تصنیف البحث: ادارة
من صفحة: 130
إلى صفحة: 153
النص الكامل للبحث: PDF icon 6-7.pdf
خلاصة البحث:

تلعب المياه دورا أساسيا في حياة الإنسان بل هي الحياة ذاتها، مصداقا للآية الكريمة (وجعلنا من الماء كل شيء حي). وتعتبر الأنهار أهم موارد المياه التي تستخدم في مجالات الزراعة وتوليد الطاقة وسد احتياجات السكان وغيرها. وقد أثارت الحاجة إلى مياه الأنهار العديد من المنازعات بين الدول المشتركة فيها، والتي تم تسويتها سواء من خلال المفاوضات أو من خلال القضاء الدولي، وفي بعض المنازعات قطعت الدول علاقاتها الدبلوماسية مع الدول التي تشترك معها في نفس المجرى، ودول أخرى أوشكت على استخدام القوة المسلحة ضد بعضها البعض.

البحث:

 

المقدمة

تلعب المياه دورا أساسيا في حياة الإنسان بل هي الحياة ذاتها، مصداقا للآية الكريمة (وجعلنا من الماء كل شيء حي). وتعتبر الأنهار أهم موارد المياه التي تستخدم في مجالات الزراعة وتوليد الطاقة وسد احتياجات السكان وغيرها. وقد أثارت الحاجة إلى مياه الأنهار العديد من المنازعات بين الدول المشتركة فيها، والتي تم تسويتها سواء من خلال المفاوضات أو من خلال القضاء الدولي، وفي بعض المنازعات قطعت الدول علاقاتها الدبلوماسية مع الدول التي تشترك معها في نفس المجرى، ودول أخرى أوشكت على استخدام القوة المسلحة ضد بعضها البعض. واغلب هذه المنازعات كانت بين الدول التي تشترك في مجاري المياه الدولية المستخدمة لأغراض غير ملاحية، ولذلك فقد اهتم القانون الدولي بوضع القواعد والمبادئ التي تنظم عملية استخدام مياه تلك المجاري، كما أبرمت الدول المعنية لهذا الغرض العديد من الاتفاقيات الثنائية والجماعية. وقد أدت هذه الممارسات الدولية إلى نشوء مجموعة من المبادئ العرفية التي تحكم استخدام مجاري المياه الدولية لأغراض غير ملاحية، ومنها مجرى نهر دجلة الذي تمتع بهذه الصفة مند نهاية الحرب العالمية الأولى.

إن العراق نظرا لموقعة الجغرافي يعتبر دولة مصب بالنسبة للمجرى المذكور، وهذه الحقيقة الجغرافية تضعه في موقف ضعيف لأنه يتأثر بشكل كبير بالمشاريع والسدود التي تقيمها دول أعلى المجرى وهي تركيا وسوريا، ولاسيما أن هذه الأخيرة أنشأت فعلا وتخطط لإنشاء العديد من السدود على المجرى الرئيس لنهر دجلة ومن هذه السدود سد لي- صو (موضوع بحثنا) الذي ستكون له آثار سلبية خطيرة على العراق.

تهدف هذه الدراسة إلى بيان مدى أحقية دول المجرى المائي الدولي في إنشاء السدود والمشاريع على المجرى دون الاتفاق أو التشاور مع دول المجرى الأخرى، وذلك من خلال إلقاء الضوء على سد لي- صو وبيان آثاره السلبية على العراق، على أن يكون ذلك في ضوء مبادئ القانون الدولي التي تحكم استخدام مجاري المياه الدولية لأغراض غير ملاحية. على أن البحث العلمي والقانون يقتضي منا أولا أن نحدد المقصود بمجاري المياه الدولية وكيف تطور نظامها القانوني وتطبيق ذلك على مجرى دجلة.

بناءا على ماتقدم، سوف تقسم هذه الدراسة إلى مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة، يتضمن المبحث الأول بيان المقصود بمجاري المياه الدولية وتطور نظامها القانوني، ويتضمن المبحث الثاني وصفا عاما لسد لي- صو وآثاره السلبية على العراق، أما المبحث الثالث فسيخصص لبحث المبادئ القانونية التي تحكم استخدام مجاري المياه الدولية لأغراض غير ملاحية، وفي الخاتمة سنضع أهم الاستنتاجات مع التوصيات والله ولي التوفيق

المبحث الأول: المقصود بمجاري المياه الدولية وتطور نظامها القانوني

ذكرنا في مقدمة بحثنا انه سيقتصر على دراسة مجاري المياه الدولية المستخدمة لأغراض غير ملاحية، فمالمقصود بمجاري المياه الدولية؟ وكيف تطور نظامها القانوني؟ هذا ما سنحاول تسليط الضوء عليه في هذا المبحث على أمل التوصل إلى تحديد فيما إذا كان نهر دجلة هو مجرى مائي دولي أم مياه عابرة للحدود، كما تدعي بذلك تركيا وبالتالي فهو يخضع لسيادتها المطلقة، على إن يكون ذلك في مطلبين، الأول يخصص لتحديد المقصود بمجاري المياه الدولية، والثاني سنتناول فيه تطور نظامها القانوني.

المطلب الأول: المقصود بمجاري المياه الدولية

لقد ذكرت تعريفات متعددة لتحديد المقصود بمجاري المياه الدولية (الأنهار الدولية)(1). تختلف باختلاف طبيعة الاستغلال القائم في حينها لتلك المجاري، ففي السابق وعندما كانت الدول تهتم بمجاري المياه الدولية فقط لإغراض الملاحة، كان الفقهاء يؤكدون في تعريفاتهم على المعيار الوظيفي (الغائي). وطبقا لهذا المعيار يكون المجرى المائي دوليا إذا كان مستخدما للملاحة الدولية وان كان واقعا في إقليم دولة واحدة، ولا يعتبر دوليا إذا كان غير صالح للملاحة الدولية وان كان واقعا في إقليم أكثر من دولة. لكن الأخذ بهذا المعيار يؤدي إلى تجريد عدد كبير من مجاري المياه من الصفة الدولية بحجة عدم الصلاحية للملاحة.

ولكن بسبب التطورات العلمية الحديثة التي أظهرت استعمالات أخرى لمجاري المياه الدولية كالاستعمالات الزراعية والصناعية وتوليد الطاقة وغيرها، وبسبب القصور في المعيار السابق. اخذ الفقهاء يركزون وبشكل اكبر على المعيار الجغرافي، والذي يقضي بأن يكون المجرى المائي دوليا إذا كان فاصلا بين إقليم دولتين، أو مارا تباعا في أقاليم دول متعددة سواء أكان صالحا للملاحة أم لا. وهذا يعني إن المجرى المائي الدولي يكون على نوعين(2): الأول هو الذي يفصل بين إقليم دولتين هو ما يسمى بالنهر الحدودي أو النهر المتاخم، ومن أمثلة هذا النوع نهر أورجواي بين أورجواي والأرجنتين ونهر السنغال بين السنغال، مالي، غينيا وموريتانيا(3). وبطبيعة الحال تعيين الحدود بين الدولتين المعنيتين حسب القواعد المتبعة في تعيين الحدود الطبيعية بين الدول(4). إما النوع الثاني فهو الذي ينبع من دولة ويجري بشكل متتابع في أقاليم دول أخرى، أمثلة هذا النوع كثيرة منها نهر الدانوب، النيل، الميكونغ وغيرها. ويجب إن لايخفى عن البال، إن كل دولة مشتركة في مجرى مائي دولي تمارس سيادتها على جزء المجرى الذي يعود لها، ومن حقها استغلال مياهه للأغراض المشروعة المختلفة. بشرط مراعاة حقوق الدول الأخرى المشتركة معها في نفس المجرى، وعدم القيام بأية إعمال من شأنها الأضرار بتلك الحقوق.

ولم يغفل واضعو إحكام هلسنكي(Helsinki rules) لعام 1966 المتعلقة باستعمال مياه الأنهار الدولية، أهمية المعيار الجغرافي في تعريف المجرى المائي الدولي. فتلك الأحكام وان كانت قد استخدمت مصطلح حوض المجرى الدولي(international drainage basin) إلا أنها أشارت بوضوح إلى المعيار الجغرافي واستبعدت المعيار الوظيفي عند تعريفها لحوض المجرى الدولي بقولها " حوض المجرى الدولي، مساحة جغرافية تمتد فوق إقليم دولتين أو أكثر تشكل شبكة للمياه تتضمن المياه السطحية والجوفية تتدفق نحو نقطة وصول مشتركة"(5). ونفس الشيء بالنسبة لاتفاقية استخدام مجاري المياه الدولية لأغراض غير ملاحية لعام 1997 إذ عرفت المجرى المائي بأنه " شبكة المياه السطحية والجوفية والتي تشكل بحكم علاقاتها الطبيعية ببعضها البعض كلا واحدا تتدفق عادة نحو نقطة وصول مشتركة" ثم عرفت المجرى المائي الدولي بأنه " أي مجرى مائي تقع أجزاءه في دول مختلفة"(6). وبطبيعة الحال فأن هذا التعريف يشمل المجرى المائي بنوعيه، أي سواء أكان فاصلا بين اقلي دولتين، أو مارا تباعا في أقاليم دول متعددة وسواء أكان صالحا للملاحة أم لا.

مما تقدم، يتبين إن القانون الدولي المعاصر يأخذ بعين الاعتبار أهمية المعيار الجغرافي في تعريف المجرى المائي الدولي حتى أصبح هو المعيار الغالب، فهو يمتاز بكونه معيارا واسعا ينطبق على كل مجرى مائي يفصل بين إقليم دولتين، أو ينساب تباعا في إقليم أكثر من دولة واحدة بغض النظر عن صلاحيته للملاحة الدولية. كما انه يمتاز بسهولة تطبيقه بالإضافة إلى سد جوانب النقص في المعيار الوظيفي وهو إن يكون المجرى المائي صالحا للملاحة الدولية لكي يكون دوليا، والذي ساد فترة من الزمن.

المطلب الثاني: نهر دجلة مجرى مائي دولي أم مياه عابرة للحدود

يتكون المجرى الرئيس لنهر دجلة من التقاء نهري بوتان صو وبتمان صو اللذان ينبعان من مرتفعات تركيا الجنوبية الشرقية، ويستمر النهر في جريانه مكونا الحدود بين سوريا وتركيا لمسافة 44كم. ثم يدخل الحدود العراقية عند قرية فيشخابور، وترفده في العراق انهارا عدة أهمها الزاب الكبير، الزاب الصغير، ديالى، الخابور والعظيم. يبلغ طول النهر من منبعه إلى مصبه 1900كم منها 523كم داخل الأراضي التركية، و32كم في الأراضي السورية، و1345كم داخل الأراضي العراقية. وتبلغ مساحة حوض نهر دجلة حوالي 471 إلف كم2، منها 12% في تركيا، و0,2% في سوريا، و 54% في العراق و34% في إيران حيث تصب في نهر دجلة روافد تنبع من جبال زاجروس في إيران أهمها ديالى والزاب الصغير. وتساهم تركيا بحوالي 52% من إمدادات مياه النهر سنويا، والعراق بحوالي 48% إما سوريا فلا تساهم في شيء(7).

ولو أخذنا بنظر الاعتبار المعيار الجغرافي في تعريف المجرى المائي الدولي، والتعريف الذي أخذت به إحكام هلسنكي لعام 1966، وكذلك التعريف الذي نصت عليه الاتفاقية العامة والمتعلقة باستخدام مجاري المياه الدولية لأغراض غير ملاحية لعام 1997، لتبين بشكل قاطع إن نهر دجلة هو مجرى مائي دولي. فمن ناحية ينطبق عليه كلا النوعيين للمجرى المائي الدولي، فهو أولا يفصل بين إقليم دولتين وهما سوريا وتركيا، وثانيا يجري تباعا في إقليم أكثر من دولة، فهو ينبع من تركيا ثم سوريا وأخيرا يجري لمسافة طويلة داخل الأراضي العراقية. ومن ناحية أخرى ينطبق عليه تعريف المجرى المائي الدولي الذي نصت عليه أحكام هلسنكي لعام 1966 باعتباره مجرى مائي يمتد عبر إقليم أكثر من دولة. وكذلك التعريف الذي نصت عليه الاتفاقية العامة والمتعلقة باستخدام مجاري المياه الدولية لأغراض غير ملاحية لعام 1997 باعتباره مجرى مائي تقع أجزءاه في دول مختلفة.

بناءا على ما تقدم، يتبين إن نهر دجلة هو مجرى مائي دولي طبقا لقواعد القانون الدولي، لكن الدولة الواقعة في أعلى المجرى وهي تركيا لها وجهة نظر مغايرة، فهي تعتبر إن مياه نهر دجلة وكذلك الفرات هي مياه عابرة للحدود تخضع للسيادة المطلقة لتركيا وليست مجاري مياه دولية(8). وبالتالي فأن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بهذا الشأن لاتنطبق على هذين المجريين. ويؤكد ذلك مسلك تركيا على الصعيد الدولي، فهي كانت من بين الدول الثلاث التي صوتت ضد اتفاقية عام 1997 على اعتبار أنها تتعارض مع قواعد القانون الدولي، ولاتحقق المساواة بين دول المجرى المائي، كما أنها لاتتضمن أية إشارة لمسألة سيادة الدولة النهرية أو الشاطئية (Riparian state) على جزء المجرى المائي المار في إقليمها(9). كما إن التصريحات الرسمية للمسئولين الأتراك تبين هذا المسلك بشكل واضح، فقد أعلن سليمان ديميريل رئيس وزراء تركيا عام 1990 بقوله " إن لتركيا السيادة على مواردها المائية ولا يجب إن تخلق السدود التي تبنيها على نهري الفرات ودجلة أي مشكلة دولية ويجب إن يدرك الجميع انه لا نهر الفرات ولا نهر دجلة من الأنهار الدولية، فهما من الأنهار الوطنية حتى النقطة التي يغادران فيها الإقليم التركي"(10). ثم أكد مرة أخرى وبمناسبة افتتاح سد أتاتورك على نهر الفرات " إن ما يعود لتركيا من مجاري مياه الفرات ودجلة وروافدهما هو تركي، وأن بإمكان تركيا إن تتصرف بهما كما تشاء داخل حدودها، لأن مصادر المياه تركية، كما إن آبار النفط تعود ملكيتها إلى العراق وسوريا، أنها مسألة سيادة"(11). كما صرح مسعود يلماظ رئيس الوزراء التركي الأسبق بقوله " إن المياه نفطنا، وان كان هناك من يرضى باقتسام نفطه مع الآخرين فتركيا على استعداد لاقتسام مياهها"(12). وفي شأن ذلك أعلن وزير الدولة التركي والمسئول الأول عن مشروع جنوب شرق الأناضول (GAP) كمران ايتان إن " نهر الفرات ليس نهرا دوليا، فهو نهر مياهه ما وراء الحدود ولذلك وضعه غير مرتبط بالمعاهدات الدولية التي تسري على الأنهار الدولية"(13).

إن هذه المواقف الرسمية للمسؤلين الأتراك تشير بصورة واضحة إلى إن تركيا تعتبر مياه نهري دجلة والفرات مياها عابرة للحدود وليست مجاري مياه دولية، وأنهما ثروة طبيعية وطنية تخضع للسيادة المطلقة لتركيا. لكن القانون الدولي لايؤيد وبشكل قاطع هذا الموقف التركي، وحتى لو سلمنا جدلا بوجهة النظر التركية هذه فلا يوجد فارق بين المجرى المائي الدولي والمياه العابرة للحدود، والفارق الوحيد الذي يمكن إن يظهر هو في التسمية فقط. ويؤيدنا في ذلك نص الفقرة (1) من المادة(1) من اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام وحماية مجاري المياه العابرة للحدود والبحيرات الدولية لعام 1992 إذ عرفت المياه العابرة للحدود (Transboundary waters) بقولها " المياه العابرة للحدود تعني أي مياه سطحية أو جوفية فاصلة، عابرة أو واقعة بين إقليم دولتين أو أكثر تتدفق مباشرة نحو البحر، وهذه المياه العابرة للحدود تعيين نهايتها عند مصبها بخط مستقيم يصل بين نقطتين على ضفتيها عند أدنى مستوى للمياه". فهذا التعريف مشابه لتعريف المجرى المائي الدولي الذي نصت عليه أحكام هلسنكي لعام 1966 والذي نصت عليه أيضا اتفاقية عام 1997. وهذا يؤكد انه لايوجد فارق جوهري بين المجرى المائي الدولي والمياه العابرة للحدود، لأن المجرى المائي الواقع في دولة معينة بمجرد عبوره للحدود السياسية الفاصلة بين هذه الدولة ودولة أخرى، ستزول عنه الصفة الوطنية وتنطبق عليها الصفة الدولية، أي سيصبح مجرى مائي دولي وستكون مياهه بحكم طبيعتها مياها عابرة للحدود، تنطبق عليها مبادئ وقواعد القانون الدولي المتعلقة بمجاري المياه الدولية.

المطلب الثالث: تطور النظام القانوني لمجاري المياه الدولية

لقد نظم القانون الدولي عملية استغلال مجاري المياه الدولية لأغراض غير ملاحية منذ فترة طويلة، حيث كانت الدول المشتركة في المجرى المائي الدولي تعقد فيما بينها الاتفاقيات الثنائية والجماعية التي تنظم عملية استغلال مياه المجرى، ويبلغ عدد هذه الاتفاقيات في الوقت الحاضر أكثر من 300 اتفاقية. وعلى أية حال، فقد بقي النظام القانوني لمجاري المياه الدولية في المراحل الأولى لنشوئه يدور بين فكرة السيادة الإقليمية المطلقة وفكرة الوحدة الإقليمية المطلقة، ثم ظهرت بعد ذلك فكرة السيادة الإقليمية المقيدة أو المحدودة وفكرة الملكية المشتركة. وفي هذا المطلب سنستعرض أهم النظريات التي مثلت مراحل تطور النظام القانوني لمجاري المياه الدولية.

أولا:- نظرية السيادة الإقليمية المطلقة (Absolute territorial sovereignty)

تذهب هذه النظرية إلى القول بالسيادة التامة للدولة على جزء المجرى المائي المار في إقليمها، وحقها في استغلال مياهه دون أي قيد أو اعتبار للآثار أو الأضرار التي يمكن إن يسببها هذا الاستغلال للدول المشتركة معها في نفس المجرى(14). وأول من قال بهذه النظرية هو النائب العام الأمريكي جدسون هارمون (Judson Harmon)، وذلك بمناسبة النزاع بين بلاده والمكسيك بشأن اقتسام مياه نهر ريو جراند (Rio Grand) عام 1895 ولذلك يطلق على هذه النظرية أيضا مبدأ هارمون(15). فقد أشار السيد هارمون في محض دفاعه عن حقوق بلاده بقوله "الواقع، إن افتقار نهر ريو جراند إلى مياه تكفي لسد حاجات السكان في كلا البلدين، لا يخول المكسيك إن تفرض قيودا على الولايات المتحدة من شأنها إن تعوق التنمية في إقليمها، أو تحرم سكانها من فائدة وهبتها لهم الطبيعة، وإعطاء المكسيك هذا الحق يتعارض تماما مع مبدأ إن الولايات المتحدة تمارس سيادتها التامة على إقليمها الطبيعي"(16).

ومهما يكن، فأن هذه النظرية أو المبدأ يحقق مصلحة دول أعلى المجرى المائي الدولي بشكل كبير، إذ انه لايفرض عليها أية مسئولية نتيجة الآثار الضارة التي يحدثها استغلالها لمياه المجرى المائي للدول الواقعة أسفل المجرى المائي(17). لذلك فأن هذه الأخيرة وتؤيدها في ذلك الممارسة الدولية المتمثلة بالمعاهدات المعقودة بهذا الشأن، ترفض بشدة الأخذ بهذه النظرية لأنها لاتشكل أساسا كافيا لتسوية نزاعاتها حول مجاري المياه المشتركة، كما إن فيها إهدار لحقوقها التي تقرها المبادئ والقواعد القانونية الدولية التي تنظم استغلال مجاري المياه الدولية كمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، مبدأ عدم إحداث الضرر ومبدأ التعاون(18). بينما تحضى هذه النظرية بدعم الدول الواقعة أعلى المجرى المائي الدولي، كما هو الحال بالنسبة لتركيا في نزاعها مع سوريا والعراق حول نهري دجلة والفرات باعتبارها دولة منبع بالنسبة لهذين النهرين وتتمسك بشدة بهذه النظرية(19). وكذلك الهند في نزاعها مع الباكستان حو نهر الأندوس، وأثيوبيا في نزاعها مع مصر والسودان حول مياه نهر النيل(20).

ثانيا:- نظرية الوحدة الإقليمية المطلقة (Absolute territorial integrity)

على خلاف النظرية السابقة، فأن هذه النظرية تؤكد إن سيادة الدولة على جزء المجرى المائي المار في إقليمها ليست مطلقة، وإنما هي مقيدة بمبدأ الوحدة الإقليمية أو الطبيعية المطلقة للمجرى المائي الدولي باعتباره وحدة واحدة متكاملة من منبعه إلى مصبه، فلا يجوز لأية دولة مشتركة في المجرى استغلال مياهه على النحو الذي يسبب إضرارا لدول المجرى الأخرى(21). يطلق بعض الفقهاء على هذه النظرية حق المشاطئة(Riparian right). لأنها تضمن لدول أسفل المجرى المائي الدولي حقها في استغلال موارد مياه المجرى الطبيعية التي تنبع من دول أعلى المجرى(22). هذه النظرية فيها فائدة واضحة لدول أسفل المجرى ولذلك فهي تنال دعم هذه الدول، ومنها مصر بالنسبة لمجرى نهر النيل، والباكستان بالنسبة لنهر الأندوس(23). كما أنها تحقق مصلحة دول أسفل مجرى نهري دجلة والفرات وخصوصا العراق حيث إن له حقوقا تاريخية وثابتة في مياه النهرين المذكورين(24). وعلى أية حال، فان الممارسات الدولية لا تأخذ بهذه النظرية على اعتبار إنها لاتحقق الأنصاف بين جميع الدول المشتركة في المجرى المائي، كما إنها لاتمثل مبدأ للقانون الدولي(25).

ثالثا:- نظرية السيادة الإقليمية المقيدة أو المحدودة (Limited territorial sovereignty)

تميل هذه النظرية إلى الجمع أو التوفيق بين النظريتين السابقتين، وتذهب إلى القول إن الحقوق السيادية لدول المجرى المائي الدولي مقيدة بالتزامات وحقوق متبادلة فيما بينها. فكل دولة من دول المجرى المائي تعترف بحق دول المجرى الأخرى في استعمال كميات معينة من مياه المجرى، وتلتزم بأن يكون هذا الاستعمال منتظما حتى لا يكون هناك تعارض، كما تلتزم بأن لايؤدي هذا الاستعمال إلى إحداث ضرر جوهري لبعضها البعض على أساس المساواة في الحقوق. هذا الاعتراف المتبادل بالحقوق والالتزامات يعكس رغبة دول المجرى في تفادي النزاعات فيما بينها، كما يحقق لها موارد للمياه مستديمة ومضمونة(26). إن هذه النظرية أصبحت الاتجاه السائد بين الدول المشتركة في مجاري المياه الدولية، وبالتالي فهي بمثابة قاعدة عرفية للقانون الدولي، وقد أخذت بها المحاكم الدولية في قراراتها ومنها حكم محكمة التحكيم الدولية الصادر عام 1957 في النزاع بشأن بحيرة لانو (Lake Lanoux) بين فرنسا واسبانيا والذي جاء فيه " أن السيادة الإقليمية.......... يجب إن تخضع احتراما إمام كل الالتزامات الدولية"(27). وفي الحقيقة كانت هذه النظرية باعثا على الأخذ بمبادئ الاستخدام المنصف والمعقول، عدم إحداث الضرر ومبدأ التعاون، والتي نص عليها في المعاهدات الدولية ذات الصلة ومن أبرزها اتفاقية حماية واستخدام مجاري المياه العابرة للحدود والبحيرات الدولية لعام 1992، واتفاقية استخدام مجاري المياه الدولية لأغراض غير ملاحية لعام 1997. وبناءا عليه، يتبين أن هذه النظرية تحقق مصالح كل دول المجرى المائي الدولي، ومنها الدول المشتركة في مجرى نهري دجلة والفرات، إلا إن تركيا وهي دولة أعلى المجريين المذكورين ترفضها بشدة وتعتبرها متعارضة مع القانون الدولي، وهذا نابع بطبيعة الحال من وجهة النظر التركية الرسمية التي تعتبر إن لها السيادة المطلقة على مياه المجريين باعتباره مياه عابرة للحدود وقد سبق وان اشرنا إلى ذلك. بينما سوريا وهي دولة وسط المجريين تميل إلى تبني هذه النظرية، أما دولة أسفل المجريين وهي العراق فتوافق على إن هذا المفهوم هو أفضل وسيلة لتحقيق مصالحه(28). ومهما يكن، فأن الممارسات الدولية تميل إلى الأخذ بنظرية تقضي بتحديد أكثر للسيادة الإقليمية ألا وهي نظرية الملكية المشتركة.

رابعا:- نظرية الملكية المشتركة للمياه ((Community of interests in waters

تقضي هذه النظرية باستغلال مياه المجرى المائي الدولي عن طريق المشاركة فيما بين دول المجرى باعتباره وحدة جغرافية واقتصادية واحدة، بغض النظر عن الحدود السياسية الفاصلة بينها(29). أو بعبارة أخرى كما لو لم تكن هناك حدود دولية بينها(30). حيث تتفق دول المجرى على تقاسم موارد المياه وعلى تنميتها وحمايتها بالتساوي، وعلى القيام بالأعمال المناسبة وعدم التصرف بمياه المجرى أو التأثير بنوعيتها دون الاتفاق أو التعاون مع الدول التي تشاركها نفس المجرى(31). وقد عكس مضمون هذه النظرية الحديثة في العديد من الاتفاقيات التي عقدت بين دول المجرى، وتجسد ذلك بشكل نصوص اتفاقية تفرض على الإطراف الالتزام بالمشاركة في أدارة المجرى المائي عن طريق إنشاء لجان مشتركة فيما بينها، كاتفاقية إنشاء لجنة تنمية نهر السنغال لعام 1972 واتفاقية إنشاء لجنة إدارة وتنمية نهر كاجيرا لعام 1977 (32). حتى إن اتفاقية عام 1997 أشارت إلى انه بإمكان الدول الأطراف فيها أن تدرس إمكانية إنشاء اللجان المشتركة فيما بينها(33). والتي بينت الممارسة الدولية بشأنها إلى إنها يمكن إن تشجع بشكل كبير التعاون بين دول المجرى، كما أنها تساهم في تطوير قانون مجاري المياه الدولية(34). وبالإضافة إلى ذلك هناك متطلبات إجرائية معينة الغرض منها التعاون بين دول المجرى المائي كالتشاور، الأشعار المسبق وتبادل البيانات والمعلومات. بالرغم من الفائدة الكبيرة التي يمكن إن تقدمها هذه النظرية في الواقع الدولي المعاصر ألا إنها تنادي بأفكار يتعذر تطبيقها في ضوء مشكلة ندرة المياه العذبة التي تسيطر على كوكب الأرض(35).

المبحث الثاني: سد لي – صو وآثاره السلبية على العراق

بدأت تركيا منذ أوائل سبعينيات القرن المنصرم بمشاريعها لاستغلال مياه نهري دجلة والفرات دون التشاور مع الدول المشتركة معها في هذين المجريين وهما سوريا والعراق. وتطلق تركيا على المشاريع التي قامت بإنشائها والتي تخطط لأقامتها في المستقبل اسم مشروع جنوب شرق الأناضول(Guneydo u Anadolu Projesi)، والذي يعرف في المصادر العربية اسم مشروع الغاب (Gap)(36). ويتكون هذا المشروع من 22 سدا و 19 محطة للطاقة الكهرومائية وعدد من الأنفاق والقنوات الأروائية، ومن جملة ما يتضمنه المشروع إقامة أربعة سدود على المجرى الرئيسي لنهر دجلة وروافده، ومن أهم هذه السدود سد لي – صو، وهو موضوع بحثنا والذي أعلنت في العام الماضي عن المباشرة بإنشائه على المجرى الرئيسي لنهر دجلة. لقد أثار هذا السد احتجاجات واسعة من قبل دول أسفل المجرى، ومن قبل جهات عديدة أخرى سواء في داخل تركيا نفسها أو في خارجها بسبب آثاره السلبية المتنوعة على دول المجرى المائي الثلاث.

بناءا على ما تقدم، سوف نتناول هذا المبحث في مطلبين الأول يخصص لبيان الوصف العام لسد لي – صو، والثاني سنتناول فيه الآثار السلبية للسد على العراق.

المطلب الأول: الوصف العام لسد لي – صو

بدأ التخطيط لإنشاء مشروع السد منذ عام 1999 وفي 15 آب 2006 وضع حجر الأساس له على المجرى الرئيسي لنهر دجلة عند قرية لي – صو، التي اخذ منها السد تسميته والواقعة جنوب تركيا قرب منطقة دراغتيجيت. والسد من نوع السدود الإملائية يبنى بطريقة الردم بالأحجار ( (Rock fillمثل سد أتاتورك على نهر الفرات، ويتوقع إن يكتمل بناؤه عام 2013(37). يقع السد على بعد 45كم من الحدود السورية العراقية، ويبلغ طوله حوالي 1820م وارتفاعه حوالي 135م، ويبلغ منسوب قمته 530م، أما منسوب الخزن الاعتيادي للسد فيبلغ 525م في حين يبلغ الخزن الفيضاني الأعلى 528م، ويصل حجم الخزن الاعتيادي للسد إلى 10،41 مليار م3، فيما يصل حجم الخزن الكلي إلى 11,40 مليار م3، وتبلغ المساحة التي تغطيها مياه خزان السد 300كم2(38). وسيولد طاقة كهربائية تصل إلى (1200) ميغا واط وبطاقة سنوية تصل إلى 3830 جيجا واط، وتبلغ الكلفة التخمينية للسد حوالي 1،52 بليون دولار(39). وبتمويل من شركات سويسرية وبريطانية وأمريكية وألمانية وسويدية وايطالية(40).

المطلب الثاني: الآثار السلبية للسد على العراق

إن سد بهذا الحجم الكبير كسد لي – صو تقيمه دولة في أعلى المجرى المائي الدولي (دجلة)، ستكون له انعكاساته الخطيرة على دول أسفل المجرى المذكور وخصوصا العراق لأن المجرى يمر فيه من شماله إلى جنوبه، كما انه سبق دول المجرى الأخرى في استغلال مياهه للأغراض الزراعية والصناعية وتوليد الطاقة وسد حاجات السكان وغيرها. في حين لم تبدأ دولة أعلى المجرى (تركيا) في استغلال مياهه إلا في وقت قريب جدا، ولاتوجد استخدامات تذكر لمياه المجرى من قبل دولة وسط المجرى (سوريا). فإذا بني السد وتم فعلا حبس مياه مجرى نهر دجلة، فأن كميات المياه الواردة إلى العراق ستنخفض إلى اقل من النصف. فمعدل الوارد المائي الطبيعي للمجرى عند الحدود العراقية السورية التركية يبلغ 20،9 مليار م3 في السنة، وفي حال اكتمال بناء السد سينخفض إلى 9،7 مليار م3 في السنة، وهذا النقص في الوارد المائي ستكون له آثاره السلبية على القطاعات المختلفة في العراق والتي يمكن إجمالها بما يأتي:-

1. الآثار على قطاع الزراعة:- إن النقص في كميات المياه الواردة إلى العراق سيؤدي إلى تقليص مساحات الأراضي الزراعية فيه، فالعراق يقوم حاليا بإرواء ما يقدر ب2،178 مليون هكتار من الأراضي الزراعية ضمن حوض نهر دجلة، وتظهر الحسابات الفنية انه في حالة حدوث نقص مقداره 1 مليار م3 من مياه نهر دجلة، فأن ذلك سيؤدي إلى تجميد مساحات زراعية تقدر ب62500 هكتار. وعند اكتمال بناء سد لي – صو تقدر مساحة الأراضي الزراعية التي ستعاني من نقص إمدادات المياه ب696000 هكتار ممتدة على طول مجرى نهر دجلة، الأمر الذي سيتسبب في تقليص مساهمة القطاع الزراعي في الإنتاج المحلي. حيث إن تقلص مساحات الأراضي الزراعية نتيجة النقص في إمدادات المياه، سيدفع بالفلاحين والمزارعين إلى ترك مهنة الزراعة والهجرة إلى المدن بحثا عن مصادر أخرى للعيش. كما سيؤدي النقص في كميات المياه الواردة للعراق إلى ارتفاع نسبة الملوحة في مياه نهر دجلة، وهذا سينعكس بدوره سلبا على الأراضي الزراعية، حيث سترتفع نسبة الملوحة فيها وهذه مشكلة لايمكن معالجتها إلا بكميات إضافية من المياه العذبة من اجل إزالة الملوحة من التربة(41).

2. الآثار على قطاع البيئة:- حيث سيؤدي النقص في كميات المياه الواردة إلى العراق من نهر دجلة إلى استفحال ظاهرة التصحر، وانتشار الكثبان وتكرار العواصف الرملية. كما سيؤدي النقص في امدادت المياه إلى تدهور المراعي الطبيعية وانخفاض إنتاجياتها وتدمير المساحات الخضراء، والتأثير سلبا على الأهوار وبيئتها الطبيعية في جنوب العراق، وسيجعل عملية إنعاشها أمرا مستحيلا بعد إن كانت قد جففت في السابق. وستكون مياه نهر دجلة ذات نوعية رديئة بسبب ارتفاع نسبة التلوث والملوحة فيها جراء انخفاض مناسيبها في المجرى المذكور(42).

3. الآثار على قطاع الطاقة:- إن إنشاء سد لي – صو وما يسببه من نقص في كميات المياه الواردة إلى العراق من نهر دجلة ستكون له آثاره السلبية على توليد الطاقة الكهربائية في العراق التي تعاني من التدهور أصلا من محطاتها المقامة على المجرى المذكور، وخصوصا عند سد الموصل وسد سامراء. وسيؤدي النقص الحاصل في إمدادات الطاقة الكهربائية إلى التأثير على عمل القطاعات الأخرى المختلفة (النفط، الصناعة، الصحة واحتياجات السكان)، التي تعتمد على الطاقة الكهربائية للقيام بأعمالها المختلفة(43).

4. الآثار على قطاع السكان:- سيكون لسد لي – صو أيضا آثاره على سد احتياجات السكان، حيث سيتسبب في حرمان الكثير من السكان القاطنين على مجرى نهر دجلة من إمدادات مياه الشرب والاحتياجات المنزلية الأخرى. كما إن السد المذكور لايقلل من ذروة الفيضانات العالية وهذا سيؤثر على سلامة وامن السكان المدنيين القاطنين أسفل مجرى نهر دجلة. وسيؤثر أيضا في عملية خزن المياه في الخزانات الطبيعية كبحيرة الثرثار وبحيرة الحبانية، والتي يمكن أن يعتمد عليها العراق في سد احتياجات السكان وغيرها في مواسم الجفاف(44).

ونظرا لهذه الآثار السلبية لسد لي- صو على العراق فقد واجه المشروع معارضة شديدة من جانب العراق، وكذلك سوريا وهي دولة متضررة من المشروع أيضا. كما احتجت جامعة الدول العربية، ولذلك فقد امتنعت دول عديدة عن تمويل المشروع بالإضافة إلى صندوق النقد الدولي(45). بالإضافة إلى ما تقدم، فقد أثار الإعلان عن بناء سد لي- صو احتجاج الأوساط المعنية بالقضايا البيئية والإنسانية والثقافية في تركيا نفسها، بسبب تأثيراته السلبية على المناطق الواقعة جنوب شرق تركيا. فالسد عند اكتمال بناءه سيغرق مساحة تزيد على 300كم2، وهذا سيؤدي بدوره إلى هجرة (78000) مواطن تركي غالبيتهم من الأكراد، وتركهم لقراهم البالغ عددها 183 قرية من ضمنها قرية (حسان كيف) أي حصن الكهف التي يعود تاريخ بنائها إلى العصور الوسطى. يضاف إلى ذلك الآثار البيئية للسد، والمشاكل والتوترات السياسية التي ستنشأ بين دول المجرى المائي(46). بسبب انفراد دولة أعلى المجرى بإقامة المشاريع والسدود دون الاتفاق أو التشاور مع الدول المشتركة معها في نفس المجرى، منتهكة بذلك القواعد والمبادئ القانونية الدولية التي تنظم استغلال مجاري المياه الدولية.

المبحث الثالث: المبادئ القانونية التي تنظم استعمال مجاري المياه الدولية

هناك مجموعة من المبادئ القانونية التي تنظم استعمال مجاري المياه الدولية وهي مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، مبدأ عدم إحداث الضرر الهام ومبدأ التعاون المشترك. وتعد هذه المبادئ جزءا من العرف الدولي كما اثبت ذلك الممارسات الدولية، وبالتالي فأنها تكون ملزمة لجميع الدول المشتركة في مجاري المياه الدولية. وقد جرت محاولات عديدة لتقنينها في إطار معاهدة دولية شارعه، وكانت المحاولة الأولى ضمن ما عرف بأحكام هلسنكي لعام 1966 بشان استعمال مياه الأنهار الدولية لأغراض غير ملاحية. لكن أحكام هلسنكي لم تكن ملزمة للجماعة الدولية لأنها دونت بطريق غير رسمي من قبل جمعية القانون الدولي، ومع ذلك فقد بقيت ولفترة طويلة مؤثرة على الصعيدين الإقليمي والدولي. ثم جرت بعد ذلك المحاولة الثانية من قبل لجنة القانون الدولي، بناءا على توصية الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1971 لوضع اتفاقية عامة تنظم استخدام مجاري المياه الدولية لأغراض غير ملاحية وتكون ملزمة للجماعة الدولية. وفي 21 أيار 1997 اعتمدت الجمعية العامة معاهدة بهذا الخصوص وضعتها اللجنة المذكورة، وقد تضمنت المبادئ القانونية التي اشرنا إليها سلفا.

بناءا على ما تقدم، سنحاول في هذا المبحث تسليط الضوء على هذه المبادئ، على إن يكون ذلك في ثلاثة مطالب، الأول سنتناول فيه مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، والثاني سيخصص لمبدأ عدم إحداث الضرر الهام، أما المطلب الثالث فسنبحث فيه مبدأ التعاون بين الدول المشتركة في المجرى المائي الدولي.

المطلب الأول: مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول

(principle of equitable and reasonable utilization)

أولا:- تعريف المبدأ

يمثل هذا المبدأ حجر الزاوية في قانون استخدام مجاري المياه الدولية لأغراض غير ملاحية، ويعني استخدام مياه المجرى المائي الدولي من قبل جميع الدول المشتركة فيه بطريقة منصفة معقولة، وهذا يقتضي موازنة جميع العوامل ذات الصلة، ومقارنة الفوائد التي تنتج من الاستعمال مع الأضرار التي قد تصيب مصالح إحدى دول المجرى(47). وتوزيع المياه بين دول المجرى سيكون على أساس المساواة في الحقوق وليس الحصص، أي أن دول المجرى لها الحق المتساوي في استغلال مياهه من اجل تحقيق اكبر فائدة ممكنة لكل دول المجرى، بهدف تحقيق إشباع اكبر قدر ممكن من حاجاتها(48). وان كانت عملية الاستخدام المنصف والمعقول لمياه المجرى الدولي أمر معقد وهي عملية متقدمة باستمرار وتتغير بتغير الظروف والاستعمالات(49). وهناك من يرى إنها ما زالت بحاجة إلى تحديد في القانون الدولي العام(50).

يقوم هذا المبدأ على أساس المساواة في السيادة بين الدول، فإذا كانت الدولة تملك الحق في استخدام مياه المجرى المار في إقليمها بأسلوب انفرادي وغير مقيد، فأن هذا الاستخدام يمكن أن يعوق استخدامات الدول الأخرى المشتركة معها في نفس المجرى، وبالتالي فأن استخدام تلك الدولة سيتمتع من الناحية الواقعية بأعلوية أو أسبقية على استخدامات الدول الأخرى، في حين أن حقوق جميع الدول المشتركة في المجرى متساوية أو متكافئة(51). لذلك يقتضي القانون الدولي أن تكون طريقة الاستخدام المنصف والمعقول قائمة على أساس السماح لكل الدول التي لها موارد مياه مشتركة، باستخدام تلك الموارد بشكل محدد أو مقيد بالحقوق المشروعة لبعضها البعض. ولذلك فان هذا المبدأ مشتق من مبدأ أو نظرية السيادة الإقليمية المحدودة(52).

إن هذا المبدأ أثبتته الممارسة الدولية ولذلك فهو مبدأ عرفي وقد نصت عليه أحكام هلسنكي لعام 1966 في المادة (IV) بقولها " أن جميع دول حوض المجرى المائي لها الحق ضمن حدود إقليمها، في الحصول على حصة منصفة ومعقولة لإغراض الانتفاع بمياه حوض المجرى المائي الدولي". كما نصت عليه اتفاقية عام 1997 في المادة (5) الفقرة (1) بقولها "إن على دول المجرى المائي كل في داخل حدود إقليمها استخدام المجرى المائي الدولي بأسلوب منصف ومعقول.......". كما أكدته المؤتمرات الدولية المتعلقة بمجاري المياه الدولية منها مؤتمر الأمم المتحدة المنعقد في (مار ديل بلاتا) في الأرجنتين عام 1977(53). وأكده القضاء الدولي بمناسبة حكم محكمة العدل الدولية عام 1997 في النزاع المعروف باسم (مشروع غابيتشكوفو_ ناغيماروس (Gabcikovo_ Nagymaros project) بين هنغاريا وسلوفاكيا بقولها " إن على دول المجرى المائي أن تشارك في استخدام، تنمية وحماية المجرى المائي الدولي بأسلوب منصف ومعقول"(54). وفي فقرة أخرى من حكمها أكدت المحكمة على المبدأ بقولها " إن لهنغاريا حق أساسي في المشاركة بأسلوب منصف ومعقول في موارد المجرى المائي الدولي"(55). كما إن القضاء الداخلي أكد المبدأ كما في الأحكام التي أصدرتها المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية بشأن النزاعات حول مياه الأنهار المشتركة بين الولايات الاتحادية، كالنزاع بين ولايتي كنساس وكولورادو والنزاع بين ولايتي نيو جرسي ونيويورك(56).

ثالثا:- العوامل ذات الصلة بالمبدأ

ذكرنا سابقا إن مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول يعني المساواة في الحقوق وليس الحصص بين الدول المشتركة في المجرى المائي الدولي. ولكن كيف يمكن للدولة الواقعة أسفل المجرى المائي الدولي كالعراق مثلا، إن تعرف إن استخدام الدولة الواقعة أعلى المجرى المائي كتركيا مثلا هو استخدام منصف ومعقول؟

قد تكون الإجابة في غاية الصعوبة، خصوصا عند غياب آليات التعاون بين دول المجرى، لكن المعاهدات الدولية ذات الصلة تبين إن هناك مجموعة من العوامل التي يجب على دول المجرى أخذها معا بنظر الاعتبار عند تحديد الاستخدام المنصف والمعقول باعتبارها وحدة كاملة(57). وهذه العوامل دونتها أحكام هلسنكي لعام 1966 في المادة (V) الفقرة (II)، كما نصت عليها الاتفاقية العامة لعام 1997 في المادة (6) الفقرة (1). وهي ليست شاملة أو محددة، كما ان القيمة المعطاة لكل عامل تحدد حسب أهميته بالمقارنة مع العوامل الأخرى ذات الصلة ويمكن أجمالها بما يأتي:-

1. العوامل الجغرافية، الهيدروجرافية، الهيدرولوجية، المناخية وعوامل أخرى ذات خصائص طبيعية. وتتضمن هذه العوامل مثلا طول المجرى المائي الدولي ومساحة حوضه في كل دولة، وإسهام دول المجرى في إمدادات مياه المجرى، وتأثير المجرى المائي على المناخ في كل دولة من دوله. وبالنسبة لمجرى نهر دجلة فهو ينبع من مرتفعات تركيا الجنوبية الشرقية، لكم القسم الأكبر من طول المجرى ومساحة حوض المجرى تقع داخل العراق، كما أن الأخير يساهم بما يقارب من نصف إمدادات مياه المجرى وقد اشرنا إلى ذلك سابقا. ولذلك فأن للمجرى المذكور تأثير على المناخ والطقس في العراق.

2. الاستخدام السابق والحالي والمحتمل لمياه المجرى من قبل دول المجرى، أي احترام الحقوق التاريخية والاستخدامات القائمة في مياه المجرى، ذلك أن هذه الحقوق تمس مصالح مجتمعات موجودة لقرون عديدة، وعلى أساسها نظمت ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية(58). فالعراق كان سباقا من بين دول مجرى نهر دجلة في استخدام مياهه، أي منذ ما يقارب من 6000 سنة، على خلاف تركيا التي لم تبدأ باستخدام مياه المجرى المذكور ألا في نهاية تسعينيات القرن المنصرم، ولا توجد استخدامات تذكر لسوريا، وبالتالي فأن حقوق العراق هي حقوق ثابتة وتاريخية لها الأولوية على استخدامات دول المجرى الأخرى. وهو يقوم حاليا بإرواء ما يقارب 2,178 مليون هكتار ضمن حوض نهر دجلة مقابل 6,5 ألف هكتار لتركيا(59).

3. الحاجات الاقتصادية والاجتماعية لدول المجرى المائي، كالحاجة للمياه لغرض إرواء الأراضي الصالحة للزراعة بهدف تحقيق الأمن الغذائي، والحاجة للمياه الصالحة للشرب لغرض سد احتياجات السكان، مع الأخذ بنظر الاعتبار التغيرات السكانية لأن النمو السكاني المتزايد يرافقه زيادة في الطلب على الغذاء والمياه العذبة(60). ففي العراق تقدر مساحة الأراضي الصالحة للزراعة ب(11،5) مليون هكتار، ومعظم هذه المساحات والتي تقدر ب(8) مليون هكتار بحاجة لمياه الري(61). كما أن معدل النمو السكاني فيه اكبر بكثير من دول مجرى نهر دجلة الأخرى إذ بلغ عام 2003 نسبة 2،78% مقابل 1،16% في تركيا و2،45% في سوريا(62).

4. اعتماد السكان على مياه المجرى المائي الدولي في كل دولة من دول المجرى، فإذا كان سكان دولة أسفل المجرى يعتمدون بشكل كبير على مياهه لأغراض الزراعة، فأن قيام دولة أعلى المجرى بأي عمل من شأنه أن ينقص من كمية المياه الواردة إلى دولة أسفل المجرى، فأنه سيضع الأخيرة أمام خطر كبير لأنها ستكون عاجزة عن تلبية احتياجات السكان، خصوصا إذا كان معدل النمو السكاني فيها يفوق دول المجرى الأخرى. والحال ليست كذلك مع تركيا لأنها دولة واقعة أعلى مجرى نهر دجلة، ولا تتأثر بالأعمال التي تقوم بها دول أسفل المجرى، بالإضافة إلى بطئ النمو السكاني لديها مع نسبة عالية من الأراضي المزروعة والتنوع في اقتصادها(63). على خلاف العراق الذي يعاني من النقص في إمدادات المياه بسبب المشاريع التركية في أعلى المجرى، وانخفاض في نسبة الأراضي المزروعة، مع ارتفاع معدل النمو السكاني، بالإضافة إلى أن القطاع الزراعي قد تأثر بشكل كبير بسبب الحصار الاقتصادي الذي فرض عليه من عام 1990 وحتى عام 2003.

5. آثار استخدام مياه المجرى المائي من قبل إحدى دوله على دول المجرى الأخرى، فقيام إحدى دول المجرى باستخدام مياهه يجب أن لاتكون له نتائج عكسية على القطاعات الزراعية، الصناعية، البيئية، الطاقة، حاجات السكان وغيرها في دول المجرى الأخرى. لكن هذا لايمنع دولة أعلى المجرى مثلا من استخدام مياهه للأغراض المختلفة، ولكن بشرط الاتفاق مع دول المجرى الأخرى، أو التشاور معها بحيث يمكن تلافي الآثار الضارة التي يحدثها هذا الاستخدام. وقد سبق وان بينا الآثار السلبية التي يسببها إنشاء سد لي – صو التركي على نواحي الحياة المختلفة في العراق، دون الاتفاق أو التشاور مع العراق.

6. الاستخدام الاقتصادي لمياه المجرى المائي الدولي وحمايتها وتنميتها، ويكون ذلك عن طريق تحسين طرق الري والزراعة وتنظيم جريان المياه، بهدف تحقيق الاستخدام الاقتصادي وترشيد استهلاكها وتنمية مواردها والحفاظ على نوعيتها. لذلك فقد أنشأ العراق العديد من السدود والخزانات على مجرى نهر دجلة وروافده، بهدف ضمان استغلال موارد المجرى أفضل استغلال، وتم استخدام طرق الري الحديثة واعتماد التخطيط العلمي وبرمجة تنفيذ المشاريع الزراعية لغرض استخدام المياه استخداما اقتصاديا وترشيد استهلاكها(64).

7. البدائل المتاحة والمخطط لها والمستخدمة حاليا، أن تحديد البدائل المتاحة يتطلب دراسة موارد المياه البديلة في كل دولة من دول المجرى وتكاليفها النسبية، ويتضمن مثلا وجود مجاري مياه وطنية تنبع وتصب في داخل الدولة، تحليه أو إزالة الملاح من المياه الجوفية أو مياه البحر قليلة التملح بالإضافة إلى استيراد المياه(65). وهذه البدائل متوفرة كلها لدى تركيا، حيث توجد لديها انهارا وطنية كنهري سيهان ومانافجات(66). بالإضافة إلى مجاري المياه الدولية دجلة والفرات، كما أنها تملك التكنولوجيا لتحليه مياه البحار التي تطل عليها وكذلك المياه الجوفية الموجودة داخل إقليمها. أما فيما يتعلق باستيراد المياه، فالمعروف أن تركيا تخطط لتصدير المياه بدلا من استيرادها وذلك من خلال ما يسمى بمشروع أنبوب السلام الذي تحاول من خلاله تصدير المياه إلى اسرائيل ودول أخرى في المنطقة. كل ذلك يعني أن تركيا غنية بموارد المياه، وقد قدرة منظمة الفاو نسبة الموارد المائية في تركيا ب(225) مليارم3 تمثل المياه السطحية منها حوالي (186)مليارم3 والمتاح منها فعلا لغرض الاستخدام يقدر ب(110) مليارم3 وهي تستخدم الآن فقط 40 مليارم3(67). أما العراق فهو يعاني من نقص في كمية المياه الواردة إليه من دجلة والفرات، ورداءة في نوعيتها وارتفاع نسبة الملوحة فيها، بسبب المشاريع التركية على المجريين المذكورين، ولا تتوفر لديه البدائل المتاحة كما هو الحال بالنسبة لتركيا.

رابعا:- تركيا ومبدأ الاستخدام المنصف والمعقول

مما سبق، يتبين أن القانون الدولي يفرض على الدول المشتركة في المجرى المائي الدولي التزاما معينا، ألا وهو استخدام المجرى المائي بأسلوب منصف ومعقول بعد الأخذ بنظر الاعتبار العوامل ذات الصلة كلها. من أجل فائدة ومصلحة جميع دول المجرى، بحيث لايجوز لأي منها استخدام المجرى استخداما لايتصف بالأنصاف والمعقولية، وإلا اعتبر ذلك انتهاكا لمبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي العرفي التي تحكم استخدام مجاري المياه الدولية. وعليه فأن قيام تركيا بإنشاء السدود والمشاريع على مجرى نهر دجلة ومنها سد لي-صو دون الاتفاق مع دول أسفل المجرى وعلى النحو الذي يتعارض مع مصالحها يشكل خرقا واضحا لمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول. فتركيا تدعي أن لها السيادة المطلقة على مياه مجرى نهر دجلة وكذلك الفرات، باعتبارهما مياه عابرة للحدود وليسا نهرين دوليين وأنهما يشكلان حوضا واحد بالتقائهما لتكوين شط العرب(68). وبالتالي فمن حقها تنفيذ المشاريع والسدود على المجريين المذكورين استنادا إلى حقها السيادي، وان أدى ذلك إلى إحداث أضرار خطيرة لدول أسفل المجريين.

أن موقف تركيا يتعارض مع الاتجاه السائد في القانون الدولي الذي يأخذ بمبدأ السيادة الإقليمية المقيدة لدول المجرى المائي الدولي التي أقرتها اتفاقية عام 1997، والتي اشتق منها مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، كما أن دجلة والفرات من مجاري المياه الدولية ينطبق عليهما تعريف المجرى المائي الدولي، وهما حوضيين منفصلين من خلال حدود جغرافية وطبوغرافية واضحة. ولذلك فأن تركيا ترفض الالتزام بمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول وتطالب بتطبيق مبدأ مغاير وهو مبدأ الاستخدام الأمثل، والذي يتضمن خطتها المسماة )المراحل الثلاث(Three- Stage Plan لتحديد حصص الدول المشتركة معها في مجريي دجلة والفرات. وتقضي هذه الخطة في المرحلة الأولى القيام بدراسات للموارد المائية، وفي الثانية دراسة الموارد الأرضية، أما الثالثة فهي تقييم للموارد المائية والأرضية(69). أن خطة المراحل الثلاث لاتصلح بالنسبة لمجريي دجلة والفرات لأنهما مجاري مياه دولية، كما أن الدراسات التي تتصل بالموارد المائية والأرضية ومن ثم تقيمها تحتاج إلى وقت طويل وهي كثيرة ومتنوعة، ومن الطبيعي أن تختار كل دولة المعيار الذي يلائم ظروفها وبالتالي لايمكن اعتماد معيار موحد. كما أن هذه الخطة قد تحرم دول أسفل المجرى من زراعة محاصيل معينة هي بحاجة إليها، بحجة استهلاكها كميات كبيرة من المياه. وقد تستثني مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية بحجة عدم خصوبتها، بالإضافة إلى إن خطة المراحل الثلاث تتعارض مع التطورات العلمية الحديثة التي تتيح إمكانية زيادة خصوبة الأراضي، ومعالجة مشاكل الملوحة فيها عن طريق غسلها أو زرعها بأنواع معينة من المحاصيل، وإضافة الأسمدة إليها لزيادة إنتاجيتها وتحسين خصوبتها(70).

المطلب الثاني: مبدأ عدم إحداث الضرر الهام (principle not to cause significant harm)

أولا:- تعريف المبدأ

يعرف المبدأ عموما، بأنه لايجوز للدولة التي تستخدم حقها أن تسبب ضررا خطيرا أو هاما للدول الأخرى(71). ويجد هذا المبدأ أصله في المبدأ اللاتيني (استعمل ملكك دون الأضرار بالغيرnon laedas sic utere tuo ut alienum) وينسجم مع مبادئ القانون العامة كمبدأ عدم إساءة استعمال الحق، ومبدأ حسن الجوار(72). وهو من مبادئ القانون الدولي العرفي أثبتته الممارسة الدولية من خلال النص عليه في العديد من المعاهدات والوثائق الدولية، منها الإعلان الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة بشأن التنمية البشرية (إعلان ستوكهولم) لعام 1972 في المبدأ (21)، الإعلان المتعلق بحقوق الدول وواجباتها الاقتصادية لعام 1974 في المادة (3)، الإعلان الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة بشأن البيئة والتنمية (إعلان ريو) لعام 1992 في المبدأ (2)، اتفاقية حماية واستخدام مجاري المياه العابرة للحدود والبحيرات الدولية لعام 1992 في المادة(2). كما أكده القضاء الدولي في مناسبات عديدة منها، حكم محكمة التحكيم الدولية في قضية مصهر تريل(Trail smelter) بين الولايات المتحدة والمكسيك، حكم محكمة التحكيم الدولية في قضية بحيرة لانو (Lake Lanoux) بين فرنسا واسبانيا وحكم محكمة العدل الدولية في قضية مضيق كورفو (Curfo Cannel) بين بريطانيا وألبانيا(73).

وفي نطاق قانون مجاري المياه الدولية، يمكن تعريف المبدأ بأنه قيام دول المجرى المائي الدولي ببذل العناية اللازمة للحيلولة دون التسبب بإحداث آثار ضارة هامة لبعضها البعض عند استخدامها لمياه ذلك المجرى(74). وقد نصت على هذا المبدأ المعاهدات المطبقة بهذا الشأن منها، المعاهدة المتعلقة بحماية نهر الراين من التلوث لعام 1976 والمعقودة بين دول المجرى المذكور،المعاهدة المعقودة بين الولايات المتحدة والمكسيك عام 1944 والمتعلقة باستخدام مياه انهار كولورادو، تيجوانو وريوجراند(75). كما أن الدول النهرية أو الشاطئية أنشأت اللجان المشتركة فيما بينها كآلية لضمان التنفيذ الكامل لهذا المبدأ، كاللجنة الدولية المشتركة المنشئة بموجب معاهدة المياه الحدودية لعام 1909 بين الولايات المتحدة وكندا، واللجنة الدولية المشتركة المنشئة بموجب معاهدة 1971 المعقودة بين فنلندا والسويد والمتعلقة بالأنهار الحدودية الواقعة بينهما(76). أما اتفاقية استخدام مجاري المياه الدولية لأغراض غير ملاحية لعام 1997 فقد نصت على المبدأ المذكور في المادة (7) الفقرة (1) منها بقولها " على دول المجرى المائي عند استخدامها لمياه المجرى المائي الدولي الواقع داخل حدود إقليم كل منها، أن تتخذ كل التدابير المناسبة للحيلولة دون إحداث ضرر هام لدول المجرى المائي الأخرى". إن هذا النص يتضمن جانبين: الأول هو إن التزام دول المجرى المائي الدولي هو التزام يتعلق بالسلوك أولا ومن ثم بالنتيجة، والثاني هو أن الضرر الحاصل يجب إن يكون هاما، أي ليس مجرد ضرر ثانوي أو تافه، ولكن اقل من الضرر الجوهري أو الضرر الخطير(77). وبطبيعة الحال فأن الضرر هنا يتعدى حدود إقليم الدولة المسببة له والتي يقع جزء المجرى المائي الدولي في إقليمها ويصيب دول أخرى من دول المجرى، أي ضررا عابرا للحدود (transboundary impact). وبمناسبة قرارها بشأن قضية (غابتشكوفو- ناغيماروس) عام 1997 اعتبرت محكمة العدل الدولية هذا المبدأ جزءا أساسيا للقانون الدولي البيئي(78).

ثانيا:- العلاقة بين مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول ومبدأ عدم إحداث الضرر الهام

إن الالتزام بمبدأ عدم إحداث الضرر الهام، هو ضمان إن دول المجرى المائي الدولي إنما تستخدم المجرى طبقا لمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول. ولكن ما هي طبيعة العلاقة بين المبدأين، وبمعنى آخر أيهما يغلب على الآخر عند التعارض؟. لتوضيح هذه المسألة نأخذ المثال الآتي: لنفترض أن دولة أعلى المجرى المائي الدولي لم تستخدم المجرى منذ فترة طويلة بسبب طبيعة أرضها كونها جبلية. بينما دولة أسفل المجرى تستخدم المجرى لأغراض الري وعلى نطاق واسع منذ آلاف السنين، والآن تريد دولة أعلى المجرى المائي استغلال مياهه لأغراض الزراعة وتوليد الطاقة دون الاتفاق مع دولة أسفل المجرى هذا سيؤدي بطبيعة الحال إلى إحداث ضرر خطير بالاستخدامات الثابتة والتاريخية لدولة أسفل المجرى. فكيف يمكن التوفيق بين هاتين الحالتين؟. لقد مثلت هذه المسألة لب الخلاف بشأن العلاقة بين المادتين (5) و (7) من اتفاقية عام 1997، فقد ذهب البعض إلى القول بالأسبقية لمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول على مبدأ عدم إحداث الضرر الهام، والبعض الآخر قال بعكس ذلك(79). وهناك من قال بأن الاتفاقية اتخذت موقف الحياد بين المبدأين فهي تربط بينهما في علاقة دائرية دون أن تحسم مسألة الأسبقية(80). وعلى أية حال، فأن استقراء نصوص اتفاقية عام 1997 يبين أنها تعطي الغلبة لمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول وهذا يمكن استنتاجه من نص الفقرة (2) المادة (7) منها، والتي تشير إلى انه إذا تسببت إحدى دول المجرى نتيجة استعمالها لمياه المجرى في إحداث ضرر هام لدول المجرى الأخرى، مع عدم وجود اتفاق بينها على هذا الاستعمال، فعلى الدولة المسببة للضرر اتخاذ كل التدابير المناسبة آخذة بنظر الاعتبار نص المادتين (5، 6) من الاتفاقية والتشاور مع الدول المتضررة للتخفيف من وطأة هذا الضرر ودراسة مسألة التعويض. ومعلوم أن المادتين (5، 6) من الاتفاقية المشار إليهما في الفقرة أعلاه تتعلقان بمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول والعوامل ذات الصلة به. وهذا يعني إن مبدأ عدم إحداث الضرر الهام مقيد بعدم تعارضه مع مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، فموازنة المصالح بين دول المجرى طبقا للمبدأ الأخير، سيسوي مسألة فيما إذا كان نوع معين من الضرر في حالة معينة قد يسبب ضررا هاما أو لا(81).

بالإضافة إلى ما تقدم فأن المادة (10) من الاتفاقية بعد أن أشارت في الفقرة (1) منها إلى إن استعمال معين لايتمتع بأسبقية على الاستعمالات الأخرى، أشارت في الفقرة (2) إلى انه في حالة حصول خلاف بين استعمالات المجرى المائي الدولي، فأن هذا الخلاف يجب أن يسوى بدلالة المادتين(5، 7) من الاتفاقية مع إعطاء عناية خاصة لمتطلبات الحاجات الإنسانية الأساسية. وهذا يعني انه إذا كانت إحدى دول المجرى تستخدم المجرى لأغراض توليد الطاقة، ودولة أخرى تستخدمه لأغراض الزراعة فأن الخلاف يجب إن يسوى بتطبيق كلا المبدأين، مع الاهتمام بشكل خاص بالحاجات الإنسانية الأساسية، أي توفير المياه الكافية لإدامة الحياة البشرية والتي تتضمن مياه الشرب وإنتاج الغذاء لغرض منع المجاعة(82).

بناءا على ما تقدم، يتضح أن هناك التزاما أساسيا يفرضه القانون الدولي يقع على عاتق الدول التي تستخدم المجرى المائي الدولي، ألا وهو بذل العناية اللازمة عند استخدامها للمجرى حتى لاتتسبب بأحداث ضرر هام إلى الدول الأخرى المشتركة معها في نفس المجرى. فالالتزام ببذل العناية هو سلوك، وهذا السلوك هو قرينة على إن دول المجرى تستخدم المجرى بطريقة منصفة ومعقولة. والقول بخلاف ذلك يعني انتهاك لمبدأ أساسي من مبادئ القانون الدولي العرفي التي تحكم استغلال مجاري المياه الدولية وهو مبدأ عدم إحداث الضرر، وهذا ينطبق على موقف تركيا وهي دولة أعلى مجرى نهر دجلة التي تصر على إنشاء سد لي – صو رغم الآثار السلبية الهامة والخطيرة التي يسببها السد في حالة اكتمال بناءه لدول أسفل المجرى المذكور وخصوصا العراق وقد سبق وان اشرنا إلى ذلك.

المطلب الثالث: مبدأ التعاون (principle of cooperation)

أولا:- تعريف المبدأ

يقصد به قيام الدول المشتركة في المجرى المائي الدولي بمجموعة من الواجبات الإجرائية من اجل تحقيق الاستخدام الأمثل لمياه المجرى المائي، وهذه الواجبات تشمل تبادل البيانات والمعلومات، الأشعار المسبق، التشاور التعاون بشأن التدابير المخطط لها.وهذا المبدأ تمليه مبادئ معينة مثل المساواة في السيادة بين الدول، مبدأ الوحدة الإقليمية للمجرى المائي الدولي، مبدأ المصالح المشتركة للدول النهرية ومبدأ حسن النية. وهو مبدأ عرفي أثبتته الممارسة الدولية حيث يمكن أن نجده في العديد من الوثائق الدولية منها، إعلان ستوكهولم لعام 1972 في المبدأ (24)، إعلان حقوق الدول وواجباتها الاقتصادية لعام 1974 في المادة (3)، وإحكام مونتريال بشأن تلوث مياه حوض النهر الدولي لعام 1998 في المادة (4). كما نصت عليه أحكام هلسنكي لعام 1966 في المادة (XXIV) الفقرة (I) واتفاقية حماية واستخدام مجاري المياه العابرة للحدود والبحيرات الدولية لعام 1992 في المواد (5، 6، 9، 10، 11)، والاتفاقية العامة لعام 1997 في المادة (8) الفقرة (1) منها بقولها " على دول المجرى المائي التعاون على أساس المساواة في السيادة، الوحدة الإقليمية، المصالح المشتركة وحسن النية لغرض تحقيق الاستخدام الأمثل والحماية الملائمة للمجرى المائي الدولي".

ثانيا:- مضمون المبدأ

يتضمن مبدأ التعاون العناصر الآتية:-

1- تبادل البيانات والمعلومات

فعلى الدول المشتركة في المجرى المائي الالتزام بتبادل البيانات والمعلومات على أساس منتظم المتعلقة بحالة المجرى، كتلك المتعلقة بالمياه والأرصاد الجوية والبيانات الهيدرولوجية والايكولوجية والمتعلقة بنوعية المياه وغيرها من البيانات(83). إن هذا الالتزام ضروري حتى تستطيع دول المجرى أن تعرف فيما إذا كان استخدام مياه المجرى يتم على أساس منصف ومعقول. لأنه يكون من الصعب على دول أسفل المجرى أن ترشد استخداماتها لمياه المجرى المائي بدون البيانات المتعلقة مثلا، بمعدل سقوط الأمطار وكمية المياه ومواردها في دولة أعلى المجرى. وهذه البيانات لايمكن جمعها إلا عن طريق التعاون المشترك بين دول المجرى، وسيكون عاملا مساعدا على بناء الثقة بينها(84).

2- الأعلام، الأشعار والتشاور

هذا الالتزام يتعلق بالتدابير أو الإجراءات المخطط القيام بها أو التي تعتزم إحدى دول المجرى القيام بها، والتي من المحتمل أن تكون لها آثار سلبية خطيرة أو هامة على دول المجرى الأخرى(85). وهذه التدابير قد تتضمن أقامة مشاريع أو برامج جديدة صغيرة أو كبيرة، بالإضافة إلى تغير الاستخدامات الموجودة للمجرى المائي. أن هذا الالتزام ضروري وذلك حتى تستطيع دول المجرى أن تفهم طبيعة المشاريع المقترحة وآثارها المحتملة عليها، وبذلك يمكن تجنب النزاع في مرحلة مبكرة(86). وقد اعتاد صندوق النقد الدولي ألا يقدم التمويل إلى إحدى دول المجرى التي تعتزم إنشاء السدود أو المشاريع على المجرى المائي ألا بعد قيامها بإشعار دول المجرى الأخرى واخذ موافقتها على ذلك(87). لقد أثير هذا الالتزام في العديد من المنازعات المتعلقة بمجاري المياه الدولية، ففي النزاع بين الأرجنتين والبرازيل وباراغواي والذي ثار بشأن التدابير المخطط القيام بها على نهر بارانا (Parana)، والتي تم الاتفاق عليها بموجب معاهدة عقدت عام 1979 بين الدول الثلاث. فقد أشارت الأرجنتين إلى أن المعاهدة المذكورة تلزم البرازيل بتقديم الأشعار المسبق لها والتفاصيل التقنية فيما يخص مشروع (Ltaipu) المشترك بين والبرازيل وباراغواي، وكذلك التشاور معها لأن المشروع المذكور والسد الذي تعتزم أنشاؤه بالاتفاق مع باراغواي ستكون له آثار سلبية خطيرة على دول أسفل مجرى نهر بارانا (Parana)(88).

بناءا على ما تقدم، يتبين أهمية الالتزام بتبادل البيانات والمعلومات وكذلك تقديم الأشعار المسبق والتشاور بين الدول المشتركة في المجرى المائي الدولي، من أجل استخدام مياه المجرى بطريقة منصفة ومعقولة بين دول المجرى، والحيلولة دن التسبب بأحداث ضرر هام لأحدها. وبالتالي فأن مبدأ التعاون يرتبط بمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول ومبدأ عدم إحداث الضرر الهام التي تحكم استخدام مجاري المياه الدولية. لكننا نجد أن موقف دولة أعلى مجرى نهر دجلة (تركيا)، يتعارض مع هذا المبدأ العرفي وهي ماضية في إقامة المشاريع والسدود على هذا المجرى دون أدنى التزام منها بالتعاون مع دول أسفل المجرى وعلى وجه الخصوص العراق. فهي ترفض تبادل البيانات والمعلومات، كما لم تلتزم بتقديم أشعارا مسبقا الى العراق بشأن مشاريعها المقترحة ومنها سد لي- صو، بل أن العراق سمع بعزم تركيا إنشاء هذا السد من خلال وسائل الأعلام. كما لم تلتزم تركيا بالتشاور مع العراق من أجل تجنب الآثار الهامة والخطيرة التي سيسببها السد المذكور للعراق، وهذ انتهاك واضح لمبادئ القانون الدولي المتعلقة بمجاري المياه الدولية، وهي مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، مبدأ عدم إحداث الضرر الهام ومبدأ التعاون بين دول المجرى المائي الدولي. كما هو انتهاك للمادة (5) من البروتوكول الأول الملحق بمعاهدة الصداقة وحسن الجوار المعقودة بين العراق وتركيا عام1964 والتي تنص على أن تقوم تركيا باطلاع العراق على أية مشاريع خاصة قد تقرر إنشائها على احد مجريي دجلة والفرات أو روافده لغرض جعل تلك المشاريع تخدم مصلحة العراق كما تخدم مصلحة تركيا.

الخاتمة

لقد تناولت هذه الدراسة إنشاء سد لي- صو على المجرى الرئيسي لنهر دجلة وآثاره السلبية على العراق، وموقف قواعد القانون الدولي المتعلقة بمجاري الأنهار الدولية. وقد تبين أن نهر دجلة هو مجرى مائي دولي مستخدم لأغراض غير ملاحية، لكن العائق الأساس بشأن استخدامه من قبل دول المجرى، هوعدم وجود اتفاقية شاملة بينها. وبالتالي فان استخدم المجرى سيكون محكوما بالمبادئ القانونية العرفية المتعلقة باستخدام مجاري المياه الدولية لأغراض غير ملاحية، وهذه المبادئ لها صفة النفاذ بمواجهة الكافة باعتبارها قواعد آمرة للقانون الدولي يرتب مخالفتها المسؤولية الدولية. لكن تركيا تتعمد إهمال هذه المبادئ فيما يتعلق باستخدام مجرى نهر دجلة وتفسرها بالكيفية التي تتلاءم مع مصالحها دون مراعاة مصالح دول المجرى الأخرى. هذه المبادئ تم تدوينها في نطاق اتفاقية عامة شارعه وهي اتفاقية استخدام مجاري المياه الدولية لإغراض غير ملاحية لعام 1997. صحيح أن تركيا كانت من بين الدول التي رفضت الاتفاقية، ألا إن هذا لايعني أنها غير ملزمة بهذه المبادئ ومصدر الإلزام بطبيعة الحال هو العرف الدولي. وبالتالي فان إصرار تركيا على إنشاء سد لي- صو هو انتهاك صريح للقانون الدولي، وبسبب ذلك فإنها ستكون مسئولة عن جميع الإضرار التي يسببها إنشاء هذا السد للعراق.

بسبب الظروف الراهنة التي يمر بها العراق والضعف السياسي الذي يعاني منه باعتباره دولة محتلة، قان احتجاجاته واعتراضاته على إنشاء السد المذكور قد لاتلقى صد لدى تركيا لذلك نوصي بما يأتي:-

1. إن القانون الدولي يوفر مجموعة من المبادئ والقواعد القانونية التي تدعم وتؤيد حقوق العراق الثابتة والتاريخية في مجرى نهر دجلة، لذلك ينبغي الركون إلى هذه المبادئ والقواعد والتحصن بها من أجل إثبات الحقوق السيادية للعراق.

2. ينبغي التشاور وتبادل المعلومات مع الدولة الأخرى التي ستتضرر أيضا في حال اكتمال بناء سد لي- صو وهي سوريا، من اجل اتخاذ موقف موحد، والتشاور والتنسيق مع جامعة الدول العربية والمنظمات الدولية الأخرى من اجل الضغط على تركيا ودعم حقوق العراق ومطالبه بمياه مجرى نهر دجلة.

3. تشجيع الجانب التركي بجميع الوسائل على الدخول في مفاوضات جدية وبحسن نية من اجل التوصل إلى اتفاق شامل يضمن مصالح كل دول مجرى نهر دجلة، ويحدد حقوق كل منها في مياهه طبقا لمبادئ وقواعد القانون الدولي ذات الصلة.

4. إجراء تقييم شامل وموضوعي من قبل الجهات المختصة للأضرار التي يسببها سد لي- صو على نواحي الحياة المختلفة في العراق، وعرض هذا التقييم على الجانب التركي، وعلى الجهات الممولة للمشروع من اجل دفعها إلى الامتناع عن تمويل مشروع السد.

5. الاستفادة من ممارسات الدول فيما يتعلق بإنشاء آليات أو لجان مشتركة بين دول المجرى المائي الدولي، تتولى هذه اللجان إدارة حوض مجرى نهر دجلة بكامله على أن يكون ذلك في إطار معاهدة شاملة، سيما وان هذه الممارسات قد أثبتت نجاحها وفعاليتها.

الهوامش

(1) د. عصام العطية، القانون الدولي العام، ط6، بغداد، 2006، ص317.

(2) Transboundary rivers and crisis prevention, p.1.

www.transboundarywaters.orst.edu

(3) د. مصطفى سيد عبد الرحمن، الجوانب القانونية لتسوية منازعات الحدود الدولية، ط1، دار النهضة العربية، القاهرة، 1994، ص22- 23.

(4) د. فيصل عبد الرحمن علي طه، القانون الدولي ومنازعات الحدود، ط2، دار الأمين للنشر والتوزيع، 1999، ص26- 27.

(5) المادة (II) من أحكام هلسنكي لعام 1966.

(6) الفقرتين (أ، ب) المادة (2) من اتفاقية استخدام مجاري المياه الدولية لأغراض غير ملاحية لعام 1997.

(7) Mete Erdem, the Tigris and Euphrates rivers controversy and the role of international law, 2003, pp. 2- 3. www.sam.gov.tr

(8) Patrick MaQuarrie, water security in the middle east, 2004, p. 65. www.transboundarywaters.orst.edu

(9)Ibid, p,65.

(10) عبد الحميد مهدي الكليدار، حوض دجلة والفرات والعلاقة السياسية( العراقية- السورية- التركية)، جريدة المؤتمر، ع (921)، 2005، ص4.

(11) سليمان الشيخ، تركيا تعمق الخلاف مع سوريا والعراق على مياه دجلة والفرات، 2006، ص2. www.almyah.com

(12) مرتضى جمعة حسن، الآثار السلبية لإنشاء سد اليسو على نهر دجلة وموقف القانون الدولي، 2005، ص3.www.almyah.com

(13) عبد الحميد مهدي الكليدار، المصدر السابق، ص4.

(14) Bantita Pichyakorn, sustainable development and international water courses agreements: the Mekong and the Rhine, 2002, p. 5. www.iucn.org

(15) Mete Erdem, op, cit, p. 1.

(16) Elizabeth Burleson, equitable and reasonable use of water within the Euphrates- Tigris river basin, environmental law institution, Washington, 2005, p. 2. note(7).

(17) Bantita Pichyakorn, op, cit, p. 5.

(18) Patrick MaQuarrie, op, cit, p. 66.

(19) Raed Mounir Fathallah, water disputes in the middle east: an international law analysis of the Israel- Jordan peace accord, journal land use and environmental law, vol(12), 1999, p. 138. note (152).

(20) Ibid, p. 138.

(21) Bantita Pichyakorn, op, cit, p. 5.

(22) Ibid, p.5.

(23) Richard Paisly, adversaries into partners: international water law and the equitable sharing of downstream benefits, Melbourne journal of international law, vol(3), 2002, p. 282. note(6).

(24) Patrick MaQuarrie, op, cit, p. 66.

(25) Bantita Pichyakorn, op, cit, p. 5.

(26) Raed Mounir Fathallah, op, cit, p. 138.

(27) Aaron T. Wolf, criteria for equitable allocations: the heart of international water conflict, natural resources forum, vol (23), 1999, p. 5.

(28) Patrick MaQuarrie, op, cit, p. 67.

(29)Raed Mounir Fathallah, op, cit, p. 139.

(30) Mete Erdem, op, cit, p. 7.

(31) Raed Mounir Fathallah, op, cit, p. 139.

(32) د. فاديه دعيبس، الإبعاد القانونية لمشروع قناة البحر الأحمر- البحر الميت، 2007، ص4. www.alwatanvoice.com

(33) الفقرة (1) المادة (24) من اتفاقية 1997.

(34) Bantita Pichyakorn, op, cit, p. 6.

(35) Raed Mounir Fathallah, op, cit, p. 140.

(36) عبد الرحيم حمد العرقان، أزمة المياه في الشرق الوسط والسلام العربي الإسرائيلي، مركز دراسات المستقبل، جامعة أسيوط، 1998، ص8.

(37) موسوعة النهرين، ص2. www.nahrain.com

(38) Llisu engineering group, Llisu dam and HEPP, 2001, pp.13- 14.

www.ecgd.gov.uk

(39) Vironika Bolz and Majka Rohrmeier, Euphrates and Tigris, Swiss federal institute for environmental science and technology, 2002, p.6.

(40) Maggie Ronayne, the Llisu dam, 2006, p. 67. www.nuigalway.ie

(41) موسوعة النهرين، مصدر سابق، ص1- 2.

(42) مرتضى جمعة حسن، مصدر سابق، ص1- 2.

(43) موسوعة النهرين، المصدر السابق، ص2.

(44) مرتضى جمعة حسن، مصدر سابق، ص2.

(45) Berne declaration, Llisu dam in breach of international law, 2007,p.1. www.evd.ch

(46) Llisu dam downstream water impacts and Iraq, report of fact finding mission to Iraq, 2 March 2007, p. 4. www.khrp.org

(47) Richard Paisly, op, cit, p. 283.

(48) Bantita Pichyakorn, op, cit, p. 6.

(49) Kerstin Mechlem, water as a vehicle for international state cooperation, FAO legal paper online, 2003, p. 10.

(50) Mete Erdem, op, cit, p. 8.

(51) Kerstin Mechlem, op, cit, p.9.

(52) Meredth A. Giordano, international river basin management, dissertation of doctorate, Oregon state University, 2002, pp. 19- 23.

(53) Patrick MaQuarrie, op, cit, p. 65.

(54) I. C. J. reports, 1997, p. 201.

(55) Ibid, p. 190.

(56) Bantita Pichyakorn, op, cit, p. 7.

(57) Juna Divds, is it reasonable to use the Nubian Sandston aquifer system unsustainably under international law, p. 6. www.dundee.ac.uk

(58) د. مصطفى سيد عبد الرحمن، قواعد التعامل في مياه الأنهار الدولية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، القاهرة، 2001، ص2.

(59) مفكرة الإسلام، دجلة والفرات بين العراق وسوريا وتركيا، 2001، ص3- 4. www.islammemo.cc

(60) Raed Mounir Fathallah, op, cit, pp. 146- 147.

(61) Patrick MaQuarrie, op, cit, p. 46.

(62) Elizabeth Burleson, op, cit, p. 5.

(63) Ibid, pp. 5- 6.

(64) مفكرة الإسلام، مصدر سابق، ص3.

(65) Raed Mounir Fathallah, op, cit, p. 147.

(66) يوكسيل انان، قانون مجاري المياه الدولية والشرق الأوسط، ترجمة مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، القاهرة، 2001، ص2.

(67) Patrick MaQuarrie, op, cit, p. 9.

(68) Arnon Medzini and Aaron T. Wolf, the Euphrates river watershed: integration, coordination, or separation, pp. 136- 137. www.medzini_@_wolf_05

(69) يوكسيل انان، مصدر سابق، ص6.

(70) مفكرة الإسلام، مصدر سابق، ص7- 8.

(71) Stephen McCaffrey, international water law for the 21st century, the contribution of the U. N. convention, 1999, p. 13. www.ucowr.siu.edu

(72) Mete Erdem, op, cit, pp. 9- 10.

(73) Ibid, p. 10.

(74) Patricia Wouters, the legal response to international water scarcity and water conflict, pp. 4- 5. www.africanwater.org

(75) Kerstin Mechlem, op, cit, p. 14. note (46- 47).

(76) Ibid, p. 14.

(77) Ibid, p. 12.

(78) I. C. J. reports, 1997, p. 241.

(79) Aaron T. Wolf, op, cit, pp, 6- 7.

(80) Kerstin Mechlem, op, cit, p. 12. note (43).

(81) Ibid, p. 13.

(82) Stephen McCaffrey, op, cit, pp. 13- 14.

(83) المادة (9) من اتفاقية عام 1997.

(84) Krestin Mechlem, op, cit, pp. 15- 16.

(85) المادتين (11، 12) من اتفاقية عام 1997.

(86) Krestin Mechlem, op, cit, p. 17.

(87) مغاوري شلبي، تدويل المياه وخلط الماء بالسياسة، ص2. www.islamonline.net

(88) Krestin Mechlem, op, cit, p. 17.