف بين فقهاء السلف وفقهاء الخلف /11.

[46]- سورة المائدة/ 6. 

[47]- السمعاني: تفسير السمعاني 2/16.

[48]- أحمد بن حنبل: المسند 1/59.

[49]- البيهقي:السنن الكبرى 1/67.

[50]- النسائي: سنن النسائي2/226.

[51]- ابن حزم: المحلّى/ دار الفكر 2/56.  

[52]- م . ن 2/56.

[53]- الطبري: جامع البيان عن تأويل آي القرآن 6/175+ ابن العربي:أحكام القرآن 2/71, وغيرها كثير.

[54]- ظ: الطبري: جامع البيان عن تأويل القرآن 6/175.

[55]- النووي: المجموع/دار الفكر 1/418.

[56]- البخاري: صحيح البخاري 1/21.

[57]- الحاكم النيسابوري: المستدرك 1/257.

[58]- ظ: الترمذي: سنن الترمذي 1/221.

[59]- ظ: م . ن 1/221.

[60]- سورة الإسراء 78.

[61]- الرازي:تفسير الرازي21/27.

[62]- سورة الإسراء/78.

[63]- السيوطي: تفسير الجلالين /310

[64]- المباركفوري: تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي 8/423.

[65]- البخاري:صحيح البخاري 2/177.

[66]- الطبراني: المعجم الكبير 11/58.  

[67]- ابن ماجة: سنن ابن ماجة 1/340.

[68]- النسائي: سنن النسائي 1/290.

[69]- سورة المائدة/6.

[70]- سورة المائدة/6

[71]- أحمد بن حنبل:المسند 6/37 +البخاري:صحيح البخاري 1/137.  

[72]- البخاري:صحيح البخاري 2/138.  

[73]- مسلم:صحيح مسلم 2/152.  

[74]- سورة البقرة/ 184.

[75]- ابن تيمية: الفتاوى الكبرى3/163.

[76]- ابن حزم: المحلى6/251.

[77]- أحمد بن حنبل: المسند 9/207

[78]- البخاري: صحيح البخاري 2/238.

[79]- الهيثمي: مجمع الزوائد 3/159.

[80]- أحمد بن حنبل: المسند 3/12.

[81]- ابن قدامة: المغني 3/87.

[82]- أحمد بن حنبل: المسند 3/317.

[83]- أحمد بن حنبل:المسند 2/99.

[84]- ظ: النووي: مجموع 6/264.

[85]- ابن قدامة:المغني3/87.

[86]- ابن حزم: المحلى 6/247.

[87]- الكليني: الكافي 4/127.

[88]- م . ن 4/127.

[89]- م .ن 4/127.

[90]- م .ن 4/127. 

[91]- م .ن 4/127.

[92]- ظ: النسائي: سنن النسائي 4/177.

[93]- سورة آل عمران/103.

[94]- سورة الأنفال/46.

[95]- الجصاص: أحكام القرآن 2/37.

[96]- م. ن 2/37.

[97]- الصدوق: علل الشرائع 1/85.