تصنیف البحث: الأدب العربي
من صفحة: 338
إلى صفحة: 353
النص الكامل للبحث: PDF icon 6-17.pdf
خلاصة البحث:

اللغة العربية ذات التراث الخصب ما زالت ينبوعًا متدفقًا للعلم والمعرفة لمن أراد أن يضرب بسهم فيها، والألفاظ دلائل على المعاني، والعمل المعجمي يعد واحدًا من روافد اللغة التي تمدها باللفظ وبنيته واشتقاقاته، فضلًا عن المعاني التي يدل عليها كل لفظ من هذه الألفاظ. إنَّ الدلالة المعجمية واحدة من أنواع الدلالة التي تناولها اللغويون، ونصوا عليها في دراساتهم، ومعناها الوصول إلى المعاني الحقيقية للألفاظ، على أنَّه يمكن للمعجمي أن يتناول بعد تتبع المعنى الحقيقي للفظ المعاني المجازية إن وجدت، وهذا ما يعرف لدى الدلاليين بالدلالة الإضافية، ولدى البلاغيين بالمعنى المجازي للفظ. والقرآن الكريم المعجز في ظاهره وباطنه كثيرًا ما يشير إلى الاستعمالات المجازية للألفاظ فضلًا عن الاستعمال الحقيقي. وسنحاول تتبع الجذر (ض ر ب) موضحين معناه الحقيقي في المعجم، كما نشير إلى بعض المعاني المجازية التي نص عليها المعجميون، ثمَّ نشير إلى الاستعمال القرآني لهذا الجذر محاولين الربط بين الدلالتين، أو قل بين الاستعمالين مردفين ذلك كله بآي من الذكر الحكيم لتثبيت المعنى وترسيخه مستعينين بما تيسَّر لنا من التفاسير.

البحث:

 

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..

وبعد؛

فاللغة العربية ذات التراث الخصب ما زالت ينبوعًا متدفقًا للعلم والمعرفة لمن أراد أن يضرب بسهم فيها، والألفاظ دلائل على المعاني، والعمل المعجمي يعد واحدًا من روافد اللغة التي تمدها باللفظ وبنيته واشتقاقاته، فضلًا عن المعاني التي يدل عليها كل لفظ من هذه الألفاظ.

إنَّ الدلالة المعجمية واحدة من أنواع الدلالة التي تناولها اللغويون، ونصوا عليها في دراساتهم، ومعناها الوصول إلى المعاني الحقيقية للألفاظ، على أنَّه يمكن للمعجمي أن يتناول بعد تتبع المعنى الحقيقي للفظ المعاني المجازية إن وجدت، وهذا ما يعرف لدى الدلاليين بالدلالة الإضافية، ولدى البلاغيين بالمعنى المجازي للفظ.

والقرآن الكريم المعجز في ظاهره وباطنه كثيرًا ما يشير إلى الاستعمالات المجازية للألفاظ فضلًا عن الاستعمال الحقيقي.

وسنحاول في هذا البحث تتبع الجذر (ض ر ب) موضحين معناه الحقيقي في المعجم، كما نشير إلى بعض المعاني المجازية التي نص عليها المعجميون، ثمَّ نشير إلى الاستعمال القرآني لهذا الجذر محاولين الربط بين الدلالتين، أو قل بين الاستعمالين مردفين ذلك كله بآي من الذكر الحكيم لتثبيت المعنى وترسيخه مستعينين بما تيسَّر لنا من التفاسير، وقد أسميناه (الجذر (ض ر ب) بين الدلالة المعجمية والاستعمال القرآني) سائلين المولى أن يوفقنا في عملنا هذا خدمة للغة الضاد، ولغة القرآن المجيد، إنه ولي كل نعمة ومنتهى كل شكر، وإليه يصعد الكلم الطيب، والعمل الصالح يرفعه، ومن الله التوفيق.

5 / رمضان / 1428 هـ

التحليل الصوتي للجذر (ض ر ب)؛ المخرج والصفة:

الضاد:

« الضاد من الأصوات العسيرة على النطق، ومن الحروف التي تميز لغة العرب وتختص بها »(1).

واختلف علماء العربية في تحديد مخرج الضاد، فذهب الخليل(175هـ) إلى أنَّ « الضاد شجرية لأنَّ مبدأها من شجر الفم »(2)، ووصف سيبويه(180هـ) مخرجه، فقال: « من بين أول حافة اللسان وما يليها من الأضراس مخرج الضاد »(3)، وقال المبرد في وصفه:« ومخرجها من الشدق، فبعض الناس تجري له في الأيمن، وبعضهم تجري له في الأيسر »(4)، والشدق: جانب الفم، بكسر الشين وفتحها(5)، وإلى هذا المعنى ذهب ابن جني في تحديد مخرجه(6).

وقد حصل إبدال بين الضاد والظاء، وهو من فعل العامة، قال الفيومي(770هـ):« والعامة تجعلها ظاءً، فتخرجها من طرف اللسان وبين الثنايا »(7).

أما صفته فقد اختلف فيها العلماء كذلك، فهو من الأصوات الرخوة عند علماء العربية وعلماء التجويد(8).

ووصفه مكي بن أبي طالب(437هـ) بأنه صوت مجهور مستطيل مطبق(9)، على أنَّ هذا الصوت لم يعد يسمع على تلك الصفة التي حددها علماء العربية له، بل صار على ألسنة بعضهم دالًا مفخمة كما هو في مصر، وصار على ألسنة آخرين صوتًا لا يختلف عن الظاء في شيء كما في العراق(10).

الراء:

حدد ابن جني(392هـ) مخرج الراء، فقال: « ومن مخرج النون غير أنه أدخل في ظهر اللسان قليلًا لانحرافه إلى اللام مخرج الراء »(11)، وهو صوت لثوي مجهور، متوسط بين الشدة والرخاوة، وعدَّه سيبويه شديدًا وأنه يتفرد بصفة التكرير(12).

الباء:

قال سيبويه: « ومما بين الشفتين مخرج الباء... »(13)، وهو صوت شفوي شديد(14).

الدلالة المعجمية للجذر:

عند تتبع هذا الجذر في المعجم العربي، وبيان معانيه بقطع النظر عن اختلاف صيغه، نجد له معانيَ كثيرة في المعجم، فأوَّل ما يطالعنا منها المعنى الحقيقي، أو الدلالة المعجمية، وقد أشار إليها صاحب القاموس، قال: « ضربه يضربه وهو ضارب وضريب وضروب، وضرِبَ ومضرب كثيرة، ومضروب وضريب والمضرَب ما ضرب به »(15)، وضربه بسيف أو غيره(16)، وقال الراغب(502هـ): « الضرب إيقاع شيء على شيء كضرب الشيء باليد والعصا والسيف »(17).

على أنَّ المعجميين لم يغفلوا على سبيل التوسع كثيرًا من الدلالات والمعاني الإضافية لهذا الجذر، فقد أشاروا إليها، ومثَّلوا لها.

الجذر (ض ر ب) ودلالاته في القرآن الكريم:

ورد الجذر (ضرب) في القرآن ويحمل دلالات عدَّة، توزعت بين دلالات حقيقية، أو ما تعرف لدى الدلاليين بالدلالة الحسيَّة أو المركزية، أو الأساسية، أو الدلالة المعجميَّـة(18).

وهناك دلالات تحمل المعنى الإضافي أو العرضي أو الثانوي أو التضميني، وهو المعنى الذي يملكه اللفظ عن طريق ما يشير إليه إلى جانب معناه التصوري الخالص(19)، وهو ما يمكن أن يطلق عليه المعنى المجازي للفظة.

وفيما يأتي عرض للاستعمالات القرآنية لهذا الجذر ودلالاته:

1- الدلالة الحقيقية أو الحسية:

ورد الجذر (ضرب) بدلالاته الحسية أو الحقيقية كثيرًا في القرآن الكريم، وجاء في كثير من الآيات تحمل هذا المعنى، كقوله تعالى: )فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ( (20).

نزلت هذه الآية يوم بدر، وقد اختلف المفسرون في الخطاب في (اضربوا)، فمنهم من ذهب إلى أن الخطاب موجه إلى الملائكة، ومنهم من قال أنَّه موجه إلى المسلمين، وهذا الرأي هو المختار عند أكثر المفسرين.

ثمَّ اختلفوا في المراد من )فَوْقَ الأَعْنَاقِ(، فمن قائل: المراد بالأعناق:الذات، وإنَّ (فوق) بمعنى (على)، ومن قائل: المراد: الرؤوس، وإنَّ )فوق الأعناق وكل بنان( كناية عن حث المسلمين على الشدة في قتال المشركين(21).

ومثله من السورة نفسها قوله تعالى: )وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ( (22)، فإنَّ المراد بهذه الآية خصوص كفار قريش يوم بدر، ويجوز أن يكون الضرب على حقيقته وإن لم يشاهد بالحس(23).

ويجوز أن يكون المقصود بضرب الوجوه والأقفية كناية عما يقاسيه الكفار من العذاب عند الموت(24).

والمعنى الأول أولى لأنه وصف لحال الملائكة والمسلمين والتحامهم مع الكفارونصرهم عليهم.

ومنه قوله تعالى: )فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ( (25)، أي « ضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم كالجبل المتين الثابت في مقره فدخلوا في شعابها »(26).

ومن هنا يتبيَّن المعنى الحقيقي للفعل (اضرب) الذي ورد بصيغة فعل الأمر، وهو أمر حقيقي فلما دعا موسى ربه أوحى الله إليه )أن اضرب بعصاك البحر فضربه فانفلق البحر فمضى موسى وأصحابه حتى قطعوا البحر( (27).

وكقوله تعالى: )فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ( (28) وكقوله عز وجل: )فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ( (29) وقوله تعالى: )فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ( (30) وغير ها مما ورد في كتاب الله من معنى حقيقي لهذا الجذر بقطع النظر عن اختلاف الصيغ التي ورد بها، فتارة في الماضي، وأخرى في المستقبل، وثالثة في الأمر أو المصدر.

2 – الدلالات الإضافية أو المجازيَّة:

أ – بمعنى (مثل):

شارك المعجميون المفسرين في الإشارة إلى هذا المعنى، فقالوا: « الضرب: المثل والشبيه، وجمعه ضروب، وهو الضريب، وجمعه ضرباء، وفي حديث ابن عبد العزيز: إذا ذهب هذا وضرباؤه، هم الأمثال والنظراء، أحدهم ضريب، واضرب لهم مثلًا لذكر لهم، ومثل لهم »(31).

ولم يأت هذا الجذر دالًا على هذا المعنى في كتاب الله إلا وهو مردف بلفظ (مثل)، واشتقاقاته إلا قليلًا.

قال تعالى: )أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء( (32)، ضرب الله مثلًا أي اعتمد مثلًا ووضعه، و (كلمة) منصوبة بفعل مضمر أي جعله كلمة طيبة كشجرة طيبة (33)، فنلحظ من الآية أن ضرب له معنيان (اعتمد وجعل)، فإنَّ الله يمثل ليكون ذلك أسلوبًا حيًا من أساليب تمثل الفكرة بطريقة حية موحية لأنَّ الناس يتمثلون المحسوسات بأكثر ما يتمثلون المعقولات مما يجعل من التشابه في المدلول بين المحسوس والمعقول، وهذا ما درج عليه القرآن في أكثر من موضع مع أكثر من فكرة (34).

على حين يصرح بعض المفسرين بأنَّ معنى (يضرب) يمثل كما جاء ذلك في سورة البقرة من قوله تعالى: )إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا( (35)، قال: « نزلت لما ضرب تعالى المثلين للمنافقين، فقال الكفار: الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال، أو لما ذكر الذباب والعنكبوت فطعنوا فيه، فبيَّن سبحانه أن ذلك ليس مما يستنكر، لأن في التمثيل كشف عن المعنى وإدناء المتوهم من المشاهد، ولذلك كثرت الأمثال في الكتب السماوية وكلام البلغاء لكل أمر بحسب حاله عظمًا وحقارة »(36).

فـ (يضرب) في الآية الكريمة خرج من دلالته الحقيقية إلى دلالة معنوية أخرى وهي (يمثل) وقد نزلت ردًا على الكفرة والمنافقين الذين قالوا: أما يستحي رب محمد أن يضرب مثلًا بالذباب والعنكبوت ؟ فنزل قوله تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلًا مَّا)) لتوضيح الحق لعباده المؤمنين وفي التمثل فوائد كثيرة تكشف عن المعنى وزيادة الإيضاح وإزالة الوهم وترسيخ الحقيقة(37).

ومن ذلك قوله تعالى: )وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلًا رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لاَ يَقْدِرُ عَلَىَ شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ( (38).

قيل في معنى ضرب هذا المثل قولان: أحدهما، إنَّه مثل ضربه الله في من يؤمل الخير من جهته وفي من لا يؤمل.

والآخر: إنَّه مثل الكافر والمؤمن، ووجه التقابل في (ضرب) المثل بهذين الرجلين، إنه على تقدير: ومن هو بخلاف صفته يأمر بالعدل وهو على صراط مستقيم في تدبير الأمور بالحق، وهذا زيادة في ضرب المثل من الله تعالى، فإنه يقول: إنَّ الرجلين إذا كان أحدهما أبكم لا يقدر على شيء وهو الذي لا يسمع شيئًا ولا يبصر ولا يعقل، وهو مع ذلك كلٌّ على مولاه أي وليه، أينما يوجهه لا يأت بخير، هل يستوي هو ومن يأمر بالعدل مع كونه على صراط مستقيم، والمراد أنهما لا يستويان قط(39).

وقد يرد الفعل (ضرب) بصيغة الأمر حاملًا معنى المثل أي (مثل) كما في سورة الكهف، قال تعالى: )وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا( (40)، فالخطاب موجه منه تعالى إلى رسوله الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم)، أي: « واضرب يا رسول الله لهم أي لهؤلاء الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والعصيان مثلًا رجلين مؤمنًا وكافرًا جعلنا لأحدهما جنتين وإنما أتى بالتثنية دلالة في الزيادة »(41).

والآية الكريمة تجسيد لموقف المستكبرين من المستضعفين(42)، وغالبًا ما يأتي هذا الجذر إذا كان دالًا على المثل مردفًا بكلمة (مثل) واشتقاقاتها كما قدمنا، لكنه قد يرد خلوًا من ذلك، وتفهم الدلالة من السياق، قال تعالى: )كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ( (43)، أي: « يضرب المثل للحق والباطل »(44).

وقوله تعالى: )وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ( (45)، فـ(ضرب) المسند إلى واو الجماعة في الآية الكريمة بمعنى (مثلوا)، ويفهم ذلك من السياق كما نص عليه المفسرون، جاء في مجمع البيان: « ما ضربوه لك إلا جدلًا، أي ما ضربوا هذا المثل لك إلا ليجادلوك به ويخاصموك ويدفعوك به عن الحق؛ لأن المتجادلين لا بدَّ أن يكون أحدهما مبطلًا بخلاف المتناظرين؛ لأنَّ المناظرة قد تكون بين المحقين »(46).

وذكر بعض المفسرين أنَّ (ضرب) هنا بمعنى (بيَّن وأوضح)، وهذا القول لا يبعد عن قول الآخرين في دلالة الفعل على التمثيل، قال بعد ذكر الآية الكريمة: « أي ما بيَّنوا هذا العنوان والمثل لك إلا ليخاصموك ويدفعوك عن الحق »(47).

وهكذا تبيَّن من الآيات السابقة مجيء الجذر (ضرب) بمعنى (مثل)، وهذه الدلالة كثيرة الورود في القرآن الكريم.

ب – بمعنى (سعى):

من الدلالات الإضافية الأخرى للجذر (ضرب) دلالته على معنى (سعى)، وهذه الدلالة نصَّ عليها اللغويون في معجماتهم، ولم تكن خاصة بالقرآن الكريم، جاء في القاموس: « ضربت الطير تضرب ذهبت تبتغي الرزق »(48).

فإنَّ الضرب بمعنى السعي كان خاصًا بالطير كما يبدو من نص القاموس، لكن حصل فيه تطور دلالي فأصبح يخص الطير وغيره، وهذا ما يمكن أن يطلق عليه الانتقال الدلالي من الخاص إلى العام، جاء في المفردات: « الضرب في الأرض الذهاب فيها »(49).

وورود هذا المعنى في غير آية من القرآن الكريم، كقوله تعالى: )لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ( (50).

فورد المصدر (ضربًا) في الآية الكريمة بمعنى (سعيًا ومشيًا وذهابًا)، قال الطبرسي: « لا يستطيعون ضربًا أي ذهابًا وتصرفًا في الأرض، وقيل لمنع أنفسهم من التصرف في التجارة أي ألزموا أنفسهم الجهاد في سبيل الله فلا يقع منهم التصرف لغيره، وليس معناه أنهم لا يقدرون عليه »(51).

وقد يفرق بعض المفسرين بين المعاني تفريقًا دقيقًا، فيذهب أحدهم إلى أنَّ (ضرب) له معنى سافر، قال تعالى: )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا( (52)، قال: )يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم، سافرتم للغزو في سبيل الله فتبينوا((53).

على حين يمكن الجمع بين المعنيين كما نص على ذلك أحد المفسرين وهو يفسر هذه الآية الكريمة، قال: « يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله، سافرتم وذهبتم للغزو »(53).

ونصَّ صاحب الميزان على أن الضرب هنا هو « السير في الأرض والمسافرة وتقييده لسبيل الله يدل على أن المراد به هو الخروج للجهاد »(54).

وإطلاق (السير) يحتمل الذهاب المسافرة والخروج وغير ذلك من المعاني، فتحصل أن المقصود بـ (ضربتم) في الآية الكريمة لا المعنى الحقيقي وإنما معانٍ غيرها انحصرت بـ (ذهبتم أو سافرتم أو سعيتم)، وهذه المعاني متقاربة الدلالة على اختلاف ألفاظها بين المفسرين.

ومثل ذلك قوله تعالى: )وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ( (55)، والمعنى أنكم إذ سرتم في الأرض وسافرتم فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة، فضرب بمعنى سافر بدلالة قصر الصلاة، إذ لا تقصر الصلاة إلا في السفر، فدلَّ الجذر (ضرب) على معنى (سافر) لا غير، وأشار كثير من المفسرين إلى ذلك (56).

ت – بمعنى (جعل):

وتتصرف دلالة الفعل (ضرب) إلى معنى جديد آخر وهو (جعل)، ورد هذا المعنى بصيغة الأمر في الخطاب الموجه منه تعالى إلى سيدنا موسى (عليه السلام)، قال تعالى: )وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى( (57): )أن أسر بعبادي أي سر بهم ليلًا من أرض مصر فاجعل لهم طريقًا في البحر يبسًا( أي يابسًا من قولهم: ضرب له في ماله سهمًا أو ضرب اللبن أي عمله (58)، على حين نصَّ بعض المفسرين على أن معنى اضرب في الآية الكريمة بمعنى (ابنِ)، قال: ) ولقد أوحينا إلى موسى ( بعد سنين أقامها بينهم يدعوك إلى الله لا يجيبونه )أن أسر بعبادي( ليلًا من مصر (فاضرب) اجعل أو ابنِ لهم بالضرب بعصاك )طريقًا في البحر يبسًا( يابسًا (59).

على حين حاول صاحب التبيان أن يحافظ على المعنى الحقيقي للفعل من دون أن يصرفه إلى المعنى المجازي وهو يفسر الآية الكريمة، قال: « والمعنى: اضرب بعصاك البحر تجعل طريقًا، فكأنَّه قيل: اجعل طريقًا بالضرب بالعصا، فعداه إلى الطريق لما دخله هذا المعنى، فكأنه قد ضرب الطريق كضربه الدينار »(60).

لكنَّ الدلالة الإضافية للفعل لا يمكن إغفالها وإن حاول المفسر ذلك.

ث – بمعنى(أبلى أو سلط أو منع):

وقد ورد هذا المعنى في قوله تعالى: )فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا( (61)، قال أحد المفسرين: « فضربنا على آذانهم في الكهف يعني بالقوم كما يقول القائل لآخر ضربك الله بالفالج بمعنى أبلاك الله به، وقيل منعناهم أن يسمعوا »(62).

ونصَّ الشيخ الطبرسي(549هـ) على المعنى المجازي لهذا الفعل بعد أن أشار إلى معناه الحقيقي مقررًا أنَّ ذلك ضرب من البلاغة في كلام العرب، ثمَّ عرض الشواهد التي تؤيد هذا المعنى، قال وهو يفسر الآية الكريمة: « والضرب معروف ومعنى ضربنا على آذانهم سلطنا عليهم النوم، وهو من الكلام البالغ في الفصاحة، يقال: ضربه الله بالفالج إذا ابتلاه الله به، قال قطرب هو كقول العرب: ضرب الأمير على يد فلان إذا منعه من التصرف، قال الأسود بن يعفر وكان ضريرًا:

ومن الحوادث لا أبالك أنني ضربت على الأرض بالأسداد والخرب »(63)

وقد قرر عدد غير قليل من المفسرين هذه المعاني للفعل (ضرب) الذي ورد في الآية الكريمة، إذ توزعت معاني هذا الفعل بين منع(64)، أي منعناهم من سماع الأصوات وأنمناهم(65)، وبمعنى جعلنا عليهم حجابًا(66).

وهذه المعاني كلها يجمعها معنى النوم وهو المستفاد من الآية الكريمة، فإنَّ الضرب على الأذن كناية عن الإنسان إذا نام لا يسمع شيئًا.

ج – بمعنى (أعرض أو أهمل):

وقد يرد الفعل (ضرب) بمعنى (أعرض)، أو (أهمل)، جاء في اللسان قولهم: « نضرب صفحًا بمعنى نهمل »(67).

ووردت هذه الدلالة للفعل في سورة الزخرف، قال تعالى: )أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَن كُنتُمْ قَوْمًا مُّسْرِفِينَ( (68)، أي نعرض عنكم إعراضًا ونترككم،« والذكر هنا القرآن أي أفنترك عنكم الوحي صفحًا فلا نأمركم ولا ننهاكم لأنكم أسرفتم في كفرككم، وهذا استفهام إنكار »(69).

فانتقلت دلالة الفعل من معناها الحقيقي إلى معنى جديد، وهو الترك والإعراض والانصراف عن الكفار ومناقشتهم.

على أنه يمكن الربط بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي للفعل، فالمناسبة بين الدلالتين واحدة كما قرر غير واحد من المفسرين في شرح الآية الكريمة، فقد يقال: « ضربت عنه أضربت عنه تركته وأمسكت عنه صفحًا »(70).

وهذه هي الدلالة الإضافية أو المعنى المجازي للفعل، ثمَّ يبين المعنى الحقيقي وهو الأصل لهذا المعنى الجديد، قال: « وأصله من ضرب الحيوان على صفحة وجهه ليميل عن طريقه إلى ما يراد به، ثم استعمل في كل شيء للتحريف عن الطريق »(71) فتحصل لهذا الفعل في الآية الكريمة معنى حقيقيًا وآخر مجازيًا، وهو الإعراض أو الانصراف أو التحول، وهذه دلالة إضافية أخرى للفعل (ضرب) جاء بها القرآن الكريم.

ح – بمعنى (وضع):

ومن المعاني التي يدل عليها الفعل (ضرب) معنى (وضع أو لبس أو ألقى)، ووردت هذه المعاني في الخطاب الموجه إلى النساء لمّا أمرهم الله تعالى بعدم إبداء زينتهنَّ وحفظ فروجهنَّ، قال تعالى: )وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ( (72)، « فكانت النسوة يرمين أذيال الخمار خلف ياقة الثوب، فيظهرن جزءًا من الصدر والرقبة »(73)، فـ « أمرن بإلقائها على جيوبهن لأنها لو كانت واسعة تبدو منها نحورهن وكن يسدلن الخمر من ورائهن فتبقى مكشوفة، فأمرن بسدلها من قدامهن حتى تغطيها، ويجوز أن يكون المراد بالجيوب الصدور تسمية بما يليها.... وضربها بالخمار على الجيب وضعها عليه، كقولك: ضربت بيدي على الحائط »(74)، فمعنى يضربن في الآية الكريمة يضعن أو يلقين(75).

خ – بمعنى أقيم أو حيل:

ونفهم هذه الدلالة من سياق الآية الكريمة في قوله تعالى: )فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ( (76)، والسور: الحائط بين الجنة والنار(77)، وقيل: « هو السور الذي ببيت المقدس الشرقي »(78)، فضرب بين المؤمنين والمنافقين بسور أي حائط حال بين شق الجنة وشق النار، لذلك السور باب لأهل الجنة يدخلون منه، باطن السور أو الباب هو الشق الذي يلي الجنة فيه الرحمة أي الجنة، وظاهره ما ظهر لأهل النار(79).

وصرح غير واحد من المفسرين بالدلالة الإضافية أو المعنى المجازي للفعل (ضرب) الذي ورد في الآية الكريمة بصيغة البناء لغير الفاعل محاولة منهم في جعل مناسبة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي لهذا الفعل في هذه الآية، قال: « )فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ(، وقد ضرب بين المؤمنين وبينهم وحيل بينهم بحائط بين الجنة والنار، ولما كان البناء مما يحتاج إلى ضرب باليد ونحوها من الآلات عبر عنه بالضرب مثل قولهم: ضرب الخيمة لضرب أوتادها بالمطرقة » (80).

فدلالة الفعل (ضرب) على الحيلولة أو الإقامة أو البعد دلالة جديدة أفادتها الآية الكريمة، وقد استعمل الإمام علي (عليه السلام) هذا المعنى في خطبة له، منها: (وسابقوا إلى مغفرة ربكم قبل أن يفصل بسور باطنه الرحمة وظاهره العذاب، فتنادون فلا يسمع نداءكم، وتضجون فلا يحفل بضجيجكم)(81).

د – بمعنى (فرض):

وتطالعنا دلالة جديدة للفعل (ضرب) المبني للمجهول، وهو (فُرِضَ) أو (وضع) في آيتين كريمتين من كتاب الله المجيد، الأولى في سورة البقرة في قوله تعالى: )أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُواْ مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ( (82).

قال الشيخ الطبرسي في معرض تأويله هذه الآية: « أي فرضت ووضعت عليهم الذلة وألزموها من قولهم ضرب الإمام الجزية على أهل الذمة، وضرب الأمير على عبيده الخراج، وقيل ضربت عليهم الذلة أي حلوا بمنزلة الذل والمسكنة مأخوذ من ضرب القباب، قال الفرزدق:

ضربت عليك العنكبوت بنسجهـا وقضى عليك به الكتاب المنزل »(83)

وقد يكون معنى (ضرب) في الآية (جعل) وهو غير بعيد عن المعنى الأول كما أشار إلى ذلك المفسرون، فـ « ضربت عليهم الذلة أي جعلت الذلة محيطة بهم مشتملة عليهم، فهم فيها كما أن من ضربت عليه القبة يكون فيها، أو ألصقت بهم حتى لزمتهم ضربة لازب، كما يضرب الطبق على الحائط فيلزمه »(84)، فهو استعارة بالكناية(85).

ما الآية الثانية التي اشتملت على هذا المعنى فهي قوله تعالى في سورة آل عمران )ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ( (86).

إذ المعنى « أثبتت عليهم الذلة وأنزلت بهم وجعلت محيطة بهم، وهو استعارة من ضرب القباب والخيم... وقيل معناه ألزموا الذلة فثبتت فيه من قولهم ضرب فلان الضريبة على عبده أي ألزمها إياه... وقيل معناه فرضت عليهم الجزية »(87).

كان هذا عرضًا لأهم الدلالات للفعل (ضرب) واشتقاقاته التي وردت في القرآن الكريم، وأقوال المفسرين في ذلك.

ومن المناسب أن نذكر بعد ذلك أهم الدلالات الإضافية التي نصَّ عليها بعض المعجميين ولم ترد في القرآن الكريم إتمامًا للبحث، واستكمالًا للفائدة، وهي غير قليلة أيضًا نذكر على سبيل المثال أهمها:

1- بمعنى (أمسك):

قال الفيروزآبادي: « ضرب... على يديه أمسك في الأرض »(88).

2- بمعنى (خلط):

« ضرب... الشيء بالشيء خلطه كضرَّبه »(89)، وضربت الشاة بلون كذا، أي خولطت، ولذلك قال اللغويون: الجوزاء من الغنم التي ضربت وسطها ببياض من أعلاها إلى أسفلها (90).

3- بمعنى (بعَّد):

«ضرب.... الدهر بيننا بمعنى بعَّد، قال ذو الرمة:

فإن تضرب الأيام يا ميُّ بيننا فلا ناشر سرًا ولا متغير»(91)

4- بمعنى (جبُنَ):

« ضرب.... بذقنه الأرض جبن وخاف »(92).

5- بمعنى (مضى):

« الضرب.... الزمان مضى »(93).

6- بمعنى (اكتسب):

« وهو يضرب المجد يكتسبه ويطلبه »(94)، يقال فلان يضرب المجد أي يكسبه ويطلبه، قال الكميت:

رحب الفناء، اضطراب المجد رغبته والمجد أنفع مضروب لمضطرب(95)

7- بمعنى (جاد):

« وضربت يده: جاد ضربها »(96).

8- بمعنى (لدغ):

« وضربت العقرب تضرب ضربًا: لدغت »(97).

9- بمعنى (الألم):

« أو ضرب الجرح ضربانًا وضربه العرق إذ آلمه.. »(98).

10- بمعنى (الركوب):

« وفي الحديث لا تضرب أكباد الإبل إلا إلى ثلاثة مساجد، أي لا تركب، ولا يسار عليها »(99).

11- بمعنى (أقام وارتحل):

وترد لفظة (ضرب) بمعنى أقام وذهب فهي من الأضداد، قال ابن منظور: « ضرب بنفسه الأرض ضربًا: أقام، فهو ضد »(100)، وفي الحديث: حتى ضرب الناس بعطن أي رويت إبلهم حتى بركت وأقامت مكانها(101).

12 – بمعنى (النفور):

وضرب البعير في جهازه أي نفر، فلم يزل يلتبط وينزو حتى طوَّح عنه كل ما عليه من أداته وحمله(102).

13 – بمعنى (الكف):

« وضرب على يده: كفَّه عن الشيء »(103)، ويقال ضربت فلانًا عن فلان أي كففته عنه فأضرب عنه إضرابًا إذا كفَّ، وأضرب فلان عن الأمر فهو مضروب إذا كفَّه، وأنشد:

أصبحت عن طلب المعيشة مضربًا كما وثقت بأن مالك مالي (103

الخاتمة:

تبيَّن من تتبعنا الجذر (ضرب) في المعجم وفي القرآن الكريم أنه يحمل معاني متنوعة تكاد تكون متضادة أحيانًا، انفرد القرآن الكريم بذكر قسم منها، وقد أشرنا إلى ذلك كله في البحث.

نأمل أن يأخذ هذا البحث المتواضع مكانه بين البحوث، ولاسيما أنَّه قد تشرَّف ببحث الدلالة القرآنية التي قيل فيها كثير من الآراء، وتناولها الباحثون في بحوثهم ودراساتهم.

وأخيرًا نسأل الله أن يوفقنا لخدمة العربية وعلومها، وخدمة القرآن الكريم، إنَّه على كل شيء قدير...

هوامش البحث:

1. الدراسات الصوتية عند علماء التجويد: 114.

2. العين: 1 / 58.

3. الكتاب: 4 / 433.

4. المقتضب: 1 / 193.

5. أقرب الموارد: 1 / 577 مادة (شدق).

6. سر صناعة الإعراب: 1 / 47.

7. المصباح المنير: 2 / 557 (ضاد).

8. الدراسات الصوتية عند علماء التجويد: 265.

9. الرعاية: 158، والدراسات الصوتية عند علماء التجويد: 265.

10. دروس في علم أصوات العربية: 87.

11. سر الصناعة: 1 / 47.

12. ينظر / الكتاب: 4 / 435، وسر الصناعة: 1 / 47، ,أثر القراءات في الأصوات: 228.

13. الكتاب: 4 / 433.

14. سر الصناعة: 1 / 60.

15. ينظر / القاموس المحيط واللسان وتاج العروس: مادة ضرب.

16. ينظر / المصباح المنير والمنجد مادة (ضرب).

17. المفردات في غريب القرآن: (ضرب).

18. علم الدلالة (أحمد مختار عمر): 37.

19. نفسه.

20. الأنفال: 12.

21. ينظر / مجمع البيان: 3 / 651، والكاشف: 3 / 459.

22. الأنفال: 50.

23. الكاشف: 3 / 495.

24. مجمع البيان: 3 / 681.

25. الشعراء: 63.

26. تفسير الصافي (للفيض الكاشاني): 4 / 38.

27. تفسير نور الثقلين (الشيخ الحويزي): 2 / 317.

28. البقرة: 73.

29. محمد 4.

30. الصافات: 93.

31. القاموس: 1 / 65، واللسان مادة (ضرب).

32. إبراهيم: 24.

33. جوامع الجامع (الطبرسي): 2 / 247.

34. من وحي القرآن،محمد حسين فضل الله: 13 / 85.

35. البقرة: 26.

36. الوجيز: 1 / 89.

37. التفسير الجديد: 1 / 54.

38. النحل: 76.

39. التبيان: 6 / 357.

40. الكهف: 32.

41. تقريب القرآن: 15 / 139.

42. الأمثل: 9 / 167.

43. الرعد: 17.

44. التبيان: 6 / 238.

45. الزخرف: 58.

46. ينظر / مجمع البيان: 5 / 52، الكاشف: 6 / 555، وكنز الدقائق: 12 / 82.

47. مقتنيات الدرر: 10 / 60.

48. ينظر الآيات: الروم: 28، يس: 78، الزمر: 29، الزخرف: 17، التحريم: 10، 11، العنكبوت: 43 وغيرها.

49. القاموس: مادة ضرب.

50. المفردات: 306.

51. البقرة: 273.

52. مجمع البيان: 1 / 32.

53. لنساء: 94.

54. الوجيز: 1 / 334، والكاشف: 2 / 409.

55. كنز الدقائق: 3 / 508.

56. الميزان: 5 / 40.

57. النساء: 101.

58. ينظر / مختصر مجمع البيان: 1 / 331، ومن هدى القرآن: 2 / 168، ومن وحي القرآن: 7 / 305، والميزان: 5 / 62، ومقتنيات الدرر: 3 / 168.

59. طه: 77.

60. جوامع الجامع: 2 / 430، والمعين: 2 / 822.

61. تفسير شبر: 1 / 316.

62. التبيان: 7 / 193.

63. الكهف: 11.

64. التبيان: 7 / 13.

65. مجمع البيان: 3 / 450.

66. ينظر / تفسير الصافي: 3 / 234.

67. ينظر / البرهان: 3 / 458، وتقريب القرآن: 15 / 116، والكاشف: 5 / 104.

68. ينظر / الميزان: 13 / 265، والجديد: 4 / 236.

69. اللسان مادة ضرب.

70. الزخرف: 5.

71. مختصر مجمع البيان: 3 / 233.

72. من هدي القرآن: 12 / 425.

73. نفسه: 12 / 425، وينظر / الأمثل: 16 / 12.

74. النور: 31.

75. تفسير الإمام الحسن العسكري: 11 / 63.

76. جوامع الجامع: 3 / 103.

77. ينظر / الميزان: 15 / 120.

78. الحديد: 13.

79. ينظر / تفسير ابن كثير: 4 / 331، والدر المنثور: 6 / 173.

80. ينظر / جوامع الجامع: 4 / 655.

81. مقتنيات الدرر: 11 / 48، والمنير: 8 / 12.

82. نور الثقلين: 5 / 241.

83. البقرة: 61.

84. ينظر / مجمع البيان: 1 / 121، و الجوهر الثمين: 1 / 103.

85. جوامع الجامع: 1 / 49.

86. ينظر / مقتنيات الدرر: 1 / 182.

87. آل عمران: 112.

88. مجمع البيان: 1 / 487، وينظر / جوامع الجامع: 1 / 196، وتفسير الصافي: 1 / 343، والجديد: 2 / 125.

89. ينظر / القاموس المحيط ولسان العرب: مادة (ضرب).

90. ينظر / القاموس: مادة (ضرب).

91. ينظر / لسان العرب: مادة (ضرب).

92. ينظر / لسان العرب والمصباح المنير وأقرب الموارد: مادة (ضرب).

93. ينظر / القاموس وتاج العروس وأقرب الموارد: مادة (ضرب).

94. ينظر / القاموس والمصباح المنير: مادة (ضرب).

95. ينظر / القاموس واللسان وأقرب الموارد: مادة (ضرب).

96. ينظر / لسان العرب: مادة (ضرب).

97. ينظر / اللسان وأقرب الموارد: مادة (ضرب).

98. ينظر / لسان العرب: مادة (ضرب).

99. ينظر / القاموس وتاج العروس وأقرب الموارد: مادة (ضرب).

100. ينظر / لسان العرب: مادة (ضرب).

101. المصدر نفسه.

102. المصدر نفسه.

103. المصدر نفسه.

104. المصدر نفسه.

105. المصدر نفسه.

106. ينظر / اللسان وأقرب الموارد: مادة (ضرب).

ثبت المصادر والمراجع:

• القرآن الكريم.

• أثر القراءات في الأصوات والنحو العربي، د. عبد الصبور شاهين، ط1، القاهرة، 1987.

• أقرب الموارد في فصيح العربية والشوارد، سعيد الخوري الشرتوني اللبناني، مكتبة المرعشي النجفي، قم، إيران، 1403 ÷ـ.

• الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ناصر مكارم الشيرازي، بيروت، مؤسسة البعثة، 1413 هـ.

• البرهان في تفسير القرآن، السيد هاشم الحسيني البحراني، طهران، 1415 هـ.

• تاج العروس من جواهر القاموس، السيد محمد المرتضى الزبيدي، تحـ. عبد الستار أحمد فراج، الكويت، 1972 م.

• التبيان في تفسير القرآن، أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي، تحـ. أحمد حبيب قصير العاملي، قم، المكتب الإعلامي الإسلامي، 1409 هـ.

• تفسير ابن كثير، أبو الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي، دار المعرفة، بيروت، 1412 هـ.

• تفسير الإمام الحسن العسكري، تحـ. مدرسة الإمام المهدي، ط1، قم، 1409 هـ.

• التفسير الجديد، محمد السبزواري النجفي، بيروت، دار المعارف للمطبوعات، 1402 هـ.

• تفسير شبر، العلاّمة السيد عبد الله شبر، مؤسسة دار الهجرة، ط7، 1425 هـ.

• تفسير الصافي، الفيض الكاشاني، دار المرتضى، مشهد.

• تفسير نور الثقلين، الشيخ عبد علي بن جمعة العدوي الحويزي، قم.

• تقريب القرآن إلى الأذهان، محمد الحسيني الشيرازي، كؤسسة الرفاء، بيروت، 1400 هـ.

• جوامع الجامع، الطبرسي، طهران، 1412 هـ.

• الجوهر الثمين في تفسير الكتاب المبين، السيد عبد الله شبر، الكويت، 1407 هـ.

• الدر المنثور، جلال الدين السيوطي، مطبعة الفتح، دار المعرفة، جدة، 1365 هـ.

• الدراسات الصوتية عند علماء التجويد، غانم قدوري، مطبعة الخلود، بغداد، 1986 م.

• دروس في علم أصوات العربية، جان كانتينينو، نقله إلى العربية صالح القرمادي، نشر مركز البحوث والدراسات الاقتصادية والاجتماعية، تونس، 1966 م.

• سر صناعة الإعراب، ابن جني، تحـ. د. حسن هنداوي، دمشق، 1985 م.

• علم الدلالة، أحمد مختار عمر، ط1، الكويت، 1982 م.

• العين، الخليل بن أحمد الفراهيدي، تحـ. د. مهدي المخزومي ود. إبراهيم السامرائي، دار الرشيد للنشر.

• فتح القدير، محمد بن علي بن محمد الشوكاني، عالم الكتب.

• القاموس المحيط، الفيروزآبادي، نشر الشيخ نصر الموريني، إيران.

• الكاشف، محمد جواد مغنية، بيروت، دار العلم للملايين، 1400 هـ.

• كتاب سيبويه، أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر، تحـ. عبد السلام هارون، ط2.

• كنز الدقائق وبحر الغرائب، الشيخ محمد بن محمد رضا القمر المشهدي، طهران.

• مجمع البيان في تفسير القرآن، الطبرسي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1379 هـ.

• مختصر مجمع البيان في تفسير القرآن، محمد باقر الناصري، قم، 1413 هـ.

• المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي، أحمد بن محمد المقري الفيومي، ط3، المطبعة الأميرية، مصر.

• المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم، محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي، بيروت – لبنان.

• المعين، نور الدين محمد بن مرتضى الكاشاني، قم.

• المفردات في غريب القرآن، أبو القاسم الحسين بن محمد المعروف بالراغب الأصفهاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، 1423 هـ.

• المقتضب، أبو العباس المبرد، تحـ. محمد عبد الخالق عضيمة، عالم الكتب، بيروت.

• مقتنيات الدرر وملتقطات الثمر، السيد علي الحائري، طهران.

• المنير، محمد الكرمي، قم، 1402.

• من هدى القرآن، محمد تقي المدرسي، دار الهدى، 1406 هـ.

• من وحي القرآن، محمد حسين فضل الله، بيروت، دار الزهراء، 1405 هـ.

• الميزان في تفسير القرآن، السيد محمد حسين الطباطبائي، طهران، 1397 هـ.

• الوجيز في تفسير القرآن العزيز، علي بن الحسين بن أبي جامع العاملي، قم، 1413 هـ.