المادة: فقه المجتمع
mp3:
الملف: Microsoft Office document icon 019.doc

تلخص مما تقدم أن النسب يثبت بأمور:

الأول الفراش بشروطه الثلاثة وهي: الدخول ومضي ستة أشهر وأكثر من حين المقاربة وعدم التجاوز عن أقصى الحمل.

فلو فقد احد هذه الشروط لم يثبت النسب.

وهناك طرق أخرى يثبت بها النسب أيضاً نشير إليها إجمالا.

فمضافاً إلى الفراش يمكن أن يثبت النسب بين الولد والوالد بالإقرار فلو أقر الزوج عند الحاكم الشرعي أو عند غيره كالعرف والأقارب والأصدقاء بأنه أب للطفل الحق به وليس له أن ينفيه بعد ذلك إلاّ باللعان، لقول الإمام علي (عليه السلام) في الحديث المعتبر:

إذا أقر الرجل بالولد ساعة لم ينف عنه أبداً.

وإطلاقه يشمل جميع ما ذكرنا مضافاً إلى القاعدة العقلائية والمصطيدة من الأدلة النقلية أيضاً التي تقول (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز).

الطريق الثالث: هو البينة لكن في هذه الموارد لا تقبل شهادة البينة مطلقاً سواء شهدت بالنسب أو بالفراش أو بالشياع.

أمّا اعتبار البينة فلعموم ما دل على حجيتها والتي منها معتبرة مسعدة بن صدقة حيث ورد فيها (والأشياء كلها على هذا حتى يتبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة). هذا مضافاً إلى الإجماع.

وأما عدم اعتبار شهادة النساء في النسب فللأصل ولما ذكره الفقهاء في كتاب الشهادات على تفصيل لا يسعنا بيانه هنا.

الطريق الرابع: هو الشياع وذلك للسيرة العملية والإجماع والمقام من السبعة التي أرسلها الفقهاء إرسال المسلمات من أنها تثبت بالاستفاضة ـ أي المشهورية والمعروفية بين الناس وهي النسب والملك المطلق والنكاح والموت، والوطي، والعتق والسرقة. فإن هذه تثبت بالشهرة في العرف، فلو اشتهر واستفاض بين الناس موت فلان أو كون فلانة زوجة لفلان أو أن هذه الدار أو هذه الأرض ملك مطلق لفلان، فإن هذا الشياع معتبر في مثلها ويشهد لذلك مرسل يونس عن أبي عبد الله (عليه السلام) (سألته عن البينة إذا أقيمت على الحق أيحل للقاضي أن يقضي بقول البينة من غير مسألة إذا لم يعرفهم؟ فقال (عليه السلام) خمسة أشياء يجب على الناس الأخذ فيها بظاهر الحال، الولايات والمناكح والذبائح والمواريث والشهادات، فاذا كان ظاهره ظاهراً مأموناً جازت شادته ولا يسأل عن باطنه).

وهذا قد ضبطه الصدوق (قده) في الفقيه (الإنساب بدل المواريث).

والظاهر صحة لحوق ما تعارف في هذه الأعصار من دفاتر النفوس أو سجلات العقارات والمحاكم إذا حصل من ذلك الاطمئنان بالصحة.

وكيف كان حال لحوق الأطفال بآبائهم إما يتم بالفراش بشروطه المتقدمة أو باقرار الأزواج أو بالبينة أو بالشياع.

  • في لحوق الولد بالتقيح الصناعي

بقي هنا موضوعان:

الموضوع الأول: في التلقيح وصحت لحوق الولد بالزوج إذا تم انعقاد النطفة بواسطة التلقيح الصناعي لا بواسطة الجماع ؟ المعروف والظاهر انه يجوز تلقيح ماء الرجل بزوجته ما لم يشتمل على محرم في البين وذلك للأصل بعد عدم وجود دليل على المنع ولو استلزم ذلك محرماً كان الفعل حراماً تكليفياً لا وضعاً فلا يجري على الولد حكم ولد الزنا وإنما هو ولده النسبي الشرعي فله كل حقوق البنوة وللأب كل حقوق الأبوة إلاّ أن الفعل يكون حراماً.

 

  •   صور تلقيح المرأة

ويتفرع على هذا تفصيل المسألة وهي أن تلقيح المرأة بماء الرجل يتصور على أقسام:

الأول: تلقيح ماء رجل أجنبي معلوم بامرأة أجنبية خالية من الزوج فيلحق الولد بصاحب الماء كما يلحق بالأم وإن كان نفس الفعل منكراً في الشريعة الإسلامية للتفكيك بين الحكم الوضعي هنا والحكم التكليفي إذ لا يمنع من أن يكون الفعل حراماً إلاّ أن الحكم الوضعي من ثبوت البنوة والأبوة والحقوق الخاصة بهما ثابت.

الثاني: تلقيح ماء رجل أجنبي غير معلوم لنا بامرأة خالية من الزوج والظاهر أن في مثل هذه الصورة يلحق الولد بأمه لفرض أنها ولدته وأما الأب فلا ثمرة للالحاق به بعد فرضه غير معلوم كما لو حدث ذلك في بعض المستشفيات كما لو أخذت مياه عديدة من رجال مجهولين لنا ولم نعلم من هم هؤلاء الرجال كما لا يعلم أصحاب المستشفى هؤلاء الرجال بخصوصياتهم لكن زرقوا ماء أحدهم في المرأة المعلومة.

فإن الولد في هذه الصورة يلحق بأمه بلا إشكال لأنها التي ولدته أما الأب فلا ثمرة للالحاق به بعد فرض المجهولية اللهم لو احتملنا أثناء سنعلمه في المستقبل أو أمكننا البحث عنه وتميزه، ففي هذه الصورة يلحق بأبيه.

الصورة الثالثة: تلقيح ماء رجل غير معلوم بأمراة متزوجة ذات بعل، والظاهر أن الولد هنا لا يلحق بصاحب الماء لفرض انه غير معلوم لكن لا يجري عليه حكم الزنا لأن الزنا شرعاً ما تحقق بالشروط الخاصة وبالصورة الخاصة أي بالوطي المحرم ونحوه وهنا لم يتحقق وطي وإنما مجرد زرق ماء رجل أجنبي في رحم المرأة المتزوجة.

نعم، يلحق الولد بالأم ولا يجوز لها أن ترتب آثار الولد الأجنبي أو الرجل الأجنبي عليه والظاهر أن المسألة بحاجة إلى بعض التأمل والتحقيق من ناحية الموضوع ومن ناحية الحكم.

الصورة الرابعة: تلقيح ماء رجل أجنبي معلوم لنا بامرأة ذات بعل ولم يعلم أن الولد من الفراش أو من التلقيح، فالظاهر أن في هذه الصورة يلحق الولد بصاحب الفراش لتغليبه عليه وقد تقدم سابقاً بان صور الشك في أمثال هذه الموارد يشملها دليل الولد للفراش، وهناك صور أخرى قد ذكرها بعض الفقهاء في بعض كتبهم لا يسعنا المجال للتعرض إليها.

 

  • في أحكام الإجهاض ونحوه

الموضوع الثاني: الإجهاض وقد أصبح اليوم من المسائل التي تقع محل ابتلاء الناس في كثير من المجتمعات لذلك سنعرض إلى بعض أحكامه بنحو موجز فنقول فيه مسائل:

  • في جواز العزل

المسألة الأولى: يكره إفراغ المني في خارج رحم الزوجة إذا كان ذلك بإذن الزوجة الدائمة وقد ذهب بعض العلماء أن حرمة ذلك. لأنه يراه من مصاديق الوأد الخفي فإن وأد الأولاد قد يكون جلياً بأن يقتل الزوج الولد أو تقتل الزوجة الولد بعد إنجابه كما كان يصنع الجاهليون، وهناك وأد في وهو إجهاض الأجنة. فعليه ذهب بعض الفقهاء إلى كراهة إفراغ المني خارج الرحم إذا كان بإذن الزوجة الدائمة وأمّا من ذهب إلى الحرمة فلأنه قال أن هذا من مصاديق الوأد الخفي والوأد حرام.

المسألة الثانية: يلحق الولد بالرجل حكماً وموضوعاً إن وضعت المرأة شيئاً في فم الرحم يجذب المني كالحلقات أو الأكياس الخاصة التي يضعها الأطباء في هذا المجال أو استعمال الرجل شيئاً يمنع عن إيصال المني إلى مقره الذي جعله الله تعالى للانعقاد كبعض الأكياس الطبية وما أشبه ذلك. فإذا صنعت المرأة ذلك أو صنع الرجل كذلك وانعقدت النطفة في الرحم فإنه يلحق الولد بالرجل حكماً وموضوعاً للإطلاقات والعمومات بعد تحقق الدخول بالمرأة ووجود الفراش بينهما.

 

  • في عزل المرأة

المسألة الثالثة: يحرم على المرأة منع الزوج عن انزال مائه في رحمها إذا أراد ذلك، وذلك لما تقدم سابقاً من وجوب التمكين على المرأة في كل ما أراده الرجل من الاستمتاعات والالتذاذات ما لم يكن دليل على الخلاف والظاهر أن في مثل هذه الموارد لا يوجد دليل على المنع إلاّ في الصور الاستثنائية كترتب الضرر عليها والحرج أو العسر وما أشبه ذلك وإن اذن في عزلها عنه فهل يكره للمرأة أن تعزل حينئذ بأن لا تجعل الرجل يصب ماءه في رحمها؟

قولان في المسألة:

من وجود الحكمة فيكره ذلك، واختصاص ظواهر الأدلة بالرجل فيجوز ذلك خصوصاً مع إذن الزوج لها بذلك.

  • هل يجوز منع الحمل؟

المسألة الرابعة: يحرم على الرجل والمرأة استعمال ما يوجب تعطيل النطفة عن الانعقاد دائماً لأنه تعطيل لما خلقه الله تعالى لفوائد كثيرة ومصالح شتى مضافاً إلى انه من مصاديق الضرر الذي حرمه الشارع فإن دليل لا ضرر يحرم على الإنسان ثلاثة أمور هي:

أولاً: قتل نفسه

ثانياً: قطع أعضائه

ثالثاً: شلّ قواه

والظاهر أن منع الإنسان انعقاد النطفة دائماً سواء بالعمليات الجراحية كما لو أجتثت المرأة الرحم من جسدها أو أغلقت المبايض أو قطعت وسائل الإنجاب بشكل كامل فإنها هذه الصورة يصدق عليها الضرر المحرم في مثل ضرر قطع الأعضاء ونحو ذلك.

نعم إذا عقدت الرحم أو عقدت المبايض بصورة مؤقتة ثم بعد ذلك تتمكن من فتحها للإنجاب أو لمدة شهور أو لمدة سنتين ـ مثلاً ـ فإنه في هذه الصورة يجوز لها ذلك كما أفتى به بعض الفقهاء.

ولذا نقول: بأنه يحرم على الزوج والزوجة استعمال ما يوجب عدم انعقاد النطفة بشكل دائمي لكن لا بأس به لمدة يسيرة لغرض صحيح عقلائي غير منهي عنه شرعاً مترتب عليه وذلك لأصالة البراءة بعد الشك في شمول الأدلة لمثل ذلك.

  • هل يجوز إسقاط الجنين

المسألة الخامسة: يحرم على المرأة استعمال ما يوجب  سقوط النطفة بعد الانعقاد بجميع مراتبها إجماعاً في المسألة بل وفي بعض المصاديق تتعلق بها الدية، على تفصيل ذكره الفقهاء في باب الديات.

المسألة السادسة: لا يجوز إجبار الزوج زوجته على الإسقاط بأي مرتبة من مراتب الإسقاط سواء من النطفة إلى الجنين وإن كان الحمل منافياً لاستمتاعه منها، وذلك لأهمية مراعاة بقاء النوع من الاستمتاع الجسماني عرفاً وشرعاً وعقلاً.

بل لا يعلم ثبوت حق للزوج في مثل الإسقاط ونحو ذلك وعلى فرض أن الزوج ضغط على الزوجة من اجل الإسقاط فإنه لا يجوز للزوجة إطاعة الزوج في مثل ذلك لما ذكرناه سابقاً من أنه (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) ولا يجوز أيضاً تراضيهما على ذلك الإسقاط لأنه لا وجه لتراضيهما على العصيان.

وقد استدل بعض الفقهاء مضافاً إلى ما ذكرنا بأنه من مصاديق القتل. وأدلة منع القتل تشمله ولذلك حكم البعض أيضاً ولعله المشهور إن لم يكن إجماعاً ثبوت الدية في مثل هذه الموارد.

في المعالجة التلقيحية

المسألة السابعة: لا باس بتلقيح شيء في صلب الرجل لغرض صحيح في تهيئة النطفة لقول الصادق (عليه السلام) في المعتبر (كل شيء هو لك حلال حتى تعلم انه حرام بعينه فتدعه).

وأصالة الإباحة بعد عدم الدليل على الخلاف وعليه فإنّه يمكن للطبيب أن يزرق الرجل بعض الأبر حتى تتقوى نطفته ويكون أقوى على الإنجاب وكذا بالنسبة إلى المرأة إذا كان تقوية للإنجاب أو تهيئة استعداد الرحم لتقبل النطفة كما يجوز زرقها ببعض الأدوية الطبية الخاصة إذا كان لغرض عقلائي وشرعي صحيح كل ذلك لوجود المقتضي وانعدام المانع وأصالة الإباحة في الأشياء.

في إجارة الرحم

المسألة الثامنة: لو أجرت المرأة التي لا زوج لها رحمها لأن يزرع فيها النطفة بالطرق الحديثة العلمية ولم يكن محذور شرعي في البين وتمت شرائط الإجارة فالظاهر إمكان القول بصحتها للأصل والعموم والاطلاق بعد عدم دليل على الخلاف كلزوم ضرر أو المنافاة لحق أو لمس أجنبي لها أو غير ذلك من العناوين المحرمة فإنه لو تحقق الضرر أو تحققت ملامسة الأجنبي لها أو كان من مصاديق الزنا ونحو ذلك فإنه لا يجوز كما هو واضح وهل يجوز للمرأة المتزوجة أن تفعل ذلك بإذن زوجها مع التحفظ على شروط إلحاق الولد ؟

وجهان في المسألة:

إلاّ أن الظاهر أن الحكم في كل منهما خلاف الاحتياط إلاّ إذا استلزمت الضرورة واقتضى الاضطرار ذلك.

  •  في لحوق الولد بعد عملية نقل الجنين من رحم لآخر

المسألة التاسعة: لو نقل الحمل من رحم امرأة إلى امرأة أخرى بعد ولوج الروح فيه فإنه يكون الولد للأولى وذلك للأصل وتكونه في الرحم الأول.

وهناك احتمال يقول انه يلحق بالثانية لان الثانية هي التي ولدته فيشملها قوله تعالى ((إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ)) إلاّ أن بعض الفقهاء كالسيد السبزواري (رضوان الله عليه) أشكل على هذا الاحتمال وقال أن الآية الشريفة ليست في مقام بيان ذلك بل هي ظاهرة في أن الزوجة بمجرد قول الزوج لها: أنت عليّ كظهر أمي لا تصير أماً له وإنما أمهاتهم اللائي ولدنهم فليست في مقام بيان الأمومة التكوينية وإنما في مقام نفي الأمومة الادعائية أو الاعتبارية التي يصنعها الرجل من اجل أن يحرم عليه زوجته، فيقول (أنت علي كظهر أمي).

فكما لا يجوز لي وطأ الأم لا يجوز لي وطؤك، نعم الأم التي ولدت منها بالسير الطبيعي هي الأم التكوينية وحينئذ يقع البحث في المقام في أن الأم التي تكونت النطفة في رحمها هي الأولى لأنها اصل تكوين النطفة وانعقادها. أو الثانية لأنها التي أنجبته ؟

الظاهر عند بعض أن مقتضى الأصل هو الأول، والأفضل مراعاة الاحتياط بأن نقول بعدم ترتب أحكام المرأة الأجنبية على الثانية كما تترتب أحكام الأمومة عليها أيضاً.

وكذا الكلام لو كان في حال المضغة والعلقة بعد استحكام النطفة وتمكنها من نفسها ولو فرض أن الانتقال تم قبل ذلك كله. فالظاهر أن الولد يلحق بالمرأتين لغرض أن ماء الزوجين منشأ للطفل في الفرض ولو شك في ذلك فيلحق بالأولى.

  • في لحوق المولود بالولادة الصناعية

المسألة العاشرة: إذا كانت الولادة قبل مدة اقل الحمل وتمت بواسطة الاجهزة العلمية الحديثة التي توجب كمال الطفل أو كانت الولادة بعد مدة أكثر من أقصى مدة الحمل لابطاء سيره الطبيعي أو لأجل أمزجة خاصة أو بواسطة العقاقير أو الملاك الخاص فإنّه في كل ذلك يلحق بأبيه لوجود المقتضي وانعدام المانع وما تقدم من أن التحديد بأقل من ستة أشهر وأكثر من تسعة شهر أو سنة انما هو في السير الطبيعي في الأعم الأغلب وإلاّ فلو فرض في مكان خاص أو طائفة خاصة من النساء أو بسبب عقار خاص أو معالجة طبية خاصة توجب سرعة نمو الطفل أو بطأ هذا النمو بحيث يولد الطفل بعد السنة أو لأقل من ستة أشهر فإنّه يلحق بأبيه.

  • لا يجوز الإجهاض مطلقاً

المسألة الحادية عشرة: لا يجوز الإجهاض مطلقاً وإن كان الحمل غير مشروع لما ذكره الفقهاء في كتاب الديات من عدم جواز ذلك مطلقاً وقد دلت على ذلك النصوص منها موثق اسحاق بن عمار (قلت لأبي الحسن (عليه السلام) المرأة تخاف الحبل فتشرب الدواء فتلقي ما في بطنها؟ فقال: لا، فقلت إنّما هو نطفة إن أوّل ما يخلق نطفة) وإطلاقها يشمل الحبل المشروع والحبل غير المشروع.

  • أحكام الإجهاض وحالاته

ويتصور في المقام أقسام:

الأوّل: فيما لم تلج الحمل الروح بعد، ودار الأمر بين حياة الأم بالإجهاض أو تركه فتموت الأم لكي ينجو الولد بالولادة فهنا احتمالان: الأوّل: أن نقول بتقدم حياة الأم على حياة الجنين لدوران الأمر بين إبقاء حياة الأم بالإجهاض بمن لا حياة له فعلاً وبين موت الأم لإبقاء الحمل حتى تتعلق به الروح بعد ذلك فيتقدم الأوّل مع شهادة الأطباء ونحو ذلك وإحراز خصوصيات الموضوع.

وقد تمسك بعض الفقهاء بذلك من باب الأهم والمهم وتمسك بعضهم كسماحة السيد الشيرازي (قدس سره) في الفقه من باب الدفاع عن النفس فإن في هذه الصورة يكون الحمل كالمهاجم الخطير على الأم فيجوز لها بل يجب عليها الدفاع عن نفسها حينئذ لإنقاذ حياتها من الموت. لذلك قال في هذه الصورة يجوز للام الإجهاض.

القسم الثاني: ما إذا ولجته الروح ودار الأمر بين موت الأم أو موت الجنين فلا يجوز الإجهاض وينتظر حتى يقضي الله عز وجل بالأمر وذلك لعدم ثبوت ترجيح شرعي لإبقاء حياة كل منهما على الآخر فلابد حينئذ من انتظار قدره وقضائه جلت عظمته.

هذا ما احتمله بعض الفقهاء منهم صاحب الجواهر وصاحب العروة والسيد السبزواري رضوان الله علهيم وجمع كبير من العلماء إلاّ أن الظاهر إمكان القول بجواز الإجهاض في هذه الصورة أيضاً وذلك إما من باب الأهم والمهم وأمّا من باب الدفاع عن النفس الذي ذكره سماحة السيد الشيرازي (قدس سره) وأما ما ذكره المشهور من الانتظار حتى يقضي الله عز وجل فالظاهر انه من أجلى مصاديق الحرج والعسر على الأم إذ كيف يعقل أن تتصور الأم نفسها في حالة خطرة ولعلها تموت ـ بعد تشخيص أهل الخبرة ذلك ـ ونقول لها بعدم جواز الإجهاض انتظاراً لقضاء الله عز وجل حفاظاً على حياة الجنين واذا دخل الأمر في موضوع العسر والحرج فالظاهر أن أدلة العسر والحرج تجري فيما نحن فيه ونجيز للأم الإجهاض خصوصا مع كون حياة الجنين احتمالية بينما حياة الإمام متيقنة فكيف يمكن أن نعرض المتيقن إلى الزوال من اجل امر محتمل لم نحرز فيه اهميته شرعاً؟

القسم الثالث: إذا أحرزنا حياة الجنين وكذا أحرزنا بأنه يموت حين الولادة فإن في هذه الصورة لا يجوز الإجهاض أيضاً لغرض تعلق الروح به لأنه بهذه الصورة يكون من مصاديق القتل، نعم إذا شخص الأطباء بأنه إذا بقي في الرحم فإنه قريباً سوف يموت أو تلده الآن فيولد حياً لكنه بعد فترة وجيزة يموت فحينئذ يجوز لها إبقاؤه في الرحم حتى يموت ثم بعد ذلك تجهضه.

المسألة الرابعة: ما إذا كان جنيناً وولجت فيه الروح ولكن علم بعدم بقاء حياة الأم لأجل حادثة، فإذا ماتت الأم يموت معها الجنين ولو أجهض يمكن انقاذ حياة الجنين فحينئذ يجوز الإجهاض حفاظاً لحياة الجنين كما لو فرض إمكان أن يحفظ في رحم صناعي مثلاً أو في رحم امرأة أخرى إذا تمكن من ذلك حتى يتم كماله ويخرج حياً.

هذا كله مع إحراز عدم حياة الأم وبقاء الطفل حياً وفي غير ذلك فإنه لا يجوز الإجهاض وفي المسألة هذه فروع كثيرة أخرى لا يسعنا المجال لبيانها تفصيلاً. ومن الله الاعتصام وعليه التوكل في الشدة والرخاء.

  • الولادة وآدابها

المبحث الثالث في أحكام الولادة وآدابها، فإن للولادة والمولود سنناً وآداباً بعضها واجب وبعضها مندوب كما أن فيها أموراً مكروهة وفيها محرمة أيضاً، فلذلك يصح تقسيم ما يتعلق بالولادة بانقسام الأحكام الخمسة التكليفية به ونحن في هذا المبحث نشير إلى بعض المهمات من تلك المسائل:

 

  • يجب انفراد النساء بالمرأة حين الولادة

المسألة الأولى: يجب انفراد النساء في شؤون المرأة حين ولادتها دون الرجال للإجماع في جميع ذلك ولملازمة الولادة مع حضور غير النساء للنظر واللمس المحرمين بل ربما يؤدي ذلك إلى تلف المرأة استحياءً من نظر الأجنبي ولمسه إلى ما لا ينبغي نظره ولمسه وهذا ـ أي انفراد النساء بالمرأة ـ واجب كفائي لا تختص به امرأة دون أخرى وأمّا ما عن أبي جعفر (عليه السلام) (كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إن حضر ولادة المرأة قال أخرجوا من في البيت من النساء لا يكونوا أول ناظر إلى عورة).

فمحمول على إخراج النساء ما عدا القابلة أو كان كثرة النساء مسببا لعسر الولادة أو كثرة الحرج على المرأة وهي في حين الولادة فبناءً على هذا يجب استفراد النساء بالمرأة حين الولادة دون الرجال إلاّ في صورة عدم وجود النساء لأن في هذه الصورة يدور الأمر بين الخطر على النفس المحترمة وبين سقوط شرط المحرم والعقل والنقل يحكم بأهمية مراعاة الأوّل مضافاً إلى الإجماع وفي هذه الصورة إذا كان هناك رجال هم من محارم المرأة كالزوج أو الأب أو الأخ أو العم أو الخال وما أشبه ذلك قدم المحارم مهما أمكن على الأجانب، نعم لا بأس بالزوج وإن كان في البيت نساء أيضاً إجماعاً ونصاً به ففي موثق اسحاق بن عمار (الزوج أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها).

ثم لا يخفى أن عدم وجود النساء في حين الولادة تارة يكون لعدم حضورهن حين الولادة وتارة لعدم إمكان تصديهن للولادة وإن كن حاضرات بأن كن يجهلن شروطها وخصوصياتها لكن كان في البين رجل متخصص بالولادة ـ كالطبيب ـ بحيث يمنع من تدخل الغير عليها والظاهر شمول كلمات الفقهاء لهذا لأن مجرد وجود النساء مع عدم قدرتهن على العمل لا أثر له ومن ذلك يظهر حكم تقدم المتخصص من الرجال لها في المستشفيات المعدة للولادة فإن ما دامت المرأة المتخصصة موجودة ويمكن أن تؤدي عمل الطبيب بلا مزاحم أهم فمقتضى القاعدة وجوب تصدي النساء فإذا تعذر ذلك أو كن قليلات بحيث لا يكفي لكل عمليات الولادة وباقي النساء غير المتخصصات لا يكفين في هذا المقام فحينئذ يجوز.

  • مستحبات الولادة

المسألة الثانية: في مستحبات الولادة فإنه يستحب غسل المولود عند ولادته مع الأمن من الضرر وكذا يستحب الأذان في أذنه اليمنى والإقامة في أذنه اليسرى فإن الأذان عصمة من الشيطان الرجيم إجماعاً ونصوصاً مستفيضة في المقام ففي المعتبر (من ولد له مولود فليؤذن في أذنه اليمنى بأذان الصلاة وليقم في أذنه اليسرى فإنه عصمة من الشيطان).

ومن المستحبات تحنيك المولود بالتمر أو العسل كما في معتبرة أبي بصير عن الصادق (عليه السلام) قال (قال أمير المؤمنين (عليه السلام) حنكوا أولادكم بالتمر فكذا فعل رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالحسن والحسين) كما ورد التحنيك بالعسل في فقه الرضا (عليه السلام).

ويستحب التحنيك بماء الفرات ـ المخصوص ـ وبتربة الحسين فإن لم يكن ففي ماء السماء.

ومن خبر علي بن جشم عن أبيه (قال سمعت أمي تقول: سمعت نجمة أم الرضا تقول في حديث لما وضعت ابني علياً دخل علي أبوه موسى بن جعفر (عليهما السلام) فناولته إياه في خرقة بيضاء فأذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى ودعا بماء الفرات فحنكه ثم ردّه إليّ فقال خذيه فإنه بقية الله في أرضه).

ويظهر من جمع منهم المحقق الحلي في كفاية مطلق الماء العذب في الاستحباب ولا يبعد أن يكون المراد من ماء الفرات في الروايات ماء نهر الفرات الجاري في العراق وسورية للانصراف. نعم في صورة عدمه حمل الفقهاء الماء في الرواية على مطلق الماء العذب ـ وربما يشهد له قوله تعالى ((هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً)).

وعن بعض المحدثين: يستحب أن يكون التحنيك بيد الصلحاء ولا بأس به بعد موافقة الاعتبار.

والمراد من التحنيك ما هو المنساق إلى الذهن من ادخال ذلك إلى حنكه، والحنك هو أعلى داخل الفم حيث أن الحنك للطفل ساقط وقت ولادته فيرفع ويلصق بشيء من هذه الامور أو يلحق مجرداً.

وكيف كان فلعل الحكمة في التحنيك بماء الفرات أو بتربة مولانا سيد الشهداء (عليه الصلاة والسلام) من باب إنها شفاء كما هو المستفاد من الروايات المتظافرة في هذا المجال.

وأما للأثر الوضعي للتربة الشريفة ولماء الفرات كما هو المنصرف منه عرفاً ولعل منها امتزاجها بآثار الشهادة في سبيل الله تبارك وتعالى. وكيف كان فلعل حمل ماء الفرات على الماء العذب من باب المصداق الأدنى أو الأخفى.

  • في استحباب التسمية بالأسماء الحسنة

وكيف كان فإنه من مستحبات الولادة أيضاً تسمية المولود بالأسماء المستحسنة إجماعا ونصوصاً. ففي معتبرة موسى بن بكر عن أبي الحسن (عليه السلام) (أول ما يبر الرجل ولده أن يسميه باسم حسن فليحسن أحدكم اسم ولده).

وعن نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله) (استحسنوا أسماءكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة، قم يا فلان بن فلان إلى نورك وتم يا فلان ابن فلان فلا نور لك).

وتحسين الاسم من حق الولد على الوالد. فعن النبي (صلى الله عليه وآله) في وصية لامير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) (وحق الولد على والده أن يحسن اسمه وأدبه ويضعه موضعاً صالحاً) إلى أن قال (صلى الله عليه وآله) (يلزم الوالدين من عقوق ولدهما ما يلزم الولد لهما من عقوقهما).

بل يستحب تسمية المولود قبل ولادته لما عن الإمام علي (عليه السلام): (سمّوا أولادكم قبل أن يولدوا فإن لم تدروا أذكر أو أنثى فسموهم بالأسماء التي تكون للذكر والأنثى فإن أسقاطكم إذا لقوكم بالقيامة ولم تسموهم يقول السقط لأبيه ألا سميتني وقد سمى رسول الله (صلى الله عليه وآله) محسناً قبل أن يولد).

ومحسن هو ابن علي وفاطمة (عليهما السلام) الذي سقط قبل أن يكتمل بأحداث مفصلة في التاريخ.

كما أن المراد من أن الرسول الله (صلى الله عليه وآله) سمى محسناً قبل أن يولد تشير إلى الاستحباب لأنه من السنة، وفي هذه الأيام فإن تشخيص الحمل من ذكر أو انثى من الامور السهلة فاستحباب التسمية يكون أجلى.

وأفضل الأسماء ما يتضمن العبودية لله جل شأنه كعبد الله وعبد الرحيم وعبد الرحمن وما أشبه ذلك لقول أبي جعفر (عليه السلام) (أصدق الأسماء ما سمي بالعبودية وخيرها أسماء الأنبياء) وعن الصادق (عليه السلام) في مشاورة التسمية فقال (سمه اسماً من العبودية فقال أي الأسماء هو؟ قال عبد الرحمن).

ولعل جهة الاستحباب الاعتراف والخضوع بالعبودية حتى بالاسم أو لأن الاسم له تأثير وضعي على نفسية المسمى.

هذا ويلي الأسماء بالعبودية أسماء الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) وأفضلها اسم محمد (صلى الله عليه وآله) وعلي والحسن والحسين (عليهم السلام) للأخبار الكثيرة والتي منها قول الصادق (عليه السلام) (لا يولد لنا ولد إلاّ سميناه محمداً فإذا مضى سبعة أيام فإن شئنا غيرنا وإلاّ تركنا).

وعن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) (البيت الذي فيه محمد يصبح أهله بخير ويمسون بخير) إلى غير ذلك من الأخبار الدالة على الأفضلية من جهة التيمن والتبرك. ولعل إحدى جهات الاستحباب في التسمية بهذه الأسماء هي الإقتداء والتأسي بمن هو على اسمه من الأنبياء والأولياء كما هو ظاهر ما ورد من الأخبار.

ولا منافاة بين ذلك وبين ما ورد من استحباب التسمية بالعبودية به ومن مناط الروايات المتقدمة يظهر استحباب تسمية البنات باسماء النساء الصالحات: كفاطمة ومريم وصدّيقة وبتول وزهراء ورضية ومرضية وخديجة وما أشبه ذلك من الأسماء التي هي اسماء للصالحات من النساء بل وردت الروايات في استحباب التسمية بفاطمة. فقد ورد في الأخبار (إن البيت الذي فيه اسم فاطمة لا يفتقر أبداً). ولا يخفى أن أمثال هذه الروايات تشير إلى المقتضي لا العلة التامة على تفصيل لسنا الآن في محله.

مضافاً إلى ما للاسم من تأثير على نفسية الولد وعلى سلوكه في دنياه وفي أخراه.

ويؤيده ما رواه القطب الراوندي في لب اللباب أن في الخبر (أن رجلاً يؤتى في القيامة اسمه محمد فيقول له الله سبحانه وتعالى ما استحييت عصيتني وأنت سمي حبيبي أي محمد وأنا استحي أن أعذبك وأنت سمي حبيبي).

وفي رواية الشهيد (قدس سره) عن النبي (صلى الله عليه وآله) (قال إذا سميتم الولد محمداً فأكرموه ووسّعوا له المجالس ولا تقبّحوا له وجهاً فما من قوم كانت لهم مشورة حضر معهم من اسمه احمد أو محمد فأدخلوه في مشورتهم إلاّ خيّر لهم وما من مائدة نصبت وحضر عليها من اسمه احمد أو محمد إلاّ قدس ذلك البيت كل يوم مرتين).

بل ويرى البعض بل وهو المروي أن من ولد له أولاد ولم يسمه أحدهم باسم النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) يكون من مصاديق الجفاء ولذا أفتى الفقهاء بكراهة ترك تسميته به إذا ولد للرجل أربعة أولاد. ففي رواية عن الصادق (عليه السلام) (إن النبي (صلى الله عليه وآله) قال.. من ولد له أربعة أولاد ولم يسم أحدهم باسمي فقد جفاني).

وهناك أسماء أخرى مستحبة كأسماء الأئمة (عليهم السلام) كما نطقت به الأخبار.

ويكره أن يكنى الرجل ولده بأبي القاسم إذا كان اسمه محمد وذلك لقول الصادق (عليه السلام) (إن النبي (صلى الله عليه وآله) نهى عن أربع كنى عن أبي عيسى وعن أبي الحكم وعن أبي مالك وعن أبي القاسم إذا كان الاسم محمد).

ولا يخفى أن هناك أسماء مكروهة أن يسمى الرجل ابنه بها مثل الحارث ومالك وخالد. فعن أبي جعفر (عليه السلام) (قال: إن أبغض الأسماء إلى الله حارث ومالك وخالد) وكذا الحكم والحكيم على ما في الرواية المعتبرة.

كما يكره اللقب والكنية الذين يكرههما صاحبهما بالنسبة إلى الصغير والكبير.

ولا يبعد أن يكون ذلك مكروهاً بالنسبة إلى الصبي الصغير الذي لا يعقل إذا كرهه الأبوان ونحوهما خصوصاً للمناط ولعموم النبز بالألقاب. فعن الطبرسي (قدس سره) في الاحتجاج عن أبي عبد الله (عليه السلام) (قال: لا خير في اللقب إن الله تعالى يقول في كتابه ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان).

خصوصاً وإن بعض الألقاب والكنى القبيحة تنعكس على نفسية الولد وتؤثر على سلوكه وعلى مستقبله وخصوصاً عند الكبر إذا بقي اللقب القبيح والتسمية القبيحة جار عليه حتى في الكبر.

فما يتعارفه بعض الأسر والعوائل من وضع بعض الألقاب القبيحة على أبنائهم وبنظرهم إنها تنتهي إذا كبروا وما أشبه ذلك فالظاهر انه من المكروهات بل وهو من العادات التي لها مردودات سلبية على مستقبل الولد.

ومنه يظهر استحباب التسمية بالأسماء الحسنة والتسمية بالكنى والألقاب الحسنة أيضاً.

  • في استحباب لف المولولد بالخرقة البيضاء فقط

ومن المستحبات لف المولود في وقت ولادته بخرقة بيضاء ويكره لفه بخرقة صفراء كما  في خبر علي بن ميثم وعن علي بن علي أخي دعبل عن الرضا عن آبائه (عليهم السلام) عن أسماء بنت عميس (قالت لما ولدت فاطمة الحسن جاء النبي (صلى الله عليه وآله) فقال يا أسماء هات ابني فدفعته اليه في خرقة صفراء لففته بها فقال ألم أعهد اليكم لا تلفوا المولود بخرقة صفراء ودعى بخرقة بيضاء فلفه فيها ثم أذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى ثم ذكرت في الحسين (عليه السلام) مثل ذلك إلى أن قالت فلما كان يوم سابعه جاءنا النبي (صلى الله عليه وآله) فقال هلمّ أي بابني ففعل به كما فعل بالحسن وعقّ عنه كما عقّ عن الحسن كبشاً أملح وأعطى القابلة رِجلاً وحلق رأسه وتصدّق بوزن الشعر ورقاً وطلى رأسه بالخلوق وقال أن الدم من فعل الجاهلية لأن الجاهليين كانوا يطلون رؤوس الأولاد بالدم).

والظاهر أيضاً انه كانت عادة العرب لفّ المولود في خرقة صفراء كناية عن أن يكون شجاعاً وأن اللون الأصفر كان شعار الحرب عندهم ولذا كان مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) يلبس قباءه الأصفر عند الكريهة كما انهم كانوا يلطخون رأس الطفل بالدم تفاؤلاً عن الشجاعة وسفك الدماء فنهى عن ذلك الرسول الأعظم (ص)

  • استحباب حلق رأس الوليد والتصدق بوزنه

ومن المستحبات أن يحلق رس الولد يوم السابع وان يتصدق بوزن شعره ذهباً أو فضة لقول الصادق (عليه السلام) (ويسمي الولد يوم السابع ويحلق رأسه ويتصدق بوزن شعره ذهباً أو فضة).

وعن أبي الحسن الرضا عن آبائه عن علي بن الحسين (عليهم السلام) عن أسماء بنت عميس عن فاطمة (عليها السلام) (قالت لما حلمت بالحسن وولدته جاء النبي (صلى الله عليه وآله) فقال يا أسماء هلمي ابني فدفعته اليه في خرقة صفراء فرمى بها النبي (صلى الله عليه وآله) وأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى إلى أن قال فسماه الحسن فلما كان يوم سابعه عقّ عنه النبي (صلى الله عليه وآله) كبشين أملحين وأعطى القابلة فخذاً وديناراً وحلق رأسه وتصدق بوزن الشعر ورقاً وطلى رأسه بالخلوق).

وعن الصادق (عليه السلام) سأل ما العلة في حلق شعر رأس المولولد؟ قال تطهيره من شعر الرحم إلى غير ذلك من الأخبار والمقصود من حلق الرأس حلق كل الرأس ويكره أن يحلق من رأس الولد موضعا ويترك موضع آخر وقد وردت في ذلك الأخبار.

وهل يكفي بدل التصدق بالذهب والفضة عن وزن الشعر أن يدفع النقد قيمة؟

الظاهر أن ذلك غير بعيد لأن حكمة التصدق بوزن شعره استفادة الفقير وهو يحصل بالنقد أيضاً.

والظاهر أن الإعطاء للتصدق لا لكل مصارف الزكاة، كما أن الظاهر إعطاء النقد لا ما يساوي ذلك من العروض ونحوه وإن لم يبعد ذلك في صورة عدم وجود النقد لأن اليمسور لا يسقط بالمعسور.

واذا لم يفعل الحلق يوم السابع فالظاهر بقاء الاستحباب بعد ذلك للاطلاقات.

  • استحباب لدعاء للمولود

ومن المستحبات: استحباب سؤال الله عن استواء عن خلق المولود وحمد الله على ذلك كما ورد في الأخبار. فقد ورد عن محمد بن سنان (كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا بشر بولد لم يسأل أذكر هو أم أنثى؟ فيقول: أسويّ؟ فإذا كان سوياً قال: (الحمد لله الذي لم يخلق مني خلقاً مشوهاً).