أستاذ المادة: عبدالهادي الفضلي
المادة: المنطق
الملف: Microsoft Office document icon 016.doc

القضايا

لابد من دراسة القضايا قبل دراسة طرق الإستدلال لأن القضايا هي مواد الإستدلال وعناصره التي يتألف منها .

  •  تعريفها :

 قال ابن سينا القضية والخبر : هو كل قول فيه نسبة بين شيئين بحيث يتبعه حكم صدق أو كذب . فقوله ((فيه نسبة بين شيئين)) يعني به أن القضية مركب تام ، لأن الذي يتركب من طرفين (محكوم عليه ومحكوم به) ونسبة بينهما هو المركب التام - كما تقدم . وقوله : ((يتبعه حكم صدق أو كذب)) يعني به الخبر (الجملة الخبرية) لأنها التي تحتمل الصدقوالكذب . ومن هنا عرفها استاذنا الشيخ المظفر بـ (المركب التام الذي يصح أن نصفه بالصدق أو الكذب) . ويمكننا أن نختصر التعريف فنقول : القضية : هي الجملة الخبرية التامة . ثم إن التعبير عنها بـ (القول) لبيان أن المراد بالقضية - منطقياً ما يشمل القضية الملفوظة والقضية المعقولة وهي التي موطنها الذهن وذلك قبل أن يتلفظ بها إذ هي أيضاً محط بحث المنطقي لأن القول - منطقياً - يشمل الاثنين : الكلام الملفوظ والكلام المعقول ، يقول الملا عبد الله : القول في عرف هذا الفن (يعني المنطق) يقال للمركب ( التام) سواء كان مركباً معقولاً أو ملفوظاً ، فالتعريف (يعني تعريف التهذيب القائل بأن القضية : قول يحتمل الصدق والكذب) يشتمل على القضية المعقولة والملفوظة . كما أنهم يقصدون بـ (الصدق) المطابقة للواقع وبـ ( الكذب) اللامطابقة للواقع .

  •  تقسيمها 1 :

تنقسم القضية إلى قسمين هما : الحملية  والشرطية .

1- الحملية :

  •  تعريفها :

الحملية هي  ما حكم فيها بثبوت شيء لشيء أو نفي شيء عن شيء . مثل : (خالد حاضر) : (طالب ليس بغائب) . وتتألف القضية الحملية من ثلاثة أركان هي :

1- المحكوم عليه ، ويسمى (الموضوع) .

2- المحكوم به ، ويسمى (المحمول) .

3- الحكم ، ويسمى (النسبة) .

ففي المثالين المتقدمين :

الموضوع : خالد ، طالب .

 المحمول : حاضر ، غائب .

 النسبة : في المثال الأول : ثبوت الحضور لخالد .

في المثال الثاني : نفي الغياب عن طالب .

  •  تنبيه :

 يقول النصير الطوسي :  وكل قضية تشتمل على جزئين :

 - ما يحكم عليه .

- وما يحكم به .

والتأليف الأول يكون من مفردات تام الدلالة ، وجزئاه موضوع - هو اسم لا محالة - ومحمول تربطه به رابطة ، ربما لا يتلفظ بها وتكون القضية ثنائية كقولنا (زيد كاتب) (أو) يتلفظ بها فتصير ثلاثية كقولنا (زيد كاتب) وفي الفارسية لا بد منها وهي لفظ (أست) بلغتهم وقال الملا اليزدي  إعلم أن الرابطة تنقسم إلى زمانية تدل على اقتران النسبة الحكمية بأحد الأزمنة الثلاثة وغير زمانية بخلاف ذلك أي لا تدل على اقترانها بالزمان  .

 وذكر الفارابي أن الحكمة الفلسفية لمّا نقلت من اللغة اليونانية إلى العربية وجد القوم أن الرابطة الزمانية في اللغة العربية هي الأفعال الناقصة ، ولكن لم يجدوا في تلك اللغة (العربية) رابطة غير زمانية تقوم مقام (أست) في الفارسية و (أستين) في اليونانية فاستعاروا للرابطة الغير الزمانية لفظة ( هو) و (هي) ونحوها مع كونها في الأصل أسماء لا أدوات . وقد يذكر للرابطة الغير الزمانية أسماء مشتقة من الأفعال الناقصة وغيرها (من الأفعال العامة كوجد وثبت نحو (كائن) و (موجود) في قولنا (زيد كائن قائماً) و (هوميروس  موجود شاعراً) . . . ولتوضيح ما ذكر نقول : تقدم أن أشرت في مدخل المذكرة إلى : أن المنطق ولد يونانياً ونشأ كذلك ثم نقل إلى اللغة العربية عن اليونانية وعن الفارسية . والذي يبدو أن الجملة في اللغة اليونانية ثلاثية التركيب أي مؤلفة من ثلاثة عناصر ، هي المسند إليه والمسند ورابطة تربط المسند بالمسند إليه وهي (أستين) - كما ورد في الحاشية . وكذلك هي في اللغة الفارسية مؤلفة من مسند إليه ومسند ورابطة هي (أست) . فلما نقل المنطق من هاتين اللغتين اليونانية والفارسية وقف المناطقة العرب ــ عند ما يشبه المشكلة وهو أن الجملة في اللغة العربية ثنائية التركيب أي أنها تتألف من مسند إليه ومسند ، فليس فيها رابطة يتلفظ بها . ويرجع هذا إلى أن العرب - اختصاراً - اعتمدوا على نفس التركيب للقيام بوظيفة الإسناد والنسبة . ولكن المترجمين لم يلتفتوا إلى هذا وذهبوا يفتشون عن الرابطة في اللغة العربية فأشاروا إلى أفعال الكينونة ومشتقاتها من أسماء وإلى ضمير الفصل بفروعه . والواقع أن أفعال الكينونة في اللغة العربية لا تقوم بدور الربط كما هو الشأن في اللغة الإنجليزية وإنما تقوم بوظيفة إضافة العنصر الزماني للجملة فقط. كما أنها ليست بأدوات ( حروف) في عرف النحو العربي ، وإنما هي أفعال ، والرابطة لا تكون إلا أداة . وكذلك ضمائر الفصل لا دور لها بالربط ، وإنما تستخدم لتأكيد خبرية الخبر في حالة التباسه بالوصف وإن ذهب غير واحد من النحاة العرب إلى أنها أدوات (حروف) لا أسماء ، أما مشتقات أفعال الكينونة كما مثل به الملا اليزدي فهذا التركيب ليس من أسلوب الجملة العربية في شيء . والذي ينبغي أن يقال هنا - وبما يتمشى وطبيعة اللغة العربية وأصول الترجمة - هو أن الجملة العربية أو القضية في اللغة العربية ثنائية التركيب من حيث اللفظ وثلاثيته من حيث النظام والأسلوب ، وذلك لقيام تركيب الجملة أو هيئة القضية بدور الرابطة .