أستاذ المادة: عبدالهادي الفضلي
المادة: المنطق
الملف: ملف m007.rm

النسبة بين الألفاظ

إذا نسب لفظ إلى لفظ آخر باعتبار ما يدل عليه من معنى لا تخرج النسبة بينهما من أن تكون نسبة ترادف أو نسبة تباين .

 يقول النجم القزويني : وكل لفظ فهو بالنسبة إلى لفظ آخرمرادف له إن توافقا في المعنى ، ومباين له إن اختلفا فيه .

 1- الترادف: هو إتفاق لفظين أو أكثر في الدلالة على معنى واحد مثل ( إنسان وبشر) و (هرة وقطة وسنورة) .

 2- التباين: هو اختلاف الألفاظ في الدلالة بحيث يدل كل لفظ منها على معنى هو غير ما يدل عليه اللفظ الآخر ، مثل : أرض ، سماء ، منضدة ، حائط .

  •  تقسيم التباين:

وتقسم الألفاظ المتباينة باعتبار ما بين معانيها من تغاير إلى ثلاثة أقسام : المتماثلة ، المتخالفة ، المتقابلة .

 أ - نسبة التماثل: هي أن يكون معنى أحد اللفظين مماثلاً لمعنى اللفظ الآخر ، بمعنى أن يشتركا في حقيقة واحدة نحو : (زينب) و (فاطمة) فإنهما مشتركان في الإنسانية ، و (البلبل) و (الأرنب) فإنهما مشتركان في الحيوانية ، وهكذا .

 ويصطلح منطقياً على مثل هذين اللفظين بـ (المثلين) .

 ب - نسبة التخالف: هي أن يكون معنى أحد اللفظين مغايراً ومخالفاً لمعنى اللفظ الآخر بأن يكون كل منهما حقيقة غير حقيقة الآخر ولحظا بما هما كذلك لا بما هما مشتركان في حقيقة أخرى أعلى من حقيقتهما ، مثل ( الفيل والحصان) وهكذا .

 ويصطلح منطقياً على مثل هذين اللفظين بـ (المتخالفين)

 جـ - نسبة التقابل : وهي أن يكون بين معنيي اللفظين تنافر بمعنى أنهما لا يجتمعان في محل واحد من جهة واحدة في زمان واحد مثل (السواد والبياض) .

ويصطلح منطقياً على مثل هذين اللفظين بـ (المتقابلين) .

  •  أقسام التقابل :

ويقسم التقابل إلى أربعة أقسام هي :

 1- تقابل النقيضين : والنقيضان : هما شيئان : وجودي وعدمه . والتقابل بينهما هو تقابل إيجاب ، وسلب ذلك الإيجاب ، مثل : (إنسان) و (لا
إنسان ) .

 والنقيضان - كما هو معلوم بالبداهة - لا يجتمعان ولا يرتفعان فكل شيء - تطبيقاً لمثالنا المتقدم - إمّا إنسان أو لا إنسان ، وليس غير
هذا .

 2- تقابل الملكة والعدم : ويراد بالمَلكَة - هنا - : الوجود ، وبالعدم : عدم ذلك  الوجود الخاص الذي هو الملكة ، كالتقابل بين البصر والعمى ، فالبصر هو الوجود أو الملكة والعمى هو عدمه ، ولكن هذا العدم لا يكون إلاّ فيمن من شأنه أن يكون بصيراً . والملكة والعدم أيضاً لا يجتمعان ولكن يجوز أن يرتفعا عمن لا شأنية ولا قابلية فيه للملكة .

3- تقابل الضدين : والضدان : هما الوصفان الوجوديان اللذان لا يجتمعان في محل واحد ولكن يجوز أن يرتفعا عنه معاً ، مثل السواد والبياض .
 4- تقابل المتضايفين : وهما كالضدين ، وصفان وجوديان لا يجتمعان في محل واحد ، ويجوز أن يرتفعا عنه معاً ، مع فارق أن تصور وتعقل أحد المتضايفين متوقف على تصور وتعقل الآخر ، وليس الأمر هكذا في الضدين فإنه يمكننا أن نتصور أحدهما من دون أن نتصور الآخر .

 ومثال المتضايفين : الأبوة والبنوة ، والفوق والتحت ، فإننا لا نستطيع أن نتصور أباً من غير ابن ، أو ابناً من غير أب ، كما أنهما لا يجتمعان في شخص واحد فيكون أباً وابناً لشخص واحد .

 

المفرد والمركب

 

 وينقسم اللفظ باعتبار دلالته على معناه إلى قسمين : مفرد ومركب .

1- المفرد : وينّوعه المناطقة إلى نوعين :

 أ - اللفظ المفرد المكوَّن من حرف هجائي واحد ، مثل الباء الجارة و(قِ) فعل أمر من وقى يقي . فالباء وقِ لأن كلاً منهما مؤلَف من حرف هجائي واحد يكون غير مركب لأنه لا جزء له .

 ب - اللفظ المفرد المؤلف من أكثر من حرف هجائي مثل (محمد) أو المؤلف من أكثر من كلمة مثل (عبد الله) - اسماً لشخص - إذا كان معناه واحداً مركباً أي له أجزاء ، فإن أجزاء اللفظ - كما هو واضح - لا يدل شيء منها على شيء من أجزاء المعنى ، وإنما اللفظ بكامله يدل على المعنى بكامله . فاللفظ - هنا - لا يدل جزؤه على جزء معناه . وهذا يعني أن المركبات النحوية إذا كانت أسماء أعلام هي في رأي المناطقة مفردات لا مركبات ، وكذلك المثنيات والجموع وأسماء الجموع وأسماء الأجناس ، فإنه ليس شيء منها يدل جزؤه على جزء معناه .

 والخلاصة : إن اللفظ المفرد عند المناطقة هو : ما لا جزء له ، وما لا يدل جزؤه على جزء معناه . ويعرّفه النصير الطوسي بـ (اللفظ الذي لم يجعل لأجزائه فيه دلالة أصلاً) . وتعريفه هذا أقرب إلى طبيعة اللغة ، ذلك أن الدلالة تنشأ إمّا بالوضع وإمّا بالاستعمال ، والحروف الهجائية التي يتكون منها لفظ المفرد إذا كان كلمة واحدة لم تحمل أية دلالة لا وضعاً ولا استعمالاً وإنما الذي حمل الدلالة الكلمة بمجموعها . وكذلك الكلمات التي يتألف منها لفظ المفرد مثل (عبد الله) - اسماً لشخص - لم تحمل أية دلالة حين وضع اللفظ اسماً للشخص وإنما حمل المجموع - كمجموع - بدلالة واحدة هي تعيين الشخص المسمى بهذا الاسم .

2- المركب : وهو اللفظ الذي يدل جزؤه على جزء معناه إذا كان معناه مركباً أيضاً نحو (محمد نبي) فإن لفظ (محمد) يدل على معناه  وهو ( شخص محمد) ، ولفظ (نبي) يدل على معناه وهو (المتصف بالنبوة) .

  • أقسام المفرد: يقسم المناطقة المفرد إلى ثلاثة أقسام هي : الاسم ، الكلمة ، الأداة .

أ - الاسم : هو الاسم النحوي ، مثل : محمد ، كتاب ، معهد .

ب - الكلمة : هي الفعل النحوي ، مثل : يحمد ، كتب ، إعهد .

جـ - الأداة : هي الحرف النحوي ، مثل : هل ، لن ، عن ، والتسمية بالأداة نجدها عند نحاة الكوفة فإنهم يسمون الحرف أداة . وللمقارنة : اننا نقول في علم النحو : الكلمة تنقسم إلى اسم وفعل وحرف ، ولكن في علم المنطق نقول : المفرد ينقسم إلى اسم وكلمة وأداة .

أقسام المركب : وينقسم المركب - منطقياً - إلى قسمين : تام ، ناقص .

أ - المركب التام : هو الجملة النحوية التامة ، نحو (علي إمام) و (أعتقد بإمامة علي) .

ب - المركب الناقص : هو الجملة النحوية الناقصة ، نحو : (قيمة كل امرىء . . .) و (إذا جاء نصر الله . . .) .

أقسام التام :  وينقسم المركب التام إلى قسمين أيضاً هما : الخبر ، الإنشاء . ويقوم تقسيم المركب التام إلى هذين القسمين على أساس أن الجملة التامة أو المركب التام له نسبة قائمة بين طرفيه (المسند إليه والمسند) وظيفتها الربط بينهما ، وهي ما يعرف في النحو العربي بـ (الإسناد) . وهذه النسبة تنقسم بحسب الواقع الاستعمالي وبحسب مقصود المتكلم منها إلى :

- نسبة وقوع .

- نسبة إيقاع .

أ - نسبة الوقوع : وهي النسبة التي تخبر عن وقوع شيء أو لا وقوعه مثل : (زيد شاعر) فنسبة الشاعرية إلى زيد - في هذه الجملة - تخبر عن وقوع أو حدوث أو تحقق اتصاف زيد بالشاعرية . ومثل : (ليس زيد شاعراً) حيث تخبر النسبة - هنا - عن عدم وقوع أو حدوث تحقق اتصاف زيد بالشاعرية . وهذه النسبة عندما يطلقها المتكلم قد تأتي مطابقة للواقع من حيث الوقوع , أو عدم الوقوع ، وقد تأتي غير مطابقة . فإن طابقت الواقع كان الخبر صدقاً والمخبر صادقاً ، وان لم تطابق كان الخبر كذباً والمخبر كاذباً . وهذه النسبة هي ما يعبر عنه المناطقة بـ (الخبر) . ومن هنا عرّفوه بـ (المركب التام الذي يحتمل الصدق والكذب) . وذلك أن هذه الجملة إذا لحظت قبل معرفة السامع لمطابقتها أو عدمها ومن غير أن يلحظ قائلها من حيث كونه صادقاً أو كاذباً يحتمل فيها المطابقة فتكون صدقاً ويحتمل فيها اللا مطابقة فتكون كذباً . وهو معنى قولهم (يحتمل الصدق والكذب) .

ب - نسبة الإيقاع : وهي النسبة التي يقصد فيها إيقاع أو إيجاد أو إنشاء شيء غير واقع . مثل : جملة الأمر ، نحو (اقرأ درسك) فإن القراءة حال التكلم بهذه الجملة لا واقع لها ، أي غير موجودة في الواقع الخارجي ، وإنما الآمر طلب من المأمور أن يوقعها ويوجدها . وهكذا بقية صيغ الطلب كالنهي والإستفهام والنداء والتمني والترجي والعرض والتخضيض . وكذلك صيغ التعجب . ومثلها صيغ العقود والإيقاعات الشرعية أمثال : صيغ الإجارة والبيع والزواج، وصيغ الطلاق والعتق والوقف . فعندما يقول من يريد طلاق زوجته : (أنتِ طالق) يقصد إيقاع الطلاق وإيجاده ، لا الإخبار عن وقوعه . وكذلك عندما يقول البائع : (بعتك داري هذه بكذا دينار) فانه لا يقصد الإخبار عن بيع قد وقع سابقاً ، وإنما يرمي إلى إيقاع بيع لم يقع قبل التلفظ بهذه الصيغة . وهذه النسبة لأنه لا واقع لها قبل إجراء الصيغة لا يصح وصفها بصدق أو كذب لأن الصدق مطابقة الواقع والكذب عدم مطابقة الواقع وهذه لا واقع لها حتى تطابقه أو لا تطابقه . ومن هنا قالوا : الإنشاء : هو المركب التام الذي لا يحتمل الصدق والكذب . وسميت هذه النسبة بالإنشاء لأن المتكلم بها أو بواسطتها ينشىء الفعل ويوجده ويوقعه . وكما أطلقنا على النسبة الأولى بأنها نسبة الوقوع وعلى الثانية بأنها نسبة الإيقاع ، يمكننا كذلك أن نطلق على الأولى نسبة الوجود وعلى الثانية نسبة الإيجاد ، إذ المعنى واحد.

  • فائدة البحث :

 ينصب إهتمام علم المنطق على المركب الخبري من نوعي المركب التام ومن هنا كان البحث فيهما ليميز الخبر من الإنشاء .